منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 14:52

النوع الحادي والأربعون في معرفة إعرابه

أفرده بالتصنيف خلائق منهم مكي وكتابه في المشكل خاصة والحوفي وهوأوضحها وأبوالبقاء العكبري وهوأشهرها والسمين وهوأجلها على ما فيه من حشووتطويل ولخصه السفاقسي فحرره وتفسير أبي حيان مشحون بذلك‏.‏

ومن فوائد هذا النوع معرفة المعنى لأن الإعراب يميز المعاني ويوقف على أغراض المتكلمين‏.‏

أخرج أبو عبيد في فضائله عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ تعلموا اللحن والفرائض والسنن كما تعلمون القرآن‏.‏

وأخرج عن يحيى ن عتيق قال‏:‏ قلت للحسن‏:‏ يا أبا سعيد الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته قال‏:‏ حسن يا ابن أخي فتعلمها فإن الرجل يقرأ الآية فيعيي بوجهها فيهلك فيها‏.‏وعلى الناظر في كتاب الله تعالى الكاشف عن أسراره النظر في الكلمة وصيغتها ومحلها ككونها مبتدًا أوخبرًا أوفاعلًا أومفعولًا أوفي مبادئ الكلام أوفي جواب إلى غير ذلك‏.‏

ويجب عليه مراعاة أمور‏.‏

أحدها‏:‏ وهوأول واجب عليه أن يفهم معنى ما يريد أن يعربه مفردًا أومركبًا قبل الإعراب فإنه فرع المعنى ولهذا لا يجوز إعراب فواتح السور إذا قلنا بأنها المتشابه الذي استأثر الله بعلمه‏.‏

وقالوا في توجيه نصب كلالة قوله تعالى وإن كان رجل يورث كلالة أنه يتوقف على المراد بها فإن كان اسمًا للميت فهوحال ويورث خبر كان أوصفة وكان تامة أوناقصة وكلالة خبر أوللورثة فهوعلى تقدير مضاف‏:‏ أي ذا كلالة وهوأيضًا حال أوخبر كما تقدم أوللقرابة فهومفعول لأجله‏.‏

وقوله ‏{‏سبعًا من المثاني‏}‏إن كان المراد بالمثاني القرآن فمن لتبعيض أوالفاتحة فلبيان الجنس‏.‏

وقوله ‏{‏إلا أن تتقوا منهم تقاة‏}‏إن كان بمعنى الاتقاء فهي مصدر أوبمعنى متقي‏:‏ أي أمر يجب اقاؤه فمفعول به أوجمعًا كرماة فحال‏.‏

وقوله ‏{‏غثاء أحوى‏}‏إن أريد به الأسود من الجفاف واليبس فهوصفة لغثاء أومن شدة الخضرة فحال من المرعى‏.‏

قال ابن هشام‏:‏ وقد زلت أقدام كثير من المعربين راعوا في الإرعاب ظاهر اللفظ ولم ينظروا في موجب المعنى من ذلك قوله ‏{‏أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء‏}‏فإنه يتبادر إلى الذهن عطف أن نفعل على أن نترك وذلك باطل لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاءون وإنما هوعطف على ما فهومعمول للترك والمعنى‏:‏ إن نترك أن نفعل وموجب الوهم المذكور أ المعرب يرى أن والفعل مرتين وبينهما حرف العطف الثاني‏:‏ أن يراعي ما تقتضيه الصناعة فربما راعى المعرب وجهًا صحيحًا ولا نظر في صحته في الصناعة فيخطئ من ذلك قول بعضهم وثمودًا فما أبقى أن ثمودًا مفعول مقدم وهذا ممتنع لأن النافية الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها بل هومعطوف على عادا أوعلى تقدير‏:‏ وأهلك ثمودًا‏.‏

وقول بعضهم في لا عاصم اليوم من أمر الله لا تثريب عليكم اليوم أ الظرف متعلق باسم لا وهوباطل لأن اسم لا حينئذ مطول فيجب نصبه وتنوينه وإنما هومتعلق بمحذوف‏.‏

وقول الحوفي‏:‏ إن الباء في قوله ‏{‏فناظرة بم يرجع المرسلون‏}‏متعلقة بناظرة وهوباطل لأن الاستفهام له الصدر بل هويتعلق بما بعده وكذا قول غيره في معلونين ‏{‏أين ما ثقفوا‏}‏ أنه حال من معمول ثقفوا وأخذوا باطل لأن الشرط له الصدر بل هومنصوب على الذم‏.‏

الثالث‏:‏ أن يكون مليًا بالعربية لئلا يخرج على مالم يثبت كقول أبي عبيدة في كما أخرجك ربك أن الكاف قسم حكاه مكي وسكت عليه فشنع ابن الشجري عليه في سكوته ويبطله أن الكاف لم تجئ بمعنى واوالقسم وإطلاق ما الموصولة على الله وربط الموصول بالظاهر وهوفاعل أخرجك وباب ذلك الشعر وأقرب ما قيل في الآية أنها مع مجرورها خبر محذوف‏:‏ أي هذه الحال من تنفيلك للغزاة على ما رأيت من كراهتهم لها كحال إخراجك للحرب في كراهيتهم له وكقول ابن مهران في قراءة إن البقر تشابهت بتشديد التاء أنه من زيادة التاء في أول الماضي ولا حقيقة لهذه القاعدة وإنما أصل القراءة أن البقرة تشابهت بتاء الوحدة ثم أدغمت في تاء تشابهت فهوإدغام من كلمتين‏.‏الرابع‏:‏ أن يتجنب الأمور البعيدة والأوجه الضعيفة واللغات الشاذة ويخرج على القريب والقوي الفصيح فإن لم يظهر فيه إلا الوجه البعيد فله عذر وإن ذكر الجميع لقصد الإعراب والتكثير فصعب شديد ولبيان المحتمل وتدريب الطالب فحسن في غير ألفاظ القرآن‏.‏

أما التنزيل فلا يجوز أن يخرج إلا على ما يغلب عليه الظن إرادته فإن لم يغلب شيء فليذكر الأوجه المحتملة من غير تعسف ومن ثم خطئ من قال في وقيله بالجر أوالنصب أنه عطف على لفظ الساعة ومحلها لما بينهما من التباعد والصواب أنه قسم أومصدر قال مقدرًا‏.‏

ومن قال في إن الذين كفروا بالذكر أن خبره ‏{‏أولئك ينادون من مكان بعيد‏}‏والصواب أنه محذوف‏.‏ومن قال في ‏{‏ص والقرآن ذي الذكر‏}‏أن جوابه إن ذلك لحق والصواب أنه محذوف‏:‏ أي ما الأمر كما زعموا أوإنه لمعجز أوإنك لمن المرسلين‏.‏

ومن قال في ‏{‏فلا جناح عليه أن يطوف‏}‏أن الوقف على جناح وعليه إغراء لأن إغراء الغائب ضعيف بخلاف القول بمثل ذلك في عليكم أن لا تشركوا فإنه حسن لأن إغراء المخاطب فصيح‏.‏

ومن قال في ‏{‏ليذهب عنكم الرجس أهل البيت‏}‏إنه منصوب على الاختصاص لضعفه بعد ضمير المخاطب والصواب أنه منادى‏.‏

ومن قال في ‏{‏تمامًا على الذي أحسن‏}‏بالرفع أن أصله أحسنوا فحذفت الواواجتزاء عنها بالضمة لأن باب ذلك الشعر والصواب تقدير مبتدأ‏:‏ أي هوأحسن ومن قال في ‏{‏وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم‏}‏بضم الراء المشددة إنه من باب‏:‏ إنك إن تصرع أخوك يصرع لأن ذلك خاص بالشعر والصواب أنها ضمة إتباع وهومجزوم‏.‏

ومن قال في وأرجلكم أنه مجرور على الجوار لأن الجر على الجوار في نفسه ضعيف شاذ لم يرد منه إلا أحرف يسيرة والصواب إنه معطوف على برؤوسكم على أن المراد به مسح الخف‏.‏

قال ابن هشام‏:‏ وقد يكون الوضع لا يخرج إلا على وجه مرجوح فلا حرج على مخرجه كقراءة نجى المؤمنين قيل الفعل ماض ويضعفه إسكان آخره وإنابة ضمير المصدر عن الفاعل مع وجود المفعول به‏.‏

وقيل مضارع أصله ننجي بسكون ثانيه ويضعفه أن النون لا تدغم في الجيم‏.‏

وقيل أصله ننجي بفتح ثانيه وتشديد ثالثه فحذفت النون الثانية ويضعفه أن ذلك لا يجوز إلا في التاء‏.‏

الخامس‏:‏ أن يستوفي جميع ما يحتمله اللفظ من الأوجه الظاهرة فتقول في نحو سبح اسم ربك الأعلى يجوز كون الأعلى صفة للرب وصفة للاسم وفي نحو ‏{‏هدى للمتقين الذين‏}‏ يجوز كون الذين تابعًا ومقطوعًا إلى النصب بإضمار أعني أومدح وإلى الرفع بإضمار هو‏.‏

السادس‏:‏ أن يراعي الشروط المختلفة بحسب الأبواب ومتى لم يتأملها اختلطت عليه الأبواب والشرائك ومن ثم خطئ الزمخشري في قوله تعالى إله الناس أنهما عطفا بيان والصواب أنهما نعتان لاشتراط الاشتقاق في النعت والجمود في عطف البيان‏.‏

وفي قوله في ‏{‏إن ذلك لحق تخاصم أهل النار‏}‏بنصب تخاصم أنه صفة للإشارة لأن اسم الإشارة إنما ينعت بذي اللام الجنسية والصواب كونه بدلًا‏.‏

وفي قوله في ‏{‏فاستبقوا الصراط‏}‏ وفي سنعيدها سيرتها أن المنصوب فيهما ظرف لأن ظرف المكان شرط الإبهام والصواب أنه على إسقاط الجار توسعًا وهوفيهما إلى‏.‏وفي قوله ‏{‏ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله‏}‏أن أن مصدرية وهي وصلتها عطف بيان على الهاء لامتناع عطف البيان على الضمير كنعته وهذا الأمر السادس عده ابن هشام في المغني ويحتمل دخوله في الأمر الثاني‏.‏

السابع‏:‏ أن يراعي في كل ترتيب ما يشاكله فربما خرج كلامًا على شيء ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه ومن ثم خطئ الزمخشري في قوله‏:‏ ‏{‏ومخرج الميت من الحي‏}‏أنه عطف على ‏{‏فالق الحب والنوى‏}‏ولم يجعله معطوفًا على يخرج الحي من الميت لأن عطف الاسم على الاسم أولى ولكن مجيء قوله ‏{‏يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي‏}‏بالفعل فيهما يدل على خلاف ذلك ومن ثم خطئ من قال في ‏{‏ذلك الكتاب لا ريب فيه‏}‏أن الوقف على ريب وفيه خبر هدى ويدل على خلاف ذلك قوله في سورة السجدة ‏{‏تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين‏}‏ومن قال في ‏{‏ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور‏}‏أن الرابط الإشارة وأن الصابر والغافر جعلا من عزم الأمور مبالغة والصواب أن الإشارة للصبر والغفران بدليل ‏{‏وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور‏}‏ولم يقل إنكم‏.‏

ومن قال في نحو ‏{‏وما ربك بغافل‏}‏أن المرور في موضع رفع والصواب في موضع نصب لأن الخبر لم يجئ في التنزيل مجردًا من الباء إلا وهومنصوب‏.‏

ومن قال في ‏{‏ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله‏}‏إن الاسم الكريم مبتدأ والصواب انه فاعل بدليل ‏{‏ليقولن خلقهن العزيز العليم‏}‏‏.‏

تنبيه وكذا إذا جاءت قراءة أخرى في ذلك الموضع بعينه تساعد أحد الإعرابين فينبغي أن يترجح كقول ولكن البر من آمن قيل التقدير‏:‏ ولكن ذا البر‏.‏

وقيل ولكن البرّ برّ من آمن ويؤيد الأول أنه قرئ ولكن البار‏.‏

تنبيه قد يوجد ما يرجح كلا من المحتملات فينظر في أولاها نحو فاجعل بيننا وبينك موعدًا فموعدًا محتمل للمصدر ويشهد له لا يخلقه نحو ولا أنت وللزمان ويشهد له قال موعدكم يوم الزينة وللمكان ويشهد له مكانًا سوى وإذا أعرب مكانًا بدلًا منه لا طرفًا لتخلفه تعين ذلك‏.‏

الثامن‏:‏ أنه يراعي الرسم ومن ثم خطئ من قال في سلسبيلًا أنهما جملة أمرية‏:‏ أي سل طريقًا موصلة إليها لأنها لكانت كذلك لكتبت مفصولة‏.‏

ومن قال في إن هذان لساحران إنها إن واسمها‏:‏ أي أن القصة وذان مبتدأ خبره لساحران والجملة خبر إن وهوباطل برسم لا منفصلة وهذان متصلة‏.‏

ومن قال في ‏{‏ولا الذين يموتون وهم كفار‏}‏إن اللام للابتداء والذين مبتدأ والجملة بعده خبره وهوباطل فإن الرسم ولا‏.‏

ومن قال في أيهم أشد إن أشد مبتدأ وخبر وأي مقطوعة عن الإضافة وهوباطل برسم أيهم متصلة‏.‏

ومن قال في ‏{‏وإذا كالوهم أووزنوهم يخسرون‏}‏إن هم فيها ضمير رفع مؤكد للواو وهوباطل برسم الواوفيهما بلا ألف بعدها فالصواب أنه مفعول‏.‏

التاسع‏:‏ أن يتأمل عند ورود المشتبهات ومن ثم خطئ من قال من أحصى لما لبثوا أمدًا إنه أفعل تفضيل والمنصوب تمييز وهوباطل فإن الأمد ليس محصيًا بل يحصى وشرط التمييز المنصوب بعد أفعل كونه فاعلًا في المعنى فالصواب أنه فعل وأمد مفعول مثل وأحصى كل شيء عددًا العاشر‏:‏ أن لا يخرج على خلاف الأصل أوخلاف الظاهر بغير نقتض ومن ثم خطئ مكي في قوله في لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي إن الكاف نعت لمصدر‏:‏ أي إبطالًا كإبطال الذي والوجه كونه حالًا من الواو‏:‏ أي لأبطلوا صدقاتكم مشبهين الذي فهذا لا حذف فيه‏.‏

الحادي عشر‏:‏ أن يبحث عن الأصلي والزائد نحو لا ‏{‏أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح‏}‏فإنه قد يتوهم ا الواوفي يعفون ضمير الجمع فيشكل إثبات النون وليس كذلك بل هي فيه لام الكلمة فهي أصلية والنون ضمير النسوة ز الفعل فيها مبني ووزنه يفعلن بخلاف ‏{‏وأن تعفوا أقرب‏}‏فالواوفيه ضمير الجمع وليست من أصل الكلمة‏.‏

الثاني عشر‏:‏ أن يجتنب إطلاق لفظ الزائدة في كتاب الله تعالى فإن الزائد قد يفهم منه أنه لا معنى له وكتاب الله منزه عن ذلك ولهذا فر بعضهم إلى التعبير بدله بالتأكيد والصلة والمقحم‏.‏وقال ابن الخشاب‏:‏ اختلف في جواز إطلاق لفظ الزائد في القرآن فالأكثرون على جوازه نظرًا إلى أنه نزل بلسان القوم ومتعارفهم ولأن الزيادة بإزاء الحذف هذا للاختصار والتخفيف وهذا للتوكيد والتوطئة‏.‏

ومنهم من أبى ذلك وقال‏:‏ هذه الألفاظ المحمولة على الزيادة جاءت لفوائد ومعان تخصها فلا أقضي عليها بالزيادة‏.‏

قال‏:‏ والتحقيق أنه إن أريد بالزيادة إثبات معنى لا حاجة إليه فباطل لأنه عبث فتعين أن إلينا به حاجة لكن الحاجة إلى الأشياء قد تختلف بحسب المقاصد فليست الحاجة إلى الفظ الذي عد هؤلاء زيادة كالحاجة إلى اللفظ المزيد عليه أه‏.‏

وأقول‏:‏ بل الحاجة إليه كالحاجة إليه سواء بالنظر إلى مقتضى الفصاحة والبلاغة وأنه لوترك كان الكلام دونه مع إفادته أصل المعنى المقصود أبتر خاليًا عن الرونق البليغي لا شبهه في ذلك ومثل هذا يستشهد عليه بالإسناد البياني الذي خالط كلام الفصحاء وعرف مواقع استعمالهم وذاق حلاوة ألفاظهم‏.‏

وأما النحوي الجافي فعن ذلك بمنقطع الثرى‏.‏

الثالث قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين‏}‏قال الكرماني‏:‏ يحتمل أن يكون قوله والمشركين مفعولًا معه من الذين أومن الواوفي كفروا‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 14:55

تابع النوع الحادي والأربعون في معرفة إعرابه

تنبيهات

الأول قد يتجاذب المعنى والإعراب الشيء الواحد بأن يوجد في الكلام أن المعنى يدعوإلى أمر والإعراب يمنع منه والمتمسك به صحة المعنى ويؤول لصحة المعنى الإعراب وذلك كقوله تعالى إنه على رجعه لقادر‏.‏

يوم تبلى السرائر فالظرف هويوم يقتضي المعنى أنه يتعلق بالمصدر وهورجع أي أنه على رجعة في ذلك اليوم لقادر ولكن الإعراب يمنع منه لعدم جواز الفصل بين المصدر ومعموله فيجعل العامل فيه فعلًا مقدرًا دل عليه المصدر وكذا أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون فالمعنى يقتضي تعلق إذ بالمقت والإعراب يمنعه للفصل المذكور فيقدر له فعل يدل عليه‏.‏

الثاني قد يع في كلامهم هذا تفسير معنى وهذا تفسير إعراب والفرق بينهما أن تفسير الإعراب لا بد فيه من ملاحظة الصناعة النحوية وتفسير المعنى لا تضره مخالفة ذلك‏.‏

الثالث قال أبو عبيد في فضائل القرآن‏:‏ حدثنا أبومعاوية عن هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله تعالى إن هذان لساحران وعن قوله تعالى ‏{‏والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة‏}‏وعن قوله تعالى ‏{‏إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون‏}‏فقالت‏:‏ يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطئوا في الكتاب‏.‏

هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين‏.‏

وقال‏:‏ حدثنا حجاج عن هارون بن موسى أخبرني الزبير بن الحريث عن عكرمة قال‏:‏ لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان فوجدت فيها حروفًا من اللحن فقال‏:‏ لا تغيروها فإن العرب ستغيرها‏:‏ أوقال‏:‏ ستعربها بألسنتها لوكان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد ه الحروف‏.‏

أخرجه ابن الأنباري كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان وابن أشتة في كتاب المصاحف‏.‏

ثم أخرج ابن الأنباري نحوه من طريق عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر وابن أشتة نحوه من طريق يحيى بن يعمر‏.‏

وأخرج من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ والمقيمين الصلاة ويقول هولحن من الكتاب وهذه الآثارات مشكلة جدًا وكيف يظن بالصحابة أولًا أنهم يلحنون في الكلام فضلًا عن القرآن وهم الفصحاء اللد ثم كيف يظن بهم ثانيًا في القرآن الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم كما أنزل وحفظوه وضبطوه وأتقنوه ثم كيف يظن بهم ثالثًا اجتماعهم كلهم عن الخطأ وكتابته ثم كيف يظن بهم رابعًا عدم تنبيههم ورجوعهم عنه ثم كيف يظن بعثمان أنه ينهي عن تغييره ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضى ذلك الخطأ وهومروي بالتواتر خلفًا عن سلف هذا مما يستحيل عقلًا وشرعًا وعادة‏.‏

وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة‏.‏

أحدها‏:‏ أن ذلك لا يصح عن عثمان فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع ولأن عثمان جعل للناس إمامًا يقتدون به فكيف يرى فيه لحنًا ويتركه لتقييمه العرب بألسنتها فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيموا ذلك وهم الخيار فكيف يقيمه غيرهم وأيضًا فإنه لم يكتب مصحفًا واحدًا بل كتب عدة مصاحف‏.‏

فإن قيل إن اللحن وقع في جميعها فبعيد اتفاقهم على ذلك أوفي بعضها فهواعتراف بصحة البعض ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف ولم تأت المصاحف قط مختلفة إلا فيما هومن وجوه القراءة وليس ذلك بلحن‏.‏

الوجه الثاني على تقدير صحة الرواية‏:‏ أن ذلك محمولًا على الرمز والإشارة ومواضع الحذف نحو‏:‏ الكتاب والصابرين وما أشبه ذلك‏.‏

الثالث‏:‏ أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها كما كتبوا‏:‏ لأوضعوا لأذبحنه بألف بعد لا وجزاؤا الظالمين بواووألف وبأييد بياءين‏.‏

فلوقرئ ذلك بظاهر الخط لكان لحنًا وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشتة في كتاب المصاحف‏.‏

وقال ابن الأنباري في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان‏:‏ في الأحاديث المروية عن عثمان في ذلك لا تقزم بها حجة لأنها منقطعة غير متصلة وما يشهد عقل بأن عثمان وهوإمام الأمة الذي هوإمام الناس في زمنه يجمعهم على المصحف الذي هو الإمام فيتبين فيه خللًا ويشاهد في خطه زللًا فلا يصلحه كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذوإنصاف وتمييز ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه‏.‏ومن زعم أن عثمان أراد بقوله أرى فيه لحنًا‏:‏ أرى في خطه لحنًا إذا أقمناه بألسنتنا كان لحن الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الألفاظ وإفساد الإعراب فقد أبطل ولم يصب لأن الخط منبئ عن النطق فمن لحن في كتبه فهولاحن في نطقه ولم يكن عثمان ليؤخر فسادًا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ومعلوم أنه كان مواصلًا لدرس القرآن متقنًا لألفاظه موافقًا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الأمصار والنواحي ثم أيد ذلك بما أخرجه أبو عبيد قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن هانئ البربري مولى عثمان قال‏:‏ كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف فأرسلني بكتف شاة إلى ابن كعب فيها‏:‏ لم يتسن وفيها‏:‏ لا تبديل للخلق وفيها‏:‏ فأمهل الكافرين‏.‏

قال‏:‏ فدعا بالدواة فمحا أحد اللامين فكتب‏:‏ لخلق الله ومحى فأمهل وكتب فمهل وكتب لم يتسنه ألحق بها الهاء‏.‏

قال ابن الأنباري‏:‏ فكيف يدعي عليه أنه رأى فسادًا فأمضاه وهويوقف على ما كتب ويرفع الخلاف إليه الواقع من الناسخين ليحكم بالحق ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده انتهى‏.‏

قلت‏:‏ ويؤيد هذا أيضًا ما أخرجه ابن أشتة في المصاحف قال‏:‏ حدثنا الحسن بن عثمان أنبأنا الربيع بن بدر عن سوار ابن سبئة قال‏:‏ سألت ابن الزبير عن المصاحف فقال‏:‏ قام رجل إلى عمر فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الناس قد اختلفوا في القرآن فكان عمر قد هم أن يجمع القرآن على قراءة واحدة فطعن طعنته التي مات فيها فلما كان في خلافة عثمان قام ذلك الرجل فذكر له فجمع عثمان المصاحف ثم بعثني إلى عائشة فجئت بالمصحف فعرضناها عليها حتى قاومناها ثم أمر بسائرها فشققت‏.‏

فهذا يدل على أنهم ضبطوها وأتقنوها ولم يتركوا فيها ما يحتاج إلى إصلاح ولا تقويم‏.‏ثم قال ابن أشتة‏:‏ أنبأنا محمد بن يعقوب أنبأنا أبوداود سليمان بن الأشعث أنبأنا أحمد بن مسعدة أنبأنا إسماعيل أخبرني الحارث بن عبد الرحمن عن عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر قال‏:‏ لما فرغ من المصحف أتى به عثمان فنظر فيه فقال‏:‏ أحسنتم وأجملتم أرى شيئًا سنقيمه بألسنتنا فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتضح معنى ما تقدم فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته فرأى فيها شيئًا كتب على غير لسان قريش كما وقع لهم في التابوه والتابوت فوعد بأن سيقيمه على لسان قريش ثم وفى بذلك عند العرض والتقويم ولم يترك فيه شيئًا ولعل من روى تلك الآثار السابقة عند حرفها ولم يتقن اللفظ الذي صدر من عثمان فلزم منه ما لزم من الإشكال فهذا أقوى ما يجاب به عن ذلك ولله الحمد‏.‏

وبعد فهذه الأجوبة لا يصلح منها شيء عن حديث عائشة‏.‏

أما الجواب بالتضعيف فلأن إسناده صحيح كما ترى‏.‏

وأما الجواب بالرمز وما بعده فلأن سؤال عروة عن الأحرف المذكورة لا يطابقه فقد أجاب عنه ابن أشتة وتبعه ابن جبارة في شرح الرائية بأن معنى قولها أخطئوا‏:‏ أي في اختيار الأولى من الأحرف السبعة لجمع الناس عليه لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز‏.‏

قال‏:‏ والدليل على ذلك أن ما لا يجوز مردود بإجماع من كل شيء وإن طالت مدة وقوعه‏.‏

قال‏:‏ وأما قول سعيد بن جبير‏:‏ لحن من الكاتب فيعني باللحن القراءة واللغة‏:‏ يعني أنها لغة الذي كتبها وقراءته وفيها قراءة أخرى‏.‏

ثم أخرج عن إبراهيم النخعي أنه قال‏:‏ إن هذان لساحران وإن هذين لساحرين سواء لعلهم كتبوا الألف مكان الياء والواو‏.‏

وفي قوله والصابئون والراسخون مكان الياء‏.‏قال ابن أشتة‏:‏ يعني أنه من إبدال حرف في الكتابة بحرف مثل الصلوة والزكوة والحيوة وأقول‏:‏ هذا الجواب إنما يحسن لوكانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها وأما القراءة على مقتضى الرسم فلا وقد تكلم أهل العربية على هذه الأحرف ووجههوها على أحسن توجيه‏.‏

أما قوله ‏{‏إن هذان لساحران‏}‏ففيه أوجه‏.‏

أحدها‏:‏ أنه جاز على لغة من يجري المثنى بالألف في أحواله الثلاث وهي لغة مشهورة لكنانة وقيل لبني الحارث‏.‏

الثاني‏:‏ أن اسم ضمير الشأن محذوفًا والجملة مبتدأ وخبر خبر إن‏.‏

الثالث‏:‏ كذلك إلا أن ساحران خبر مبتدأ محذوف والتقدير‏:‏ لهما ساحران‏.‏

الرابع‏:‏ أن إن هنا بمعنى نعم‏.‏

الخامس‏:‏ أن ها ضمير القصة اسم إن وذان لساحران مبتدأ وخبر وتقدم رد هذا الوجه بانفصال إن واتصال ها في الرسم‏.‏

قلت‏:‏ وظهر لي وجه آخر وهوأن الإتيان بالألف لمناسبة يريدان كما نون سلاسلًا لمناسبة أغلالًا ومن سبأ لمناسبة بنبأ‏.‏وأما قوله ‏{‏والمقيمين الصلاة‏}‏ففيه أيضًا أوجه‏:‏ أحدها‏:‏ أنه مقطوع إلى المدح بتقدير أمدح لأنه أبلغ‏.‏

الثاني‏:‏ أنه معطوف على المجرور في يؤمنون بما أنزل إليك أي ويؤمنون بالمقيمين الصلاة وهم الأنبياء وقيل الملائكة وقيل التقدير‏:‏ يؤمنون بدين المقيمين فيكون المراد بهم المسلمين وقيل بإجابة المقيمين‏.‏

الثالث‏:‏ أنه معطوف على قبل‏:‏ أي ومن قبل المقيمين فحذفت قبل وأقيم المضاف إليه مقامه‏.‏

الرابع‏:‏ أنه معطوف على الكاف في قبلك‏.‏

الخامس‏:‏ أنه معطوف على الكاف في إليك‏.‏

السادس‏:‏ أنه معطوف على الضمير في منهم حكى هذه الأوجه أبو البقاء‏.‏وأما قوله والصابئون ففيه أيضًا أوجه‏.‏

أحدها أنه مبتدأ حذف خبره‏:‏ أي والصابئون كذلك‏.‏

الثاني‏:‏ أنه معطوف على محل إن مع إسمها فإن محلها رفع الابتداء‏.‏

الثالث‏:‏ أنه معطوف على الفاعل في هادوا‏.‏

الرابع‏:‏ أن إن بمعنى نعم فالذين آمنوا وما بعده في موضع رفع والصابئون عطف عليه‏.‏

الخامس‏:‏ أنه على إجراء صيغة الجمع مجرى المفرد والنون حرف الإعراب حكى هذه الأوجه أبو البقاء‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 14:57

تابع النوع الحادي والأربعون في معرفة إعرابه

تابع تنبيهات

تذنيب يقرب مما تقدم عن عائشة ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن أشتة في المصاحف من طريق إسماعيل المكي عن أبي خلف مولى بني جمح‏:‏ أنه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة فقال‏:‏ جئت أسألك عن آية في كتاب الله تعالى كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها قالت‏:‏ أية آية قال‏:‏ الذين يأتون ما أتوا أوالذين يأتون ما آتوا قالت‏:‏ أيتهما أحب إليك قلت‏:‏ والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلى من الدنيا جميعًا قالت‏:‏ أيهما قلت الذين يأتون ما أتوا فقالت‏:‏ أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذاك كان يقرؤها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف‏.‏وما أخرجه ابن جرير وسعيد بن منصور في سننه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ‏{‏حتى تستأنسوا وتسلموا‏}‏قال‏:‏ إنما هي خطأ من الكاتب حتى تستأذنوا وتسلموا أخرجه ابن أبي حاتم بلفظ‏:‏ هوفيما أحسب مما أخطأت به الكتاب‏.‏

وما أخرجه ابن الأنباري من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه قرأ أفلم يتبين الذين آمنوا أن لويشاء الله لهدى الناس جميعًا فقيل له إنها في المصحف‏:‏ أفلم ييأس فقال‏:‏ أظن الكاتب كتبها وهوناعس‏.‏

وما أخرجه سعيد بن منصور من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله تعالى وقضى ربك إنما هي ووصى ربك التزقت الواوبالصاد‏.‏

وأخرجه ابن أشتة بلفظ‏:‏ استمد الكاتب مدادًا كثيرًا فالتزقت الواوبالصاد‏.‏

وأخرجه من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقرأ ووصى ربك ويقول‏:‏ أمر ربك أنهما واوان التصقت إحداهما بالصاد‏.‏

وأخرجه من طريق أخرى عن الضحاك أنه قال‏:‏ كيف تقرأ هذا الحرف قال‏:‏ وقضى ربك قال‏:‏ ليس كذلك نقرؤها نحن ولا ابن عباس إنما هي ووصى ربك وكذلك كانت تقرأ وتكتب فاستمد كاتبكم فاحتمل القلم مدادًا كثيرًا فالتزقت الواوبالصاد ثم قرا ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ولوكانت قضى من الرب لم يستطع أحد رد قضاء الرب ولكنه وصية أوصى بها العباد‏.‏

وما أخرجه سعيد بن منصور وغيره من طريق عمروابن دينار عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء ويقول‏:‏ خذوا هذه الواوواجعلوها ها هنا ‏{‏الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم‏}‏الآية‏.‏

وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن حريث عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ انزعوا هذه الواوفاجعلوها في الذين يحملون العرش ومن حوله وما أخرجه ابن أشتة وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى مثل نوره كمشكاة قال‏:‏ هي خطأ من الكاتب هوأعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة إنما هي مثل نور المؤمن كمشكاة‏.‏

وقد أجاب ابن أشتة عن هذه الآثار كلها بأن المراد أخطئوا في الاختيار وما هو الأولى لجمع الناس عليه من الأحرف السبعة لا أن الذي كتب خطأ خارج عن القرآن‏.‏

قال‏:‏ فمعنى قول عائشة حرف الهجاء ألقى إلى الكاتب هجاء غير ما كان الأولى أن يلقى إليه من الأحرف السبعة‏.‏

قال‏:‏ وكذا معنى قول ابن عباس‏:‏ كتبها وهوناعس‏:‏ يعني فلم يتدبر الوجه الذي هوأولى من الآخر وكذا سائرها‏.‏

وأما ابن الأنباري فإن جنح إلى تضعيف الروايات ومعارضتها بروايات أخرى عن ابن عباس وغيره بثبوت هذه الأحرف في القراءة والجواب الأول أولى وأقعد‏.‏

ثم قال ابن أشتة‏:‏ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنبأنا أبوداود أنبأنا ابن الأسود أنبأنا يحيى بن آدم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد قال‏:‏ قالوا لزيد‏:‏ يا أبا سعيد أوهمت إنما هي ثمانية أزواج من الضأن اثنين اثنين ومن الإبل اثنين اثنين ومن البقر اثنين اثنين فقال‏:‏ لأن الله تعالى يقول فجعل منه زوجين الذكر والأنثى فهما زوجان كل واحد منهما زوج الذكر زوج والأنثى زوج‏.‏

قال ابن أشتة‏:‏ فهذا الخبر يدل على أن القوم كانوا يتخيرون أجمع الحروف للمعاني وأسلسها على الألسنة وأقربها في المأخذ وأشهرها عند العرب للكتابة في المصاحف وإن الأخرى كانت قراءة معروفة عند فائدة فيما قرئ بثلاثة أوجه‏:‏ الإعراب أوالبناء أونحوذلك قد رأيت تأليفًا لطيفًا لأحمد بن يوسف ابن مالك الرعيني سماه تحفة الأقران فيما قرئ بالتثليث من حروف القرآن الحمد لله بالرفع على الابتداء والنصب على المصدر والكسر على أتباع الدال اللام في حركتها‏.‏

رب العالمين قرئ بالجر على أنه نعت بالرفع على القطع بإضمار مبتدأ والنصب عليه بإضمار فعل أوعلى النداء‏.‏

الرحمن الرحيم قرئا بالثلاثة‏.‏

إثنتا عشرة عينًا قرئ بسكون الشين وهي لغة تميم وكسرها وهي لغة الحجاز وفتحها وهي لغة بلى‏.‏

المرء قرئ بتثليث الميم لغات فيه فبهت الذي كفر قراءة الجماعة بالبناء المفعول وقرئ بالبناء للفاعل بوزن ضرب وعلم وحسن ذرية بعضها من بعض قرئ بتثليث الذال ‏{‏واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام‏}‏قرئ بالنصب عطفًا على الجلالة وبالجر عطف على ضمير به وبالرفع على الابتداء والخبر محذوف‏:‏ أي والأرحام مما يجب أن تتقوه وأن تحتاطوا لأنفسكم فيه لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر قرئ بالرفع صفة للقاعدون وبالجر صفة للمؤمنين وبالنصب على الاستثناء وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم قرئ بالنصب عطفًا على الأيدي وبالجر على الجوار أوغيره وبالرفع على الابتداء والخبر محذوف دل عليه ما قبله‏.‏

فجزاء مثل ما قتل من النعم قرئ بجر مثل بإضافة جزاء إليه وبرفعه وتنوين مثل صفة له وبنصبه مفعول بجزاء والله ربنا قرئ بجر ربنا نعتًا أوبدلًا وبنصبه على النداء أوبإضمار أمدح وبرفعه ورفع الجلالة مبتدأ وخبر ويذر وآلهتك قرئ برفع يذرك ونصبه وجزمه للخفة‏.‏

فأجمعوا أمركم وشركاءكم قرئ بنصب شركاءكم مفعولًا معه أومعطوفًا أوبتقدير‏:‏ وادعوا وبرفعه عطفًا على ضمير فأجمعوا أومبتدأ خبره محذوف وبجره عطفًا على كم في أمركم وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها قرئ بجر الأرض عطفًا على ما قبله وبنصبها من باب الاشتغال وبرفعها على الابتداء والخبر ما بعدها‏.‏

موعدك بملكنا قرئ بتثليث الميم وحرام على قرية قرئ بلفظ الماضي بفتح الراء وكسرها وضمها وبلفظ الوصف بكسر الراء وسكونها مع فتح الحاء وبسكونها مع كسر الحاء وحرام بالفتح وألف فهذه سبع قراءات كوكب دري قرئ بتثليث الدال‏.‏

يس القراءة المشهورة بسكون النون وقرئ شاذًا بالفتح للخفة والكسر لالتقاء الساكنين وبالضم على النداء سواء للسائلين قرئ بالنصب على الحال وشاذًا بالرفع‏:‏ أي هو وبالجر حملا على الأيام ولات حين مناص قرئ بنصب حين ورفعه وجره وقيله يا رب قرئ بالنصب على المصدر وبالجر وتقدم توجيهه وشاذًا بالرفع عطفًا على علم الساعة ق القراءة المشهورة بالسكون وقرئ شاذًا بالفتح والكسر لما مر الحبك فيه سبع قراءات‏:‏ ضم الحاء والباء وكسرهما وفتحهما وضم الحاء وسكون الباء وضمها وفتح الباء وكسرها وسكون الباء وكسرها وضم الباء والحب ذوالعصف والريحان قرئ برفع الثلاثة ونصبها وجرها‏.‏

وحور عين كأمثال اللؤلؤ قرئ برفعهما وجرهما ونصبهما بفعل مضمر‏:‏ أي ويزوجوك‏.‏

فائدة قال بعضهم‏:‏ ليس في القرآن على كثرة منصوباته مفعول معه‏.‏

قلت‏:‏ في القرآن عدة مواضع أعرب كل منها مفعولًا معه‏.‏

أحدها‏:‏ وهوأشهرها قوله تعالى فأجمعوا أمركم وشركاءكم أي اجمعوا أنتم مع شركائكم أمركم ذكره جماعة منهم‏.‏

الثاني قوله تعالى قوأنفسكم وأهليكم نارًا قال الكرماني في غرائب التفسير‏:‏ هومفعول معه‏:‏ أي مع أهليكم‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:01

النوع الثاني والأربعون في قواعد مهمة يحتاج المفسر إلى معرفتها

قاعدة في الضمائر ألف ابن الأنباري في بيان الضمائر الواقعة في القرآن مجلدين وأصل وضع الضمير للاختصار ولهذا قام قوله‏:‏ ‏{‏أعد الله لهم مغفرة وأجرًا عظيمًا‏}‏مقام خمسة وعشرين كلمة لوأتى بها مظهرة‏.‏

وكذا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن‏}‏قال مكي‏:‏ ليس في كتاب الله آية اشتملت على ضمائر أكثر منها فإن فيها خمسة وعشرين ضميرًا ومن ثم لا يعدل إلى المنفصل إلا بعد تعذر المتصل بأن يقع في الابتداء نحو ‏{‏إياك نعبد‏}‏أو بعد إلا نحو ‏{‏أمر ألا تعبدوا إلا إياه‏}‏مرجع الضمير لا بد له من مرجع يعود إليه ويكون ملفوظًا به سابقًا مطابقًا نحو ‏{‏ونادى نوح ابنه‏}‏ ‏{‏وعصى آدم ربه‏}‏ ‏{‏إذا أخرج يده لم يكد يراها‏}‏أومتضمنًا له نحو ‏{‏اعدلوا هو أقرب‏}‏فإنه عائد على العدل المتضمن له اعدلوا ‏{‏وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه‏}‏ أي المقسوم لدلالة القسمة عليه أودالًا عليه بالاتزان نحو ‏{‏إنا أنزلناه‏}‏أي القرآن لأن الإنزال يدل عليه التزامًا في عفى له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف وأداء إليه فعفى يستلزم عافيًا أعيد عليه الهاء من إليه أومتأخرًا لفظًا لا رتبة مطابقًا نحو فأوجس في نفسه خيفة موسى ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان أورتبة أيضًا في ضمير الشأن والقصة ونعم وبئس والتنازع أومتأخرًا دالًا بالالتزام نحو فلولا إذا بلغت الحلقوم كلا إذا بلغت التراقي أضمر الروح أوالنفس لدلالة الحلقوم والتراقي عليها حتى تواترت بالحجاب أي الشمس لدلالة الحجاب عليها وقد يدل عليه السياق فيضمر ثقة بفهم السامع نحو كل من عليها فان ما ترك على ظهرها‏:‏ أي الأرض والدنيا ولأبويه‏:‏ أي الميت ولم يتقدم له ذكر وقد يعود على لفظ المذكور دون معناه نحو وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره أي عمر معمر آخر وقد يعود على بعض ما تقدم نحو يوصيكم الله في أولادكم إلى قوله ‏{‏فإن كن نساء‏}‏ ‏{‏وبعولتهن أحق بردهن‏}‏بعد قوله والمطلقات فإنه خاص بالرجعيات والعائد عليه عام فيهن وفي غيرهن وقد يعود على المعنى وكقوله في آية الكلالة ‏{‏فإن كانتا اثنتين‏}‏ولم يتقدم لفظ مثنى يعود عليه‏.‏

قال الأخفش‏:‏ لأن الكلالة تقع على الواحد والاثنين والجمع فثنى الضمير الراجع إليها حملًا على المعنى كما يعود الضمير جمعًا على من حملا على معناها وقد يعود على لفظ شيء والمراد به الجنس من ذلك الشيء‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ كقوله ‏{‏إن يكن غنيًا أو فقيرًا فالله أولى بهما‏}‏أي بجنسي الفقير والغني لدلالة غنيًا أوفقيرًا على الجنسين ولورجع إلى المتكلم به لوحده وقد يذكر شيئان ويعاد الضمير إلى أحدهما والغالب كونه الثاني نحو واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة فأعيد الضمير للصلاة وقيل للاستعانة المفهومة من استعينوا جعل الشمس ضياء والقمر نورًا وقدره منازل أي القمر لأنه الذي يعلم به الشهور والله ورسوله أحق أن يرضوه أراد يرضوهما فأفرد لأن الرسول هوداعي العباد والمخاطب لهم شفاهًا ويلزم من رضاه رضى ربه تعالى وقد يثني الضمير ويعود على أحد المذكورين نحو يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما وقد يجيء الضمير متصلًا بشيء وهولغيره نحو ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين يعني آدم‏:‏ ثم قال‏:‏ ثم جعلناه نطفة فهذه لولده لأن آدم لم يخلق من نطفة‏.‏

قلت‏:‏ هذا هوباب الاستخدام ومنه لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ثم قال قد سألها أي أشياء أخر مفهومة من لفظ أشياء السابقة وقد يعود الضمير على ملابس ما هوله نحو إلا عشية أوضحاها أي ضحى يومها أمرًا فإنما يقول له كن فيكون فضمير له عائد على الأمر وهوإذ ذاك غير موجود لأنه لما كان سابقًا في علم الله كونه كان بمنزلة المشاهد الموجود‏.‏

