بقدر سعادتي وسعادة المصريين كلهم بعد النجاح المبدئي للثورة الحالية والتي ترجمتها الوجوه المبتسمة صبيحة تنحي الرئيس السابق وتهنئة المصريين بعضهم بعضا رغم الغصة التي كانت في نفوسهم حزنا على دماء الشهداء إلا أننا الأمس واليوم شهدنا بداية للحلقة الثانية (( المتوقعة )) والتي نتمنى أن لا تستمر عليها وهي حلقة المنتفعين أو الباحثين عن المنفعة
نعم لقد تهافتت القنوات التليفزيونية المصرية تحديدا في بيان الفساد الإداري للسلطة ومن حولها فهذا يتحدث مع الوزير السابق وهذا يتحدث مع الإعلامي المستبعد وهذا يتحدث مع فلان وعلان
ثم جاءت حركة الباحثين عن المنفعة والتي تمثلت في الحركات الاحتجاجية (( المالية )) والتي بالتأكيد لها وقتها لكنه ليس الآن فمن صبر ثلاثين عاما أو عشرة أعوام أو عام واحد لن يضره أن يصبر شهرا أو شهرين حتى تتكشف الصورة ولو قليلا لتمر البلاد من النفق الحالي إلى أفق جديد وهو ما كنا نبحث عنه جميعا
أعلم أن الكثيرين ربما لا يعجبهم كلامي لكنها الحقيقة فهناك من دفعوا دماءهم ثمنا لما نحن فيه والآن هل أساوم أنا على مائة أو مائي جنيه حتى أتوقف على الاحتجاج فياله من استهانة بدماء شهدائنا وهم لا يستحقون منا ذلك بل يستحقون منا أن نقف على ما وقفوا وماتوا عليه حتى تتحقق الحرية ونقتلع رؤوس الفساد بيننا وهذا لن يتحقق ونحن نبحث عن زيادة راتب أو تحسين وضع مؤقت (( رغم إقراري بأن هذا حق )) لكنه حق يمكن تأجيله حتى نمر من المرحلة الأهم والتي بالفعل ستغير حياتنا
إن بلادنا تعيش حالة انتقال من كبت سياسي واجتماعي وعنصرية وظلم وتسلط لبعض فئات الشعب ونهب لثرواته إلى ما نطمع بتحقيقه من حرية وعدالة ومساواة وواجب نقوم به جميعا تجاه بلادنا حتى تتمكن بلادنا من القيام بدورها تجاه المواطن وتجاه إخواننا ممن انتظرونا طويلا وها هو الوقت قد حان لنعود إليهم
فهل هذا وقت الإضرابات والتوقف عن العمل في المصانع والمؤسسات العاملة؟؟
لقد شعرت بالأسف الشديد عندما دخلت المصنع الذي أعمل فيه وهو مثل غيره من المصانع والمؤسسات ووجدت الماكينات متوقفة والعاملين مضربون عن العمل طالبين تحسين أوضاعهم وحاولنا أن نقنعهم بأن الوضع لا يحتمل هذا وأن الأيام الأفضل قادمة إن شاء الله لكن للأسف كأن الآذان صمت وكأن الأعين تحجرت ولم تعد ترى غير الجنيه إلا من رحم ربي
أيها المنتفعون أفيقوا ولا تكونوا الخنجر الذي يطعن الثورة في ظهرها ولا تجروا بلادنا إلى كارثة حقيقية !!
إن أكبر أحلامنا حاليا هو تعديل الدستور بشكل يليق بكرامتي وكرامتك وكرامة ابني وابنك وحفيدي وحفيدك وهذا هو ما نبحث عنه وهو ما مات عليه الشهداء
إن لم تكن قد شاركت في خلع المخلوعين وإزالة المفسدين فلا تكن واحدا منهم باستغلال الفرصة لتحقيق منفعة شخصية
إن هذا هو الوقت لنتعاون لنعيد لبلادنا ما نتمناه من أمن وعزة وكرامة يشعر بها المصري الذي كان قبل عشرين يوما يشعر بخزي وعار وأسى ولا يستطيع حتى أن يعترض والآن هل تتحول الثورة التي أثارت دهشة وإعجاب العالم إلى مجرد بضعة جنيهات يسعد بها البعض ويطويها التراب
أتمنى أن يستفيق الجميع ويعلموا أن هذه بلادنا وأنها ليست سلعة صينية مستوردة أو أوروبية نلهو بها لبعض الوقت ثم نرميها
إنها وطننا وبلادنا التي يجب أن نتعاون جميعا ليس فقط لننعم بثرواتها بل لنحمل أيضا همومها ونعمل معا على نهضتها والقيام بواجبنا تجاهها
_________________
أبـوروان