| في رحاب آية | |
|
+3محمد مليطان metwally.mustafa gawhara 7 مشترك |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية السبت 19 ديسمبر 2009 - 15:17 | |
|
{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ}
يذكرنا ربنا بما وهبنا إياه من وسائل الهدى، وأدوات الإدراك مما لم ننتفع به، ولم نكن عليه من الشاكرين. وحقيقة أن الله هو الذي أنشأ الإنسان، حقيقة تلح على العقل البشري، وتثبت ذاتها بتوكيد يصعب رده. فالإنسان قد وجد - وهو أرفع وأعلم وأقدر ما يُعْلَم من الخلائق - وهو لم يوجد نفسه، فلا بد أن يكون هناك من هو أرفع وأعلم وأقدر منه أوجده. ولا مفر من الاعتراف بخالق، والقرآن يذكر هذه الحقيقة هنا ليذكر بجانبها ما زود الله به الإنسان من وسائل المعرفة. {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة}. وما قابل الإنسان به هذه النعمة نعمة الإنشاء ونعمة السمع والأبصار والأفئدة: {قليلا ما تشكرون}. والسمع والأبصار معجزتان كبيرتان عرف عنهما بعض خواصهما العجيبة. والأفئدة التي يعبر بها القرآن عن قوة الإدراك والمعرفة، معجزة أعجب وأغرب. ولم يعرف بعد عنها إلا القليل. وهي سر الله في هذا المخلوق الفريد. وعلى هذه الهبات الضخمة التي أعطيها الإنسان لينهض بتلك الأمانة الكبرى، فإنه لم يشكر {قليلا ما تشكرون}. وهو أمر يثير الخجل والحياء عند التذكير به.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الإثنين 21 ديسمبر 2009 - 13:13 | |
|
{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ. مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}
يقسم الله - سبحانه - بنون، وبالقلم، وبالكتابة. فأما القسم بها فهو تعظيم لقيمتها، وتوجيه إليها، في وسط الأمة التي لم تكن تتجه إلى التعلم عن هذا الطريق، وكانت الكتابة فيها متخلفة ونادرة، في الوقت الذي كان دورها المقدر لها في علم الله يتطلب نمو هذه المقدرة فيها، وانتشارها بينها. وقسم الله - سبحانه - بنون والقلم وما يسطرون، تنويه بقيمة الكتابة وتعظيم لشأنها كما أسلفنا لينفي عن رسوله تلك الفرية التي رماه بها المشركون، مستبعدا لها، ونعمته على رسوله ترفضها فيثبت في هذه الآية القصيرة وينفي. يثبت نعمة الله على نبيه، في تعبير يوحي بالقربى والمودة حين يضيفه سبحانه إلى ذاته: {ربك}. وينفي تلك الصفة المفتراة التي لا تجتمع مع نعمة الله، على عبد نسبه إليه وقربه واصطفاه. وإن العجب ليأخذ كل دارس لسيرة الرسول في قومه، من قولتهم هذه عنه، وهم الذين علموا منه رجاحة العقل حتى حكموه بينهم في رفع الحجر الأسود قبل النبوة بأعوام كثيرة. ولكن الحقد يعمي ويصم، والغرض يقذف بالفرية دون تحرج! وقائلها يعرف قبل كل أحد، أنه كذاب أثيم!
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الأربعاء 23 ديسمبر 2009 - 9:06 | |
|
{فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ. وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}
يكشف الله لرسوله والمؤمنين من بعده عن حقيقة حال الكافرين. فهم مزعزعو العقيدة. مع أنهم يتظاهرون بالتصميم عليها. إنهم على استعداد للتخلي عن الكثير منها في مقابل أن يتخلى هو عن بعض ما يدعوهم إليه! على استعداد أن يدهنوا ويلينوا ويحافظوا فقط على ظاهر الأمر لكي يدهن هو لهم ويلين. فهم ليسوا أصحاب عقيدة يؤمنون بأنها الحق، وإنما هم أصحاب ظواهر يهمهم أن يستروها. فهي المساومة إذن، والالتقاء في منتصف الطريق. كما يفعلون في التجارة. وفرق بين الاعتقاد والتجارة كبير! فصاحب العقيدة لا يتخلى عن شيء منها؛ لأن الصغير منها كالكبير. بل ليس في العقيدة صغير وكبير. إنها حقيقة واحدة متكاملة الأجزاء. لا يطيع فيها صاحبها أحدا، ولا يتخلى عن شيء منها أبدا. وقد وردت روايات شتى فيما كان يدهن به المشركون للنبي ليدهن لهم ويلين؛ ويترك سب آلهتهم وتسفيه عبادتهم، أو يتابعهم في شيء مما هم عليه ليتابعوه في دينه. ولكن الرسول كان حاسما في موقفه من دينه، لا يدهن فيه ولا يلين. وهو فيما عدا الدين ألين الخلق جانبا وأحسنهم معاملة وأبرهم بعشيرة وأحرصهم على اليسر والتيسير. فأما الدين فهو الدين! وهو فيه عند توجيه ربه: {فلا تطع المكذبين} ولم يساوم في دينه وهو في أحرج المواقف العصيبة في مكة. وهو محاصر بدعوته. وأصحابه القلائل يتخطفون ويعذبون ويؤذون في الله أشد الإيذاء وهم صابرون. ولم يسكت عن كلمة واحدة ينبغي أن تقال في وجوه الأقوياء المتجبرين، تأليفا لقلوبهم، أو دفعا لأذاهم. ولم يسكت كذلك عن إيضاح حقيقة تمس العقيدة من قريب أو من بعيد.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الخميس 24 ديسمبر 2009 - 13:07 | |
|
{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ. هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ. أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ. إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ}