قاعدة الأصل عوده على أقرب مذكور ومن ثم أخر المفعول الأول في قوله ‏{‏وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض‏}‏ليعود الضمير عليه بقربه إلا أن يكون مضاف ومضاف إليه فالأصل عوده للمضاف لأنه المحدث عنه نحو وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وقد يعود على المضاف إليه نحو إلى إله موسى وإلي لأظنه كاذبًا واختلف في ولحم خنزير فإنه رجس فمنهم من أعاده إلى المضاف ومنهم من أعاده إلى المضاف إليه‏.‏

قاعدة الأصل توافق الضمائر في المرجع حذرًا من التشتيت ولهذا لما جوز بعضهم في أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم أن الضمير في الثاني للتابوت وفي الأول لموسى عابه الزمخشري وجعله تنافرًا مجرجًا للقرآن عن إعجازه فقال‏:‏ والضمائر كلها راجعة إلى موسى ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة لما يؤدي إليه من تنافر النظم الذي هوأم إعجاز القرآن‏.‏

ومراءاته أهم ما يجب على المفسر‏.‏

وقال في ليؤمنوا بالله ورسوله ويعزروه ويوقروه ويسبحوه الضمائر لله تعالى والمراد بتعزيره‏:‏ تعزير دينه ورسوله‏.‏

ومن فرق الضمائر فقد أبعد وقد يخرج عن هذا الأصل كما في قوله ‏{‏ولا تستفت فيهم منهم‏}‏أحد فإن ضمير فيهم لأصحاب الكهف ومنهم اليهود قاله ثعلب والمبرد ومثله ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعًا قال ابن عباس‏:‏ ساء ظنه بقومه وضاق ذرعًا بأضيافه‏.‏

وقوله إلا تنصروه الآية فيها اثنا عشر ضميرًا كلها للنبي صلى الله عليه وسلم إلا ضمير عليه فلصاحبه كما نقله السهيلي عن الأكثرين لأنه صلى الله عليه وسلم لم تزل عليه السكينة وضمير جعل له تعالى وقد يخالف بين الضمائر حذرًا من التنافر نحو ومنها أربعة حرم الضمير لاثني عشر‏.‏

ثم قال فلا تظلموا فيهن أتى بصيغة الجمع مخالفًا لعوده على الأربعة‏.‏

ضمير الفصل ضمير بصيغة المرفوع مطابق لما قبله تكلمًا وخطابًا وغيبة إقرادًا وغير هوإنما يقع بعد مبتدأ أوما أصله المبتدأ وقبل خبر كذلك اسمًا نحو وأولئك هم المفلحون وإنا لنحن الصافون كنت أنت الرقيب عليهم تجدوه عند الله هوخير إن ترن أنا أقل منك مالًا هؤلاء بناتي هن أطهر لكم وجوز الأخفش وقوعه بين الحال وصاحبها وخرج عليه قراءة هن أطهر بالنصب وجوز الجرجاني وقوعه قبل مضارع وجعل منه إنه هويبدي ويعيد وجعل منه أبو البقاء ومكر أولئك هويبور ولا محل لضمير الفصل من الإعراب‏.‏

وله ثلاثة فوائد‏:‏ الإعلام بأن ما بعده خبر لا تابع‏.‏

والتأكيد ولهذا سماه الكوفيون دعامة لأنه يدعم به الكلام‏:‏ أي يقوي ويؤكد وبنى عليه بعضهم أنه لا يجمع بينه وبينه فلا يقال زيد نفسه هو الفاضل‏.‏

والاختصاص‏.‏

وذكر الزمخشري الثلاثة في وأولئك هم المفلحون فقال‏:‏ فائدته الدلالة على أن ما بعده خبر لا صفة‏.‏

والتوكيد وإيجاب أن فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره‏.‏

ضمير الشأن والقصة ويسمى ضمير المجهول‏.‏

قال في المغني‏:‏ خالف القياس من خمسة أوجه‏.‏

أحدها‏:‏ عوده على ما بعده لزومًا إذ لا يجوز للجملة المفسرة أن تتقدم عليه ولا شيء منها‏.‏

والثاني‏:‏ أن مفسرة لا يكون إلا جملة‏.‏

والثالث‏:‏ أنه لا يتبع بتابع فلا يؤكد ولا يعطف عليه ولا يبدل منه‏.‏

والرابع‏:‏ أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أوناسخه‏.‏

والخامس‏:‏ أنه ملازم للإفراد ومن أمثلته قل هو الله أحد‏.‏

فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا فإنها لا تعمي الأبصار وفائدة الدلالة على تعظيم المخبر عنه وتفخيمه بأن يذكر أولًا مبهمًا ثم يفسر‏.‏

تنبيه قال ابن هشام‏:‏ متى أمكن الحمل على غير ضمير الشأن فلا ينبغي أن يحمل عليه ومن ثم ضعف قول الزمخشري في إنه يراكم إن اسم إن ضمير الشأن والأولى كونه ضمير الشيطان ويؤيده قراءة وقبيله بالنصب وضمير الشأن لا يعطف عليه‏.‏

قاعدة جمع العلاقات لا يعود عليه الضمير غالبًا إلا بصيغة الجمع سواء كان للقلة أولكثرة نحو والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن وورد الإفراد في قوله تعالى وأزواج مطهرة ولم يقل مطهرات‏.‏

وأما غير العاقل فالغالب في جمع الكثرة الإفراد وفي القلة الجمع وقد اجتمعا في قوله ‏{‏إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا‏}‏إلى أن قال‏:‏ منها أربعة حرم فأعاد منها بصيغة الإفراد على الشهور وهي للكثرة‏.‏

ثم قال فلا تظلموا فيهن فأعاده جمعًا على أربعة حرم وهي القلة‏.‏

وذكر الفراء بهذه القاعدة سرًا لطيفًا وهوأن المميز مع جمع الكثرة وهوما زاد على عشرة فما دونها لما كان واحدًا وحد الضمير ومع القلة وهوالعشرة فما دونها لما كان جمعًا جمع الضمير‏.‏

قاعدة إذا اجتمع في الضمائر مراعاة اللفظ والمعنى بدئ باللفظ ثم بالمعنى هذا هو الجادة في القرآن قال تعالى ومن الناس من يقول ثم قال وما هم بمؤمنين أفراد أولًا باعتبار اللفظ ثم جمع باعتبار المعنى وكذا ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم ومنهم من يقول إئذ لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقط قال الشيخ علم الدين العراقي‏:‏ ولم يبح في القرآن البداءة بالحمل على المعنى إلا في موضع واحد وهوقوله ‏{‏وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا‏}‏فأتت خالصة حملًا على معنى ما ثم راعى اللفظ فذكر فقال ومحرم انتهى‏.‏

قال ابن الحاجب في أماليه‏:‏ إذا حمل على اللفظ جاز الحمل بعده على المعنى وإذا حمل على المعنى ضعف الحمل بعده على اللفظ لأن المعنى أقوى فلا يبعد الرجوع إليه بعد اعتبار اللفظ ويضعف بعد اعتبار المعنى القوي الرجوع إلى الأضعف‏.‏

وقال ابن جني في المحتسب‏:‏ لا يجوز مراجعة اللفظ بعد انصرافه عنه إلى المعنى وأورد عليه قوله تعالى ومن يغش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهوله قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ثم قال حتى إذا جاءنا فقد رجع اللفظ بعد الانصراف عنه إلى المعنى‏.‏

وقال محمود بن حمزة في كتاب العجائب‏:‏ ذهب بعض النحويين إلى أنه لا يجوز الحمل على اللفظ بعد الحمل على المعنى وقد جاء في القرآن بخلاف ذلك وهوقوله ‏{‏خالدين فيها أبدًا قد أحسن الله له رزقًا‏}‏قال ابن خالويه في كتابه‏:‏ ليس للقاعدة في من نحوه رجوع من اللفظ إلى المعنى ومن الواحد إلى الجمع ومن المذكر إلى المؤنث نحو ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحًا من أسلم وجهه لله إلى قوله ‏{‏ولا خوف عليه‏}‏أجمع على هذا النحويون‏.‏

قال‏:‏ وليس في كلام العرب ولا شيء من العربية الرجوع من المعنى إلى اللفظ إلا في حرف واحد استخرجه ابن مجاهد وهوقوله تعالى ‏{‏ومن يؤمن بالله ويعمل صالحًا يدخله جنات‏}‏الآية وحد في يؤمن ويعمل ويدخله ثم جمع في قوله خالدين ثم وحد في قوله ‏{‏أحسن الله له رزقًا‏}‏فرجع بعد الجمع إلى التوحيد‏.‏

قاعدة في التذكير والتأنيث التأنيث ضربان‏:‏ حقيقي وغيره‏.‏

فالحقيقي لا تحذف تاء التأنيث من فعله غالبًا إلا إن وقع فصل وكلما كثر الفصل حسن الحذف والإثبات مع الحقيقي أولى ما لم يكن جمعًا‏.‏وأما غير الحقيقي فالحذف فيه مع الفصل أحسن نحو فمن جاءه موعظة من ربه قد كان لكم آية فإن كثر الفصل ازداد حسنًا نحو وأخذ اللذين ظلموا الصيحة والإثبات أيضًا حسن النحو وأخذت الذين ظلموا الصيحة فجمع بينهما في سورة هود وأشار بعضهم إلى ترجيح الحذف واستدل عليه بأن الله قدمه على الإثبات حيث جمع بينهما ويجوز الحذف أيضًا مع عدم الفصل حيث الإسناد إلى ظاهره فإن كان إلى ضميره امتنع وحيث وقع ضميرًا وإشارة بيم مبتدأ وخبر أحدهما مذكر والآخر مؤنث جاز في الضمير والإشارة التذكير والتأنيث كقوله تعالى قال هذا رحمة من ربي فذكر والخبر مؤنث لتقدم المبتدأ وهومذكر وقوله تعالى فذانك برهانان من ربك ذكر والمشار إليه اليد والعصا وهما مؤنثان لتذكير الخبر وهوبرهانان‏.‏

وكل أسماء الأجناس يجوز فيها التذكير حملًا على الجنس والتأنيث حملًا على الجماعة كقوله ‏{‏أعجاز نخل خاوية‏}‏ ‏{‏أعجاز نخل منقعر‏}‏‏{‏إن البقر تشابه علينا‏}‏ وقرئ تشابهت السماء منفطر به إذا السماء انفطرت وجعل منه بعضهم جاءتها ريح عاصف ولسليمان الريح عاصفة وقد سأل ما الفرق بين قوله تعالى منهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة وقوله ‏{‏فريقًا هدى وفريقًا حق عليهم الضلالة‏}‏وأجيب بأن ذلك لوجهين‏:‏ لفظي وهوكثرة حروف الفاصل في الثاني والحذف مع كثرة الحواجز أكثر‏.‏

ومعنوي وهوأن من في قوله من حقت راجعة إلى الجماعة وهي مؤنثة لفظًا بدليل ولقد بعثنا في كل أمة رسولًا ثم قال ومنهم من حقت عليهم الضلالة أي من تلك الأمم ولوقال ضلت لتعينت التاء والكلامان واحد‏.‏

وإذا كان معناهما واحدًا كان إثبات التاء أحسن من تركها لأنها ثابتة فيما هومن معناه‏.‏

وأما ‏{‏فريقًا هدى‏}‏الآية فالفريق يذكر ولوقال فريق ضلوا لكان بغير تاء وقوله ‏{‏حق عليهم الضلالة‏}‏في معناه فجاء بغير تاء وهذا أسلوب لطيف من أساليب العرب أن يدعوا حكم اللفظ الواجب في قياس لغتهم إذا كان في مرتبة كلمة لا يجب لها قاعدة في التعريف والتنكير اعلم أن لكل منهما مقامًا لا يليق بالآخر‏.‏

أما التنكير فله أسباب‏.‏

أحدها‏:‏ إرادة الوحدة نحو ‏{‏وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى‏}‏أي رجل واحد ‏{‏ضرب الله مثلًا رجلًا فيه شركاء متشاكسون ورجلًا سلمًا لرجل‏}‏الثاني‏:‏ إرادة النوع نحو هذا ذكر أي نوع من الذكر ‏{‏وعلى أبصارهم غشاوة‏}‏أي نوع غريب من الغشاوة ولا يتعارفه الناس بحيث غطى ما لا يغطيه شيء من الغشاوات ولتجدنهم أحرص الناس على حياة أي نوع منها وهوالازدياد في المستقبل لأن الحرص لا يكون على الماضي ولا على الحاضر ويحتمل الواحدة والنوعية معًا قوله ‏{‏والله خلق كل دابة من ماء‏}‏أي كل نوع من أنواع الدواب من أنواع الماء وكل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النطف‏.‏

الثالث‏:‏ التعظيم بمعنى أنه أعظم من أن يعين ويعرف نحو فائذنوا بحرب أي بحرب‏:‏ أي حرب ولهم عذاب أليم ‏{‏وسلام عليه يوم ولد‏}‏ ‏{‏سلام على إبراهيم‏}‏إن لهم جنات الرابع‏:‏ التكثير نحو أئن لنا لأجرًا أي وافرًا ويحتمل التعظيم والتكثير معًا ‏{‏وإن يكذبوك فقد كذبت رسل‏}‏أي رسل عظام ذوعدد كثير‏.‏

الخامس‏:‏ التحقير بمعنى انحطاط شأنه إلى حد لا يمكن أن يعرف نحو إن نظن إلا ظنًا أي حقيرًا لا يعبأ به وإلا لا تبعوه لأن ذلك ديدنهم بدليل ‏{‏إن يتبعون إلا الظن‏}‏من أي شيء خقه أي من أي شيء حقير مهين ثم بينه ‏{‏من نطفة خلقه‏}‏‏.‏

السادس‏:‏ التقليل نحوم قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قليل وجعل منه الزمخشري سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا أي ليلًا قليلًا‏:‏ أي بعض ليل وأورد عليه أن التقليل رد الجنس إلى فرد من أفراده لا تنقيص فرد إلى جزء من أجزائه‏.‏

وأجاب في عروس الأفراح بأنا لا نسلم أن الليل حقيقة في جميع الليلة بل كل جزء من أجزائها يسمى ليلًا وعد السكاكي من الأسباب أن لا يعرف من حقيقته إلا ذلك وجعل منه أن تقصد التجاهل وأنك لا تعرف شخصه كقولك‏:‏ هل لكم في حيوان على صورة إنسان يقول كذا وعليه من تجاهل الكفار هل ندلكم على رجل ينبئكم كأنهم لا يعرفونه وعد غيره منها قصد العموم بأن كانت في سياق النفي نحو لا ريب فيه فلا رفث الآية أوالشرط نحو ‏{‏وإن أحد من المشركين استجارك‏}‏أوالامتنان نحو ‏{‏وأنزلنا من السماء ماء طهورًا‏}‏‏.‏

وأما التعريف فله أسباب‏:‏ فبالإضمار لأن المقام مقام المتكلم أوالخطاب أوالغيبة وبالعلمية لإحضاره بعينه وفي ذهن السامع ابتداء باسم يختص به نحو ‏{‏قل هو الله أحد‏}‏محمد رسول الله أولتعظيم أوإهانة حيث علمه يقتضي ذلك‏.‏

فمن التعظيم ذكر يعقوب بلقبه إسرائيل لما فيه من المدح والتعظيم بكونه صفوة الله أوسري الله على ما سيأتي في معناه في الألقاب‏.‏

ومن الإهانة قوله ‏{‏تبت يدا أبي لهب‏}‏وفيه أيضًا نكتة أخرى وهي الكناية به عن كونه جهنميًا وبالإشارة لتمييزه أكمل تميز بإحضاره في ذهن السامع حسًا نحو ‏{‏هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه‏}‏والتعريض بغباوة السامع حتى أنه لا يتميز له الشيء إلا بإشارة الحس وهذه الآية تصلح لذلك ولبيان حاله في القرب والبعد فيؤتي في الأول بنحوهذا وفي الثاني بنحوذلك وأولئك‏.‏

ولقصد تحقيره بالقرب كقول الكفاء ‏{‏أهذا الذي يذكر آلهتكم‏}‏ ‏{‏أهذا الذي بعث الله رسولًا‏}‏ماذا أراد الله بهذا مثلًا وكقوله تعالى وما هذه الحياة الدنيا إلا لهوولعب ولقصد تعظيمه بالبعد نحو ‏{‏ذلك الكتاب لا ريب فيه‏}‏ذهابًا إلى بعد درجته وللتنبيه بعد ذكر المشار إليه بأوصاف قبله على أنه جدير بما يرد بعده من اجلها نحو ‏{‏أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون‏}‏ وبالموصولية لكراهة ذكره بخالص اسمه إما سترًا عليه أوإهانة له أولغير ذلك فيؤتي بالذي ونحوها موصولة بما صدر منه من فعل أوقول نحو ‏{‏والذي قال لوالديه أف لكما‏}‏ ‏{‏وراودته التي هو في بيتها‏}‏وقد يكون لإرادة العموم نحو ‏{‏إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا‏}‏الآية ‏{‏والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا‏}‏ ‏{‏إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم‏}‏والاختصار نحو ‏{‏لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا‏}‏أي قولهم إنه آدر إذ لوعد أسماء القائلين لطال وليس للعموم لأن بني إسرائيل كلهم لم يقولوا في حقه ذلك‏.‏

وبالألف واللام للإشارة إلى معهود خارجي أوذهني أوحضوري‏.‏

وللاستغراق حقيقة أومجازًا أولتعريف الماهية وقد مرت أمثلتها في نوع الأدوات‏.‏

وبالإضافة لكونها أخصر طريق‏.‏

ولتعظيم المضاف نحو ‏{‏إن عبادي ليس لك عليهم سلطان‏}‏ ‏{‏ولا يرضى لعباده الكفر‏}‏أي الأصفياء في الآيتين كما قاله ابن عباس وغيره‏.‏

ولقصد العموم نحو ‏{‏فليحذر الذين يخالفون عن أمره‏}‏أي كل أمر الله تعالى‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:03


النوع الثاني والأربعون في قواعد مهمة يحتاج المفسر إلى معرفتها

فائدة سئل عن الحكمة في تنكير أحد وتعريف الصمت من قوله تعالى قل هو الله أحد الله الصمد وألفت في جوابه تأليفًا مودعا في الفتاوة وحاصله أن في ذلك أجوبة‏.‏

أحدها أنه نكر للتعظيم والإشارة إلى أنه مدلوله وهوالذات المقدسة غير ممكن تعريفها والإحاطة بها‏.‏

الثاني‏:‏ أنه لا يجوز إدخال أل عليه كغير وكل وبعض وهوفاسد فقد قرئ شاذًا قل هو الله أحد الله الصمد حكى هذه القراءة أبوحاتم في كتاب الزينة عن جعفر بن محمد‏.‏

الثالث‏:‏ وهومما خطر لي أن هومبتدأ والله الخبر وكلاهما معرفة فاقتضى الحصر فعرف الجزآن في الله الصمد لإفادة الحصر ليطابق الجملة الأولى واستغنى عن تعريف أحد فيها لإفادة الحصر بدونه فأتى به على أصله من التنكير على أنه خبر ثان‏.‏

وإن جعل الاسم الكريم مبتدأ وأحد خبره ففيه من ضمير الشأن ما فيه من التفخيم والتعظيم فأي بالجملة الثانية على نحوالأولى بتعريف الجزءين للحصر تفخيمًا وتعظيمًا‏.‏

قاعدة أخرى تتعلق بالتعريف والتنكير إذا ذكر الاسم مرتين فله أربعة أحوال لأنه إما أن يكونا معرفتين أونكرتين أوالأول نكرة والثاني معرفة أوبالعكس‏.‏

فإن كانا معرفتين فالثاني هو الأول غالبًا دلالة على المعهود الذي هو الأصل في اللام أوالإضافة نحو ‏{‏إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم‏}‏ ‏{‏فاعبد الله مخلصًا له الدين‏}‏ ‏{‏ألا لله الدين الخالص‏}‏ ‏{‏وجعلوا بينه وبين الجنة نسبًا ولقد علمت الجنة‏}‏ ‏{‏وقهم السيئات ومن تق السيئات‏}‏‏{‏لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات‏}‏ وإن كانا نكرتين فالثاني غير الأول غالبًا وإلا لكان المناسب هو التعريف بناء على كونه معهودًا سابقًا نحو ‏{‏الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعف وشيبه‏}‏ فإن المراد بالضعف الأول النطفة وبالثاني الطفولية وبالثالث الشيخوخة‏.‏

قال ابن الحاجب في قوله تعالى ‏{‏غدوها شهر ورواحها شهر‏}‏الفائدة في إعادة لفظ الشهر الإعلان بمقدار زمن الغدووزمن الرواح والألفاظ التي تأتي مبينة للمقادير لا يحصل فيها الإضمار ولوأضمر في الضمير إنما يكون لما تقدم باعتبار خصوصيته فإذا لم يكن له وجب العدول عن الضمير إلى الظاهر وقد اجتمع القسمان في قوله تعالى فإن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا فالعسر الثاني هو الأول واليسر الثاني غير الأول ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الآية لم يغلب عسر يسرين وإن كان الأول نكرة والثاني معرفة فالثاني هو الأول حملًا على العهد نحو أرسلنا إلى فرعون رسولًا فعصى فرعون الرسول فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة إلى صراط مستقيم صراط الله ‏{‏ما عليهم من سبيل إنما السبيل‏}‏ وإن كان الأول معرفة والثاني نكرة فلا يطلق القول بل يتوقف على القرائن فتارة تقوم قرينة على التغاير نحو ‏{‏ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة‏}‏ ‏{‏يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابًا‏}‏‏{‏ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى‏}‏ قال الزمخشري‏:‏ المراد جميع ما آتاه من الدين والمعجزات والشرائع وهدى الإرشاد‏.‏

وتارة تقوم قرينة على الاتحاد نحو ‏{‏ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنًا عربيًا‏}‏تنبيه قال الشيخ بهاء الدين في عروس الأفراح وغيره‏:‏ إن الظاهر أن هذه القاعدة غير محررة فإنها منتقضة بآيات كثيرة‏:‏ منها في القسم الأول ‏{‏هل جزاء الإحسان إلا الإحسان‏}‏فإنهما معرفتان‏.‏

والثاني غير الأول فإن الأول العمل والثاني الثواب ‏{‏إن النفس بالنفس‏}‏أي القاتلة بالمقتولة وكذا سائر الآية ‏{‏الحر بالحر‏}‏الآية ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏}‏ثم قال ‏{‏إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه‏}‏ فإن الأول آدم والثاني ولده ‏{‏وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به‏}‏فإن الأول القرآن والثاني التوراة والإنجيل‏.‏

ومنها في القسم الثاني ‏{‏وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله‏}‏ ‏{‏يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير‏}‏فإن الثاني فيهما هو الأول وهما نكرتان

ومنها في القسم الثالث ‏{‏أن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خير‏}‏ ‏{‏ويؤت كل ذي فضل فضله‏}‏ ‏{‏ويزدكم قوة إلى قوتكم‏}‏ ‏{‏ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم‏}‏ ‏{‏زدناهم عذابًا فوق العذاب‏}‏ ‏{‏وما يتبع أكثرهم إلا ظنًا إن الظن‏}‏فإن الثاني فيها غير الأول‏.‏

وأقول‏:‏ لا انتقاض بشيء من ذلك عند القائل فإن اللام في الإحسان للجنس فيما يظهر وحينئذ يكون في المعنى كالنكرة وكذا آية النفس والحر بخلاف آية العسر فإن أل فيها إما للعهد أوللاستغراق كما يفيده الحديث وكذا آية الظن لا نسلم أن الثاني فيها غير الأول بل هوعينه قطعًا إذ ليس كل ظن مذمومًا كيف وأحكام الشريعة ظنية وكذا آية الصلح لا مانع من أن يكون المراد منها الصلح المذكور وهوالذي بين الزوجين واستحباب الصلح في سائر الأمور مأخوذًا من السنة ومن الآية بطريق القياس بل هولا يجوز القول بعموم الآية وأن كل صلح خير لأن ما أحل حرامًا من الصلح أوحرم حلالًا فهوممنوع‏.‏

وكذا آية القتال ليس الثاني فيها عين الأول بلا شك لأن المراد بالأول المسؤول عنه القتال الذي وقع في سرية ابن الحضرمي سنة اثنين من الهجرة لأن سبب نزول الآية‏.‏

والمراد بالثاني جنس القتال لا ذاك بعينه‏.‏

وأما آية ‏{‏وهو الذي في السماء إله‏}‏فقد أجاب عنها الطيبي بأنها من باب التكرير لإفادة أمر زائد بدليل تكرير ذكر الرب في ما قبله من قوله ‏{‏سبحان رب السموات والأرض رب العرش‏}‏ ووجهه الإطناب في تنزيهه تعالى من نسبة الولد إليه وشرط القاعدة أن لا يقصد التكرير‏.‏وقد ذكر الشيخ بهاء الدين في آخر كلامه أن المراد بذكر الاسم مرتين كونه مذكورًا في كلام واحد أوكلامين بينهما تواصل بأن يكون أحدهما معطوفًا على الآخر وله به تعلق ظاهر وتناسب واضح وأن يكون من متكلم واحد ودفع بذلك إيراد آية القتال لأن الأول فيها محكي عن قول السائل والثاني محكي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏قاعدة في الإفراد والجمع من ذلك السماء والأرض حيث وقع في القرآن ذكر الأرض فإنها مفردة ولم تجمع بخلاف السموات لثقل جمعها وهوأرضون ولهذا لما أريد ذكر جميع الأرضين قال ومن الأرض مثلهن وأما السماء فذكرت تارة بصيغة الجمع وتارة بصيغة الإفراد لنكت تليق بذلك المحل كما أوضحته في أسرار التنزيل‏.‏

والحاصل أنه حيث أريد العدد أتى بصيغة الجمع الدالة على سعة العظمة والكثرة نحو ‏{‏سبح لله ما في السموات‏}‏ أي جميع سكانها على كثرتهم تسبح له السموات‏:‏ أي كل واحدة على اختلاف عددها قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله إذ المراد نفي علم الغيب عن كل من هوفي واحدة من السموات وحيث أريد الجهة أتى بصيغة الإفراد نحو ‏{‏وفي السماء رزقكم‏}‏ ‏{‏أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض‏}‏أي من فوقكم‏.‏

ومن ذلك الريح ذكرت مجموعة ومفردة فحيث ذكرت في سياق الرحمة جمعت أوفي سياق العذاب أفردت‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي بن كعب قال‏:‏ كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة وكل شيء فيه من الريح فهوعذاب ولهذا ورد في الحديث اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا‏.‏

وذكر في حكمة ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والهيئات والمنافع وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها فينشأ ريح من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات فكانت في الرحمة رياحًا‏.‏

وأما في العذاب فإنها تأتي من وجه واحد ولا معارض لها ولا دافع وقد خرج عن هذه القاعدة قوله تعالى في سورة يونس وجرين بهم بريح طيبة وذلك لوجهين‏:‏ لفظي وهوالمقابلة في قوله ‏{‏جاءتها ريح عاصف‏}‏ورب شيء يجوز في المقابلة ولا يجوز استقلالًا نحو ‏{‏ومكروا ومكر الله‏}‏‏.‏

ومعنوي وهوأن إتمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة ال تسير بريح واحدة من وجه واحد فإن اختلفت عليها الرياح كان سبب الهلاك والمطلوب هنا ريح واحدة ولهذا أكد هذا المعنى بوصفها بالطيب وعلى ذلك أيضًا جرى قوله ‏{‏إن يشأ يسكن الريح فيظلن رواكد‏}‏ وقال ابن المنير‏:‏ إنه على القاعدة لأن سكون الريح عذاب وشدة على أصحاب السفن‏.‏ومن ذلك إفراد النور وجمع الظلمات وإفراد سبيل الحق وجمع سبل الباطل في قوله تعالى ‏{‏ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله‏}‏لأن طريق الحق واحد وطريق الباطل متشعبة متعددة والظلمات بمنزلة طرق الباطل والنور بمنزلة طريق الحق بل هما هما ولهذا وحد ولي المؤمنين وجمع أولياء الكفار لتعددهم في قوله تعالى الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ومن ذلك إفراد النار حيث وقعت والجنة وقعت مجموعة ومفردة لأن الجنان مختلفة الأنواع فحسن جمعها والنار مادة واحدة ولأن الجنة رحمة والنار عذاب فناسب جمع الأولى وإفراد الثانية على حد الرياح والريح‏.‏

ومن ذلك إفراد السمع وجمع البصر لأن السمع غلب عليه المصدرية فأفرد بخلاف البصر فإنه اشتهر في الجارحة ولأن متعلق السمع الأصوات وهي حقيقة واحدة ومتعلق البصر الألوان والأكوان وهي حقائق مختلفة فأشار في كل منهما إلى متعلقه‏.‏

ومن ذلك إفراد الصديق وجمع الشافعين في قوله تعالى ‏{‏فما لنا من شافعين ولا صديق حميم‏}‏ وحكمته كثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ ألا ترى أن الرجل إذا امتحن بإرهاق ظالم نهضت جماعة وافرة من أهل بلده لشفاعته رحمة وإن لم يسبق له بأكثرهم معرفة وأما الصديق فأعز من بيض الأنوق‏.‏

ومن ذلك الألباب لم يقع إلا مجموعًا لأن مفرده ثقيل لفظًا‏.‏

ومن ذلك مجيء المشرق والمغرب بالإفراد والتثنية والجمع فحيث أفردا فاعتبارًا للجهة وحيث ثنيا فاعتبارًا لمشرق الصيف والشتاء ومغربهما وحيث جمعا فاعتبارًا لتعدد المطالع في كل فصل من فصلي السنة‏.‏

وأما وجه اختصاص كل موضع بما وقع فيه ففي سورة الرحمن وقع بالتثنية لأن سياق السورة سياق المزدوجين فإنه سبحانه وتعالى ذكر أولًا نوعي الإيجاد وهما الخلق والتعليم ثم ذكر سراجي الشمس والقمر ثم نوعي النبات ما كان على ساق وما لا ساق له وهما النجم والشجر ثم نوعي السماء والأرض ثم نوعي العدل والظلم ثم نوعي الخارج من الأرض وهما الحبوب والرياحين ثم نوعي المكلفين وهما الإنس والجان ثم نوعي المشرق والمغرب ثم نوعي البحر الملح والعذب فلهذا سن تثنية المشرق والمغرب في هذه السورة وجمعًا في قوله ‏{‏فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون‏}‏في سورة الصافات للدلالة على سعة القدرة والعظمة‏.‏

فائدة حيث ورد البار مجموعًا في صفة الآدميين قيل أبرار وفي صفة الملائكة قيل بررة ذكره الراغب‏.‏

ووجهه بأن الثاني أبلغ لأنه جمع بار وهوأبلغ من بر مفرد الأول وحيث ورد الأخ مجموعًا في النسب قيل إخوة وفي الصداقة قيل إخوان قاله ابن فارس وغيره‏.‏

وأورد عليه في الصداقة ‏{‏إنما المؤمنون أخوة‏}‏وفي النسب ‏{‏أو إخوانهن أو بني إخوانهن‏}‏ ‏{‏أو بيوت إخوانكم‏}‏‏.‏

فائدة ألف أبو الحسن الأخفش كتابًا في الإفراد والجمع ذكر فيه جميع ما وقع في القرآن مفردًا ومفرد ما وقع جمعًا وأكثره من الواضحات وهذه أمثلة من خفي ذلك‏:‏ المنّ لا واحد له‏.‏

السلوى لم يسمع له بواحد‏.‏

النصارى قيل جمع نصراني وقيل جمع نصير كنديم‏.‏

وقيل العوان جمعه عون‏.‏

الهدى لا واحد له‏.‏

الأعصار جمعه أعاصير‏.‏

الأنصار واحده نصير كشريف وأشراف‏.‏

الأزلام أحدها زلم ويقال زلم بالضم‏.‏

مدرارًا جمعه مدارير‏.‏

أساطير واحده أسطورة وقيل أسطار جمع سطر‏.‏

الصور جمع صورة وقيل واحد الأصوار‏.‏

فرادى جمع فرد‏.‏

قنوان جمع قنو وصنوان جمع صنو‏.‏

وليس في اللغة جمع ومثنى بصيغة واحدة إلا هذان ولفظ ثالث لم يقع في القرآن قاله ابن خالويه في كتاب ليس الحوايا جمع حاوية وقيل حاويًا‏.‏

نشرًا جمع نشور‏.‏

عضين وعزين جمع عض وعز‏.‏المثاني جمع مثنى‏.‏

تارة جمعها تارات وتيرًا‏.‏

يقاظا جمع يقظ‏.‏

الأرائك جمع أريكة سرى جمعه سريان كخصى وخصيان‏.‏

أناء الليل جمع أنا بالقصر كمعًا وقيل أني كقرد وقيل أنوة كفرقة‏.‏

الصياصي جمع صيصية‏.‏

منسأة جمع مناسي‏.‏

الحرور جمعه حرور بالضم‏.‏

غرابيب جمع غربيب‏.‏

أتراب جمع ترب‏.‏الألى جمع إلى كمعًا وقيل إلى كقفى وقيل إلي كقرد وقيل ألو‏.‏

التراقي جمع ترقوة بفتح أوله‏.‏

الأمشاج جمع مشيج‏.‏

ألفاف جمع لف بالكسر‏.‏

العشار جمع عشر‏.‏

الخنس جمع خانسة وكذا الكنس‏.‏

الزبانية جمع زبنية وقيل زابن وقيل زبان‏.‏

أشتاتًا جمع شت وشتيت‏.‏

أبابيل لا واحد له وقيل واحده أبول مثل عجول وقيل أبيل مثل أكليل‏.‏

فائدة ليس في القرآن من الألفاظ المعدولة إلا ألفاظ العدد مثنى وثلاث ورباع ومن غيرها طوى فيما ذكره الأخفش في الكتاب المذكور‏.‏

ومن الصفات آخر في قوله تعالى وآخر متشابهات قال الراغب وغيره‏:‏ وهي معدولة عن تقدير ما فيه الألف واللام ولس له نظير في كلامه فإن أفعل إما أن يذكر معه من لفظًا أوتقديرًا فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث وتحذف منه من فتدخل عليه الألف واللام ويثنى ويجمع وهذه اللفظة من بين أخواتها جوز فيها ذلك من غير الألف واللام‏.‏

وقال الكرماني في الآية المذكورة‏:‏ لا يمتنع كونها معدولة عن الألف واللام مع كونها وصفًا لنكرة لأن ذلك مقدر من وجه غير مقدر من وجه‏.‏قاعدة مقابلة الجمع بالجمع تارة تقتضي مقابلة كل فرد من هذا بكل فرد من هذا كقوله ‏{‏واستغشوا ثيابهم‏}‏أي استغشى كل منهم ثوبه ‏{‏حرمت عليكم أمهاتكم‏}‏أي على كل من المخاطبين أمه ‏{‏يوصيكم الله في أولادكم‏}‏أي كلا في أولاده ‏{‏والوالدات يرضعن أولادهن‏}‏أي كل واحدة ترضع ولدها وتارة يقتضي ثبوت الجمع لكل فرد من أفراد المحكوم عليه نحو ‏{‏فاجلدوهم ثمانين جلدة‏}‏وجعل منه الشيخ عز الدين ‏{‏وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات‏}‏وتارة يحتمل الأمرين فيحتاج إلى دليل يعين أحدهما وأما مقابلة الجمع بالمفرد فالغالب أ لا يقتضي تعميم المفرد وقد يقتضيه كما في قوله تعالى ‏{‏وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين‏}‏المعنى‏:‏ على كل واحد لكل يوم طعام مسكين ‏{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة‏}‏لأن على كل واحد منهم ذلك‏:‏ قاعدة في الألفاظ التي يظن بها الترادف وليست منه من ذلك والخشية لا يكاد اللغوي يفرق بينهما ولا شك أن الخشية أعلى منه وهي أشد الخوف فإنها مأخوذة من قولهم شجرة خشية‏:‏ أي يابسة وهوفوات بالكلية والخوف من ناقة خوفًا‏:‏ أي داء وهونقص وليس بفوات ولذلك خصت الخشية بالله في قوله تعالى يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب وفرق بينهما أيضًا بأن الخشية تكون من عظم المختشي وإن كان الخاشي قويًا والخوف يكون من ضعف الخائف وإن كان المخوف أمرًا يسيرًا ويدل لذلك أن الخاء والشين والباء في تقاليبها تدل على العظمة نحوشيخ للسيد الكبير وخيش لما غلظ من اللباس ولذا وردت الخشية غالبًا في حق الله تعالى نحو ‏{‏من خشية الله‏}‏ ‏{‏إنما يخشى الله من عباده العلماء‏}‏وأما ‏{‏يخافون ربهم من فوقهم‏}‏ففيه لطيفة فإنه في وصف الملائكة ولما ذكرتهم وشدة خلقهم عبر عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظًا شدادًا فهم بين يديه تعالى ضعفاء ثم أردعه بالفوقية الدالة على العظمة فجمع بين الأمرين ولما كان ضعف البشر معلومًا لم يحتج إلى التنبيه عليه‏.‏

ومن ذلك الشح والبخل والشح هوأشد البخل‏.‏

قال الراغب‏:‏ الشح بخل مع حرص‏.‏

وفرق العسكري بين البخل والضن بأن الضن أصله أن يكون بالعواري والبخل بالهبات ولهذا يقال هوضنين بعلمه ز لا يقال بخيل لأن العلم بالعارية أشبه منه بالهبة لأن الواهب إذا وهب شيئًا خرج عن ملكه بخلاف العارية ولهذا قال تعالى وما هوعلى الغيب بضنين ولم يقل ببخيل‏.‏

ومن ذلك السبيل والطريق والأول أغلب وقوعًا في الخير ولا يكاد اسم الطريق يراد به الخير إلا مقترنًا بوصف أوإضافة تخلصه لذلك كقوله ‏{‏يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم‏}‏‏.‏

وقال الراغب‏:‏ السبيل‏:‏ الطريق التي فيها سهولة فهوأخص‏.‏

ومن ذلك جاء وأتى‏.‏

فالأول يقال في الجواهر والأعيان والثاني في المعاني والأزمان ولهذا ورد جاء في قوله ‏{‏ولمن جاء به حمل بعير‏}‏ ‏{‏وجاءوا على قميصه بدم كذب‏}‏ وجيء يومئذ بجهنم وأتى في أتى أمر الله أتاها أمرنا وأما وجاء ربك أي أمره فإن المراد به أهوال القيامة المشاهدة وكذا جاء أجلهم لأن الأجل كالمشاهد ولهذا عبر عنه بالحضور في قولهم حضرة الموت ولهذا فرق بينهما في قوله ‏{‏جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق لأن الأول العذاب وهومشاهد مرئي بخلاف الحق‏.‏وقال الراغب‏:‏ الإتيان مجيء بسهولة فهوأخص من مطلق المجيء‏.‏

قال‏:‏ ومنه قيل للسائل المار على وجهه أتى وأتاوي‏.‏ومن ذلك مد وأمد‏.‏

قال الراغب‏:‏ أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب نحو وأمددناهم بفاكهة والمد في المكروه نحو ونمد له من العذاب مدًا ومن ذلك سقى وأسقي فالأول لما لا كلفة فيه ولهذا ذكر في شراب الجنة نحو وسقاهم ربهم شرابًا والثاني لما فيه كلفة ولهذا ذكر في ماء الدنيا نحو لأسقيناهم ماء غدقًا‏.‏

وقال الراغب‏:‏ الإسقاء أبلغ من السقي لأن الإسقاء أ تجعل له ما يسقي منه ويشرب والسقي أن تعطيه ما يشرب‏.‏

ومن ذلك عمل وفعل فالأول لما كان مع امتداد زمان نحو يعملون له ما يشاء مما عملت أيدينا لأن خلق الأنعام والثمار والزروع بامتداد‏.‏

والثاني بخلافه نحو كيف فعل ربك بأصحاب الفيل كيف فعل ربك بعاد كيف فعلنا بهم لأنها إهلاكات وقعت ن غير بطء ويفعلون ما يؤمرون أي في طرفة عين ولهذا عبر بالأول في قوله ‏{‏وعملوا الصالحات‏}‏حيث كان المقصود المثابرة عليها لا الإتيان بها مرة أوبسرعة‏.‏وبالثاني في قوله ‏{‏وافعلوا الخير‏}‏حيث كان بمعنى سارعوا كما قال فاستبقوا الخيرات وقوله ‏{‏والذين هم للزكاة فاعلون‏}‏حيث كان القصد يأتون بها على شرعة من غير توان‏.‏

ومن ذلك القعود والجلوس فالأول لما فيه لبث بخلاف الثاني ولهذا يقال قواعد البيت ولا يقال جوالسه للزومها ولبثها‏.‏

ويقال جليس الملك ولا يقال قعيده لأن مجالس الملوك يستحب فيها التخفيف ولهذا استعمل الأول في قوله ‏{‏مقعد صدق‏}‏للإشارة إلى أنه لا زوال له بخلاف تفسحوا في المجلس لأنه يجلس فيه زمانًا يسيرًا‏.‏

ومن ذلك التمام والكمال وقد اجتمعا في قوله ‏{‏أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي‏}‏فقيل الإتمام لإزالة نقصان الأصل والإكمال لإزالة نقصان العوارض بعد تمام الأصل ولهذا كان قوله ‏{‏تلك عشرة كاملة‏}‏أحسن من تامة فإن التمام من العدد قد علم وإنما نفي احتمال نقص في صفاتها‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:06

تابع النوع الثاني والأربعون في قواعد مهمة يحتاج المفسر إلى معرفتها

وقيل تم بحصول نقص قبله وكمل لا يشعر بذلك‏.‏

وقال العسكري‏:‏ الكمال اسم لاجتماع أبعاض الموصوف به والتمام اسم للجزء الذي يتم به الموصوف ولهذا يقال‏:‏ القافية تمام البيت ولا يقال كماله ويقولون البيت بكماله‏:‏ أي باجتماعه‏.‏

ومن ذلك الإعطاء والإيتاء‏.‏

قال الجويني‏:‏ لا يكاد اللغويون يفرقون بينهما فظهر لي بينهما فرق ينبئ عن بلاغة كتاب الله تعالى وهوأن الإيتاء أقوى من الإعطاء في إثبات مفعوله لأن الإعطاء له مطاوع تقول أعطاني فعطوت ولا يقال في الإيتاء أتاني فأتيت وإنما يقال فأخذت فالفعل الذي له مطاوع أضعف في إثبات مفعوله من الفعل الذي لا مطاوع له لأنك تقول قطعته فانقطع فيدل على أن فعل الفاعل كان موقوفًا على قبول في المحل لولاه ما ثبت المفعول ولهذا يصح قطعته فما انقطع ولا يصح فيما لا مطاوع له ذلك فلا يجوز ضربته فانضرب أوفما انضرب ولا قتلته فانقتل ولا فما انقتل لأن هذه أفعال إذا صدرت من الفاعل ثبت لها المفعول في المحل والفاعل مستقل بالأفعال التي لا مطاوع لها فالإيتاء أقوى من الإعطاء‏.‏

