عندما يثور العبيد وتنجح ثورتهم فهم يحققون بعض مطالبهم من حياة كريمة وحسن معاملة ... الخ من المطالب التي يطلبونها ، أما الأحرار فنجاح ثورتهم معناه امتلاكهم لزمام الأمور ! أي يصبحون هم من يطلب منهم المطالب وترجى منهم المصالح ، فيقررون منها ما يتماشى مع أهداف ثورتهم ويوافق خططهم المرسومة لتلك الثورة .
وأرى أن ثورة الشعب المصري في 25 يناير ـ رغم كونها ثورة أحرار ـ لم تحقق سوى أهداف ثورة العبيد في أقل نجاحاتها !!! فقد اختفت صورة الرئيس التي رفضته من وسائل الإعلام ومن مبنى الحكومة !! وتم حل مجلسي الشعب والشورى !! وتم البدء في محاسبة بعض المسئولين عن بعض جرائمهم !! وتم بعض التحول في وسائل الإعلام بظهور الوجوه الأخرى لنفس الأشخاص !! وأظن أن أقل ثورات العبيد نجاحًا يمكن أن تطمع في أكثر من ذلك .
فمازال النظام البائد يسيطر على المقاليد ، ومازالت الأيدي الفاسدة مطلقة لا قيد يحكم القبض عليها ولا معاقب لها على ما جنته من فساد .
ومازال السيد الرئيس يرفل فيما نهبه من نعم ، بل ومازال ينهب من أموال هذا الشعب ـ الفرح بما قدم شبابه من بطولات ـ المنتشي وهو لا يدري ما يحاك ضده من مؤامرات ، وما يحاك ضد شبابه من التفاف على ثورته . ومازال المجلس الأعلى للقوات المسلحة يؤجل المطالب بالوعود تارة وبالتهديد أخرى ، بل وفي بعض الأحيان كأنه في واد آخر ينفذ خطة مرسومة بإحكام لإنهاء الثورة بهذه النجاحات الزهيدة التي تحققت !!!
ثورة الأحرار معناها أن يتسلموا هم مقاليد الحكم ـ ليس بالضرورة بأيديهم ولكن بإرادتهم ـ فيحاكمون المفسدين في العهد البائد ، ويقيلون الفاشلين ، ويسندون الأمر إلى أهله من ذوي الاختصاص والخبرة والأيدي النظيفة ، ويقيمون دستورهم العادل ويسنون قوانينهم المتفقة مع أهداف ثورتهم النبيلة .
أما ما يحدث فهو قتل بطيء للثورة وتهميش لدور الثوار والالتفاف على مطالبهم بحجج واهية كالوقت والاستقرار والانتقال المدروس .. الخ يا أصحاب المطالب ...... متى ستنفذ مطالبكم إن لم تنفذ وقت انتصار ثورتكم ؟ يا من تتشدقون بدم الشهداء أين أحلام الشهداء ؟
يا من ظهرتم بعد شرارة الثورة على أنكم من أقطابها إلى أي مدى وصلت حواراتكم المشبوهة مع النظام الفاسد ؟ أيها الثوار ..... لا تستسلموا للمكيدة التي تحاك بكم ، بل وبشعب مصر كله .
ولا تستمعوا إلى العبارات الرنانة التي تشيد بكم من القريب والبعيد ، فهي مجرد عبارات مديح قد يراد منها دغدغة الشعور وإلهاء الناس بها وبالاحتفالات عن تحقق أهداف الثورة . واعلموا أن الاحتفال الحقيقي لا يكون إلا بتحقق آخر أهداف ثورتكم .
يا أيها المجلس الأعلى الموقر للقوات المسلحة ..... يجب فورًا وبلا مماطلة إقالة هذه الوزارة التابعة للنظام البائد الفاسد . يجب فورًا إطلاق الحريات والإفراج عن المعتقلين السياسيين جميعهم . يجب فورًا محاسبة الفاسدين والقتلة ـ وأولهم هذا الذي يرفل في ما نهب وينهب بشرم الشيخ ـ في ظل محاكمات عادلة لا محاكم تفتيش . ومصر مليئة بالرجال الصالحين القادرين على قيادة البلد إلى بر الأمان في أسرع وقت فليسرع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ببسط يده لهذه الأيدي الأمينة حتى تخرج بلدنا الحبيبة من عنق الزجاجة بأقل خسائر ممكنة .
أما أنتم أيها الثوار الأبطال فأرجوكم ألا تعيدوا السيف إلى غمده إلا مع تحقق آخر هدف من أهدافكم ، فبدون ذلك ستموت ثورتكم ولن يتحقق منها حتى ما يحلم به أصحاب ثورة العبيد ، فمازالت رأس الحية ملتصقة بالذيل وما زال الذيل حرًا بما ينبئ عن إمكانية انفلاته لتعود الرأس فتلدغ كلاً منكم في مقتل !!! وأدعو الله ألا يحدث ذلك . .