تبرز قيمة العنصر الأخلاقي في هذه السورة أكثر من مرة فبعدما امتدح الله رسوله بالخلق العظيم ها هو يعود مرة أخرى لينهي الرسول عن إطاعة واحد من هؤلاء المكذبين بالذات، فيصفه بصفاته المزرية المنفرة، ويتوعده بالإذلال والمهانة. وقد قيل: إنه الوليد بن المغيرة. كما قيل: إن آيات سورة القلم نزلت في الأخنس بن شريق. وكلاهما كان ممن خاصموا رسول الله ولجوا في حربه والتأليب عليه أمدا طويلا. وهذه الحملة القرآنية العنيفة في هذه السورة. شاهد على شدة دوره سواء كان هو الوليد أو الأخنس. في حرب الرسول والدعوة، كما هي شاهد على سوء طويته، وفساد نفسه، وخلوها من الخير. والقرآن يصفه هنا بتسع صفات كلها ذميم. فهو حلاف. كثير الحلف. ولا يكثر الحلف إلا إنسان غير صادق، يدرك أن الناس يكذبونه ولا يثقون به. وهو مهين. لا يحترم نفسه، ولا يحترم الناس قوله. ولو كان ذا مال وذا بنين وذا جاه. وهو هماز. يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة في حضورهم أو في غيبتهم. وهو مشاء بنميم. يمشي بين الناس بما يفسد قلوبهم، ويقطع صلاتهم، ويذهب بموداتهم. وهو مناع للخير. يمنع الخير عن نفسه وعن غيره. ولقد كان يمنع الإيمان وهو جماع الخير. وهو معتد. متجاوز للحق معتد على النبي وعلى المسلمين وعلى أهله وعشيرته الذين يصدهم عن الهدى ويمنعهم من الدين. وهو أثيم. يرتكب المعاصي حتى يحق عليه الوصف الثابت. {أثيم}. بدون تحديد لنوع الآثام التي يرتكبها. وهو بعد هذا كله {عتل}. وهي لفظة تعبر بجرسها وظلها عن مجموعة من الصفات ومجموعة من السمات، لا تبلغها مجموعة ألفاظ وصفات. فقد يقال: إن العتل هو الغليظ الجافي. وإنه الأكول الشروب. وإنه الشره المنوع. وإنه الفظ في طبعه، اللئيم في نفسه، السيء في معاملته. ولكن تبقى كلمة {عتل} بذاتها أدل على كل هذا، وأبلغ تصويرا للشخصية الكريهة من جميع الوجوه. وهو زنيم. وهذه خاتمة الصفات الذميمة الكريهة المتجمعة في عدو من الإسلام. والزنيم من معانيه اللصيق في القوم لا نسب له فيهم، أو أن نسبه فيهم ظنين. ومن معانيه، الذي اشتهر وعرف بين الناس بلؤمه وخبثه وكثرة شروره.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الجمعة 25 ديسمبر 2009 - 13:11 | |
|
{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ. وَلَا يَسْتَثْنُونَ. فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ. فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}
لما كان المال سببا في طغيان بعض أهل مكة ناسب ذلك الإشارة إلى المال والبنين، والبطر الذي يبطره المكذبون، بذكر هذه القصة التي تضرب مثلا ويبدو أنها كانت معروفة عندهم، شائعة بينهم، ويذكرهم فيها بعاقبة البطر بالنعمة، ومنع الخير والاعتداء على حقوق الآخرين. ها نحن أولاء أمام أصحاب الجنة - جنة الدنيا لا جنة الآخرة - وها هم أولاء يبيتون في شأنها أمرا. لقد كان للمساكين حظ من ثمرة هذه الجنة. على أيام صاحبها الطيب الصالح. ولكن الورثة يريدون أن يستأثروا بثمرها الآن، وأن يحرموا المساكين حظهم. لقد قر رأيهم على أن يقطعوا ثمرها عند الصباح الباكر، دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين. وأقسموا على هذا، وعقدوا النية عليه، وباتوا بهذا الشر فيما اعتزموه. فلندعهم في غفلتهم أو في كيدهم الذي يبيتوه، ولننظر ماذا يجري من ورائهم في بهمة الليل وهم لا يشعرون.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الأحد 27 ديسمبر 2009 - 0:34 | |
|
{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ. لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاء وَهُوَ مَذْمُومٌ. فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}
يوجه الله نبيه إلى الصبر. الصبر على تكاليف الرسالة. ويذكره بتجربة أخ له من قبل ضاق صدره بهذه التكاليف، فلولا أن تداركته نعمة الله لنبذ وهو مذموم. وصاحب الحوت هو يونس - عليه السلام -. وملخص تجربته التي يذكر الله بها محمدا صلى الله عليه وسلم لتكون له زادا ورصيدا. ملخص تلك التجربة أن يونس بن متى - سلام الله عليه - أرسله الله إلى أهل قرية. قيل اسمها نينوى بالموصل. فاستبطأ إيمانهم، وشق عليه تلكؤهم، فتركهم مغاضبا. وقد قاده الغضب والضيق إلى شاطئ البحر، حيث ركب سفينته، فلما كانوا في وسط اللج ثقلت السفينة وتعرضت للغرق. فأقرعوا بين الركاب للتخفف من واحد منهم لتخف السفينة. فكانت القرعة على يونس. فألقوه في اليم. فابتلعه الحوت. عندئذ نادى يونس - وهو كظيم - في هذا الكرب الشديد. نادى ربه: {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} فتداركته نعمة من ربه، فنبذه الحوت على الشاطئ. وهنا يقول: إنه لولا هذه النعمة لنبذه الحوت وهو مذموم. أي مذموم من ربه. على فعلته. وقلة صبره. وتصرفه في شأن نفسه قبل أن يأذن الله