قال‏:‏ وقد تفكرت في مواضع من القرآن فوجدت ذلك مراعي قال تعالى تؤتى الملك من تشاء لان الملك شيء عظيم لا يعطاه إلا من له قوة وكذا يؤتي الحكمة من يشاء آتيناك سبعًا من المثاني لعظم القرآن وشأنه‏.‏

وقال إنا أعطيناك الكوثر لأنه مورود في الموقف مرتحل عنه قريب إلى منازل العز في الجنة فعبر فيه بالإعطاء لأنه يترك عن قرب وينتقل إلى ما هوأعظم منه وكذا يعطيك ربك فترضى لما فيه من تكرير الإعطاء والزيادة إلى أن يرضى كل الرضا وهومفسر أيضًا بالشفاعة وهي نظير الكوثر في الانتقال بعد قضاء الحاجة منه وكذا أعطى كل شيء خلقه لتكرر حدوث ذلك باعتبار الموجودات حتى يعطوا الجزية لأنها موقوفة على قبول منا وإنما يعطونها عن كره‏.‏

فائدة قال الراغب‏:‏ خص دفع الصدقة في القرآن بالإيتاء نحو أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقام الصلاة وآتى الزكاة قال‏:‏ وكل موضع ذكر في وصف الكتاب أتينا فهوأبلغ من كل موضع ذكر فيه أتوا لأن أتوا قد يقال إذا أوتي من لم يكن منه قبول وأتيناهم يقال فيمن كان منه قبول‏.‏

ومن ذلك السنة والعام قال الراغب‏:‏ الغالب استعمال السنة في الحول الذي فيه الشدة والجدب ولهذا يعبر عن الجدب بالستة والعام ما فيه الرخاء والخصب وبهذا تظهر النكتة في قوله ‏{‏ألف سنة إلا خمسين عامًا‏}‏حيث عبر عن المستثنى بالعام وعن المستثنى منه بالسنة‏.‏قاعدة في السؤال والجواب الأصل في الجواب أن يكون مطابقًا لسؤال إذا كان السؤال متوجهًا وقد يعدل في الجواب عما يقتضيه السؤال تنبيهًا على أنه كان من حق السؤال أن يكون كذلك يسميه السكاكي الأسلوب الحكيم‏.‏

وقد يجيء الجواب أعم من السؤال للحاجة إليه في السؤال وقد يجيء أنقص لاقتضاء الحال ذلك‏.‏

مثال ما عدل عنه قوله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج سألوا عن الهلال لم يبدودقيقا مثل الخيط ثم يتزايد قليلًا قليلًا حتى يمتلئ ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا فأجيبوا ببيان حكمة ذلك تنبهًا على أن الأهم السؤال عن ذلك لا ما سألوا عنه كذا قال السكاكي ومتابعوه‏.‏

واسترسل التفتازاني في الكلام إلى أن قال‏:‏ لأنهم ليسوا من يطلع على دقائق الهيئة بسهولة‏.‏

وأقول‏:‏ ليت شعري من أين لهم أ السؤال وقع عن غير ما حصل الجواب به وما المانع من أن يكون إنما وقع عن حكمة ذلك ليعلموها فإن نظم الآية محتمل لذلك كما أنه يحتمل لما قالوه‏.‏

والجواب ببيان الحكمة دليل على ترجيح الاحتمال الذي قلناه وقرينة ترشد إلى ذلك إذ الأصل في الجواب المطابقة للسؤال والخروج عن الأصل يحتاج إلى دليل ولم يرد بإسناد لا صحيح ولا غيره أن السؤال وقع على ما ذكروه بل ورد ما يؤيد ما قلناه‏.‏

فأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال بلغنا انهم قالوا‏:‏ يا رسول الله لم خلقت الأهلة فأنزل الله يسألونك عن الأهلة‏.‏

فهذا صريح في أنهم سألوا عن حكمة ذلك لا عن كيفيته من جهة الهيئة ولا يظن ذودين بالصحابة الذين هم أدق فهمًا وأغزر علمًا أنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة وقد اطلع عليها آحاد العجم الذين أطبق الناس على أنهم أذهانًا من العرب بكثير هذا لوكان للهيئة أصل يعتبر فكيف وأكثرها فاسد لا دليل علي وقد صنفت كتابًا في نقض أكثر مسائلها بالأدلة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي صعد إلى السماء ورآها عيانًا وعلم ما حوته من عجائب الملكوت بالمشاهدة وأتاه الوحي من خالقها ولوكان السؤال وقع عما ذكروه لم يمتنع أن يجابوا عنه بلفظ يصل إلى إفهامهم كما وقع ذلك لما سألوا عن المجرة وغيرها من الملكوتيات‏.‏

نعم المثال الصحيح لهذا القسم جواب موسى لفرعون حيث قال وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما لأن ما سؤال عن الماهية والجنس ولما كان هذا السؤال في حق الباري سبحانه وتعالى خطأ لأنه لا جنس له فيذكر ولا تدرك ذاته عدل إلى الجواب بالصواب ببيان الوصف المرشد إلى معرفته ولهذا تعجب فرعون من عدم مطابقته للسؤال فقال لمن حوله ألا تستمعون أي جوابه الذي لم يطابق السؤال فأجاب موسى بقوله ‏{‏ربكم ورب آبائكم الأولين‏}‏المتضمن إبطال ما يعتقدونه من ربوبية فرعون نصًا وإن كان دخل في الأول ضمنًا إغلاظًا فزاد فرعون في الاستهزاء فلما رآهم موسى لم يتفطنوا أغلظ في الثالث بقوله ‏{‏إن كنتم تعلقون‏}‏‏.‏

ومثال الزيادة في الجواب قوله تعالى الله ينجيكم منها ومن كل كرب في جواب من ينجيكم من زلمات البر والبحر وقول موسى هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي في جواب وما تلك بيمينك يا موسى زاد في الجواب استلذاذًا بخطاب الله تعالى وقول قوم إبراهيم نعبد أصنامًا فنظل لها عاكفين في جواب ما يعبدون زادوا في الجواب إظهارًا للابتهاج بعبادتها والاستمرار على مواظبتها ليزداد غيظ السائل‏.‏

ومثال النقص منه قوله تعالى قل ما يكون لي أن أبدله في جواب أئت بقرآن غير هذا أوبدله‏.‏

أجاب عن التبديل دون الاختراع‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ لأن التبديل في إمكان البشر دون الاختراع فطوى ذكره للتنبيه علة أنه سؤال محال‏.‏

وقال غيره‏:‏ التبديل أسهل من الاختراع وقد نفى إمكانه فالاختراع أولى‏.‏

تنبيه قد يعدل عن الجواب أصلًا إذا كان السائل قصده التعنت نحو ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي قال صاحب الإفصاح‏:‏ إنما سأل اليهود تعجيزًا وتغليظًا إذ كان الروح يقال بالاشتراك على روح الإنسان والقرآن وعيسى وجبريل وملك آخر وصنف من الملائكة فقصد اليهود أن يسألوه فأي مسمى أجابهم قالوا هو فجاءهم الجواب مجملًا وكان هذا الإجمال كيدًا به كيدهم‏.‏

قاعدة قيل أصل الجواب أن يعاد فيه نفس السؤال ليكون وفقه نحو أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف فأنا في جوابه هوأنت في سؤالهم وكذا أأقرتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا فهذا أصله ثم إنهم أتوا عوض ذلك بحروف الجواب اختصارًا وتركا للتكرار وقد يحذف السؤال يقة بفهم السامع بتقدير نحو هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤ الخلق ثم يعيده فإنه لا يستقيم أن يكون السؤال والجواب من واحد فتعين أن يكون قل الله جواب قاعدة الأصل في الجواب أن يكون مشاكلًا للسؤال فإن كل جملة اسمية فينبغي أن يكون الجواب كذلك ويجيء كذلك في الجواب المقدر إلا أن ابن مالك قال في قولك زيد في جواب من قرأ أنه من باب حذف الفعل على جعل الجواب جملة فعلية‏:‏ قال‏:‏ وإنما قدرته كذلك لا مبتدأ مع احتماله جريًا على عادتهم في الأجوبة إذا قصدوا تمامها قال تعالى من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز ماذا أحل قل أحل لكم الطيبات فلما أتى بالفعلية مع فوات مشاكلة السؤال علم أن تقدير الفعل أولًا أولى أه‏.‏

وقال ابن الزملكاني في البرهان‏:‏ أطلق النحويون القول بأن زيد في جواب من قام فاعل على تقدير قام زيد والذي توجبه صناعة علم البيان أنه مبتدأ لوجهين‏.‏

أحدهما أنه يطابق الجملة المسئول بها في الاسمية كما وقع التطابق في قوله ‏{‏وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا‏}‏ في الفعلية وإنما لم يقع التطابق في قوله ‏{‏ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين‏}‏لأنهم لوطابقوا لكانوا مقربين بالإنزال وهم من الإذعان به على مفاوز‏.‏

الثاني‏:‏ أن اللبس لم يقع عند السائل إلا فيمن فعل الفعل فوجب أن يتقدم الفاعل في المعنى لأنه متعلق غرض السائل‏.‏

وأما الفعل فمعلوم عنده ولا حاجة به إلى السؤال عنه فجرى أن يقع في الأواخر التي هي محل التكملات والفضلات‏.‏

وأشكل على هذا بل فعله كبيرهم في جواب أأنت فعلت هذا فإن السؤال وقع عن الفاعل لا عن الفعل فإنهم لا يستفهموه عن الكسر بل عن الكاسر ومع ذلك صدر الجواب بالفعل‏.‏

وأجيب بأن الجواب مقدر دل عليه السياق إذ بل لا تصلح أن يصدر بها الكلام والتقدير‏:‏ ما فعلته بل فعله‏.‏

قال الشيخ عبد القاهر‏:‏ حيث كان السؤال ملفوظًا به فالأكثر ترك الفعل في الجواب والاقتصار على الاسم وحده وحيث كان مضمرًا فالأكثر التصريح به لضعف الدلالة عليه ومن غير الأكثر يسبح له فيها بالغدووالآصال رجال في قراءة البناء للمفعول‏.‏

ائدة أخرج البزار عن ابن عباس قال‏:‏ ما رأيت قومًا خيرًا من أصحاب محمد ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسئلة كلها في القرآن‏.‏

وأورده الغمام الرازي بلفظ أربعة عشر حرفًا وقال‏:‏ منها ثمانية في البقرة وإذا سالك عبادي عني فإني قريب يسألونك عن الأهلة يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم يسألونك عن الشهر الحرام يسألونك عن الخمر والميسر ويسألونك عن اليتامى ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ويسألونك عن المحيض قال‏:‏ والتاسع يسألونك ماذا أحل لهم في المائدة‏.‏

والعاشر يسالونك عن الأنفال والحادي عشر يسألونك عن الساعة والثاني عشر ويسألونك عن الجبال والثالث عشر ويسألونك عن الروح والرابع عشر ويسألونك عن ذي القرنين قلت‏:‏ السائل عن الروح وعن ذي القرنين مشركومكة واليهود كما في أسباب النزول لا الصحابة فالخالص اثنا عشر كما صحت به الرواية‏.‏

فائدة قال الراغب‏:‏ السؤال إذا كان للتعريف تعدي إلى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بعن وهوأكثر نحو ويسألونك عن الروح وإذا كان الاستدعاء مال فإنه يعدي بنفسه أوبمن وبنفسه أكثر نحو وإذا سألتموهم متاعًا فاسألوهن من وراء الحجاب واسألوا ما أنفقتم واسألوا الله من فضله‏.‏

قاعدة في الخطاب بالاسم والخطاب بالفعل الاسم يدل على الثبوت والاستمرار والفعل يدل على التجدد والحدوث ولا يحسن وضع أحدهما موضع الآخر فمن ذلك قوله تعالى وكلبهم باسط ذراعيه لوقيل يبسط لم يفد الغرض لأنه يؤذن بمزاولة الكلب بالبسط وأنه يتجدد له شيئًا بعد شيء فباسط أشعر بثبوت الصفة‏.‏

وقوله ‏{‏هل من خالق غير الله يرزقكم‏}‏لوقيل رازقكم لفات ما أفاده الفعل من تجدد الرزق شيئًا بعد شيء ولهذا جاءت الحال في صورة المضارع مع أن العامل الذي يفيده ماض نحو ‏{‏وجاءوا أباهم عشاء يبكون‏}‏إذ المراد أن يفيد الصورة ما هم عليه وقت المجيء وأنهم آخذون في البكاء يجددونه شيئًا بعد شيء وهوالمسمى حكاية الحال الماضية وهذا هوسر الإعراض عن اسم الفاعل والمفعول ولهذا أيضًا عبر بالذين ينفقون ولم يقل المنفقون كما قيل المؤمنون والمتقون لأن النفقة أمر فعلي شأنه الانقطاع والتجدد بخلاف الإيمان فإن له حقيقة تقوم بالقلب يدوم مقتضاها وكذلك التقوي والإسلام والصبر والشكر والهدى والعمى والضلالة والبصر كلها لها مسميات حقيقية ومجازية تستمر وآثار تتجدد وتنقطع فجاءت بالاستعمالين‏.‏

وقال تعالى في سورة الأنعام ‏{‏يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي‏}‏قال الإمام فخر الدين‏:‏ لما كان الاعتناء بشأن إخراج الحي من الميت أشد أتى فيه بالمضارع ليدل على التجدد كما في قوله ‏{‏الله يستهزئ بهم‏}‏‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:07

تابع النوع الثاني والأربعون في قواعد مهمة يحتاج المفسر إلى معرفتها

تنبيهات‏:‏

الأول المراد بالتجدد في الماضي الحصول وفي المضارع أن من شأنه أن يتكرر ويقع مرة بعد أخرى وصرح بذلك جماعة منهم الزمخشري في قوله ‏{‏الله يستهزئ بهم‏}‏قال الشيخ بهاء الدين السبكي‏:‏ وبهذا يتضح الجواب عما أورد من نحو علم الله كذا فإن علم الله لا يتجدد وكذا سائر الصفات الدائمة التي يستعمل فيها الفعل وجوابه أن معنى علم الله كذا وقد علمه في الزمن الماضي ولا يلزم أنه لم يكن قبل ذلك فإن العلم في زمن ماض أعم من المستمر على الدوام قبل ذلك الزمن وبعده وغيره ولهذا قال تعالى حكاية عن إبراهيم الذي خلقني فهويهدين الآيات فأتى في بالماضي في الخلق لأنه مفروغ منه وبالمضارع في الهداية والإطعام والإسقاء والشفاء لأنها متكررة متجددة تقع مرة بعد أخرى‏.‏

الثاني مضمر الفعل فيما ذكر كمظهره ولهذا قالوا إن سلام الخليل أبلغ من سلام الملائكة حيث قالوا سلامًا قال سلام فإن نصب سلامًا إنما يكون على إرادة الفعل‏:‏ أي سلمنا سلامًا وهذه العبارة مؤذنة بحدوث التسليم منهم إذ الفعل متأخرة عن وجود الفاعل بخلاف سلام إبراهيم فإنه مرتفع بالابتداء فاقتضى الثبوت على الإطلاق وهوأولى مما يعرض له الثبوت فكأنه قصد أن يحييهم بأحسن ما حيوه به‏.‏

الثالث ما ذكرناه من دلالة الاسم على الثبوت والفعل على التجدد والحدوث هو المشهور عن أهل البيان وقد أنكره أبو المطرف بن عميرة في كتاب التمويهات على التبيان لابن الزملكاني وقال‏:‏ إنه غريب لا مستند له فإن الاسم إنما يدل على معناه فقط وأما كونه يثبت المعنى للشيء فلا ثم أورد قوله تعالى ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون وقولهم إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون وقال ابن المنير‏:‏ طريق العربية تلوين الكلام ومجيء الفعلية تارة والاسمية أخرى من غير تكلف لما ذكره وقد رأينا الجملة الفعلية تصدر من الأقوياء الخلص اعتمادًا على أن المقصود حاصل بدون التأكيد نحو ربنا آمنا ولا شيء بعد آمن الرسول وقد جاء التأكيد في كلام المنافقين فقالوا إنما نحن مصلحون‏.‏

قاعدة في المصدر قال ابن عطية‏:‏ سبيل الواجبات الإتيان بالمصدر مرفوعًا كقوله تعالى فإمساك بمعروف أوتسريح بإحسان فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان وسبيل المندربات الإتيان به منصوبًا كقوله تعالى فضرب الرقاب ولهذا اختلفوا هل كانت الوصية للزوجات واجبة لاختلاف القراءة في قوله ‏{‏وصية لأزواجهم‏}‏بالرفع والنصب‏.‏

قال أبوحيان‏:‏ والأصل في هذه التفرقة قوله تعالى قالوا سلامًا قال سلام فإن الأول مندوب والثاني واجب‏.‏

والنكتة في ذلك أن الجملة الاسمية أثبت وآكد من الفعلية‏.‏

قاعدة في العطف هوثلاثة أقسام‏:‏ عطف على اللفظ وهوالأصل وشرطه إمكان توجه العامل إلى المعطوف‏.‏

وعطف على المحل وله ثلاثة شروط‏:‏ أحدها إمكان ظهور ذلك المحل في الصحيح فلا يجوز مررت بزيد وعمرو إلا أنه لا يجوز مررت زيدًا الثاني أن يكون الموضع بحق الأصالة فلا يجوز هذا الضارب زيدًا وأخيه لان الوصف المستوفي لشروط العمل الأصل إعماله لا إضافته الثالث وجود المحرز‏:‏ أي الطالب لذلك المحل فلا يجوز أن زيدًا وعمروقاعدان لأن الطالب لرفع عمروهوالابتداء وهوقد زال بدخول إن وخالف في هذا الشرط الكسائي مستدلًا بقوله ‏{‏إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون‏}‏الآية‏.‏

وأجيب بأن خبر فيها محذوف‏:‏ أي مأجورون أوآمنون ولا يختص مراعاة الموضع بأن يكون العامل في اللفظ زائدًا وقد أجاز الفارسي في قوله ‏{‏وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة‏}‏إن يوم القيامة عطف على محل هذه‏.‏

وعطف على التوهم نحو‏:‏ ليس زيد قائمًا ولا قاعد بالخفض على توهم دخول الباء في الخبر وشرط جوازه حصة دخول ذلك العامل المتوهم وشرط حسنه كثرة دخوله هناك وقد وقع هذا العطف في المجرور في قول زهير‏:‏ بدا لي أني لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئًا إذا كان جائيًا وفي المجزوم في قراءة غير أبي عمرو لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن خرجه الخليل وسيبويه على أنه عطف على التوهم لأن معنى لولا أخرتني فأصدق ومعنى أخرني أصدق واحد‏.‏

وقراءة قنبل إنه من يتقي ويصبر خرجه الفارسي عليه لأن من الموصولة فيها معنى الشرط‏.‏

وفي المنصوب في قراءة حمزة وابن عامر ومن وراء إسحق يعقوب بفتح الباء لأنه على معنى ووهبنا له إسحق ومن وراء إسحق يعقوب‏.‏

وقال بعضهم في قوله تعالى وحفظً من كل شيطان أنه عطف على معنى إنا زينا السماء الدنيا وهو‏:‏ إنا خلقنا الكواكب في السماء الدنيا زينة للسماء‏.‏

وقال بعضهم في قراءة ودوا لوتدهن فيدهنون أنه على معنى أن تدهن‏.‏

وقيل في قراءة حفص {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع} بالنصب أنه عطف على معنى لعلى أن ابلغ لأن خبر لعل يقترن بأن كثيرًا‏.‏

وقيل في قوله تعالى ومن آياته أن يرسك الرياح مبشرات وليذيقكم أنه على تقدير ليبشركم ويذيقكم‏.‏

تنبيه ظن ابن مالك أن المراد بالتوهم الغلط وليس كذلك كما نبه عليه أبوحيان وابن هشام بل هومقصد صواب‏.‏

والمراد أنه عطف على المعنى‏:‏ أي جوز العربي في ذهنه ملاحظة ذلك المعنى في المعطوف عليه فعطف ملاحظًا له لا أنه غلط في ذلك ولهذا كان الأدب أن يقال في مثل ذلك في القرآن أنه عطف على المعنى‏.‏

مسئلة اختلف في جواز عطف الخبر على الإنشاء وعكسه فمنعه البيانيون وابن عصفور ونقله عن الأكثرين وأجازه الصفار وجماعة مستدلين بقوله تعالى وبشر الذين آمنوا في سورة البقرة وبشر المؤمنين في سورة الصف‏.‏

وقال الزمخشري‏:‏ في الأولى ليس المعتمد بالعطف الأمر حتى يطلب له مشاكل بل المراد عطف جملة ثواب المؤمنين على جملة ثواب الكافرين‏.‏

وفي الثانية أن العطف على تؤمنون لأنه بمعنى آمنوا ورد بأن الخطاب به للمؤمنين ويبشر للنبي صلى الله عليه وسلم وبأن الظاهر في تؤمنون أنه تفسير للتجارة لا طلب‏.‏

وقال السكاكي‏:‏ الأمران معطوفان على قل مقدرة قبل يا أيها وحذف القول كثير‏.‏

مسئلة اختلف في جواز عطف الاسمية على الفعلية وعكسه فالجمهور على الجواز وبعضهم على المنع وقد لهج به الرازي في تفسيره كثيرًا ورد به على الحنفية قائلين بتحريم أكل متروك التسمية آخذًا من قوله تعالى ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق فقال هي حجة للجواز لا للتحريم وذلك أن الواوليست عاطفة لتخالف الجملتين بالاسمية والفعلية ولا للاستئناف لأن أصل الواوأن تربط ما بعدها بما قبلها فبقي أن تكون للحال فتكون جملة الحال مفيدة للنهي والمعنى‏:‏ لا تأكلوا منه في حال كونه فسقًا ومفهومه جواز الأكل إذا لم يكن فسقًا‏.‏

والفسق قد فسره الله تعالى بقوله تعالى أوفسقًا أهل غير الله به فالمعنى‏:‏ لا تأكلوا منه إذا سمي عليه غير الله ومفهومه‏:‏ فكلوا منه إذا يسم عليه غير الله تعالى أه‏.‏

قال ابن هشام‏:‏ ولوبطل العطف تخالف الجملتين بالإنشاء والخبر لكان صوابًا‏.‏

مسئلة اختلف في جواز العطف على معمولي عاملين فالمشهور عن سيبويه المنع وبه قال المبرد وابن السراج وهشام وجوزه الأخفش والكسائي والفراء والزجاج وخرج عليه قوله تعالى إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون فيمن نصب الآيات الأخيرة‏.‏

مسئلة اختلف في جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار فجمهور البصريين على المنع وبعضهم والكوفيون على الجواز وخرج عليه قراءة حمزة واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام وقال أبوحيان في قوله تعالى وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام أن المسجد معطوف على ضمير به وإن لم يعد الجار‏.‏

قال‏:‏ والذي نختاره جواز ذلك لوروده في بسم الله الرحمن الرحيم

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:10

النوع الثالث والأربعون في المحكم والمتشابه

قال تعالى هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات وقد حكى ابن حبيب النيسابوري في المسئلة ثلاثة أقوال‏.‏

أحدها‏:‏ أن القرآن كله محكم لقوله تعالى كتاب أحكمت آياته‏.‏

الثاني‏:‏ كله متشابه لقوله تعالى كتابًا متشابهًا مثاني‏.‏

الثالث وهوالصحيح‏:‏ انقسامه إلى محكم ومتشابه للآية المصدر بها‏.‏

والجواب عن الآيتين أن المراد بإحكامه إتقانه وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه وبتشابهه كونه يشبه بعضه بعضًا في الحق والصدق والإعجاز‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الآية لا تدل على الحصر في شيئين إذ ليس فيها شيء من طرقه وقد قال تعالى لتبين للناس ما نزل إليهم والمحكم لا تتوقف معرفته على البيان والمتشابه لا يرجى بيانه‏.‏

وقد اختلف في تعيين المحكم والمتشابه على أقوال‏.‏

فقيل‏:‏ المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل‏.‏

والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور‏.‏

وقيل‏:‏ المحكم ما وضح معناه والمتشابه نقيضه‏.‏

وقيل‏:‏ المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجهًا واحدًا والمتشابه ما احتمل أوجهًا‏.‏

وقيل‏:‏ المحكم ما كان معقول المعنى والمتشابه بخلافه كأعداد الصلوات واختصاص الصيام برمضان دون شعبان قاله الماوردي‏.‏

وقيل‏:‏ المحكم ما استقل بنفسه والمتشابه ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره‏.‏

وقيل‏:‏ المحكم ما تأويله تنزيله والمتشابه ما لا يدرك إلا بالتأويل‏.‏

وقيل‏:‏ المحكم ما لم تكرر ألفاظه ومقابلة المتشابه‏.‏

وقيل‏:‏ المحكم الفرائض والوعد والوعيد والمتشابه القصص والأمثال‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال‏:‏ المحكمات ناسخة وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به والمتشابهات منسوخه ومقدمه ومؤخرة وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به‏.‏

وأخرج الفريابي عن مجاهد قال‏:‏ المحكمات ما فيه الحلال والحرام وما سوى ذلك منه متشابه يصدق بعضه بعضًا‏.‏

واخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال‏:‏ المحكمات هي أوامره الزاجرة‏.‏

وأخرج عن إسحاق بن سويد أن يحيي ابن يعمر وأبا فاختة تراجعا في هذه الآية فقال أبوفاختة‏:‏ فواتح السور وقال يحيى‏:‏ الفرائض والأمر النهي والحلال‏.‏

وأخرج الحاكم وغيره عن ابن عباس قال‏:‏ الثلاث آيات من آخر سورة الأنعام محكمات قل تعالوا والآيتان بعدها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس في قوله تعالى فيه آيات محكمات قال‏:‏ من ها هنا قل تعالوا إلى ثلاث آيات ومن ها هنا وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه إلى ثلاث آيات بعدها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال‏:‏ المحكمات ما لم ينسخ منه والمتشابهات ما قد نسخ‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ المتشابهات فيما بلغن ألم والمص والمر والر‏.‏

قال ابن أبي حاتم‏:‏ وقد روى عن عكرمة وقتادة وغيرهما أن المحكم الذي يعمل به والمتشابه الذي يؤمن به ولا يعمل به‏.‏

فصل اختلف‏:‏ هل المتشابه مما يمكن الاطلاع على علمه أولا يعلمه إلا الله على قولين منشؤهما الاختلاف في قوله ‏{‏والراسخون في العلم‏}‏هل هومعطوف ويقولون حال أومبتدأ خبره يقولون والواو للاستئناف‏.‏

وعلى الأول طائفة يسيرة منه مجاهد وهورواية عن ابن عباس‏.‏

فأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله ‏{‏وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم‏}‏قال‏:‏ إنا مما يعلم تأويله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ‏{‏والراسخون في العلم‏}‏قال‏:‏ يعلمون تأويله ويقولون آمنا به‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال الراسخون في العلم يعلمون تأويله لولم يعلموا تأويله لم يعلموا ناسخه من منسوخه ولا حلاله من حرامه ولا محكمه من متشابهه‏.‏

واختار هذا القول النووي فقال في شرح مسلم إنه الأصح لأنه يبعد أن يخاطب الله عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته‏.‏

وقال ابن الحاجب‏:‏ إنه الظاهر‏.‏

وأما الأكثرون من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم خصوصًا أهل السنة فذهبوا إلى الثاني وهواصح الروايات عن ابن عباس‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ لم يذهب إلى القول الأول إلا شرذمة قليلة واختاره العتبي قال‏:‏ وقد كان يعتقد مذهب أهل السنة لكنه سهى في هذه المسئلة‏.‏

قال‏:‏ ولا غروفإن لكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة‏.‏

قلت‏:‏ ويدل لصحة مذهب الأكثرين ما أخرجه عبد الرزاق في تفسيره والحاكم في مستتدركه عن ابن عباس أنه كان يقرأ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول والراسخون في العلم آمنا به فهذا يدل على أن الواو للاستئناف لأن هذه الرواية وإن لم تثبت بها القراءة فأقل درجتها ا تكون خبرًا بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن فيقدم كلامه في ذلك على من دونه ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم منبعي المتشابه ووصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة وعلى مدح الذين فوضوا العلم إلى الله وسلموا إليه كما مدح الله المؤمنين بالغيب‏.‏

وحكى الفراء أن في قراءة أبيّ بن كعب أيضًا‏:‏ ويثول الراسخون‏.‏

وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق الأعمش قال في قراءة ابن مسعود‏:‏ وإن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به‏.‏

وأخرج الشيخان وغيرهما على عائشة قالت‏:‏ تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ‏{‏هو الذي أنزل عليك الكتاب‏}‏إلى قوله ‏{‏أولوا الألباب‏}‏ قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فأحذرهم‏.‏

وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا أخاف على أمي إلا ثلاث خلال‏:‏ أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم تأويله إلا الله الحديث‏.‏

أخرج ابن مردويه من حديث عمروبن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضًا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه فآمنوا به‏.‏

واخرج الحاكم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف‏:‏ زاجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب نحوه من حديث أبي هريرة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مرفوعًا‏:‏ أنزل القرآن على أربعة أحرف‏:‏ حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تفسره العرب وتفسير تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلا الله ومن ادعى علمه سوى الله فهوكاذب‏.‏

ثم أخرجه من وجه آخر عن ابن عباس موقوفًا بنحوه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال‏:‏ نؤمن بالمحكم وندين به ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به وهومن عند الله كله‏.‏

وأخرج أيضًا عن عائشة قالت‏:‏ كان رسوخهم في العلم أن آمنوا بمتشابهه ولا يعلمونه‏.‏

واخرج أيضًا عن أبي الشعثاء وأبي نهيك قالا‏:‏ إنكم تصلون هذه الآية وهي مقطوعة‏.‏

وأخرج الدارمي في مسنده عن سليما بن يسار أن رجلًا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا عبد الله بن صبيغ فأخذ عمر عرجونًا من تلك العراجين فضربه حتى دمى رأسه‏.‏

وفي رواية عنده‏:‏ فضربه بالجريد حتى ترك ظهره دبرة ثم تركه حتى برأ ثم عاد ثم تركه حتى برأ فدعا به ليعود فقال‏:‏ إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلًا جميلًا فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري‏:‏ لا يجالسه أحد من المسلمين‏.‏

وأخرج الدارمي عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ إنه سيآتيكم ناس يجادلونكم بمشتبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحب السن أعلم بكتاب الله‏.‏

فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن المتشابه مما لا يعلمه إلا الله وأن الخوض فيه مذموم وسيأتي قريبًا زيادة على ذلك‏.‏

قال الطيبي‏:‏ المراد بالمحكم ما اتضح معناه والمتشابه بخلافه لأن اللفظ الذي يقبل معنى إما أن يحتمل غيره أوأولًا والثاني النص‏.‏

والأول إما أن تكون دلالته على ذلك الغير أرجح أولا والأول هو الظاهر‏.‏

والثاني إما أن يكون مساويه أولًا والأول هو المجمل والثاني المؤول فالمشترك بين النص والظاهر هو المحكم والمشترك بين المجمل والمؤول هو المتشابه ويؤيد هذا التقسيم أنه أعالي أوقع المحكم مقابلًا للمتشابه‏.‏

قالوا‏:‏ فالواجب أن يفسر المحكم بما يقابله ويعضد ذلك أسلوب الآية وهوالجمع مع التقسيم لأنه تعالى فرق ما جمع في معنى الكتاب بأن قال منه آيات محكمات وأخر متشابهات وأرد أن يضيف إلى كل منهما ما شاء فقال أولًا فأما الذين في قلوبهم زيغ إلى أن قال والراسخون في العلم يقولون آمنا به وكان يمكن أن يقال‏:‏ وأما الذين في قلوبهم استقامة فيتبعون المحكم لكنه وضع موضع ذلك والراسخون في العلم لإتيان لفظ الرسوخ لأنه لا يحصل إلا بعد التثبت العام والاجتهاد البليغ فإذا استقام القلب على طرق الإرشاد ورسخ القدم في العلم أفصح صاحبه النطق بالقول الحق وكفى بدعاء الراسخين في العلم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا الخ شاهدًا على أن الراسخون في العلم مقابل لقوله ‏{‏الذين في قلوبهم زيغ‏}‏وفيه إشارة إلى أن الوقف على قوله إلا الله تام وإلى أن علم بعض المتشابه مختص بالله تعالى وأن من حاول معرفته هو الذي أشار إليه في الحديث بقوله فاحذرهم وقال بعضهم‏:‏ العقل مبتلي باعتقاد حقيقة المتشابه كابتلاء البدن بأداء العبادة كالحكيم إذا صنف كتابًا أجمل فيه أحيانًا ليكون موضع خضوع المتعلم لأستاذه وكالملك يتخذ علامة يمتاز بها من يطلعه على سره‏.‏

وقيل‏:‏ لولم يبتل العقل الذي هوأشرف البدن لاستمر العالم في أبهة العلم على التمرد فبذلك يستأنس إلى التذلل بعز العبودية والمتشابه هوموضع خضوع العقول لبارئها استسلامًا واعترافًا بقصورها‏.‏

وفي ختم الآية بقوله تعالى وما يذكر إلا أولوا الألباب تعريض للزائغين ومدح للراسخين‏:‏ يعني من لم يتذكر ويتعظ ويخالف هواه فليس من أولي العقول ومن ثم ثقال الراسخون ربنا لا تزغ قلوبنا إلى آخر الآية فخضعوا لباريهم لاستنزال العلم اللدني بعد أن استعاذوا به من الزيغ النفساني‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ المتشابه على ضربين‏:‏ أحدهما ما إذا رد إلى المحكم واعتبر به عرف معناه‏.‏

والآخر ما لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته وهوالذي يتبعه أهل الزيغ فيطلبون تأويله ولا يبلغون كنهه فيرتابون فيه فيتفتتون‏.‏

وقال ابن الحصار‏:‏ قسم الله آيات القرآن إلى محكم ومتشابه وأخبر عن المحكمات أنها أم الكتاب لأن إليها ترد المتشابهات وهي التي تعتمد في فهم مراد الله من خلقه في كل ما تعبدوهم به من معرفته وتصديق رسله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وبهذا الاعتبار كانت أمهات‏.‏

ثم أخبر عن الذين في قلوبهم زيغ أنهم هم الذين يتبعون ما تشابه منه ومعنى ذلك أن من لم يكن على يقين من المحكمات وفي قلبه شك واسترابة كانت راحته في تتبع المشكلات المتشابهات‏.‏

ومراد الشارع منها التقدم إلى فهم المحكمات وتقديم الأمهات حتى إذا حصل اليقين ورسل العلم لم تبل بما أشكل عليك‏.‏

ومراد هذا الذي في قلبه زيغ التقدم إلى المشكلات وفهم المتشابه قبل فهم الأمهات وهوعكس المعقول والمعتاد والمشروع ومثل هؤلاء مثل المشركين الذين يقترحون على رسلهم آيات غير الآيات التي جاؤوا بها ويظنون أنهم لوجاءتهم آيات أخر لآمنوا عندها جهلًا منهم وما علموا أن الإيمان بإذن الله تعالى‏.‏

وقال الراغب في مفردات القرآن‏:‏ الآيات عند اعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب‏:‏ محكم على الإطلاق ومتشابه على الإطلاق ومحكم من وجه متشابه من وجه‏.‏

فلا متشابه بالجملة ثلاثة أضرب‏:‏ متشابه من جهة اللفظ فقط ومن جهة المعنى فقط ومن جهتهما‏.‏

فالأول ضربان‏:‏ أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة إما من جهة الغرابة نحو الأب و يزفون أوالاشتراك كاليد واليمين‏.‏

وثانيهما يرجع إلى جملة الكلام المركب وذلك ثلاثة أضرب‏:‏ ضرب لاختصار الكلام نحو وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم وضرب لبسطه نحو ليس كمثله شيء لأنه لوقيل ليس مثله شيء كان أظهر للسامع‏.‏

وضرب لنظم الكلام نحوه أنزل على عبده الكلام ولم يجعل له عوجًا قيمًا تقديره‏:‏ أنزل على عبده الكتاب قيمًا ولم يجعل له عوجًا‏.‏

والمتشابه من جهة المعنى أوصاف الله تعالى وأوصاف القيامة فإن تلك الأوصاف لا تتصور لنا إذا كان لا يحصل في نفوسنا صورة ما لم تحسه أوليس من جنسه‏.‏

والمتشابه من جهتهما خمسة أضرب‏:‏ الأول من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو اقتلوا المشركين والثاني من جهة الكيفية كالوجوب والندب نحو فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏.‏

والثالث من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو اتقوا الله حق تقاته والرابع من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها نحو وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إن من نسأ زيادة في الكفر فإن لم يعرف عادتهم في الجاهلية يتعذر عليه تفسير هذه الآية‏.‏

الخامس من جهة الشروط التي يصح بها الفعل ويفسد كشروط الصلاة والنكاح قال‏:‏ وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون في تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم‏.‏

ثم جمع المتشابه على ثلاثة أضرب‏:‏ ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه كوقت الساعة وخروج الدابة ونحوذلك وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة والأحكام القلقة وضرب متردد بين الأمرين يختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم ويخفي على من دونهم وهوالمشار بقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وإذا عرفت هذه الجهة عرفت أن الوقوف على قوله ‏{‏وما يعلم تأويله إلا الله‏}‏ووصله بقوله ‏{‏والراسخون في العلم‏}‏جائزان وإن لكل واحد منهما وجهًا جسيمًا دل عليه التفصيل المتقدم‏.‏

وقال الإمام فخر الدين‏:‏ صرف اللفظ عن الراجح إلى المرجوح لا بد فيه من دليل منفصل وهوإما لفظي أوعقلي‏.‏

فالأول لا يمكن اعتباره في المسائل الأصولية لأنه لا يكون قاطعًا لأنه موقوف على انتفاء الاحتمالات العشرة المعروفة وانتفاؤها مظنون والموقوف على المظنون مظنون والظني لا يكتفي به في الأصول‏.‏

وأما العقلي فإنما يفيد صرف اللفظ عن ظاهره لكون الظاهر محالًا‏.‏

وأما إثبات المعنى المراد فلا يمكن بالعقل لأن طريق ذلك ترجيح مجاز على مجاز وتأويل على تأويل وذلك الترجيح لا يمكن إلا بالدليل اللفظي والدليل اللفظي في الترجيح ضعيف لا يفيد الظن والظن لا يعول عليه في المسائل الأصولية القطعية فلهذا اختار الأئمة المحققون من السلف والخلف بعد إقامة الدليل القاطع على أن حمل اللفظ على ظاهره محال ترك الخوض في تعيين التأويل‏.‏

وحسبك بهذا الكلام من الإمام‏.‏

فصل من المتشابه آيات الصفات ولابن اللبان فيها تصنيف مفرد نحو الرحمن على العرش استوى كل شيء هالك إلا وجهه ويبقى وجه ربك ولتصنع على عيني يد الله فوق أيديهم والسموات مطويات بيمينه وجمهور أهل السنة منهم السلف وأهل الحديث على الإيمان بها وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها‏:‏ أخرج أبو القاسم اللالكائي في السنة من طريق قرة بن خالد عن الحسن عن أمه عن أم سلمة في قوله تعالى الرحمن على العرش استوى قال‏:‏ الكيف غير المعقول والاستواء غير مجهول والإقرار به من الإيمان والجحود به كفر‏.‏

وأخرج أيضًا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل عن قوله ‏{‏الرحمن على العرش استوى‏}‏فقال‏:‏ الإيمان غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ المبين وعلينا التصديق‏.‏

واخرج أيضًا عن مالك أنه سئل عن الآية فقال‏:‏ الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة‏.‏

وأخرج البيهقي عنه أنه قال‏:‏ هوكما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع‏.‏

وأخرج اللا لكائي عن محمد بن الحسن قال‏:‏ اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالصفات من غير تقسيم ولا تشبيه‏.‏

وقال الترمذي في الكلام على حديث الرؤية المذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري ومالك وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم قالوا‏:‏ نروي هذه الأحاديث كما جاءت ونؤمن بها ولا يقال كيف ولا نفسر ولا نتوهم‏.‏

وذهبت طائفة من أهل السنة إلى أننا نؤولها على ما يليق بحلاله تعالى وهذا مذهب الخلف‏.‏

وكان إمام الحرمين يذهب إليه ثم رجع عنه فقال في الرسالة النظامية‏:‏ الذي نرتضيه دينًا وندين الله به عقدًا أتباع سلف الأمة فإنهم درجوا على ترك التعرض لمعانيها‏.‏

وقال ابن الصلاح‏:‏ على هذه الطريقة مضى صدر الأمة وساداتها وإياها اختار أئمة الفقهاء وقاداتها وإليها دعا أئمة الحديث وأعلامه ولا أحد من المتكلمين من أصحابنا يصدف عنها ويأباها‏.‏

واختار ابن برهان مذهب التأويل قال‏:‏ ومنشأ الخلاف بين الفريقين هل يجوز أن يكون في القرآن شيء لم نعلم أولًا بل يعلمه الراسخون في العلم وتوسط ابن دقيق العيد فقال‏:‏ إذا كان التأويل قريبًا من لسان العرب لم ينكر أوبعيدًا توقفنا عنه وآمنا بمعناه على الوجه الذي أريد به مع التنزيه‏.‏

قال‏:‏ وما كان معناه من هذه الألفاظ ظاهرًا مفهومًا من تخاطب العرب قلنا به من غير توقيف كما في قوله تعالى يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله فنحمله على حق الله وما يجب له‏.‏

والقسم الثاني وهوالذي يكشف لهم في آخر الأمر من المحكمات‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:12

تابع النوع الثالث والأربعون في المحكم والمتشابه

ذكر ما وقفت عليه من تأويل الآية المذكورة على طريقة أهل السنة من ذلك صفة الاستواء وحاصل ما رأيت فيها سبعة أجوبة‏.‏

أحدها‏:‏ حكى مقاتل والكلبي عن ابن عباس أن استوى بمعنى استقر وهذا إن صح يحتاج إلى تأويل فإن الاستقرار يشعر بالتجسيم‏.‏

ثانيها‏:‏ أن استوى بمعنى استولى ورد بوجهين‏:‏ أحدهما أن الله تعالى مستول على الكونين والجنة والنار وأهلهما فأي فائدة في تخصيص العرش‏.‏

والآخر أن الاستيلاء إنما يكون بعد قهر وغلبة والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك‏.‏

وأخرج اللالكائي في السنة عن ابن الأعرابي أنه سئل عن معنى استوى فقال‏:‏ هوعلى عرشه كما أخبر فقيل يا أبا عبد الله معناه استولى قال‏:‏ اسكت لا يقال استولى على الشيء إلا إذا كان له مضاد فإذا غلب أحدهما قيل استولى‏.‏