له. ولكن نعمة الله وقته هذا، وقبل الله تسبيحه واعترافه وندمه. وعلم منه ما يستحق عليه النعمة والاجتباء. {فاجتباه ربه فجعله من الصالحين}. هذه هي التجربة التي مر بها صاحب الحوت. يذكر الله بها رسوله محمدا في موقف العنت والتكذيب. إن مشقة الدعوة الحقيقية هي مشقة الصبر لحكم الله، حتى يأتي موعده، في الوقت الذي يريده بحكمته. وفي الطريق مشقات كثيرة. مشقات التكذيب والتعذيب. ومشقات الالتواء والعناد. ومشقات انتفاش الباطل وانتفاخه. ومشقات افتتان الناس بالباطل المزهو المنتصر فيما تراه العيون. ثم مشقات إمساك النفس على هذا كله راضية مستقرة مطمئنة إلى وعد الله الحق، لا ترتاب ولا تتردد في قطع الطريق، مهما تكن مشقاته. وهو جهد ضخم مرهق يحتاج إلى عزم وصبر ومدد من الله وتوفيق. أما المعركة ذاتها فقد قضى الله فيها وقدر أنه هو الذي يتولاها، كما قدر أنه يملي ويستدرج لحكمة يراها. كذلك وعد نبيه الكريم، فصدقه الوعد بعد حين.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الإثنين 28 ديسمبر 2009 - 10:12 | |
|
{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}
في ختام السورة يرسم مشهدا للكافرين وهم يتلقون الدعوة من الرسول الكريم، في غيظ عنيف، وحسد عميق ينسكب في نظرات مسمومة قاتلة يوجهونها إليه، ويصفها القرآن بما لا مزيد عليه. فهذه النظرات تكاد تؤثر في أقدام الرسول فتجعلها تزل وتزلق وتفقد توازنها على الأرض وثباتها. مصحوبة هذه النظرات المسمومة المحمومة بالسب القبيح، والافتراء الذميم فيقولون: إنه لمجنون. ويعقب على ذلك بالقول الفصل الذي ينهي كل قول: {وما هو إلا ذكر للعالمين}. والذكر لا يقوله مجنون، ولا يحمله مجنون. وصدق الله وكذب المفترون. ولا بد قبل نهاية الحديث من لفتة إلى كلمة {للعالمين}. هنا والدعوة في مكة تقابل بذلك الجحود. وهي في هذا الوقت المبكر، وفي هذا الضيق المستحكم، تعلن عن عالميتها. كما هي طبيعتها وحقيقتها. فلم تكن هذه الصفة جديدة عليها حين انتصرت في المدينة - كما يدعي المفترون اليوم - إنما كانت صفة مبكرة في أيام مكة الأولى. كذلك أرادها الله. وكذلك اتجهت منذ أيامها الأولى. وكذلك تتجه إلى آخر الزمان.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الأربعاء 30 ديسمبر 2009 - 14:08 | |
|
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِن شَرِّ مَا خَلَقَ. وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ. وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ. وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}
( قل أعوذ برب الفلق ) الفلق من معانيه الصبح ، ومن معانيه الخلق كله . بالإشارة إلى كل ما يفلق عنه الوجود والحياة .. وسواء كان هو الصبح .. أو كان هو الخلق فالاستعاذة برب الخلق الذي يؤمن من شر خلقه. ( من شر ما خلق ) .. أي من شر خلقه إطلاقا وإجمالا .. والاستعاذة بالله هنا من شرها ليبقى خيرها . والله الذي خلقها قادر على توجيهها وتدبير الحالات التي يتضح فيها خيرها لا شرها . ( ومن شر غاسق إذا وقب ) .. والغاسق في اللغة الدافق ، والوقب النقرة في الجبل يسيل منها الماء . والمقصود هنا - غالبا - هو الليل وما فيه . الليل حين يتدفق فيغمر البسيطة . والليل حينئذ مخوف بذاته . فضلا على ما يثيره من توقع للمجهول الخافي من كل شيء . ( ومن شر النفاثات في العقد ) .. والنفاثات في العقد : السواحر الساعيات بالأذى عن طريق خداع الحواس .. وهن يعقدن العقد في نحو خيط أو منديل وينفثن فيها كتقليد من تقاليد السحر والإيحاء ! والسحر لا يغير من طبيعة الأشياء ؛ ولا ينشئ حقيقة جديدة لها . ولكنه يخيل للحواس والمشاعر بما يريده الساحر .. وهذه هي طبيعة السحر كما ينبغي لنا أن نسلم بها . وهو بهذه الطبيعة يؤثر في الناس ، وينشئ لهم مشاعر وفق إيحائه .. مشاعر تخيفهم وتؤذيهم وتوجههم الوجهة التي يريدها الساحر ، وعند هذا الحد نقف في فهم طبيعة السحر والنفث في العقد .. وهي شر يستعاذ منه بالله ، ويلجأ منه إلى حماه . ( ومن شر حاسد إذا حسد ) .. والحسد انفعال نفسي إزاء نعمة الله على بعض عباده مع تمني زوالها . وسواء أتبع الحاسد هذا الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ ، أو وقف عند حد الانفعال النفسي ، فإن شرا يمكن أن يعقب هذا الانفعال ..فهنا شر يستعاذ منه بالله . والله برحمته وفضله هو الذي يوجه رسوله وأمته من ورائه إلى الاستعاذة به من هذه الشرور .. ومن المقطوع به أنهم متى استعاذوا به - وفق توجيهه - أعاذهم . وحماهم من هذه الشرور إجمالا وتفصيلا .. وقد روى البخاري - بإسناده - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما ، وقرأ فيهما ، ( قل هو الله أحد ) . و ( قل : أعوذ برب الفلق ) . و ( قل : أعوذ برب الناس ) . ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات .. وهكذا رواه أصحاب السنن ...