ثالثها‏:‏ أنه بمعنى صعد قاله أبوعبيد‏.‏

ورد بأنه تعالى منزه عن الصعود أيضًا‏.‏

رابعها‏:‏ أن التقدير الرحمن علا‏:‏ أي ارتفع من العلووالعرش له استوى حكاه إسماعيل الضرير في تفسيره‏.‏

ورد بوجهين‏:‏ أحدهما أنه جعل على فعلًا وهي حرف هنا باتفاق فلوكانت فعلًا لكتبت بالألف كقوله ‏{‏علا في الأرض‏}‏والآخر أنه رفع العرش ولم يرفعه أحد من القراء‏.‏

خامسها‏:‏ أن الكلام تم عند قوله ‏{‏الرحمن على العرش‏}‏ثم ابتدأ بقوله ‏{‏استوى له ما في السموات وما في الأرض‏}‏ ورد بأنه يزيل الآية عن نظمها ومرادها‏.‏

قلت‏:‏ ولا يتأنى له في قوله ‏{‏ثم استوى على العرش‏}‏سادسها‏:‏ أن معنى استوى‏:‏ أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه كقوله ‏{‏ثم استوى إلى السماء وهي دخان‏}‏أي قصد وعمد إلى خلقها قاله الفراء والأشعري وجماعة أهل المعاني وقال إسماعيل الضرير‏:‏ إنه الصواب‏.‏

قلت‏:‏ يبعده تعديته بعلى ولوكان كما ذكروه لتعدى بإلى كما في قوله ‏{‏ثم استوى إلى السماء‏}‏سابعها‏:‏ قال ابن اللبان‏:‏ الاستواء المنسوب إليه تعالى بمعنى اعتدل‏:‏ أي قام بالعدل كقوله تعالى قائمًا بالقسط والعدل هواستواؤه ويرجع معناه إلى أنه أعطى بعزته كل شيء خلقه موزونًا بحكمته البالغة‏.‏

ومن ذلك النفس في قوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ووجه بأنه خروج على سبيل المشاكلة مرادًا به الغيب لأنه مستتر كالنفس وقوله ‏{‏ويحذركم الله نفسه‏}‏أي عقوبته وقيل إياه‏.‏

وقال السهيلي‏:‏ النفس عبارة عن حقيقة الوجود دون معنى زائد وقد استعمل من لفظه النفاسة والشيء النفيس فصلحت للتعبير عنه سبحانه وتعالى‏.‏

وقال ابن اللبان‏:‏ أولها العلماء بتأويلات‏:‏ منها أن النفس عبر بها عن الذات‏.‏

قال‏:‏ وهذا وإن كان سائغًا في اللغة ولكن تعدى الفعل إليها بفي المفيدة للظرفية محال عليه تعالى وقد أولها بعضهم بالغيب‏:‏ أي ولا أعلم ما في غيبك وسرك‏.‏

قال‏:‏ وهذا حسن لقوله في آخر الآية إنك أنت علام الغيوب ومن ذلك الوجه وهومؤول بالذات‏.‏

وقال ابن اللبان في قوله ‏{‏يريدون وجهه‏}‏‏{‏إنما نطعمكم لوجه الله‏}‏ ‏{‏إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى‏}‏المراد إخلاص النية‏.‏

وقال غيره في قوله ‏{‏فثم وجه الله أي الجهة التي أمر بالتوجه إليها ومن ذلك العين وهي مؤولة بالبصر أوالإدراك‏.‏

بل قال بعضهم‏:‏ إنها حقيقة في ذلك خلافًا لتوهم بعض الناس أنها مجاز وإنما المجاز في تسمية العضوبها‏.‏

وقال ابن اللبان‏:‏ نسبة العين إليه تعالى اسم لآياته المبصرة التي بها سبحانه ينظر للمؤمنين وبها ينظرون إليه‏.‏

قال تعالى فلما جاءتهم آياتنا مبصرة نسب البصر للآيات على سبيل المجاز تحقيقًا لأنها المرادة بالعين المنسوبة إليه وقال قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها قال‏:‏ فقوله ‏{‏واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا‏}‏أي بآياتنا تنظر بها إلينا وننظر بها إليك ويؤيده أن المراد بالأعين هنا الآيات كونه علل بها الصبر لحكم ربه صريحًا في قوله ‏{‏إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلًا فاصبر لحكم ربك‏}‏ قال‏:‏ وقوله في سفينة نوح ‏{‏تجري بأعيننا‏}‏أي بآياتنا بدليل ‏{‏وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها‏}‏ وقال ‏{‏ولتصنع على عيني‏}‏أي على حكم آيتي التي أوحيتها إلى أمك ‏{‏أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم‏}‏الآية أه‏.‏

وقال غيره‏:‏ المراد في الآيات كلاءته تعالى‏:‏ ومن ذلك اليد في قوله تعالى لما خلقت بيدي يد الله فوق أيديهم مما عملت أيدينا وإن الفضل بيد الله وهي مؤولة بالقدرة‏.‏

وقال السهيلي‏:‏ اليد في الأصل كالبصر عبارة عن صفة الموصوف ولذلك مدح سبحانه وتعالى بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله ‏{‏أولو الأيدي والأبصار‏}‏فلم يمدحهم بالجوارح لأن المدح إنما يتعلق بالصفات لا بالجواهر‏.‏

قال‏:‏ ولهذا قال الأشعري‏:‏ إن اليد صفة ورد بها الشرع والذي يلوح من معنى هذه الصفة أنها قريبة من معنى القدرة إلا أنها أخص والقدرة أعم كالمحبة مع الإرادة والمشيئة فإن في اليد تشريفًا لازمًا‏.‏

وقال البغوي في قوله بيدي في تحقيق الله التثنية في اليد دليل على أنها ليست بمعنى القدرة والقوة والنعمة وإنما هما صفتان من صفات ذاته‏.‏

وقال مجاهد‏:‏ اليد هنا موصولة وتأكيد كقوله ‏{‏ويبقى وجه ربك‏}‏قال البغوي‏:‏ وهذا تأويل غير قوى لأنها لوكانت صلة لكان لإبليس أن يقول إن كنت خلقته فقد خلقتني وكذلك في القدرة والنعمة لا يكون لآدم في الخلق مزية على إبليس‏.‏

وقال ابن اللبان‏:‏ فإن قلت‏:‏ فما حقيقة اليدين في خلق آدم قلت‏:‏ الله أعلم بما أراد ولكن الذي استثمرته من تدبر كتابه أن اليدين استعارة لنور قدرته القائم بصفة فضله ولنورها القائم بصفة عدله ونبه على تخصيص آدم وتكريمه بأن جمع له في خلقه بين فضله وعدله‏.‏

قال‏:‏ وصاحبة الفضل هي اليمين التي ذكرها في قوله ‏{‏والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى‏}‏‏.‏

ومن ذلك الساق في قوله ‏{‏يوم يكشف عن ساق‏}‏ومعناه‏:‏ عن شدة وأمر عظيم كما يقال قامت الحرب على ساق‏.‏

أخرج الحاكم في المستدرك من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله ‏{‏يوم يكشف عن ساق‏}‏قال‏:‏ إذا خفي عيكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الشاعر‏:‏ ابر عناق إنه شر باق قد سنا لي قومك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق قال ابن عباس‏:‏ هذا يوم كرب وشدة‏.‏

ومن ذلك الجنب في قوله تعالى ما فرطت في جنب الله أي في طاعته وحقه لأن التفريط إنما يع في ذلك ولا يقع في الجنب المعهود‏.‏

ومن ذلك صفة القرب في قوله ‏{‏فإني قريب‏}‏ ‏{‏ونحن أقرب إليه من حبل الوريد‏}‏أي بالعلم‏.‏

ومن ذلك صفة الفوقية في قوله ‏{‏وهو القاهر فوق عباده‏}‏ ‏{‏يخافون ربهم من فوقهم‏}‏والمراد بها العلومن غير جهة‏.‏

وقد قال فرعون ‏{‏وإنا فوقهم قاهرون‏}‏ولا شك أنه لم يرد العلوالمكاني‏.‏

ومن ذلك صفة المجيء في قوله ‏{‏وجاء ربك‏}‏واو يأتي ربك أي أمره لا الملك إنما يأتي بأمره أوبتسليطه كما قال تعالى وهم بأمره يعملون فصار كما لوصرح به وكذا قوله ‏{‏اذهب أنت وربك فقاتلا‏}‏أي اذهب بربك‏:‏ أي بتوقيفه وقوته‏.‏

ومن ذلك صفة الحب في قوله ‏{‏يحبهم ويحبونه فاتبعوني يحببكم الله وصفة الغضب في قوله ‏{‏غضب الله عليها وصفة الرضا في قوله ‏{‏رضي الله عنهم‏}‏وصفة العجب في قوله ‏{‏بل عجبت بضم التاء وقوله ‏{‏وإن تعجب فعجب قولهم‏}‏صفة الرحمة في آيات كثيرة‏.‏

وقد قال العلماء كل صفة يستحيل حقيقتها على الله تعالى تفسر بلازمها‏.‏

قال الإمام فخر الدين‏:‏ جميع الأعراض النفسانية‏:‏ أعني الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والمكر والاستهزاء لها أوائل ولها غايات‏.‏

مثاله الغضب فإن أوله غليان دم القلب وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليه فلفظ الغضب في حق الله لا يحمل على أوله الذي هوغليان دم القلب بل غرضه الذي هوإرادة الإضرار‏.‏

وكذلك الحياء له أول وهوانكسار يحصل في النفس وله غرض وهوترك الفعل فلفظ الحياء في حق الله يحمل على ترك الفعل لا على انكسار النفس‏.‏

وقال الحسين بن الفضل‏:‏ العجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه‏.‏

وسئل الجنيد عن قوله ‏{‏وإن تعجب فعجب قولهم‏}‏فقال‏:‏ إن الله لا يعجب من شيء ولكن الله وافق رسوله فقال‏:‏ وإن تعجب فعجب قولهم‏:‏ أي هوكما تقول‏.‏

ومن ذلك لفظة عند في قوله تعالى عند ربك ومن عنده ومعناهما الإشارة إلى التمكين والزلفى والرفعة‏.‏

ومن ذلك قوله ‏{‏وهو معكم أينما كنتم‏}‏أي بعلمه وقوله ‏{‏وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم‏}‏قال البيهقي‏:‏ الأصح أن معناه أنه المعبود في السموات وفي الأرض مثل قوله ‏{‏وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله‏}‏‏.‏

وقال الأشعري‏:‏ الظرف متعلق بيعلم‏:‏ أي عالم بما في السموات والأرض‏.‏

ومن ذلك قوله ‏{‏سنفرغ لكم أيها الثقلان‏}‏أي سنقصد لجزائكم‏.‏

تنبيه قال ابن اللبان‏:‏ ليس من المتشابه قوله تعالى ‏{‏إن بطش ربك لشديد‏}‏لأنه فسره بعده بقوله ‏{‏إنه هو يبدئ ويعيد‏}‏ تنبيهًا على أن بطشه عبارة عن تصرفه في بدئه وإعادته وجميع تصرفاته في مخلوقاته‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:15

تابع النوع الثالث والأربعون في المحكم والمتشابه

فصل ومن المتشابه أوائل السور والمختار فيها أيضًا أنها من الأسرار التي لا يعلمها إلا الله تعالى‏.‏

أخرج ابن المنذر وغيره عن الشعبي أنه سئل عن فواتح السور فقال‏:‏ إن لكل كتاب سرًا وإن سر هذا القرآن فواتح السور‏.‏

وخاض في معناها آخرون فأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق أبي الضحى عن ابن عباس في قوله الم قال‏:‏ أنا الله أعلم‏.‏

وفي قوله المص قال‏:‏ أنا الله أفضل‏.‏

وفي قوله الر قال‏:‏ أنا الله أرى‏.‏

وأخرج من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله الم وحم ون قال اسم مقطع‏.‏

وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال الر وحم ون حروف الرحمن مفرقة

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال الر من الرحمن‏.‏

وأخرج عنه أيضًا المص الألف من الله والميم من الرحمن والصاد من الصمد‏.‏وأخرج أيضًا عن الضحاك في قوله المص قال أنا الله الصادق‏.‏

وقيل المص‏:‏ معناه المصور‏.‏

وقيل الر معناه أنا أعلم وأرفع حكاها الكرماني في غرائبه‏.‏

وأخرج الحاكم وغيره من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في كهيعص قال‏:‏ الكاف من كريم والهاء من هاد والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله كهيعص قال‏:‏ هوهجاء مقطع الكاف من الملك والهاء من الله والعين من العزيز والصاد من المصور‏.‏

وأخرج عن محمد بن كعب مثله إلا أنه قال‏:‏ والصاد من الصمد‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه من طريق آخر عن سعيد عن ابن عباس في قوله كهيعص قال‏:‏ كبير هاد أمين عزيز صادق‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله كهيعص قال‏:‏ الكاف الكافىء والهاء الهادي والعين العالم والصاد الصادق‏.‏

وأخرج من طريق يوسف بن عطية قال‏:‏ سئل الكلبي فحدث عن كهيعص عن أبي صالح عن أم هاني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ كاف هاد أمين عالم صادق‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله كهيعص قال‏:‏ يقول أنا الكبير أنا الهادي على أمين صادق‏.‏

وأخرج عن محمد بن كعب في قوله طه قال‏:‏ الطاء من ذي الطول‏.‏

وأخرج عنه أيضًا في قوله طسم قال‏:‏ الطاء من ذي الطول والسين من القدوس والميم من الرحمن‏.‏

وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله حم قال‏:‏ حاء اشتقت من الرحمن وميم اشتقت من الرحيم‏.‏

وأخرج عن محمد بن كعب في قوله حمعسق قال‏:‏ والحاء والميم من الرحمن والعين من العليم والسين من القدوس والقاف من القاهر‏.‏

وأخرج عن مجاهد قال‏:‏ فواتح السور كلها هجاء مقطوع‏.‏

وأخرج عن سالم بن عبد الله قال الم وحم ون ونحوها اسم الله مقطعة‏.‏

وأخرج عن السدي قال‏:‏ فواتح السور أسماء من أسماء الرب جل جلاله فرقت في القرآن‏.‏

وحكى الكرماني في قوله ق أنه حرف من اسمه قادر وقاهر‏.‏

وحكى غيره في قوله ن أنه مفتاح اسمه تعالى نور وناصر‏.‏وهذه الأقوال كلها راجعة إلى قول واحد وهوأنها حروف مقطعة كل حرف منها مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية‏.‏

قال الشاعر‏:‏ قلت لها قفي فقالت ق أي وقفت‏.‏

وقال بالخير خيران وإن شرافًا ولا أريد الشر إلا أن تا أراد‏:‏ وإن شرًا فشر وإلا أن تشاء‏.‏

وقال‏:‏ ناداهم ألا الحموا ألاتا قالوا جميعاص كلهم ألافا أراد‏:‏ ألا تركبون ألا اركبوا وهذا القول اختاره الزجاج‏.‏وقال العرب‏:‏ تنطق بالحرف الواحد تدل على الكلمة التي هومنها‏.‏

وقيل إنها الاسم الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منا كذا نقله ابن عطية‏.‏

وأخرج ابن جرير بسند صحيح عن ابن مسعود قال‏:‏ هواسم الله الأعظم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي أنه بلغه عن ابن عباس قال الم وطسم وص وأشباهها قسم أقسم الله به وهومن أسماء الله وهذا يصلح أن يكون قولًا ثالثًا‏:‏ أي أنها برمتها أسماء الله ويصلح أن يكون من القول الأول ومن الثاني‏.‏

وعلى الأول مشى ابن عطية وغيره ويؤيده ما أخرجه ابن ماجه في تفسيره من طريق نافع عن أبي نعيم القاري عن فاطمة بنت علي بن أبي طالب أنها سمعت علي بن أبي طالب يقول‏:‏ يا كهيعص اغفر لي‏.‏

وما أخرجه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله كهيعص قال‏:‏ يا من يجير ولا يجار عليه‏.‏

وأخرج عن أشهب قال‏:‏ سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى بيس قال‏:‏ ما أراه ينبغي لقول الله يس والقرآن الحكيم يقول هذا اسم تسميت به‏.‏

وقيل هي أسماء للقرآن كالفرقان والذكر أخرجه عبد الرزاق عن قتادة‏.‏

وأخرجه ابن أبي حاتم بلفظ‏:‏ كل هجاء في القرآن فهواسم من أسماء القرآن‏.‏

وقيل هي أسماء للسور نقله الماوردي وغيره عن زيد بن أسلم ونسبه صاحب الكشاف إلى الأكثر‏.‏

وقيل هي فواتح السور كما يقولون في أول القصائد بل ولا‏.‏

أخرج ثور بن جرير من طريق الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال الم وحم والمص وص ونحوها فواتح يفتتح الله بها القرآن‏.‏

وأخرج أبو الشيخ من طريق ابن جرير قال‏:‏ قال مجاهد الم الر المر فواتح افتتح الله بها القرآن‏.‏

قلت‏:‏ ألم يكن يقول هذه هي أسماء قال لا‏.‏

وقيل هذا حساب أبي جاد لتدل على مدة هذه الأمة‏.‏

وأخرج ابن أبي إسحاق عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب قال‏:‏ مر أبوياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم وهويتلوفاتحة سورة البقرة الم ذلك الكتاب لا ريب فيه فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال‏:‏ تعلمون والله لقد سمعت محمدًا يتلوفيما أنزل عليه الم ذلك الكتاب فقال‏:‏ أنت سمعته قال‏:‏ نعم‏.‏

فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ ألم تذكر أنك تتلوفيما أنزل عليك الم ذلك الكتاب فقال بلى فقالوا‏:‏ لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك الألف بواحد واللام بثلاثين والميم بأربعين فهذه إحدى وسبعون سنة أفندخل في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعوسنة ثم قال‏:‏ يا محمد هل مع هذا غيره قال‏:‏ نعم المص قال‏:‏ هذه أثقل وأطول‏:‏ الألف بواحد واللام بثلاثين والميم بأربعين والصاد بتسعين فهذه إحدى وستون ومائة سنة هل مع هذا غيره قال‏:‏ نعم المر قال‏:‏ هذه أثقل وأطول‏:‏ الألف بواحد واللام بثلاثين والميم بأربعين والراء بمائتين هذه إحدى وسبعون ومائتا سنة ثم قال‏:‏ لقد لبس علينا أمرك حتى ما ندري أقليلًا أعطيت أم كثيرًا ثم قال‏:‏ قوموا عنه ثم قال أبوياسر لأخيه ومن معه‏:‏ ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد إحدى وسبعون وإحدى وستون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة فقالوا‏:‏ لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء الآيات نزلت فيهم هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات‏.‏

أخرجه ابن جرير من هذا الطريق وابن المنذر من وجه آخر عن ابن جريج معضلًا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله الم قال‏:‏ هذه الأحرف الثلاثة من الأحرف التسعة والعشرين دارت بها الألسن ليس منها حرف إلا وهومفتاح اسم من أسمائه تعالى وليس منها حرف إلا وهومن آلائه وبلائه وليس منها حرف إلا وهوفي مدة أقوام وآجالهم فالألف مفتاح اسم الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله فالألف سنة واللام ثلاثون والميم أربعون‏.‏

قال الخويبي‏:‏ وقد استخرج بعض الأئمة من قوله تعالى الم غلبت الروم أن البيت المقدس يفتحه المسلمون في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ووقع كما قاله‏.‏وقال السهيلي‏:‏ لعل عدد الحروف التي في أوائل السور مع حذف المكرر للإشارة إلى مدة بقاء هذه الأمة‏.‏

قال ابن حجر‏:‏ وهذا باطل لا يعتمد عليه فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه الزجر عن عد أبي جاد والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر وليس ذلك ببعيد فإنه لا أصل له في الشريعة‏.‏

وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي في فوائد رحلته‏:‏ ومن الباطل علم الحروف المقطعة في أوائل السور وقد تحصل لي فيها عشرون قولًا وأزيد ولا أعرف أحدًا يحكم عليها بعلم ولا يصل منها إلى فهم والذي أقوله أنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولًا متداولًا عنهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم بل تلا عليهم حم فصلت ص وغيرها فلم ينكروا ذلك بل صرحوا بالتسليم له في البلاغة والفصاحة مع تشوقهم إلى عثره وحرصهم على زلة فدل على أنه كان أمرًا معروفًا بينهم لا إنكار أه‏.‏

وقيل هي تنبيهات كما في النداء عده ابن عطية مغايرًا للقول بأنها فواتح والظاهر أنه بمعناه‏.‏

قال أبوعبيدة‏:‏ الم افتتاح كلام‏.‏

وقال الخويبي‏:‏ القول بأنها تنبيهات جيد لأن القرآن كلام عزيز وفوائده عزيزة فينبغي أن يرد على سمع متنبه فكان من الجائز أن يكون الله قد علم في بعض الأوقات كون النبي صلى الله عليه وسلم في عالم البشر مشغولًا فأمر جبريل بأن يقول عند نزولهم الم والر وحم ليسمع النب يصوت جبريل فيقبل عليه ويصغي إليه قال‏:‏ وإنما لم يستعمل الكلمات المشهورة في التنبيه كإلا وإما لأنها من الألفاظ التي يتعارفها الناس في كلامهم والقرآن كلام لا يشبه الكالم فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد لتكون أبلغ في قرع سمعه أه‏.‏

وقيل إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه فأنزل الله هذا النظم البديع ليعجبوا منه ويكون تعجبهم منه سببًا لاستماعهم وسماعهم له سببًا لاستماع ما بعده فترق القلوب وتلين الأفئدة عد هذا جماعة قولًا مستقلًا والظاهر خلافه وإنما يصلح هذا مناسبة لبعض الأقوال لا قولًا في معناها إذ ليس فيه بيان معنى‏.‏

وقيل إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف التي هي أ ب ت ث فجاء بعضها مقطعًا وجاء تمامها مؤلفًا ليدل القوم الذين نزل القرآن بلغتهم أنه بالحروف التي يعرفونها فيكون ذلك تقريعًا لهم ودلالة على عجزهم أن يأتوا بمثله بعد أن يعلموا أنه منزل بالحروف التي يعلمونها ويبنون كلامهم منها‏.‏وقيل المقصود بها الإعلام بالحروف التي يتركب منها الكلام‏.‏

فذكر منها أربعة عشر حرفًا وهي نصف جميع الحروف وذكر من كل جنس نصفه‏.‏

فمن حروف الحلق الحاء والعين والهاء ومن التي فوقها القاف والكاف ومن الحرفين الشفهيين الميم ومن المهموسة السين والحاء والكاف والصاد والهاء ومن الشديدة الهمزة والطاء والقاف والكاف ومن المطبقة الطاء والصاد ومن المجهورة الهمزة والميم واللام والعين والراء والطاء والقاف والساء والنون ومن المستعلية القاف والصاد والطاء ومن المنخفضة الهمزة واللام والميم والراء والكاف والهاء والياء والعين والسين والحاء والنون‏.‏

ومن القلقلة القاف والطاء ثم إنه تعالى ذكر حروفًا مفردة وحرفين حرفين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة وخمسة لأن تراكيب الكلام على هذا النمط ولا زيادة على الخمسة‏.‏

وقيل هي أمارة جعلها الله لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد كتابًا في أول سور منه حروف مقطعة‏.‏

هذا ما وقفت عليه من الأقوال في أوائل السور من حيث الجملة‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:16

تابع النوع الثالث والأربعون في المحكم والمتشابه

وفي بعضها أقوال أخر فقيل‏:‏ إن طه ويس بمعنى يا رجل أويا محمد أويا إنسان وقد تقدم في المعرب‏.‏

وقيل هي اسمان من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال الكرماني في غرائبه‏:‏ ويقويه في يس قراءة يس بفتح النون وقوله آل ياسين‏.‏

وقيل طه أي طأ الأرض أواطمئن فيكون فعل أمر والهاء مفعول أوللسكت أومبدلة من الهمزة‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بي جبير عن ابن عباس في قول كه قال‏:‏ هوكقولك افعل‏.‏

وقيل طه أي يا بدر لأن الطاء بتسعة والهاء بخمسة فذلك أربعة عشر إشارة إلى البدر لأنه يتم فيها ذكره الكرماني في غرائبه‏.‏

وقال في قوله يس أي يا سيد المرسلين‏.‏

وفي قوله ص معناه‏:‏ صدق الله‏.‏وقيل‏:‏ أقسم بالصمد الصانع الصادق‏.‏

وقيل معناه‏:‏ صاد يا محمد علمك بالقرآن‏:‏ أي عارضه به فهوأمر من المصادة‏.‏

وأخرج عن الحسين قال‏:‏ صاد حادث القرآن‏:‏ يعني انظر فيه‏.‏

وأخرج عن سفيان بن حسين قال‏:‏ كان الحسن يقرؤها صاد القرآن يقول‏:‏ عارض القرآن‏.‏

وقيل ص اسم بحر عليه عرش الرحمن‏.‏

وقيل اسم بحر يحيي به الموتى‏.‏

وقيل معناه‏:‏ صاد محمد قلوب العباد حكاها الكرماني كلها‏.‏

وحكى في قوله المص أن معناه‏:‏ ألم نشرح لك صدرك‏.‏

وفي حم أنه صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقيل معناه حم ما هوكائن‏.‏

وفي حمعسق أنه جبل ق‏.‏

وقيل ق جبل محيط بالأرض‏.‏

أخرجه عبد الرزاق عن مجاهد وقيل أقسم بقوة قلب محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقيل هي القاف من قوله ‏{‏قضي الأمر‏}‏دلت على بقية الكلمة‏.‏

وقيل معناها‏:‏ قف يا محمد على أداء الرسالة والعمل بما أمرت حكاهما الكرماني‏.‏

وقيل ن هو الحوت‏.‏

أخرج الطبراني عن ابن عباس مرفوعًا‏:‏ أول ما خلق الله القلم والحوت قال‏:‏ اكتب قال‏:‏ ما أكتب قال كل شيء كائن إلى يوم القيامة‏.‏

ثم قرأ ن والقلم فالنون‏:‏ الحوت والقلم‏:‏ القلم‏.‏وقيل هو اللوح المحفوظ‏.‏

أخرجه ابن جرير من مرسل ابن قرة مرفوعًا‏.‏

وقيل هو الدواة‏.‏

أخرجه عن الحسن وقتادة‏.‏

وقيل هو المداد حكاه ابن قتيبة في غريبه‏.‏

وقيل هو القلم حكاه الكرماني عن الجاحظ‏.‏

وقيل هواسم من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم حكاه ابن عساكر في مبهماته‏.‏

وفي المحتسب لابن جني أن ابن عباس قرأ حم سق بلا عين ويقول‏:‏ السين كل فرقة تكون والقاف‏:‏ كل جماعة تكون‏.‏

قال ابن جني‏:‏ وفي هذه القراءة دليل على أن الفواتح فواصل بين السور ولوكانت أسماء الله لم يجز تحريف شيء منها لأنها لا تكون ح أعلامًا والأعلام تؤدي بأعيانها ولا يحرف شيء منها‏.‏

وقال الكرماني في غرائبه في قوله تعالى الم‏.‏

أحسب الناس الاستفهام هنا يدل على انقطاع الحروف عما بعدها في هذه السورة وغيرها‏.‏

خاتمة أورد بعضهم سؤالًا وهوأنه هل للمحكم مزية على المتشابه أولًا فإن قلتم بالثاني فهوخلاف الإجماع أوبالأول فقد نقضتم أصلكم في أن جميع كلامه سبحانه وتعالى سواء وأنه منزل بالحكمة‏.‏

وأجاب أبوعبد الله النكرباذي بأن المحكم كالمتشابه من وجه ويخالفه من وجه فيتفقان في أن الاستدلال بهما لا يمكن إلا بعد معرفة حكمة الواضع وأنه لا يختار القبيح‏.‏

ويختلفان في أن المحكم بوضع اللغة لا يحتمل إلا الوجه الواحد فمن سمعه أمكنه أن يستدل به في الحال‏.‏

والمتشابه يحتاج إلى فكرة ونظر ليحمله على الوجه المطابق‏.‏

ولأن المحكم أصل والعلم بالأصل أسبق ولان المحكم يعلم مفصلًا والمتشابه لا يعلم إلا مجملًا‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ إن قيل ما الحكمة في إنزال المتشابه ممن أراد لعباده البيان والهدى قلنا‏:‏ إن كان مما يمكن علمه فله فوائد‏.‏

منها‏:‏ الحث للعلماء على النظر الموجب للعلم بغوامضه والبحث عن دقائقه فإن استدعاء الهمم لمعرفة ذلك من أعظم القرب‏.‏

ومنها‏:‏ ظهور التفاضل وتفاوت الدرجات إذ لوكان القرآن كله محكمًا لا يحتاج إلى تأويل ونظر لاستوت منازل الخلق ولم يظهر فضل العالم على غيره وإن كان مما لا يمكن علمه فله فوائد‏.‏

منها‏:‏ ابتلاء العباد بالوقوف عنده والتوقف فيه والتفويض والتسليم والتعبد بالاشتغال به من جهة التلاوة كالمنسوخ وإن لم يجز العمل بما فيه وإقامة الحجة عليهم لأنه لما نزل بلسانهم ولغتهم وعجزوا عن الوقوف على معناه مع بلاغتهم وإفهامهم دل على أنه منزل من عند الله وأنه الذي أعجزهم عن الوقوف‏.‏

وقال الإمام فخر الدين‏:‏ من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات‏.‏

وقال‏:‏ إنكم تقولون أن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه فالجبري متمسك بآيات الجبر كقوله تعالى ‏{‏وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا‏}‏‏.‏

والقدري يقول‏:‏ هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى ذلك عنهم في معرض الذم في قوله ‏{‏وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر‏}‏وفي موضع آخر وقالوا قلوبنا غلف‏.‏

ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى لا تدركه الأبصار‏.‏

ومثبت الجهة ممتسك بقوله تعالى ‏{‏يخافون ربهم‏}‏من فوقهم الرحمن على العرش استوى‏.‏

والنافي متمسك بقوله تعالى ‏{‏ليس كمثله شيء‏}‏ثم يسمى كل واحد الآيات الموافقة لمذهبه محكمة والآيات المخالفة له متشابهة وإنما آل في ترجيح بعضها على البعض إلى ترجيحات خفية ووجوه ضعيفة فكيف يليق بالحكيم أن يجعل الكتاب الذي هو المرجوع إليه في كل الدين إلى يوم القيامة هكذا قال‏.‏

والجواب أن العلماء ذكروا لوقوع المتشابه فيه فوائد‏.‏

منها‏:‏ أنه يوجب مزيد المشق في الوصول إلى المراد وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب‏.‏

ومنها‏:‏ أنه لوكان القرآن كله محكمًا لما كان مطابقًا إلا لمذهب واحد وكان بصريحه مبطلًا لكل ما سوى ذلك المذهب وذلك مما ينفر أرباب سائر المذاهب عن قبوله وعن النظر فيه والانتفاع به فإذا كان مشتملًا على المحكم والمتشابه طمع صاحب كل مذهب أن يجد فيه ما يؤيد مذهبه وينصر مقالته فينظر فيه جميع أرباب المذاهب ويجتهد في التأمل فيه صاحب كل مذهب وإذا بالغوا في ذلك صارت المحكمات مفسرة للمتشابهات وبهذا الطريق يتخلص المبطل من باطله ويتصل إلى الحق‏.‏

ومنها‏:‏ أن القرآن إذا كان مشتملًا على المتشابه افتقر إلى العلم بطريق التأويلات وترجيح بعضها إلى بعض وافتقر في تعلم ذلك إلى تحصيل علوم كثيرة من علم اللغة والنحووالمعاني والبيان وأصول الفقه ولولم يكن الأمر كذلك لم يحتج إلى تحصيل هذه العوم الكثيرة وكان في إيراد المتشابه هذه الفوائد الكثيرة‏.‏

ومنها‏:‏ أن القرآن مشتمل على دعوة الخواص والعوام وطبائع العوام تنفر في أكثر الأمر عن درك الحقائق‏.‏

فمن سمع من العوام في أول الأمر إثبات موجود ليس بحسم ولا متحيز ولا مشار إليه ظن أن هذا عدم ونفي وقع في التعطيل فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفاظ دالة على بعض ما يناسب ما توهموه وتخيلوه ويكون ذلك مخلوطًا على الحق الصريح‏.‏

فالقسم الأول وهوالذي يخاطبون به في أول الأمر يكون من المتشابهات‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:18

النوع الرابع والأربعون في مقدمه ومؤخره

هوقسمان

الأول‏:‏ ما أشكل معناه بحسب الظاهر

فلما عرف أنه باب التقديم والتأخير اتضح وهوجدير أن يفرد بالتصنيف وقد تعرض السلف لذلك في آيات‏.‏

فأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تعالى فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا قال‏:‏ هذا من تقاديم الكلام يقول‏:‏ لا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد الله ليعذبهم في الآخرة‏.‏واخرج عنه أيضًا في قوله تعالى ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزامًا وأجل مسمى قال‏:‏ هذا من تقاديم الكلام يقول‏:‏ لولا كلمة وأجل مسمى لكان لزامًا‏.‏

وأخرج عن مجاهد في قوله تعالى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا قيمًا قال‏:‏ هذا من التقديم والتأخير أنزل على عبد الكتاب قيمًا ولم يجعل له عوجًا‏.‏

وأخرج عن قتادة في قوله تعالى ‏{‏إني متوفيك ورافعك‏}‏قال‏:‏ هذا من المقدم والمؤخر‏:‏ أي رافعك إلي ومتوفيك‏.‏

وأخرج عن عكرمة في قوله تعالى ‏{‏لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب‏}‏قال‏:‏ هذا من التقديم والتأخير‏.‏

يقول‏:‏ لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله تعالى ‏{‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلًا‏}‏قال‏:‏ هذه الآية مقدمة ومؤخرة إنما هي أذاعوا به إلا قليلًا منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير‏.‏

وأخرج عن ابن عباس في قوله تعالى فقالوا أرنا الله جهرة قال‏:‏ إنهم إذ رأوا الله فقد رأوه وإنما قالوا جهرة أرنا الله قال‏:‏ هومقدم ومؤخر‏.‏

قال ابن جرير‏:‏ يعني أن سؤالهم كان جهره‏.‏

ومن ذلك قوله ‏{‏وإذ قتلتم نفسًا فادّارأتم فيها‏}‏قال البغوي‏:‏ هذه أول القصة وإن كان مؤخرًا في التلاوة‏.‏وقال الواحدي‏:‏ كان الاختلاف في القاتل قبل ذبح البقرة وإنما أخر في الكلام لأنه تعالى لما قال ‏{‏إن الله يأمركم‏}‏الآية علم المخاطبون أن البقرة لا تذبح إلا للدلالة على قاتل خفيت عينه عليهم فلما استقر علم هذا في نفوسهم اتبع بقوله ‏{‏وإذ قتلتم نفسًا فادّارأتم فيها فسألتم موسى فقال إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ومنه ‏{‏افرأيت من اتخذ إلهه هواه‏}‏الأصل هوإلهه لأن من اتخذ إلهه هواه غير مذموم فقدم المفعول الثاني للعناية به‏.‏

وقوله ‏{‏أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى‏}‏على تفسير أحوى‏:‏ بالأخضر وجعله نعتًا للمرعى‏:‏ أي أخرجه أحوى فجعله غثاء وأخر رعاية للفاصلة‏.‏

وقوله ‏{‏غرابيب سود} والأصل سود غرابيب لأن الغربيب‏:‏ الشديد السواد‏.‏

وقوله ‏{‏فضحكت فبشرناها} أي فبشرناها فضحكت‏.‏

وقوله ‏{‏ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه‏}‏أي لهم بها وعلى هذا فالهم منفي عنه الثاني ما ليس كذلك‏.‏

وقد ألف فيه العلامة شمس الدين بن الصائغ كتابه المقدمة في سر الألفاظ المقدمة قال فيه‏:‏ الحكمة الشائعة الذائعة في ذلك الاهتمام كما قال سيبويه في كتابه‏:‏ كأنهم يقدمون الذي بيانه أهم وهم ببيانه أعنى‏.‏

قال‏:‏ هذه الحكمة إجمالية‏.‏

وأما تفاصيل أسباب التقديم وأسراره فقد ظهر لي منها في الكتاب العزيز عشرة أنواع‏.‏

الأول‏:‏ التبرك كتقديم اسم الله تعالى في الأمور ذات الشأن ومنه قوله تعالى {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم} وقوله ‏{‏واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول‏}‏الآية‏.‏


الثاني‏:‏ التعظيم

كقوله ‏{‏ومن يطع الله والرسول} إن الله وملائكته يصلون {والله ورسوله أحق أن يرضوه} الثالث‏:‏ التشريف كتقديم الذكر على الأنثى نحو ‏{‏إن المسلمين والمسلمات‏}‏ الآية والحر في قوله ‏{‏والحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى والحي في قوله ‏{‏يخرج الحي من الميت‏}‏الآية وما يستوي الأحياء ولا الأموات والخيل في قوله ‏{‏والخيل والبغال والحمير لتركبوها‏}‏والسمع في قوله وعلى سمعهم وعلى أبصارهم وقوله ‏{‏إن السمع والبصر والفؤاد‏}‏وقوله ‏{‏إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم‏}‏حكى ابن عطية عن النقاش أنه استدل بها على تفضيل السمع على البصر ولذا وقع في وصفه تعالى سميع بصير بتقديم السمع‏.‏

ومن ذلك تقديمه صلى الله عليه وسلم على نوح ومن معه في قوله ‏{‏وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح‏}‏الآية وتقديم الرسول في قوله ‏{‏من رسول ولا نبي‏}‏وتقديم المهاجرين في قوله تعالى ‏{‏والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار‏}‏وتقديم الإنس على الجن حيث ذكرا في القرآن وتقديم النبيين ثم الصديقين ثم الشهداء ثم الصالحين في آية النساء وتقديم إسماعيل على إسحاق لأنه أشرف بكون النبي صلى الله عليه وسلم من ولده وأسن وتقديم موسى على هارون لاصطفائه بالكلام وقدم هارون عليه في سورة طه رعاية للفاصلة وتقديم جبريل على ميكائيل في آية البقرة لأنه أفضل وتقديم العاقل على غيره في قوله ‏{‏متاعًا لكم ولأنعامكم‏}‏ ‏{‏يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات‏}‏‏.‏

وأما تقديم الأنعام في قوله ‏{‏تأكل منه أنعامهم وأنفسهم‏}‏فلأنه تقدم ذكر الزرع فناسب تقديم الأنعام بخلاف آية عبس فإنه تقدم فيها ‏{‏فلينظر الإنسان إلى طعامه‏}‏فناسب تقديم لكم وتقديم المؤمنين على الكفار في كل موضع وأصحاب اليمين على أصحاب الشمال والسماء على الأرض والشمس على القمر حيث وقع إلا في قوله ‏{‏خلق سبع سموات طباقًا وجعل القمر فيهن نورًا وجعل الشمس سراجًا فقيل لمراعاة الفاصلة وقيل لأن انتفاع أهل السموات العائد عليهن الضمير به أكثر‏.‏

وقال ابن الأنباري‏:‏ يقال أن القمر وجهه يضيء لأهل السموات وظهره لأهل الأرض ولهذا قال تعالى فيهن لما كان أكثر نوره يضيء إلى أهل السماء‏.‏

ومنه تقديم الغيب على الشهادة في قوله ‏{‏عالم الغيب والشهادة‏}‏لأن علمه أشرف وأما يعلم السر وأخفى فأخر فيه رعاية للفاصلة‏.‏

الرابع‏:‏ المناسبة وهي إما مناسبة المتقدم لسياق الكلام كقوله ‏{‏ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون‏}‏فإن الجمال بالجمال وإن كان ثابتًا حالتي السراح والإراحة إلا أنها حالة إراحتها وهومجيئها من الرعي آخر النهار يكون الجمال بها أفخر إذ هي فيه بطان وحالة سراحها للرعي أول النهار يكون الجمال بها دون الأول إذ هي فيه خماص ونظيره قوله تعالى ‏{‏والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا‏}‏قدم نفي الإسراف لأن الصرف في الإنفاق‏.‏

وقوله ‏{‏يريكم البرق خوفًا وطعمًا لأن الصواعق تقع مع أول برقة ولا يحصل المطر إلا بعد توالي البرقات‏.‏

وقوله ‏{‏وجعلناها وابنها آية للعالمين‏}‏قدمها على الابن لما كان السياق في ذكرها في قوله ‏{‏والتي أحصنت فرجها ولذلك قدم الابن في قوله ‏{‏وجعلنا ابن مريم وأمه آية‏}‏وحسنه تقدم موسى في الآية قبله‏.‏

ومنه قوله ‏{‏وكلا آتينا حكمًا وعلمًا‏}‏قدم الحكم وإن كان العلم سابقًا عليه لأن السياق فيه لقوله في أول الآية إذ يحكمان في الحرث وأما مناسبة لفظ هومن التقدم أوالتأخر كقوله ‏{‏الأول والآخر‏}‏‏.‏

ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ‏{‏لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر‏}‏ ‏{‏بما قدم وأخر‏}‏ ‏{‏ثلة من الأولين وثلة من الآخرين‏}‏ ‏{‏لله الأمر من قبل ومن بعد‏}‏ ‏{‏وله الحمد في الأولى والآخرة‏}‏وأما قوله ‏{‏فلله الآخرة والأولى‏}‏فلمراعاة الفاصلة وكذا قوله ‏{‏جمعناكم والأولين‏}‏‏.‏

الخامس‏:‏ الحث عليه والحض على القيام به حذرًا من التهاون به كتقديم الوصية على الدين في قوله ‏{‏من بعد وصية يوصي به أو دين‏}‏ مع أن الدين مقدم عليها شرعًا‏.‏

السادس‏:‏ السبق وهوإما في الزمان باعتبار الإيجاد كتقديم الليل على النهار والظلمات على النور وآدم على نوح ونوح على إبراهيم على موسى وهوعلى عيسى وداود على سليمان والملائكة على البشر في قوله ‏{‏الله يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس وعاد على ثمود والأزواج على الذرية في قوله ‏{‏قل لأزواجك وبناتك‏}‏والسنة على النوم في قوله ‏{‏لا تأخذه سنة ولا نوم أوباعتبار الإنزال كقوله ‏{‏صحف إبراهيم وموسى‏}‏وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان أوباعتبار الوجوب والتكليف نحو اركعوا واسجدوا فاغسلوا وجوهكم وأيديكم‏}‏ الآية إن الصفا والمروة من شعائر الله ولهذا قال صلى الله عليه وسلم نبدأ بما بدأ الله به أوبالذات نحو ‏{‏مثنى وثلاث ورباع‏}‏ ‏{‏ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم‏}‏وكذا جميع الأعداد كل مرتبة هي مقدمة على ما فوقها بالذات‏.‏

وأما قوله ‏{‏أن تقوموا لله مثنى وفرادى‏}‏فللحث على الجماعة والاجتماع على الحير‏.‏

السابع‏:‏ السببية كتقديم العزيز على الحكيم لأنه عز فحكم والعيم عليه بأن الأحكام والإتقان ناشئ عن العلم‏.‏

وأما تقدم الحكيم عليه في سورة الأنعام فلأنه مقام تشريع الأحكام ومنه تقديم العبادة على الاستعانة في سورة الفاتحة لأنها سبب حصول الإعانة وكذا قوله يحب التوابين ويحب المتطهرين لأن التوبة سبب الطهارة ‏{‏لكل آفاك أثيم‏}‏لأن الإفك سبب الاسم يغض من أبصارهم ويحفظ فروجهم لأن البصر داعية إلى الفرج‏.‏

الثامن‏:‏ الكثرة كقوله ‏{‏فمنكم كافر ومنكم مؤمن‏}‏لأن الكفار أكثر ‏{‏فمنهم ظالم لنفسه‏}‏الآية قدم الظالم لكثرته ثم المقتصد ثم السابق ولهذا قدم السارق على السارقة لأن السرقة في الذكور أكثر والزاني على الزاني لأن الزنى فيهن أكثر ومنه تقديم الرحمة على العذاب حيث وقع في القرآن غالبًا ولهذا ورد إن رحمتي غلبت غضبي وقوله ‏{‏إن من أزواجكم وأولادكم عدوًا لكم فاحذروهم‏}‏قال ابن الحاجب في أماليه‏:‏ إنما قدم الأزواج لأن المقصود الإخبار أن فيهم أعداء ووقوع ذلك في الأزواج أكثر منه في الأولاد وكان أقعد في المعنى المراد فقدم ولذلك قدمت الأموال في قوله ‏{‏إنما أموالكم وأولادكم فتنة‏}‏لأن الأموال لا تكاد تفارقها الفتنة إن الإنسان ليطغي أن رآه استغنى وليست الأولاد في استلزام الفتنة مثلها فكان تقديمها أولى‏.‏

التاسع‏:‏ الترقي من الأدنى إلى الأعلى كقوله ‏{‏ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها‏}‏الآية بدأ بالأدنى لغرض الترقي لأن اليد أشرف من الرجل والعين أشرف من اليد والسمع وأشرف من البصر ومن هذا النوع تأخير الأبلغ وقد خرج عليه تقديم الرحمن على الرحيم والرءوف على الرحيم والرسول على النبي في قوله ‏{‏وكان رسولًا نبيًا‏}‏وذكر لذلك نكت أشهرها مراعاة الفاصلة‏.‏

العاشر‏:‏ التدلي من الأعلى إلى الأدنى‏.‏

وخرج عليه ‏{‏لا تأخذه سنة ولا نوم‏}‏لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ‏{‏لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المقربون‏}‏هذا ما ذكره ابن الصائغ‏.‏

وزاد غيره أسبابًا أخر منها‏:‏ كونه أدل على القدرة وأعجب كقوله ‏{‏ومنهم من يمشي على بطنه‏}‏ الآية وقوله ‏{‏وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير‏}‏قال الزمخشري‏:‏ قدم الجبال على الطير لأن تسخيرها له وتسبيحها أعجب وأدل على القدرة وأدخل في الإعجاز لأنها جماد والطير حيوان ناطق‏.‏

ومنها‏:‏ رعاية الفواصل وسيأتي ذلك أمثلة كثيرة ومنها إفادة الحصر للاختصاص وسيأتي في النوع الخامس والخمسين‏.‏تنبيه قد يقدم لفظ في موضع ويؤخر في آخر ونكتة ذلك إما لكون السياق في كل موضع يقتضي ما وقع فيه كما تقدمت الإشارة إليه وإما لقصد البداءة والختم به للاعتناء بشأنه كما في قوله ‏{‏يوم تبيض وجوه‏}‏الآيات وإما لقصد التفنن في الفصاحة وإخراج الكلام على عدة أساليب كما في قوله ‏{‏وادخلوا الباب وقولوا حطه‏}‏وقوله ‏{‏وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدًا‏}‏وقوله ‏{‏إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور‏}‏وقال في الأنعام ‏{‏قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس‏}‏‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالخميس 16 أبريل 2009 - 15:21

النوع الخامس والأربعون في عامه وخاصه

العام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر وصيغة كل مبتدأة نحو كل من عليها فان أوتابعة نحو ‏{‏فسجد الملائكة كلهم أجمعون‏}‏والذي والتي وتثنيتهما وجمعهما نحو والذي قال لوالديه أف لكما فإن المراد به كل من صدر منه هذا القول بدليل قوله بعد أولئك الذين حق عليهم القول والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة للذين أحسنوا الحسنى وزيادة للذين اتقوا عند ربهم جنات ‏{‏واللائي يئسن من المحيض‏}‏الآية ‏{‏واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا‏}‏ الآية واللذان يأتيانها منكم فادوهما‏.‏

وأي ومن شرطًا واستفهامًا وموصولًا نحو ‏{‏أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى‏}‏ ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم‏}‏‏{‏من يعمل سوءًا يجز به‏}‏ والجمع المضاف نحو ‏{‏يوصيكم الله في أولادكم‏}‏والمعرف بأل نحو ‏{‏قد أفلح المؤمنون‏}‏واقتلوا المشركين واسم الجنس المضاف نحو ‏{‏فليحذر الذين يخالفون عن أمره‏}‏أي كل أمر الله‏.‏

والمعرف بأل نحو ‏{‏وأحل الله البيع‏}‏أي كل بيع ‏{‏إن الإنسان لفي خسر‏}‏أي كل إنسان بدليل إلا الذين آمنوا أوالنكرة في سياق النفي والنهي نحو ‏{‏فلا تقل لهما أف‏}‏ ‏{‏وإن من شيء إلا عندنا خزائنه‏}‏ ‏{‏ذلك الكتاب لا ريب فيه‏}‏ ‏{‏فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج‏}‏وفي سياق الشرط نحو ‏{‏وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله‏}‏وفي سياق الامتنان نحو ‏{‏وأنزلنا من السماء ماء طهورًا‏}‏‏.‏

فصل العام على ثلاثة أقسام‏.‏

الأول‏:‏ الباقي على عمومه‏.‏

قال القاضي جلال الدين البلقيني ومثاله عزيز إذ ما من عام إلا ويتخيل فيه التخصيص فقوله ‏{‏يا أيها الناس اتقوا ربكم‏}‏قد يخص منه غير المكلف ‏{‏حرمت عليكم الميتة‏}‏خص منه حالة الاضطرار ومنه السمك والجراد وحرم الربا خص منه العرايا‏.‏

وذكر الزركشي في البرهان أنه كثير في القرآن وأورد منه والله بكل شيء عليم إن الله لا يظلم الناس شيئًا ولا يظلم ربك أحدًا الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحيكم الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة الله الذي جعل لكم الأرض قرارًا قل‏:‏ هذه الآيات كلها في غير الأحكام الفرعية فالظاهر أن مراد البلقيني أنه عزيز في الأحكام الفرعية وقد استخرجت من القرآن بعد الفكر آية فيها وهي قوله ‏{‏حرمت عليكم أمهاتكم‏}‏الآية فإنه لا خصوص فيها‏.‏

الثاني‏:‏ العام المراد به الخصوص‏.‏

والثالث‏:‏ العام المخصوص

وللناس بينهما فروق‏:‏ أن الأول لم يرد شموله لجميع الأفراد لا من جهة تناول اللفظ ولا من جهة الحكم بل هوذوأفراد استعمل في فرد منها‏.‏

والثاني أريد عمومه وشموله لجميع الأفراد من جهة تناول اللفظ لها لا من جهة الحكم‏.‏

ومنها‏:‏ أن الأول مجاز قطعًا لنقل اللفظ عن موضعه الأصلي بخلاف الثاني فإن فيه مذاهب‏:‏ أصحها أنه حقيقة وعليه أكثر الشافعية وكثير من الحنفية وجميع الحنابلة ونقله إمام الحرمين عن جميع الفقهاء‏.‏

وقال الشيخ أبوحامد إنه مذهب الشافعي وأصحابه وصححه السبكي لأن تناول اللفظ للبعض الباقي بعد التخصيص كتناوله له بلا تخصيص وذلك التناول حقيقي اتفاقًا فليكن هذا التناول حقيقيًا أيضًا ومنها أن قرينة الأول عقلية والثاني لفظية‏.‏

ومنها‏:‏ أن قرينة الأول لا تنفك عنه وقرينة الثاني قد تنفك عنه‏.‏

ومنها‏:‏ أن الأول يصح أن يراد به واحد اتفاقًا وفي الثاني خلاف‏.‏

ومن أمثلة المراد به الخصوص قوله تعالى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم والقائل واحد‏:‏ نعيم بن مسعود الاشجعي أوأعرابي من خزاعة كما أخرجه ابن مردويه من حديث أبي رافع لقيامه مقام كثير في تثبيطه المؤمنين عن ملاقاة أبي سفيان‏.‏

قال الفارسي ومما يقوى أن المراد به واحد قوله ‏{‏إنما ذلكم الشيطان‏}‏فوقعت الإشارة بقوله ذلكم إلى واحد بعينه ولوكان المعنى به جمعًا لقال‏:‏ إنما أولئكم الشيطان فهذه دلالة ظاهرة في اللفظ‏.‏

ومنها قوله تعالى ‏{‏أم يحسدون الناس‏}‏ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم لجمعه ما في الناس من الخصال الحميدة‏.‏

ومنها‏:‏ قوله ‏{‏ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس‏}‏‏.‏

قال‏:‏ إبراهيم‏:‏ ومن الغريب قراءة سعيد بن جبير ‏{‏من حيث أفاض الناس‏}‏قال في المحتسب‏:‏ يعني آدم لقوله ‏{‏فنسي ولم نجد له عزمًا‏}‏ومنها قوله تعالى ‏{‏فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب‏}‏أي جبريل كما في قراءة ابن مسعود‏.‏

وأما المخصوص فأمثلته في القرآن كثيرة جدًا وهي أكثر من المنسوخ إذ ما من عام إلا وقد خص ثم المخصص له إما متصل وإما منفصل‏.‏

فالمتصل خمسة وقعت في القرآن‏:‏ أحدها الاستثناء نحو ‏{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا‏}‏ ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ الآية ‏{‏ومن يفعل ذلك يلق آثامًا‏}‏إلى قوله ‏{‏إلا من تاب‏}‏ ‏{‏والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم‏}‏ ‏{‏كل شيء هالك إلا وجهه‏}‏‏.‏

الثاني‏:‏ الوصف نحو ‏{‏وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن‏}‏

الثالث‏:‏ الشرط نحو ‏{‏والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرًا‏}‏ ‏{‏كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيرًا الوصية‏}‏‏.‏الرابع‏:‏ الغاية نحو ‏{‏قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر‏}‏إلى قوله ‏{‏حتى يعطوا الجزية‏}‏ ‏{‏ولا تقربوهن حتى يطهرن‏}‏ ‏{‏ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله‏}‏ ‏{‏وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض‏}‏الآية‏.‏

الخامس‏:‏ بدل البعض من الكل نحو ‏{‏ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا‏}‏والمنفصل آية أخرى في محل آخر أوحديث أوإجماع أوقياس‏.‏

فمن أمثلة ما خص بالقرآن قوله تعالى ‏{‏والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء‏}‏خص بقوله ‏{‏إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة‏}‏وبقوله ‏{‏وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن‏}‏و‏{‏حرمت عليكم الميتة والدم‏}‏ خص من الميتة السمك بقوله ‏{‏أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة‏}‏ومن الدم الجامد بقوله ‏{‏أو دمًا مسفوحًا‏}‏وقوله ‏{‏وآتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا‏}‏الآية خص بقوله تعالى ‏{‏فلا جناح عليهما فيما افتدت به‏}‏ وقوله ‏{‏الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة‏}‏خص بقوله ‏{‏فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب‏}‏وقوله ‏{‏فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏}‏خص بقوله ‏{‏حرمت عليكم أمهاتكم‏}‏الآية‏.‏

ومن أمثلة ما خص بالحديث قوله تعالى ‏{‏وأحل الله البيع‏}‏خص منه البيوع الفاسدة وهي كثيرة بالسنة ‏{‏وحرم الربا‏}‏خص منه العرايا بالسنة وآيات المواريث خص منها القائل والمخالف في الدين بالسنة وآيات تحريم الميتة خص منها الجراد بالسنة وآية ثلاثة قروء خص منها الأمة بالسنة وقوله ‏‏ماءً طهورًا خص منه المتغير بالسنة وقوله ‏{‏والسارق والسارقة فاقطعوا‏}‏خص منه من سرق دون ربع دينار بالسنة‏.‏

ومن أمثلة ما خص بالإجماع آية المواريث خص منها الرقيق فلا يرث بالإجماع ذكره مكي‏.‏

ومن أمثلة ما خص بالقياس آية الزنا ‏{‏فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة‏}‏خص منها العبد بالقياس على الأمة المنصوصة في قوله ‏{‏فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب‏}‏المخصص لعموم الآية ذكره مكي أيضًا‏.‏

فصل من خاص القرآن ما كان مخصصًا لعموم السنة وهوعزيز‏.‏

ومن أمثلته قوله تعالى حتى يعطوا الجزية خص عموم قوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله‏.‏

وقوله ‏{‏حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى‏}‏خص عموم نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الأوقات المكروهة بإخراج الفرائض‏.‏

وقوله ‏{‏ومن أصوافها وأوبارها‏}‏الآية خص عموم قوله صلى الله عليه وسلم ما أبين من حي فهوميت‏.‏

وقوله ‏{‏والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم} خص عموم قوله عليه الصلاة والسلام لا تحل الصدقة لغنى ولا لذا مر سوى‏.‏

وقوله ‏{‏فقاتلوا التي تبغي‏}‏خص عموم قوله عليه الصلاة والسلام إذا التقى المسلمان بسيفيهما والمقتول في النار‏.‏

فروع منثور تتعلق بالعموم والخصوص‏.‏

الأول‏:‏ إذا سيق العام للمدح أوالذم فهل هوباق على عمومه فيه مذاهب‏.‏

أحدها‏:‏ نعم إذا لا صارف عنه ولا تنافي بين العموم وبين المدح أوالذم‏.‏

والثالث وهوالأصح‏:‏ التفصيل فيعم إن لم يعارضه عام آخر لم يسق لذلك ولا يعم إن عارضه ذلك جمعًا بينهما مثاله ولا معارض قوله تعالى ‏{‏إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم‏}‏ ومع المعارض قوله تعالى ‏{‏والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم‏}‏ فإنه سيق للمدح وظاهره يعم الأختين بملك اليمين جمعًا وعارضه في ذلك ‏{‏وأن تجمعوا بين الأختين‏}‏فإنه شامل لجمعهما بملك اليمين ولم يسق للمدح فحمل الأول على غير ذلك بأن لم يرد تناوله له ومثاله في الذم ‏{‏والذين يكنزون الذهب والفضة‏}‏الآية فإنه سيق للذم وظاهره يعم الحلى المباح وعارضه في ذلك حديث جابر ليس في الحلى زكاة وحمل الأول على غير ذلك‏.‏

والثاني‏:‏ اختلف في الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم نحو‏:‏ يا أيها النبي يا أيها الرسول هويشمل الأمة فقيل نعم لأن أمر القدوة أمر لأتباعه معه عرفًا والأصح في الأصول المنع لاختصاص الصيغة‏.‏

الثالث‏:‏ اختلف في الخطاب بيا أيها الناس هل يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم على مذاهب أصحها وعليه الأكثرون نعم لعموم الصيغة له‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن الزهري قال‏:‏ إذا قال الله يا أيها اللذين آمنوا افعلوا فالنبي صلى الله عليه وسلم منهم‏.‏

والثاني‏:‏ لا لأنه ورد في لسانه لتبليغ غيره ولما له من الخصائص‏.‏

الرابع‏:‏ الأصح في الأصول أن الخطاب بيا أيها الناس يشمل الكافر والعبد لعموم اللفظ‏.‏

وقيل لا يعم الكافر بناء على عدم تكليفه بالفروع‏.‏

ولا العبد لصرف منافعه إلى سيده شرعًا‏.‏

الخامس‏:‏ اختلف في من هل يتناول الأنثى فالأصح نعم خلافًا للحنفية لنا قوله تعالى ‏{‏ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى‏}‏فالتفسير بهما دال على تناول من لهما وقوله ‏{‏ومن يقنت منكن لله} واختلف في جمع المذكر السالم هي يتناولها لا أصح لا وإنما يدخلن بقرينة أما المكسر فلا خلاف في دخولهن فيه‏.‏

السادس‏:‏ اختلف في الخطاب بيا أهل الكتاب هل يشمل المؤمنين فالأصح لا لأن اللفظ قاصر على من ذكر‏.‏

وقيل إن شاركوهم في المعنى شملهم وإلا فلا‏.‏

واختلف في الخطاب بيا أيها الذين آمنوا هل يشمل أهل الكتاب فقيل لا بناء على أنهم غير مخاطبين بالفروع وقيل نعم واختاره ابن السمعاني قال‏:‏ وقوله يا أيها الذين آمنوا خطاب تشريف لا تخصيص‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالأربعاء 3 يونيو 2009 - 12:01

النوع السادس والأربعون في مجمله ومبينه


المجمل ما لم تتضح دلالته وهوواقع في القرآن خلافًا لداود الظاهري‏.‏

وفي جواز بقائه مجملًا أقوال‏.‏

أصحها‏:‏ لا يبقى المكلف بالعمل به بخلاف غيره‏.‏

وللإجمال أسباب‏:‏ منها الاشتراك نحو ‏{‏والليل إذا عسعس‏}‏فإنه موضوع لأقبل وأدبر ‏{‏ثلاثة قروء‏}‏فإن القرء موضوع للحيض والطهر ‏{‏أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح‏}‏يحمل الزوج والولي فإن كلًا منهما بيده عقدة النكاح‏.‏

ومنها الحذف نحو ‏{‏وترغبون أن تنكحوهن‏}‏يحمل في وعن ومنها‏:‏ اختلاف مرجع الضمير نحو ‏{‏إليه يصعد الكلم الطيب‏}‏والعمل الصالح يرفعه يحتمل عود ضمير الفاعل في يرفعه إلى ما عاد عليه ضمير إليه وهوالله ويحتمل عودة إلى العمل والمعنى‏:‏ أن العمل الصالح هو الذي يرفعه الكلم الطيب ويحتمل عوده إلى الكلم‏:‏ أي أن الكلم الطيب وهوالتوحيد يرفع العمل الصالح لأنه لا يصح العمل إلا مع الإيمان‏.‏

ومنها‏:‏ احتمال العطف والاستئناف نحو ‏{‏إلا الله والراسخون في العلم‏}‏يقولون ومنها غرابة اللفظ نحو فلا تعضلوهن ومنها عدم كثرة الاستعمال نحو يلقون السمع أي يسمعون ثاني عطفه أي متكبر فأصبح يقلب كفيه أي نادمًا‏.‏

ومنها التقديم والتأخير نحو ‏{‏ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزامًا وأجل مسمى‏}‏أي ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزامًا ‏{‏يسألونك كأنك حفي عنها‏}‏أي يسألونك عنها كأنك خفي‏.‏

ومنها‏:‏ قلب المنقول نحو ‏{‏طور سينين‏}‏أي سينًا على آل ياسين أي على إلياس‏.‏

ومنها‏:‏ التكريم القاطع لووصل الكلام في الظاهر نحو للذين استضعفوا لمن آمن منهم‏.‏

فصل قد يقع التبيين متصلًا نحو من الفجر بعد قوله ‏{‏الخيط الأبيض من الخيط الأسود‏}‏ومنفصلًا في آية أخرى نحو فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيرها بعد قوله ‏{‏الطلاق مرتان‏}‏بينت أن المراد به الطلاق الذي تملك الرجعة بعده ولولاها لكان الكل منحصرًا في الطلقتين‏.‏

وقد أخرج أحمد وأبوداود في ناسخه وسعيد بن منصور وغيرهم عن أبي رزين الأسدي قال قال رجل‏:‏ يا رسول الله أرأيت قول الله الطلاق مرتان فأين الثالثة قال أوتسريح بإحسان‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أنس قال قال رجل‏:‏ يا رسول الله ذكر الله الطلاق مرتين فأين الثالثة قال إمساك بمعروف أوتسريح بإحسان وقوله ‏{‏وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة‏}‏ دال على جواز الرؤية ويفسره ا المراد بقوله ‏{‏لا تدركه الأبصار‏}‏ قال‏:‏ لا تحيط به‏.‏

وأخرج عن عكرمة أنه قيل له عند ذكر الرؤية‏:‏ أليس قد قال لا تدركه الأبصار فقال‏:‏ ألست ترى السماء أفكلها ترى وقوله ‏{‏أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم‏}‏فسره قوله ‏{‏حرمت عليكم الميتة‏}‏الآية‏.‏

وقوله ‏{‏مالك يوم الدين‏}‏ فسره قوله ‏{‏وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين‏}‏ الآية‏.‏

وقوله ‏{‏فتلقى آدم من ربه كلمات‏}‏فسره قوله ‏{‏قالا ربنا ظلمنا أنفسنا‏}‏ الآية‏.‏

وقوله ‏{‏وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلًا‏}‏فسره قوله في آية النحل بالأنثى وقوله ‏{‏وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم‏}‏قال العلماء‏:‏ بيان هذا العهد قوله ‏{‏لئن اقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي‏}‏ الخ فهذا عهده وعهدهه لأكفرن عنكم سيئاتكم الخ‏.‏

وقوله ‏{‏صراط الذين أنعمت عليهم‏}‏بينه قوله ‏{‏فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين‏}‏الآية وقد يقع التبيين بالسنة مثل وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ولله على الناس حج البيت وقد بينت السنة أفعال الصلاة والحج ومقادير نصب الزكوات في أنواعها‏.‏

تنبيه اختلف في آيات هل هي من قبيل المجمل أولا آية السرقة قيل إنها مجملة في اليد لأنها تطلق على العضوإلى الكوع وإلى المرفق وإلى المنكب‏.‏

وفي القطع لأنه يطلق على الإبانة وعلى الجرح ولا ظهور لواحد من ذلك وإبانة الشارع من الكوع تبيين أن المراد ذلك‏.‏

وقيل لا إجمال فيها لأن القطع ظاهر في الإبانة ومنها وامسحوا بؤوسكم قيل إنها مجملة لترددها بين مسح الكل والبعض ومسح الشارع الناصية مبين لذلك وقيل لا وإنما هي لمطلق المسح الصادق بأقل ما ينطلق عليه الاسم وبغيره ومنها حرمت عليكم أمهاتكم قيل مجملة لأن إسناد التحريم إلى العين لا يصح لأنه إنما يتعلق بالفعل فلا بد من تقديره وهومحتمل لأمور لا حاجة إلى جميعها والمرجح لبعضها‏.‏

وقيل لا لوجود المرجح وهوالعرف فإنه يقضي بأن المراد تحريم الاستمتاع بوطء أونحوه ويجري ذلك في كل ما علق فيه التحريم والتحليل بالأعيان‏.‏

ومنها وأحل الله البيع وحرم الربا قيل إنها مجملة لأن الربا الزيادة وما من بيع إلا وفيه زيادة فافتقر إلى بيان ما يحل وما يحرم‏.‏

وقيل لأن البيع منقول شرعًا فحمل على عمومه ما لم يقل دليل التخصيص‏.‏

وقال الماوردي‏:‏ للشافعي في هذه الآية أربعة أقوال‏.‏

أحدها‏:‏ أنها عامة فإن لفظها لفظ عموم يتناول كل بيع ويقتضي إباحة جميعها إلا ما خصه الدليل وهذا القول أصحها عند الشافعي وأصحابه لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيوع كانوا يعتادونها ولم يبين الجائز فدل على أن الآية تناولت إباحة جميع البيوع إلا ما خص منها فبين صلى الله عليه وسلم الخصوص قال‏:‏ فعلى هذا في العموم قولان‏.‏

أحدهما‏:‏ أنه عموم أريد به العموم وإن دخله التخصيص‏.‏

والثاني‏:‏ أنه عموم أريد به الخصوص‏.‏

قال‏:‏ والفرق بينهما أن البيان في الثاني متقدم على اللفظ وفي الأول متأخر عنه مقترن به‏.‏

قال‏:‏ وعلى القولين يجوز الاستدلال بالآية في المسائل المختلف فيها ما لم يقل دليل تخصيص‏.‏

والقول الثاني‏:‏ أنها مجملة لا يعقل منها صحة بيع من فساده إلا ببيان النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

ثم قال‏:‏ هل هي مجملة بنفسها أم بعارض ما نهى عنه من البيوع وجهان‏.‏

وهل الإجمال في المعنى المراد دون لفظها لأن لفظ البيع اسم لغوي معناه معقول لكن لما قام بإزائه من السنة ما يعارضه تدافع معمومان ولم يتعين المراد إلا ببيان السنة فصار مجملًا لذلك دون اللفظ وفي اللفظ أيضًا لأنه لما يكن المراد منه ما وقع عليه الاسم وكانت له شرائط غير معقولة في اللغة كان مشكلًا أيضًا وجهان‏.‏

قال‏:‏ وعلى الوجهين لا يجوز الاستدلال بها على صحة بيع ولا فساده وإن دلت على صحة البيع من أصله‏.‏

قال‏:‏ وهذا هو الفرق بين العام والمجمل حيث جاز الاستدلال بظاهر العموم ولم يجز الاستدلال بظاهر المجمل‏.‏

والقول الثالث‏:‏ أنها عامة مجملة معًا‏.‏

قال‏:‏ واختلف في وجه ذلك على أوجه‏.‏

أحدها‏:‏ أن العموم في اللفظ والإجمال في المعنى فيكون اللفظ عامًا مخصوصًا والمعنى مجملًا لحقه التفسير‏.‏

والثاني‏:‏ أن العموم في وأحل الله البيع والإجمال في وحرم الربا والثالث‏:‏ أنه كان مجملا فلما بينه النبي صلى الله عليه وسلم صار عامًا فيكون داخلًا في المجمل قبل البيان وفي العموم بعد البيان فعلى هذا يجوز الاستدلال بظاهرها في البيوع المختلف فيها‏.‏

والقول الرابع‏:‏ أنها تناولت بيعًا معهودًا ونزلت بعد أن أحل النبي صلى الله عليه وسلم بيوعًا وحرم بيوعًا فللام للعهد فعلى هذا لا يجوز الاستدلال بظاهرها أه‏.‏

ومنها‏:‏ الآيات التي فيها الأسماء الشرعية نحو ‏{‏وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة‏}‏فمن شهد منكم الشهر فليصمه ‏{‏ولله على الناس حج البيت‏}‏قيل إنها مجملة لاحتمال الصلاة لكل دعاء والصيام لكل إمساك والحج لكل قصد والمراد بها لا تدل عليه اللغة وافتقر إلى البيان‏.‏

وقيل لا بل يحمل على كل ما ذكر إلا ما خص بدليل‏.‏

تنبيه قال ابن الحصار‏:‏ من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد‏.‏

قال‏:‏ والصواب بأن المجمل اللفظ المبهم الذي لا يفهم المراد منه والمحتمل اللفظ الواقع بالوضع الأول على معنيين مفهومين فصاعدًا سواء كان حقيقة في كلها أوبعضها‏.‏

قال‏:‏ بينهما أن المحتمل يدل على أمور معروفة واللفظ مشترك متردد بينهما والمبهم لا يدل على أمر معروف مع القطع بأن الشارع لويفوض لأحد بيان المجمل بخلاف المحتمل‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالأربعاء 3 يونيو 2009 - 12:03

النوع السابع والأربعون في ناسخه ومنسوخه



أفرده بالتصنيف خلائق لا يخصون منهم أبوعبيد القاسم بن سلام وأبوداود السجستاني وأبوجعفر النحاس وابن الأنباري ومكي وابن العربي وآخرون‏.‏

قال الأئمة‏:‏ لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ‏.‏

وقد قال علي لقاض‏:‏ أتعرف الناسخ من المنسوخ قال‏:‏ لا قال‏:‏ هلكت وأهلكت‏.‏

وفي هذا النوع مسائل‏.‏

الأولى‏:‏ يرد الناسخ بمعنى الإزالة ومنه قوله ‏{‏فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته‏}‏ وبمعنى التبديل ومنه ‏{‏وإذا بدلنا آية مكان آية‏}‏وبمعنى التحويل كتناسخ المواريث بمعنى تحويل الميراث من واحد إلى واحد وبمعنى النقل من موضع إلى موضع‏.‏

ومنه نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه حاكيًا للفظه وخطه‏.‏

قال‏:‏ وهذا الوجه لا يجوز أ يصح في القرآن وأنكر على النحاس أجازته ذلك محتجًا بأن الناسخ فيه لا يأتي بلفظ المنسوخ وأنه إنما يأتي بلفظ آخر‏.‏

وقال السعيدي‏.‏

يشهد لما قاله النحاس قوله تعالى ‏{‏إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون‏}‏وقال ‏{‏وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم‏}‏ومعلوم أن ما نزل من الوحي نحو ما جميعه في أم الكتاب وهواللوح المحفوظ كما قال تعالى ‏{‏في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون‏}‏ الثانية‏:‏ النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير وقد أجمع المسلمون على جوازه وأنكره اليهود ظنًا منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدوله وهوباطل لأنه بيان مدة الحكم كالإحياء بعد الإماتة وعكسه والمرض بعد الصحة وعكسه والفقر بعد الغنى وعكسه وذلك لا يكون بداء فكذا الأمر والنهي‏.‏

واختلف العلماء فقيل‏:‏ لا ينسخ القرآن إلا بقرآن كقوله تعالى ‏{‏ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها‏}‏قالوا‏:‏ ولا يكون مثل القرآن وخيرًا منه إلا قرآن

وقيل بل ينسخ القرآن بالسنة لأنها ايضًا من عند الله قال تعالى ‏{‏وما ينطق عن الهوى‏}‏وجعل منه آية الوصية الآتية‏.‏

والثالث‏:‏ إذا كانت السنة بأمر الله من طريق الوحي نسخت وإن كانت باجتهاد فلا حكاه ابن حبيب النيسابوري في تفسيره‏.‏

وقال الشافعي‏:‏ حيث وقع نسخ القرآن بالسنة فمعها قرآن عاضد لها وحيث وقع نسخ السنة بالقرآن معه سنة عاضدة له ليتبين توافق القرآن والسنة‏.‏

وقد بسطت فروع هذه المسئلة في شرح منظومة جمع الجوامع في الأصول‏.‏

الثالثة‏:‏ لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي ولوبلفظ الخبر أما الخبر الذي ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ ومنه الوعد والوعيد وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صنع من أدخل في كتب النسخ كثيرًا من آيات الإخبار والوعد والوعيد الرابعة‏:‏ النسخ أقسام‏.‏

أحدها‏:‏ نسخ المأمور قبل امتثاله وهوالنسخ على الحقيقة كآية النجوى‏.‏

الثني‏:‏ نسخ مما كان شرعًا لمن قبلنا كآية شرع القصاص والدية أوكان أمر به أمرًا إجماليًا كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالكعبة وصوم عاشوراء برمضان وإنما يسمى هذا نسخًا تجوزًا‏.‏

الثالث‏:‏ ما أمر به لسبب ثم يزول السبب كالأمر حين الضعف والقلة بالصبر والصفح ثم نسخ بإيجاب القتال وهذا في الحقيقة ليس نسخًا بل هومن قسم المنسأ كما قال تعالى أوننسأها فالمنسأ هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى وبهذا يضعف ما لهج به كثيرون من أن الآية في ذلك منسوخة بآية السيف وليس كذلك بل هي من المنسأ بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة تقتضي ذلك الحكم بل ينتقل بانتقال تلك العة إلى حكم آخر وليس بنسخ إنما النسخ الإزالة للحكم حتى لا يجوز امتثاله‏.‏

وقال مكي‏:‏ ذكر جماعة أن ما ورد من الخطاب مشعر بالتوقيت والغاية مثل قوله في البقرة فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره محكم غير منسوخ لأنه مؤجل بأجل والمؤجل بأجل لا نسخ فيه الخامسة‏.‏

قال بعضهم‏:‏ سور القرآن باعتبار الناسخ والمنسوخ أقسام‏:‏ قسم ليس فيه ناسخ ولا منسوخ وهوثلاثة وأربعون‏:‏ سورة الفاتحة ويس والحجرات والرحمن والحديد والصف والجمعة والتحريم والملك والحاقة ونوح والجن والمرسلات وعم والنازعات والانفطار وثلاث بعدها والفجر وما بعدها إلى آخر القرآن إلا التين والعصر والكافرين‏.‏

وقسم فيه الناسخ والمنسوخ وهوخمس وعشرون‏:‏ البقرة وثلاث بعدها والحج والنور وتاليها والأحزاب وسبأ والمؤمن والشورى والذاريات والطور والواقعة والمجادلة والمزمل والمدثر وكورت والعصر‏.‏

وقسم فيه الناسخ فقط وهوستة‏:‏ الفتح والحشر والمنافقون والتغابن والطلاق والأعلى‏.‏

وقسم فيه المنسوخ فقط وهوالأرعون الباقية‏.‏

وفيه نظر يعرف مما سيأتي‏.‏السادسة‏:‏ قال مكي‏:‏ الناسخ أقسام‏:‏ فرض نسخ فرضًا لا يجوز العمل بالأول كنسخ الحبس للزواني بالحد‏.‏

وفرض نسخ فرضًا ويجوز العمل بالأول كآية المصاهرة‏.‏

وفرض نسخ ندبًا كالقتال كان ندبًا ثم صار فرضًا‏.‏

وندب نسخ فرضًا كقيام الليل نسخ بالقراءة في قوله ‏{‏فاقرءوا ما تيسر من القرآن‏}‏‏.‏

السابعة‏:‏ النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب‏.‏

أحدها‏:‏ ما نسخ تلاوته وحكمه معًا‏.‏

قالت عائشة‏:‏ كان فيما أنزل عشر مرضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات‏.‏

فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ في القرآن‏.‏

رواه الشيخان وقد تكلموا في قولها‏:‏ وهن مما يقرأ من القرآن فإن ظاهره بقاء التلاوة وليس كذلك‏.‏

وأجيب بأن المراد قارب الوفاة أوأن التلاوة نسخت أيضًا ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي وبعض الناس يقرؤها‏.‏

وقال أبوموسى الأشعري‏:‏ نزلت ثم رفعت‏.‏

وقال مكي‏:‏ هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضًا غير متلو ولا أعلم له نظيرًا أه‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ ما نسخ حكمه دون تلاوته وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة وهوعلى الحقيقة قليل جدًا وإن أكثر الناس من تعديد الآيات فيه فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه‏.‏

والذي أقوله‏:‏ إن الذي أورده المكثرون أقسام‏:‏ قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص ولا له علاقة هما بوجه من الوجوه وذلك مثل قوله تعالى ومما رزقناهم ينفقون وأنفقوا مما رزقناكم ونحوذلك قالوا‏:‏ إنه منسوخ بآية الزكاة وليس كذلك هوباق أما الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة على الأهل وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك وكذا قوله تعالى أليس الله بأحكم الحاكمين قيل إنها مما نسخ بآية السيف وليس كذلك لأنه تعالى احكم الحاكمين أبدًا لا يقبل هذا الكلام النسخ وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة‏.‏

وقوله في البقرة وقولوا للناس حسنًا عده بعضه من المنسوخ بآية السيف وقد غلطه ابن الحصار بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهوخبر فلا نسخ فيه وقس على ذلك وقسم هون قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ‏.‏

وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد كقوله ‏{‏إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا‏}‏ ‏{‏والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا‏}‏ ‏{‏فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره‏}‏وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أوغاية‏.‏

وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ ومنه قوله ‏{‏ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن‏}‏قيل إنه نسخ بقوله ‏{‏والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب‏}‏وإنما هومخصوص به‏.‏

وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أوفي شرائع من قبلنا أوفي أول الإسلام ولم ينزل في القرآن كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب وهوالذي رجحه مكي وغيره ووجهوه ب ذلك لوعد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أوأكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب‏.‏

قالوا‏:‏ وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية أه‏.‏

نعم النوع الآخر منه وهورافع ما كان في أول الإسلام إدخاله أوجه من القسمين قبله إذا علمت ذلك فقد خرج من الآيات التي أوردها المكثرون الجم الغفير مع آيات الصفح والعفوإن قلنا إن آية السيف لم تنسخها وبقي مما يصلح لذلك عدد يسير وقد أفردته بأدلته في تأليف لطيف وها أنا أورده هنا محررًا‏.‏

فمن البقرة قوله تعالى ‏{‏كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت‏}‏الآية منسوخة قيل بآية المواريث وقيل بحديث ألا لا وصية لوارث وقيل بالإجماع حكاه ابن العربي‏.‏

قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية قيل منسوخه بقوله ‏{‏فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏}‏وقيل محكمة ولا مقدرة‏.‏

قوله ‏{‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث‏}‏ناسخة لقوله ‏{‏كما كتب على الذين من قبلكم‏}‏لأن مقتضاها الموافقة فيما كان عليهم من تحريم الأكل والوطء بعد النوم ذكره ابن العربي‏.‏وحكى قولًا آخر أنه نسخ لما كان بالسنة قوله تعالى ‏{‏يسألونك عن الشهر الحرام‏}‏الآية منسوخة بقوله ‏{‏وقاتلوا المشركين كافة‏}‏الآية أخرجه ابن جرير عن عطاء بن ميسرة‏.‏

قوله تعالى والذين يتوفون منكم إلى قوله ‏{‏متاعًا إلى الحول‏}‏منسوخة بآية أربعة أشهر وعشرًا والوصية منسوخه بالميراث والسكنى ثابتة عند قوم منسوخة عند آخرين بحديث ولا سكنى قوله تعالى ‏{‏وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله‏}‏منسوخة بقوله بعده لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها‏.‏

ومن آل عمران قوله تعالى اتقوا الله حق تقاته قيل إنه منسوخ بقوله ‏{‏فاتقوا الله ما استطعتم‏}‏ وقيل لا بل هومحكم وليس فيها آية يصح فيها دعوى النسخ غير هذه الآية‏.‏

ومن النساء قوله تعالى ‏{‏والذين عقدت إيمانكم فآتوهم نصيبهم‏}‏منسوخة بقوله ‏{‏وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله‏}‏ قوله تعالى ‏{‏وإذا حضر القسمة‏}‏الآية قيل منسوخة وقيل لا ولكن تهاون الناس بالعمل بها‏.‏

قوله تعالى ‏{‏واللاتي يأتين الفاحشة‏}‏الآية منسوخة بآية النور من المائدة‏.‏

قوله تعالى ‏{‏ولا الشهر الحرام‏}‏منسوخة بإباحة القتال فيه‏.‏

قوله تعالى ‏{‏فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم‏}‏منسوخة بقوله ‏{‏وأن احكم بينهم بما أنزل الله‏}‏قوله تعالى ‏{‏أو آخران من غيركم‏}‏منسوخ بقوله ‏{‏وأشهدوا ذوي عدل منكم‏}‏ومن الأنفال قوله تعالى ‏{‏ إن يكن منكم عشرون صابرون‏}‏الآية منسوخة بالآية بعدها‏.‏

ومن براءة قوله تعالى ‏{‏انفروا خفافًا وثقالًا‏}‏منسوخة بآية العذر وهو قوله ‏{‏ليس على الأعمى حرج‏}‏الآية‏.‏وقوله ‏{‏ليس على الضعفاء‏}‏الآيتين وبقوله ‏{‏وما كان المؤمنون لينفروا كافة‏}‏‏.‏

ومن النور قوله تعالى ‏{‏الزاني لا ينكح إلا زانية‏}‏الآية منسوخة بقوله ‏{‏وانكحوا الأيامى منكم‏}‏قوله تعالى ‏{‏ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم‏}‏الآية قيل منسوخة وقيل لا ولكن تهاون الناس في العمل بها‏.‏

ومن الأحزاب قوله تعالى ‏{‏لا يحل لك النساء‏}‏ الآية منسوخة بقوله ‏{‏إنا أحللنا لك أزواجك‏}‏الآية‏.‏

ومن المجادلة قوله تعالى ‏{‏إذا ناجيتم الرسول فقدموا‏}‏الآية منسوخة بالآية بعدها‏.‏

ومن الممتحنة قوله تعالى ‏{‏فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا‏}‏قل منسوخ بآية السيف وقيل بآية الغنيمة وقيل محكم‏.‏

ومن المزمل قوله ‏{‏قم الليل إلا قليلا‏}‏منسوخ بآخر السورة ثم نسخ الآخر بالصلوات الخمس‏.‏

فهذه إحدى وعشرون آية منسوخة على خلاف في بعضها لا يصح دعوى النسخ في غيرها والأصح في آية الاستئذان والقسمة الأحكام فصارت تسعة عشر‏.‏

ويضم إليها قوله تعالى ‏{‏فأينما تولوا فثم وجه الله‏}‏على رأي ابن عباس أنها منسوخة وقد أكثر الناس في المنسوخ من عدد وأدخلوا فيه آيا ليس تنحصر وهاك تحرير أي لا مزيد لها عشرين حررها الحذاق والكبر آي التوجه حيث المرء كان وإن يوصي لأهليه عند الموت محتضر وحرمة الكل بعد النوم مع رفث وفدية لمطيق الصوم مشتهر وحق تقواه فيما صح في أثر وفي الحرام قتال للألى كفروا والاعتداد بحول مع وصيتها وإن يدان حديث النفس والفكر والحلف والحبس للزاني وترك أولى كفروا شهادهم والصبر والنفر ومنع عقد لزان أولزانية وما على المصطفى في العقد محتظر ودفع مهر لمن جاءت وآية نج واه كذاك قيام الليل مستطر وزيد آية الاستئذان من ملكت وآية القسمة الفضلى لمن حضروا فإن قلت‏:‏ ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة فالجواب من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه الحكمة‏.‏

والثاني‏:‏ أن النسخ غالبًا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرًا للنعمة ورفع المشقة‏.‏

وأما ما قليل العدد كنسخ استقبال بيت المقدس بآية القبلة وصوم عاشوراء بصوم رمضان في أشياء أخر حررتها في كتابي المشار إليه‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالأربعاء 3 يونيو 2009 - 12:04

فوائد منثورة قال بعضهم‏:‏ ليس في القرآن ناسخ إلا والمنسوخ قبله في الترتيب إلا في آيتين‏:‏ آية العدة في البقرة وقوله ‏{‏لا يحل لك النساء‏}‏كما تقدم‏.‏