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية السبت 2 يناير 2010 - 8:36 | |
|
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}. الإسراء: 16
كذلك تمضي سنة الله في إهلاك القرى وأخذ أهلها في الدنيا، مرتبطة بذلك الناموس الكوني الذي يصرف الليل والنهار. والمترفون في كل أمة هم طبقة الكبراء الناعمين الذين يجدون المال ويجدون الخدم ويجدون الراحة، حتى تترهل نفوسهم وتأسن، وترتع في الفسق والمجون وتلغ في الأعراض والحرمات، وهم إذا لم يجدوا من يضرب على أيديهم عاثوا في الأرض فسادا، ونشروا الفاحشة في الأمة وأشاعوها، ومن ثم تتحلل الأمة وتسترخي، وتفقد حيويتها وعناصر قوتها وأسباب بقائها، فتهلك وتطوى صفحتها، والآية تقرر سنة الله هذه. إن إرادة الله قد جعلت للحياة البشرية نواميس لا تتخلف، وسننا لا تتبدل، وحين توجد الأسباب تتبعها النتائج فتنفذ إرادة الله وتحق كلمته، والله لا يأمر بالفسق، لأن الله لا يأمر بالفحشاء، فالإرادة هنا ليست إرادة للتوجيه القهري الذي ينشئ السبب، ولكنها ترتب النتيجة على السبب، الأمر الذي لا مفر منه لأن السنة جرت به، والأمر ليس أمرا توجيهيا إلى الفسق، ولكنه إنشاء النتيجة الطبيعية المترتبة على وجود المترفين وهي الفسق. وهنا تبرز تبعة الجماعة في ترك النظم الفاسدة تنشئ آثارها التي لا مفر منها، وعدم الضرب على أيدي المترفين فيها كي لا يفسقوا فيها فيحق عليها القول فيدمرها الله تدميرا.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الثلاثاء 5 يناير 2010 - 6:34 | |
|
{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}
الإسراء: 33
هذه الآية تقدم صورة منيرة من صور العدل الإلهي الذي نزل ليحكم حياة البشر، فالله واهب الحياة، وليس لأحد غير الله أن يسلبها إلا بإذنه، وكل نفس هي حرم لا يمس، وحرام إلا بالحق، وهذا الحق الذي يبيح قتل النفس محدد لا غموض فيه، وليس متروكا للرأي ولا متأثرا بالهوى، وقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، تلك الأسباب الثلاثة هي المبيحة للقتل، فمن قتل مظلوما بغير واحد من تلك الأسباب، فقد جعل الله لوليه _ وهو أقرب عاصب إليه _ سلطانا على القاتل، إن شاء قتله وإن شاء عفا فأخذ الدية، وإن شاء عفا عنه بلا دية، فهو صاحب الأمر في التصرف في القاتل؛ لأن دمه له، وفي مقابل هذا السلطان الكبير ينهاه الإسلام عن الإسراف في القتل استغلالا لهذا السلطان الذي منحه إياه، والإسراف في القتل يكون بتجاوز القاتل إلى سواه ممن لا ذنب لهم _كما يقع في الثأر الجاهلي الذي يؤخذ فيه الآباء والإخوة والأبناء والأقارب بغير ذنب إلا أنهم من أسرة القاتل_ ويكون الإسراف كذلك بالتمثيل بالقاتل، والولي مسلط على دمه بلا مثلة. فالله يكره المثلة والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها. {إنه كان منصورا} يقضي له الله، ويؤيده الشرع، وينصره الحاكم. فليكن عادلا في قصاصه، وكل السلطات تناصره وتأخذ له بحقه. وفي تولية صاحب الدم على القصاص من القاتل، وتجنيد سلطان الشرع وسلطان الحاكم لنصرته تلبية للفطرة البشرية، وتهدئة للغليان الذي تستشعره نفس الولي، الغليان الذي قد يجرفه ويدفعه إلى الضرب يمينا وشمالا في حمى الغضب والانفعال على غير هدى. فأما حين يحس أن الله قد ولاه على دم القاتل، وأن الحاكم مجند لنصرته على القصاص، فإن ثائرته تهدأ ونفسه تسكن ويقف عند حد القصاص العادل الهادئ.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الإثنين 11 يناير 2010 - 1:59 | |
|
{الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}
النور: 3
جريمة الزنا من الجرائم التي اعتنى الإسلام بتوضيح تفاصيلها وسد الأبواب المؤدية إليها فلم يكتف بالنهي عنها وإنما زاد في تفظيع الفعلة وتبشيعها، فهو في هذه الآيات يقطع ما بين فاعليها وبين الجماعة المسلمة من صلات فهو يعتبر أن الذين يرتكبون هذه الفعلة لا يرتكبونها وهم مؤمنون إنما يكونون في حالة نفسية بعيدة عن الإيمان. وبعد ارتكابها لا ترتضي النفس المؤمنة أن ترتبط في نكاح مع نفس خرجت عن الإيمان بتلك الفعلة البشعة. حتى لقد ذهب الإمام أحمد إلى تحريم مثل هذا الرباط بين زان وعفيفة، وبين عفيف وزانية؛ إلا أن تقع التوبة التي تطهر من ذلك الدنس المنفر. واستبعاد وقوع هذا الرباط بلفظ التحريم الدال على شدة الاستبعاد {وحرم ذلك على المؤمنين} وبذلك تقطع الوشائج التي تربط هذا الصنف المدنس من الناس بالجماعة المسلمة الطاهرة النظيفة. والإسلام وهو يضع هذه العقوبات الصارمة الحاسمة لتلك الفعلة المستنكرة الشائنة لم يكن يغفل الدوافع الفطرية أو يحاربها. إنما أراد الإسلام محاربة الحيوانية التي لا تفرق بين جسد وجسد، أو لا تهدف إلى إقامة بيت، وإنشاء حياة مشتركة، لا تنتهي بانتهاء اللحظة الجسدية! وأن يقيم العلاقات الجنسية على أساس من المشاعر الإنسانية الراقية، من هنا شدد الإسلام في عقوبة الزنا بوصفه نكسة حيوانية، تذهب بكل هذه المعاني، وتطيح بكل هذه الأهداف؛ وترد الكائن الإنساني مسخا حيوانيا، لا يفرق بين أنثى وأنثى، ولا بين ذكر وذكر. إن الإسلام لا يحارب دوافع الفطرة ولا يستقذرها؛ إنما ينظمها ويطهرها، ويرفعها عن المستوى الحيواني، ويرقيها حتى تصبح المحور الذي يدور عليه الكثير من الآداب النفسية والاجتماعية. ذلك إلى الأضرار الاجتماعية التي تعارف الناس على أن يذكروها عند الكلام عن هذه الجريمة، من اختلاط الأنساب، وإثارة الأحقاد، وتهديد البيوت الآمنة المطمئنة. على أن الإسلام لا يشدد في العقوبة هذا التشديد إلا بعد تحقيق الضمانات الوقائية المانعة من وقوع الفعل، ومن توقيع العقوبة إلا في الحالات الثابتة التي لا شبهة فيها. فالإسلام منهج حياة متكامل، لا يقوم على العقوبة؛ إنما يقوم على توفير أسباب الحياة النظيفة. ثم يعاقب بعد ذلك من يدع الأخذ بهذه الأسباب الميسرة ويتمرغ في الوحل طائعا غير مضطر. فهلموا عباد الله إلى نظافة الإسلام وطهارته فلن تخسروا سوى رجس الجاهلية ودنسها.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية السبت 16 يناير 2010 - 5:18 | |
|
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ}
الزمر:21
هذا هو القرآن يوجه النظر إلى رؤية يد الله وتتبع آثارها في كل خطوة من خطوات الحياة. فهذا الماء النازل من السماء. ما هو وكيف نزل؟ إننا نمر بهذه الخارقة سراعاً لطول الألفة وطول التكرار {فسلكه ينابيع في الأرض} سواء في ذلك الأنهار الجارية على سطح الأرض؛ أو الأنهار الجارية تحت طباقها مما يتسرب من المياه السطحية، ثم يتفجر بعد ذلك ينابيع وعيوناً، أو يتكشف آباراً. {ثم يخرج به زرعاً مختلفاً ألوانه} إن الحياة النباتية التي تعقب نزول الماء وتنشأ عنه؛ خارقة يقف أمامها جهد الإنسان حسيراً.. والزرع المختلف الألوان في البقعة الواحدة. بل في النبتة الواحدة. بل في الزهرة الواحدة إن هو إلا معرض لإبداع القدرة؛ يُشعر الإنسان بالعجز المطلق عن الإتيان بشيء منه أصلاً.. هذا الزرع النامي.. يبلغ تمامه، ويستوفي أيامه: {ثم يهيج فتراه مصفراً}. وقد بلغ غايته المقدرة له، فينضج للحصاد: {ثم يجعله حطاماً} وقد استوفى أجله، وأدى دوره، وأنهى دورته كما قدر له واهب الحياة {إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب} الذين يتدبرون فيذكرون، وينتفعون بما وهبهم الله من عقل وإدراك.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الخميس 21 يناير 2010 - 8:22 | |
|
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
الأحزاب: 35
هذه الصفات الكثيرة التي جمعت في هذه الآية تتعاون في تكوين النفس المسلمة. فهي الإسلام، والإيمان، والقنوت، والصدق، والصبر، والخشوع، والتصدق، والصوم، وحفظ الفروج، وذكر الله، ولكل منها قيمته في بناء الشخصية المسلمة. والإسلام: الاستسلام، والإيمان: التصديق، والقنوت: الطاعة الناشئة من الإسلام، والإيمان عن رضى داخلي لا عن إكراه خارجي. والصدق: هو الصفة التي يخرج من لا يتصف بها من صفوف الأمة المسلمة، والصبر: هو الصفة التي لا يستطيع المسلم حمل عقيدته والقيام بتكاليفها إلا بها؛ الصبر على شهوات النفس، وعلى مشاق الدعوة، وعلى أذى الناس، وعلى السراء والضراء. والخشوع: صفة القلب والجوارح الدالة على تأثر القلب بجلال الله، واستشعار هيبته وتقواه. والتصدق: وهو دلالة التطهر من شح النفس، والتكافل في الجماعة المسلمة. والوفاء بحق المال، وشكر المنعم على العطاء. والصوم: وهو استعلاء على الضرورات. وحفظ الفرج: وهو ضبط لأعنف ميل وأعمقه في تركيب كيان الإنسان. وذكر الله كثيرا: وهو حلقة الاتصال بين نشاط الإنسان كله وعقيدته في الله.. وإشراق القلب ببشاشة الذكر، الذي يسكب فيه النور والحياة. هؤلاء الذين تتجمع فيهم هذه الصفات المتعاونة في بناء الشخصية المسلمة الكاملة.. هؤلاء {أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما}.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الجمعة 22 يناير 2010 - 11:22 | |
|
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينا}
الأحزاب: 36
روي أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش -رضي الله عنها- حينما أراد النبي أن يحطم الفوارق الطبقية الموروثة، فيرد الناس سواسية كأسنان المشط.. وكان الموالي - وهم الرقيق المحرر - طبقة أدنى من طبقة السادة. ومن هؤلاء كان زيد بن حارثة مولى رسول الله الذي تبناه. فأراد رسول الله أن يحقق المساواة الكاملة بتزويجه من شريفة من بني هاشم، قريبته زينب بنت جحش؛ ليسقط تلك الفوارق الطبقية بنفسه، في أسرته. وكانت هذه الفوارق من العمق والعنف بحيث لا يحطمها إلا فعل واقعي من رسول الله تتخذ منه الجماعة المسلمة أسوة، وتسير البشرية كلها على هداه في هذا الطريق. ولكن نص الآية أعم من أي حادث خاص، فإن القاعدة التي تقررها الآية أعم وأشمل، وأعمق جدا في نفوس المسلمين وحياتهم وتصورهم الأصيل. وتبرز الآية مقوما من مقومات العقيدة استقر في قلوب تلك الجماعة الأولى من المسلمين استقرارا حقيقيا.. هذا المقوم يتلخص في أنه ليس لهم في أنفسهم شيء؛ وليس لهم من أمرهم شيء. إنما هم وما ملكت أيديهم لله. يصرفهم كيف يشاء، ويختار لهم ما يريد.. واستقرار ذلك المقوم الأول في أعماق الضمائر هو الذي كفل لتلك الجماعة الأولى تحقيق تلك الخوارق التي حققتها في حياتها الخاصة، وفي حياة المجتمع الإنساني إذ ذاك.. ولقد كان ذلك التحول في نفوسهم.. هو المعجزة الكبرى التي لا يقدر عليها بشر؛ إنما تتم بإرادة الله المباشرة التي أنشأت الأرض والسماوات، والكواكب والأفلاك.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الإثنين 25 يناير 2010 - 2:45 | |
|
{ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}
سبأ: 14