وزاد بعضهم ثالثة وهي آية الحشر في الفيء على رأي من قال إنها منسوخة بآية الأنفال ‏{‏واعلموا أنما غنمتم من شيء‏}‏وزاد قوم رابعة وهي قوله ‏{‏خذ العفو‏}‏يعني الفضل من أموالهم على رأي من قال أنها نسوخة بآية الزكاة‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ كل ما في القرآن من الصفح على الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم منسوخ بآية السيف وهي ‏{‏فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين‏}‏الآية نسخ مائة وأربعة وعشرين آية ثم نسخ آخرها أولها أه‏.‏

وقد تقدم ما فيه‏.‏

وقال أيضًا‏:‏ من عجيب المنسوخ قوله تعالى خذ العفو الآية فإن أولها وآخرها وهو وأعرض عن الجاهلين منسوخ ووسطها محكم وهو وأمر بالعرف وقال‏:‏ من عجيبه أيضًا آية أولها منسوخ وآخرها ناسخ ولا نظير لها وهي قوله ‏{‏عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم‏}‏يعني بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا ناسخ لقوله ‏{‏عليكم أنفسكم‏}‏وقال السعيدي‏:‏ لم يمكث منسوخ مدة أكثر من قوله تعالى ‏{‏قل ما كنت بدعًا من الرسل‏}‏الآية مكثت ستة عشر سنة حتى نسخها أول الفتح عام الحديبية‏.‏

وذكر هبة الله بن سلامة الضرير أنه قال في قوله تعالى ‏{‏ويطعمون الطعام على حبه‏}‏الآية‏:‏ أن المنسوخ من هذه الجملة وأسيرًا والمراد بذلك أسير المشركين فقرئ عليه الكتاب وابنته تسمع فلما انتهى إلى هذا الموضع قالت له‏:‏ أخطأت يا أبت قال‏:‏ وكيف قالت‏:‏ أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم ولا يقتل جوعًا فقال‏:‏ صدقت‏.‏

وقال شيدلة في البرهان‏:‏ يجوز نسخ الناسخ فيصير منسوخًا كقوله ‏{‏لكم دينكم ولي دين‏}‏نسخها قوله تعالى ‏{‏اقتلوا المشركين‏}‏ثم نسخ هذه بقوله ‏{‏حتى يعطوا الجزية‏}‏كذا قال وفيه نظر من وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ ما تقدمت الإشارة إليه‏.‏

والآخر أن قوله ‏{‏حتى يعطوا الجزية‏}‏مخصص للآية لا ناسخ‏.‏نعم يمثل له بآخر سورة المزمل فإنه ناسخ لأولها منسوخ بفرض الصلوات‏.‏

وقوله ‏{‏انفروا خفافًا وثقالًا‏}‏ناسخ لآيات الكف منسوخ بآيات العذر‏.‏

وأخرج أبوعبيد عن الحسن وأبي ميسرة قالا‏:‏ ليس في المائدة منسوخ ويشكل بما في المستدرك عن ابن عباس أن قوله ‏{‏فاحكم بينهم أو أعرض عنهم‏}‏منسوخ بقوله ‏{‏وأن احكم بينهم بما أنزل الله‏}‏وأخرج أبوعبيد وغيره عن ابن عباس قال‏:‏ أول ما نسخ من القرآن نسخ القبلة‏.‏

وأخرج أبوداود في ناسخه من وجه أخذ عنه قال‏:‏ أول آية نسخت من القرآن القبلة ثم الصيام الأول‏.‏

قال مكي‏:‏ وعلى هذا فلم يقع في المكي ناسخ‏.‏

قال‏:‏ وقد ذكر أنه وقع فيه في آيات منها قوله تعالى في سورة غافر ‏{‏والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا‏}‏ فإنه ناسخ لقوله ‏{‏ويستغفرون لمن في الأرض‏}‏قلت‏:‏ أحسن من هذه نسخ قيام الليل في أول سورة المزمل بآخرها وبإيجاب الصلوات الخمس وذلك بمكة اتفاقًا‏.‏

تنبيه قال ابن الحصار‏:‏ إنما يرجع في النسخ إلى نقل صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوعن صحابي يقول آية كذا نسخت كذا‏.‏

قال‏:‏ وقد يحكم به عند وجود التعارض المقطوع به مع علم التاريخ ليعرف المتقدم والمتأخر‏.‏

قال‏:‏ ولا يعتمد في النسخ قول عوام المفسرين بل ولا اجتهاد المجتهدين من غير نقل صحيح ولا معارضة بينة لا النسخ يتضمن رفع حكم إثبات حكم تقرر في عهده صلى الله عليه وسلم والمعتمد فيه النقل والتاريخ دون الرأي والاجتهاد‏.‏

قال‏:‏ والناس في هذا بين طري نقيض فمن قائل لا يقبل في النسخ أخبار الآحاد العدول ومن متساهل يكتفي فيه بقول مفسر أومجتهد والصواب خلاف قولهما أه‏.‏

الضرب الثالث‏:‏ ما نسخ تلاوته دون حكمه‏.‏

وقد أورد بعضهم فيه سؤالًا وهو‏:‏ ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم وهلا أبقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها وأجاب صاحب الفنون بأن الذي ليظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام والمنام أدنى طريق الوحي‏.‏

وأمثلة هذا الضرب كثيرة‏.‏

قال أبوعبيد‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال‏:‏ ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله قد ذهب قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر‏.‏

قال‏:‏ حدثنا ابن أبي مريم عن أبي لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير بن عائشة قالت‏:‏ كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا ما هو الآن‏.‏

وقال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن جعفر عن المبارك بنفضالة عن عاصم بن أبي النجود عن ذر بن حبسش‏:‏ قال لي أبيّ بن كعب‏:‏ كأين تعد سورة الأحزاب قلت‏:‏ اثنتين وسبعين آية أوثلاثة وسبعين آية قال‏:‏ إن كانت لتعدل سورة البقرة وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم‏.‏

قلت‏:‏ وما آية الرجم قال‏:‏ إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم‏.‏

وقال‏:‏ حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته قالت‏:‏ لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم‏:‏ الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة بما قضيا من اللذة‏.‏

وقال‏:‏ حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني ابن أبي حميد عن حميدة بنت أبي يونس قالت‏:‏ قرأ على أبي وهوابن ثمانين سنة في مصحف عائشة‏:‏ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يصلون الصفوف الأول‏.‏

قالت‏:‏ قبل أن يغير عثمان المصاحف‏.‏

وقال‏:‏ حدثنا عبد الله ابن صالح عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوحى إليه أتيناه فعلمنا مما أوحى إليه‏.‏

قال‏:‏ فجئت ذات يوم فقال‏:‏ إن الله يقول‏:‏ إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولوأن لابن آدم لأحب أن يكون إليه الثاني ولوكان غليه الثاني لأحب أن يكون إليهما الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب‏.‏وأخرج الحاكم في المستدرك عن أبيّ بن كعب قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ ‏{‏لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين‏}‏ومن بقيتها‏:‏ لوأن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه سأل ثانيًا وإن سأل ثانيًا فأعطيه سأل ثالثًا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب وإن ذات الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرنية ومن يعمل خيرًا فلن يكفره وقال أبوعبيد‏:‏ حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة عن عليّ بن زيد عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ نزلت سورة نحوبراءة ثم رفعت وحفظ منها‏:‏ إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولوأن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثًا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب وأخرج ابن أبى حاتم عن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ كنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات ما نسناها غير أني حفظت منها‏:‏ يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ما لا تفعلون‏:‏ فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة وقال أبوعبيد‏:‏ حدثنا حجاج عن سعيد عن الحكم بت عتيبة عن عديّ ابن عديّ قال‏:‏ قال عمر‏:‏ كنا نقرأ‏:‏ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم‏.‏

ثم قال لزيد بن ثابت‏:‏ أكذلك قال‏:‏ نعم‏.‏

وقال‏:‏ حدثنا ابن أبى مريم عن نافع بن عمر الجمحي حدثني ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال‏:‏ قال عمر لعبد الرحمن بن عوف‏:‏ ألم تجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة فإنا لا نجدها‏.‏

قال‏:‏ أسقطت فيما أسقط من القرآن‏.‏وقال حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن يزيد بن عمروالمعافري عن أبي سفيان الكلاعي أن مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم‏:‏ أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك فقال ابن مسلمة‏:‏ إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون‏.‏

والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون‏.‏

وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عمر قال‏:‏ قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانا يقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال‏:‏ إنها مما نسخ فألهوا عنها‏.‏

وفي الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا وقنت يدعوعلى قاتليهم قال أنس‏:‏ ونزل فيهم قرآنًا قرأناه حتى رفع‏:‏ أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا‏.‏

وفي المستدرك عن حذيفة قال‏:‏ ما تقرءون ربعها‏:‏ يعني براءة‏.‏

قال الحسين بن المناري في كتابه الناسخ والمنسوخ‏:‏ ومما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر وتسمى سورتي الخلع والحفد‏.‏تنبيه حكى القاضي أبو بكر في الانتصار عن قوم إنكار هذا الضرب لأن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها

وقال أبو بكر الرازي‏:‏ نسخ الرسم والتلاوة وإنما يكون بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرناها في كتابه في قوله ‏{‏إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى‏}‏ ولا يعرف اليوم منها شيء ثم لا يخلوذلك من أن يكون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا توفي لا يكون متلوًا من القرآن أويموت وهومتلوموجود بالرسم ثك ينسيه الله الناس ويرفعه من أذهانهم وغير جائز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أه‏.‏

وقال في البرهان في قول عمر‏:‏ لولا أن تقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها‏:‏ يعني آية الرجم‏.‏

ظاهرة أن كتابتها جائزة وإنما منعه قول الناس‏.‏

والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه فإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة لأن هذا شأن المكتوب‏.‏

وقد يقال لوكانت التلاوة باقية لبادر عمر ولم يعرج على مقالة الناس لأن مقالة الناس لا يصلح مانعًا‏.‏

وبالجملة هذه الملازمة مشكلة ولعله كان يعتقد أنه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم ومن هنا أنكر ابن ظفر في الينبوع عد هذا مما نسخ تلاوته‏.‏

قال‏:‏ لأن خبر الواحد لا يثبت القرآن‏.‏

قال‏:‏ وإنما هذا من المنسأ لا النسخ وهما مما يلتبسان والفرق بينهما أن المنسأ لفظ قد يعلم حكمه أه‏.‏

وقوله لعله كان يعتقد أنه أخبر واحد مردود فقد صح أن تلقاها من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت قال‏:‏ كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة فقال عمر‏:‏ لما نزلت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت‏:‏ أكتبها فكأنه كره ذلك فقال عمر ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد وأن الشاب إذا زنا وقد أحصن رجم قال ابن حجر في شرح المنهاج‏:‏ فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها قلت‏:‏ وخطر لي في ذلك نكتة حسنة وهوأ سببه التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقيًا لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الإشارة إلى ندب الستر‏.‏

وأخرج النسائي أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت‏:‏ ألا تكتبها في المصحف قال‏:‏ ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ولقد ذكرنا ذلك فقال عمر‏:‏ أنا أكفيكم فقال‏:‏ يا رسول الله اكتب لي آية الرجم قال‏:‏ لا تستطيع‏.‏

قوله اكتب لي‏:‏ أي ائذن في كتابتها ومكني من ذلك‏.‏

واخرج ابن الضريس في فضل القرآن عن يعلي بن حكيم عن زيد أن عمر خطب الناس فقال‏:‏ لا تشكوفي الرجم فإنه حق ولقد هممت ا أكتبه في المصحف فسألت أبيّ بن كعب فقال‏:‏ أليس أتيتني وأنا استقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري وقلت‏:‏ تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر قال ابن حجر وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها وهوالاختلاف‏.‏

تنبيه قال ابن الحصار‏:‏ في هذا النوع إن قيل كيف يقع النسخ إلى غير بدل وقد قال تعالى ما ننسخ من آية أوننسها نأت بخير منها أومثلها وهذا إخبار لا يدخله خلف فالجواب أن تقول‏:‏ كل ما ثبت الآن في القرآن ولم ينسخ فهوبدل مما قد نسخت تلاوته فكل ما نسخه الله من القرآن مما لا نعلمه الآن فقد أبدله بما علمناه وتواتر إلينا لفظه ومعناه‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالأربعاء 3 يونيو 2009 - 12:06

النوع الثامن والأربعون في مشكله وموهم الاختلاف والتناقض


أفرده بالتصنيف قطرب والمراد به ما يوهم التعارض بين الآيات وكلامه تعالى منزه عن ذلك كما قال ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا ولكن قد يقع للمبتدئ ما يوهم اختلافًا وليس به في الحقيقة فاحتيج لإزالته وكما صنف في مختلف الحديث وبيان الجمع بين الأحاديث المتعارضة وقد تكلم في ذلك ابن عباس وحكى عنه التوقف في بعضها‏.‏

قال عبد الرزاق في تفسيره‏:‏ أنبأنا معمر عن رجل عن المنهال بن عمروعن سعيد بن جبير قال‏:‏ جاء رجل إلى ابن عباس فقال‏:‏ رأيت أشياء تختلف عليّ من القرآن فقال ابن عباس‏:‏ ما هو أشك قال‏:‏ ليس بشك ولكنه اختلاف قال‏:‏ هات ما اختلف عليك من ذلك قال‏:‏ أسمع الله يقول ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين وقال ولا يكتمون الله حديثًا فقد كتموا وأسمعه يقول فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ثم قال وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وقال أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين حتى بلغ طائعين ثم قال في الآية الأخرى أم السماء بناها ثم قال والأرض بعد ذلك دحاها وأسمعه يقول وكان الله ما شأنه يقول وكان الله فقال ابن عباس‏:‏ أما قوله ‏{‏ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين‏}‏فإنهم لما رأوا يوم القيامة والله يغفر لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركًا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا وعصوا الرسول لوتسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثًا وأما قوله ‏{‏فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون‏}‏فإنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون‏.‏ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون‏.‏

وأما قوله ‏{‏خلق الأرض في يومين‏}‏فإن الأرض خلقت قبل السماء وكانت السماء دخانًا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض‏.‏

وأما قوله ‏{‏والأرض بعد ذلك دحاها‏}‏يقول‏:‏ جعل فيها جبلًا وجعل فيها نهرًا شجرًا وجعل فيها بحورًا‏.‏

وأما قوله كان الله فإن الله كان ولم يزل كذلك وهوكذلك عزيز حكيم عليم قدير لم يزل كذلك فما اختلف عليك من القرآن فهويشبه ما ذكرت لك وإن الله لم ينزل إلا وقد أصاب به الذي أراد ولكن أكثر الناس لا يعلمون أخرجه بطوله الحاكم في المستدرك وصححه وأصله في الصحيح‏.‏قال ابن حجر في شرحه‏:‏ حاصل فيه السؤال عن أربعة مواضع‏.‏

الأول‏:‏ نفي المسألة يوم القيامة وإثباتها‏.‏

الثاني‏:‏ كتمان المشركين حالهم وإفشؤه‏.‏

الثالث‏:‏ خلق الأرض أوالسماء أيهما تقدم‏.‏

الرابع‏:‏ الإتيان بحرف كان الدالة على المضي مع أن الصفة لازمة‏.‏

وحاصل جواب ابن عباس عن الأول‏:‏ أن نفى المسألة فيما قبل النفخة الثانية وإثباتها فيما بعد ذلك‏.‏

وعن الثاني‏:‏ أنهم يكتمون بألسنتهم فتنطق أيديهم وجوارحهم وعن الثالث‏:‏ أنه بدأ خلق الأرض في يومين غير مدحوة ثم خلق السموات فسواهن في يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي وغيرها في يومين فتلك أربعة أيام للأرض‏.‏

وعن الرابع‏:‏ بأن كان وإن كانت للماضي لكنها لا تستلزم الانقطاع بل المراد أنه لم يزل كذلك فأما الأول فقد جاء فيه تفسير آخر أن نفي المسئلة عند تشاغلهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصراط وإثباتها فيما عدا ذلك وهذا منقول عن السدي أخرجه ابن جرير من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس أن نفي المسئلة عند النفخة الأولى وإثباتها بعد النفخة الثانية‏.‏

وقد تأول ابن مسعود نفي المسألة على معنى آخر وهوطلب بعضهم من بعض العفو فأخرج ابن جرير من طريق زاذان قال‏:‏ أتيت ابن مسعود فقال‏:‏ يؤخذ بيد العبد يوم القيامة فينادي‏:‏ ألا إن هذا فلان بن فلان فمن كان له حق قبله فليأت قال‏:‏ فتود المرأة يومئذ أن يثبت لها حق على أبيها أوابنها أوأخيها أوزوجها فلا أنساب بينهم يومئ ولا يتساءلون ومن طريق أخرى قال‏:‏ لا يسئل أحد يومئذ بنسب شيئًا ولا يتساءلون به ولا يمت برحم‏.‏

وأما الثاني فقد ورد بأبسط منه فيما أخرجه ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال‏:‏ قول الله ولا يكتمون الله حديثًا وقوله ‏{‏والله ربنا ما كنا مشركين‏}‏فقال‏:‏ إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت لهم آتى ابن عباس ألقى عليه متشابه القرآن فأخبرهم أن الله إذا جمع الناس يوم القيامة قال المشركون‏:‏ إن الله لا يقبل إلا ممن وحده قيسألهم فيقولون‏:‏ والله ربنا ما كنا مشركين قال‏:‏ فيختم على أفواههم وتستنطق جوارحهم‏.‏

ويؤيده ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة في أثناء حديث وفيه‏:‏ ثم يلقي الثالث فيقول‏:‏ رب آمنت بك وبكتابك ورسولك‏.‏

ويثني ما استطاع فيقول‏:‏ الآن نبعث شاهدًا عليك فيذكر في نفسه من الذي يشهد عليّ فيختم على فيه وتنطق جوارحه‏.‏

وأما الثالث ففيه أجوبة أخرى‏:‏ منها أن ثم بمعنى الواوفلا إيراد‏.‏

وقيل المراد ترتيب الخبر لا المخبر به كقوله ‏{‏ثم كان من الذين آمنوا‏}‏وقيل على بابها وهي لتفاوت ما بين الخلقين لا للتراخي في الزمان‏.‏

وقيل خلق بمعنى قدر‏.‏

وأما الرابع وجواب ابن عباس عنه فيحتمل كلامه أنه أراد أنه سمى نفسه غفورًا رحيمًا وهذه التسمية مضت لأن التعلق انقضى‏.‏

وأما الصفتان فلا تزالان كذلك لا ينقطعان لأنه تعالى إذا أراد المغفرة والرحمة في لا حال أوالاستقبال وقع مراده قاله الشمس الكرماني‏.‏

قال‏:‏ ويحتمل أن يكون ابن عباس أجاب بجوابين‏:‏ أحدهما أن التسمية هي التي كانت وانتهت والصفة لا نهاية لها‏.‏والآخر أن معنى كان الدوام فإنه لا يزال كذلك‏.‏

ويحتمل أن يحمل السؤال على مسلكين والجواب على دفعهما كأن يقال‏:‏ هذا اللفظ مشعر بأنه في الزمان الماضي كان غفورًا رحيمًا مع أنه لم يكن هناك من يغفر له أويرحم وبأنه ليس في الحال كذلك كما يشعر به لفظ كان‏.‏

والجواب عن الأول بأنه كان في الماضي يسمى به‏.‏

وعن الثاني بأن كان تعطي معنى الدوام‏.‏

وقد قال النحاة‏:‏ كان لثبوت خبرها ماضيًا دائمًا أومنقطعًا‏.‏

وقد أخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أن يهوديًا قال له‏:‏ إنكم تزعمون أن الله كان عزيزًا حكيمًا فكيف هو اليوم فقال‏:‏ إنه كان في نفسه عزيزًا حكيمًا‏.‏

موضع آخر توقف فيه ابن عباس قال أبوعبيد‏:‏ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي مليكة قال‏:‏ سأل رجل ابن عباس عن يوم كان مقداره ألف سنة وقوله ‏{‏يوم كان مقداره خمسين ألف سنة‏}‏فقال ابن عباس هما يومان ذكرهما الله تعالى في كتابه الله أعلم بهما‏.‏

وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه وزاد‏:‏ ما أدري ما هي وأكره أن أقول فيهما ما لا أعلم‏.‏

قال ابن أبي مليكة‏:‏ فضربت البعير حتى دخلت على سعيد بن المسيب فسئل عن ذلك فلم يدر ما يقول فقلت له‏:‏ ألا أخبرك بما حضرت من ابن عباس فأخبرته فقال ابن المسيب للسائل‏:‏ هذا ابن عباس قد اتقى فيها وهوأعلم مني‏.‏

وروي عن ابن عباس أيضًا أن يوم الألف هومقدار سير الأمر وعروجه إليه ويوم الألف في سورة الحج هوأحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات ويوم الخمسين ألف هويوم القيامة‏.‏

فأخرج ابن أبي حاتم من طريق سماك بن عكرمة عن ابن عباس أن رجلًا قال له‏:‏ حدثني ما هؤلاء الآيات في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة و ‏{‏يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة‏}‏قال‏:‏ ‏{‏وإن يومًا عند ربك كألف سنة‏}‏فقال‏:‏ يوم القيامة حساب خمسين ألف سنة والسموات في ستة أيام كل يوم يكون ألف سنة ويدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدراه ألف سنة‏.‏

قال‏:‏ ذلك مقدار السير‏.‏

وذهب بعضهم إلى أن المراد بها يوم القيامة وأنه باعتبار حال المؤمن والكافر بدليل قوله ‏{‏يوم عسير على الكافرين غير يسير‏}‏‏.‏

فصل قال الزركشي في البرهان‏:‏ للاختلاف أسباب‏.‏

أحدها‏:‏ وقوع المخبر به على أحوال مختلفة وتطويرات شتى كقوله في خلق آدم من تراب ومرة من حمأ مسنون ومرة من طين لازب ومرة من صلصال كالفخار فهذه الألفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة لأن الصلصال غير الحمأ والحمأ غير التراب إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر وهوالتراب ومن التراب درجت هذه الأحوال‏.‏

وكقوله ‏{‏فإذا هي ثعبان‏}‏وفي موضع تهتز كأنها جان والجان‏:‏ الصغير من الحيات والثعبان الكبير منها وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته‏.‏

الثاني‏:‏ لاختلاف الموضع كقوله ‏{‏وقفوهم إنهم مسئولون‏}‏وقوله ‏{‏فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين‏}‏ مع قوله ‏{‏فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان‏}‏قال الحليمي‏:‏ فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل‏.‏

والثانية على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه وحمله غيره على اختلاف الأماكن لأن في القايمة مواقف كثيرة‏.‏

ففي موضع يسئلون وفي آخر لا يسألون‏.‏

وقيل إن السؤال المثبت سؤال تبكيت وتوبيخ والمنفي سؤال المعذرة وبيان الحجة‏.‏

وكقوله ‏{‏اتقوا الله حق تقاته‏}‏مع قوله ‏{‏فاتقوا الله ما استطعتم‏}‏حمل الشيخ أبو الحسن الشاذلي الأولى على التوحيد بدليل قوله بعدها ‏{‏ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون‏}‏والثانية على الأعمال‏.‏

وقيل‏:‏ بل الثانية ناسخة للأولى‏.‏

وكقوله ‏{‏فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة‏}‏ مع قوله ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم‏}‏ فالأولى تفهم إمكان العدل والثانية تنفيه‏.‏

والجواب أن الأولى في توفية الحقوق والثانية في الميل القلبي وليس في قدرة الإنسان‏.‏

وكقوله ‏{‏إن الله لا يأمر بالفحشاء‏}‏مع قوله ‏{‏أمرنا مترفيها ففسقوا فيها‏}‏فالأولى في الأمر الشرعي والثانية في الأمر الكوني بمعنى القضاء والتقدير‏.‏

الثالث‏:‏ لاختلافهما في جهتي الفعل كقوله ‏{‏فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم‏}‏‏.‏

وما رميت إذ رميت أضيف القتل إليهم والرمي إليه صلى الله عليه وسلم على جهة الكسب والمباشرة‏.‏

ونفاه عنهم وعنه باعتبار التأثير‏.‏

الرابع‏:‏ لاختلافهما في الحقيقة والمجاز ‏{‏وترى الناس سكارى وما هم بسكارى‏}‏أي سكارى من الأهوال مجازًا لا من الشراب حقيقة‏.‏

الخامس‏:‏ بوجهين واعتبارين كقوله ‏{‏فبصرك اليوم حديد‏}‏مع قوله ‏{‏خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي‏}‏قال قطرب‏:‏ فبصرك‏:‏ أي علمك ومعرفتك بها قوية من قولهم بصر بكذا‏:‏ أي علم وليس المراد رؤية العين‏.‏

قال الفارسي‏:‏ ويدل على ذلك قولك فكشفنا عنك غطاءك وكقوله ‏{‏الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله‏}‏مع قوله ‏{‏إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم‏}‏فق يظن أن الوجل خلاف الطمأنينة‏.‏

وجوابه أن الطمأنينة تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى فتوجل القلوب لذلك وقد جمع بينهما في قوله ‏{‏تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله‏}‏ومما استشكلوه قوله تعالى ‏{‏وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلًا ‏}‏فإنه يدل على حصر المانع من الإيمان في أحد هذين الشيئين‏.‏

وقال في آية أخرى ‏{‏وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرًا رسولًا‏}‏فهذا حصر آخر في غيرهما‏.‏

وأجاب ابن عبد السلام بأن معنى الآية الأولى ‏{‏وما منع الناس أن يؤمنوا‏}‏إلا إرادة ‏{‏أن تأتيهم سنة الأولين‏}‏من الخسف أوغيره ‏{‏أو يأتيهم العذاب قبلًا ‏}‏في الآخرة فأخبر انه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين‏.‏

ولا شك أن إرادة الله ما نعة من وقوع ما ينافي المراد فهذا حصر في السبب الحقيقي لأن الله هو المانع في الحقيقة‏.‏

ومعنى الآية الثانية ‏{‏وما منع الناس أن يؤمنوا‏}‏إلا استغراب بعثه بشرًا ورسولًا لأن قولهم ليس مانعًا من الإيمان لأنه لا يصلح لذلك وهويدل على الاستغراب بالالتزام وهوالمناسب للمانعية واستغرابهم ليس مانعًا حقيقيًا بل عاديًا لجواز وجود الإيمان معه بخلاف إرادة الله تعالى فهذا حصر في المانع العادي والأول حصر في المانع الحقيقي فلا تنافي أيضًا‏.‏

ومما استشكل أيضًا قوله تعالى ‏{‏فمن افترى على الله الكذب‏}‏ ‏{‏فمن أظلم ممن كذب على الله‏}‏مع قوله ‏{‏ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه‏}‏ ‏{‏ومن أظلم ممن منع مساجد الله‏}‏إلى غير ذلك من الآيات‏.‏

ووجهه أن المراد بالاستفهام هنا النفي والمعنى‏:‏ لا أحد أظلم فيكون خبرًا وإذا كان خبرًا وأخذت الآيات على ظواهرها أدى إلى التناقض‏.‏

وأجيب بأوجه‏.‏

منها‏:‏ تخصيص كل موضع بمعنى صلته‏:‏ أي لا أحد من المانعين أظلم ممن منع مساجد الله ولا أحد من المفترين أظلم ممن افترى على الله كذبًا وإذا تخصص بالصلاة فيها زال التناقض‏.‏

ومنها‏:‏ أن التخصيص بالنسبة إلى السبق لما لم يسبق أحد إلى مثله حكم عليهم بأنهم أظلم ممن جاء بعدهم سالكًا طريقهم وهذا يئول معناه إلى ما قبله لأن المراد السبق إلى المانعية والافترائية‏.‏

ومنها‏:‏ وادعى أبوحيان أنه الصواب أن نفي الأظلمية لا يستدعي نفي الظالمية لأن نفي المقيد لا يدل على نفي المطلق وإذا لم يدل على نفي الظالمية لم يلزم التناقض لأن فيها إثبات التسوية في الأظلمية وإذا ثبتت التسوية فيها لم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر لأنهم يتساوون في الأظلمية وصار المعنى‏:‏ لا أحد أظلم ممن افترى ومن منع ونحوها ولا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية ولا يدل على أن أحد هؤلاء أظلم من الآخر كما إذا قلت‏:‏ لا أحد أفقه منهم أه‏.‏

وحاصل الجواب أن نفي التفضيل لا يلزم منه نفي المساواة‏.‏

وقال بعض المتأخرين‏:‏ هذا استفهام مقصود به التهويل والتفظيع من غير قصد إثبات الأظلمية للمذكور حقيقة ولا نفيها عن غيره‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ سمعت ابن أبي هريرة يحكي عن أبي العباس بن سريج قال‏:‏ سأل رجل بعض العلماء عن قوله ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏فأخبر أنه لا يقسم به ثم أقسم به في قوله و هذا البلد الأمين فقال‏:‏ أيما أحب إليك أجيبك ثم أفظعك أوأفظعك ثم أجيبك فقال‏:‏ بل أفظعني ثم أجبني فقال له‏:‏ اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجال وبين ظهراني قوم وكانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيهم غمزًا وعليه مطعنًا فلوكان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به وأسرعوا بالرد عليه ولكن القوم علموا وجهلت ولم ينكروا منه ما أنكرت‏.‏

ثم قال له‏:‏ إن العرب قد ندخل لا في كلامها وتلغي معناها وأنشد فيه أبياتًا‏.‏

تنبيه قال الأستاذ أبوإسحاق الإسفرايني‏:‏ إذا تعارضت الآي وتعذر فيها الترتيب والجمع طلب التاريخ وترك المتقم بالمتأخر ويكون ذلك نسخًا وإن لم يعلم وكان الإجماع على العمل بإحدى الآيتين علم بإجماعهم أن الناسخ ما أجمعوا على العمل بها‏.‏قال‏:‏ ولا يوجد في القرآن آيتان متعارضتان تخلوان عن هذين الوصفين‏.‏

قال غيره‏:‏ وتعارض القراءتين بمنزلة تعارض الآيتين نحو وأرجلكم بالنصب والجر ولهذا جمع بينهما بحمل النصب على الغسل والجر على مسح الخف‏.‏

وقال الصيرفي‏:‏ جماع الاختلاف والتناقض أن كلام صح أن يضاف بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض وإنما التناقض في اللفظ ما ضاده من كل جهة ولا يوجد في الكتاب والسنة شيء من ذلك أبدًا وإنما يوجد فيه النسخ في وقتين‏.‏

وقال القاضي أبو بكر‏:‏ لا يجوز تعارض أي القرن والآثار وما يوجبه العقل فلذلك لم يجعل قوله ‏{‏الله خالق كل شيء‏}‏معارضًا لقوله ‏{‏وتخلقون إفكًا‏}‏ ‏{‏وإذ تخلق من الطين‏}‏لقيام الدليل العقلي أنه لا خالق غير الله فتعين تأويل ما عارضه فيؤول وتخلقون على تكذبون وتخلق على تصور‏.‏

فائدة قال الكرماني عند قوله تعالى ‏{‏ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا‏}‏ الاختلاف على وجهين‏:‏ اختلاف تناقض وهوما يدعوفيه أحد الشيئين إلى الخلاف الآخر وهذا هو الممتنع على القرن‏.‏

واختلاف تلازم وهوما يوافق الجانبين كاختلاف وجوه القراءة واختلاف مقادير السور والآيات واختلاف الأحكام من الناسخ والمنسوخ والأمر والنهي والوعد والوعيد‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالثلاثاء 7 يوليو 2009 - 15:32


النوع التاسع والأربعون في مطلقه ومقيده المطلق


الدال على الماهية بلا قيد وهومع القيد كالعام مع الخاص‏.‏قال العلماء‏:‏ متى وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه وإلا فلا بل يبقى المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده لأن الله تعالى خاطبنا بلغة العرب‏.‏

والضابط أن الله إذا حكم في شيء بصفة أوشرط ثم ورد حكم آخر مطلق النظر‏:‏ فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به وإن كان له أصل يرد غيره لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر‏.‏

فالأول مثل اشتراط العدالة في الشهود على الرجعة والفراق والوصية في قوله ‏{‏واشهدوا ذوي عدل منكم‏}‏وقوله ‏{‏شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم‏}‏وقد أطلق الشهادة في البيوع وغيرها في قوله ‏{‏واشهدوا إذا تبايعتم‏}‏ ‏{‏فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم‏}‏والعدالة شرط في الجميع‏.‏

ومثل تقييده ميراث الزوجين بقوله ‏{‏من بعد وصية يوصين بها أو دين‏}‏وإطلاقه الميراث فيما أطلق فيه وكذلك ما أطلق من المواريث كلها بعد الوصية والدين وكذلك ما اشترط في كفارة القتل من الرقبة المؤمنة وإطلاقها في كفارة الظهار واليمين والمطلق كالمقيد في وصف الرقبة وكذلك تقييد الأيدي بقوله ‏{‏إلى المرافق‏}‏في الوضوء وإطلاقه التيمم وتقييد إحباط العمل بالردة بالموت على الكفر في قوله ‏{‏من يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر‏}‏ الآية وأطلق في قوله ‏{‏ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وتقييد تحريم الدم بالمسفوح في الأنعام وأطلق فيما عداها‏.‏

فمذهب الشافعي حمل المطلق على المقيد في الجميع ومن العلماء من لا يحمله ويجوز إعتاق الكافر في كفارة الظهار واليمين ويكتفى في التيمم بالمسح إلى الكوعين ويقول‏:‏ إن الردة تحبط العمل بمجردها‏.‏

والثاني‏:‏ مثل تقييد الصوم بالتتابع في كفارة القتل والظهار وتفييده بالتفريق في صوم التمتع وأطلق كفارة اليمين وقضاء رمضان فيبقى على إطلاقه من جوازه مفرقًا ومتتابعًا لا يمكن حمله عليهما لتنافي القيدين وهما التفريق والتتابع وعلى أحدهما لعدم المرجح‏.‏

تنبيهان‏.‏

الأول إذا قلنا‏:‏ يحمل المطلق على المقيد هل هومن وضع اللغة أوبالقياس مذهبان‏.‏

وجه الأول أن العرب من مذهبها استحباب الإطلاق اكتفاء بالقيد وطلبًا للإيجاز والاختصار‏.‏

الثاني‏:‏ ما تقدم محله إذا كان الحكمان بمعنى واحد‏.‏

وإنما اختلفا في الإطلاق والتقييد فأما إذا حكم في شيء بأمور ثم في آخر ببعضها وسكت فيه عن بعضها فلا يقتضي الإلحاق كالأمر بغسل الأعضاء الأربعة في الوضوء وذكر في التيمم عضوين فلا يقال بالحمل ومسح الرأس والرجلين بالتراب فيه أيضًا وكذلك ذكر العتق والصوم والإطعام في كفارة الظهار


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالثلاثاء 7 يوليو 2009 - 15:33


النوع الخمسون في منطوقه ومفهومه


المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره فالنص نحو فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة وقد نقل عن قوم من المتكلمين أنهم قالوا بندور النص جدًا في الكتاب والسنة وقد بالغ إمام الحرمين وغيره في الرد‏.‏

قال‏:‏ لأن الغرض من النص الاستقلال بإفادة المعنى على قطع مع انحسام جهات التأويل والاحتمال وهذا وإن عز حصوله بوضع الصيغ ردًا إلى اللغة فما أكثره مع القرأئن الحالية والمقالية أومع احتمال غيره احتمالًا مرجوحًا فالظاهر نحو فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الباغي يطلق على الجاهل وعلى الظالم وهوفيه أظهر وأغلب ونحو ولا تقربوهن حتى يطهرن فإنه يقال للانقطاع طهر وللوضوء والغسل وهوفي الثاني أظهر وإن حمل على المرجوح لدليل فهوتأويل ويسمى المرجوح المحمول عليه مؤولًا كقوله ‏{‏وهو معكم أينما كنتم‏}‏ فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات فتعين صرفه عن ذلك وحمله على القدرة والعلم والحفظ الرعاية وكقوله ‏{‏واخفض لهما جناح الذل من الرحمة‏}‏فإنه يستحيل حمله على الظاهر لاستحالة أن يكون للإنسان أجنحة فيحمل على الخضوع وحسن الخلق وقد يكون مشتركًا بين حقيقتين أوحقيقة ومجاز ويصح حمله عليهما جميعًا فيحمل عليهما جميعًا سواء قلنا بجواز استعمال اللفظ في معنييه أولًا‏.‏

ووجهه على هذا أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين مرة أريد هذا ومرة أريد هذا ومن أمثلته ولا يضار كاتب ولا شهيد فإنه يحتمل ولا يضار الكاتب والشهيد صاحب الحق بجور في الكتابة والشهادة‏.‏

ولا يضار بالفتح‏:‏ أي لا يضار هما صاحب الحق بإلزامهما مالا يلزمهما وإجبارهما على الكتابة والشهدة‏.‏

ثم إن توقفت صحة دلالة اللفظ على إضمار سميت دلالة اقتضاء نحو واسئل القرية أي أهلها‏.‏

وإن لم تتوقف ودل اللفظ على ما لم تقصد به سميت دلالة إشارة كدلالة قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم على صحة صوم من أصبح جنبًا وإذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنبًا في جزء من النهار وقد حكى هذا الاستنباط عن محمد بن كعب القرظي‏.‏

فصل والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق وهوقسمان‏:‏ مفهوم موافق ومفهوم مخالفة‏.‏

فالأول‏:‏ ما يوافق حكمه المنطوق فإن كان أولى سمي فحوى الخطاب كدلالة فلا تقل لهما أف على تحريم الضرب لأنه أشد وإن كان مساويًا سمي لحن الخطاب‏:‏ أي معناه كدلالة ‏{‏إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا‏}‏على تحريم الإراق لأنه مساوللأكل في الإتلاف‏.‏واختلف هل دلالة ذلك قياسية أولفظية مجازية أوحقيقية على أقوال بيناها في كتبنا الأصولية‏.‏

والثاني‏:‏ ما يخالف حكمه المنطوق وهوأنواع‏:‏ مفهوم صفة نعتًا كان أوحالًا أوظرفًا أوعددًا نحو إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا مفهومه أن غير الفاسق لا يجب التبيين في خبره فيجب قبول خبر الواحد العدل ولا تباشرهن وأنتم عاكفون في المساجد‏.‏

الحج اشهر معلومات أي فلا يصح الإحرام به في غيرها ‏{‏فاذكروا الله عند المشعر الحرام‏}‏أي فالذكر عند غيره ليس محصلًا للمطلوب ‏{‏فاجلدوهم ثمانين جلدة‏}‏أي لا أقل ولا أكثر‏.‏

وشرط نحو ‏{‏وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن‏}‏أي فغير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن‏.‏

وغاية نحو فلا تحل له من بعد ‏{‏حتى تنكح زوجًا غيره‏}‏أي فإذا نكحته تحل الأول بشرطه‏.‏

وحصر نحو لا إله إلا الله ‏{‏إنما إلهكم الله‏}‏ أي فغيره ليس بإله فالله هو الولي‏:‏ أي فغيره ليس بولي ‏{‏لإِلَى الله تحشرون‏}‏أي لا إلى غيره إياك نعبد أي لا غيرك‏.‏

واختلف في الاحتجاج بهذه المفاهيم على أقوال كثيرة والأصح في الجملة أنها كلها حجة بشروط‏.‏

منها‏:‏ أن لا يكون المذكور خرج للغالب ومن ثم لم يعتبر الأكثرون مفهوم قوله ‏{‏وربائبكم اللاتي في حجوركم‏}‏فإن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج فلا مفهوم له لأنه إنما خص بالذكر لغلبة حضوره في الذهن وأن لا يكون موافقًا للواقع ومن ثم لا مفهوم لقوله ‏{‏ومن يدع مع الله إلهًا آخر لا برهان له به} به وقوله ‏{‏لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} وقوله ‏{‏ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن‏}‏فائدة قال بعضهم‏:‏ الألفاظ إما أن تدل بمنطوقها أوبفحواها ومفهومها أوباقتضائها وضرورتها أوبمعقولها المستنبط منها حكاه ابن الحصار‏:‏ وقال‏:‏ هذا كلام حسن‏.‏

قلت‏:‏ فالأول دلالة المنطوق والثاني دلالة المفهوم والثالث دلالة الاقتضاء والرابع دلالة الإشارة

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالثلاثاء 7 يوليو 2009 - 15:33


النوع الحادي والخمسون في وجود مخاطباته


قال ابن الجوزي في كتاب النفيس‏:‏ الخطاب في القرآن على خمسة عشر وجهًا‏.‏

وقال غيره‏:‏ على أكثر من ثلاثين وجهًا‏.‏

أحدها خطاب العام والمراد به العموم كقوله‏:‏ ‏{‏الله الذي خلقكم‏}‏‏.‏

والثاني‏:‏ خطاب الخاص والمراد به الخصوص كقوله‏:‏ ‏{‏أكفرتم بعد إيمانكم‏}‏‏.‏

‏{‏يا أيها الرسول بلغ‏}‏‏.‏الثالث‏:‏ خطاب العام والمراد به الخصوص كقوله ‏{‏يا أيها الناس اتقوا ربكم‏}‏لم يدخل فيه الأطفال والمجانين‏.‏

الرابع‏:‏ خطاب الخاص والمراد العموم كقوله ‏{‏يا أيها النبي إذا طلقتم النساء‏}‏افتتح الخطاب بالنبي صلى الله عليه وسلم والمراد سائر من يملك الطلاق‏.‏

وقوله ‏{‏يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك‏}‏الآية‏.‏قال أبو بكر الصيرفي‏:‏ كان ابتداء الخطاب له فلما قال في الموهوبة خالصة لك علم أن ما قبلها له ولغيره‏.‏

الخامس‏:‏ خطاب الجنس كقوله يا أيها النبي السابع‏:‏ خطاب العين نحو يا آدم أسكن‏.‏

يا نوح أهبط‏.‏

يا إبراهيم قد صدقت‏.‏

يا موسى لا تخف‏.‏

‏{‏يا عيسى إني متوفيك‏}‏ولم يقع في القرن الخطاب بيا محمد بل يا أيها النبي يا أيها لرسول تعظيمًا له وتشريفًا وتخصيصًا بذلك عما سواه وتعليمًا للمؤمنين أن لا ينادوه باسمه‏.‏

الثامن‏:‏ خطاب المدح نحو يا أيها الذين آمنوا ولهذا وقع الخطاب بأهل المدينة الذين آمنوا وهاجروا‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن خيثمة قال‏:‏ ما تقرءون في القرآن يا أيها الذين آمنوا فإنه في التوراة‏:‏ يا أيها المساكين‏.‏

وأخرج البيهقي وأوعبيد وغيرهما عن ابن مسعود قال‏:‏ إذا سمعت الله يقول‏:‏ يا أيها الذين آمنوا فأوعها سمعك فإنه خير يؤمر به أوشر ينهي عنه‏.‏

التاسع‏:‏ خطاب الذم نحو ‏{‏يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم‏}‏ ‏{‏قل يا أيها الكافرون‏}‏ولتضمنه الإهانة لم يقع في القرآن في غير هذين الموضعين وكثر الخطاب بيا أيها الذين آمنوا على المواجهة وفي جانب الكفار جيء بلفظ الغيبة إعراضًا عنهم كقوله ‏{‏إن الذين كفروا‏}‏ ‏{‏قل للذين كفروا‏}‏‏.‏

العاشر‏:‏ خطاب الكرامة كقوله ‏{‏يا أيها النبي‏}‏ ‏{‏يا أيها الرسول‏}‏قال بعضهم‏:‏ ونجد الخطاب بالنبي في محل لا يليق به الرسول وكذا عكسه في الأمر بالتشريع العام ‏{‏يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك‏}‏‏.‏

وفي مقام الخاص ‏{‏يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك‏}‏ قال‏:‏ وقد يعبر في النبي في مقام التشريع العام لكن مع قرينة إرادة العموم كقوله ‏{‏يا أيها النبي إذا طلقتم‏}‏ولم يقل طلقت‏.‏

الثاني عشر‏:‏ خطاب التهكم نحو ‏{‏ذق إنك أنت العزيز الكريم‏}‏الثالث عشر‏:‏ خطاب الجمع بلفظ الواحد نحو ‏{‏يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم‏}‏‏.‏

الرابع عشر‏:‏ خطاب الواحد بفظ الجمع نحو ‏{‏يا أيها الرسل كلوا من الطيبات‏}‏إلى قوله ‏{‏فذرهم في غمرتهم فهوخطاب له صلى الله عليه وسلم وحده إذ نبي معه ولا بعده وكذا قوله ‏{‏وإن عاقبتم فعاقبوا‏}‏الآية خطاب له صلى الله عليه وسلم وحده بدليل قوله ‏{‏وأصبر وما صبرك إلا بالله‏}‏الآية وكذا قوله ‏{‏فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا‏}‏بدليل قوله ‏{‏قل فائتوا‏}‏ وجعل منهم بعضهم ‏{‏قال رب ارجعون‏}‏أي أرجعني‏.‏

وقيل رب خطاب له تعالى وارجعون للملائكة‏.‏

وقال السهيلي‏:‏ هوقول من حضرته الشياطين وزبانية العذاب فاختلط فلا يدري ما يقول من الشطط وقد اعتاد أمرًا يقوله في الحياة من رد الأمر إلى المخلوقين‏.‏

الخامس عشر‏:‏ خطاب الواحد بلفظ الاثنين نحو ‏{‏ألقيا في جهنم‏}‏والخطاب لمالك خازن النار وقيل لخزنة النار والزبانية فيكون من خطاب الجمع بلفظ الاثنين‏.‏

وقيل للملكين الموكلين به في قوله ‏{‏وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد‏}‏فيكون على الأصل وجعل المهدوي من من هذا النوع قال قد أجيبت دعوتكما قال‏:‏ الخطاب لموسى وحده لأنه الداعي وقيل لهما لأن هارون أمن على دعائه والمؤمن أحد الداعيين‏.‏

السادس عشر‏:‏ خطاب الاثنين بلفظ واحد كقوله ‏{‏فمن ربكما يا موسى‏}‏أي ويا هارون وفيه وجهان‏:‏ أحدهما أنه أفرده بالنداء لإدلاله عليه بالتربية‏.‏

والآخر لأنه صاحب الرسالة والآيات وهارون تبع له ذكره ابن عطية‏.‏

وذكر في الكشاف آخر وهوأن هارون لما كان أفصح من موسى نكب فرعون عن خطابه حذرًا من لسانه ومثله ‏{‏فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى‏}‏قال ابن عطية‏:‏ أفرده بالشقاء لأنه المخاطب أولًا والمقصود في الكلام‏.‏

وقيل لأن الله جعل الشقاء في معيشة الدنيا في جانب الرجال‏.‏

وقيل إغضاء عن ذكر المرأة كما قيل من الكرم ستر الحرم‏.‏

السابع عشر‏:‏ خطاب الاثنين بلفظ الجمع كقوله ‏{‏أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتًا‏ واجعلوا بيوتكم قبلة.