تلك صورة يقدمها القرآن للحظة نادرة الحدوث أو لعلها لا تتكرر ثانية في دنيا الوجود حيث يحكم سليمان عليه السلام بعد موته سنين عددا فريقا من الجن الذين تطاولوا على الله وادعوا معرفة الغيب حيث روي أنه كان متكئاً على عصاه حين وافاه أجله؛ والجن تروح وتجيء مسخرة فيما كلفها إياه من عمل شاق شديد؛ فلم تدرك أنه مات، حتى جاءت دابة الأرض.. فلما نخرت عصا سليمان لم تحمله فخرّ على الأرض. وحينئذ فقط علمت الجن موته. وعندئذ {تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}.. فهؤلاء هم الجن الذين يعبدهم بعض الناس. هؤلاء هم سخرة لعبد من عباد الله. وهؤلاء هم محجوبون عن الغيب القريب؛ وبعض الناس يطلب عندهم أسرار الغيب البعيد! وفي الآية ملمح آخر نهديه إلى كل من غرته يوما قوته، أو هزته سطوته وحسب أنه الحاكم بأمره أو أنه إله من دون الله هذا نبي من أنبياء الله الكرام يطلعنا الله عز وجل على لحظة نهايته من أجل ألا يحسب أحدهم أنه مخلد في هذه الأرض أو أن ما فيه من نعيم سيدوم.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الأربعاء 27 يناير 2010 - 23:42 | |
|
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ}
فاطر: 10
إن العزة كلها لله، وليس شيء منها عند أحد سواه. فمن كان يريد العزة فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر غيره. ليطلبها عند الله، فهو واجدها هناك وليس بواجدها عند أحد، ولا في أي كنف، ولا بأي سبب {فلله العزّة جميعاً} إنها حقيقة أساسية من حقائق العقيدة الإسلامية. وهي حقيقة كفيلة بتعديل القيم والموازين، وتعديل الحكم والتقدير، وتعديل النهج والسلوك، وتعديل الوسائل والأسباب! ويكفي أن تستقر هذه الحقيقة وحدها في أي قلب لتقف به أمام الدنيا كلها عزيزاً كريماً ثابتاً في وقفته غير مزعزع. إنه لن يحني رأسه لمخلوق متجبر ولا لعاصفة طاغية.. ولا لقوة من قوى الأرض جميعاً. وعلام؟ والعزة لله جميعاً. وليس لأحد منها شيء إلا برضاه؟ {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.. ولهذا التعقيب..مغزاه وإيحاؤه. فهو إشارة إلى أسباب العزة ووسائلها لمن يطلبها عند الله.. القول الطيب الذي يصعد إلى الله في علاه؛ والعمل الصالح الذي يرفعه الله إليه ويكرمه بهذا الارتفاع. ومن ثم يكرم صاحبه ويمنحه العزة والاستعلاء. ثم تكتمل الصورة بذكر المقابلة: {والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور}. و"يمكرون" هنا مضمنة معنى يدبِّرون. ولكنه عبر بها لغلبة استعمالها في السوء، فهؤلاء لهم عذاب شديد.. فأما المكر السيئ قولاً وعملاً فليس سبيلاً إلى العزة ولو حقق القوة الطاغية الباغية في بعض الأحيان؛ إلا أن نهايته إلى البوار وإلى العذاب الشديد، وعد الله لا يخلف الله وعده. وإن أمهل الماكرين بالسوء حتى يحين الأجل المحتوم في تدبير الله المرسوم.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الثلاثاء 2 فبراير 2010 - 2:44 | |
|
{ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ }
ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه، وأخبر بذلك عن نفسه؛ والسبب في ذلك أن الالتجاء إليه سبحانه ينشأ عن الإخلاص، وقطع القلب عما سواه. وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة، وُجِدَ من مؤمن أو كافر، طائع أو فاجر؛ كما قال {حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين} وقوله {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} فأجابهم عند ضرورتهم ووقوع إخلاصهم، مع علمه أنهم يعودون إلى شركهم وكفرهم. وفي الحديث: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده) ذكره صاحب الشهاب؛ وهو حديث صحيح. فيجيب المظلوم لموضع إخلاصه بضرورته بمقتضى كرمه، وإجابة لإخلاصه وإن كان كافرا، وكذلك إن كان فاجرا في دينه؛ ففجور الفاجر وكفر الكافر لا يعود منه نقص ولا وهن على مملكة سيده، فلا يمنعه ما قضى للمضطر من إجابته. وفسر إجابة دعوة المظلوم بالنصرة على ظالمه بما شاء سبحانه من قهر له، أو اقتصاص منه، أو تسليط ظالم آخر عليه يقهره كما قال عز وجل :{وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا} . وفي هذا تحذير من الظلم جملة، لما فيه من سخط الله ومعصيته ومخالفة أمره؛ حيث قال على لسان نبيه في صحيح مسلم وغيره: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا...) الحديث. فالمظلوم مضطر، ويقرب منه المسافر؛ لأنه منقطع عن الأهل والوطن منفرد عن الصديق والحميم، لا يسكن قلبه إلى مسعد ولا معين لغربته. فَتَصْدُق ضرورتُه إلى المولى، فيخلص إليه في اللجوء، وهو المجيب للمضطر إذا دعاه. وكذلك دعوة الوالد على ولده، لا تصدر منه مع ما يعلم من عطفه عليه وشفقته، إلا عند تكامل عجزه عنه، وصدق ضرورته؛ وإياسه عن بر ولده، مع وجود أذيته، فيسرع الحق إلى إجابته.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الجمعة 5 فبراير 2010 - 1:00 | |
|
{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }
إن نبي الله إبراهيم قد جعله الله إماماً للناس جميعاً، وجعل النبوة في ذريته دون سائر البشر _ لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بعد اختبار وابتلاء، لقد أُمر بأوامر إلهية تخالف معقول البشر فنفذها إبراهيم عليه السلام على النحو الذي أمره الله بها تماماً. وكان مما أمر به مما يخالف معقول البشر أن يقتل ابنه - بِكْره - إسماعيل عليه السلام بعد أن شبّ وبلغ مبلغ الرجال فسارع إلى تنفيذ الأمر دون تلكؤ أو نظر ، أو تسويف ، ولو أن إنساناً عمد إلى أن يقتل ابنه دون أمر من الله لكان هذا جريمة وإثماً ولكنه تمام الامتثال لأمر الله عز وجل مما لا يقدر عليه سوى الأنبياء. وفي استجابة الابن لأمر الله أيضا أبلغ بيان وأكمل تجسيد لمعنى الاستجابة لأوامر الله، أن يخبر إنسان بأنه سيُذبح، ومن الذي سيذبحه؟ إنه أبوه، أن يؤمر إنسان بذلك ثم يستجيب فورا دون تلكؤ أو مجرد تفكير لأعظم برهان على صدق الإيمان وتمام اليقين.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية السبت 6 فبراير 2010 - 4:08 | |