الثامن عشر‏:‏ خطاب الجمع بلفظ الاثنين كما تقدم في ألقيا‏.‏

التاسع عشر‏:‏ خطاب الجمع بعد الواحد كقوله ‏{‏وما تكون في شأن‏}‏‏.‏

وما تتلومنه من قرآن ولا تعملون من عمل قال ابن الأنباري‏:‏ جمع في الفعل الثالث ليدل على أن الأمة داخلون مع النبي صلى الله عليه وسلم ومثله ‏{‏يا أيها النبي إذا طلقتم النساء‏}‏‏.‏

العشرون‏:‏ عكسه نحو ‏{‏وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين‏}‏‏.‏

الحادي والعشرون‏:‏ خطاب الاثنين بعد الواحد نحو ‏{‏أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض‏}‏‏.‏

الثاني والعشرون‏:‏ عكسه نحو من ربكما يا موسى‏.‏

الثالث والعشرون‏:‏ خطاب العين والمراد به الغير نحو ‏{‏يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين‏}‏الخطاب له والمراد أمته لأنه صلى الله عليه وسلم كان تقيًا وحاشاه من طاعة الكفار ومنه ‏{‏فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب‏}‏الآية حاشاه صلى الله عليه وسلم من الشك وإنما المراد بالخطاب التعريض بالكفار‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال‏:‏ لم يشك صلى الله عليه وسلم ولم يسأل ومثله ‏{‏واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا‏}‏الآية فلا تكونن من الجاهلين وأنحاء ذلك‏.‏

الرابع والعشرون‏:‏ خطاب الغير والمراد به العين نحو ‏{‏لقد أنزلنا إليكم كتابًا فيه ذكركم‏}‏الخامس والعشرون‏:‏ الخطاب العام الذي لم يقصد به مخاطب معين نحو ولوترى إذ وقفوا على النار ‏{‏ألم تر أن الله يسجد له‏}‏ ‏{‏ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم‏}‏ولم يقصد بذلك خطاب معين بل كل أحد‏.‏

وأخرج في صورة الخطاب لقصد العموم يريد أن حالهم تناهت في الظهور بحيث لا يختص بها راء دون راء بل كل من أمكن منه الرؤية داخل في ذلك الخطاب‏.‏

السادس والعشرون‏:‏ خطاب الشخص ثم العدول إلى غيره نحو ‏{‏فإن لم يستجيبوا لكم‏}‏خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال للكفار فاعلموا أن ما أنزل بعلم الله بدليل ‏{‏فهل أنتم مسلمون ومنه‏}‏ ‏{‏إنا أرسلناك شاهدًا‏}‏إلى قوله لتؤمنوا في من قرأ بالفوقية‏.‏

السابع والعشرون‏:‏ خطاب التكوين وهوا لالتفات‏.‏

الثامن والعشرون‏:‏ خطاب الجمادات من يعقل نحو فقال لها وللأرض ائتيا التاسع والعشرون‏:‏ خطاب التهييج نحو ‏{‏وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين‏}‏‏.‏الثلاثون خطاب التحنن والاستعطاف نحو ‏{‏قل يا عبادي الذين أسرفوا‏}‏الآية‏.‏

الحادي والثلاثون‏:‏ خطاب التحبب نحو يا أبت لم تعبد ‏{‏يا بني إنها إن تك‏}‏ ‏{‏يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي‏}‏‏.‏

الثاني والثلاثون‏:‏ خطاب التعجيز نحو فائتوا بسورة‏.‏الثالث والثلاثون‏:‏ خطاب التشريف وهوكل ما في القرآن مخاطبة بقل فإنه تشريف منه تعالى لهذه الأمة بأن يخاطبها بغير واسطة لتفوز بشرف المخاطبة‏.‏

الرابع والثلاثون‏:‏ خطاب المعدوم ويصح ذلك تبعًا لوجود نحو يا بني آدم فإنه خطاب لأهل ذلك الزمان ولك من بعدهم‏.‏

فائدة قال بعضهم‏:‏ خطاب القرآن ثلاثة أقسام‏:‏ قسم لا يصلح إلا للنبي صلى الله عليه وسلم وقسم لا يصلح إلا لغيره وقسم لهما‏.‏

فائدة قال ابن القيم‏:‏ تأمل خطاب القرآن تجد ملكًا له الملك كله وله الحمد كله أزمة الأمور كلها بيده ومصدرها منه وموردها إليه مستويًا على العرش لا تخفى عليه خافية من أقطار مملكته عالمًا بما في نفوس عبيده مطلعًا على أسرارهم وعلانيتهم منفردًا بتدبير المملكة يسمع ويرى ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب ويكرم ويهين ويخلق ويرزق ويميت ويحيي ويقدر ويقضي ويدبر الأمور نازلة من عنده دقيقها وجليلها وصاعدة إليه لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ولا تسقط ورقة إلا بعلمه فتأمل كيف تجده يثني على نفسه ويمجد نفسه ويحمد نفسه وينصح عباده ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم ويرغبهم فيه ويحذرهم مما فيه هلاكهم ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه يذكرهم بنعمه عليهم ويأمرهم بما يستوجبون به تمامًا ويحذرهم من نقمه ويذكرهم بما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه ويخبرهم بصنعه في أوليائه وأعدائه وكيف كانت عاقبة هؤلاء وهؤلاء ويثني على أوليائه بمصالح أعمالهم وأحسن أوصافهم ويذم أعداءه بسيء أعمالهم وقبيح صفاتهم ويضرب الأمثال وينوع الأدلة والبراهين ويجيب عن شبه أعدائه أحسن الأجوبة ويصدق الصادق ويكذب الكاذب ويقول الحق ويهدي السبيل ويدعوإلى دار السلام ويذكر أوصافها ونعيمها ويحذر من دار البوار ويذكر عذابها وقبحها وألامها ويذكر عباده فقره إليه وشدة حاجتهم إليه من كل وجه وأنهم لا غنى لهم عنه طرفة عين ويذكرهم غناه عنهم وعن جميع الموجودات‏.‏

وأنه الغني بنفسه عن كل ما سواه وكل ما سواه فقير إليه وأنه لا ينال أحد ذرة من الخير فما فوقها إلا بفضله ورحمته ولا ذرة من الشر فما فوقها إلا بعد له وحكمته وتشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب وأنه مع ذلك مقيل عثراتهم وغافر ذلاتهم ومقيم أعذارهم ومصلح فسادهم والدافع عنهم والحامي عنهم والناصر لهم والكفيل بمصالحهم والمنجي لهم من كل كرب والموفي لهم بوعده وأنه وليهم الذي لا ولي لهم سواه فهومولاهم الحق وينصرهم على عدوهم فنعم المولى ونعم النصير وإذا شهدت القلوب من القرآن ملكًا عظيمًا جوادًا رحيمًا جميلًا هذا شأنه فكيف لا تحبه وتنافس في القرب منه وتنفق أنفاسها في التودد إليه ويكون أحب إليها من كل ما سواه ورضاه آثر عندها من رضا كل من سواه وكيف لا تلهج بذكره وتصير حبه والشوق إليه والأنس به هوغذاؤها وقوتها ودواؤها بحيث إن فقدت ذلك فسدت وهلكت ولم تنتفع بحياتها‏.‏

فائدة قال بعض الأقدمين‏:‏ أنزل القرآن على ثلاثين نحوًا كل نحومنه غير صاحبه فمن عرف وجوهها ثم تكلم في الدين أصاب ووفق ومن لم يعرف وتكلم في الدين كان الخطأ إليه أقرب وهوالمكي والمدني والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والتقديم والتأخير والمقطوع والموصول والسبب والإضمار والخاص والعام والأمر والنهي والوعد والوعيد والحدود والأحكام والخبر والاستفهام والأبهة والحروف المصرفة والإعذار والإنذار والحجة والاحتجاج والمواعظ والأمثال والقسم‏.‏

قال‏:‏ فالمكي مثل ‏{‏واهجرهم هجرًا جميلًا‏}‏والمدني مثل ‏{‏وقاتلوا في سبيل الله‏}‏والناسخ والمنسوخ واضح‏.‏

والمحكم مثل ‏{‏ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا‏}‏الآية ‏{‏إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا‏}‏ ونحوه مما أحكمه الله وبينه‏.‏

والمتشابه مثل ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا‏}‏الآية ولم يقل ومن فعل ذلك عدوانًا وظلمًا فسوف نصليه نارًا كما قال في المحكم وقد ناداهم في هذه الآية بالإيمان ونهاهم عن المعصية ولم يجعل فيها وعيدًا فاشتبه على أهلها ما يفعل الله بهم‏.‏

والتقديم والتأخير مثل كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية التقدير‏:‏ كتب عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت‏.‏

والمقطوع والموصول مثل ‏{‏لا أقسم بيوم القيامة‏}‏ولا مقطوع من أقسم وإنما هوفي المعنى‏:‏ أقسم بيوم القيامة ‏{‏ولا أقسم بالنفس اللوامة‏}‏ولم يقسم‏.‏

والسبب والإضمار مثل ‏{‏واسأل القرية‏}‏أي أهل القرية‏.‏

والخاص والعام مثل يا أيها النبي فهذا في المسموع خاص إذا طلقتم النساء فصار في المعنى عامًا‏.‏

والأمر وما بعده إلى الاستفهام أمثلتها واضحة‏.‏

والأبهة مثل إنا أرسلنا نحن قسمنا عبر بالصيغة الموضوعة للجماعة للواحد تعالى تفخيمًا وتعظيمًا وأبهة‏.‏

والحروف المصرفة كالفتنة تطلق على الشرك نحو حتى لا تكون فتنة‏.‏

وعلى المعذرة نحو ثم لم تكن فتنهم أي معذرتهم‏.‏

وعلى الاختبار نحو ‏{‏قد فتنا قومك من بعدك‏}‏والإعذار نحو ‏{‏فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم‏}‏اعتذر إنه لم يفعل ذلك إلا بمعصيتهم والبواقي أمثلتها واضحة‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالثلاثاء 7 يوليو 2009 - 15:35


النوع الثاني والخمسون في حقيقته ومجازه


لا خلاف في وقوع الحقائق في القرآن وهي كل لفظ نقي على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير وهذا أكثر الكلام‏.‏

وأما المجاز فالجمهور أيضًا على وقوعه فيه وأنكره جماعة منهم الظاهرية وابن القاص من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية وشبهتهم أن المجاز أخوالكذب والقرآن منزه عنه وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على الله تعالى وهذه شبهة باطلة ولوسقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن فقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ولووجب خلوالقرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنيه القصص وغيرها‏.‏

وقد أفرده بالتصنيف الإمام عز الدين ابن عبد السلام ولخصته مع زيادات كثيرة في كتاب سميته مجاز الفرسان إلى مجاز القرآن وهوقسمان‏.‏

الأول‏:‏ المجاز في التركيب ويسمى مجاز الإسناد‏.‏

والمجاز العقلي وعلاقته الملابسة وذلك أن يسند الفعل أوشبهه إلى غير ما هوله أصالة لملابسته له كقوله تعالى ‏{‏وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا‏}‏نسبت الزيادة وهي فعل الله إلى الآيات لكونها سببًا لها ‏{‏يذبح أبناءهم‏}‏يا هامان ابن لي نسب الذبح وهوفعل الأعوان إلى فرعون والبناء وهوفعل العملة إلى هامان لكونهما آمرين به وكذا قوله ‏{‏وأحلوا قومهم دار البوار‏}‏نسب الإحلال إليهم لتسببهم في كفرهم بأمرهم إياهم به‏.‏

ومنه قوله تعالى ‏{‏يومًا يجعل الولدان شيبًا‏}‏نسب الفعل إلى الظرف لوقوعه فيه عيشة راضية أي مرضية ‏{‏فإذا عزم الأمر‏}‏أي عزم عليه بدليل فإذا عزمت‏.‏

وهذا القسم أربعة أنواع‏.‏أحدها‏:‏ ما طرفاه حقيقيان كالآية المصدر بها وكقوله ‏{‏وأخرجت الأرض أثقالها‏}‏ثانيها‏:‏ مجازيان نحو ‏{‏فما ربحت تجارتهم‏}‏أي ما ربحوا فيها وإطلاق الربح والتجارة هنا مجاز‏.‏

ثالثها ورابعها‏:‏ ما أحد طرفيه حقيقي دون الآخر أما الأول والثاني‏.‏

كقوله ‏{‏أم أنزلنا عليهم سلطانًا‏}‏أي برهانًا ‏{‏كلا إنها لظى نزاعة للشوى‏}‏ تدعو فإن الدعاء من النار مجاز‏.‏

وقوله ‏{‏حتى تضع الحرب أوزارها‏}‏ ‏{‏تؤتي أكلها كل حين‏}‏ ‏{‏فأمه هاوية‏}‏فاسم الأم الهاوية مجاز‏:‏ أي كما أن الأم كافلة لولدها وملجأ له كذلك النار للكافرين كافلة ومأوى ومرجع‏.‏

القسم الثاني‏:‏ المجاز في المفرد ويسمى المجاز اللغوي وهواستعمال اللفظ من غير ما وضع له أولًا وأنواعه كثيرة‏.‏

أحدها‏:‏ الحذف وسيأتي مبسوطًا في نوع المجاز فهوبه أجدر خصوصًا إذا قلنا إنه ليس من أنواع المجاز‏.‏

الثاني‏:‏ الزيادة وسبق تحرير القول فيها في نوع الإعراب‏.‏

الثالث‏:‏ إطلاق اسم الكل على الجزء نحو يجعلون أصابعهم في آذانهم أي أناملهم ونكتة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى إدخالها على غير المعتاد مبالغة من الفرار فكأنهم جعلوا الأصابع ‏{‏وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم‏}‏أي وجوههم لأنه لم ير جملتهم ‏{‏فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏}‏أطلق الشهر وهواسم الثلاثين ليلة وأراد جزءًا منه كذا أجاب به الإمام فخر الدين عن استشكال أن الجزاء يكون بعد تمام الشرط والشرط أن يشهد الشهر وهواسم لكله حقيقة فكأنه أمر بالصوم بعد مضي الشهر وليس كذلك‏.‏

وقد فسره علي وابن عباس وابن عمر على أن المعنى‏:‏ من شهد أول الشهر فليصم جميعه وإن سافر في أثنائه‏.‏

أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما وهوايضًا من هذا النوع ويصلح أن يكون من نوع الحذف‏.‏

الرابع‏:‏ عكسه نحو ويبقى وجه ربك أي ذاته فولوا وجوهكم شطره أي ذواتكم إذ الاستقبال يجب بالصبر ‏{‏وجوه يومئذ ناعمة‏}‏ووجوه يومئذ خاشعة‏.‏

عاملة ناصبة عبر بالوجوه عن جميع الأجساد لأن التنعم والنصب حاصل لكلها ذلك بما قدمت يداك بما كسبت أيديكم أي قدمت وكسبت ونسب ذلك إلى الأيدي لأن أكثر الأعمال تزاول بها قم الليل وقرآن الفجر واركعوا مع الراكعين ومن الليل فاسجد له أطلق كلًا من القيام والقراءة والركوع والسجود على الصلاة وهوبعضها ‏{‏هديا بالغ الكعبة‏}‏أي الحرم كلعه بدليل أنه لا يذبح فيها‏.‏

تنبيه ألحق بهذين النوعين شيئان‏.‏

أحدهما‏:‏ وصف البعض بصفة الكل كقوله ‏{‏ناصية كاذبة خاطئة‏}‏ فالخطأ صفة الكل وصف به الناصية وعكسه كقوله ‏{‏إنا منكم وجلون‏}‏والوجل صفة القلب ‏{‏ولملئت منهم رعبًا‏}‏والرعب إنما يكون في القلب‏.‏

والثاني‏:‏ إطلاق لفظ بعض مراد به الكل ذكره أبوعبيدة وخرج عليه قوله ‏{‏ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه‏}‏أي كله ‏{‏وإن يك صادقًا يصبكم بعض الذي يعدكم‏}‏وتعقب بأنه لا يجب على النبي بيان كل ما اختلف فيه بدليل الساعة والروح نحوها وبأن موسى كان وعدهم بعذاب في الدنيا وفي الآخرة فقال‏:‏ يصبكم هذا العذاب في الدنيا وهوبعض الوعيد من غير نفي عذاب الآخرة ذكره ثعلب‏.‏

قال الزركشي‏:‏ ويحتمل ايضًا أن يقال إن الوعيد مما لا يستنكر ترك جميعه فكيف بعضه ويؤيد ما قاله ثعلب قوله ‏{‏فإما نرينك بعض الذي نعدهم أونتوفينك فإلينا مرجعهم‏.‏

الخامس‏:‏ إطلاق اسم الخاص على الصام نحو ‏{‏إنا رسول رب العالمين‏}‏أي رسله‏.‏

السادس‏:‏ عكسه نحو ‏{‏ويستغفرون لمن في الأرض‏}‏أي المؤمنين بدليل قوله ‏{‏ويستغفرون للذين آمنوا‏}‏السابع‏:‏ إطلاق اسم الملزوم على اللازم‏.‏الثامن‏:‏ عكسه نحو ‏{‏هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة‏}‏أي هل يفعل أطلق الاستطاعة على الفعل لأنها لازمة له‏.‏

التاسع‏:‏ إطلاق المسبب على السبب نحو ‏{‏ينزل لكم من السماء رزقًا‏}‏‏.‏

‏{‏قد أنزلنا عليكم لباسًا‏}‏أي مطرًا يتسبب عنه الرزق واللباس لا يجدون نكاحًا أي مئونة من مهر ونفقة ومما لا بد للمتزوج منه‏.‏

العاشر‏:‏ عكسه نحو ‏{‏ما كانوا يستطيعون السمع‏}‏أي القبول والعمل به لأنه مسبب عن السمع‏.‏

تنبيه من ذلك نسبة الفعل إلى سبب السبب كقوله ‏{‏فأخرجهما مما كانا فيه‏}‏كما أخرج أبويكم من الجنة فإن المخرج في الحقيقة هو الله تعالى وسبب ذلك أكل الشجرة وسبب الأكل وسوسة الشيطان‏.‏

الحادي عشر‏:‏ تسمية الشيء باسم ما كان عليه نحو ‏{‏وآتوا اليتامى أموالهم‏}‏أي الذين كانوا يتامى إذ لا يتم بعد البلوغ فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن أي الذين كانوا أزواجهن من يأت ربه مجرمًا سماه مجرمًا باعتبار ما كان في الدنيا من الإجرام‏.‏

الثاني عشر‏:‏ تسميته باسم ما يؤول إليه نحو ‏{‏إني أراني أعصر خمرًا‏}‏أي عنبًا يؤوإلى الخمرية ‏{‏ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا‏}‏أي صائر إلى الكفر والفجور ‏{‏حتى تنكح زوجًا غيره‏}‏سماه زوجًا لأن العقد يؤول إلى زوجية لأنها لا تنكح إلا في حال كونه زوجًا ‏{‏فبشرناه بغلام حليم‏}‏نبشرك بغلام عليم وصفه في حال لا بشارة بما يؤول إليه من العلم والحلم‏.‏

الثالث عشر‏:‏ إطلاق اسم الحال على المحل نحو ففي رحمة الله هم فيها خالدون أي في الجنة لأنها محل الرحمة ‏{‏بل مكر الليل‏}‏أي في الليل ‏{‏إذ يريكهم الله في منامك‏}‏أي عيناك على قول الحسن‏.‏

الرابع عشر‏:‏ عكسه نحو ‏{‏فليدع ناديه‏}‏أي أهل ناديه‏:‏ أي مجلسه ومنه التعبير باليد عن القدرة نحو بيده الملك وبالقلب عن العقل نحو ‏{‏لهم قلوب لا يفقهون بها‏}‏أي عقول وبالأفواه عن الألسن نحو ويقولون بأفواههم وبالقرية عن ساكنيها نحو واسأل القرية وقد اجتمع هذا النوع وما قبله في قوله تعالى ‏{‏خذوا زينتكم عند كل مسجد‏}‏فإن أخذ الزينة غير ممكن لأنها مصدر فالمراد محلها فأطلق عليه اسم الحال وأخذها للمسجد نفسه لا يجب فالمراد به الصلاة فأطلق عليه اسم المحل على الحال‏.‏

الخامس عشر‏:‏ تسمية الشيء باسم آلته نحو ‏{‏واجعل لي لسان صدق في الآخرين‏}‏أي ثناء حسنًا لأن اللسان آلته ‏{‏وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه‏}‏أي بلغة قومه‏.‏

السادس عشر‏:‏ تسمية الشيء باسم ضده نحو ‏{‏فبشرهم بعذاب أليم‏}‏والبشارة حقيقة في الخبر السار ومنه تسمية الداعي إلى الشيء باسم الصارف عنه ذكره السكاكي وخرج عليه قوله تعالى ما منعك أن لا تسجد يعني‏:‏ ما دعاك إلى أن لا تسجد وسلم بذلك من دعوى زيادة ل‏.‏

السابع عشر‏:‏ إضافة الفعل إلى ما سصح منه تشبيهًا نحو ‏{‏جدارًا يريد أن ينقض‏}‏وصفه بالإرادة وهي من صفات الحي تشبيهًا لميله للوقوع بإرادته‏.‏

الثامن عشر‏:‏ إطلاق الفعل والمراد مشارفته ومقاربته وإرادته نحو ‏{‏فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن‏}‏أي قاربن بلوغ الأجل‏:‏ أي انقضاء العدة لأن الإمساك لا يكون بعده وهوفي قوله ‏{‏فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن‏}‏حقيقة ‏{‏فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون‏}‏أي فإذا قرب مجيئه وبه يندفع السؤال المشهور فيها أن عند مجيء الأجل لا يتصور تقديم ولا تأخير ‏{‏وليخش الذين لو تركوا من خلفهم‏}‏الآية‏:‏ أي لوقاربوا أن يتركوا خافوا لأن الخطاب للأوصياء وإنما يتوجه عليهم قبل الترك لأنهم بعده أموات إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا أي أردتم القيام فإذا قرأت القرآن فاستعذ أي أردت القراءة لتكون الاستعاذة قبلها ‏{‏وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا‏}‏أي أردنا إهلاكها وإلا لم يصح العطف بالفاء وجعل منه بعضهم قوله ‏{‏من يهد الله فهو المهتدي‏}‏أي من يرد الله هدايته وهوحسن جدًا لئلا يتحد الشرط والجزاء‏.‏

التاسع عشر‏:‏ القلب إما قلب إسناد نحو ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أي لتنوء العصبة بها لكل أجل كتاب أي لكل كتاب أجل وحرمنا عليه المراضع أي حرمناه على المراضع ويوم يعرض الذين كفروا على النار أي تعرض النار عليه لأن المعروض عليه هو الذي له الاختيار وإنه لحب الخير لشديد أي وإن حبه للخير وإن يردك بخير أي يرد بك الخير فتلقى آدم من ربه كلمات لأن المتلقي حقيقة هوآدم كما قرئ بذلك أيضاَ‏.‏

أوقبل عطف نحو ‏{‏ثم تول عنهم فانظر‏}‏أي فانظر ثم تول ‏{‏ثم دنا فتدلى‏}‏أي تدلى فدنا لأنه بالتدلي مال إلى الدنو‏.‏

أوقبل تشبيه وسيأتي في نوعه‏.‏العشرون‏:‏ إقامة صيغة مقام أخرى وتحته أنواع كثيرة‏.‏منها‏:‏ إطلاق المصدر على الفاعل نحو ‏{‏فإنهم عدو لي‏}‏ولهذا أفرده وعلى المفعول نحو ولا يحيطون بشيء من علمه أي من معلومه صنع الله أي مصنوعه ‏{‏وجاءوا على قميصه بدم كذب‏}‏أي مكذوب فيه لأن الكذب من صفات الأقوال لا الأجسام‏.‏

ومنها‏:‏ إطلاق البشرى على المبشر به والهوى على المهوي والقول على المقول‏.‏

ومنها‏:‏ إطلاق الفاعل والمفعول على المصدر نحو ليس لوقعتها كاذبة أي تكذيب بأيكم المفتون أي الفتنة على أن الباء غير زائدة‏.‏

ومنها‏:‏ إطلاق فاعل على مفعول نحو ‏{‏ماء دافق‏}‏أي مدفوق ‏{‏لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم‏}‏أي لا معصوم ‏{‏جعلنا حرمًا آمنا‏}‏أي مأمونًا فيه وعكسه نحو إنه كان وعده مأتيًا أي آتيًا ‏{‏حجابًا مستورًا‏}‏أي ساترًا‏.‏

وقيل هوعلى بابه‏:‏ أي مستورًا عن العيون لا يحس به أحد‏.‏

ومنها‏:‏ إطلاق فعيل بمعنى مفعول نحو ‏{‏وكان الكافر على ربه ظهيرًا‏}‏ومنها‏:‏ إطلاق واحد من المفرد والمثنى والجمع على آخر‏.‏

منها‏:‏ مثال إطلاق المفرد على المثنى ‏{‏والله ورسوله أحق أن يرضوه‏}‏أي يرضوهما فأفرد لتلازم الرضاءين وعلى الجمع ‏{‏إن الإنسان لفي خسر‏}‏أي الأناسي بدليل الاستثناء منه ‏{‏إن الإنسان خلق هلوعًا‏}‏بدليل إلا المصلين‏.‏

ومثال إطلاق المثنى على المفرد ‏{‏ألقيا في جهنم‏}‏أي ألق ومنه كل فعل نسب إلى شيئين وهولأحدهما فقط نحو ‏{‏يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان‏}‏وإنما يخرج من أحدهما وهوالملح دون العذب ونظيره ‏{‏ومن كل تأكلون لحمًا طريًا وتستخرجون حلية تلبسونها‏}‏وإنما تخرج الحلية من الملح ‏{‏وجعل القمر فيهن نورًا‏}‏أي في إحداهن نسيا حوتهما والناسي يوشع بدليل قوله لموسى ‏{‏إني نسيت الحوت‏}‏وإنما أضيف النسيان إليهما معًا لسكوت موسى عنه ‏{‏فمن تعجل في يومين‏}‏والتعجيل في اليوم الثاني ‏{‏على رجل من القريتين عظيم‏}‏‏.‏

قال الفارسي‏:‏ أي من إحدى القريتين وليس منه ‏{‏أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين‏}‏وإنما المتخذ إلهًا عيسى دون مريم‏.‏

ومثال إطلاقه على الجمع ثم ارجع البصر كرتين أي كرات لأن البصر لا يحسر إلا بها وجعل منه بعضهم قوله ‏{‏الطلاق مرتان‏}‏‏.‏

ومثال إطلاق الجمع على المفرد قال رب ارجعون أي أرجعني‏.‏

وجعل منه ابن فارس ‏{‏فناظرة بم يرجع المرسلون‏}‏والرسول واحد بدليل ‏{‏ارجع إليهم‏}‏وفيه نظر لأنه يحتمل أنه خاطب رئيسهم لا سيما وعادة الملوك حجارية أن لا يرسلوا واحدًا‏.‏وجعل منه فنادته الملائكة ‏{‏ينزل الملائكة بالروح‏}‏أي جبريل ‏{‏وإذ قتلتم نفسًا فادّارأتم فيها‏}‏والقاتل واحد‏.‏

ومثال إطلاقه على المثنى ‏{‏قالتا أتينا طائعين‏}‏ ‏{‏قالوا لا تخف خصمان‏}‏ ‏{‏فإن كان له إخوة فلأمه السدس‏}‏أي أخوان ‏{‏فقد صغت قلوبكما‏}‏أي قلباكما ‏{‏وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث‏}‏إلى قوله ‏{‏وكنا لحكمهم شاهدين‏}‏ومنها‏:‏ إطلاق الماضي على المستقبل لتحقق وقوعه نحو ‏{‏أتى أمر الله‏}‏أي الساعة بدليل فلا تستعجلوه ‏{‏ونفخ في الصور فصعق من في السموات‏}‏ ‏{‏وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس‏}‏الآية ‏{‏وبرزوا لله جميعًا‏}‏ ‏{‏ونادى أصحاب الأعراف‏}‏وعكسه لإفادة الدوام والاستمرار فكأنه وقع واستمر نحو ‏{‏أتأمرون الناس بالبر وتنسون‏}‏‏.‏

‏{‏واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان‏}‏أي تلت ولقد نعلم أي علمنا ‏{‏قد يعلم ما أنتم عليه‏}‏أي علم ‏{‏فلم تقتلون أنبياء الله‏}‏أي قتلتم وكذا ‏{ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون‏}‏ ‏{‏ويقول الذين كفروا لست مرسلًا‏}‏أي قالوا‏.‏

ومن لواحق ذلك التعبير عن المستقبل باسم الفاعل أوالمفعول لأنه حقيقة في الحال لا في الاستقبال نحو وإن الدين لواقع ذلك يوم مجموع له الناس ومنها‏:‏ إطلاق الخبر على الطلب أمرًا أونهيًا أودعاء مبالغة في الحث عليه حتى كأنه وقع وأخبر عنه‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ ورود الخبر والمراد الأمر أوالنهي أبلغ من صريحي الأمر والنهي كأنه سورع فيه إلى الامتثال وأخبر عنه نحو ‏{‏والوالدات يرضعن‏}‏والطلقات يتربصن ‏{‏فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج‏}‏على قراءة الرفع وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله أي لا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله لا يمسه إلا المطهرون أي لا يمسه وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله أي لا تعبدوا بدليل وقولوا للناس حسنًا لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم أي اللهم إغفر لهم‏.‏

وعكسه نحو فليمدد له الرحمن مدًا أي يمد اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم أي ونحن حاملون بدليل ‏{‏وإنهم لكاذبون‏}‏والكذب إنما يرد على لخبر ‏{‏فليضحكوا قليلًا وليبكوا كثيرًا‏}‏‏.‏

قال الكواشي‏:‏ في الآية الأولى الأمر بمعنى الخبر أبلغ من الخبر لتضمنه اللزوم نحوإن زرتنا فلنكرمك يريدون تأكيد إيجاب الإكرام عليهم‏.‏

وقال ابن عبد السلام‏:‏ لأن الأمر للإيجاب يشبه الخبرية في إيجابه‏.‏

ومنها‏:‏ وضع النداء موضع التعجب نحو يا حسرة على العباد‏.‏

قال الفراء‏:‏ معناها فيالها حسرة‏.‏وقال ابن خالويه‏:‏ هذه من أصعب مسئلة في القرآن لأن الحسرة لا تنادي وإنما ينادي الأشخاص لأن فائدته التنبيه ولكن المعنى على التعجب‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان


عدل سابقا من قبل PLCMan في الثلاثاء 7 يوليو 2009 - 15:36 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالثلاثاء 7 يوليو 2009 - 15:36


تابع النوع الثاني والخمسون في حقيقته ومجازه


ومنها‏:‏ وضع جمع القلة موضع الكثرة نحو ‏{‏وهم في الغرفات آمنون‏}‏وغرف الجنة لا تحصى هم درجات عند ربهم ورتب الناس في علم الله أكثر من العشرة لا محالة ‏{‏الله يتوفى الأنفس‏}‏ ‏{‏أيامًا معدودات‏}‏ونكتة التقليل في هذه الآية التسهيل على المكلفين‏.‏

وعكسه نحو ‏{‏يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء‏}‏ومنها‏:‏ تذكير المؤنث على تأويله بمذكر نحو ‏{‏فمن جاءه موعظة من ربه‏}‏أي وعظ ‏{‏وأحيينا به بلدة ميتًا‏}‏على تأويل البلدة بالمكان فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي أي الشمس أوالطالع إن رحمة الله قريب من الحسنين قال الجوهري‏:‏ ذكرت على معنى الإحسان‏.‏

وقال الشريف المرتضى في قوله ‏{‏ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم‏}‏إن الإشارة للرحمة وإنما لم يقل ولتلك لأن تأنيثها غير حقيقي ولأنه يجوز أن يكون في تأويل أن يرحم‏.‏

ومنها‏:‏ تأنيث المذكر نحو ‏{‏الذين يرثون الفردوس هم فيها‏}‏أنث الفردوس وهومذكر حملًا على معنى الجنة ‏{‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها‏}‏أنث عشرًا حيث حذف الهاء مع إضافتها إلى الأمثال وأحدها مذكر فقيل لإضافة الأمثال إلى مؤنث وهوضمير الحسنات فاكتسب منه التأنيث‏.‏

وقيل هومن باب مراعاة المعنى لأن الأمثال في المعنى مؤنثة لأن مثل الحسنة حسنة والتقدير‏:‏ فله عشر حسنات أمثالها‏.‏

وقد قدمنا في القواعد المهمة قاعدة في التذكير والتأنيث‏.‏

ومنها‏:‏ التغليب وهوإعطاء الشيء حكم غيره‏.‏

وقيل ترجيح أحد المعلومين على الآخر وإطلاق لفظه عليهما إجراء للمختلفين مجرى المتفقين نحو ‏{‏وكانت من القانتين‏}‏ ‏{‏إلا امرأته كانت من الغابرين‏}‏والأصل من القانتات والغابرات فعدت الأنثى من المذكر بحكم التغليب ‏{‏بل أنتم قوم تجهلون‏}‏أتى بتاء الخطاب تغليبًا لجانب أنتم على جانب قوم‏.‏

والقياس أن يؤتى بياء الغيبة لأنه صفة لقوم وحسن العدول عنه وقوع الموصوف خبرًا عن ضمير المخاطبين قال ‏{‏اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم‏}‏غلب ففي الضمير المخاطب وإن كان من تبعك يقتضي الغيبة وحسنه أنه لما كان الغائب تبعًا للمخاطب في المعصية والعقوبة جعل تبعًا له في اللفظ أيضًا وهومن محاسن أرتباط اللفظ بالمعنى ‏{‏ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض‏}‏ غلب غير العاقل حيث أتى بما لكثرته‏.‏

وفي آية أخرى عبر بمن فغلب العاقل لشرفه ‏{‏لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا‏}‏أدخل شعيبًا في لتعودن بحكم التغليب إذ لم يكن في ملتهم أصلًا حتى يعود فيها‏.‏

وكذا قوله ‏{‏إن عدنا في ملتكم‏}‏‏{‏فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس‏}‏ عد منهم بالاستثناء تغليبًا لكونه كان بينهم يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين أي المشرق والمغرب‏.‏

قال ابن الشجري‏:‏ وغلب المشرق لأنه أشهر الجهتين ‏{‏مرج البحرين‏}‏أي الملح والعذب والبحر خاص بالملح فغلب لكونه أعظم ولكل درجات أي من المؤمنين والكفار فالدرجات للعلووالدركات للسفل فاستعمل الدرجات في القسمين تغليبًا للأشرف‏.‏

قال في البرهان‏:‏ وإنما كان التغليب من باب المجاز لأن اللفظ لم يستعمل فيما وضع له ألا ترى أن القانتين موضوع للذكور الموصوفين بهذا الوصف فإطلاقه على الذكور والإناث إطلاق على غر ما وضع له وكذا باقي الأمثلة‏.‏

ومنها‏:‏ استعمال حروق الجر في غير معانيها الحقيقية كما تقدم في النوع الأربعين

ومنها‏:‏ استعمال صيغة أفعل لغير الوجوب وصيغة لا تفعل لغير التحريم وأدوات الاستفهام لغير طلب التصور والتصديق وأداة التمني والترجي والنداء لغيرها كما سيأتي كل ذلك في الإنشاء‏.‏

ومنها‏:‏ التضمين وهوإعطاء الشيء معنى الشيء ويكون في الحروف والأفعال والأسماء أما الحروف فتقدم في حروف الجر وغيرها‏.‏وأما الأفعال فإن تضمن فعلًا معنى فعل آخر فيكون فيه معنى الفعلين معًا وذلك بأن يأتي الفعل متعديًا بحرف ليس من عادته التعدي به فيحتاج إلى تأويله أوتأويل الحرف ليصح التعدي به والأول تضمين الفعل والثاني تضمين الحرف‏.‏

واختلفوا أيهما أولى فقال أهل اللغة وقوم من النحاة‏:‏ التوسع في الحرف‏.‏

وقال المحققون‏:‏ التوسع في الفعل لأنه في الأفعال أكثر مثاله عينًا يشرب بها عباد الله فيشرب إنما يتعدى بمن فتعديته بالباء إما على تضمينه معنى يروي أوتضمين الباء معنى من ‏{‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم‏}‏فالرفث لا يتعدى بإلى إلا على تضمن معنى الإفضاء ‏{‏هل لك إلى أن تزكى‏}‏والأصل في أن تضمن معنى أدعوك ‏{‏يقبل التوبة عن عباده‏}‏عديت بعن لتضمنها معنى العفووالصفح‏.‏

وأما في الأسماء فأن يضمنم اسم معنى اسم لإفادة معنى الاسمين معًا نحو ‏{‏حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق‏}‏ ضمن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق بقول الحق وحريص عليه وإنما كان التضمين مجازًا لأن اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معًا فالجمع بينهما مجاز‏.‏

فصل‏:‏ في أنواع مختلف في عدها من المجاز وهي ستة أحدها‏:‏ الحذف فالمشهور أنه من المجاز وأنكره بعضهم لأن المجاز استعمال اللفظ في غير موضوعه والحذف ليس كذلك‏.‏وقال ابن عطية‏:‏ حذف المضاف هوعين الإعجاز ومعظمه وليس كل حذف مجازًا‏.‏

وقال القرافي‏:‏ الحذف أربعة أقسام‏:‏ قم يتوقف عليه صحة اللفظ ومعناه من حيث الإسناد نحو ‏{‏واسأل القرية‏}‏أي أهلها إذ لا يصح إسناد السؤال إليها‏.‏

وقسم يصح بدونه لكن يتوقف عليه شرعًا كقوله ‏{‏فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر‏}‏أي فأفطر فعدة‏.‏

وقسم يتوقف عليه عادة لا شرعًا نحو ‏{‏اضرب بعصاك البحر فانفلق‏}‏أي فضربه

وقسم يدل عليه دليل غير شرعي ولا هوعادة نحو فقبضت قبضة من أثر الرسول دل الدليل على أنه إنما قبض من أثر حافر فرس الرسول وليس في هذه الأقسام مجاز إلا الأول‏.‏

وقال الزنجاني في المعيار‏:‏ إنما يكون مجازًا إذا تغير حكم فأما لم يتغير كحذف خبر المبتدأ المعطوف على جملة فليس مجازًا إذ لم يتغير حكم ما بقي من الكلام‏.‏

وقال القزويني في الإيضاح‏:‏ متى تغير إعراب الكلمة بحذف أوزيادة فهي مجاز نحو واسأل القرية‏.‏