|
{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}
أن يلقي رجل زوجته وابنه_ فلذة كبده، وبِكره الذي جاءه بعد أن كبرت سنه ودق عظمه_ في أرض مقفرة موحشة لا إنس فيها ولا شيء، ثم يتركهما وليس معهما أحد على الإطلاق وليس لهم من الزاد إلا جراب تمر وقربة ماء، أن يفعل رجل ذلك استجابة لأمر الله عز وجل لأعظم دليل على صدق إيمان هذا الرجل، ولأدعى سبب لأن يتبوأ هذا الرجل مكانة عالية عند الله عز وجل. لقد كان خليل الله إبراهيم هو ذلكم الرجل، ويروى لنا الإمام البخاري رحمه الله بإسناده ما حدث فيقول: (أول ما اتخذ النساء المِنْطَق من قِبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقاً لتُعَفّي أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء فوضعهما هنالك ، ووضع عندها جراباً فيه تمر وسِقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم منطلقاً ، فتبعته أم إسماعيل فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً ، وجعل لا يلتفت إليها فقالت: آلله أمرك بهذا ؟ قال: نعم ، قالت: إذن لا يضيّعنا ، ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال : "رَبّنَا إنّي أَسْكَنتُ مِن ذُرّيّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرّمِ" [إبراهيم:37] حتى بلغ "يَشْكُرُونَ" وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفِد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها فجعلت تنظر إليه يتلوى ، أو قال: يتلبّط ، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم تر أحداً ، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ، ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً فلم تر أحداً ، ففعلت ذلك سبع مرات) ، قال ابن عباس : قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فذلك سعي الناس بينهما) فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت: صَهْ - تريد نفسها - ثم سعت فسمعت أيضاً ، فقالت: قد أَسمعتَ إن كان عندك غواث فإذا هي بالمَلَك عند موضع زمزم فبحث بعَقِبِه - أو قال: بجناحه - حتى ظهر الماء فجعلت تُحوّضه وتقول بيدها هكذا ، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعدما تغرف.. قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من زمزم - لكانت زمزماً عيناً مَعيناً) قال: ( فشربت وأرضعت ولدها). فيا لها من محنة ويا له من اختبار بلغ إبراهيم بعده درجة المصطفين الأخيار.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الجمعة 12 فبراير 2010 - 2:56 | |
|
{ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ }
أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين الذين رضوا بها واطمأنوا إليها ، وجمعوا الأموال ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها ، وسخروا من الذين آمنوا ، الذين أعرضوا عن دنياهم ، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربهم، وبذلوه ابتغاء وجه الله ، فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم ، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومنشرهم ومسيرهم ومأواهم ، فاستقروا في الدرجات في أعلى عليين وخلد أولئك في الدركات في أسفل سافلين ، ولهذا قال تعالى: {والله يرزق من يشاء بغير حساب} أي يرزق من يشاء من خلقه ويعطيه عطاء كثيرا جزيلا بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الأحد 14 فبراير 2010 - 11:22 | |
|
{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً }
كان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة، وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم، وكانوا مأمورين بالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين، وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم، ولم يكن الحال إذا ذاك مناسباً لأسباب كثيرة: منها قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم، ومنها كونهم كانوا في بلدهم وهو بلد حرام وأشرف بقاع الأرض فلم يكن الأمر بالقتال فيه ابتداء كما يقال، فلهذا لم يؤمر بالجهاد إلا بالمدينة لما صارت لهم دار منعة وأنصار، ومع هذا لما أمروا بما كانوا يودونه، جزع بعضهم منه وخافوا من مواجهة الناس خوفاً شديداً: {وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب} أي لولا أخرت فرضه إلى مدة أخرى فإن فيه سفك الدماء، ويتم الأولاد، وتأَيّمَ النساء، لقد تشبثوا بالدنيا ونعيمها الزائل. إن الدنيا بكل ما فيها من ملاذ في المأكل أو المطعم أو الملبس أو المسكن أو المركب أو الزوجة أو الأولاد أو الجاه والسلطان ، وغير ذلك من نعيمها وأسباب السعادة فيها لا يمكن أن تقارن بنعيم الآخرة ، وكيف نقارن بين الفاني والباقي؟ بين النعيم الحقيقي والنعيم الزائف ؟! ذكر مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال يا بن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ، ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا بن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط). فسبحان من ينسي بغمسة واحدة في نار جهنم كل نعيم الدنيا وملاذِّها.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الأربعاء 24 فبراير 2010 - 13:50 | |
|
{وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ}
إن الله تعالى إذا لم يدعه العبد يغضب عليه ، فالله تعالى يحب العبد الذي يطرق بابه مرات ومرات ولكن قسوة قلب العبد تنسيه ربه وتنسيه أن يرفع له يديه ويتذلل إليه ويفتقر له، إن الله تعالى أهلك أمما من قبل ، ضيق عليهم أرزاقهم ، وابتلاهم بالأوجاع والأسقام ولكن قست قلوبهم فلم يرفعوا أكف الضراعة إلى مولاهم ولم يلهجوا بدعاء خالقهم ، فاستدرجهم الله عز وجل ففتح عليهم أبواب الرزق الواسعة والخير العميم، حتى إذا فرحوا بما أوتوا واطمأنوا به أخذهم الله عز وجل بغتة . قال الإمام أحمد عن عقبة بن عامر، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا رأيت اللّه يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج)، ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} ""رواه أحمد. فاللهم ذكرنا بك دوما ، ولا تنسينا ذكرك أبدا ، وأعنا اللهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الخميس 25 فبراير 2010 - 12:13 | |
|
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}
قال اللّه تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} أي في سكراته وغمراته وكرباته، {والملائكة باسطوا أيديهم} أي بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم، ولهذا يقولون لهم: {أخرجوا أنفسكم}، وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم والحميم وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرق روحه في جسده، وتعصى وتأبى الخروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم، قائلين لهم: {أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على اللّه غير الحق} الآية، أي اليوم تهانون غاية الإهانة كما كنتم تكذبون على اللّه وتستكبرون اتباع آياته والانقياد لرسله.
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الثلاثاء 2 مارس 2010 - 15:50 | |
|
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
إن العلم يراد للعمل، وإن سعادة العبد في الدنيا والآخرة في التمسك بما في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم القائل: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً , كتاب الله وسنتي , ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض" , والقائل أيضا : "تفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة , قالوا : مَن هي يا رسول الله ؟ , قال : ما أنا عليه وأصحابي". فمِن أعظم التمسك والعمل بسنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الرجوع إليها مع كتاب الله تعالى عند التنازع وردّ الأمور إليها , لا إلى قوانين البشر , ولا يتحقق إيمان لأحد إذا لم يكن احتكامه للكتاب والسنة , قال تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخرِ) [النساء:59] , وكما قال العلماء فالرد يكون إليه - صلى الله عليه وسلم - في حياته وإلى سنته بعد مماته , وقال - تعالى - : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء:65] , وقال - جل وعلا - : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً) [الأحزاب:36] .
| |
|
| |
gawhara لواء
عدد الرسائل : 1601 العمر : 51 تاريخ التسجيل : 04/12/2008
| موضوع: رد: في رحاب آية الأحد 7 مارس 2010 - 11:12 | |
|
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا {17} يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا {18} وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا {19} وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا}
إن الناس لم يخلقوا عبثا ، ولن يتركوا سدى . والذي قدر حياتهم ذلك التقدير .. ونسق حياتهم مع الكون الذي يعيشون فيه ذلك التنسيق ، لا يمكن أن يدعهم يعيشون سدى ويموتون هملا .. إن هنالك يوما للحكم والفرقان والفصل في كل ما كان . وهو اليوم المرسوم الموعود الموقوت بأجل عند الله معلوم محدود : ( إن يوم الفصل كان ميقاتا ) .. وهو يوم ينقلب فيه نظام هذا الكون وينفرط فيه عقد هذا النظام . ( يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا . وفتحت السماء فكانت أبوابا ، وسيرت الجبال فكانت سرابا ) .. والصور : البوق . ونحن لا ندري عنه إلا اسمه . ولا نعلم إلا أنه سينفخ فيه . وليس لنا أن نشغل أنفسنا بكيفية ذلك .. إنما نحن نتصور النفخة الباعثة المجمعة التي يأتي بها الناس أفواجا .. نتصور مشهد هذه الخلائق جميعا .. أفواجا .. مبعوثين قائمين آتين من كل فج إلى حيث يحشرون .. أين ؟ لا ندري .. ففي هذا الكون الذي نعرفه أحداث وأهوال جسام : ( وفتحت السماء فكانت أبوابا . وسيرت الجبال فكانت سرابا ) .. السماء المبنية المتينة .. فتحت فكانت أبوابا .. فهي منشقة . منفرجة .. على هيئة لا عهد لنا بها . والجبال الرواسي الأوتاد سيرت فكانت سرابا . فهي مدكوكة مبسوسة مثارة في الهواء هباء ، يحركه الهواء .. ومن ثم فلا وجود لها كالسراب الذي ليس له حقيقة . أو إنها تنعكس إليها الأشعة وهي هباء فتبدو كالسراب !
| |
|
| |
| في رحاب آية | |
|