ليس كمثله شيء وإن كان الحذف أوالزيادة لا يوجب تغير الإعراب نحو أوكصيب فيما رحمة فلا توصف الكلمة بالمجاز‏.‏

الثاني‏:‏ التأكيد زعم قوم أنه مجاز لأنه لا يفيد إلا ما أفاده الأول والصحيح أنه حقيقة‏.‏

قال الطرطوشي في العمد‏:‏ ومن سماه مجازًا قلنا له إذا كان التأكيد بلفظ الأول نحوعجل عجل ونحوه فإن جاز أن يكون الثاني مجازًا في الأول لأنهما في لفظ واحد وإذا بطل حمل الأول على المجاز بطل حمل الثاني عليه لأنه مثل الأول‏.‏

الثالث‏:‏ التشبيه زعم قوم أنه مجاز والصحيح أنه حقيقة‏.‏

قال الزنجاني في المعيار‏:‏ لأنه معنى من المعاني وله ألفاظ تدل عليه وضعًا فليس فيه نقل اللفظ عن موضوعه‏.‏

وقال الشيخ عز الدين‏:‏ إن كان بحرف فهوحقيقة أوبحذفه فمجاز بناء على أن الحذف من باب المجاز‏.‏

الرابع‏:‏ الكناية وفيها أربعة مذاهب‏.‏أحدها‏:‏ أنها حقيقة‏.‏

قال ابن عبد السلام‏:‏ وهوالظاهر لأنها استعملت فيما وضعت له وأريد بها الدلالة على غيره‏.‏

الثاني‏:‏ أنها مجاز‏.‏

الثالث‏:‏ أنها لا حقيقة ولا مجاز وإليه ذهب صاحب التلخيص لمنعه في المجاز أن يراد المعنى الحقيقي مع المجازي وتجويزه ذلك فيها‏.‏

الرابع‏:‏ وهواختيار الشيخ تقي الدين السبكي أنها تقسم إلى حقيقة ومجاز فإن استعملت اللفظ في معناه مرادًا منه لازم المعنى أيضًا فهوحقيقة وإن لم يرد المعنى بل عبر بالملزوم عن اللازم فهومجاز لاستعماله في غير ما وضع له‏.‏

والحاصل أن الحقيقة منها أن يستعمل اللفظ فيما وضع له ليفيد غير ما وضع له والمجاز منها أن يريد به غير موضوعه استعمالًا وإفادة‏.‏

الخامس‏:‏ التقديم والتأخير عده قوم من المجاز لأن تقديم ما رتبته التأخر كالمفعول وتأخير ما رتبته التقديم كالفاعل نقل لكل واحد منهما عن مرتبته وحقه‏.‏

قال في البرهان‏:‏ والصحيح أنه ليس منه فإن المجاز نقل ما وضع إلى ما لم يوضع له‏.‏السادس‏:‏ الالتفات‏:‏ قال الشيخ بهاء الدين السبكي لم أر من ذكر هل هوحقيقة أومجاز قال وهوحقيقة حيث لم يكن معه تجريد فصل‏:‏ فيما يوصف بأنه حقيقة ومجاز باعتبارين هو الموضوعات الشرعية كالصلاة والزكاة والصوم والحج فإنها حقائق بالنظر إلى الشرع مجازات بالنظر إلى اللغة‏.‏فصل‏:‏ في الواسطة بين الحقيقة والمجاز قيل بها في ثلاثة أشياء‏.‏

أحدها‏:‏ اللفظ قبل الاستعمال‏.‏

وهذا القسم مفقود في القرآن ويمكن أن يكون منه أوائل السور على القول بأنها للإشارة إلى الحروف التي يتركب منها الكلام‏.‏ثانيًا‏:‏ الأعلام‏.‏

ثالثها‏:‏ اللفظ المستعمل في المشاكلة نحو ‏{‏ومكروا ومكر الله‏}‏

‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}‏ذكر بعضهم أنه واسطة بين الحقيقة والمجاز‏.‏

قال‏:‏ لأنه لم يوضع لما استعمل فيه فليس حقيقة ولا علاقة معتبرة فليس مجازًا كذا في شرح بديعية ابن جابر لرفيقه‏.‏

قلت‏:‏ والذي يظهر أنها مجاز والعلاقة المصاحبة‏.‏

خاتمة لهم مجاز المجاز وهوا يجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر فيتجوز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما كقوله تعالى ‏{‏ولكن لا تواعدوهن سرًا‏}‏فإنه مجاز عن مجاز‏.‏

فإن الوطء تجوز عنه بالسر لكونه لا يقع غالبًا إلا في السر وتجوز به عن العقد لأنه مسبب عنه فالمصحح للمجاز الأول الملازمة والثاني السببية والمعنى‏:‏ لا تواعدوهن عقد نكاح‏.‏

وكذا قوله ‏{‏ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله‏}‏فإن قوله لا إله إلا الله مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ والعلاقة السببية لأن توحيد اللسان مسبب عن توحيد الجنان والتعبير بلا إله إلا الله عن الوحدانية من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه‏.‏

وجعل منه ابن السيد قوله ‏{‏أنزلنا عليكم لباسًا‏}‏فإن المنزل عليهم ليس هونفس اللباس بل الماء المنبت للزرع المتخذ منه الغزل المنسوج منه اللباس‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالجمعة 24 يوليو 2009 - 8:22



النوع الثالث والخمسون في تشبيهه واستعاراته


التشبيه نوع من اشرف أنواع البلاغة وأعلاها‏.‏

قال المبرد في الكامل‏:‏ لوقال قائل هوأكثر كلام العرب لم يبعد‏.‏

وقد أفرد تشبيهات القرآن بالتصنيف أبو القاسم بن البندار البغدادي في كتاب سماه الجمان وعرفه جماعة منهم السكاكي بأنه الدلالة على مشاركة أوامر لأمر في معنى‏.‏

وقال ابن أبي الأصبع‏:‏ هوإخراج الأغمض إلى الأظهر‏.‏

وقال غيره‏:‏ هوإلحاق شيء بذي وصف في وصفه‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ هوأن تثبت للمشبعه حكمًا من أحكام المشبه به والغرض منه تأنيس النفس بإخراجها من خفي إلى جلي وإدنائه البعيد من القريب ليفيد بيانًا‏.‏

وقيل‏:‏ الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار وأدواته حروف وأسماء وأفعال فالحروف‏:‏ الكاف نحو كرماد وكأن نحو كأنه رؤوس الشياطين والأسماء مثل وشبه ونحوهما مما يشتق من المماثلة والمشابهة قاله الطيبي‏.‏

ولا تستعمل مثل إلا في حال أوصفة لها شأن وفيها غرابة نحو مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر‏.‏

والأفعال نحو‏.‏

يحسبه الظمآن ماء يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى قال في التخليص تبعًا للسكاكي‏:‏ وربما يذكر فعل ينبئ عن التشبيه فيؤتى في التشبيه القريب بنحو‏:‏ علمت زيدًا أسدًا الدال على التحقيق‏.‏

وفي البعيد بنحو‏:‏ حسبت زيدًا أسدًا الدال على الظن وعدم التحقيق وخالف جماعة منهم الطيبي فقالوا‏:‏ في كون هذه الأفعال تنبئ عن التشبيه نوع خفاء والأظهر أن الفعل ينبئ عن حال التشبيه في القرب والبعد وأن الأداة محذوفة مقدرة لعدم استقامة المعنى بدونه‏.‏

ذكر أقسامه ينقسم التشبيه باعتبارات‏:‏ الأول باعتبار طرفيه إلى أربعة أقسام لأنهما إما حسيان أوعقليان أوالمشبه به حسي والمشبه عقلي أوعكسه‏.‏

مثال الأول والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم‏.‏

كأنهم أعجاز نخل منقعر ومثال الثاني ‏{‏ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة‏}‏كذا مثل في البرهان وكأنه ظن أن التشبيه واقع في القسوة وهوغير ظاهر بل هوواقع بين القلوب والحجارة فهومن الأول‏.‏

ومثال الثالث مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح ومثال الرابع‏:‏ لم يقع في القرآن بل منعه الإمام أصلًا لأن العقل مستفاد من الحس فالمحسوس أصل للمعقول وبشبيهه به يستلزم جعل الأصل فرعًا والفرع أصلًا وهوغير جائز وقد اختلف في قوله تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن الثاني‏:‏ ينقسم باعتبار وجهه إلى مفرد ومركب والمركب أن ينتزع وجه الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض كقوله ‏{‏كمثل الحمار يحمل أسفارًا‏}‏فالتشبيه مركب من أحوال الحمار وهوحرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمل التعب في استصحابه وقوله ‏{‏إنما مثل الحياة الدنيا كما أنزلناه من السماء إلى قوله ‏{‏كأن لم تغن بالأمس‏}‏فإن فيه عشر جمل وقع التركيب من مجموعها بحيث لوسقط منها شيء اختل التشبيه إذ التشبيه حال الدنيا في سرعة تقضيها وانقراض نعيمها واغترار الناس بها بحال ماء نزل من السماء وأنبت أنواع العشب وزين بزخرفها وجه الأرض كالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة حتى إذا طمع أهلها فيها وظنوا أنها مسلمة من الجوائح أتاها بأس الله فجأة فكأنها لم تكن بالأمس‏.‏وقال بعضهم‏:‏ وجه تشبيه الدنيا بالماء أمران‏.‏

أحدهما‏:‏ أن الماء إذا أخذت منه فوق حاجتك تضررت وإن أخذت قدر الحاجة انتفعت به فكذلك الدنيا‏.‏

والثاني‏:‏ أن الماء إذا طبقت عليه كفك لتحفظه لم يحصل فيه شيء فكذلك الدنيا‏.‏

وقوله ‏{‏مثل نوره كمشكاة فيها مصباح‏}‏الآية فشبه نوره الذي يلقيه في قلب المؤمن بمصباح اجتمعت فيه أسباب الإضاءة إما بوضعه في مشكاة وهي الطاقة التي لا تنفذ وكونها لا تنفذ لتكون أجمع للبصر‏.‏

وقد جعل فيها مصباح في داخل زجاجة تشبه الكوكب الدري في صفائها ودهن المصباح من أصفى الأذهان وأقواها وقودًا لأنه من زيت شجرة في وسط السراج لا شرقية ولا غربية ولا تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار بل تصيبها الشمس أعدل إصابة‏.‏

وهذا مثل ضربه للمؤمن‏.‏

ثم ضرب للكافر مثلين‏:‏ أحدهما كسراب بقيعة والآخر كظلمات في بحر لجي الخ‏.‏

وهوأيضًا تشبيه تركيب‏.‏

الثالث ينقسم باعتبار آخر إلى أقسام‏.‏

أحدها‏:‏ تشبيه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع اعتمادًا على معرفة النقيض والضد فإن إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسة كقوله ‏{‏طلعها كأنه رؤوس الشياطين‏}‏شبه بما لا يشك أنه منكر قبيح لما حصل في نفوس الناس من بشاعة صور الشياطين وإن لم ترها عيانًا‏.‏الثاني‏:‏ عكسه وهوتشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه كقوله ‏{‏والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة‏}‏الآية‏.‏

أخرج ما لا يجس وهوالإيمان إلى ما يحس وهوالسراب والمعنى الجامع بطلان التوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة‏.‏

الثالث‏:‏ إخراج ما لم تجر العادة به إلى ما جرت كقوله تعالى ‏{‏وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظله‏}‏ والجامع بينهما الارتفاع في الصورة‏.‏

الرابع‏:‏ إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها كقوله ‏{‏وجنة عرضها كعرض السماء والأرض‏}‏والجامع العظم وفائدته التشويق إلى الجنة بحسن الصفة وإفراط السعة‏.‏

الخامس‏:‏ إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ماله قوة فيها كقوله تعالى ‏{‏وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام‏}‏ والجامع فيهما العظم والفائدة إبانة القدرة على تسخير الأجسام العظام في ألطف ما يكون من الماء وما في ذلك من انتفاع الخلق بحمل الأثقال وقطعها الأقطار البعيدة في المسافة القريبة وما يلازم ذلك من تسخير الرياح للإنسان فتضمن الكلام بناء عظيمًا من الفخر وتعداد النعم على هذه الأوجه الخمسة تجري تشبيهات القرآن‏.‏

السادس‏:‏ ينقسم باعتبار آخر إلى مؤكد وهوما حذفت فيه الأداة نحو ‏{‏وهي تمر مر السحاب‏}‏أي مثل مر السحاب ‏{‏وأزواجه أمهاتهم‏}‏‏.‏

وجنة عرضها السموات والأرض ومرسل وهوما لم تحذف كالآيات السابقة والمحذوفة الأداة أبلغ لأنه نزل فيه الثاني منزلة الأول تجوزا‏.‏

قاعدة الأصل دخول أداة التشبيه على المشبه به وقد تدخل على المشبه إما لقصد المبالغة فتقلب التشبيه وتجعل المشبه هو الأصل نحو ‏{‏قالوا إنما البيع مثل الربا‏}‏كأن الأصل أن يقولوا‏:‏ إنما الربا مثل البيع لأن الكلام في الربا لا في البيع فعدلوا عن ذلك وجعلوا الربا أصلًا ملحقًا به البيع في الجواز وأنه الخليق بالحل ومنه قوله تعالى أفمن لا يخلق فإن الظاهر العكس لأن الخطاب لعبدة الأوثان الذين سموها آلهة تشبيهًا بالله سبحانه وتعالى فجعلوا غير الخالق مثل الخالق فخولف في خطابهم لأنهم بالغوا في عبادتهم وغلوحتى صارت عندهم أصلًا في العبادة فجاء الرد على وفق ذلك‏.‏

وإما لوضوح الحال نحو وليس الذكر كالأنثى فإن الأصل وليس الأنثى كالذكر وإنما عدل عن الأصل لأن المعنى‏:‏ وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت‏.‏وقيل لمراعاة الفواصل لأن قبله إني وضعتها أنثى‏.‏

وقد تدخل على غيرهما اعتمادًا على فهم المخاطب نحو ‏{‏كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم‏}‏الآية المراد كونوا أنصار الله خالصين في الانقياد كشأن مخاطبي عيسى إذ قالوا‏.‏

قاعدة القاعدة في المدح تشبيه الأدنى بالأعلى وفي الذم تشبيه الأعلى بالأدنى لأن الذم مقام الأدنى والأعلى طارئ عليه فيقال في المدح الحصى كالياقوت وفي الذم ياقوت كالزجاج وكذا في السلب ومنه يا نساء النبي لستن كأحد من النساء أي في النزول لا في العلو أم نجعل المتقين كالفجار أي في سوء الحال‏:‏ أي لا نجعلهم كذلك‏.‏

نعم أورد على ذلك مثل نوره كمشكاة فإنه شبه في الأعلى بالأدنى لا في مقام السلب‏.‏

وأجيب بأنه للتقريب إلى أذهان المخاطبين إذ لا أعلى من نوره فيشبه به‏.‏

فائدة قال ابن أبي الأصبع‏:‏ لم يقع في القرآن تشبيه شيئين بشيئين ولا أكثر من ذلك إنما وقع فيه تشبيه واحد بواحد‏.‏فصل زوج المجاز بالتشبيه فتولد بينهما الاستعارة فهي مجاز علاقته المشابهة أويقال في تعريفها‏:‏ اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي والأصح أنها مجاز لغوي لأنها موضوعة للمشبه به لا للمشبه ولا الأعم منهما فأسد في قولك‏:‏ رأيت أسدا يرمي موضوع للسبع لا للشجاع‏.‏

ولا لمعنى أعم منهما كالحيوان الجريء مثلًا ليكون إطلاقه عليهما حقيقة كإطلاق الحيوان عليهما‏.‏

وقيل مجاز عقلي بمعنى أن التصرف فيها في أمر عقلي لا لغوي لأنها لا تطلق على المشبه إلا بعد إدعاء دخوله في جنس المشبه به فكان استعمالها فيما وضعت له فيكون حقيقة لغوية ليس فيها غير نقل الاسم وحده وليس نقل الاسم المجرد استعارة لأنه لا بلاغة فيه بدليل الأعلام المنقولة فلم يبق إلا أن يكون مجازًا عقليًا‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ حقيقة الاستعارة أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها وحكمة ذلك إظهار الخفي وإيضاح الظاهر الذي ليس بجلي أوحصول المبالغة أوالمجموع‏.‏

مثال إظهار الخفي ‏{‏وإنه في أم الكتاب‏}‏فإن حقيقته‏:‏ وأنه في أصل الكتاب فاستعير لفظ الأم للأصل لأن الأولاد تنشأ من الأم كإنشاء الفروع من الأصول وحكمة ذلك تمثيل ما ليس بمرئي حتى يصير مرئيًا فينتقل السامع من حد السماع إلى حد العيان وذلك أبلغ في البيان‏.‏

ومثال إيضاح ما ليس بجلي ليصير جليًا ‏{‏واخفض لهما جناح الذل‏}‏فإن المراد أمر الولد بالذل لوالديه رحمة فاستعير للذل أولًا جانب ثم للجانب جناحًا وتقديره الاستعارة القريبة‏:‏ واخفض لهما جانب الذل‏:‏ أي اخفض جانبك ذلًا وحكمة الاستعارة في هذا جعل ما ليس بمرئي مرئيًا لأجل حسن البيان ولما كان المراد خفض جانب الولد للوالدين بحيث لا يبقي الولد من الذل لهما والاستكانة ممكنًا احتيج في الاستعارة إلى ما هوأبلغ من الأولى فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب لأن من يميل جانبه إلى جهة السفل أدنى ميل الصدق عليه أنه خفض جانبه والمراد خفض بلصق الجند بالأرض ولا يحصل ذلك إلا بذكر الجناح كالطائر‏.‏

ومثال المبالغة ‏{‏وفجرنا الأرض عيونًا‏}‏وحقيقته‏:‏ وفجرنا عيون الأرض ولوعبر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأول المشعر بأن الأرض كلها صارت عيونًا‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالجمعة 24 يوليو 2009 - 8:23


النوع الثالث والخمسون في تشبيهه واستعاراته ( تابع )


فرع أركان الاستعارة ثلاثة‏:‏ مستعار وهولفظ المشبه به‏.‏

ومستعار منه وهومعنى لفظ المشبه‏.‏

ومستعار له وهوالعني الجامع‏.‏

وأقسامها كثيرة باعتبارات‏.‏

فتنقسم باعتبار الأركان الثلاثة إلى خمسة أقسام‏.‏

أحدها‏:‏ استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس نحو ‏{‏واشتعل الرأس شيبًا‏}‏فالمستعار منه هو النار والمستعار له الشيب والوجه هو الانبساط ومشابهة ضوء النار لبياض الشيء وكل ذلك محسوس وهوأبلغ مما لوز قيل اشتعل شيب الرأس لإفادته عموم الشيب لجميع الرأس ومثله وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض أصل الموج حركة الماء فاستعمل في تركتهم على سبيل الاستعارة والجامع سرعة الاضطراب وتتابعه في الكثرة ‏{‏والصبح إذا تنفس‏}‏استعير خروج النفس شيئًا فشيئًا لخروج النور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلًا قليلًا بجامع التتابع على طريق التدريج وكل ذلك محسوس‏.‏

الثاني‏:‏ استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقلي‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ وهي ألطف من الأولى نحو ‏{‏وآية لهم الليل نسلخ منه النهار‏}‏فالمستعار منه السلخ الذي هوكشط الجلد عن الشاة والمستعار له كشف الضوء عن مكان الليل وهما حسيان والجامع ما يعقل من ترتب أمر على آخر وحصوله عقب حصوله كترتب ظهور اللحم على الكشط وظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل والترتب أمر عقلي ومثله فجعلناها حصيدًا أصل الحصيد النبات والجامع الهلاك وهوأمر عقلي‏.‏

الثالث‏:‏ استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي‏.‏

وقال ابن أبي الأصبع‏:‏ وهي ألطف الاستعارات نحو ‏{‏من بعثنا من مرقدنا‏}‏المستعار منه الرقاد‏:‏ أي النوم والمستعار له الموت والجامع عدم ظهور الفعل والكل عقلي ومثله ‏{‏ولما سكت عن موسى الغضب‏}‏المستعار السكوت والمستعار منه الساكت والمستعار له الغضب‏.‏

الرابع‏:‏ استعارة محسوس بوجه عقلي أيضًا نحو ‏{‏مستهم البأساء والضراء‏}‏استعير المس وهوحقيقة في الأجسام وهومحسوس لمقاساة الشدة والجامع اللحوق وهما عقليان بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فالقذف والدمغ مستعاران وهما محسوسان والحق والباطل مستعار لهما وهما معقولان ‏{‏ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس‏}‏ استعير الحبل المحسوس للعهد وهومعقول ‏{‏فاصدع بما تؤمر‏}‏استعير الصدع وهوكسر الزجاجة وهومحسوس للتبليغ وهومعقول والجامع التأثير وهوأبلغ من بلغ وإن كان بمعناه لأن تأثير الصدع أبلغ من تأثير التبليغ فقد لا يؤثر التبليغ والصدع يؤثر جزمًا واخفض لهما جناح الذل فكأنه قيل‏:‏ ستعمل الذل الذي يرفعك عند الله‏.‏وكذا قوله ‏{‏يخوضون في آياتنا‏}‏ ‏{‏فنبذوه وراء ظهورهم‏}‏ ‏{‏أفمن أسس بنيانه على تقوى‏}‏ ‏{‏ويبغونها عوجًا‏}‏‏{‏لتخرج الناس من الظلمات إلى النور‏}‏ ‏{‏فجعلناه هباء منثورا‏}‏ ‏{‏في كل واد يهيمون‏}‏ ‏{‏ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك‏}‏كلها من استعارة المحسوس للمعقول والجامع عقلي‏.‏

الخامس‏:‏ استعارة معقول لمحسوس والجامع عقلي أيضًا نحو ‏{‏إنا لما طغى الماء‏}‏المستعار منه التكثير وهوعقلي والمستعار له كثرة الماء وهوحسي والجامع الاستعلاء وهوعقلي أيضًا ومثله تكاد تميز من الغيظ ‏{‏وجعلنا آية النهار مبصرة‏}‏وتنقسم باعتبار اللفظ إلى أصلية وهي ما كان اللفظ المستعار فيها اسم جنس كآية بحبل من الله من الظلمات إلى النور في كل واد ‏.‏

وتبعية وهي ما كان اللفظ فيها غير اسم جنس كالفعل والمشتقات كسائر الآيات السابقة وكالحروف نحو ‏{‏فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًا‏}‏شبه ترتب العداوة والحزن على الالتقاط بترتب علقة الغاية عليه ثم استعير في المشبه اللام الموضوعة للمشبه به‏.‏

وتنقسم باعتبار آخر إلى مرشحة ومجردة ومطلقة‏.‏

فالأولى وهي أبلغها‏:‏ أن تقترن بما يلائم المستعار منه نحو أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم ااستعير الاشتراء لاستبدال والاختبار ثم قرن بما يلائمه من الربح والتجارة‏.‏

الثانية‏:‏ أن تقرن بما يلائم المستعار له نحو ‏{‏فأذاقها الله لباس الجوع والخوف‏}‏استعير اللباس للجوع ثم قرن بما يلائم المستعار له من الإذاقة ولوأراد الترشيح لقال فكساها لكن التجريد هنا أبلغ لما في لفظ الإذاقة من المبالغة في الألم باطنًا‏.‏

والثالثة‏:‏ لا تقرن بواحد منهما وتنقسم باعتبار آخر إلى تحقيقية وتخيلية ومكنية وتصريحية‏.‏

فلا أولى‏:‏ ما تحقق معناها حسًا نحو ‏{‏فأذاقها الله‏}‏الآية أوعقلًا نحو ‏{‏وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا‏}‏أي بيانًا واضحًا وحجة لامعة ‏{‏اهدنا الصراط المستقيم‏}‏أي الدين الحق فإن كلًا منها يتحقق عقلًا‏.‏

والثانية‏:‏ أن يضمر التشبيه في النفس فلا يصرح بشيء من أركانه سوى المشبه ويدل على ذلك التشبيه المضمر في النفس بان يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به ويسمى ذلك التشبيه المضمر استارة بالكناية وكنيها عنها لأنه لم يصرح به بل دل عليه بذكر خواصه ويقابله التصريحية ويسمى إثبات ذلك الأمر المختص بالمشبه به للمشبه استعارة تخييلية لأنه قد استعير للمشبه ذلك الأمر المختص بالمشبه به وبه يكون كمال المشبه به وقوامه في وجه الشبه لتخيل أن المشبه من جنس المشبه به‏.‏

ومن أمثلة ذلك الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه شبه الميثاق بالحبل وأضمر في النفس فلم يصرح بشيء من أركان التشبيه سوى العهد المشبه ودل عليه بإثبات النقض الذي هومن خواص المشبه به وهوالحبل وكذا واشتعل الرأس شيبًا طوى ذكر المشبه به وهوالنار ودل عليه بلازمه وهوالاشتعال ‏{‏فأذاقها الله‏}‏الآية شبه ما يدرك من أثر الضرر والألم بما يدرك من طعم المر فأوقع عليه الإذاقة ختم الله على قلوبهم شبهها في أن لا تقبل الحق بالشيء الموثوق في المختوم ثم أثبت لها الختم جدارًا يريد أن ينقض شبه ميلانه للسقوط بانحراف الحي فأثب له الإرادة التي هي من خواص العقلاء‏.‏

ومن التصريحية آية مستهم البأساة ‏{‏من بعثنا من مرقدنا‏}‏وتنقسم باعتبار آخر إلى وفاقية بأن يكون اجتماعهما في شيء ممكنًا نحو ‏{‏أو من كان ميتًا فأحييناه‏}‏أي ضالًا فهديناه استعير الإحياء من جعل الشي حيا للهداية التي بمعنى الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب والإحياء والهداية مما يمكن اجتماعهما في شيء‏.‏

وعنادية وهي ما لا يمكن اجتماعهما كاستعارة اسم المعدوم للموجود لعدم نفعه واجتماع الوجود والعدم في شيء ممتنع‏.‏

ومن العنادية التهكمية والتمليحية وهما ما استعمل في ضد أونقيض نحو فبشرهم بعذاب أليم أي أنذرهم استعيرت البشارة وهي الإخبار بما يسر للإنذار الذي هوضده بإدخال جنسها على سبيل التهكم والاستهزاء نحو إنك لأنت الحليم الرشيد عنوا الغوي السفيه تهكمًا ذق إنك أنت العزيز الكريم وتنقسم باعتبار آخر إلى تمثيلية وهي أن يكون وجه الشبه فيها منتزعًا من متعدد نحو واعتصموا بحبل الله جميعًا شبه استظهار العبد بالله ووثوقه بحمايته والنجاة من المكاره باستمساك الواقع في مهواة بحبل وثيق مدلى من مكان مرتفع يأمن انقطاعه‏.‏

تنبيه قد تكون الاستعارة بلفظين نحوقوارير قوارير من فضة‏:‏ يعني تلك الأواني ليست من الزجاج ولا من الفضة بل في صفاء القارورة وبياض الفضة فصب عليهم ربهم سوط عذاب فائدة أنكر قوم الاستعارة بناء على إنكارهم المجاز وقوم إطلاقها في القرآن لأن فيها إيهامًا للحاجة ولأن لم يرد في ذلك إذن من الشرع وعليه القاضي عبد الوهاب المالكي‏.‏

وقال الطرطوشي‏:‏ إن أطلق المسلمون الاستعارة فيه أطلقناها وإن امتنعوا امتنعنا ويكون هذا من قبيل أن الله عالم والعلم هو العقل ثم لا نصفه به لعدم التوقيف أه‏.‏

فائدة ثانية تقدم أن التشبيه من أعلى أنواع البلاغة وأشرفها واتفق البلغاء على أن الاستعارة أبلغ منه لأنه مجاز وهوحقيقة والمجاز أبلغ فإذا الاستعارة أعلى مراتب الفصاحة وكذا الكناية أبلغ من التصريح والاستعارة أبلغ من الكناية كما قال في عروس الأفراح‏:‏ إنه الظاهر لأنها كالجامعة بين كناية واستعارة ولأنها مجاز قطعًا

وفي الكناية خلاف‏.‏

وأبلغ أنواع الاستعارة التمثيلية كما يؤخذ من الكشاف ويليها المكنية صرح به الطيبي لاشتمالها على المجاز العقلي والترشيحية أبلغ من المجردة والمطلقة والتخييلية أبلغ من التحقييقية والمراد بالأبلغية إفادة زيادة التأكيد والمبالغة في كمال التشبيه لا زيادة في المعنى لا توجد في غير ذلك‏.‏

خاتمة من المهم تحرير الفرق بين الاستعارة والتشبيه المحذوف الأداة نحوزيد أسد

قال الزمخشري في قوله تعالى صم بكم عمي فإن قلت‏:‏ هل يسمى ما في الآية استعارة قلت‏:‏ نختلف فيه والمحققون على تسميته تشبيهًا بليغًا لا استعارة لأن المستعار له مذكور وهم المنافقون وإنما تطلق الاستعارة حيث يطوى ذكر المستعار له ويجعل الكلام خلوًا عنه صالحًا لأن يراد المنقول عنه والمنقول له دلالة الحال أوفحوى الكلام‏.‏

ومن ثم ترى المفلقين السحرة يتناسون التشبيه ويضربون عنه صفحًا وعلله السكاكي بأن من شرط الاستعارة إمكان حمل الكلام على الحقيقة في الظاهر وتناسي التشبيه وزيد أسد لا يمكن كونه حقيقة فلا يجوز أن يكون استعارة وتابعه صاحب الإيضاح‏.‏

قال في عروس الأفراح‏:‏ وما قالاه ممنوع وليس من شرط الاستعارة صلاحية الكلام لصرفه إلى الحقيقة في الظاهر‏.‏قال‏:‏ بل لوعكس ذلك وقيل لا بد من عدم صلاحيته لكان أقرب لأن الاستعارة مجاز لا بد له من قرينة فإن لم تكن قرينة امتنع صرفه إلى الاستعارة وصرفناه إلى حقيقته وإنما نصرفه إلى الاستعارة بقرينة إما لفظية أومعنوية نحوزيد أسد فالإخبار به عن زيد قرينة صارفة عن إرادة حقيقته قال‏:‏ والذي نختاره في نحوزيد أسد قسمان‏:‏ تارة يقصد به التشبيه فتكون أداة مقدرة‏.‏

وتارة يقصد به الاستعارة فلا تكون مقدرة ويكون الأسد مستعملًا في حقيقته‏.‏

وذكر زيد‏:‏ والإخبار عنه بما لا يصلح له حقيقة قرينة صارفة إلى الاستعارة دالة عليها فإن قامت قرينة على حذف الأداة صرنا إليه وإن لم تقم فنحن بين إضمار واستعارة والاستعارة أولى فيصار إليها‏.‏

وممن صرح بهذا الفرق عبد اللطيف البغدادي في قوانين البالغة وكذا قال حازم‏:‏ الفرق بينهما أن الاستعارة وإن كان فيها معنى التشبيه فتقدير حرف التشبيه لا يجوز فيها والتشبيه بغير حرف على خلاف ذلك لأن تقدير حرف التشبيه واجب فيه‏.

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 Emptyالجمعة 24 يوليو 2009 - 8:24


النوع الرابع والخمسون في كناياته وتعريضه


هما من أنواع البلاغة وأساليب الفصاحة وقد تقدم أن الكناية أبلغ من التصريح وعرفها أهل البيان بأنها لفظ أريد به لازم معناه‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ ترك التصريح بالشيء إلى ما يساويه في اللزوم فينتقل منه إلى الملزوم وأنكر وقوعها في القرآن من أنكر المجاز فيه بناء على أنها مجاز وقد تقدم الخلاف في ذلك‏.‏وللكناية أساليب‏.‏

أحدها‏:‏ التنبيه على عظم القدرة نحو ‏{‏هو الذي خلقكم من نفس واحدة‏}‏كناية عن آدم‏.‏

ثانيها‏:‏ ترك اللفظ إلى ما هوأجمل نحو ‏{‏إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة‏}‏ فكنى بالنعجة عن المرأة كعادة العرب في ذلك لأن ترك التصريح بذكر النساء أجمل منه ولهذا لم يذكر في القرآن امرأة باسمها على خلاف عادة الفصحاء لنكته وهوأن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في ملً ولا يبتذلون أسماءهن بل يكنون عن الزوجة بالفرش والعيال ونحوذلك فإذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا أسماءهن عن الذكر فلما قالت النصارى في مريم ما قالوا صرح الله باسمها ولم يكن تأكيدًا للعبودية التي هي صفة لها وتأكيدًا لأن عيسى لا أب له وإلا لنسب إليه‏.‏ثالثها‏:‏ أ يكون التصريح مما يستقبح ذكره ككناية الله عن الجماع بالملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والدخول والسر في قوله ‏{‏ولكن لا تواعدوهن سرًا‏}‏والغشيان في قوله ‏{‏فلما تغشاها‏}‏أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ المباشرة الجماع ولكن الله يكنى‏.‏

وأخرج عنه قال‏:‏ إن الله كريم يكنى ما شاء وإن الرفث هو الجماع وكنى عن طلبه بالمراودة في قوله ‏{‏وراودته التي هو في بيتها عن نفسه‏}‏وعنه‏:‏ أوعن المعانقة باللباس في قوله ‏{‏هن لباس لكم وأنتم لباس لهن‏}‏وبالحرث في قوله ‏{‏نساؤكم حرث لكم‏}‏ وكنى عن البول ونحوه بالغائط في قوله ‏{‏أو جاء أحد منكم من الغائط‏}‏وأصله المكان المطمئن من الأرض وكنى عن قضاء الحاجة بأكل الطعام في قوله في مريم وابنها كانا يأكلان الطعام وكنى عن الاستاه بالأدبار في قوله ‏{‏يضربون وجوههم وأدبارهم أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في هذه الآية قال‏:‏ يعني استاههم ولكن الله يكنى‏.‏

وأورد على ذلك التصريح بالفرج في قوله ‏{‏والتي أحصنت فرجها‏}‏وأجيب بأن المراد به فرج القميص والتعبير به ألطف الكنايات وأحسنها‏:‏ أي لا يعلق ثوبها فهي طاهرة الثوب كما يقال نفي الثوب وعفيف الذيل كناية عن العفة ومنه ‏{‏وثيابك فطهر‏}‏وكيف يظن أن نفخ جبريل وقع في فرجها وإنما نفخ في جيب درعها ونظيره أيضًا ‏{‏ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن‏}‏قلت‏:‏ وعلى هذا ففي الآية كناية عن كناية ونظيره ما تقدم من مجاز المجاز‏.‏

رابعها‏:‏ قصد البلاغة والمبالغة نحو ‏{‏أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين‏}‏كنى عن النساء بأنهن ينشأن في الترفه والتزين الشاغل عن النظر في الأمور ودقيق المعاني ولوأتى بلفظ النساء لم يشعر بذلك والمراد نفي ذلك عن الملائكة‏.‏

وقوله ‏{‏بل يداه مبسوطتان‏}‏كناية عن سعة جوده وكرمه جدًا‏.‏

خامسها‏:‏ قصد الاختصار كالكناية عن ألفاظ متعددة بلفظ فعل نحو ‏{‏لبئس ما كانوا يفعلون‏}‏ ‏{‏فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا‏}‏أي فإن لم تأتوا بسورة من مثله‏.‏

سادسها‏:‏ التنبيه على مصيره نحو ‏{‏تبت يدا أبي لهب‏}‏أي جهنمي مصيره إلى اللهب ‏{‏حمالة الحطب في جيدها حبل‏}‏ أي نمامة مصيرها إلى أن تكون حطبًا لجهنم في جيدها غل‏.‏

قال بدر الدين بم مالك في المصباح‏:‏ إنما يعدل عن الصرائح إلى الكناية بنكتة كالإيضاح أوبيان حال الموصوف أومقدار حاله أوالقصد إلى المدح أوالذم أوالاختصار أوالستر أوالصيانة أوالتعمية والإلغاز والتعبير عن الصعب بالسهل وعن المعنى القبيح باللفظ الحسن‏.‏

واستنبط الزمخشري نوعًا من الكناية غريبًا وهوأن تعمد إلى جملة معناها على خلاف الظاهر فتأخذ الخلاصة من غير اعتبار مفرداتها بحقيقة والمجاز فتعبر بها عن المقصود كما تقول في نحو ‏{‏الرحمن على العرش استوى‏}‏إنه كناية عن الملك فإن الاستواء على السرير لا يحصل إلا مع الملك فجعل كناية عنه وكذا قوله ‏{‏والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه‏}‏ كناية عن عظمته وجلالته من غير ذهاب بالقبض واليمين إلى جهتين تذنيب من أنواع البديع التي تشبه الكناية الإرداف وهوأ يريد المتكلم معنى ولا يعبر عنه بلفظ الموضوع له ولا بدلالة الإشارة بل بلفظ يرادفه كقوله تعالى ‏{‏وقضي الأمر‏}‏والأصل‏:‏ وهلك من قضى الله هلاكه ونجا من قضى الله نجاته وعدل عن ذلك إلى لفظ الإرداف لما فيه من الإيجاز والتنبيه على أن هلاك الهالك ونجاة الناجي كان بأمر آمر مطاع وقضاء من لا يرد قضاؤه والأمر يستلزم آمرًا فقضاؤه يدل على قدرة الآمر به وقهره وإن الخوف من عقابه ورجاء ثوابه يحضان على طاعة الأمر ولا يحصل ذلك كله في اللفظ الخاص‏.‏

وكذا قوله ‏{‏واستوت على الجودي‏}‏حقيقة ذلك جلست فعدل عن اللفظ الخاص المعنى إلى مرادفه لما في الاستواء من الإشعار بجلوس متمكن لا زيغ فيه ولا ميل وهذا لا يحصل من لفظ الجلوس كذ فيهن قاصرات الطرف الأصل عفيفات وعدل عنه للدلالة على أنهن مع العفة لا تطمح أعينهن إلى غير أزواجهن ولا يشتهين غيرهم ولا يؤخذ ذلك من لفظ العفة‏.‏

قال بعضهم‏:‏ والفرق بين الكناية والإرداف‏:‏ أن الكناية انتقال من لازم إلى ملزوم والإرداف من مذكور إلى متروك‏.‏

ومن أمثلته أيضًا ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى عدل في الجملة الأولى عن قوله بالسوء‏:‏ أي مع أن فيه مطابقة كالجملة الثانية إلى بما عملوا تأدبًا أن يضاف السوء إلى الله تعالى‏.‏

فصل للناس في الفرق بين الكناية والتعريض عبارات متقاربة‏.‏

فقال الزمخشري‏:‏ الكناية ذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له والتعريض أن تذكر شيئًا يدل به على شيء لم تذكره‏.‏

وقال ابن الأثير‏:‏ الكناية ما دل على معنى يجوز حمله على الحقيقة والمجاز بوصف جامع بينهما والتعريض اللفظ الدال على معنى لا من جهة الوضع الحقيقي أوالمجازي كقول من يتوقع صلة والله إني محتاج فإنه تعريض بالطلب مع أنه لم يوضع له حقيقة ولا مجازًا وإنما فهم من عرض اللفظ‏:‏ أي جانبه‏.‏وقال السبكي في كتاب الإغريض في الكناية والتعريض الكناية لفظ استعمل في معناه مرادًا منه لازم المعنى فهي بحسب استعمال اللفظ في المعنى حقيقة والتجوز في إرادة إفادة ما لم يوضع له وقد لا يراد بها المعنى بل يعبر بالملزوم عن اللازم وهي حينئذ مجاز‏.‏

ومن أمثلته قل نار جهنم أشد حرًا فإنه لم يقصد إفادة ذلك لأنه معلوم بل إفادة لازمه وهوأنهم يردونها ويجدون حرها إن لم يجاهدوا‏.‏

وأما التعريض فهولفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره نحو ‏{‏بل فعله كبيرهم‏}‏هذا نسب الفعل إلى كبير الأصنام المتخذة آلهة كأنه غضب أن تعبد الصغار معه تلويحًا لعابديها لأنها لا تصلح أن تكون آلهة لما يعلمون إذا نظروا بعقولهم من عجز كبيرها عن ذلك الفعل والإله لا يكون عاجزًا فهوحقيقة أبدًا‏.‏

وقال السكاكي‏:‏ التعريض ما سيق لأجل موصوف غير مذكور‏.‏

ومنه أن يخاطب واحد ويراد غيره وسمى به لأنه أميل الكلام إلى جانب مشارًا به إلى آخر‏.‏

يقال نظر إليه بعرض وجهه‏:‏ أي جانبه‏.‏

قال الطيبي‏:‏ وذلك يفعل إما لتنويه جانب الموصوف ومنه ‏{‏ورفع بعضهم درجات‏}‏أي محمدًا صلى الله عليه وسلم إعلاء لقدره‏:‏ أي أنه العلم الذي لا يشتبه‏.‏

وإما التلطف به واحتراز عن المخاشنة نحو ‏{‏وما لي لا أعبد الذي فطرني‏}‏أي ومالكم لا تعبدون بدليل قوله ‏{‏وإليه ترجعون‏}‏وكذا قوله ‏{‏أأتخذ من دونه آلهة‏}‏ووجه حسنه إسماع من يقصد خطابه الحق على وجه يمنع غضبه إذ لم يصرح بنسبيته لباطل والإعانة على قبوله إذ لم يرد له إلا ما أراده لنفسه‏.‏

وإما لاستدراج الخصم إلى الإذعان والتسليم ومنه لئن أشركت ليحبطن عملك خوطب النبي صلى الله عليه وسلم وأريد غيره لاستحالة الشرك عليه شرعًا‏.‏

وإما للذم نحو ‏{‏إنما يتذكر أولوا الألباب‏}‏ فإنه تعريض لذم الكفار وإنهم في حكم البهائم الذين لا يتذكرون‏.‏

وغما للإهانة والتوبيخ نحو ‏{‏وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت‏}‏ فإن سؤالها لإهانة قاتلها وتوبيخه‏.‏

وقال السبكي‏:‏ التعريض قسمان‏:‏ قسم يراد به معناه الحقيقي ويشار به إلى المعنى الآخر المقصود كما تقدم‏.‏

وقسم لا يراد به بل يضرب مثلًا للمعنى هومقصود التعريض كقول إبراهيم بل فعله كبيرهم هذا‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 4 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
 
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 4 من اصل 7انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» خواطر الشيخ الشعراوي حول تفسير القرءان الكريم ( كتاب )
» علاج زوجة"الجبلى" على نفقة الدولة بـ2 مليون جنيه "اليوم السابع"
» "الصحة"تضع صورة"خادشة للحياء"على عبوات السجائر
» لاعبو إنجلترا يتناولون "الفياجرا" قبل مواجهة "الخضر"!
» "البُحتُرِيّ" شاعر السلاسل الذهبية "منقول"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008) :: منتديات الإسلاميات :: منتدى التلاوة وعلوم القرءان-
انتقل الى: