منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالجمعة 24 يوليو 2009 - 8:25


النوع الخامس والخمسون في الحصر والاختصاص


أما الحصر ويقال له القصر فهوتخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص‏.‏

ويقال أيضًا إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه‏.‏

وينقسم إلى قصر الموصوف على الصفة وقصر الصفة على الموصوف‏.‏

وكل منهما إما حقيقي وإما مجازي‏.‏

مثال قصر الموصوف على الصفة حقيقيًا نحو‏:‏ ما زيد إلا كاتب‏:‏ أي لا صفة له غيرها وهوعزيز لا يكاد يوجد لتعذر الإحاطة بصفات الشيء حتى يمكن إثبات شيء منها ونفي ما عداها بالكلية وعلى عدم تعذرها يبعد أن تكون للذات صفة واحدة ليس لها غيرها ولذا لم يقع في التنزيل ومثاله مجازيًا ‏{‏وما محمد إلا رسول‏}‏أي أنه مقصور على الرسالة لا يتعداها إلى التبري من الموت الذي هومن شأن الإله‏.‏

ومثال قصر الصفة على الموصوف حقيقيًا ‏{‏لا إله إلا الله‏}‏ومثاله مجازيًا ‏{‏قل لا أجد فيما أوحي إلي محرمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة‏}‏ الآية لما قال الشافعي فيما تقدم نقله من أسباب النزول أن الكفار لما كانوا يحلون الميتة والدم ولحم الخنزير ‏{‏وما أهل لغير الله ‏}‏وكانوا يحرمون كثرًا من المباحات وكانت سجيتهم تخالف وضع الشرع ونزلت الآية مسوقة بذكر شبههم في البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وكان الغرض إبانة كذبهم فكأن قال‏:‏ لا حرام إلا ما أحللتموه والغرض الرد عليهم والمضادة لا الحصر الحقيقي وقد تقدم بأبسط من هذا‏.‏

وينقسم الحصر باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام‏:‏ قصر إفراد وقصر قلب وقصر تعيين‏.‏

فالأول‏:‏ يخاطب به من يعتقد الشركة نحو ‏{‏إنما الله إله واحد‏}‏خوطب به نمرود الذي اعتقد أنه هو المحيي المميت دون الله إلا أنهم هم ال يعتقد اشتراك الله والأصنام في الألوهية‏.‏

والثاني‏:‏ يخاطب به من يعتقد إثبات الحكم لغير من أثبته المتكلم له نحو ربي الذي يحيي ويميت خوطب به نمرود الذي اعتقد أنه هو المحيي المميت دون الله ألا إنهم هم السفهاء خوطب به من اعتقد من المنافقين أن المؤمنين سفهاء دونهم وأرسلناك للناس رسولًا خوطب به من يعتقد من اليهود اختصاص بعثته بالعرب‏.‏

والثالث‏:‏ يخاطب به من تساوى عنده الأمران فلم يحكم بإثبات الصفة لواحد بعينه ولا لواحد بإحدى الصفتين بعينها‏.‏

فصل طرق الحصر كثيرة‏.‏

أحدها‏:‏ النفي والاستثناء سواء كان النفي بلا أوما أوغيرهما والاستثناء بإلا أوغير نحو لا إله إلا الله ‏{‏وما من إله إلا الله‏}‏ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ووجه إفادة الحصر أن الاستثناء المتفرغ لابد أن يتوجه النفي فيه إلى مقدر وهومستثني منه لأن الاستثناء إخراج فيحتاج إلى مخرج منه والمراد التقدير المعنوي لا الصناعي ولا بد أن يكون عامًا لأن الإخراج لا يكون إلا من عام ولابد أن يكون مناسبًا للمستثنى منه في جنسه مثل ما قام إلا زيد‏:‏ أي لا أحد وما أكلت إلا تمرًا‏:‏ أي مأكولًا ولابد أن يوافقه في صفته‏:‏ أي إعرابه وحينئذ يجب القصر إذا وجب منه شيء بإلا ضرورة فيبقى ما عداه على صفة الانتفاء وأصل استعمال هذا الطريق أن يكون المخاطب جاهلًا بالحكم وقد يخرج عن ذلك فينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب نحو وما محمد إلا رسول فإنه خطاب للصحابة وهم لم يجهلون رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه نزل استعظامهم له عن الموت منزلة من يجهل رسالته لأن كل رسول فلا بد من موته فمن استعبد موته فكأنه استعبد رسالته‏.‏

الثاني إنما الجمهور على أنها لحصر فقيل بالمنطوق وقيل بالمفهوم‏.‏

وأنكر قوم إفادتها منهم أبوحيان‏.‏

واستدل مثبتوه بأمور منها قوله تعالى ‏{‏إنما حرم عليكم الميتة‏}‏بالنصب فإن معناه‏:‏ ما حرم عليكم إلا الميتة لأنه المطابق في المعنى لقراءة الرفع فإنها للقصر لكذا قراءة النصب والأصل استواء معنى القراءتين‏.‏

ومنها ا إن للإثبات وما للنفي فلابد أن يحصل القصر لجمع بين النفي والإثبات لكن تعقب بأن ما زائدة كافة لا نافية‏.‏

ومنها‏:‏ إن إن للتأكيد وما كذلك فاجتمع تأكيدان فأفاد الحصر قاله السكاكي‏.‏وتعقب بأنه لوكان اجتماع تأكيدين يفيد الحصر لأفاده نحو‏:‏ إن زيدًا لقائم‏.‏

وأجيب بأن مراده لا يجتمع حرفًا تأكيد متواليان إلا للحصر‏.‏

ومنها قوله تعالى قال ‏{‏إنما العلم عند الله‏}‏ ‏{‏قال إنما يأتيكم به الله‏}‏ ‏{‏قل إنما علمها عند ربي‏}‏فإنه إنما تحصل مطابقة الجواب إذا كانت إنما للحصر ليكون معناها‏:‏ لا آتيكم به إنما يأتي به الله ولا أعلمها إنما يعلمها الله وكذا قوله ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ما على المحسنين من سبيل إلى قوله ‏{‏إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء‏.‏

وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي ‏{‏وإن تولوا فإنما عليك البلاغ‏}‏لا يستقيم المعنى في هذه الآيات ونحوها إلا بالحصر وأحسن ما يستعمل إنما هومن مواقع التعريض نحو إنما يتذكر أولوا الألباب‏.‏الثالث إنما بالفتح عدها من طرق الحصر الزمخشري والبيضاوي فقالا في قوله تعالى ‏{‏قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد‏}‏إنما القصر الحكم على شيء أولقصر الشيء على حكم نحو‏:‏ إنما زيد قائم وإنما يقوم زيد وقد اجتمع الأمران في هذه الآية لأن إنما يوحي إلي مع فاعله بمنزلة إنما يقوم زيد وإنما إلهكم بمنزلة إنما زيد قائم وفائدة اجتماعهما الدلالة على أ الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مقصور على استئثار الله بالوحدانية وصرح التنوخي في الأقصى القريب بكونها للحصر فقال‏:‏ كلما أوجب أن إنما بالكسر لحصر أوجب أن إنما بالفتح للحصر لأنها فرع عنها وما ثبت للأصل ثبت للفرع ما لم يثبت مانع منه والأصل عدمه‏.‏ورد أبوحيان على الزمخشري ما زعمه بأنه يلزمه انحصار الوحي في الوحدانية‏.‏

وأجيب بأنه حصر مجازي باعتبار المقام‏.‏

الرابع‏:‏ العطف بلا أوبل ذكره أهل البيان ولم يحكوا فيه خلافًا نازع فيه الشيخ بهاء الدين في عروس الأفراح فقال‏:‏ أي قصر في العطف بلا إنما فيه نفي وإثبات فقولك زيد شاعر لا كاتب لا تعرض فيه لنفي صفة ثالثة والقصر إنما يكون بنفي جميع الصفات غير المثبت حقيقة أومجازًا وليس هوخاصًا بنفي الصفة التي يعتقدها المخاطب وأما العطف ببل فأبعد منه لأنه لا يستمر فيها النفي والإثبات‏.‏

الخامس‏:‏ تقديم المعمول نحو ‏{‏إياك نعبد‏}‏ ‏{‏لإلى الله تحشرون‏}‏وخالف فيه قوم وسيأتي بسط الكلام فيه قريبًا‏.‏

السادس‏:‏ ضمير الفصل نحو ‏{‏فالله هو الولي‏}‏أي لا غيره ‏{‏وأولئك هم المفلحون‏}‏إن هذا لهوقصص الحق إن شأنئك هو الأبتر وممن ذكر أنه للحصر البيانيون في بحث المسند إليه واستدل له السهيلي بأنه أتى به في كل موضع ادعى فيه نسبة ذلك المعنى إلى غير الله ولم يؤت به حيث لم يدع وذلك في قوله ‏{‏وأنه هو أضحك وأبكى إلى آخر الآيات فلم يؤت به في وأنه خلق الزوجين وإن عليه النشأة وأنه أهلك لأن ذلك لم يدع لغير الله وأتى به في الباقي لادعائه لغيره‏.‏

قال في عروس الأفراح‏:‏ وقد استنبطت دلالته على الحصر من قوله ‏{‏فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم لأنه لولم يكن للحصر لما حسن لأن الله لم يزل رقيبًا عليهم وإنما الذي حصل بتوفيته أنه لم يبق لهم رقيب غير الله تعالى ومن قوله ‏{‏لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون فإنه ذكر لتبيين عدم الاستواء وذلك لا يحسن إلا بأن يكون الضمير للاختصاص‏.‏

السابع‏:‏ تقديم المسند إليه على ما قاله الشيخ عبد القاهر‏:‏ قد يقدم المسند إليه ليفيد تخصيصه بالخبر الفعلي والحاصل على رأيه أن له أحوالًا‏.‏أحدها‏:‏ أن يكون المسند إليه معرفة والمسند مثبتًا فيأتي للتخصيص نحو‏:‏ أنا قمت وأنا سعيت في حاجتك فإن قصد به قصر الإفراد أكد بنحووحدي أوقصر القلب أكد بنحولا غيري ومنه في القرآن ‏{‏بل أنتم بهديتكم تفرحون‏}‏فإن ما قبله من قوله ‏{‏أتمدونني بمال ولفظ بل المشعر بالإضراب يقضي بأن المراد‏:‏ بل أنتم لا غيركم على أن المقصود نفي فرحه هوبالهدية لا إثبات الفرح لهم بهديتهم قاله في عروس الأفراح‏.‏قال‏:‏ وكذا قوله ‏{‏لا تعلمهم نحن نعلمهم‏}‏أي لا يعلمهم إلا نحن‏.‏

وقد يأتي للتقوية والتأكيد دون التخصيص‏.‏

قال الشيخ بهاء الدين‏:‏ ولا يتميز ذلك إلا بما يقتضيه الحال وسياق الكلام‏.‏

ثانيها‏:‏ أن يكون المسند منفيًا نحو‏:‏ أنت لا تكذب فإنه أبلغ في نفي الكذب من لا تكذب ومن لا تكذب أنت‏.‏

وقد يفيد التخصيص ومنه فهم لا يتساءلون‏.‏

ثالثها‏:‏ أن يكون المسند إليه نكرة مثبتًا نحو‏:‏ رجل جاءني فيفيد التخصيص إما بالجنس‏:‏ أي ل امرأة أوالوحدة‏:‏ أي لا رجلان‏.‏

رابعها‏:‏ أن يلي المسند إليه حرف النفي فيفيده نحو‏:‏ ما أنا قلت هذا‏:‏ أي لم أقله مع أ غيري قاله ومنه وما أنت علينا بعزيز‏:‏ أي العزيز علينا رهطك لا أنت ولذا قال أرهطي أعز عليكم من الله هذا حاصل رأى الشيخ عبد القاهر ووافقه السكاكي وزاد شروطًا وتفاصيل بسطناها في شرح ألفية المعاني‏.‏

الثامن‏:‏ تقديم المسند ذكر ابن الأثير وابن النفيس وغيرهما أن تقديم الخبر على المبتدأ يفيد الاختصاص ورده صاحب الفلك الدائر بأنه لم يقل به أحد وهوممنوع فقد صرح السكاكي وغيره بأن تقديم ما رتبته التأخير يفيده ومثلوه بنحو‏:‏ تميمي أنا

التاسع‏:‏ ذكر المسند إليه ذكر السكاكي أنه قد يذكر ليفيد التخصيص وتعقبه صاحب الإيضاح وصرح الزمخشري بأنه أفاد الاختصاص في قوله ‏{‏الله يبسط الرزق في سورة الرعد وفي قوله ‏{‏الله نزل أحسن الحديث‏}‏ وفي قوله ‏{‏والله يقول الحق وهو يهدي السبيل‏}‏ويحتمل أنه أراد أن تقديمه أفاده فيكون من أمثلة الطريق السابع‏.‏

العاشر‏:‏ تعريف الجزأين ذكر الإمام فخر الدين في نهاية الإيجاز أنه يفيد الحصر حقيقة أومبالغة نحو‏:‏ المنطلق زيد ومنه في القرآن فيما ذكر الزملكاني في أسرار التنزيل الحمد لله قال إنه يفيد الحصر كما في إياك نعبد أي الحمد لله لا لغيره‏.‏

الحادي عشر‏:‏ نحو‏:‏ جاء زيد نفسه نقل بعض شراح التلخيص عن بعضهم أنه يفيد الحصر‏.‏

الثاني عشر‏:‏ نحو‏:‏ إن زيدًا لقائم نقله المذكور أيضًا‏.‏

الثالث عشر‏:‏ نحو‏:‏ قائم في جواب زيد إما قائم أوقاعد ذكره الطيبي في شرح البيان‏.‏

الرابع عشر‏:‏ قلب بعض حروف الكلمة فإنه يفيد الحصر على ما نقله في الكشاف في قوله ‏{‏والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها‏}‏قال‏:‏ القلب للاختصاص بالنسبة إلى لفظ الطاغوت لأن وزنه على قول فعلوت من الطغيان كملكوت ورحموت قلب بتقديم اللام على العين فوزنه فلعوت ففيه مبالغات التسمية وبالمصدر والبناء بناء مبالغة والقلب وهولاختصاص إذ لا يطلق على غير الشيطان‏.‏

تنبيه كان أهل البيان يطبقون على أن تقديم المعمول يفيد الحصر سواء كان مفعولًا أوظرفًا أومجرورًا ولهذا قيل في ‏{‏إياك نعبد وإياك نستعين‏}‏معناه‏:‏ نحصل بالعبادة والاستعانة وفي ‏{‏لإلى الله تحشرون‏}‏معناه‏:‏ إليه لا إلى غيره وفي لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا أخرت الصلة في الشهادة الأولى وقدمت في الثانية لأن الغرض في الأول إثبات شهادتهم وفي الثاني إثبات اختصاصهم بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم وخالف في ذلك ابن الحاجب فقال في شرح المفصل‏:‏ الاختصاص الذي يتوهمه كثير من الناس من تقديم المعمول وهم واستدل على ذلك بقوله ‏{‏فاعبد الله مخلصًا له الدين‏}‏ثم قال بل الله فاعبد ورد هذا الاستدلال بأن مخلصًا له الدين أغنى عن أداة الحصر في الآية الأولى ولولم يكن فما المانع من ذكر المحصور في محل بغير صيغة الحصر كما قال تعالى واعبدوا ربكم وقال أمر أن لا تعبدوا إلا إياه بل قوله ‏{‏بل الله فاعبد من أقوى أدلة الاختصاص فإن قبلها ‏{‏لئن أشركت ليحبطن عملك‏}‏فلولم يكن لاختصاص وكان معناها أعبد الله لما جعل الإضراب الذي هومعنى بل‏.‏

واعترض أبوحيان على مدعي الاختصاص بنحو أفغير الله تأمروني أعبد وأجيب بأنه لما كان من أشرك بالله غيره كأنه لم يعبد الله كان أمرهم بالشرك كأنه أمر بتخصيص غير الله بالعبادة‏.‏

ورد صاحب الفلك الدائر والاختصاص بقوله كلا هدينا ونوحًا هدينا من قبل وهوأقوى ما رد به‏.‏

وأجيب بأنه لا يدعي فيه اللزوم بل الغلبة وقد يخرج الشيء عن الغالب‏.‏

قال الشيخ بهاء الدين‏:‏ وقد اجتمع الاختصاص وعدمه في آية واحدة وهي ‏{‏أغير الله تدعون إن كنتم صادقين‏}‏ ‏{‏بل إياه تدعون‏}‏فإن التقديم في الأول قطعًا ليس للاختصاص وفي إياه قطعًا للاختصاص‏.‏

وقال والده الشيخ تقي الدين في كتاب الاقتناص في الفرق بين الحصر والاختصاص اشتهر كلام الناس في أن تقديم المعمول يفيد الاختصاص ومن الناس من ينكر ذلك ويقول‏:‏ إنما يفيد الاهتمام وقد قال سيبويه في كتابه‏:‏ وهم يقدمون ما هم به‏:‏ أعني والبيانيون على إفادته الاختصاص ويفهم كثير من الناس من الاختصاص الحصر وليس كذلك وإنما الاختصاص شيء والحصر شيء آخر والفضلاء لم يذكروا في ذلك لفظة الحصر وإنما عبروا بالاختصاص‏.‏

والفرق بينهما أن الحصر نفي غير المذكور وإثبات المذكور والاختصاص قصد الخاص من جهة خصوصه وبيان ذلك أن الاختصاص افتعال من الخصوص والخصوص مركب من شيئين‏:‏ أحدهما عام مشترك بين شيئين أوأشياء‏.‏

والثاني معنى منضم إليه يفصله عن غيره كضرب زيد فإنه أخص من مطلق الضرب‏.‏

فإذا قلت‏:‏ ضربت زيدًا أخبرت بضرب عام وقع منك لي شخص خاص فصار ذلك الضرب الخبر به خاصًا لما انضم إليه منك ومن زيد وهذه المعاني الثلاثة‏:‏ أعني مطلق الضرب وكونه واقعًا منك وكونه واقعًا على زيد قد يكون قصد المتكلم لها ثلاثتها على السواء وقد يترجح قصده لبعضها على بعض ويعرف ذلك بما ابتدأ به كلامه فإن الابتداء بالشيء يدل على الاهتمام به وأنه هو الأرجح في غرض المتكلم‏.‏

فإذا قلت زيدًا ضربت علم أن خصوص الضرب على زيد هو المقصود ولا شك في أن كل مركب من خاص وعام له جهتان فقد يقصد من جهة عمومه وقد يقصد من جهة خصوصه‏.‏

والثاني هو الاختصاص وأنه هو الأهم عند المتكلم وهوالذي قصد إفادته السامع من غير تعرض ولا قصد لغيره بإثبات ولا نفي ففي الحصر معنى زائد عليه وهونفي ما عدا المذكور وإنما جاء في هذا إياك نعبد للعلم بأن قائليه لا يعبدون غير الله تعالى ولذا لم يطرد في بقية الآيات فإن قوله ‏{‏أفغير دين الله يبغون‏}‏لوجعل في معنى ما يبغون إلا غير دين الله وهمزة الإنكار داخلة عليه لزم أن يكون المنكر الحصر لا مجرد غيهم غير دين الله وليس المراد وكذلك ‏{‏آلهة دون الله تريدون‏}‏المنكر إرادتهم آلهة دون الله من غير حصر وقد قال الزمخشري في ‏{‏وبالآخرة هم يوقنون‏}‏في تقديم الآخرة وبناء يوقنون على هم تعريض بأهل الكتاب وما كانوا عليه من إثبات أمر الآخرة على خلاف حقيقته وإن قولهم ليس بصادر عن إيقان وأن اليقين ما عليه من آمن بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وهذا الذي قاله الزمخشري في غاية الحسن‏.‏

وقد اعترض عليه بعضهم فقال‏:‏ تقديم الآخرة أفاد إن إيقانهم مقصور على أنه إيقان بالآخرة لا بغيرها وهذا الاعتراض من قائله مبني على ما فهمه من أن تقديم المعمول يفيد الحصر وليس كذلك‏.‏

ثم قال المعترض‏:‏ وتقديم هم أفاد أن هذا القصر مختص بهم فيكون إيقان غيرهم بالآخرة إيمانًا بغيرها حيث قالوا لن تمسنا النار وهذا منه أيضًا استمرار على ما في ذهنه من الحصر‏:‏ أي أن المسلمين لا يوقنون إلا بالآخرة وأهل الكتاب يوقنون بها وبغيرها وها فهم عجيب ألجأه إليه فهمه الحقير وهوممنوع وعلى تقدير تسليمه فالحصر على ثلاثة أقسام‏:‏ أحدها بما وإلا كقولك‏:‏ ما قام إلا زيد صريح في نفي القيام عن غير زيد ويقتضي إثبات لزيد قيل بالمنطوق وقيل بالمفهوم وهوالصحيح لكنه أقوى المفاهيم لأن إلا موضوعة للاستثناء وهوالإخراج فدلالتها على الإخراج بالمنطوق لا بالمفهوم ولكن الإخراج من عدم القيام ليس هوعين القيام بل قد يستلزمه فلذلك رجحنا أنه بالمفهوم والتبس على بعض الناس لذلك فقال بالمنطوق‏.‏

والثاني الحصر بإنما وهوقريب من الأول فيما نحن فيه وإن كان جانب الإثبات فيه أظهر فكأنه يفيد إثبات قيام زيد إذا قلت إنا قام زيد بالمنطوق ونفيه عن غيره بالمفهوم‏.‏

الثالث‏:‏ الحصر الذي قد يفيده التقديم وليس هوعلى تقدير تسليمه مثل الحصرين الأولين بل هوفي قوة جملتين‏:‏ إحداهما ما صدر به الحكم نفيًا كان أوإثباتًا وهوالمنطرق والأخرى ما فهم من التقديم والحصر يقتضي نفي المنطوق فقط دون ما دل عليه من المفهوم لأن المفهوم لا مفهوم له فإذا قلت أنا لا أكرم إلا إياك أفاد التعريض بأن غيرك يكرم غيره ولا يلزم أنك لا تكرمه وقد قال تعالى ‏{‏الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة‏}‏ أفاد أن العفيف قد ينكح غير الزانية وهوساكت عن نكاح الزانية فقال سبحانه وتعالى بعده ‏{‏والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك‏}‏بيانًا لما سكت عنه في الأول فلوقال بالآخرة يوقنون أفاد بمنطوقه إيقانهم بها ومفهومه عند من يزعم أنهم لا يوقنون بغيرها وليس ذلك مقصودًا بالذات والمقصود بالذات قوة إيمانهم بالآخرة حتى صار غيرها عندهم كالمدحوض فهوحصر مجازي وهودون قولنا يوقنون بالآخرة لا بغيرها فالضبط هذا وإياك أن تجعل تقديره‏:‏ لا يوقنون إلا بالآخرة‏.‏

إذا عرفت هذا فتقديم هم أفاد أن غيرهم ليس كذلك فلوجعلنا التقدير‏:‏ لا يوقنون إلا بالآخرة كان المقصود المهم النفي فيتسلط المفهوم عليه فيكون المعنى إفادة أن غيرهم يوقن بغيرها كما زعم المعترض ويطرح إفهام أنه لا يوقن بالآخرة ولا شك أن هذا ليس بمراد بل المراد إفهام أن غيرهم لا يوقن بالآخرة فلذلك حافظنا على أن الغرض الأعظم إثبات الإيقان بالآخرة ليتسلط المفهوم عليه وأن المفهوم لا يتسلط على الحصر لأن الحصر لم يدل عليه بجملة واحدة مثل ما وإلا ومثل إنما وإنما دل عليه بمفهوم مستفاد من منطوق وليس أحدهما متقيدًا بالآخر حتى تقول إن المفهوم أفاد نفي الإيقان المحصور بل أفاد نفي الإيقان مطلقًا عن غيرهم وهذا كله على تقدير تسليم الحصر ونحن نمنع ذلك ونقول‏:‏ إنه اختصاص وإن بينهما فرقًا أه كلام السبكي‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
metwally.mustafa
فريق أول
فريق أول
metwally.mustafa


عدد الرسائل : 4226
العمر : 38
الموقع : Egypt
العمل/الترفيه : automation engineer
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالسبت 25 يوليو 2009 - 11:32

جزاك الله كل خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
metwally.mustafa
فريق أول
فريق أول
metwally.mustafa


عدد الرسائل : 4226
العمر : 38
الموقع : Egypt
العمل/الترفيه : automation engineer
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالسبت 25 يوليو 2009 - 11:46

جزاك الله كل خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأحد 26 يوليو 2009 - 8:29


النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب

اعلم أنهما من أعظم أنواع البلاغة حتى نقل صاحب سر الفصاحة عن بعضهم أنه قال‏:‏ اللغة هي الإيجاز والإطناب‏.‏

قال صاحب الكشاف‏:‏ كما أنه يجب على البليغ في مظان الإجمال أن يجمل ويوجز فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل ويشبع أنشد الجاحظ‏:‏ يرمون بالخطب الطوال وتارة وحي المال حظ خيفة الرقباء واختلف هل بين الإيجاز والإطناب واسطة وهي المساواة أولا وهي داخلة في قسم الإيجاز‏.‏فالسكاكي وجماعة على الأول لكنهم جعلوا المساواة غير محمودة ولا مذمومة لأنهم فسروها بالمتعارف من كلام أوساط الناس الذين ليسوا في رتبة البلاغة وفسروا الإيجاز بأداء المقصود بأقل من عبارة المتعارف والإطناب أداؤه بأكثر منها لكون المقام خليقًا بالبسط‏.‏

وابن الأثير وجماعة على الثاني فقالوا‏:‏ الإيجاز التعبير عن المراد بلفظ غير زائد والإطناب بلفظ أزيد‏.‏

وقال القزويني‏:‏ الأقرب أن يقال‏:‏ إن المنقول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله إما بلفظ مساوللأصل المراد أوناقص عنه واف أوزائد عليه لفائدة‏.‏

والأول المساواة والثاني الإيجاز والثالث الإطناب‏.‏واحترز بواف عن الإخلال وبقولنا لفائدة عن الحشووالتطويل فعنده ثبوت المساواة واسطة وأنها من قسم المقبول‏.‏

فإن قلت‏:‏ عدم ذكرك المساواة في الترجمة لماذا هل هولرجحان نفيها أوعدم قبولها أولأمر غير ذلك قلت‏:‏ لهما ولأمر ثالث وهوا المساواة لا تكاد توجد خصوصًا في القرآن وقد مثل لها في التلخيص بقوله تعالى ‏{‏ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله‏}‏وفي الإيضاح بقوله ‏{‏وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا‏}‏وتعقب بأن في الآية الثانية حذف موصوف الذين وفي الأولى إطناب بلفظ السيء لأن المكر لا يكون إلا سيئًا وإيجاز بالحذف إن كان الاستثناء غير مفرغ‏:‏ أي بأحد وبالقصر في الاستثناء وبكونها حادثة على كف الأذى عن جميع الناس محذرة عن جميع ما يؤدي إليه وبأن تقديرها يضر بصاحبه مضرة بليغة فأخرج الكلام مخرج الاستعارة التبعية الواقعة على سبيل التمثيل لأن يحيق بمعنى يحيط فلا يستعمل إلا في الأجسام‏.‏

تنبيه الإيجاز والاختصار بمعنى واحد كما يؤخذ من المفتاح وصرح به الطيبي‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الاختصار خاص بحذف الجمل فقط بخلاف الإيجاز‏.‏

قال الشيخ بهاء الدين‏:‏ وليس بشيء‏.‏

والإطناب قيل بمعنى الإسهاب والحق أنه أخص منه فإن الإسهاب التطويل لفائدة أولا لفائدة ذكره التنوخي وغيره‏.‏

فصل الإيجاز قسمان‏:‏ إيجاز قصر وإيجاز حذف‏.‏

فالأول هو الوجيز بلفظه‏.‏

قال الشيخ بهاء الدين‏:‏ الكلام القليل إن كان بعضًا من كلام أطول منه فهوأجاز حذف وإن كان كلامًا يعطي معنى أطول منه فهوإيجاز قصر‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ إيجاز القصر هوتكثير المعنى بتقليل اللفظ‏.‏

وقال آخر‏:‏ هوأن يكون اللفظ بالنسبة إلى المعنى أقل من القدر المعهود عادة وسبب حسنه أنه يدل على التمكن في الفصاحة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم أوتيت جوامع الكلم وقال الطيبي في التبيان‏:‏ الإيجاز الخالي من الحذف ثلاثة أقسام أحدها‏:‏ إيجاز القصر وهوأن تقصر اللفظ على معناه كقوله ‏{‏إنه من سليمان‏}‏إلى قوله ‏{‏وائتوني مسلمين‏}‏ جمع في أحرف العنوان والكتاب والحاجة‏.‏

وقيل في وصف بليغ‏:‏ كانت ألفاظه قوالب معناه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا رأي من يدخل المساواة في الإيجاز‏.‏

الثاني‏:‏ إيجاز التقدير وهوأن يقدر معنى زائد على المنطوق ويسمى بالتضييق أيضًا وبه سماه بدر الدين بن مالك في المصباح لأنه نقص من كلام ما صار لفظه أضيق من قدر معناه نحو فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف أي خطاياه غفرت فهي له لا عليه هدى للمتقين أي الضالين الصائرين بعد الضلال إلى التقوى‏.‏

الثالث‏:‏ الإيجاز الجامع وهوأن يحتوي اللفظ على معان متعددة نحو ‏{‏إن الله يأمر بالعدل والإحسان‏}‏الآية فإن العدل هو الصراط المستقيم المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط المومى به إلى جميع الواجبات في الاعتقاد والأخلاق والعبودية‏.‏

والإحسان هو الإخلاص في واجبات العبودية لتفسيره في الحديث بقوله أن تعبد الله كأنك تراه أي تعبده مخلصًا في نيتك وواقفًا في الخضوع آخذا أهبة الحذر إلى ما لا يحصى ‏{‏وإيتاء ذي القربى‏}‏هو الزيادة على الواجب من النوافل هذا في الأوامر وأما النواهي فبالفحشاء الإشارة إلى القوة الشهوانية وبالمنكر إلى الإفراط الحاصل من آثار الغضبية أوكل محرم شرعًا وبالبغي إلى الاستعلاء الفائض عن الوهمية‏.‏

قلت‏:‏ ولهذا قال ابن مسعود‏:‏ ما في القرآن آية أجمع للخير والشر من هذه الآية أخرجه في المستدرك‏.‏

وروى البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن أنه قرأها يومًا ثم وقف فقال‏:‏ إن الله جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئًا إلا جمعه ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئًا إلا جمعه‏.‏

وروى أيضًا عن ابن شهاب في معنى حديث الشيخين بعثت بجوامع الكلم قال‏:‏ بلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين ونحوذلك ومن ذلك قوله تعالى ‏{‏خذ العفو‏}‏الآية فإنها جامعة لمكارم الأخلاق لأن في أخذ العفوالتساهل والتسامح في الحقوق واللين والرفق في الدعاء إلى الدين وفي الأمر بالمعروف كف الأذى وغض البصر وما شاكلهما من المحرمات وفي الإعراض بالصبر والحلم والتؤدة‏.‏

ومن بديع الإيجاز قوله تعالى ‏{‏قل هو الله أحد‏}‏إلى آخرها فإنه نهاية التنزيه وقد تضمنت الرد على نحوأربعين فرقة كما أفرد ذلك بالتصنيف بهاء الدين بن شداد‏.‏

وقوله ‏{‏أخرج منها ماءها ومرعاها‏}‏ دل بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتًا ومتاعًا للأنام من العشب والشجر والحب والثمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح لأن النار من العيدان والملح من الماء‏.‏

وقوله ‏{‏لا يصدعون عنها ولا ينزفون‏}‏جمع فيه جميع عيوب الخمر من الصداع وعدم العقل وذهاب المال ونفاذ الشراب‏.‏

وقوله ‏{‏وقيل يا أرض ابلعي ماءك‏}‏الآية أمر فيها ونهى وأخبر ونادى ونعت وسمى وأهلك وأبقى وأسعد وأشقى وقص من الأنباء ما لوشرح ما ندرج في هذه الجملة من بديع اللفظ والبلاغة والإيجاز والبيان لجفت الأقلام وقد أفردت بلاغة هذه الآية بالتأليف‏.‏

وفي العجائب للكرماني‏:‏ أجمع المعاندون على أن طوق البشر قاصر عن الإتيان بمثل هذه الآية بعد أن فتشوا جميع كلام العرب والعجم فلم يجدوا مثلها في فخامة ألفاظها وحسن نظمها وجودة معانيها في تصوير الحال مع الإيجاز من غير إخلال

وقوله تعالى ‏{‏يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم‏}‏الآية جمع في هذه اللفظة أحد عشر جنسًا من الكلام‏:‏ نادت وكنت ونبهت وسمعت وأمرت وقصت وحذرت وخصت وعمت وأشارت وعذرت‏.‏

فالنداء يا والكناية‏:‏ أيّ والتنبيه ها والتسمية النمل والأمر ادخلوا والقصص مساكنكم والتحذير لا يحطمنكم والتخصيص سليمان والتعميم جنوده والإشارة وهم والعذر لا يشعرون فأدت خمس حقوق‏:‏ حق الله وحق رسوله وحقها وحق رعيتها وحق جنود سليمان‏.‏

وقوله ‏{‏يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد‏}‏ الآية جمع فيها أصول الكلام‏:‏ النداء والعموم والخصوص والأمر والإباحة والنهي والخبر‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ جمع الله الحكمة في شطر آية كلوا واشربوا ولا تسرفوا وقوله تعالى ‏{‏وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه‏}‏الآية قال ابن العربي‏:‏ هي من أعظم آي في القرآن فصاحة إذ فيها أمران ونهيان وخبران وبشارتان‏.‏

وقوله ‏{‏فاصدع بما تؤمر قال ابن أبي الأصبع‏:‏ المعنى صرح بجميع ما أوحى إليك وبلغ كل ما أمرت ببيانه وإن شق بعض ذلك على بعض القلوب فانصدعت والمشابة بينهما فيما يؤثره التصريح في القلوب فيظهر أثر ذلك على ظاهر الوجوه من القبض والانبساط ويلوح عليها من علامات الإنكار والاستبشار كما يظهر على ظاهر الزجاجة المصدوعة فانظر إلى جليل هذه الاستعارة وعظم إيجازها وما انطوت عليه من المعاني الكثيرة‏.‏

وقد حكى أن بعض الأعراب لما سمع هذه الآية سجد وقال‏:‏ سجدت لفصاحة هذا الكلام أه‏.‏

وقوله تعالى وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين قال بعضهم‏:‏ جمع بهاتين اللفظتين ما لواجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيها على التفصيل لم يخرجوا عنه

وقوله تعالى ‏{‏ولكم في القصاص حياة‏}‏فإن معناه كثير ولفظه قليل لأن معناه أن الإنسان إذا علم أنه متى قتل قتل كان ذلك داعيًا إلى أن لا يقدم على القتل فارتفع بالقتل الذي هو القصاص كثير من قتل الناس بعضهم لبعض وكان ارتفاع القتل حياة لهم‏.‏

وقد فضلت هذه الجملة على أوجز ما كان عند العرب في هذا المعنى وهوقولهم‏:‏ القتل أنفى للقتل بعشرين وجهًا أوأكثر‏.‏

وقد أشار ابن الأثير إلى إنكار هذا التفضيل وقال‏:‏ لا تشبيه بين كلام الخالق وكلام المخلوق وإنما العلماء يقدحون أذهانهم فيما يظهر لهم من ذلك‏.‏

الأول‏:‏ أن ما يناظره من كلامهم وهوقولهم القصاص حياة أقل حروفًا فإن حروفه عشرة وحروف القتل أنفى للقتل أربعة عشر‏.‏

الثاني‏:‏ أن نفي القتل لا يستلزم الحياة والآية ناصة على ثبوت التي هي الغرض المطلوب منه‏.‏

الثالث‏:‏ أن تنكير حياة يفيد تعظيمًا فيدل على أن في القصاص حياة متطاولة كقوله تعالى ‏{‏ولتجدنهم أحرص الناس على حياة‏}‏ولا كذلك المثل فإن اللام فيها للجنس ولذا فسروا الحياة فيها بالبقاء‏.‏

الرابع‏:‏ أ الآية فيها مطردة بخلاف المثل فإنه ليس كل قتل أنفى للقتل بل قد يكون أدعى له وهوالقتل ظلمًا وإنما ينفيه قتل خاص وهوالقصاص ففيه حياة أبدًا‏.‏

الخامس‏:‏ أن الآية خالية من تكرار لفظ القتل الواقع في المثل والخالي من التكرار أفضل من المشتمل عليه وإن لم يكن مخلًا بالفصاحة‏.‏

السادس‏:‏ أن الآية مستغنية عن تقدير محذوف بخلاف قولهم فإن فيه حذف من التي بعد أفعل التفضيل وما بعدها وحذف قصاصًا مع القتل الأول وظلمًا مع القتل الثاني والتقدير‏:‏ القتل قصاصًا أنفى للقتل ظلمًا من تركه‏.‏

السابع‏:‏ أن في الآية طباقًا لأن القصاص يشعر بضد الحياة بخلاف المثل‏.‏

الثامن‏:‏ أن الآية اشتملت على فن بديع وهوجعل أحد الضدين الذي هو الفناء والموت محلًا ومكانًا لضده الذي هو الحياة واستقرار الحياة في الموت مبالغة عظيمة ذكره في الكشاف وعبر عنه صاحب الإيضاح بأنه جعل القصاص كالمنبع للحياة والمعدن لها بإدخال في عليه‏.‏

التاسع‏:‏ أن في المثل توالي أسباب كثيرة خفيفة وهوالسكون بعد الحركة وذلك مستكره فإن اللفظ المنطوق به إذا توالت حركاته تمكن اللسان من النطق به وظهرت بذلك فصاحته بخلاف ما إذا تعقب كل حركة سكون فالحركات تنقطع بالسكنات نظيره إذا تحركت الدابة أدنى حركة فحبست ثم تحركت فحبست لا تطيق إطلاقها ولا تتمكن من حركتها على ما تختاره فهي كالمقيدة‏.‏

العاشر‏:‏ أن المثل كالتناقض من حيث الظاهر لأن الشيء لا ينفي نفسه‏.‏

الحادي عشر‏:‏ سلامة الآية من تكرير قلقلة القاف الموجب للضغط والشدة وبعدها عن غنة النون‏.‏

الثاني عشر‏:‏ اشتمالها على حروف متلائمة لما فيها من الخروج من القاف إلى الصاد إذا القاف من حروف الاستعلاء والصاد من حروف الاستعلاء والإطباق بخلاف الخروج من القاف إلى التاء التي هي حرف منخفض فهوغير ملائم للقاف وكذا الخروج من الصاد إلى الحاء أحسن من الخروج من اللام إلى الهمزة لبعد ما دون طرف اللسان وأقصى الحلق‏.‏

الثالث عشر‏:‏ في النطق بالصاد والحاء والتاء حسن الصوت ولا كذلك تكرير القاف والتاء‏.‏

الرابع عشر‏:‏ سلامتها من لفظ القتل المشعر بالوحشة بخلاف لفظ الحياة فإن الطباع أقبل له من لفظ القتل‏.‏الخامس عشر‏:‏ أن لفظ القصاص مشعر بالمساواة فهومنبئ عن العدل بخلاف مطلق القتل‏.‏

السادس عشر‏:‏ الآية مبنية على الإثبات والمثل على النفي والإثبات أشرف لأنه أول والنفي ثان عنه‏.‏

السابع عشر‏:‏ أن المثل لا يكاد يفهم إلا بعد فهم أن القصاص هو الحياة‏.‏

وقوله ‏{‏في القصاص حياة مفهوم من أول وهلة‏.‏

الثامن عشر‏:‏ أن في المثل بناء أفعل التفضيل من فعل متعد والآية سالمة منه‏.‏

التاسع عشر أن أفعل في الغالب يقتضي الاشتراك فيكون ترك القصاص نافيًا للقتل ولكن القصاص أكثر نفيًا وليس الأمر كذلك والآية سالمة من ذلك‏.‏

العشرون‏:‏ إن الآية رادعة عن القتل والجرح معًا لشمول القصاص لهما والحياة أيضًا في قصاص الأعضاء لأن قطع العضوينقص أوينغص مصلحة الحياة وقد يسري إلى النفس فيزيلها ولا كذلك المثل في أول الآية ولكم وفيها لطيفة وهي بيان العناية بالمؤمنين على الخصوص وأنهم المراد حياتهم لا غيرهم لتخصيصهم بالمعنى مع وجود فيمن سواهم‏.‏

تنبيهات‏.‏

الأول ذكر قدامة من أنواع البديع الإشارة وفسرها بالإتيان بكلام قليل ذي معان جمة‏.‏

وهذا هوإيجاز القصر بعينه لكن فرق بينهما ابن أبي الأصبع بأن الإيجاز دلالته مطابقة ودلالة الإشارة إما تضمن أوالتزام فعلم منه أن المراد بها ما تقدم في مبحث المنطوق‏.‏

الثاني‏:‏ ذكر القاضي أبو بكر في إعجاز القرآن أن من الإيجاز نوعًا يسمى التضمين وهوحصول معنى في لفظ من غير ذكر له باسم هي عبارة عنه‏.‏

قال‏:‏ وهونوعان‏.‏

أحدهما‏:‏ ما يفهم من البينة كقوله معلوم فإنه يوجب أنه لا بد من عالم‏.‏

والثاني‏:‏ من معنى العبارة كبسم الله الرحمن الرحيم فإنه تضمن تعليم الاستفتاح في الأمور باسمه هلى جهة التعظيم لله تعالى والتبرك باسمه‏.‏

الثالث‏:‏ ذكر ابن الأثير وصاحب عروس الأفراح وغيرهما من أنواع إيجاز القصر باب الحصر سواء كان بإلا أوبإنما أوغيرها من أدواته لأن الملة فيها نابت مناب جملتين وباب العطف لأن حرفه وضع للإعناء عن إعادة العامل وباب النائب عن الفاعل لأنه دل على الفاعل بإعطائه حكمه وعلى المفعول بوسعه وباب الضمير لأنه وضع الاستغناء به عن الظاهر اختصارًا ولذا لا يعدل إلى المنفصل مع إمكان المتصل وباب علمت أنك قائم لأنه محتمل لاسم واحد سد مسد لمفعولين من غير حذف ومنها باب التنازع إذا لم نقدر على رأي الفراء ومنها طرح المفعول اقتصارًا على جعل المتعدي كاللازم وسيأتي تحريره ومنها جمع أدوات الاستفهام والشرط فإن كم مالك يغني عن قولك أهوعشرون أم ثلاثون وهكذا إلى ما لا يتناهى ومنها الألفاظ اللازمة للعموم كأحد ومنها لفظ التثنية والجمع فإنه يغني عن تكرير المفرد وأقيم الحرف فيهما مقامه اختصارًا‏.‏ومما يصلح أن يعد من أنواعه المسمى بالاتساع من أنواع البديع وهوأن يأتي بكلام يتسع فيه التأويل بحسب ما يحتمله ألفاظه من المعاني كفواتح السور وذكرها بن أبي الأصبع‏.‏



_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأحد 26 يوليو 2009 - 8:31


النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب ( تابع )


القسم الثاني من قسمي الإيجاز‏:‏ إيجاز الحذف وفيه فوائد ذكر أسبابه‏:‏ منها مجرد الاختصار والاحتراز عن العبث لظهوره‏.‏

ومنها التنبيه على أن الزمان يتقاصر عن الإتيان بالمحذوف وأن الاشتغال بذكره يفضي إلى تفويت المهم وهذه هي فائدة باب التحذير والإغراء وقد اجتمعتا في قوله تعالى ناقة الله وسقياها فناقة الله تحذير بتقدير ذروا وسقياها إغراء بتقدير ألزموا‏.‏

ومنها التفخيم والإعظام لما فيه من الإبهام‏.‏

قال حازم في منهاج البلغاء‏:‏ إنما يحسن الحذف لقوة الدلالة عليه أويقصد به تعديد أشياء فيكون في تعدادها طول وسآمة فيحذف ويكتفى بدلالة الحال وتترك النفس تجول في الأشياء المكتفى بالحال عن ذكرها‏.‏

قال‏:‏ ولهذا القصد يؤثر في المواضع التي يراد بها التعجب والتهويل على النفوس ومنه قوله في وصف أهل الجنة ‏{‏حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها‏}‏فحذف الجواب إذا كان وصف ما يجدونه ويلقونه عند ذلك لا يتناهى فجعل الحذف دليلًا على صدق الكلام عن وصف ما يشاهدونه وتركت النفوس تقدر ما شاءته ولا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك وكذا قوله ‏{‏ولو ترى إذ وقفوا على النار‏}‏ أي لرأيت أمرًا فظيعًا لا تكاد تحيط به العبارة‏.‏

ومنها‏:‏ التخفيف لكثرة دورانه في الكلام كما في حذف حرف النداء نحو ‏{‏يوسف أعرض‏}‏ونزن ولم يكن والجمع السالم ونمه قراءة ‏{‏والمقيمي الصلاة‏}‏وياء ‏{‏والليل إذا يسر‏}‏وسأل المورج السدوسي الأخفش عن هذه الآية فقال‏:‏ عادة العرب أنها إذا عدلت بالشيء عن معناه نقصت حروفه والليل لما كان لا يسري وإنما يسري فيه نقص منه حرف كما قال تعالى ‏{‏وما كانت أمك بغيًا‏}‏الأصل بغية فلما حول فاعل عن نقص منه حرف‏.‏

ومنها‏:‏ كونه لا يصلح إلا له نحو ‏{‏عالم الغيب والشهادة‏}‏ ‏{‏فعال لما يريد‏}‏ومنها‏:‏ شهرته حتى يكون ذكره وعدمه سواء‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ هونوع من دلالة الحال التي لسانها أنطق من لسان المقال وحمل عليه قراءة حمزة تساءلون به والأرحام لأن هذا مكان شهر بتكرر الجار فقامت الشهرة مقام الذكر‏.‏

ومنها‏:‏ صيانته عن ذكره تشريفًا كقوله تعالى ‏{‏قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات‏}‏ الآيات حذف فيها المبتدأ في ثلاثة مواضع قبل ذكر الرب‏:‏ أي هورب والله ربكم و الله رب المشرق لأن موسى استعظم حال فرعون وإقدامه على السؤال فأضمر اسم الله تعظيمًا وتفخيمًا ومثله في عروس الأفراح بقوله تعالى رب أرني أنظر إليك أي ذاتك‏.‏

ومنها‏:‏ صيانة اللسان عنه تحقيرًا له نحو صم بكم أي هم أوالمنافقون‏.‏

ومنها‏:‏ قصد العموم نحو وإياك نستعين أي على العبادة وعلى أمورنا كلها والله يدعوإلى دار السلام أي كل واحد‏.‏

ومنها‏:‏ رعاية الفاصلة نحو ‏{‏ما ودعك ربك وما قلى‏}‏أي وما قلاك‏.‏

ومنها‏:‏ قصد البيان بعد الإبهام كما في فعل المشيئة نحو ‏{‏فلو شاء لهداكم‏}‏أي فلوشاء هدايتكم فإنه إذا سمع السامع فلوشاء تعلقت نفسه بما شاء أنبهم عليه لا يدري ما هو فلما ذكر الجواب استبان بعد ذلك وأكثر ما يقع ذلك بعد أداة شرط لأن مفعول المشيئة مذكور في جوابها وقد يكون مع غيرها استدلالًا بغير الجواب نحو ‏{‏ولا يحيطون بشيء من عمله إلا بما شاء‏}‏وقد ذكر أهل البيان أن مفعول المشيئة والإرادة لا يذكر إلا إذا كان غريبًا أوعظيمًا نحو ‏{‏لمن شاء منكم أن يستقيم‏}‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوًا‏}‏وإنما أطرد أوكثر حذف مفعول المشيئة دون سائر الأفعال لأنه يلزم من وجود المشيئة وجود المشاء فالمشيئة المستلزمة لمضمون الجواب لا يمكن أن تكون إلا مشيئة الجواب ولذلك كانت الإرادة مثلها في أطرد حذف مفعولها ذكره الزملكاني والتنوخي في الأقصى القريب‏.‏

قالوا‏:‏ وإذا حذف بعد لوفهوالمذكور في جوابها أبدًا‏.‏

وأورد في عروس الأفراح ‏{‏وقالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة‏}‏فإن المعنى‏:‏ لوشاء ربنا إرسال الرسل لأنزل ملائكة لأن المعنى معين على ذلك‏.‏

فائدة قال الشيخ عبد القاهر‏:‏ ما من اسم حذف في الحالة التي ينبغي أن يحذف فيها إلا وحذفه أحسن من ذكره وسمي ابن جني الحذف شجاعة العربية لأنه يشجع على الكلام‏.‏

قاعدة في حذف المفعول اختصارًا واقتصارًا‏.‏

قال ابن هشام‏:‏ جرت عادة النحويين أن يقولوا بحذف المفعول اختصارًا واقتصارًا‏.‏

ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ويريدون بالاقتصار الحذف لغير دليل ويمثلونه بنحو كلوا واشربوا أي أوقعوا هذين الفعلين والتحقيق ا يقال‏:‏ يعني كما قال أهل البيان‏:‏ تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ومن أوقع عليه فيجاء بمصدره مسندًا إلى فعل كون عام فيقال حصل حريق أونهب وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفعل للفاعل فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوي إذ المنوي كالثابت ولا يسمى محذوفًا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة مالا مفعول له ومنه ‏{‏ربي الذي يحيي ويميت‏}‏ ‏{‏هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون‏}‏ ‏{‏كلوا واشربوا ولا تسرفوا‏}‏ ‏{‏وإذا رأيت ثم‏}‏إذ المعنى‏:‏ ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم وأوقعوا الأكل والشرب وذروا الإسراف ز إذا حصلت منك رؤية ومنه ‏{‏ولما ورد ماء مدين‏}‏الآية ألا ترى أن عليه الصلاة والسلام رحمهما إذ كانتا على صفة الذيان وقومهما على السقي لا لكون مذودهما غنمًا وسقيهم إبلًا وكذلك المقصود من لا نسقي السقي لا المسقي ومن لم يتأمل قدر يسقون إبلهم وتذودان غنمهما ولا نسقي غنمًا وتارة يتصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله فيذكران نحو ‏{‏لا تأكلوا الربا‏}‏ ‏{‏ولا تقربوا الزنا‏}‏ وهذا النوع الذي إذا لم يذكر محذوفه قيل محذوف وقد يكون اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره نحو ‏{‏أهذا الذي بعث الله رسولًا‏}‏ ‏{‏وكل وعد الله الحسنى‏}‏ وقد يشتبه الحال في الحذف وعدمه نحو ‏{‏قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن‏}‏قد يتوهم أن معناه نادوا فلا حذف أوسموا فالحذف واقع‏.‏

ذكر شروطه‏:‏ هي ثمانية‏.‏

أحدها‏:‏ وجود دليل إما حالي نحو ‏{‏قالوا سلامًا‏}‏أي سلمنا سلامًا أومقالي نحو ‏{‏وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا‏}‏أي أنزل خيرًا قال سلام قوم منكرون أي سلام عليكم أنتم قوم منكرون‏.‏

ومن الأدلة العقل حيث يستحيل صحة الكلام عقلا إلا بتقدير محذوف ثم تارة يدل على أصل الحذف من غير دلالة على تعيينه بل يستفاد التعيين من دليل آخر نحو حرمت عليكم الميتة فإن العقل يدل على أنها ليست المحرمة لأن التحريم لا يضاف إلى الإجرام وإنما هووالحل يضافان إلى الأفعال فعلم العقل حذف شيء‏.‏

وأما تعيينه وهوالتناول فمستفاد من الشرع وهوقوله صلى الله عليه وسلم إنما حرم أكلها لأن العقل لا يدرك محل الحل ولا الحرمة‏.‏

وأما قول صاحب التلخيص أنه من باب دلالة العقل أيضًا فتابع به السكاكي من غير تأمل أنه مبني على أصول المعتزلة‏.‏

وتارة يدل العقل أيضًا على التعيين نحو وجاء ربك أي أمره بمعنى عذابه لأن العقل دل على استحالة مجيء الباري لأنه من سمات الحادث وعلى أن الجاني أمره أوفوا بالعقود ‏{‏وأوفوا بعهد الله‏}‏أي بمقتضى العقود وبمقتضى عهد الله لأن العقد والعهد قولان قد دخلا في الوجود وانقضيا فلا يتصور فيهما وفاء ولا نقض وإنما الوفاء والنقض بمقتضاهما وما ترتب عليهما من أحكامهما وتارة تدل على التعيين العادة نحو ‏{‏فذلكن الذي لمتنني فيه‏}‏دل العقل على الحذف لأن يوسف لا يصح ظرفًا للوم ثم يحتمل أن يقدر لمتنني في حبه لقوله ‏{‏قد شغفها حبًا‏}‏وفي مراودتهما لقوله ‏{‏تراود فتاها‏}‏والعادة دلت على الثاني لأن الحب المفرط لا يلام صاحبه عليه عادة لأنه ليس اختياريًا بخلاف المراودة للقدرة على دفعها‏.‏

وتارة يدل على التصريح به في موضع آخر وهوأقواها نحو ‏{‏هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله‏}‏ أي أمره بدليل ‏{‏أو يأتي أمر ربك‏}‏‏{‏وجنة عرضها السموات‏}‏ أي كعرض بدليل التصريح به في آية الحديد ‏{‏رسول من الله‏}‏أي من عند الله وبدليل ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معه ومن الأدلة على أصل الحذف العادة بأن يكون العقل غير مانع من إجراء اللفظ على ظاهره من غير حذف نحو نعلم قتالًا لا تبعناكم أي مكان قتال والمراد مكانًا صالحًا للقتال وإنما كان كذلك لأنهم كانوا أخير الناس بالقتال ويتعيرون بأن يتفوهوا بأنهم لا يعرفونه فالعادة تمنع أن يريدوا لونعلم حقيقة القتال‏:‏ فلذلك قدره مجاهد مكان قتال ويدل عليه أنهم أشاروا على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج من المدينة ومنها الشروع في الفعل نحوبسم الله فيقدر ما جعلت التسمية مبدأ له فإن كانت عند الشروع في القراءة قدرت اقرأ أوالأكل قدرت آكل وعلى هذا أهل البيان قاطبة خلاف لقول النحاة‏:‏ إنه يقدر ابتدأت أوابتدائي كائن بسم الله ويدل على صحة الأول التصريح به في قوله ‏{‏وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها‏}‏ وفي حديث باسمك ربي وضعت جنبي‏.‏ومنها‏:‏ الصناعة النحوية كقولهم في لا أقسم لأن فعل الحال لا يقسم عليه وفي تالله تفتؤ التقدير‏:‏ لا تفتؤ لأنه لوكان الجواب مثبتًا دخلت اللام والنون كقوله ‏{‏وتالله لأكيدن‏}‏وقد توجب صناعة التقدير وإن كان المعنى غير متوقف عليه كقولهم في لا إله إلا الله‏:‏ إن الخبر محذوف‏:‏ أي موجود وقد أنكره الإمام فخر الدين وقال‏:‏ هذا كلام لا يحتاج إلى تقدير وتقدير النحاة فاسد لأن نفي الحقيقة مطلقة أعم من نفيها مقيدة فإنها إذا انتفت مطلقة كان ذلك دليلًا على سلب الماهية مع القيد وإذا انتفت مقيدة بقيد مخصوص لم يلزم نفيها مع قيد آخر‏.‏

ورد بأن تقديرهم موجود ويستلزم نفي كل إله غير الله قطعًا فإن العدم لا كلام فيه فهوفي الحقيقة نفي للحقيقة مطلقة لا مقيدة ثم لا بد من تقدير خبر لاستحالة مبتدأ بلا خبر ظاهر أومقدر وإنما يقدر النحوي ليعطي القواعد حقها وإن كان المعنى مفهومًا‏.‏

تنبيه قال ابن هشام‏:‏ إنما يشترط الدليل فيما إذا كان المحذوف الجملة بأسرها أوأحد ركنيها أويفيا معنى فيها هي مبنية عليه نحو ‏{‏تالله تفتؤ‏}‏ أما الفلة فلا يشترط لحذفها وجدان دليل بل يشترط أن لا يكون في حذفها ضرر معنوي أوصناعي‏.‏

قال‏:‏ ويشترط في الدليل اللفظي أن يكون طبق المحذوف‏.‏

ورد قول القراء في ‏{‏أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين‏}‏أن التقدير‏:‏ بل ليحسبنا قادرين لأن الحسبان المذكور بمعنى الظن والقدر بمعنى العلم لأن التردد في الإعادة كفر فلا يكون مؤمورًا به‏.‏

قال‏:‏ والصواب فيها قول سيبويه‏:‏ إن قادرين حال‏:‏ أي بل نجمعها قادرين إذ فعل الجمع أقرب من فعل الحسبان ولأن بلا لإيجاب المنفى وهوفيها فعل الجمع‏.‏

الشرط الثاني‏:‏ أن لا يكون المحذوف كجزأ ومن ثم لم يحذف الفاعل ولا نائبه ولا اسم كان وأخواتها‏.‏

قال ابن هشام‏:‏ وأما قول بن عطية في بئس مثل القوم‏:‏ إن تقدير بئس المثل مثل القول فإن أراد تفسير الإعراب وأن الفاعل لفظ المثل محذوفًا فمردود وإن أراد تفسير المعنى وأن في بئس ضمير المثل مستترًا فسهل‏.‏

الثالث‏:‏ أن لا يكون مؤكدًا لأن الحذف مناف للتأكيد إذا الحذف مبني على الاختصار والتأكيد مبني على الطول ومن ثم رد الفارسي على الزجاج في قوله في إن هذان لساحران أن التقدير‏:‏ إن هذان لهما ساحران فقال‏:‏ الحذف والتوكيد باللام متنافيان وأما حذف الشيء لدليل وتوكيده فلا تنافي بينهما لأن المحذوف لدليل كالثابت‏.‏

الرابع‏:‏ أن لا يؤدي حذفه إلى اختصار المختصر ومن ثم لم يحذف اسم الفعل لأنه اختصار للفعل‏.‏

الخامس‏:‏ أن لا يكون عاملًا ضعيفًا فلا يحذف الجار والناصب للفعل والجازم إلا في مواضع قويت فيها الدلالة وكثر فيها استعمال تلك العوامل‏.‏

السادس‏:‏ أن لا يكون المحذوف عوضًا عن شيء ومن ثم قال ابن مالك‏:‏ إ حرف النداء ليس عوضًا عن ادعوا لإجازة العرب حذفه ولذا أيضًا لم تحذف التاء من إقامة واستقامة وأما وأقام الصلاة فلا يقاس عليه ولا خبر كان لأنه عوض أوكالعوض من مصدرها‏.‏

السابع‏:‏ أن لا يؤدي حذفه إلى تهيئة العامل القوي ومن ثم لم يقس على قراءة وكلا وعد الله الحسني‏.‏

فائدة اعتبر الأخفش في الحذف التدريج حيث أمكن ولهذا قال في قوله تعالى واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس شيئًا أن الأصل لا تجزي فيه فحذف حرف الجر فصار تجزيه ثم حذف الضمير فصار تجزي وهذه ملاطفة في الصناعة ومذهب سيبويه أنهما حذفا معًا‏.‏

قال ابن جني‏:‏ وقول الأخفش أوفق في النفس وآنس من أن يحذف الحرفان معًا في وقت واحد‏.‏

قاعدة الأصل أن يقدر الشيء في مكانه الأصلي لئلا يخالف الأصل من وجهين‏:‏ الحذف ووضع الشيء في غير محله فيقدر المفسر في نحو‏:‏ زيدًا رأيته مقدمًا عليه وجوز البيانيون تقديره مؤخرًا عنه لإفادة الاختصاص كما قاله النحاة إذا منع منه مانع نحو وأما ثمود فهديناه إذا لا يلي أما فعل‏.‏قاعدة ينبغي تقليل المقدر مهما أمكن لتقل مخالفة الأصل ومن ثم ضعف قول الفارسي في واللائي لم يحضن أن التقدير‏:‏ فعدتهن ثلاثة أشهر والأولى أن يقدر كذلك‏.‏

قال الشيخ عز الدين‏:‏ ولا يقدر من المحذوفات إلا أشدها موافقة للغرض وأفصحها لأن العرب لا يقدرون إلا مالوا لفظوا به لكان أحسن وأنسب لذلك الكلام كما يفعلون ذلك في الملفوظ به نحو ‏{‏جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس‏}‏قدر أبوعلي جعل الله نصب الكعبة وقدر غيره حرمة الكعبة وهوأولى لأن تقدير الحرمة في الهدى والقلائد والشهر الحرام لا شك في فصاحته وتقدير النصب فيها بعيد من الفصاحة‏.‏

قال‏:‏ ومهما تردد المحذوف بين الحسن والأحسن وجب تقدير الأحسن لأن الله وصف كتابه بأنه أحسن الحديث فليكن محذوفه أحسن المحذوفات كما أن ملفوظه أحسن الملفوظات‏.‏

قال‏:‏ ومتى تردد بين أن يكون مجملًا أومبينًا فتقدير المبين أحسن ونحو وداود وسليمان إذا يحكمان في الحرث لك أن تقدر في أمر الحرث وفي تضمين الحرث وهوأولى لتعينه والأمر مجمل لتردده بين أنواع‏.‏

قاعدة إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلًا والباقي فاعلًا وكونه مبتدأ والباقي خبرًا فالثاني أولى لأن المبتدأ عين الخبر وحينئذ فالمحذوف عين الثابت فيكون حذفًا كلا حذف فأما الفعل فإنه غير الفاعل اللهم إلا أن يعتضد الأول برواية أخرى في ذلك الموضع أوبموضع آخر يشبهه فالأول كقراءة يسبح له فيها بفتح الباء كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله بفتح الحاء فإن التقدير‏:‏ يسبحه رجال ويوحيه الله ولا يقدران مبتدأن بحذف خبرهما لثبوت فاعلية الاسمين في رواية من بني الفعل للفاعل‏.‏

والثاني نحو ‏{‏ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله‏}‏فتقدير خلقهم الله أولى من الله خلقهم لمجيء ‏{‏خلقهن العزيز العليم‏}‏‏.‏

قاعدة إذا دار الأمر بين كون المحذوف أولًا أوثانيًا فكونه ثانيًا أولى ومن ثم رجح أن المحذوف في نحو أتحاجوني نون الوقاية لا نون الرفع وفي نارًا تلظي التاء الثانية لا تاء المضارعة وفي والله ورسوله أحق أن يرضوه أن المحذوف خبر الثاني لا الأول وفي نحو الحج أشهر أن المحذوف مضاف للثاني‏:‏ أي حج أشهر لا الأول‏:‏ أي أشهر الحج وقد يجب كونه من الأول نحو إن الله وملائكته يصلون على النبي في قراءة من رفع ملائكته لاختصاص الخبر بالثاني لوروده بصيغة الجمع وقد يجب كونه من الثاني نحو ‏{‏إن الله بريء من المشركين ورسوله‏}‏أي بريء أيضًا لتقدم الخبر على الثاني‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأحد 26 يوليو 2009 - 8:32


النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب ( تابع )


فصل الحذف على أنواع‏.‏

أحدها‏:‏ ما يسمى بالاقتطاع وهوحذف بعض حروف الكلمة وأنكر ابن الأثير ورود هذا النوع في القرآن ورد بأن بعضهم جعل منه فواتح السور على القول بأن كل حرف منها من اسم من أسمائه كما تقدم وادعى بعضهم أن الباء في ‏{‏وامسحوا برؤوسكم‏}‏أولكلمة بعض ثم حذف الباقي ومنه قراءة بعضه ونادوا يا مال بالترخيم ولما سمعها بعض السلف قال‏:‏ ‏{‏ما أغنى أهل النار‏}‏ عن الترخيم‏.‏

وأجاب بعضهم بأنهم لشدة ما هم فيه عجزوا عن إتمام الكلمة ويدخل في هذا النوع حذف همزة إنا في قوله ‏{‏لكنا هو الله ربي‏}‏إذا الأصل لكن أنا حذفت همزة أنا تخفيفًا وأدغمت النون في النون ومثله ما قرئ ويمسك السماء أن تقع على الأرض بما أنزل إليك فمن تعجل في يومين فلثم عليه إنه لحدي الكبر‏.‏

النوع الثاني‏:‏ ما يسمى بالاتفاق وهوأن يقتضي المقام ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط فيكتفي بأحدهما عن الآخر لنكتة ويختص غالبًا بالارتباط العطفي كقوله ‏{‏سرابيل تقيكم الحر‏}‏أي والبرد وخص الحر بالذكر لأن الخطاب للعرب وبالدهم حارة والوقاية عندهم من الحر أهم لأنه أشد عندهم من البرد‏.‏

وقيل لأن البرد تقدم ذكر الامتنان بوقايته صريحًا في قوله ‏{‏ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها وفي قوله ‏{‏وجعل لكم من الجبال أكنانًا‏}‏وفي قوله تعالى ‏{‏والأنعام خلقها لكم فيها دفء‏}‏ومن أمثلته هذا النوع بيدك الخير أي والشر وإنما خص الخير بالذكر لأنه مطلوب العباد ومرغوبه أولأنه أكثر وجودًا في العالم أولأن إضافة الشر إلى الله تعالى ليس من باب الآداب كما قال صلى الله عليه وسلم والشر ليس إليك ومنها وله ما سكن في الليل والنهار أووما تحرى وخص السكون بالذكر لأنه أغلب الحالين على المخلوق من الحيوان والجماد ولأن كل متحرك يصير إلى السكون‏.‏

ومنها ‏{‏والذين يؤمنون بالغيب‏}‏ أي والشهادة لأن الإيمان بكل منهما واجب وآثر الغيب لأنه أمدح ولأنه يستلزم الإيمان بالشهادة من غير عكس‏.‏

ومنها ورب المشارق أي والمغارب‏.‏

ومنها ‏{‏هدى للمتقين‏}‏أي وللكافرين قاله ابن الأنباري ويؤيده في قوله ‏{‏هدى للناس‏.‏

ومنها ‏{‏إن امرؤ هلك ليس له ولد‏}‏أي ولا والد بدليل أنه أوجب للأخت النصف وإنما يكون ذلك مع فقد الأب لأنه يسقطها‏.‏

النوع الثالث‏:‏ ما يسمى بالاحتباك وهومن ألطف الأنواع وأبدعها وقل من تنبه له أونبه عليه من أهل فن البلاغة ولم أره إلا في شرح بديعية الأعمى لرفيقه الأندلسي وذكره الزركشي في البرهان ولم يسمه هذا الاسم بل سماه الحذف المقابلي وأفرده في التصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين البقاعي‏.‏

قال الأندلسي في شرح البديعية‏:‏ من أنواع البديع الاحتباك وهونوع عزيز وهوأ يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول كقوله تعالى ‏{‏ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق‏}‏الآية التقدير‏:‏ ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق والذي ينعق به فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه‏.‏وقوله ‏{‏وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء‏}‏التقدير تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء فحذف من الأول تدخل غير بيضاء ومن الثاني وأخرجها‏.‏

وقال الزركشي‏:‏ وهوأن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف من كل واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه كقوله تعالى أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا بريء مما تجرمون التقدير‏:‏ إن افتريته فعلى إجرامي وأنتم برآء منه وعليكم إجرامكم وأنا بريء مما تجرمون‏.‏وقوله ‏{‏ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم‏}‏فلا يعذبهم‏.‏

وقوله ‏{‏فلا تقربوهن حتى يطهرن‏}‏‏.‏

‏{‏فإذا تطهرن فأتوهن‏}‏أي حتى يطهرن من الدم ويتطهرن بالماء فإذا طهرن وتطهرن فأتوهن‏.‏

وقوله ‏{‏خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا‏}‏أي عملًا صالحًا بسيء وآخر سيئًا بصالح‏.‏

قلت‏:‏ ومن لطيفه قوله ‏{‏فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة‏}‏أي فئة مؤمنة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت‏.‏

وفي الغرائب للكرماني‏:‏ في الآية الأولى التقدير‏:‏ مثل الذين كفروا معك يا محمد كمثل الناعق مع الغنم فحذف من كل طرف ما يدل عليه الطرف الآخر وله في القرآن نظائر وهوأبلغ ما يكون من الكلام انتهى‏.‏

ومأخذ هذه التسمية من الحبك الذي معناه الشد والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب فحبك الثوب‏:‏ سد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق‏.‏

وبيان أخذه منه أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه وحوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حائكًا له مانعًا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق‏.‏

النوع الرابع‏:‏ ما يسمى بالاختزال وهوما ليس واحدًا مما سبق وهوأقسام لأن المحذوف إما كلمة اسم أوفعل أوحرف أوأكثر‏.‏

أمثلة حذف الاسم‏:‏ حذف المضاف وهوكثير في القرآن جدًا حتى قال ابن جني‏:‏ في القرآن منه زهاء ألف موضع وقد سردها الشيخ عز الدين في كتابه المجاز على ترتيب السور والآيات ومنه الحج أشهر أي حج أشهرًا أوأشهر الحج ولكن البر من آمن أي ذا البر أوبر من ‏{‏حرمت عليكم أمهاتكم‏}‏أي نكاح أمهاتكم ‏{‏لاذقناكم ضعف الحياة وضعف الممات‏}‏ أي ضعف عذاب وفي الرقاب أي وفي تحرير الرقاب‏.‏

وحذف المضاف إليه يكثر من ياء المتكلم نحو ‏{‏رب اغفر لي‏}‏ وفي الغايات نحو لله الأمر من قبل ومن بعد أي من قبل الغلب ومن بعده‏.‏

وفي كل وأي وبعض وجاء في غيرهن كقراءة فلا خوف عليهم بضم بلا تنوين‏:‏ أي فلا خوف شيء عليهم حذف المبتدأ يكثر في جواب الاستفهام نحو وما أدراك ماهية نار أي هي نار‏.‏وبعد فاء الجواب نحو ‏{‏من عمل صالحًا فلنفسه‏}‏ أي فعمله لنفسه ‏{‏ومن أساء فعليها‏}‏أي فإساءته عليها‏.‏

وبعد القول نحو ‏{‏وقالوا أساطير الأولين‏}‏قالوا أضغاث أحلام وبعدما الخبر صفة له في المعنى نحو ‏{‏التائبون العابدون‏}‏ونحو ‏{‏صم بكم عمي‏}‏ووقع في غير ذلك نحو ‏{‏لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل‏}‏ ‏{‏لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ‏}‏أي هذا سورة أنزلناها أي هذه‏.‏

ووجب في النعت المقطوع إلى الرفع حذف الخبر أكلها دائم وظلها أي دائم ويحتمل الأمرين فصبر جميل أي أجمل أوفأمري صبر ‏{‏فتحرير رقبة‏}‏أي عليه‏.‏

أوقال واجب حذف الموصوف ‏{‏وعندهم قاصرات الطرف‏}‏أي حور قاصرات أن اعمل سابغات أي دروعًا سابغات أيها المؤمنون أي القوم المؤمنون‏.‏

حذف الصفة يأخذ كل سفينة أي صالحة بدليل أنه قرئ كذلك وأن تعييبها لا يخرجها عن كونها سفينة الآن جئت بالحق أي الواضح وإلا لكفروا بمفهوم ذلك فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنًا أي نافعًا‏.‏

حذف المعطوف عليه ‏{‏أن اضرب بعصاك البحر فانفلق‏}‏أي فضرب فانفلق‏.‏

وحيث دخلت واوالعطف على لام التعليل ففي تخريجه وجهان‏.‏

أحدهما‏:‏ أن يكون تعليلًا معلله محذوف كقوله ‏{‏وليبلي المؤمنين منه بلاءً حسنًا‏}‏فالمعنى‏:‏ وللإحسان إلى المؤمنين فعل ذلك‏.‏والثاني‏:‏ أنه معطوف على علة أخرى مضمرة لتظهر صحة العطف‏:‏ أي فعل ذلك ليذيق الكافرين بئسه وليبلي حذف المعطوف مع العاطف ‏{‏لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح‏}‏وقاتل أي ومن أنفق بعده بيدك الخير أي والشر‏.‏

حذف المبدل منه خرج عليه ‏{‏ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب‏}‏ أي لما تصفه والكذب بدل من الهاء حذف الفاعل لا يجوز إلا في فاعل المصدر نحو لا يسأم الإنسان من دعاء الخير أي دعائه الخير وجوزه الكسائي مطلقًا لدليل وخرج عليه إذا بلغت التراقي أي الروح حتى توارت بالحجاب أي الشمس‏.‏

حذف المفعول تقدم أنه كثير في مفعول المشيئة والإرادة ويرد في غيرهما نحو إن الذين اتخذوا العجل أي إلهًا كلا سوف تعلمون أي عاقبة أمركم‏.‏حذف الحال يكثر إذا كان قولًا نحو ‏{‏والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام‏}‏ أي قائلين‏.‏

حذف المنادى ألا يا اسجدوا أي يا هؤلاء ليت أي يا قوم‏.‏

حذف العائد يقع على أربعة أبواب الصلة نحو أهذا الذي بعث الله رسولًا أي بعثه‏.‏

والصفة نحو ‏{‏واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس‏}‏أي فيه‏.‏

والخبر نحو ‏{‏وكلا وعد الله الحسنى‏}‏ أي وعده‏.‏

والحال حذف مخصوص نعم إنا وجدناه صابرًا نعم العبد أي أيوب فقدرنا فنعم القادرون أي نحن ‏{‏ولنعم دار المتقين‏}‏أي الجنة‏.‏حذف الموصول ‏{‏آمنًا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم‏}‏أي والذي أنزل إليكم لأن الذي أنزل إلينا ليس هو الذي أنزل إلى من قبلنا ولهذا أعيدت ما في قوله ‏{‏قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم أمثلة‏.‏ حذف الفعل يطرد إذا كان مفسرًا نحو ‏{‏وإن أحد من المشركين استجارك‏}‏ ‏{‏إذا السماء انشقت‏}‏ ‏{‏قل لو أنتم تملكون‏}‏ويكثر في جواب الاستفهام نحو ‏{‏وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا‏}‏ أي أنزل وأكثر منه‏.‏

حذف القول نحو ‏{‏وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا‏}‏أي يقولان ربنا‏.‏قال أبوعلي‏:‏ حذف القول من حديث البحر قل ولا حرج ويأتي من غير ذلك نحو انتهوا خيرًا لكم أي وائتوا ‏{‏والذين تبوءوا الدار والإيمان‏}‏أي وألفوا الإيمان أواعتقدوا ‏{‏اسكن أنت وزوجك الجنة‏}‏أي وليسكن زوجك ‏{‏وامرأته حمالة الحطب‏}‏أي أذم ‏{‏والمقيمين الصلاة‏}‏أي امدح ولكن رسول الله أي كان وأن كل لما أي يوفوا أعمالهم أمثلة حذف الحرف‏.‏

قال ابن جني في المحتسب‏:‏ أخبرنا أبوعلي قال‏:‏ قال أبو بكر حذف الحرف ليس بقياس لأن الحروف إنما دخلت الكلام لضرب من الاختصار فلوذهبت تحذفها لكنت مختصرًا لها هي أيضًا واختصار المختصر إجحاف به حذف همزة الاستفهام‏.‏

قرأ بن محيصن ‏{‏سواء عليهم أأنذرتهم‏}‏وخرج عليه هذا ربي في المواضع الثلاثة وتلك نعمة تمنها أي أوتلك‏.‏

حذف الموصول الحرفي‏.‏

قال ابن مالك‏:‏ لا يجوز إلا في أن نحو ‏{‏ومن آياته يريكم البرق‏}‏حذف الجار يطرد مع أن وأنّ نحويمنون عليك أن أسلموا بل الله يمن عليكم أن هداكم أطمع أن يغفر لي أيعدكم أنكم أي بأنكم وجاء مع غيرهما نحو قدرناه منازل أي قدرناه له ويبغونها عوجًا أي لها يخوف أولياءه أ يخوفكم بأولياءه واختار موسى قومه أي من قومه ‏{‏ولا تعزموا عقدة النكاح‏}‏أي على عقدة النكاح حذف العاطف خرج عليه الفارسي ‏{‏ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا‏}‏أي وقلت ‏{‏وجوه يومئذ ناعمة‏}‏أي ووجوه عطفًا على وجوه يومئذ خاشعة حذف فاء الجواب خرج عليه الأخفش إن ترك خيرًا الوصية للوالدين حذف حرف النداء كثير ‏{‏هاأنتم أولاء‏}‏ يوسف أعرض قال رب إني وهن العظم مني فاطر السموات والأرض وفي العجائب للكرماني‏:‏ كثر حذف يا في القرآن من الرب تنزيهًا وتعظيمًا لأن في النداء طرفًا من الأمر‏.‏

حذف قد في الماضي إذ وقع حالًا نحو أوجاءوكم حصرت صدورهم أنؤمن لك واتبعك الأرذلون‏.‏حذف لا لانافية يطرد في جواب القسم إذا كان المنفي مضارعًا نحو تا لله تفتؤا وورد في غيره نحو ‏{‏وعلى الذين يطيقونه فدية‏}‏أي لا يطيقونه وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم أي لئلا تميد‏.‏

حذف لام التوطئة وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن وإن أطعتموهم إنكم لمشركون حذف لام الأمر خرج عليه قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا أي ليقيموا‏.‏

حذف لام لقد يحسن مع طول الكلام نحو ‏{‏قد أفلح من زكاها‏}‏حذف نون التوكيد خرج عليه قراءة ألم نشرح بالنصب‏.‏

حذف نون الجمع خرج عليه قراءة وما هم بضاري به من أحد حذف التنوين خرج عليه قراءة ‏{‏قل هو الله أحد الله الصمد‏}‏ ‏{‏ولا الليل سابق النهار‏}‏بالنصب‏.‏

حذف حركة الإعراب والبناء خرج عليه قراءة فتوبوا إلى بارئكم ويأمركم وبعولتهن أحق بسكون الثلاثة وكذا أويعفوالذي بيده عقدة النكاح فأواري سوءة أخي ما بقي من الربا أمثلة‏.‏

حذف أكثر من كلمة حذف مضافين فإنها من تقوى القلوب أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب فقبضت قبضة من أثر الرسول أي من أثر حافر فرس الرسول ‏{‏تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت‏}‏ أي كدوران عين الذي وتجعلون رزقكم أي بدل شكر رزقكم حذف ثلاثة متضايقات فكان قاب قوسين أي فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب‏.‏حذف ثلاثة 7 من اسم كان وواحد من خبرها‏.‏

حذف مفعولي باب ظن ‏{‏أين شركائي الذين كنتم تزعمون‏}‏أي تزعمونهم شركائي‏.‏

حذف الجار مع المجرور ‏{‏خلطوا عملًا صالحًا‏}‏أي بسيء وآخر سيئًا أي بصالح‏.‏

حذف العاطف مع المعطوف تقدم‏.‏

حذف حرف الشرط وفعله يطرد بعد الطلب نحو فاتبعوني يحببكم الله أي إن اتبعتموني ‏{‏قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة‏}‏أي إن قلت لهم يقيموا وجعل منه الزمخشري ‏{‏فلن يخلف الله عهده‏}‏أي إن اتخذتم عند الله عهدًا فلن يخلف الله وجعل منه أبوحيان ‏{‏فلم تقتلون أنبياء الله من قبل‏}‏أي إن كنتم آمنتم بما أنزل إليكم فلم تقتلون‏.‏

حذف جواب الشرط فإن استطعت ا ‏{‏تبتغي نفقًا في الأرض أو سلمًا في السماء‏}‏أي فافعل وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون أي أعرضوا بدليل ما بعده أئن ذكرتم أي تطيرتم ‏{‏ولو جئنا بمثله مددًا‏}‏أي لنفذ ‏{‏ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم‏}‏أي لرأيت أمرًا فظيعًا ‏{‏ولو لا فضل الله عليكم ورحمته‏}‏ ‏{‏وإن الله رءوف رحيم‏}‏أي لعذبكم ‏{‏لولا أن ربطنا على قلبها‏}‏أي لأبدت به ‏{‏لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم‏}‏ أي لسلطكم على أهل مكة‏.‏

حذف جملة القسم ‏{‏لأعذبنه عذابًا شديدًا‏}‏أي والله‏.‏

حذف جوابه ‏{‏والنازعات غرقًا‏}‏الآيات‏:‏ أي لتبعثن ‏{‏ص والقرآن ذي الذكر‏}‏أي إنه لمعجز ‏{‏ق والقرآن المجيد‏}‏أي ما الأمر كما زعموا‏.‏

حذف جملة مسببة عن المذكور نحو ‏{‏ليحق الحق ويبطل الباطل‏}‏أي فعل ما فعل

حذف جمل كثيرة نحو ‏{‏فأرسلون يوسف أيها الصديق‏}‏ أي فأرسلون إلى يوسف لأستعبره الرؤيا ففعلوا فأتاه فقال له يا يوسف‏.‏

خاتمة تارة لا يقام شيء مقام المحذوف كما تقدم وتارة يقام ما يدل عليه نحو ‏{‏فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم‏}‏فليس الإبلاغ هو الجواب لتقدمه على توليهم وإنما التقدير‏:‏ فإن تولوا فلا لوم علي أوفلا عذر لكم لأني أبلغتكم وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك‏:‏ أي فلا تحزن واصبر ‏{‏وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين‏}‏‏:‏ أي يصيبهم مثل ما أصابهم‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأحد 26 يوليو 2009 - 8:33


النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب ( تابع )


فصل كما انقسم الإيجاز إلى إيجاز قصر وإيجاز حذف كذلك انقسم الأطناب إلى بسط وزيادة فالأول الإطناب بتكثير الجمل كقوله تعالى ‏{‏إن في خلق السموات والأرض‏}‏ الآية في سورة البقرة أطنب فيها أبلغ إطناب لكون الخطاب مع الثقلين وفي كل عصر وحين للعالم منهم والجاهل والموافق منهم والمنافق‏.‏

وقوله ‏{‏الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به‏}‏فقوله ويؤمنون به إطناب لأن إيمان حملة العرش معلوم وحسنه إظهار شرف الإيمان ترغيبًا فيه ‏{‏وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة‏}‏ وليس من المشركين مزك والنكتة الحث للمؤمنين على أدائها والتحذير من المنع حيث جعل من أوصاف المشركين‏.‏

والثاني يكون بأنواع‏:‏ أحدها دخول حرف فأكثر من حروف التأكيد السابقة في نوع الأدوات وهي أن وأنّ ولام الابتداء والقسم وألا الاستفتاحية وأما وهاء التنبيه وأن وكأن في تأكيد التشبيه ولكن في تأكيد الاستدراك وليت في تأكيد التمني ولعل في تأكيد الترجي وضمير الشأن وضمير الفصل وأما في تأكيد الشرط وقد والسين وسوف والنونان في تأكيد الفعلية ولا التبرئة ولن ولما في تأكيد النفي وإنما يحسن تأكيد الكلام بها إذا كان المخاطب به منكرًا أومترددًا ويتفاوت التأكيد بحسب قوة الإنكار وضعفه كقوله تعالى حكاية عن رسل عيسى إذ كذبوا في المرة لأولى إنا إليكم مرسلون فأكد بإن وإسمية الجملة وفي المرة الثانية ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون فأكد بالقسم وإن واللام وإسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون وقد يؤكد بها والمخاطب به غير منكر لعدم جريه على مقتضى إقراره فينزل منزلة المنكر وقد يترك التأكيد وهومعه منكر لأن معه أدلة ظاهرة لوتأملها لرجع عن إنكاره ولذلك يخرج قوله ‏{‏ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون‏}‏ أكد الموت تأكيدين وإن لم ينكر لتنزيل المخاطبين لتماديهم في الغفلة تنزيل من ينكر الموت وأكد إثبات البعث تأكيدًا واحدًا وإن كان أشد نكيرًا لأنه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرًا بأن لا ينكر فنزل المخاطبون منزلة غير المنكر حثًا لهم على النظر في أدلته الواضحة ونظيره قوله تعالى لا ريب فيه نفى عنه الريبة بلا على سبيل الاستغراق مع انه ارتاب فيه المرتابون لكن نزل منزلة العدم تعويلًا على ما يزيله من الأدلة الباهرة كما نزل الإنكار منزلة عدمه لذلك‏.‏وقال الزمخشري‏:‏ بولغ في تأكيد الموت تنبيهًا للإنسان على أن يكون الموت نصب عينيه ولا يغفل عن ترقبه فإن مآله إليه فإنه أكدت جملته ثلاث مرات لهذا المعنى لأن الإنسان في الدنيا يسعى فيها غاية السعي حتى كأنه يخلد ولم يؤكد جملة البعث إلا بأن لأنه أبرز في صورة المقطوع به الذي لا يمكن فيه نزاع ولا يقبل إنكارًا‏.‏

وقال التاج بن الفركاح‏:‏ أكد الموت ردًا على الدهرية القائلين ببقاء النوع الإنساني خلفًا عن سلف واستغنى عن تأكيد البعث هنا لتأكيده والرد على منكره في مواضع كقوله ‏{‏قل بلى وربي لتبعثن وقال غيره‏:‏ لما كان العطف يقتضي الاشتراك استغنى عن إعادة اللام لذكرها في الأول وقد يؤكد بها‏:‏ أي باللام للمستشرف الطالب الذي قدم له ما يلوح بالخبر فاستشرفت نفسه إليه نحو ولا تخاطبني في الذين ظلموا أي لا تدعني يا نوح في شأن قومك فهذا الكلام يلوح بالخبر تلويحًا ويشعر بأنه قد حق عليهم العذاب فصار المقام مقام أن يتردد المخاطب في أنهم هل صاروا محكومًا عليهم بذلك أولا فقيل إنهم مغرقون بالتأكيد وكذا قوله ‏{‏يا أيها الناس اتقوا ربكم لما أمرهم بالتقوى وظهور ثمرتها والعقاب على تركها محله الآخرة تشوقت نفوسهم إلى وصف حال الساعة فقال إن زلزلة الساعة شيء عظيم بالتأكيد ليتقرر عليه الوجوب وكذا قوله ‏{‏وما أبرئ نفسي‏}‏فيه تحيير للمخاطب وتردد في أنه كيف لا يبرئ نفسه وهي برية زكية ثبتت عصمتها وعدم مواقعتها السوء فأكده بقوله ‏{‏إن النفس لأمارة بالسوء‏}‏وقد يؤكد لقصد الترغيب نحو فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم أكد بأربع تأكيدات ترغيبًا للعباد في التوبة وقد سبق على أدوات التأكيد المذكورة ومعانيها ومواقعها في النوع الأربعين‏.‏

فائدة إذا اجتمعت إن واللام كان بمنزلة تكرير الجملة ثلاث مرات لأن إن أفادت التكرير مرتين فإذا دخلت اللام صارت ثلاثًا‏.‏

وعن الكسائي أن الام لتوكيد الخبر وإن لتوكيد الاسم وفيه تجوز لأن التوكيد للنسبة لا للاسم ولا للخبر وكذلك نون التوكيد الشديدة بمنزلة تكرير الفعل ثلاثًا والخفيفة بمنزلة تكريره مرتين‏.‏

وقال سيبويه في نحو يا أيها الألف والهاء لحقتا أيا توكيدًا فكأنك كررت يا مرتين وصار الاسم تنبيهًا هذا كلامه وتابعه الزمخشري‏.‏

فائدة قوله تعالى ‏{‏ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيًا‏}‏ قال الجرجاني في نظم القرآن‏:‏ ليست اللام فيه للتأكيد فإنه منكر فكيف يحقق ما ينكر وإنما قاله حكاية لكلام النبي صلى الله عليه وسلم الصادر منه بأداء التأكيد فحكاه فنزلت الآية على ذلك‏.‏

النوع الثاني‏:‏ دخول الأحرف الزائدة قال ابن جني‏:‏ كل حرف زيد في كلام العرب فهوقائم مقام إعادة الجملة مرة أخرى‏.‏

وقال الزمخشري‏:‏ في كشافه القديم‏:‏ الباء في خبر ما وليس لتأكيد النفي كما أن اللام لتأكيد الإيجاب‏.‏

وسئل بعضهم عن التأكيد بالحرف وما معناه إذ إسقاطه لا يخل بالمعنى فقال‏:‏ هذا يعرفه أهل الطباع يجدون من زيادة الحرف معنى لا يجدونه بإسقاطه‏.‏

قال‏:‏ ونظيره العارف بوزن الشعر طبعًا إذا تغير عليه البيت بنقص أنكره‏.‏

وقال‏:‏ أجد نفسي على خلاف ما أجدها بإقامة الوزن فكذلك هذه الحروف تتغير نفس المطبوع بنقصانها ويجد نفسه بزيادتها على معنى بخلاف ما يجدها بنقصانه‏.‏

ثم باب الزيادة في الحروف وزيادة الأفعال قليل والأسماء أقل‏.‏

أما الحروف فيزاد منها إن وإنّ وإذ وإذا وإلى وأم والباء والفاء وفي والكاف واللام ولا وما ومن والواو وتقدمت في نوع الأدوات مشروحة‏.‏

وأما الأفعال فزيد منها كان وخرج عليه كيف نكلم من كان في المهد صبيًا وأصبح وخرج عليه فأصبحوا خاسرين وقال الرماني‏:‏ العادة أن من به علة تزاد بالليل أن يرجوالفرج عند الصباح فاستعمل أصبح لأن الخسران حصل لهم في الوقت الذي يرجون فيه الفرج فليست زائدة‏.‏

وأما الأسماء فنص أكثر النحوين على أنها لا تزاد‏.‏

ووقع في كلام المفسرين الحكم عليها بالزيادة في مواضع كلفظ مثل في قوله ‏{‏فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به أي بما‏.‏

النوع الثالث‏:‏ للتأكيد الصناعي وهوأربعة أقسام‏:‏ أحدها‏:‏ التوكيد المعنوي بكل وأجمع وكلا وكلتا نحو فسجد الملائكة كلهم أجمعون وفائدته رفع توهم المجاوز وعدم الشمول‏.‏

وادعى الفراء أن كلهم أفادت ذلك وأجمعون أفادت اجتماعهم على السجود وأنهم لم يسجدوا متفرقين‏.‏

ثانيها‏:‏ التأكيد اللفظي وهوتكرار اللفظ الأول إما بمرادفه نحوضيقًا حرجًا بكسر الراء غرابيب سود وجعل منه الصفار في ما إن مكناهم فيه على القول بأن كليهما للنفي وجعل منه غيره قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورًا ليس وراء ها هنا ظرفًا لأن اللفظ ارجعوا ينبئ عنه بل هوا سم فعل بمعنى ارجعوا فكأنه قال‏:‏ ارجعوا ارجعوا‏.‏

وإما بلفظه ويكون في الاسم والفعل والحرف والجملة فالاسم نحو قوارير قوارير دكا دكا والفعل فمهل الكافرين أمهلهم واسم الفعل نحو هيهات هيهات لما توعدون والحرف نحو ففي الجنة خالدين فيها أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابًا وعظامًا أنكم والجملة نحو ‏{‏إن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا‏}‏ والأحسن اقتران الثانية بثم نحو ‏{‏وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين‏}‏ ‏{‏كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون‏}‏ ومن هذا النوع تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل نحو ‏{‏أسكن أنت وزوجك الجنة‏}‏ ‏{‏اذهب أنت وربك‏}‏ ‏{‏وإما أن نكون نحن الملقين‏}‏ومنه تأكيد المنفصل بمثله ‏{‏وهم بالآخرة هم كافرون‏}‏‏.‏

ثالثها‏:‏ تأكيد الفعل بمصدره وهوعرض من تكرار الفعل مرتين وفائدته رفع توهم المجاز في الفعل بخلاف التوكيد السابق فإنه لرفع توهم المجاز في السند إليه كذا فرق به ابن عصفور وغيره ومن ثم رد بعض أهل السنة على بعض المعتزلة في دعواه نفي التكليم حقيقة بقوله ‏{‏وكلم الله موسى تكليمًا‏}‏لأن توكيد رفع المجاز في العمل ومن أمثلته ‏{‏ويسلموا تسليمًا‏}‏ ‏{‏تمور السماء مورًا وتسير الجبال سيرًا‏}‏ ‏{‏جزاؤكم جزاء موفورًا‏}‏وليس منه ‏{‏وتظنون بالله الظنونا‏}‏ بل هوجمع ظن لاختلاف أنواعه‏.‏

وأما إلا أن يشاء ربي شيئًا فيحتمل أن يكون منه وأن يكون الشيء بمعنى الأمر والشأن والأصل في هذا النوع أن ينعت بالوصف المراد نحو ‏{‏اذكروا الله ذكرًا كثيرًا‏}‏ ‏{‏وسرحوهن سراحًا جميلًا‏}‏وقد يضاف وصفه إليه نحو ‏{‏اتقوا الله حق تقاته‏}‏وقد يؤكد بمصدر فعل آخر واسم عين نيابة عن المصدر نحو ‏{‏وتبتل إليه تبتيلًا‏}‏والمصدر تبتلًا والتبتيل مصدر بتل ‏{‏أنبتكم من الأرض نباتًا‏}‏أي إنباتًا إذ النبات اسم عين‏.‏

رابعها‏:‏ الحال المؤكدة نحو يوم أبعث أبعث حيًا ولا تعثوا في الأرض مفسدين وأرسلناك للناس رسولًا ثم توليتم إلا قليلًا منكم وأنتم معرضون وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد وليس منه ولي مدبرًا لأن التولية قد لا تكون إدبارًا بدليل قوله ‏{‏فول وجهك شطر المسجد الحرام‏}‏ولا ‏{‏فتبسم ضاحكًا‏}‏لأن التبسم قد لا يكون ضحكًا ولا ‏{‏وهو الحق مصدقًا‏}‏لاختلاف المعينين إذ كونه حقًا في نفسه غير كونه مصدقًا لما قبله‏.‏

النوع الرابع‏:‏ التكرير وهوأبلغ من التأكيد وهومن محاسن الفصاحة خلافًا لبعض من غلط‏.‏

وله فوائد‏.‏

منها‏:‏ التقرير وقد قيل الكلام إذا تكرر تقرر وقد نبه تعالى على السبب الذي لأجله كرر الأقاصيص والإنذار في القرآن بقوله ‏{‏وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرًا‏}‏‏.‏

ومنها‏:‏ التأكيد‏.‏

ومنها‏:‏ زيادة التنبيه على ما ينفي التهمة ليكمل تلقي الكلام بالقبول ومنه وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع فإنه كرر فيه النداء لذلك‏.‏

ومنها‏:‏ إذا طال الكلام وخشي تناسي الأول أعيد ثانيها تطرية له وتجديدًا لعهده ومنه ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها ‏{‏ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها‏}‏ ‏{‏ولما جاءهم كتاب من عند الل‏}‏ه إلى قوله ‏{‏فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به‏}‏ ‏{‏لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب‏}‏ ‏{‏إني رأيت أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم‏}‏‏.‏ومنها‏:‏ التعظيم والتهويل نحو ‏{‏الحاقة ما الحاقة‏}‏ ‏{‏القارعة ما القارعة‏}‏ ‏{‏وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين‏}‏‏.‏

فإن قلت‏:‏ هذا النوع أحد أقسام النوع الذي قبله فإن منها التأكيد بتكرار اللفظ فلا يحسن عده نوعًا مستقلًا‏.‏

قلت هويجامعه ويفارقه ويزيد عليه وينقص عنه فصار أصلًا برأسه فإنه قد يكون التأكيد تكرارًا كما تقدم في أمثلته وقد لا يكون تكرارًا كما تقدم أيضًا وقد يكون التكرير غير تأكيد صناعة وإن كان مفيدًا لتأكيد معنى ومنه ما وقع فيه الفصل بين المكررين فإن التأكيد لا يفصل بينه وبين مؤكده نحو اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله وإن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على النساء العالمين فإن هذه الآيات من باب التكرير لا التأكيد اللفظي الصناعي ومنه الآيات المتقدمة في التكرير للطول ومنه ما كان لتعدد المتعلق بأن يكون المكرر ثانيًا متعلقًا بغير ما تعلق به الأول وهذا القسم يسمى بالترديد كقوله ‏{‏الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري وقع فيها الترديد أربع مرات جعل منه قوله ‏{‏فبأي آلاء ربكما تكذبان فإنها وإن تكررت نيفًا وثلاثين مرة فكل واحدة تتعلق بما قبلها ولذلك زادت على ثلاثة ولوكان الجميع عائدًا إلى شيء واحد لما زاد على ثلاثة لأن التأكيد لا يزيد عليها قاله ابن عبد السلام وغيره وإن كان بعضها ليس بنعمة فمذكر النقمة للتحذير نعمة

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأحد 26 يوليو 2009 - 8:35


النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب ( تابع )


وقد سئل‏:‏ أي نعمة في قوله ‏{‏كل من عليها فان‏}‏فأجيب بأجوبة أحسنها‏:‏ النقل من دار الهموم إلى دار السرور وإراحة المؤمن والبار من الفاجر‏.‏

وكذا قوله ‏{‏ويل يومئذ للمكذبين‏}‏في سورة المرسلات لأنه تعالى ذكر قصصًا مختلفة وأتبع كل قصة بهذا القول فكأنه قال عقب كل قصة‏:‏ ويل يومئذ للمكذبين بهذه القصة‏.‏

وكذا قوله في سورة الشعراء ‏{‏إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم‏}‏ كررت ثمان مرات كل مرة عقب كل قصة فالإشارة في كل واحد بذلك إلى قصة النبي المذكور قبلها وما اشتملت عليه من الآيات والعير‏.‏

وقوله ‏{‏وما كان أكثرهم مؤمنين‏}‏إلى قومه خاصة وما كان مفهومه أن الأقل من قومه آمنوا أتى بوصف العزيز الرحيم للإشارة إلى أن العزة على من لم يؤمن والرحمة لمن آمن‏.‏

وكذا قوله في سورة القمر ‏{‏ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر‏}‏ وقال الزمخشري‏:‏ كرر ليجدوا عند سماع كل نبأ منها اتعاظًا وتنبيهًا وأن كلًا من تلك الأنباء يستحق لاعتبار يختص به وأن يتنبهوا كي لا يغلبهم السرور والغفلة‏.‏قال في عروس الأفراح‏:‏ فإن قلت‏:‏ إذا كان المراد بكل ما قبله فليس ذلك بإطناب بل هي ألفاظ‏.‏

كل أريد به غير ما أريد الآخر‏.‏

قلت‏:‏ إذا قلنا العبرة بعموم اللفظ فكل واحد أريد به ما أريد بالآخر ولكن كرر ليكون نصًا فيما يليه وظاهرًا في غيره‏.‏

فإن قلت‏:‏ يلزم التأكيد‏.‏

قلت‏:‏ والأمر كذلك ولا يرد عليه أن التأكيد لا يزاد به عن ثلاثة لأن ذاك في التأكيد الذي هوتابع أما ذكر الشيء في مقامات متعددة أكثر من ثلاثة فلا يمتنع أه‏.‏ويقرب من ذلك ما ذكره ابن جرير في قوله تعالى ولله ما في السموات وما في الأرض ولقد وصينا الذين إلى قوله ‏{‏وكان الله غنيًا حميدًا ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلًا قال‏:‏ فإن قيل ما وجه تكرار قوله ‏{‏ولله ما في السموات وما في الأرض في آيتين إحداهما في أثر الأخرى قلنا‏:‏ لاختلاف معنى الخبرين عما في السموات والأرض وذلك لأن الخبر عنه في إحدى الآيتين ذكر حاجته إلى بارئه وغنى بارئه عنه وفي الأخرى حفظ بارئه إياه وعلمه به وبتدبيره قال‏:‏ فإن قيل‏:‏ أفلا قيل‏:‏ وكان الله غنيًا حميدًا وكفى بالله وكيلًا قيل‏:‏ ليس في الآية الأولى ما يصلح أن يختم بوصفه معه بالحفظ والتدبير أه‏.‏

وقال تعالى ‏{‏وإن منهم لفريقًا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب‏}‏قال الراغب‏:‏ الكتاب الأول ما كتبوه بأيديهم المذكور في قوله تعالى ‏{‏فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم‏}‏والكتاب الثاني في التوراة والثالث لجنس كتب الله كلها‏:‏ أي ما هومن شيء من كتب الله وكلامه‏.‏

ومن أمثلة ما يظن تكرارًا وليس منه ‏{‏قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون‏}‏ إلى آخرها فإن ‏{‏لا أعبد ما تعبدون‏}‏أي في المستقبل ‏{‏ولا أنتم عابدون‏}‏أي في الحال ما أعبد في المستقبل ولا أنا عابد أي في الحال ما عبدتم في الماضي ولا أنتم عابدون أي في المستقبل ما أعبد أي في الحال‏.‏

فالحاصل أن القصد نفي عبادته لآلهتهم في الأزمنة الثلاثة وكذا ‏{‏فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم‏}‏ثم قال ‏{‏فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم‏}‏ثم قال ‏{‏واذكروا الله في أيام معدودات‏}‏فإن المراد بكل واحد من هذه الأذكار غير المراد بالآخر‏.‏

فالأول الذكر في مزدلفة عند الوقوف بقزح وقوله ‏{‏واذكروه كما هداكم‏}‏إشارة إلى تكرره ثانيًا وثالثًا ويحتمل أن يراد به طواف الإفاضة بدليل تعقيبه بقوله ‏{‏فإذا قضيتم والذكر الثالث إشارة إلى رمي جمرة العقبة والذكر الأخير لرمي أيام التشريق ومنهم تكرير حرف الإضراب في قوله ‏{‏بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر‏}‏وقوله ‏{‏بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عموم‏}‏ ومنه قوله ‏{‏ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين‏}‏ثم قال ‏{‏وللمطلقات متاع بالمعروف حقًا على المتقين‏}‏فكرر الثاني ليعم كل مطلقة فإن الآية الأولى في المطلقة قبل الفرض والمسيس خاصة‏.‏

وقيل لأن الأولى لا تشعر بالوجوب ولهذا لما نزلت قال بعض الصحابة إن شئت أحسنت وإن شئت فلا فنزلت الثانية‏.‏

أخرجه ابن جرير ومن ذلك تكرير الأمثال كقوله ‏{‏وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ‏وما يستوي الأحياء ولا الأموات‏}‏ وكذلك ضرب مثل المنافقين أول البقرة بالمستوقد نارًا ثم ضربه بأصحاب الصيب‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ والثاني أبلغ من الأول لأنه أدل على فرط الحيرة وشدة الأمر وفظاعته‏.‏

قال‏:‏ ولذلك آخرهم يتدرجون في نحوهذا من الأهون إلى الأغلظ‏.‏

ومن ذلك تكرير القصص كقصة آدم وموسى ونوح وغيرهم من الأنبياء‏.‏قال بعضهم‏:‏ ذكر الله موسى في مائة وعشرين موضعًا من كتابه‏.‏

وقال ابن العربي في القواصم‏:‏ ذكر الله قصة نوح في خمس وعشرين آية وقصة موسى في تسعين آية‏.‏

وقد ألف البدر بن جماعة كتابًا سماه المقتنص في فوائد تكرار القصص وذكر في تكرير القصص فوائد‏.‏

منها‏:‏ أن في كل موضع زيادة شيء لم يذكر في الذي قبله أوإبدال كلمة بأخرى لنكتة وهذه عادة البلغاء‏.‏

ومنها‏:‏ أن الرجل كان يسمع القصة من القرآن ثم يعود إلى أهله ثم يهاجر بعده آخرون يحكون ما نزل بعد صدور من تقدمهم فلولا تكرار القصص لوقعت قصة موسى إلى قوم وقصة عيسى إلى آخرين وكذا سائر القصص فأراد الله اشتراك الجميع فيها فيكون فيه إفادة لقوم وزيادة تأكيد لآخرين‏.‏

ومنها‏:‏ أن في إبراز الكلام الواحد في فنون كثيرة وأساليب مختلفة ما لا يخفي من الفصاحة‏.‏

ومنها‏:‏ أنه تعالى أنزل هذا القرآن وعجز القوم عن الإتيان بمثله ثم أوضح الأمر في عجزهم بأن كرر ذكر القصة في مواضع إعلامًا بأنهم عاجزون عن الإتيان بمثله بأي نظم جاءوا وبأي عبارة عبروا‏.‏ومنها‏:‏ أنه لما تحداهم قال ‏{‏فائتوا بسورة من مثله‏}‏فلوذكرت القصة في موضع واحد واكتفى بها لقال العربي ائتون أنتم بسورة من مثله فأنزلها الله سبحانه وتعالى في تعداد السور فعالجتهم من كل وجه‏.‏

ومنها‏:‏ أن القصة الواحدة لما كررت كان في ألفاظها في كل موضع زيادة أونقصان وتقديم وتأخير وأتت على أسلوب غير أسلوب الأخرى فأفاد ذلك ظهور الأمر العجيب في إخراج المعنى الواحد في صور متباينة في النظر وجذب النفوس إلى سماعها لما جبلت عليه من حب التنقل في الأشياء المتجددة واستلذاذها بها وإظهار خاصة القرآن حيث لم يصل مع تكرير ذلك فيه هجنة في اللفظ ولا ملل عند سماعه فباين ذلك كلام المخلوقين‏.‏

وقد سئل ما الحكمة في عدم تكرير قصة يوسف وسوقها مساقًا واحدًا في موضع واحد دون غيرها من القصص وأجيب بوجه‏.‏

أحدها‏:‏ أن فيها تشبيب النسوة به وحال امرأة ونسوة افتتنوا بأبدع الناس جمالًا فناسب عدم تكرارها لما فيه من الإغضاء والستر‏.‏

وقد صحح الحاكم في مستدركه حديث النهي عن تعليم النساء سورة يوسف‏.‏

ثانيها‏:‏ أنها اختصت بحصول الفرج بعد الشدة بخلاف غيرها من القصص فإن مآلها إلى الوبال كقصة إبليس وقوم نوح وهود وصالح وغيرهم فلما اختصت بذلك اتفقت الدواعي على نقلها لخروجها عن سمت القصص‏.‏

ثالثها‏:‏ قال الأستاذ أبوإسحاق الإسفرايني‏:‏ إنما كرر الله قصص الأنبياء وساق قصة يوسف مساقًا واحدًا إشارة إلى عجز العرب كأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم‏:‏ أن كان من تلقاء نفسي فافعلوا في قصة يوسف ما فعلت في سائر القصص‏.‏

قلت‏:‏ وظهر لي جواب رابع وهوأن سورة يوسف نزلت بسبب طلب الصحابة أن يقص عليهم كما رواه الحاكم في مستدركه فنزلت مبسوطة تامة ليحصل لهم مقصود القصص من استيعاب القصة وترويح النفس بها والإحاطة بطرفيها‏.‏

وجواب خامس وهوأقوى ما يجاب به‏:‏ إن قصص الأنبياء إنما كررت لأن المقصود بها إفادة إهلاك من كذبوا رسلهم والحاجة داعية إلى ذلك لتكرير تكذيب الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم فكلما كذبوا نزلت قصة منذرة بحلول العذاب كما حل على المكذبين ولهذا قال تعالى في آيات ‏{‏فقد مضت سنة الأولين‏}‏ ‏{‏ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن‏}‏وقصة يوسف لم يقصد منها ذلك وبهذا أيضًا يحصل الجواب عن حكمة عدم تكرير قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنبن وقصة موسى مع الخضر وقصة الذبيح‏.‏

فإن قلت‏:‏ قد تكررت قصة ولادة يحيى وولادة عيسى مرتين وليس من قبيل ما ذكرت‏.‏

قلت‏:‏ الأولى في سورة كهيعص وهي مكية أنزلت خطابًا لأهل مكة والثانية في سورة آل عمران وهي مدنية أنزلت خطابًا لليهود ولنصارى نجران حين قدموا ولهذا اتصل بها ذكر المحاجة والمباهلة‏.‏

النوع الخامس‏:‏ الصفة وترد لأسباب‏.‏

أحدها‏:‏ التخصيص في النكرة نحو ‏{‏فتحرير رقبة مؤمنة‏}‏الثاني‏:‏ التوضيح في المعرفة‏:‏ أي زيادة البنان نحو ‏{‏ورسوله النبي الأمي‏}‏الثالث‏:‏ المدح والثناء ومنه صفات الله تعالى نحو ‏{‏بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين‏}‏ ‏{‏الخالق البارئ المصور‏}‏ومنه ‏{‏يحكم به النبيون الذين أسلموا للذين هادوا‏}‏ فهذا الوصف للمدح وإظهار شرف الإسلام والتعريض باليهود وأنهم بعداء من ملة الإسلام الذي هودين الأنبياء كلهم وأنهم بمعزل عنها قال الزمخشري‏.‏

الرابع‏:‏ الذم نحو ‏{‏فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم‏}‏‏.‏

الخامس‏:‏ التأكيد لرفع الإبهام نحو ‏{‏لا تتخذوا إلهين اثنين‏}‏فإن إلهين للتثنية بعده صفة مؤكدة للنهي عن الإشراك والإفادة النهي عن اتخاذ إلهين إنما هولمحض كونهما اثنين فقط لا لمعنى آخر من كونهما عاجزين أو غير ذلك ولأن الوحدة تطلق ويراد بها النوعية كقوله صلى الله عليه وسلم إنما نحن وبنوالمطلب شيء واحد وتطلق ويراد بها نفي العدة فالتثنية باعتبارها‏.‏

فلوقيل لا تتخذوا إلهين فقط لتوهم أنه نهي عن اتخاذ جنسي آلهة وإن جاز أن يتخذ من نوع واحد عدد آلهة ولهذا أكد بالواحدة قوله ‏{‏إنما هو إله واحد‏}‏ومثله ‏{‏فاسلك فيها من كل زوجين اثنين‏}‏على قراءة تنوين كل وقوله ‏{‏فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة‏}‏فهوتأكيد لرفع توهم تعدد النفخة لأن هذه الصيغة قد تدل على الكثرة بدليل وإن تعدوا نعمة الله ال تحصوها ومن ذلك قوله ‏{‏فإن كانتا اثنتين‏}‏فإن لفظ كانتا يفيد التثنية فتفسيره باثنتين لم يفد زيادة عليه‏.‏

وقد أجاب عن ذلك الأخفش والفارسي بأنه أفاد العدد المحض مجردًا عن الصفة لأنه قد كان يجوز أن يقال‏:‏ فإن كانتا صغيرتين أوكبيرتين أوصالحتين أوغير ذلك من الصفات فلما قال اثنتين أفهم أن فرض الثنتين تعلق بمجرد كونهما اثنتين فقط وهي فائدة لا تحصل من ضمير المثنى‏.‏

وقيل أراد‏:‏ فإن كانتا اثنتين فصاعدًا فعبر بالأدنى عنه وعما فوقه اكتفاء ونظيره فإن لم يكونا رجلين والأحسن فيه أن الضمير عائد على الشهيدين المطلقين ومن الصفات المؤكدة قوله ‏{‏ولا طائر يطير بجناحيه‏}‏فقوله يطير لتأكيد أن المراد بالطائر حقيقته فقد يطلق مجازًا على غيره‏.‏

وقوله بجناحيه لتأكيد حقيقة الطيران لأنه يطلق مجازًا على شدة العدووالإسراع في المشي ونظيره يقولون بألسنتهم لأن القول يطلق مجازًا على غير اللساني بدليل ويقولون في أنفسهم وكذا ولكن تعمى القلوب التي في الصدور لأن القلب قد يطلق مجازًا على العين كما أطلقت العين مجازًا على القلب في قوله ‏{‏الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى‏}‏‏.‏

قاعدة الصفة العامة لا تأتي بعد الخاصة لا يقال رجل فصيح متكلم بل متكلم فصيح وأشكل على هذا قوله تعالى في إسماعيل ‏{‏وكان رسولًا نبيًا‏}‏وأجيب بأنه حال لا صفة‏:‏ أي مرسلًا في حال نبوته وقد تقدم في نوع التقديم والتأخير أمثلة عن هذه‏.‏

قاعدة إذا وقعت الصفة بعد متضايفين أولهما عدد جاز إجراؤهما على المضاف وعلى المضاف إليه فمن الأول ‏{‏سبع سموات طباق‏}‏ ومن الثاني ‏{‏سبع بقرات سمان‏}‏‏.‏

فائدة إذا تكررت النعوت لواحد فالأحسن أن تباعد معنى الصفات العطف نحو ‏{‏هو الأول والآخر الظاهر والباطن‏}‏ وإلا تركه نحو ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتم بعد ذلك زنيم فائدة قطع النعوت في مقام المدح والذم أبلغ من إجرائها‏.‏

قال القارسي‏:‏ إذا ذكرت الصفات في معرض المدح أوالذم فالأحسن أن يخالف في إعرابهاقش لأن المقام يقتضي الإطناب فإذا خولف في الإعراب كان المقصود أكمل لأن المعاني عند الاختلاف تتنوع وتتفنن وعند الاتحاد تكون نوعًا واحدًا مثاله في المدح والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ولمقيمين الصلاة وآتون الزكاة ولكن البر من آمن بالله إلى قوله ‏{‏والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين‏}‏وقرئ شاذًا الحمد لله رب العالمين برفع رب ونصبه ومثاله في الذم وامرأته حمالة الحطب‏.‏

النوع السادس‏:‏ البدل والقصد به الإيضاح به بعد الإبهام وفائدته البيان والتأكيد‏.‏

أما الأول فواضح أنك إذا قلت رأيت زيدًا أخاك بينت أنك تريد بزيد الأخ لا غير وأما التأكيد فلأنه على نية تكرار العامل فكأنه من جملتين ولأنه دل على ما دل عليه الأول‏:‏ إما بالمطابقة في بدل الكل وإما بالتضمين في بدل البعض أوبالالتزام في بدل الاشتمال‏.‏مثال الأزل ‏{‏أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم‏}‏ ‏{‏إلى صراط العزيز الحميد الله‏}‏‏{‏لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة‏}‏ ومثال الثاني ‏{‏ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا‏}‏‏{‏ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ومثال الثالث ‏{‏وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره‏}‏يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير قتل أصحاب الأخدود النار لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم وزاد بعضهم بدل الكل من البعض وقد وجدت له مثالًا في القرآن وهوقوله ‏{‏يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئًا جنات عدن فجنات عدن بدل من الجنة التي هي بعض وفائدته تقرير أنها جنان كثيرة لا جنة واحدة‏.‏

قال ابن السيد‏:‏ وليس كل بذل يقصد به رفع الإشكال الذي يعرض في المبدل منه بل من البدل ما يراد به التأكيد وإن كان ما قبله غنيًا عنه كقوله ‏{‏وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله‏}‏ ألا ترى أنه لولم يذكر الصراط الثاني لم يشك أحد في أن الصراط المستقيم هوصراط الله وقد نص سيبويه على أن من المبدل ما الغرض منه التأكيد أه‏.‏

وجعل منه ابن عبد السلام ‏{‏وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر‏}‏قال‏:‏ ولا بيان فيه لأن الأب لا يلتبس بغيره ورد بأنه يطلق على الجد فأبدل لبيان إرادة الأب حقيقة‏.‏

النوع السابع‏:‏ عطف البيان وهوكالصفة في الإيضاح لكن ما يفارقها في أنه وضع البدل على الإيضاح باسم يختص به بخلافها فإنها وضعت لتدل على معنى حاصل في متبوعها‏.‏

وفرق ابن كيسان بينه وبين البدل بأن البدل هو المقصود وكأنك قررته في موضع المبدل منه وعطف البيان وما عطف عليه كل منهما مقصود‏.‏

وقال ابن مالك في شرح الكافية‏:‏ عطف البيان يجري مجرى النعت في تكميل متبوعه ويفارقه في أن تكميل متبوعه بشرح وتبيين لا بدلالة على معنى المتبوع أوسببية ومجرى التأكيد في تقوية دلالته ويفارقه في أنه لا يرفع توهم مجاز ومجرى البدل في صلاحيته للاستقلال ويفارقه في أنه غير منوي الإطراح ومن أمثلته فيه آيات بينات مقام إبراهيم من شجرة مباركة زيتونة وقد يأتي لمجرد المدح بلا إيضاح ومنه جعل الله الكعبة البيت الحرام فالبيت الحرام عطف بيان للمدح لا للإيضاح‏.‏

النوع الثامن‏:‏ عطف أحد المترادفين على الآخر والقصد منه التأكيد أيضًا وجعل منه إنما أشكوبثي وحزني فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا فلا يخافوا ظلمًا ولا هضمًا لا تخاف دركًا ولا تخشى لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا قال الخليل‏:‏ العوج والأنت بمعنى واحد سرهم ونجواهم شرعة ومنهاجًا لا تبقى والتذر إلا دعاء ونداء أطعنا سادتنا وكبراءنا لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب فإن نصب كلغب وزنًا ومعنى صلوات من ربهم ورحمة عذرًا أونذرًا قال ثعلب‏:‏ هما بمعنى وأنكر المبرد وجود هذا النوع في القرآن وأول ما سبق على اختلاف المعنيين‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ المخلص في هذا أن تعتقد أن مجموع المترادفين يحصل معنى لا يوجد عند انفرادهما فإن التركيب يحدث معنى زائدًا وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك كثرة الألفاظ‏.‏

النوع التاسع‏:‏ عطف الخاص على العام وفائدته التنبيه على فضله حتى كأنه ليس من جنس العام تنزيلًا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات‏.‏

وحكى أبوحيان عن شيخه أبي جعفر بن الزبير أنه كان يقول‏:‏ هذا العطف يسمى بالتجريد كأنه جرد من الجملة وأفرد بالذكر تفضيلًا‏.‏

ومن أمثلته ‏{‏حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى‏}‏ ‏{‏من كان عدوًا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال‏}‏ ‏{‏ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏}‏ ‏{‏والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة‏}‏فإن إقامتها من جملة التمسك بالكتاب وخصت بالذكر إظهار لرتبتها لكونها عماد الدين وخص جبريل وميكائيل بالذكر ردًا على اليهود في دعوى عداوته وضم إليه ميكائيل لأنه ملك الرزق الذي هوحياة الأجساد كما أن جبريل ملك الوحي الذي هوحياة القلوب والأرواح‏.‏

وقيل إن جبريل وميكائيل لما كانا أميري الملائكة لم يدخلا في لفظ الملائكة أولًا كما أن الأمير لا يدخل في مسمى الجند حكاه الكرماني في العجائب‏.‏

ومن ذلك ‏{‏ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه‏}‏‏{‏ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء‏}‏ بناء على أنه لا يختص بالواوكما هورأي ابن مالك فيه وفيما قبله‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأحد 26 يوليو 2009 - 8:36


النوع السادس والخمسون في الإيجاز والإطناب ( تابع )


وخص المعطوف في الثانية بالذكر تنبيهًا على زيادة قبحه‏.‏

تنبيه المراد بالخاص والعام هنا ما كان فيه الأول شاملًا للثاني لا المصطلح عليه في الأصول‏.‏

النوع العاشر‏:‏ عطف العام على الخاص وأنكر بعضهم وجوده فأخطأ والفائدة فيه واضحة وهوالتعميم وأفرد الأول بالذكر اهتمامًا بشأنه‏.‏

ومن أمثلته ‏{‏إن صلاتي ونسكي‏}‏والنسك العبادة فهوأعم آتيناك سعًا من المثاني والقرآن العظيم ‏{‏رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات‏}‏ ‏{‏فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير‏}‏جعل منه الزمخشري ومن يدبر الأمر بعد قوله ‏{‏قل من يرزقكم‏}‏‏.‏

النوع الحادي عشر‏:‏ الإيضاح بعد الإبهام قال أهل البيان‏:‏ إذا أردت أن تبهم ثم توضح فإنك تطنب‏.‏

وفائدته إما رؤية المعنى في صورتين مختلفتين‏:‏ الإبهام والإيضاح أولتمكن المعنى في النفس تمكنًا زائدًا لوقوعه بعد الطلب فإنه أعز من المنساق بلا تعب أولتكمل لذة العلم به فإن الشيء إذا علم من وجه ما تشوقت النفس للعلم به من باقي وجوهه وتألمت فإذا حصل العلم من بقية الوجوه كانت لذته أشد من علمه من جميع وجوهه دفعة واحدة‏.‏

ومن أمثلته رب اشرح لي صدري فإن اشرح يفيد طلب شرح شيء ما له وصدري يفيد تفسيره وبيانه كذلك ‏{‏ويسر لي أمري‏}‏والمقام يقتضي التأكيد للإرسال المؤذن بتلقي الشدائد وكذلك ‏{‏ألم نشرح لك صدرك‏}‏فإن المقام يقتضي التأكيد لأنه مقام امتنان وتفخيم وكذا ‏{‏وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين‏}‏ومنه التفضيل بعد الإجمال نحو ‏{‏إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا‏}‏إلى قوله ‏{‏منها أربعة حرم‏}‏وعكسه كقوله ‏{‏ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشر كاملة‏}‏أعيد ذكر العشرة لرفع توهم أوالواوفي وسبعة بمعنى أو فتكون الثلاثة داخلة فيها كما في قوله ‏{‏خلق الأرض في يومين ثم قال ‏{‏وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام‏}‏فإن في جملتها اليومين المذكورين أولًا وليست أربعة غيرهما وهذا احسن الأجوبة في الآية وهوالذي أشار إليه الزمخشري ورجحه ابن عبد السلام وجزم به الزملكاني في أسرار التنزيل‏.‏

قال‏:‏ ونظيره ‏{‏وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر‏}‏فإنه رافع لاحتمال أن تكون تلك العشرة من غير مواعدة‏.‏

قال ابن عسكر‏:‏ وفائدة الوعد بثلاثين أولًا ثم بعشر ليتجدد له أقرب انقضاء المواعدة ويكون فيه متأهبًا مجتمع الرأي حاضر الذهن لأنه لووعد بالأربعين أولًا كانت متساوية فلما فصلت استشعرت النفس قرب التمام وتجدد بذلك عزم لم يتقدم‏.‏

وقال الكرماني في العجائب في قوله ‏{‏تلك عشرة كاملة‏}‏ثمانية أجوبة‏:‏ جوابان من التفسير وجواب من الفقه وجواب من النحو وجواب من اللغة وجواب من المعنى وجوابان من الحساب وقد سقتها في أسرار التنزيل‏.‏

النوع الثاني عشر‏:‏ التفسير قال أهل البيان‏:‏ وهوأن يكون في الكلام لبس وخفاء فيؤتى بما يزيله ويفسره‏.‏

ومن أمثلته ‏{‏إن الإنسان خلق هلوعًا إذا مسه الشر جزوعًا وإذا مسه الخير ممنوعًا‏}‏ فقوله إذا مسه الخ تفسير لهلوع كما قاله أبو العالية وغيره القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم قال البيهقي في شرح الأسماء الحسنى‏:‏ قوله لا تأخذه سنة تفسير للقيوم ‏{‏يسومونكم سوء العذاب يذبحون‏}‏‏.‏ الآية فيذبحون وما بعده تفسير للسوم ‏{‏إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب‏}‏ الآية فخلقه وما بعده تفسير للمثل ‏{‏لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة‏}‏فتلقون الخ تفسير لاتخاذهم أولياء ‏{‏الصمد لم يلد ولم يولد‏}‏الآية‏.‏قال محمد بن كعب القرظي‏:‏ لم يلد الخ تفسير للصمد وهوفي القرآن كثير‏.‏

قال ابن جني‏:‏ ومتى كانت الجملة تفسير لم يحسن الوقف على ما قبلها دونها لأن تفسير الشيء لاحق به ومتمم له وجار مجرى بعض أجزائه‏.‏

النوع الثالث عشر‏:‏ وضع الظاهر موضع الضمر ورأيت فيه تأليفًا مفردًا لابن الصائغ وله فوائد منها‏:‏ زيادة التقرير والتمكين نحو ‏{‏قل هو الله أحد الله الصمد‏}‏ والأصل هو الصمد ‏{‏وبالحق أنزلناه وبالحق نزل‏}‏ ‏{‏إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون‏}‏ ‏{‏لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله‏}‏‏.‏

ومنها‏:‏ قصد التعظيم نحو ‏{‏واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم‏}‏ ‏{‏أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون‏}‏ ‏{‏وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا‏}‏ ‏{‏ولباس التقوى ذلك خير‏}‏‏.‏

ومنها‏:‏ قصد الإهانة والتحقير نحو ‏{‏أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون‏}‏‏{‏إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان‏}‏ الخ‏.‏

ومنها‏:‏ إزالة اللبس حيث يوهم الضمير أنه غير الأول نحو ‏{‏قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك‏}‏ لوقال تؤتيه لأوهم أنه الأول قاله ابن الخشاب ‏{‏يظنون بالله ظن السوء‏}‏ ‏{‏عليهم دائرة السوء‏}‏لأنه قال عليهم دائرته لأوهم أن الضمير عائد إلى الله تعالى ‏{‏فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه‏}‏لم يقل منه لئلا يتوهم عود الضمير إلى الأخ فيصير كأنه مباشر بطلب خروجها وليس كذلك لما في المباشرة من الأذى الذي تأباه النفوس الآبية فأعيد لفظ الظاهر لنفي هذا ولم يقل من وعائه لئلا يتوهم عود الضمير إلى يوسف لأنه العائد عليه ضمير استخراجها‏.‏

ومنها‏:‏ قصد تربية المهابة وإدخال الروع على ضمير السامع بذكر الاسم المقتضي لذلك كما تقول‏:‏ الخليفة أمير المؤمنين يأمرك بكذا ومنه إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها إن الله يأمر بالعدل ومنها‏:‏ قصد تقوية داعية الأمور ومنه فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين‏.‏

ومنها‏:‏ تعظيم الأمر نحو ‏{‏أو لم يروا كيف يبدأ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق‏}‏ ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا إنا خلقنا الإنسان‏}‏ ومنها‏:‏ الاستلذاذ بذكره ومنه ‏{‏وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة‏}‏لم يقل منها ولهذا عدل عن ذكر الأرض إلى الجنة‏.‏

ومنها‏:‏ قصد التوسل من الظاهر إلى الوصف ومنه ‏{‏فآمنوا بالله ورسوله النبي الأميّ الذي يؤمن بالله‏}‏بعد قوله ‏{‏إني رسول الله‏}‏لم يقل فآمنوا بالله ربي ليتمكن من إجراء الصفات التي ذكرها ليعلم أن الذي وجب الإيمان به والأتباع له هومن وصف بهذه الصفات ولوأتى بالضمير لم يمكن ذلك لأنه لا يوصف‏.‏

ومنها‏:‏ التنبيه على علية الحكم نحو ‏{‏فبدل الذين ظلموا قولًا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزًا ‏}‏ ‏{‏فإن الله عدو للكافرين‏}‏لم يقل لهم إعلامًا بأن من عادى هؤلاء فهوكافر وإن الله إنا عاداه لكفره ‏{‏فمن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون‏}‏ ‏{‏والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين‏}‏ ‏{‏إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملًا‏}‏ ومنها‏:‏ قصد العموم نحو ‏{‏وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة‏}‏لم يقل إنها لئلا يفهم تخصيص ذلك بنفسه ‏{‏أولئك هم الكافرون حقًا وأعتدنا للكافرين عذابًا‏}‏ ومنها‏:‏ قصد الخصوص نحو ‏{‏وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي‏}‏لم يقل لك تصريحًا بأنه خاص به‏.‏

ومنها‏:‏ الإشارة إلى عدم دخول الجملة في حكم الأولى نحو ‏{‏فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل‏}‏فإن ويمح الله استئناف لا داخل في حكم الشرط‏.‏

ومنها‏:‏ مراعاة الجناس ومنه ‏{‏قل أعوذ برب الناس‏}‏السورة ذكره الشيخ عز الدين ومثله ابن الصائغ بقوله ‏{‏خلق الإنسان من علق‏}‏ ثم قال ‏{‏علم الإنسان ما لم يعلم كلا إن الإنسان ليطغى‏}‏ فإن المراد بالإنسان الأول الجنس وبالثاني آدم أومن يعلم الكتابة أوإدريس وبالثالث أبوجهل‏.‏

ومنها‏:‏ مراعاة الترصيع وتوازن الألفاظ في التركيب ذكره بعضهم في قوله ‏{‏أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى‏.‏

ومنها‏:‏ أن يتحمل ضميرًا لا بد منه ومنه ‏{‏أتيا أهل قرية استطعما أهلها‏}‏لوقال استطعما لم يصح لأنهما لم يستطعما القرية أواستطعماهم فكذلك لأن جملة استطعما صفة لقرية النكرة لا لأهل فلا بد أن يكون فيها ضمير يعود عليه ولا يمكن إلا مع التصريح بالظاهر وكذا حرره السبكي في جواب سؤال الصلاح الصفدي في ذلك حيث قال‏:‏ ومن كفه يوم الندى ويراعه على طرسه بحران يلتقيان ومن إن دجت في المشكلاتمسائل جلاها بفكر دائم اللمعان رأيت كتاب الله أكبر معجز لأفضل من يهدي به الثقلان ومن جملة الإعجاز كون اختصاره بإيجاز ألفاظ وبسط معان ولكنني في الكهف أبصرت آية بها الكفر في طول الزمان عيان وما هي إلا استطعما أهلها فقد نرى استطعماهم مثله ببيان فما الحكمة الغراء في وضع ظاهر مكان ضمير إن ذاك لشان فأرشد على عادات فضلك حيرتي فمالي بها عند البيان يدان تنبيه إعادة الظاهر بمعناه أحسن من إعادته بلفظه كما مر في آيات إنا لا نضيع أجر المصلحين أجر من أحسن عملًا ونحوها ومنه ‏{‏ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء‏}‏ فإن إنزال الخير مناسب للربوبية وأعاده بلفظ الله لأن تخصيص الناس بالخير دون غيرهم مناسب للإلهية لأن دائرة الربوبية أوسع ومنه ‏{‏الحمد لله الذي خلق السموات والأرض‏}‏إلى قوله ‏{‏بربهم يعدلون‏}‏وإعادته في جملة أخرى أحسن منه في الجملة الواحدة لانفصالها وبعد الطول أحسن من الإضمار لئلا يبقى الذهن متشاغلًا بسبب ما يعود عليه فيفوته ما شرع فيه كقوله ‏{‏وتلك حجتنا آتيناهم إبراهيم على قومه بعد قوله ‏{‏وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر‏}‏‏.‏

النوع الرابع عشر‏:‏ الإيغال وهوالإمعان وهوختم الكلام بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها‏.‏

وزعم بعضهم أنه خاص بالشعر ورد بأنه وقع في القرآن من ذلك ‏{‏يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسئلكم أجرًا وهم مهتدون‏}‏ فقوله وهم مهتدون إيغال لأنه يتم المعنى بدونه إذا الرسول مهتد لا محالة لكن فيه زيادة مبالغة في الحث على أتباع الرسل والترغيب فيه‏.‏

وجعل ابن أبي الأصبع منه ‏{‏ولا يسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين‏}‏ فإن قوله إذا ولوا مدبرين زائد على المعنى مبالغة في عدم انتفاعهم ‏{‏ومن احسن من الله حكمًا لقوم يوقنون‏}‏زائد على المعنى لمدح المؤمنين والتعريض بالذم لليهود وأنهم بعيدون عن الإيقان ‏{‏إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون‏}‏فقوله مثل ما الخ إيغال زائد على المعنى لتحقيق هذا الوعد وأنه واقع معلوم ضرورة لا يرتاب فيه أحد‏.‏

النوع الخامس عشر‏:‏ التذييل وهوأن يأتي بجملة عقب جملة والثانية تشتمل على المعنى الأول لتأكيد منطوقه أومفهومه ليظهر المعنى لمن لم يفهمه ويتقرر عند من فهمه نحو ‏{‏ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور‏}‏ ‏{‏وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا‏}‏ ‏{‏وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت‏}‏ ‏{‏ويوم القيامة يكفرون بشرككم‏}‏النوع السادس عشر‏:‏ الطرد والعكس قال الطيبي‏:‏ وهوأن يؤتى بكلامين يقرر الأول بمنطوقه مفهوم الثاني وبالعكس كقوله تعالى ‏{‏ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات‏}‏إلى قوله ‏{‏ليس عليكم جناح بعدهن‏}‏ فمنطوق الأمر بالاستئذان في تلك الأوقات خاصة مقرر مفهوم رفع الجناح فيما عداها وبالعكس وكذا قوله ‏{‏لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‏}‏قلت‏:‏ وهذا النوع يقابله في الإيجاز نوع الاحتباك‏.‏

النوع السابع عشر‏:‏ التكميل ويسمى بالاحتراس وهوأن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفع ذلك الوهم نحو ‏{‏أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين‏}‏فإنه لواقتصر على أذلة أنه لضعفهم فدفعه بقوله أعزه ومثله أشداء على الكفار رحماء بينهم غذ لواقتصر على أشداء لتوهم أنه لغلظهم ‏{‏تخرج بيضاء من غير سوء‏}‏ ‏{‏لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون‏}‏احتراس لئلا يتوهم نسبة الظلم إلى سليمان‏.‏

ومثله فتصيبكم منهم معرة بغير علم وكذا ‏{‏قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون‏}‏فالجملة الوسطى احتراس لئلا يتوهم أن التكذيب مما في نفس الأمر‏.‏

قال في عروس الأفراح‏:‏ فإن قيل‏:‏ كل من ذلك أفاد معنى جديدًا فلا يكون إطنابًا‏.‏

قلنا‏:‏ هوإطناب لما قبله من حيث رفع توهم غيره وإن كان له معنى في نفسه‏.‏

النوع الثامن عشر‏:‏ التتميم وهوأن يؤتى في كلام لا يوهم غير المراد بفضله تفيد نكتة كالمبالغة في قوله ‏{‏ويطعمون الطعام على حبه‏}‏أي مع حب الطعام‏:‏ أي اشتهائه فإن الإطعام حينئذ أبلغ وأكثر أجرًا ومثله ‏{‏وآتى المال على حبه‏}‏ ‏{‏ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف‏}‏فقوله ‏{‏وهو مؤمن‏}‏تتميم في غاية الحسن‏.‏

النوع التاسع عشر‏:‏ الاستقصاء وهوأن يتناول المتكلم معنى فيستقصيه فيأتي عوارضه ولوازمه بعد أن يستقصي جميع أوصافه الذاتية بحيث لا يترك لمن يتناوله بعده فيه مقالًا كقوله تعالى ‏{‏أيود أحدكم أن تكون له جنة‏}‏الآية فإنه تعالى لواقتصر على قوله جنة لكان كافيًا فلم يقف عند ذلك حتى قال في تفسيرها من نخيل وأعناب فإن مصاب صاحبها بها أعظم ثم زاد ‏{‏تجري من تحتها الأنهار‏}‏متممًا لوصفها بذلك ثم كمل وصفها بعد التتميمين فقال له فيها من كل الثمرات فأتى بكل ما يكون في الجنان ليشتد الأسف على إفسادها‏.‏

ثم قال في وصف صاحبها ‏{‏وأصابه الكبر‏}‏ثم استقصى المعنى في ذلك بما يوجب تعظيم المصاب بقوله بعد وصفه بالكبر وله ذرية ولم يقف عند ذلك حتى وصف الذرية بالضعفاء‏.‏

ثم ذكر استئصال الجنة التي ليس لهذا المصاب غيرها بالهلاك في أسرع وقت حيث قال فأصابها إصار ولم يقتصر على ذكره للعلم بأنه لا يحصل به سرعة الهلاك فقال فيه نار ثم لم يقف عند ذلك حتى أخبر باحتراقها لاحتمال أن تكون النار ضعيفة لا تفي باحتراقها لما فيه من الأنهار ورطوبة الأشجار فاحترس عن هذا الاحتمال بقوله فاحترقت فهذا أحسن استقصاء وقع فيه كلام وأتمه وأكمله‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ والفرق بين الاستقصاء والتتميم والتكميل أن التتميم يرد على المعنى الناقص ليتم فيكمل والتكميل يرد على المعنى التام أوصافه والاستقصاء يرد على المعنى التام الكامل فيستقصي لوازمه وعوارضه وأوصافه وأسبابه حتى يستوعب جميع ما تقع الخواطر عليه فيه فلا يبقى لأحد فيه مساغ‏.‏

النوع العشرون‏:‏ الاعتراض وسماه قدامة التفاتًا وهوالإتيان بجملة أوأكثر لا محل لها من الإعراب في أثناء كلام أوكلامين اتصلا معنى لنكتة غير دفع الإيهام كقوله ‏{‏ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون‏}‏فقوله سبحانه اعتراض بتنزيه الله سبحانه وتعالى عن البنات والشناعة على جاعليها وقوله ‏{‏لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين‏}‏فجملة الاستثناء اعتراض للتبرك ومن وقوعه بأكثر من جملة فائتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم فقوله نساؤكم متصل بقوله فائتوهن لأنه بيان له وما بينهما اعتراض للحث على الطهارة وتجنب الأدبار وقوله ‏{‏يا أرض ابلعي ماءك‏}‏إلى قوله ‏{‏وقيل بعدًا‏}‏فيه اعتراض بثلاث جمل وهي ‏{‏وغيض الماء وقضى الأمر واستوت على الجودي‏}‏ قال في الأقصى القريب‏:‏ ونكتته إفادة أن هذا الأمر واقع بين القولين لا محالة ولوأتى به آخرًا لكان الظاهر تأخره فيتوسطه ظهر كونه غير متأخر ثم فيه اعتراض في اعتراض فإن ‏{‏وقضي الأمر‏}‏معترض بين وغيض واستوت لأن الاستواء يحصل عقب الغيض‏.‏

وقوله ‏{‏ولمن خاف مقام ربه جنتان‏}‏إلى قوله ‏{‏متكئين على فرش‏}‏فيه اعتراض بسبع جمل إذا أعرب حالًا منه‏.‏

ومن وقوع اعتراض بين القسم وجوابه بقوله ‏{‏وإنه لقسم‏}‏الآية بين القسم وصفته بقوله لو تعلمون تعظيمًا للمقسم به وتحقيقًا لإجلاله وإلامًا لهم بأن له عظمة لا يعلمونها‏.‏

قال الطيبي في التبيان‏:‏ ووجه حسن الاعتراض حسن الإفادة مع أن مجيئه مجيء ما لا يترقب فيكون كالحسنة تأتيك من حيث لا تحتسب‏.‏

النوع الحادي والعشرون‏:‏ التعليل وفائدته التقرير والأبلغية فإن النفوس أبعث على قبول الأحكام المعللة من غيرها وغالب التعليل في القرآن على تقدير جواب سؤال اقتضته الجملة الأولى وحروفه اللام وإن وأن وإذ والباء وكي ومن ولعل وقد مضت أمثلتها في نوع الأدوات ومما يقتضي التعليل لفظ الحكمة كقوله ‏{‏حكمة بالغة وذكر الغاية من الخلق نحوقوله ‏{‏جعل لكم الأرض فراشًا والسماء بناء‏}‏ ‏{‏ألم نجعل الأرض مهادًا والجبال أوتادًا‏}‏‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 15:43


النوع السابع والخمسون في الخبر والإنشاء



اعلم أن الحذاق من النحاة وغيرهم وأهل البيان قاطبة على انحصار الكلام فيهما وأنه ليس له قسم ثالث وادعى قوم من أقسام الكلام عشرة‏:‏ نداء ومسئلة وأمر وتشفع وتعجب وقسم وشرط ووضع وشك واستفهام‏.‏

وقيل تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسئلة‏.‏

وقيل سبعة بإسقاط الشك لأنه من قسم الخبر‏.‏

وقال الأخفش‏:‏ هي ستة‏:‏ خبر واستخبار وأمر ونهي ونداء وتمن‏.‏

وقال بعضهم خمسة‏:‏ خبر وأمر وتصريح وطلب ونداء‏.‏وقال قوم‏:‏ أربعة‏:‏ خبر واستخبار وطلب ونداء‏.‏

وقال كثيرون‏:‏ ثلاثة‏:‏ خبر وطلب وإنشاء‏.‏

قالوا لأن الكلام إما أن يحتمل التصديق والتكذيب أولًا‏.‏

الأول الخبر‏.‏

والثاني إن اقترن معناه بلفظه فهوالإنشاء وإن لم يقترن بل تأخر عنه فهوالطلب‏.‏

والمحققون على دخول اطلب في الإنشاء وأن معنى اضرب مثلًا وهوطلب الضرب مقترن بلفظه وأما الضرب الذي يوجد بعد ذلك فهومتعلق الطلب لا نفسه‏.‏

وقد اختلف الناس في حد الخبر فقيل‏:‏ لا يحد لعسره وقيل لأنه ضروري لأن الإنسان يفرق بين الإنشاء والخبر ضرورة ورجحه الإمام في المحصول والأكثر على حده فقال القاضي أبو بكر والمعتزلة‏:‏ الخبر الكلام الذي يدخله الصدق والكذب فأورد عليه خبر الله تعالى فإنه لا يكون إلا صادقًا فأجاب القاضي بأنه يصح دخوله لغة‏.‏

وقيل الذي يدخله التصديق والتكذيب وهوسالم من الإيراد المذكور‏.‏

وقال أبو الحسن البصري‏:‏ كلام يفيد بنفسه نسبة فأورد عليه قم فإنه يدخل في الحد لأن القيام منسوب والطلب منسوب‏.‏

وقيل الكلام ليفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور نفيًا أوإثباتًا‏.‏

وقيل القول ليقتضي بصريحه نسبة معلوم إلى معلوم بالنفي أوالإثبات‏.‏

وقال بعض المتأخرين‏:‏ الإنشاء ما يحصل مدلوله في الخارج بالكلام والخبر خلافه‏.‏

وقال بعض من جعل الأقسام ثلاثة‏:‏ الكلام إن أفاد بالوضع طلبًا فلا يخلوإما أن يكون بطلب ذكر الماهية أوتحصيلها أوالكف عنها والأول الاستفهام والثاني الأمر والثالث النهي وإن لم يفد طلبًا بالوضع فإن لم يحتمل الصدق والكذب سمي تنبيهًا وإنشاء لأنك نبهت به عن مقصودك وأنشأته‏:‏ أي ابتكرته نم غير ا يكون موجودًا في الخارج سواء أفاد طلبًا باللازم كالتمني والترجي والنداء والقسم أم لا كأنت طالق وإن احتملهما من حيث فهوخبر‏.‏

فصل القصد بالخبر إفادة المخاطب وقد يرد بمعنى الأمر نحو والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن وبمعنى النهي محو ‏{‏لا يمسه إلا المطهرون‏}‏وبمعنى الدعاء نحو ‏{‏وإياك نستعين‏}‏أي أعنا ومنه تبت يدا أبي لهب وتب فإنه دعاء عليه وكذا قاتلهم الله غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا وجعل منه قوم حصرت صدورهم قالوا هودعاء عليهم بضيق صدورهم عن قتال أحد‏.‏

ونازع ابن العربي في قولهم إن الخبر يرد بمعنى الأمر أوالنهي‏.‏

قال في قوله تعالى فلا رفث ليس نفيًا لوجود الرفث بل نفي لمشروعيته فإن الرفث يوجد من بعض الناس وأخبار الله تعالى لا يجوز أن تقع بخلاف مخبره وإنما يرجع النفي إلى وجوده مشروعًا إلى وجوده محسوسًا كقوله ‏{‏والمطلقات يتربصن ومعناه مشروعًا لا محسوسًا فإنا نجد مطلقات لا يتربصن فعاد النفي إلى الحكم الشرعي لا إلى الوجود الحسي وكذا لا يمسه إلا المطهرون أي لا يمسه أحد منهم شرعًا فإن وجد المس فعلى خلاف حكم الشرع‏.‏

قال‏:‏ وهذه الدفينة التي فاتت العلماء فقالوا‏:‏ إن الخبر يكون بمعنى النهي وما وجد ذلك قط ولا يصح أن يوجد فإنها مختلفان حقيقة ويتباينان وضعًا انتهى‏.‏

فرع من أقسامه على الأصح التعجب‏.‏

قال ابن فارس‏:‏ وهوتفضيل شيء على أضرابه‏.‏

وقال من الصائغ‏:‏ استعظام صفة خرج بها المتعجب منه عن نظائره‏.‏وقال الزمخشري‏:‏ معنى التعجب تعظيم الأمر في قلوب السامعين لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظائره وأشكاله‏.‏

وقال الرماني‏:‏ المطلوب في التعجب الإبهام لأن من شأن الناس أن يتعجبوا مما لا يعرف سببه فكل ما استبهم السبب كان التعجب أحسن‏.‏

قال‏:‏ وأصل التعجب إنما هوللمعنى الخفي سببه والصيغة الدالة عليه تسمى تعجبًا مجازًا‏.‏

قال‏:‏ ومن أجل الإبهام لم تعمل نعم إلا في الجنس من اجل التفخيم ليقع التفسير على نحوالتفخيم بالإضمار قبل الذكر ثم قد وضعوا للتعجب صيغًا من لفظه وهي ما أفعل وأفعل به وصيغًا من غير لفظه نحوكبر كقوله ‏{‏كبرت كلمة تخرج من أفواههم‏}‏ ‏{‏كبر مقتًا عند الله‏}‏ ‏{‏كيف تكفرون بالله‏}‏‏.‏

قاعدة قال المحققون‏:‏ إذا ورد التعجب من الله صرف إلى المخاطب كقوله ‏{‏فما أصبرهم على النار أي هؤلاء يجب أن يتعجب منهم وإنما لا يوصف تعالى بالتعجب لأنه استعظام يصحبه الجهل وهوتعالى منزه عن ذلك ولهذا تعبر جماعة بالتعجب بدله‏:‏ أي أنه تعجيب من الله للمخاطبين ونظير هذا مجيء الدعاء والترجي منه تعالى إنما هوبالنظر إلى ما تفهمه العرب‏:‏ أي هؤلاء يجب أن يقال لهم عندكم هذا ولذلك قال سيبويه في قوله ‏{‏لعله يتذكر أويخشى المعنى‏:‏ اذهبا على رجائكما وطمعكما وفي قوله ‏{‏ويل للمطففين‏}‏ ‏{‏ويل يومئذ للمكذبين‏}‏لا تقل هذا دعاء لأن الكلام بذلك قبيح ولكن العرب إنما تكلموا بكلامهم وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون فكأنه قيل لهم ويل للمطففين أي هؤلاء ممن وجب القول لهم لأن هذا الكلام إنما يقال لصاحب الشرور الهلكة فقيل هؤلاء ممن دخل في الهلكة‏.‏

فرع من أقسام الخبر الوعد والوعيد نحو ‏{‏سنريهم آياتنا في الآفاق‏}‏ ‏{‏وسيعلم الذين ظلموا‏}‏وفي كلام ابن قتيبة ما يوهم أنه إنشاء‏.‏

فرع من أقسام الخبر النفي بل هوشطر الكلام كله والفرق بينه وبين الجحد أن النافي إن كان صادقًا سمي كلامه نفيًا ولا يسمى جحدًا وإن كان كاذبًا سمي جحدًا ونفيًا أيضًا فكل جحد نفي وليس كل نفي جحدًا ذكره أبوجعفر النحاس وابن الشجري وغيرهما‏.‏

مثال النفي ‏{‏ما كان محمدًا أبا أحد من رجالكم‏}‏ ومثال الجحد نفي فرعون وقومه آيات موسى قال تعالى ‏{‏فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنها أنفسهم‏}‏ وأدوات النفي لا ولا ت وليس وما وإن ولم ولما وقد تقدمت معانيها وما افترقت فيه في نوع الأدوات ونورد هنا فائدة زائدة قال الحوبي‏:‏ أصل أدوات النفي لوما لأن النفي إما في الماضي وإما في المستقبل والاستقبال أكثر من الماضي أبدًا ولا أخف من ما فوضعوا الأخف للأكثر ثم إن النفي في الماضي إما أن يكون نفيًا واحدًا مستمرًا أونفيًا فيه أحكام متعددة وكذلك النفي في المستقبل فصار النفي على أربعة أقسام واختاروا له أربع كلمات ما ولم ولن ولا وأما إن ولما فليسا بأصلين فما ولا في الماضي والمستقبل متقابلان ولم كأنه مأخوذ من لا وما لأن لم نفي للاستقبال لفظًا والمضي معنى فأخذ اللام من لا التي هي لنفي المستقبل والميم من ما التي هي لنفي الماضي وجمع بينهما إشارة إلى أن في لم إشارة إلى المستقبل والماضي وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن لا هي أصل النفي ولهذا ينفى بها في أثناء الكلام فيقال‏:‏ لم يفعل زيد ولا عمرو‏.‏

وأما لما فتركيب بعد تركيب كأنه قال‏:‏ لم وما لتوكيد معنى النفي في الماضي وتفيد الاستقبال أيضًا ولهذا تفيد لما الاستمرار‏.‏

تنبيهات‏:‏ الأول زعم بعضهم أن شرط صحة النفي عن الشيء صحة اتصال المنفي عنه بذلك الشيء وهومردود بقوله تعالى ‏{‏وما ربك بغافل عما يعملون‏}‏ ‏{‏وما كان ربك نسيًا‏}‏ ‏{‏لا تأخذه سنة ولا نوم‏}‏ونظائره والصواب أن انتفاء الشيء عن الشيء قد يكون لكونه لا يمكن منه عقلًا وقد يكون لكونه لا يقع منه مع إمكانه

الثاني‏:‏ نفي الذات الموصوفة قد يكون نفيًا للصفة دون الذات وقد يكون نفيًا للذات أيضًا‏.‏

من الأول ‏{‏وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطعام‏}‏أي بل هم جسدًا يأكلونه‏.‏

ومن الثاني ‏{‏لا يسألون الناس إلحافًا‏}‏ أي لا سؤال لهم أصلًا فلا يحصل منهم إلحاف ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع أي لا شفيع لهم أصلًا ‏{‏فما تنفعهم شفاعة الشافعين‏}‏أي لا شافعين لهم تنفعهم شفاعتهم بدليل فما لنا من شافعين ويسمى هذا النوع عند أهل البديع نفي الشيء بإيجابه‏.‏

وعبارة ابن رشيق في تفسيره‏:‏ أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء وباطنه نفيه بأن ينفي ما هومن سببه كوصفه وهوالمنفي في الباطن‏.‏

وعبارة غيره‏:‏ أن ينفي الشيء مقيدًا والمراد نفيه مطلقًا مبالغة في النفي وتأكيدًا له ومنه ومن يدع مع الله إلهًا آخر لا برهان له به فإن إله مع الله لا يكون إلا عن غير برهان ويقتلون النبيين بغير حق فإن قتلهم لا يكون إلا بغير حق رفع السموات بغير عمد ترونها فإنها لا عمد لهن أصلًا‏.‏

الثالث‏:‏ قد يرد به نفي الشيء رأسًا لعدم رأسًا لعدم كمال وصفة وانتفاء ثمرته كقوله في صفة أهل النار ‏{‏لا يموت فيها ولا يحيا‏}‏ فنفي عنه الموت لأنه ليس بموت صريح ونفى عنه الحياة لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة ‏{‏وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون‏}‏فإن المعتزلة احتجوا بها على نفي الرؤية فإن النظر في قوله تعالى ‏{‏إلى ربها ناظرة‏}‏لا يستلزم الإبصار‏.‏ورد بأن المعنى أنها تنظر إليه بإقبالها عليه وليست تبصر شيئًا ‏{‏ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون‏}‏ فإنه وصفهم أولًا بالعلم على سبيل التوكيد القسمي ثم نفاه آخرًا عنهم لعدم جريهم على موجب العلم قاله السكاكي‏.‏

الرابع‏:‏ قالوا المجاز يصح نفيه بخلاف الحقيقة وأشكل على ذلك ‏{‏وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى‏}‏فإن المنفي فيه الحقيقة‏.‏

وأجيب بأن المراد بالرمي هنا المترتب عليه وهووصوله إلى الكفار فالوارد عليه النفي هنا مجاز لا حقيقة والتقدير‏:‏ وما رميت خلقًا إذ رميت كسبًا الخامس‏:‏ نفي الاستطاعة قد يراد به نفي القدرة والإمكان وقد يراد نفي الامتناع وقد يراد به الوقوع بمشقة وكلفة من الأول ‏{‏فلا يستطيعون توصية‏}‏ ‏{‏فلا يستطيعون ردها‏}‏ ‏{‏فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا‏}‏ومن الثاني هل يستطيع ربك على لا قراءتين‏:‏ أي هل يفعل أوهل تجيبنا إلى أن تسأل فقد علموا أنه قادر على الإنزال وا عيسى قادر على السؤال‏.‏

ومن الثالث ‏{‏إنك لن تستطيع معي صبرًا‏}‏قاعدة نفي العام يدل على نفي الخاص وثبوته لا يدل على ثبوته وثبوت الخاص يدل على ثبوت العام ونفيه لا يدل على نفيه ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به فلذلك كان نفي العام أحسن من نفي الخاص وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام فالأول كقوله ‏{‏فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم‏}‏لم يقل بضوئهم بعد قوله أضاءت لأن النور أعم من الضوء إذ يقال على القليل والكثير وإنما يقال الضوء على النور الكثير ولذلك قال ‏{‏هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورًا‏}‏ففي الضوء دلالة على النور فهوأخص منه فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس والقصد إزالة النور عنهم أصلًا ولذا قال عقبه ‏{‏وتركهم في ظلمات‏}‏ومنه ليس بي ضلالة ولم يقل ضلال كما قالوا إنا لنراك في ضلال لأنها أعم منه فكان أبلغ في نفي الضلال وعبر عن هذا بأن نفي الواحد يلزم منه نفي الجنس ألبتة وبأن نفي الأدنى يلزم منه نفي الأعلى‏.‏

والثاني كقوله ‏{‏وجنة عرضها السموات والأرض‏}‏ ولم يقل طولهن لأن العرض أخص إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس ونظير هذه القاعدة أن نفي المبالغة في الفعل لا يستلزم نفي أصل الفعل وقد أشكل على هذا آيتان‏:‏ قوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد وقوله ‏{‏وما كان ربك نسيًا‏}‏‏.‏

وأجيب عن الآية الأولى بأجوبة‏.‏

أحدها‏:‏ إن ظلامًا وإن كان للكثرة لكنه جيء به في مقابلة العبيد الذي هوجمع كثرة ويرشحه أنه تعالى قال علام الغيوب فقابل صيغة فعال الجمع وقال في آية أخرى عالم الغيب فقال‏:‏ بل صيغة فاعل الدالة على أصل الفعل بالواحد‏.‏

الثاني‏:‏ أنه نفى الظلم الكثير لينتفي القليل ضرورة لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم فإذا ترك الكثير مع زيادة نفعه فلأن يترك القليل أولى‏.‏

الثالث‏:‏ أنه على النسبة‏:‏ أي بذي ظلم حكاه ابن مالك عن المحققين‏.‏

الرابع‏:‏ أنه أتى بمعنى فاعل لا كثرة فيه‏.‏الخامس‏:‏ أن أقل القليل لوورد منه تعالى لكان كثيرًا كما يقال‏:‏ زلة العالم كبيرة‏.‏السادس‏:‏ أنه أراد ليس بظالم ليس بظالم ليس بظالم تأكيدًا للنفي فعبر عن ذلك بليس بظلام‏.‏

السابع‏:‏ أنه ورد جوابًا لمن قال ظلام والتكرار إذا ورد جوابًا لكلام خاص لم يكن له مفهوم‏.‏

الثامن‏:‏ أن صيغة المبالغة وغيرها من صفات الله سواء في الإثبات فجرى النفي على ذلك‏.‏التاسع‏:‏ أنه قصد التعريض بأن ثم ظلامًا للعبيد من ولاة الجور‏.‏

ويجاب عن الثانية بهذه فائدة قال صاحب الياقوتة‏:‏ قال ثعلب والبرد‏:‏ العرب إذا جاءت بين الكلامين بجحدين كان الكلام إخبارًا نحو ‏{‏وما جعلناهم جسدًا لا يأكلون الطعام‏}‏والمعنى‏:‏ إنما جعلناهم جسدًا يأكلون الطعام‏.‏

وإذا كان الجحد في أول لكلام كان جحدًا حقيقيًا نحو‏:‏ ما زيد بخارج‏.‏

وإذا كان في أول الكلام جحدان كان أحدهما زائدًا وعليه في ما أن مكناكم فيه في أحد الأقوال‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 15:45


النوع السابع والخمسون في الخبر والإنشاء ( تابع )

فصل‏:‏ من أقسام الإنشاء الاستفهام وهوطلب الفهم وهوبمعنى الاستخبار‏.‏

وقيل الاستخبار ما سبق أولًا ولم يفهم حق الفهم فإذا سألت عنه ثانيًا كان استفهامًا حكاه ابن فارس في فقه اللغة وأدواته الهمزة وهل وما ومن وأي وكم وكيف وأين وأني ومتى وأيان ومرت في الأدوات‏.‏

قال ابن مالك في المصباح‏:‏ وما عدا الهمزة نائب عنها ولكونه طلب ارتسام صورة ما في الخارج في الذهن لزم أن لا يكون حقيقة إلا إذا صدر من شاك مصدق بإمكان الإعلام فإن غير الشاكي إذا استفهم يلزم منه تحصيل الحاصل وإذا لم يصدق بإمكان الإعلام انتفت عنه فائدة الاستفهام‏.‏

قال بعض الأئمة‏:‏ وما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام فإنما يقع في خطاب الله على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أوالنفي حاصل‏.‏

وقد تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازًا وألف في ذلك العلامة شمس الدين بن الصائغ كتابًا سماه روض الأفهام في أقسام الاستفهام قال في‏:‏ قد توسعت العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعان أوأشربته تلك المعاني ولا يختص التجوز في ذلك بالهمزة خلافًا للصفار‏.‏

الأول‏:‏ الإنكار والمعنى فيه على النفي وما بعده منفي ولذلك تصحبه إلا كقوله ‏{‏فهل يهلك إلا القوم الفاسقون‏}‏‏.‏

‏{‏وهل يجازي إلا الكفور‏}‏وعطف عليه المنفي في قوله ‏{‏فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين أي لا يهدي ومنه ‏{‏أنؤمن لك واتبعك الأرذلون‏}‏ ‏{‏أنؤمن لبشرين مثلنا‏}‏أي لا نؤمن ‏{‏أم له البنات ولكم البنون‏}‏ ‏{‏ألكم الذكر وله الأنثى‏}‏أي لا يكون هذا اشهدوا خلقهم أي ما شهدوا ذلك وكثيرًا ما يصحبه التكذيب وهوفي الماضي بمعنى لم يكن وفي المستقبل بمعنى لا يكون نحو ‏{‏أفأصفاكم ربكم بالبنين‏}‏الآية‏:‏ أي لم يفعل ذلك ‏{‏أنلزمكموها وأنتم لها كارهون‏}‏أي لا يكون هذا الإلزام‏.‏

الثاني‏:‏ التوبيخ وجعله بعضهم من قبيل الإنكار إلا أن الأول إنكار إبطال وهذا إنكار توبيخ والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفي فالنفي هنا غير قصدي والإثبات قصدي عكس ما تقدم ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضًا نحو ‏{‏أفعصيت أمري‏}‏ ‏{‏أتعبدون ما تنحتون‏}‏أتدعون بعلًا وتذرون أحسن الخالقين وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت ووبخ على فعله كما ذكر ويقع على ترك فعل كان ينبغي أن يقع كقوله ‏{‏أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر‏}‏ ‏{‏ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها‏}‏‏.‏

الثالث‏:‏ التقرير وهوحمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده‏.‏

قال ابن جني‏:‏ ولا يستعمل ذلك بهل كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام‏.‏

وقال الكندي‏:‏ ذهب كثير من العلماء في قوله ‏{‏هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم‏}‏إلى أن هل تشارك الهمزة في معنى التقرير أوالتوبيخ إلا أني رأيت أبًا على أبي ذلك وهل معذور فإن ذلك من قبيل الإنكار‏.‏

ونقل أبوحيان عن سيبويه أن استفهام التقرير لا يكون بهل إنما يستعمل فيه الهمزة

ثم نقل عن بعضهم أن هل تأتي تقريرًا كما في قوله تعالى هل في ذلك قسم لذي حجر والكلام مع التقرير موجب ولذلك يعطف عليه صريح الموجب ويعطف على صريح الموجب‏.‏

فالأول كقوله تعالى ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك ألم يجدك يتيمًا فآوى ووجدك ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسك والثاني نحو ‏{‏أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علمًا‏}‏على ما قرره الجرجاني من جعلها مثل ‏{‏وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلوًا‏}‏وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار والإنكار نفي وقد دخل على النفي ونفي النفي إثبات ومن أمثلته أليس الله بكاف عبده‏.‏

ألست بربكم وجعل منه الزمخشري ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير الرابع‏:‏ التعجب أوالتعجيب نحو كيف تكفرون بالله مالي لا أرى الهدهد وقد اجتمع هذا القسم وسابقاه في قوله ‏{‏أتأمرون الناس بالبر‏}‏قال الزمخشري‏:‏ الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجب الخامس‏:‏ العتاب كقوله ‏{‏ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله‏}‏قال ابن مسعود‏:‏ ما كان ببن إسلامهم وبين أن عوتبوا بهذه الآية إلا أربع سنين أخرجه الحاكم‏.‏

ومن ألطفه ما عاتب الله به خير خلقه بقوله ‏{‏عفا الله عنك لم أذنت لهم‏}‏ولم يتأدب الزمخشري بأدب الله في هذه الآية على عادته في سوء الأدب‏.‏

السادس‏:‏ التذكير وفيه نوع اختصار كقوله ‏{‏ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان‏}‏ ‏{‏ألم أقل لكم أني أعلم غيب السموات والأرض‏}‏ ‏{‏هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه‏}‏السابع‏:‏ الافتخار نحو ‏{‏أليس لي ملك مصر‏}‏الثامن‏:‏ التفخيم نحو مال هذا الكتاب ما يغادر صغيرة ولا كبيرة‏.‏

التاسع‏:‏ التهويل والتخويف نحو ‏{‏الحاقة ما الحاقة‏}‏ ‏{‏القارعة ما القارعة‏}‏‏.‏

العاشر‏:‏ عكسه وهوالتسهيل والتخفيف نحو ‏{‏وماذا عليهم لو آمنوا‏}‏‏.‏

الحادي عشر‏:‏ التهديد والوعيد نحو ‏{‏ألم نهلك الأولين‏}‏‏.‏

الثاني عشر‏:‏ التكثير نحو ‏{‏وكم من قرية أهلكناها‏}‏‏.‏

الثالث عشر‏:‏ التسوية وهوالاستفهام الداخل على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو ‏{‏سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم‏}‏‏.‏

الرابع عشر‏:‏ الأمر نحو أأسلمنم أي أسلموا ‏{‏فهل أنتم منتهون‏}‏أي انتهوا أتصبرون أي اصبروا‏.‏

الخامس عشر‏:‏ التنبيه وهومن أقسام الأمر نحو ‏{‏ألم تر إلى ربك كيف مد الظل‏}‏أي انظر ‏{‏الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة‏}‏ذكره صاحب الكشاف عن سيبويه ولذلك رفع الفعل في جوابه وجعل منه قوله ‏{‏فأين تذهبون‏}‏للتنبيه على الضلال وكذا من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه‏.‏

السادس عشر‏:‏ الترغيب نحو ‏{‏من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنًا‏}‏ ‏{‏هل أدلكم على تجارة تنجيكم‏}‏السابع عشر‏:‏ النهي نحو ‏{‏أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه‏}‏بدليل فلا تخشوا الناس واخشوني ‏{‏ما غرك بربك الكريم‏}‏أي لا تغتر‏.‏

الثامن عشر‏:‏ الدعاء وهوكالنهي إلا أنه من الأدنى إلى الأعلى نحو ‏{‏أتهلكنا بما فعل السفهاء‏}‏أي لا تهلكنا‏.‏

التاسع عشر‏:‏ الاسترشاد نحو ‏{‏أتجعل فيها من يفسد فيها‏}‏‏.‏

العشرون‏:‏ التمني نحو ‏{‏فهل لنا من شفعاء‏}‏‏.‏

الحادي والعشرون‏:‏ الاستبطاء نحو ‏{‏متى نصر الله‏}‏ ‏.‏

الثاني والعشرون‏:‏ العرض ‏{‏ألا تحبون أن يغفر الله لكم‏}‏‏.‏

الثالث والعشرون‏:‏ التحضيض نحو ‏{‏ألا تقاتلون قومًا نكثوا إيمانهم‏}‏‏.‏ الرابع والعشرون‏:‏ التجاهل نحو ‏{‏أأنزل عليه الذكر من بيننا‏}‏‏.‏

الخامس والعشرون‏:‏ التعظيم نحو ‏{‏من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه‏}‏‏.‏

السادس والعشرون‏:‏ التحقير نحو أهذا الذي يذكر آلهتكم ‏{‏أهذا الذي بعث الله رسولًا‏}‏ويحتمله وما قبله قراءة من فرعون‏.‏

السابع والعشرون‏:‏ الاكتفاء نحو ‏{‏أليس في جهنم مثوى للمتكبرين‏}‏‏.‏

الثامن والعشرون‏:‏ الاستبعاد نحو ‏{‏أنى لهم الذكرى‏}‏‏.‏

التاسع والعشرون‏:‏ الإيناس نحو ‏{‏وما تلك بيمينك يا موسى‏}‏‏.‏

الثلاثون‏:‏ التهكم والاستهزاء نحو ‏{‏أصلواتك تأمرك‏}‏ألا تأكلون ‏{‏مالكم لا تنطقون‏}‏‏.‏

الحادي والثلاثون‏:‏ التأكيد لما سبق من معنى أداة الاستفهام قبله كقوله ‏{‏أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار قال الموفق عبد اللطيف البغدادي‏:‏ أي من حق عليه كلمة العذاب فإنك لا تنقذه فمن لشرط والفاء جواب الشرط والهمزة في أفأنت دخلت معادة لطول الكلام وهذا نوع من أنواعها‏.‏

وقال الزمخشري‏:‏ الهمزة الثانية هي الأولى كررت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد‏.‏

الثاني والثلاثون‏:‏ الإخبار نحو ‏{‏أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا‏}‏ ‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏‏.‏

تنبيهان‏.‏

الأول هل يقال أن معنى الاستفهام في هذه الأشياء موجودة وانضم إليه معنى آخر أوتجرد عن الاستفهام بالكلية قال في عروس الأفراح‏:‏ محل النظر‏.‏

قال‏:‏ والذي يظهر الأول‏.‏

قال‏:‏ ويساعده قول التنوخي في الأقصى القريب أن لعل تكون للاستفهام مع بقاء الترجي قال‏:‏ ومما يرجحه أن الاستبطاء في قوله كم أدعوك معناه‏:‏ أن الدعاء وصل إلى حد لا أعلم عدده فأنا أطلب أن أعلم عدده والعادة تقضي بأن الشخص إنما يستفهم عن عدد ما صدر منه إذا كثر فلم يعمله وفي طلب فهم عدده ما يشعر بالاستبطاء‏.‏

وأما التعجب فلاستفهام معه مستمر فمن تعجب من شيء فهوبلسان الحال سائل عن سببه فكأنه يقول‏:‏ أي شيء عرض لي في حال عدم رؤية الهدهد وقد صرح في الكشاف ببقاء الاستفهام في هذه الآية‏.‏

وأما التنبيه عن الضلال فالاستفهام فيه حقيقي لأن معنى أين تذهب‏:‏ أخبرني إلى أي مكان تذهب فإني لا أعرف ذلك وغاية الضلال لا يشعر إلى أين تنتهي‏.‏

وأما التقرير فإن قلنا المراد به الحكم بثبوته فهوخبر بأن المذكور عقيب الأداة واقع أوطلب إقرار المخاطب به مع كون السائل يعلم فهواستفهام يقرر المخاطب‏:‏ أي يطلب منه أن يكون مقرًا به‏.‏

وفي كلام أهل الفن ما يقتضي الاحتمالين والثاني اظهر‏.‏

وفي الإيضاح تصريح به ولا بدع في صدور الاستفهام ممن يعلم المستفهم عنه لأنه طلب الفهم وأما طلب فهم المستفهم أووقوع فهم لمن لم يفهم كائنًا من كان وبهذا تنحل إشكالات كثيرة في مواقع الاستفهام ويظهر بالتأمل بقاء معنى الاستفهام مع كل أمر من الأمور المذكورة انتهى ملخصًا‏.‏

الثاني القاعدة أن المنكر يجب أن يلي الهمزة وأشكل عليها قوله تعالى أفأصفاكم ربكم بالبنين فإن الذي يليها هنا الإصفاء بالبنين وليس هو المنكر إنما المنكر قولهم إن اتخذ من الملائكة إناثًا ‏.‏

وأجيب بأن لفظ الإصغاء مشعر بزعم أن البنات لغيرهم أوبأن المراد مجموع الجملتين وينحل منهما كلام واحد‏.‏

والتقدير‏:‏ أجمع بين الإصفاء بالبنين واتخاذ البنات وأشكل منه قوله ‏{‏أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم‏}‏ووجه الإشكال أنه لا جائز أن يكون المنكر أمر الناس بالبر فقط كما تقتضيه القاعدة المذكورة لأن أمر البر ليس مما ينكر ولا نسيان النفس فقط لأنه يصير ذكر أمر الناس بالبر لا مدخل له ولا مجموع الأمرين لأنه يلزم أن تكون العبادة جزء المنكر ولا نسيان النفس بشرط الأمر لأن النسيان منكر مطلقًا ولا يكون نسيان النفس حال الأمر أشد منه حال عدم الأمر لأن المعصية لا تزداد بشاعتها بانضمامها إلى الطاعة لأن جمهور العلماء على أن الأمر بالبر واجب وإن كان الإنسان ناسيًا لنفسه وأمره لغيره بالبر كيف يضاعف بمعصية نسيان ولا يأتي الخير بالشر قال في عروس الأفراح‏:‏ ويجاب بأن فعل المعصية مع النهي عنها أفحش لأنها تجعل حال الإنسان كالمتناقض ويجعل القول كالمخالف للفعل ولذلك كانت المعصية مع العلم أفحش منها مع الجهل‏.‏

قال‏:‏ ولكن الجواب على أن الطاعة الصرفة كيف تضاعف المعصية المقارنة لها من جنسها فيه دقة‏.‏

فصل‏:‏ من أقسام الإنشاء الأمر وهوطلب فعل غير كف وصيغته أفعل ولتفعل وهي حقيقة في الإيجاب نحو أقيموا الصلاة فليصلوا معك وترد مجازًا لمعان أخر‏:‏ منها الندب نحو وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا والإباحة نحو فكاتبوهم نص الشافعي على أن الأمر فيه للإباحة‏.‏ومنه وإذا حللتم فاصطادوا والدعاء من السافل للعالي نحو ربي اغفر لي والتهديد نحو اعملوا ما شئتم إذ ليس المراد الأمر بكل عمل شاءوا‏.‏

والإهانة نحو ذق أنك أنت العزيز الكريم والتسخير‏:‏ أي التذليل نحو كونوا قردة عير به عن نقلهم من حالة إلى حالة إذلالًا لهم فهوأخص من الإهانة‏.‏

والتعجيز نحو فأتوا بسورة من مثله إذ ليس المراد طلب ذلك منهم بل إظهار عجزهم‏.‏

والامتنان نحو كلوا من ثمره إذا أثمر والعجب نحو ‏{‏انظر كيف ضربوا لك الأمثال‏}‏والتسوية نحو ‏{‏فاصبروا أولا تصبروا‏}‏ والإرشاد نحو ‏{‏واشهدوا إذا تبايعتم‏}‏والاحتقار نحو ‏{‏ألقوا ما أنتم ملقون‏}‏والإنذار نحو قل تمتعوا والإكرام نحو ‏{‏ادخلوها بسلام‏}‏والتكوين وهو أعم من التسخير نحو كن فيكون والإنعام‏:‏ أي تذكير النعمة نحو ‏{‏كلوا مما رزقكم الله‏}‏والتكذيب نحو ‏{‏قل فائتوا بالتوراة فاتلوها‏}‏ ‏{‏قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا‏}‏والمشورة نحو فانظر ماذا ترى والاعتبار نحو ‏{‏انظروا إلى ثمره‏}‏والتعجب نحو ‏{‏أسمع بهم وأبصر‏}‏ذكره السكاكي في استعمال الإنشاء بمعنى الخبر‏.‏

فصل‏:‏ ومن أقسامه النهي وهوطلب الكف على فعل وصيغته لا تفعل وهي حقيقة في التحريم وترد مجاز لمعان منها الكراهة نحو ‏{‏ولا تمش في الأرض مرحًا‏}‏والدعاء نحو ‏{‏ربنا لا تزغ قلوبنا‏}‏والإرشاد نحو ‏{‏لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم‏}‏والتسوية نحو ‏{‏أو لا تصبروا‏}‏والاحتقار والتقليل نحو ‏{‏لا تمدن عينيك‏}‏الآية‏:‏ أي فهوقليل حقير‏.‏

وبيان العاقبة نحو ‏{‏ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء‏}‏أي عاقبة الجهاد الحياة لا الموت‏.‏

واليأس نحو لا تعتذروا والإهانة نحو ‏{‏اخسئوا فيها ولا تكلمون‏}‏‏.‏

فصل‏:‏ ومن أقسامه التمني وهوطلب حصول شيء على سبيل المحبة ولا يشترط إمكان المتمني بخلاف المترجي لكن نوزع في تسمية تمني الحال طلبًا بأن ما لا يتوقع كيف يطلب‏.‏

قال في عروس الأفراح‏:‏ فالأحسن ما ذكره الإمام وأتباعه من أن التمني والترجي والنداء والقسم ليس فيه طلب بل تنبيه ولأبدع في تسميته إنشاء أه‏.‏

وقد بالغ قوم فجعلوا التمني من قسم الخبر وأن معناه النفي والزمخشري ممن جزم بخلافه‏.‏

ثم استشكل دخول التكذيب في جوابه في قوله ‏{‏يا ليتنا نرد ولا نكذب‏}‏إلى قوله ‏{‏وإنهم لكاذبون‏}‏وأجاب بتضمنه معنى العدة فتعلق به التكذيب‏.‏

وقال غيره‏:‏ التمني لا يصح فيه الكذب وإنما الكذب في المتمني الذي يترجح عند صاحبه وقوعه فهوإذن وارد على ذلك الاعتقاد الذي هوظن وهوخبر صحيح قال‏:‏ وليس المعنى في قوله ‏{‏وإنهم لكاذبون‏}‏أن ما تمنوا ليس بواقع لأنه ورد في معرض الذم لهم وليس في ذلك المتني ذم بل التكذيب ورد على أخبارهم عن أنفسهم أنهم لا يكذبون وأنهم يؤمنون‏.‏

وحرف التمني الموضوع له ليت نحو ‏{‏يا ليتنا نرد‏}‏ ‏{‏يا ليت قومي يعلمون‏}‏ ‏{‏يا ليتني كنت معهم فأفوز‏}‏وقد يتمنى بهل حيث يعلم فقده نحو ‏{‏فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا‏}‏وبلونحو ‏{‏فلو أن لنا كرة فنكون‏}‏ولذا نصب الفعل في جوابها‏.‏

وقد يتمنى بلعل في البعيد فتعطي حكم ليت في نصب الجواب نحو ‏{‏لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع‏}‏‏.‏

فصل‏:‏ ومن أقسامه الترجي نقل القرافي في الفروق الإجماع على أنه إنشاء وفرق بينه وبين التمني بأنه في الممكن والتمني فيه وفي المستحيل وبأن الترجي في القريب والتمني في البعيد وبأن الترجي في المتوقع والتمني في غيره وبأن التمني في المشقوق للنفس والترجي ي غيره‏.‏

وسمعت شيخنا العالمة الكافيجي يقول‏:‏ الفرق بين التمني وبين العرض هو الفرق بينه وبين الترجي وحرف الترجي لعل وعسى وقد ترد مجازًا لتوقع محذور ويسمى الإشفاق نحو ‏{‏لعل الساعة قريب‏}‏‏.‏

فصل‏:‏ ومن أقسامه النداء وهوطلب إقبال المدعوعلى الداعي بحرف نائب مناب أدعو ويصحب في الأكثر الأمر والنهي والغالب تقدمه نحو يا أيها الناس اعبدوا ربكم ‏{‏يا عباد فاتقون‏}‏ ‏{‏يا أيها المزمل قم الليل‏}‏ ‏{‏يا قوم استغفروا ربكم‏}‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا‏}‏وقد يتأخر نحو ‏{‏وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون‏}‏وقد يصحب الجملة الخبرية فتعقبها جملة الأمر نحو ‏{‏يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له‏}‏ ‏{‏يا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها‏}‏وقد لا يعقبها نحو ‏{‏يا عباد لا خوف عليكم اليوم‏}‏ ‏{‏يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله‏}‏ ‏{‏يا أبت هذا تأويل رؤياي‏}‏وقد تصحبه الاستفهامية نحو ‏{‏يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر‏}‏ ‏{‏يا أيها النبي لم تحرم‏}‏ ‏{‏ويا قوم ما لي أدعوكم‏}‏وقد ترد صورة النداء لغيره مجازًا كالإغراء والتحذير وقد اجتمعا في قوله تعالى ‏{‏ناقة الله وسقياها‏}‏والاختصاص كقوله ‏{‏رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت‏}‏والتنبيه كقوله ألا قاعدة أصل النداء بيا أن تكون للبعيد حقيقة أوحكمًا وقد ينادي بها القريب لنكت‏.‏

منها إظهار الحرص في وقوعه على إقبال المدعونحو ‏{‏يا موسى أقبل‏}‏ومنها‏:‏ كون الخطاب المتلومعتني بخ نحو ‏{‏يا أيها الناس اتقوا ربكم‏}‏ومنها‏:‏ قصد تعظيم شأن المدعونحو يا رب وقد قال تعالى ‏{‏فإني قريب‏}‏ومنها‏:‏ قصد انحطاطه كقول فرعون وإني أظنك يا موسى مسحورًا‏.‏

فائدة قال الزمخشري وغيره‏:‏ كثر في القرآن النداء بيا أيها دون غيره لأن فيه أوجهًا من التأكيد وأسبابًا من المبالغة نمها ما في يا من التأكيد والتنبيه وما في ها من التنبيه وما في التدرج من الإبهام في أي إلى التوضيح والمقام يناسب المبالغة والتأكيد لأن كل ما نادى له عباده من أوامره ونواهيه وعظاته وزواجره ووعده ووعيده ومن اقتصاص أخبار الأمم الماضية وغير ذلك مما أنطق الله به كتابة أمور عظام وخطوب جسام ومعان واجب عليهم أن يتيقظوا لها ويميلوا بقلوبهم وبصائرهم إليها وهم غافلون فاقتضى الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ‏.‏فصل‏:‏ ومن أقسامه القسم نقل القرافي الإجماع على أنه إنشاء وفائدته تأكيد الجملة الخبرية وتحقيقها عند السامع وسيأتي بسط الكلام فيه في النوع السابع والستين‏.‏

فصل ومن أقسامه الشرط‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 15:46


النوع الثامن والخمسون في بدائع القرآن



أفرده بالتصنيف ابن أبي الأصبع فأورد فيه نحومائة نوع وهي المجاز والاستعارة والكناية والإرداف والتمثيل والتشبيه والإيجاز والاتساع والإشارة والمساواة والبسط والإيغال والتشريع والتتميم والأتضاح ونقي الشيء بإيجابه والتكميل والاحتراس والاستقصاء والتذييل والزيادة والترديد والتكرار والتفسير والمذهب الكلامي والقول بالموجب والمناقضة والانتقال والإسجال والتسليم والتمكين والتوشيح والتسهيم ورد العجز على الصدر وتشابه الأطراف ولزوم ما لا يلزم والتخيير والإبهام وهوالتورية والاستخدام والالتفات والاستطراد والاطراد والانسجام والإدماج والافتنان والاقتدار وائتلاف اللفظ مع اللفظ وائتلاف اللفظ مع المعنى والاستدراك والاستثناء والاقتصاص والإبدال وتأكيد المدح بما يشبه الذم والتجويف والتغاير والتقسيم والتدبيج والتنكيت والتجريد والتعديد والترتيب والترقي والتدلي والتضمين والجناس والجمع والتفريق والجمع والتقسيم والجمع مع التفريق والتقسيم وجمع المؤتلف والمختلف وحسن النسق وعتاب المرء نفسه والعكس والعنوان والفرائد والقسم واللف والنشر والمشاكلة والمزاوجة والمواربة والمراجعة والنزاهة والإبداع والمقارنة وحسن الابتداء وحسن الختام وحسن التخلص والاستطراد‏.‏

فأما المجاز وما بعده إلى الإيضاح فقد تقدم بعضها مفردة وبعضها في نوع الإيجاز والإطناب مع أنواع أخر كالتعريض والاحتباك والاكتفاء والطرد والعكس وأما نفي الشيء بإيجابه فقد تقدم في النوع الذي قبل هذا‏.‏

وأما المذهب الكلامي والخمسة بعده فستأتي في نوع الجدل مع أنواع أخر مزيده‏.‏

وأما التمكين والثمانية بعده فستأتي في أنواع الفواصل‏.‏

وأما حسن التخلص والاستطراد فسيأتيان في نوع المناسبات‏.‏

وأما حسن الابتداء وبراعة الختام فسيأتيان في نوعي الفواتح والخواتم وها أنا أورد الباقي مع زوائده ونفائس لا توجد مجموعة في غير هذا الكتاب‏.‏

الإيهام ويدعى التورية‏:‏ أن يذكر لفظ له معنيان إما بالاشتراك أوالتواطؤ أوالحقيقة والمجاز أحدها قريب والآخر بعيد ويقصد بالبعيد ويوري عنه بالقريب فيتوهمه السامع من أول وهلة‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ لا ترى بابًا في البيان أدق ولا ألطف من التورية ولا أنفع ولا أعون على تعاطي تأويل المتشابهات في كلام الله ورسوله‏.‏

قال‏:‏ ومن أمثلتها الرحمن على العرش استوى فإن الاستواء على معنيين‏:‏ الاستقرار في المكان وهوالمعنى القريب المورى به الذي هوغير مقصود لتنزيهه تعالى عنه‏.‏والثاني الاستيلاء والملك وهوالمعنى البعيد المقصود الذي ورى به عنه بالقريب المذكور انتهى‏.‏

وهذه التورية تسمى مجردة لأنها لم يذكر فيها شيء من لوازم المورى به ولا المورى عنه‏.‏

ومنها‏:‏ ما يسمى مرشحة وهي التي ذكر فيها شيء من لوازم هذا أوهذا كقوله تعالى والسماء بميناها بأيد فإنه يحتمل الجارحة وهوالمورى به وقد ذكر من لوازمه على جهة الترشيح البنيان ويحتمل القوة والقدرة وهوالبعيد المقصود‏.‏

قال ابن أبي الأصبع في كتابه الإعجاز‏:‏ ومنها قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم فالضلال يحتمل الحب وضد الهدى فاستعمل أولاد يعقوب ضد الهدى تورية عن الحب فاليوم ننجيك ببدنك على تفسيره بالدرع فإن البدن يطلق عليه وعلى الجسد والمراد البعيد وهوالجسد‏.‏

قال‏:‏ ومن ذلك قوله عد ذكر أل الكتاب من اليهود والنصارى حيث قال ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم ولما كان الخطاب لموسى من الجانب الغربي وتوجهت إليه اليهود وتوجهت النصارى إلى المشرق كانت قبلة الإسلام وسطًا بين القبلتين قال تعالى وكذلك جعلناهم أمة وسطًا أي خيارًا وظاهر اللفظ يوهم التوسط مع ما يعضده من توسط قبلة المسلمين صدق على لفظه وسط ها هنا أ يسمى تعالى به لاحتمالها المعنيين ولما كان المراد أبعدهما وهوالخيار صلحت أن تكون من أمثلة التورية‏.‏

قلت‏:‏ وهي مرشحة تلازم المورى عنه وهوقوله ‏{‏لتكونوا شهداء على الناس فإنه من لوازم كونهم خيارًا‏:‏ أي عدولًا والإتيان قبلهم من قسم المجردة ومن ذلك قوله ‏{‏والنجم والشجر يسجدان فإن النجم يطلق على الكوكب ويرشحه له ذكر الشمس والقمر وعلى ما لا ساق له من النبات وهوالمعنى البعيد له وهوالمقصود في الآية‏.‏ونقلت من خط شيخ الإسلام بن حجر أن من التورية في القرآن قوله تعالى وما أرسلناك إلا كافة للناس فإن كافة بمعنى مانع‏.‏

أي تكفهم عن الكفر والمعصية والهاء للمبالغة وهومعنى بعيد والمعنى القريب المتبادر أن المراد جامعة بمعنى جميعًا لكن منع من حمله على ذلك أن التأكيد يتراخى عن المؤكد فكما لا تقول رأيت جميعًا الناس لا تقول رأيت كافة الناس‏.‏

الاستخدام هووالتورية أشرف أنواع البديع وهما سيان بل فضله بعضهم عليها ولهم فيه عبارتان‏:‏ إحداهما أن يؤتى بلفظ له معنيان فأكثر مرادًا به أحد معانيه ثم يؤتى بضميره مرادًا به المعنى الآخر وهذه طريقة السكاكي وأتباعه والأخرى أن يؤتى بلفظ مشترك ثم بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين ومن الآخر الآخر وهذه طريقة بدر الدين بن جماعة ف المصباح ومشى عليها ابن أبي الأصبع ومثله بقوله تعالى ‏{‏لكل أجل كتاب‏}‏الآية فلفظ كتاب يحتمل الأمد المحتوم والكتاب المكتوب فلفظ أجل يخدم المعنى الأول ويمحويخدم الثاني ومثل غيره بقوله تعالى ‏{‏لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى‏}‏الآية فالصلاة يحتمل أن يراد بها فعلها وموضعها وقوله ‏{‏حتى تعلموا ما تقولون يخدم الأول وإلا عابري سبيل يخدم الثاني‏.‏

قيل ولم يقع في القرآن على طريقة السكاكي‏.‏

قلت‏:‏ وقد استخرجت بفكري آيات على طريقته منها قوله تعالى أتى أمر الله فأمر الله يراد به قيام الساعة والعذاب وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أريد بلفظه الأخير كما أخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى أتي أمر الله قال محمد‏:‏ وأعيد الضمير عليه في تستعجلوه مرادًا به قيام الساعة ولعذاب ومنها وهي أظهرها قوله تعالى ولقد خلقن الإنسان من سلالة من طين فإن المراد بع آدم ثم أعاد عليه الضمير مرادًا به ولده ثم قال ثم جعلناه في قرار مكين ومنها قوله تعالى ‏{‏لا تسألوا عن أشياء إن تبدوا لكم تسؤكم‏}‏ثم قال ‏{‏قد سألها قوم من قبلكم‏}‏أي أشياء أخر لأن الأولين لم يسألوا عن الأشياء التي سأل عنها الصحابة فنهوا عن سؤالها‏.‏

الالتفات‏:‏ نقل الكلام من أسلوب إلى آخر‏:‏ أعني من المتكلم أوالخطاب أوالغيبة إلى آخر منها بعد التعبير بالأول وهذا هو المشهور‏.‏وقال السكاكي‏:‏ إما ذلك أوالتعبير بأحدهما فيما حقه التعبير بغيره‏.‏

وله فوائد‏:‏ منها تطرية الكلام وصيانة السمع عن الضجر والملال لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات والسلامة من الاستمرار على منوال واحد هذه هي فائدته العامة ويختص كل موضع بنكت ولطائف باختلاف محله كما سنبنيه مثاله من التكلم إلى الخطاب ووجهه حث السامع وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه وأعطاه فضل عناية تختص بالمواجهة قوله تعالى وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون الأصل وإليه أرجع فالتفت من التكلم إلى الخطاب ونكتته أنه أخرج الكلام في معرض مناصحته لنفسه وهويريد نصح قومه تلطفًا وإعلامًا أنه ييد لهم ما يريد لنفسه ثم التفت إليهم لكونه في مقام تخويفهم ودعوتهم إلى الله تعالى كذا جعلوا هذه الآية من الالتفات وفيه نظر لأنه إنما يكون منه إذا قصد الإخبار عن نفسه في كلا الجملتين وهنا ليس كذلك لجواز أن يريد بقوله ‏{‏ترجعون المخاطبين لا نفسه‏.‏

وأجيب بأنه لوكان المراد ذلك لما صح الاستفهام الإنكاري لأن رجوع العبد إلى مولاه ليس بمستلزم أن يعيده غير ذلك الراجع فالمعنى‏:‏ كيف لا أعبد من إليه رجوعي وإنما عدل عن وإليه أرجع إلى وإليه ترجعون لأنه داخل فيهم ومع ذلك أفاد فائدة حسنة وهي تنبيههم على أنه مثلهم في وجوب عبادة من إليه الرجوع‏.‏

من أمثلته أيضًا قوله تعالى ‏{‏وأمرنا لنسلم لرب العالمين وأن أقيموا الصلاة‏}‏ومثاله من التكلم إلى الغيبة ووجهه أن يفهم السامع أن هذا غلط المتكلم وقصده من السامع حضر أوغاب وأنه ليس في كلامه ممن يتلون ويتوجه ويبدي في الغيبة خلاف ما نبديه في الحضور قوله تعالى إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا ليغفر لك الله والأصل‏:‏ لنغفر لك ‏{‏إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك‏}‏ والأصل لنا أمرًا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك والأصل منا ‏{‏إني رسول الله إليكم جميعًا‏}‏إلى قوله ‏{‏فآمنوا بالله ورسوله‏}‏والأصل وبي وعدل عنه لنكتتين‏:‏ إحداهما دفع التهمة عن نفسه بالعصبية لها والأخرى تنبيههم على استحقاقه الأتباع بما تصف به من الصفات المذكورة والخصائص المتلوة‏.‏

ومثاله من الخطاب إلى التكلم لم يقع في القرآن ومثل له بعضهم بقوله ‏{‏فاقض ما أنت قاض‏}‏ثم قال ‏{‏إنا آمنا بربنا‏}‏ وهذا المثال لا يصح لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدًا‏.‏

ومثاله من الخطاب إلى الغيبة ‏{‏حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم‏}‏والأصل بكم ونكتة العدول عن خطابهم إلى حكاية حالهم لغيرهم التعجب من كفرهم وفعلهم إذ لواستمر على خطابهم لفاتت تلك الفائدة وقيل لأن الخطاب أولًا كان مع الناس مؤمنهم وكافرهم بدليل و‏{‏هو الذي يسيركم في البر والبحر‏}‏فلوكان وجرين بكم للزم الذم للجميع فلا تفتت عن الأول للإشارة إلى اختصاصه بهؤلاء الذين شأنهم ما ذكره عنهم في آخر الآية عدولًا من الخطاب العام إلى الخاص‏.‏قلت‏:‏ ورأيت عن بعض السلف في توجيهه عكس ذلك وهوأن الخطاب أوله خاص وآخره عام فأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم أنه قال في قوله ‏{‏حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم‏}‏قال‏:‏ ذكر الحديث عنهم ثم حدث عن غيرهم ولم يقل وجرين بكم لأنه قصد أن يجمعهم وغيرهم وجرين بهؤلاء وغيرهم من الخلق هذه عبارته فلله در السلف ما كان أوقفهم على المعاني اللطيفة التي يدأب المتأخرون فيها زمانًا طويلًا ويفنون فيها أعمارهم ثم غايتهم أن يحوموا حول الحمى‏.‏

ومما ذكر في توجيهه أيضًا أنهم وقت الركوب حضروا إلا أنهم خافوا الهلاك وغلية الرياح فخاطبهم خطاب الحاضرين ثم لما جرت الرياح بما تشتهي السفن وأمنوا الهلاك لم يبق حضورهم كما كان على عادة الإنسان أنه إذا أمن غاب قبله عن ربه فلما غابوا ذكرهم الله بصيغة الغيبة وهذه إشارة صوفية‏.‏

ومن أمثلته أيضًا وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليهم والأصل عليكم‏.‏

ثم قال وأنتم فيها خالدون فكرر الالتفات‏.‏

ومثاله من الغيبة إلى التكلم الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا فسقناه وأوحى في كل سماء أمرها وزينًا ‏{‏سبحان الذي أسرى بعبده‏}‏إلى قوله ‏{‏باركنا حوله لنريه من آياتنا‏}‏ثم التفت ثانيًا إلى الغيبة فقال ‏{‏إنه هو السميع البصير‏}‏وعلى قراءة الحسن ليريه بالغيية يكون التفاتًا ثانيًا من باركنا وفي آياتنا التفات ثالث وفي أنه التفات رابع‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ وفائدته في هذه الآيات وأمثالها التنبيه على التخصيص بالقدرة وأنه لا يدخل تحت قدرة أحد‏.‏

ومثاله من الغيبة إلى الخطاب ‏{‏وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا‏}‏ ‏{‏لقد جئتم شيئًا إدًا‏}‏ ‏{‏ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم‏}‏ ‏{‏وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا‏}‏ ‏{‏إن هذا كان لكم جزاء‏}‏أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك ومن محاسنه ما وقع في سورة الفاتحة فإن العيد إذا ذكر الله وحده ثم ذكر صفاته ألقى كل صفة منها تبعث على شدة الإقبال وآخرها مالك يوم الدين المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء يجد من نفسه حاملًا لا يقدر على دفعه على خطاب من هذه صفاته بتخصيصه بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات‏.‏

وقيل إنما اختير لفظ الغيبة للحمد وللعبادة‏.‏

الخطاب للإشارة إلى الحمد دون العبارة في الرتبة لأنك تحمد نظيره ولا تعبده فاستعمل لفظ الحمد مع الغيبة ولفظ العبادة مع الخطاب لينسب إلى العظيم حال المخاطبة والمواجهة ما هوأعلى رتبة وذلك على طريقة التأدب وعلى نحومن ذلك جاء آخر السورة فقال الذين أنعمت عليهم مصرحًا بذكر المنعم وإسناد الإنعام إليه لفظًا ولم يقل صراط المنعم عليهم فلما صار إلى ذكر الغضب ذوى عنه لفظه فلم ينسبه إليه لفظًا وجاء باللفظ منحرفًا عن ذكر الغاضب فلم يقل غير الذين غضبت عليه تفاديًا عن نسبة الغضب إليه في اللفظ حال المواجهة‏.‏

وقيل لأنه لما ذكر الحقيق بالحمد وأجرى عليه الصفات العظيمة من كونه ربًا للعالمين ورحمانا ورحيم ومالكًا ليوم الدين تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بأن يكون معبودًا دون غيره مستعانًا به فخوطب بذلك لتمييزه بالصفات المذكورة تعظيمًا لشأنه حتى كأنه قيل‏:‏ إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة لا غيرك‏.‏

قيل ومن لطائفة التنبيه عن أن مبتدأ الخلق للغيبة منهم عنه سبحانه وتعالى وقصورهم عن محاضرته ومخاطبته وقام حجاب العظمة عليهم فإذا عرفوه بما هولهم وتوسلوا للقرب بالثناء عليه وأقروا بالمحامد له تعبدوا له بما يليق بهم وتأهلوا لمخاطبته ومناجاته فقالوا تنبيهات الأول شرط الالتفاف أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدًا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه ولا يلزم عليه أن يكون في أنت صديقي التفات‏.‏

الثاني‏:‏ شرطه أيضًا أن يكون في جملتين صرح به صاحب الكشاف وغيره وإلا يلزم عليه أن يكون نوعًا غريبًا‏.‏

الثالث‏:‏ ذكر التنوخي في الأقصى القريب وابتن الأثير وغيرهما نوعًا غريبًا من الالتفات وهوبناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أوتكلمه كقوله ‏{‏غير المغضوب عليهم‏}‏بعد أنعمت فإن المعنى غير الذين غضبت عليهم وتوفق فيه صاحب عروس الأفراح‏.‏

الرابع‏:‏ قال ابن أبي الأصبع‏:‏ جاء في القرآن من الالتفات قسم غريب جدًا لم أظفر في الشعر بمثاله وهوأن يقدم المتكلم في كلامه مذكورين مرتبين ثم يخبر عن الأول منهما وينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثاني ثم يعود إلى الإخبار عن الأول كقوله ‏{‏إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد‏}‏ انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى ثم قال منصرفًا عن الإخبار عن ربه تعالى إلى الإخبار عن الإنسان وإنه لحب الخير لشديد قال‏:‏ وهذا يحسن أن يسمى التفات الضمائر‏.‏الخامس‏:‏ يقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أوالاثنين أوالجمع لخطاب الآخر ذكره التنوخي وابن الأثير وهوستة أقسام أيضًا‏.‏

مثاله من الواحد إلى الاثنين ‏{‏قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض‏}‏ وإلى الجمع يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ومن الاثنين إلى الواحد ‏{‏فمن ربكما يا موسى‏}‏ ‏{‏فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى‏}‏وإلى الجمع ‏{‏وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتًا واجعلوا بيوتكم قبلة‏}‏ومن الجمع إلى الواحد وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين وإلى الاثنين يا معشر الجن والإنس إن استطعتم إلى قوله ‏{‏فبأي آلاء ربكما تكذبان‏}‏السادس‏:‏ ويقرب منه أيضًا الانتقال من الماضي أوالمضارع أوالأمر إلى آخر مثاله من الماضي إلى المضارع ‏{‏أرسل الرياح فتثير‏}‏ ‏{‏خر من السماء فتخطفه الطير‏}‏ ‏{‏إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله‏}‏وإلى الأمر ‏{‏قل أمر ربي بالقسط‏}‏ ‏{‏وأقيموا وجوهكم‏}‏ ‏{‏وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا‏}‏ومن المضارع إلى الماضي ‏{‏ويوم ينفخ في الصور ففزع‏}‏ ‏{‏ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم‏}‏وإلى الأمر قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء ومن الأمر إلى الماضي ‏{‏واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا‏}‏وإلى المضارع ‏{‏وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون‏}‏‏.‏

الإطراد‏:‏ هوأن يذكر المتكلم أسماء آباء الممدوح مرتبة على حكم ترتيبها في الولادة‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ ومنه في القرآن قوله تعالى حكاية عن يوسف ‏{‏واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب‏}‏قال‏:‏ وإنما لم يأت به على الترتيب المألوف فإن العادة الابتداء بالأب ثم الجد ثم الجد الأعلى لأنه لم يرد هنا مجرد ذكر الآباء وإنما ذكرهم ليذكر ملتهم التي اتبعها فبدأ بصاحب الملة ومثله قول أولاد يعقوب نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق‏.‏الانسجام‏:‏ هوأن كون الكلام لخلوه من العقادة متحدرًا كتحدر الماء المنسجم ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسهل رقة والقرآن كله كذلك‏.‏

قال أهل البديع‏:‏ وإذا قوي الانسجام في النثر جاءت قراءته موزونة بلا قصد لقوة انسجامه ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونًا فمنه من بحر الطويل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ومن المديد واصنع الفلك بأعيننا‏.‏

ومن البسيط ‏{‏فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم‏}‏ومن الوافر ‏{‏ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين‏}‏ومن الكامل ‏{‏والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏}‏‏.‏

ومن الهزج فالقوة على وجه أبي يأت بصيرًا‏.‏

ومن الرجز ‏{‏ودانية عليهم ظلالها‏}‏ ‏{‏وذللت قطوفها تذليلًا‏}‏‏.‏

ومن الرمل ‏{‏وجفان كالجواب وقدور راسيات‏}‏‏.‏

ومن السريع ‏{‏أو كالذي مر على قرية‏}‏ومن المنشرح ‏{‏إنا خلقنا الإنسان من نطفة‏}‏‏.‏

ومن الخفيف ‏{‏لا يكادون يفقهون حديثًا‏}‏‏.‏

ومن المضارع يوم التناد ‏{‏يوم تولون مدبرين‏}‏‏.‏

ومن المقتضب في قلوبهم مرض‏.‏

ومن المجتث ‏{‏نبأ عبادي أني أنا الغفور الرحيم‏}‏ومن المتقارب ‏{‏وأملي لهم أن كيدي متين‏}‏‏.‏

الادماج‏:‏ قال ابن أبي الأصبع‏:‏ هوأن يدمج المتكلم غرضًا في غرض أوبديعًا في بديع بحيث لا يظهر في الكلام إلا أحد الغرضين أوأحد البديعين كقوله تعالى وله الحمد في الأولى والآخرة أدمجت المبالغة في المطابقة لأن انفراده تعالى بالحمد في الآخرة وهي الوقت الذي لا يحمد فيه سواه مبالغة في الوقت بالإنفراد بالحمد وهووإن خرج مخرج المبالغة في الظاهر فالأمر فيه حقيقة في الباطن فإنه رب الحمد والمنفرد به في الدارين أه‏.‏

قلت‏:‏ والأولى يقال في هذه الآية أنها من إدماج غرض في غرض فإن الغرض منها تفرده تعالى بوصف الحمد وأدمج فيه الإشارة إلى البعث والجزاء‏.‏

الافتنان‏:‏ هو الإتيان في كلام بفنين مختلفين كالجمع بين الفخر والتعزية وفي قوله تعالى كل من عليها فان ويقي وجه ربك ذوالجلال والإكرام فإنه تعالى عز جميع المخلوقات من الإنس والجن والملائكة وسائر أصناف ما هوقابل للحياة وتمدح بالبقاء بعد فناء الموجودات في عشر لفظات مع وصفة ذاته بعد انفراده بالبقاء والجلال والإكرام سبحانه وتعالى ومنه ‏{‏ثم ننجي الذين اتقوا‏}‏الآية جمع فيها بين هناء وعزاء‏.‏

الاقتدار‏:‏ هوأن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتدارًا منه على نظم الكلام وتركيبه على صياغة قوالب المعاني والأغراض فتارة يأتي به في لفظ الاستعارة وتارة في سورة الإرداف وحينًا في مخرج الإيجاز ومرة في قالب الحقيقة‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ وعلى هذا أتى جميع قصص القرآن فإنك ترى في الصفة الواحدة التي لا تختلف معانيها تأتي في صورة مختلفة وقوالب من الألفاظ متعددة حتى لا تكاد تشتبه في موضعين منه ولا بد أن تجد الفرق بين صورها ظاهرًا‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 15:48


النوع الثامن والخمسون في بدائع القرآن ( تابع )


ائتلاف اللفظ مع اللفظ وائتلافه مع المعنى‏.‏

الأول‏:‏ أن تكون الألفاظ يلائم بعضها بعضًا بأن يقرن الغريب بمثله والمتداول بمثله رعاية لحسن الجوار والمناسبة‏.‏

والثاني‏:‏ أن تكون ألفاظ الكلام ملائمة للمعنى المراد وإن كان فخمًا كانت ألفاظه مفخمة أوجزلًا فجزلة أوغريبًا فغريبة أومتداولًا فمتداولة أومتوسطًا بين الغرابة والاستعمال فكذلك‏.‏

فالأول كقوله تعالى تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضًا أتى بأغرب ألفاظ القسم وهي التاء فإنها أقل استعمالًا وأبعد من إفهام العامة بالنسبة إلى الباء والواو وبأغرب صيغ الأفعال التي ترفع الأسماء وتنصب الأخبار فإن تزال أقرب إلى الإفهام وأكثر استعمالًا منها وبأغرب الألفاظ الهلاك وهوالحرض فاقتضى حسن الوضع في النظم أن تجاوز كل لفظة بلفظة من جنسها في الغرابة توخيًا لحسن الجوار ورعاية في ائتلاف المعاني بالألفاظ ولتتعادل الألفاظ في الوضع وتتناسب في النظم‏.‏

ولما أراد غير ذلك قال ‏{‏وأقسموا بالله جهد إيمانهم‏}‏فأتى بجميع الألفاظ متداولة لا غرابة فيها‏.‏ومن الثاني قوله تعالى ‏{‏ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار‏}‏لما كان الركون إلى الظالم وهوالميل إليه والاعتماد عليه دون مشاركته في الظلم وجب أن يكون العقاب عليه دون العقاب على الظلم فأتى بلفظ المس الذي هودون الإحراق والإصطلاء‏.‏

وقوله ‏{‏لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت‏}‏أتى بلفظ الاكتساب المشعر بالكلفة والمبالغة في جانب السيئة لثقلها وكذا قوله ‏{‏فكبكبوا فيها‏}‏فإنه أبلغ من كبوا للإشارة إلى أنهم مكبون كبًا عنيفًا فظيعًا وهم يصطرخون فإنه أبلغ ممن يصرخون للإشارة إلى أنهم يصرخون صراخًا منكرًا خارجًا عن الحد المعتاد وأخذ عزيز مقتدر فإنه أبلغ من قادر للإشارة إلى زيادة التمكن في القدرة وأنه لورد له ولا معقب ومثل ذلك واصطبر فإنه أبلغ من أصبر والرحمن فإنه أبلغ من الرحيم فإنه يشعر باللطف والرفق كما أن الرحمن يشعر بالفخامة والعظمة‏.‏

ومنه الفرق بين سقى وأسقى فإنه سقى لما لا كلفة معه في السقيا ولهذا أورده تعالى في شراب الجنة فقال ‏{‏وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا‏}‏وأسقى لما فيه كلفة ولهذا أورده في شراب الدنيا فقال ‏{‏وأسقيناكم ماء فراتًا‏}‏ ‏{‏لأسقيناهم ماء غدقًا‏}‏لأن السقيا في الدنيا لا تخلومن الكلفة أبدًا‏.‏

الاستدراك والاستثناء شرط كونهما من البديع أن يتضمنا ضربًا من المحاسن زائدًا على ما يدل عليه المعنى اللغوي‏.‏

مثال الاستدراك ‏{‏قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا‏}‏فإنه لواقتصر على قوله لم تؤمنوا لكان منفردًا لهم لأنهم ظنوا الإقرار بالشهادتين من غير اعتقاد إيمانًا فأوجبت البلاغة ذكر الاستدراك ليعلم أن الإيمان موافقة القلب اللسان إن إنفراد اللسان بذلك يسمى إسلامًا ولا يسمى إيمانًا وزاد ذلك إيضاحًا بقوله ‏{‏ولما يدخل الإيمان في قلوبكم فلما تضمن الاستدراك إيضاح ما عليه ظاهر الكلام من الأشكال عد من المحاسن‏.‏

ومثال الاستثناء فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا فإن الإخبار عن هذه المدة بهذه الصيغة يمهد عذر نوح في دعائه على قومه بدعوة أهلكتهم عن آخرهم إذا لوقيل فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عامًا لم يكن فيه من التهويل ما في الأول لأن لفظ الألف من الأول أول ما يطرق السمع فيشتغل بها عن سماع بقية الكلام وإذا جاء الاستثناء لم يبق له بعدها ما تقدمه وقع يزيل ما حصل عنده من ذكر الألف‏.‏

الاقتصاص‏:‏ ذكره ابن فارس وهوأن يكون كلام في سورة مقتصًا من كلام في سورة أخرى أوفي تلك السورة كقوله تعالى ‏{‏وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين‏}‏والآخرة دار ثواب لا عمل فيها فهذا مقتص من قوله تعالى ‏{‏من يأته مؤمنًا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى‏}‏ومنه ‏{‏ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين‏}‏ مأخوذًا من قولهم ‏{‏فأولئك في العذاب محضرون‏}‏وقوله ‏{‏ويوم يقوم الأشهاد‏}‏مقتص من أربع آيات لأن الأشهاد أربعة‏:‏ الملائكة في قوله ‏{‏وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد‏}‏والأنبياء في قوله ‏{‏فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا‏}‏وأمة محمد في قوله ‏{‏لتكونوا شهداء على الناس‏}‏والأعضاء في قوله ‏{‏يوم تشهد عليهم ألسنتهم‏}‏الآية‏.‏

وقوله ويوم التناد قرئ مخففًا ومشددًا فالأول مأخوذ من قوله ‏{‏ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار‏}‏ والثاني من قوله ‏{‏يوم يفر المرء من أخيه‏}‏‏.‏

الإبدال‏:‏ هوإقامة بعض الحروف مقام بعض وجعل منه ابن فارس فانفلق‏:‏ أي انفرق ولهذا قال فكان كل فرق فالراء واللام متعاقبان‏.‏

وعن الخليل في قوله تعالى ‏{‏فجاسوا خلال الديار‏}‏أنه أريد فجاسوا فجاءت الجيم مقام الحاء وقد قرئ بالحاء أيضًا وجعل منه الفارسي أي أحببت حب الخير أي الخيل وجعل منه أبوعبيدة ‏{‏إلا مكاء وتصدية‏}‏‏.‏

تأكيد المدح بما يشبه الذم‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ هوغاية العزة في القرآن‏.‏

قال‏:‏ ولم أجد منه في القرآن إلا آية واحدة وهي قوله ‏{‏قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أنا آمنا بالله‏}‏الآية فإن الاستثناء بعد الاستفهام الخارج مخرج التوبيخ على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان يوهم أن ما يأتي بعده مما يوجب أن ينتقم على فاعله مما يذم فلما أتى بعد الاستثناء بما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمنًا تأكيد المدح بما يشبه الذم‏.‏

قلت‏:‏ ونظيرها قوله ‏{‏وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله‏}‏وقوله ‏{‏الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله‏}‏فإن ظاهر الاستثناء أن ما بعده حق يقتضي الإخراج فلما كان صفة مدح يقتضي الإكرام لا الإخراج كان تأكيدًا للمدح بما يشبه الذم وجعل منه التنوخي في الأقصى القريب ‏{‏لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا إلا قيلًا سلامًا سلامًا‏}‏ استثنى سلامًا سلامًا الذي هوضد اللغووالتأثيم فكان ذلك مؤكدًا لانتفاء اللغووالتأثيم انتهى‏.‏التفويت‏:‏ هوإتيان المتكلم بمعان شتى من المدح والوصف وغير ذلك من الفنون كل فن في جملة منفصلة عن أختها مع تساوي الجمل في الزنة وتكون في الجمل الطويلة والمتوسطة والقصيرة‏.‏

فمن الطويلة ‏{‏الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين‏}‏ومن المبسوطة ‏{‏يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي‏}‏ قال ابن أبي الأصبع‏:‏ ولم يأت المركب من القصيرة في القرآن‏.‏

التقسيم‏:‏ هواستيفاء أقسام الشيء الموجودة إلا الممكنة عقلًا نحو ‏{‏هو الذي يريكم البرق خوفًا وطمعًا‏}‏إذ ليس في رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق والطمع في الأمطار ولا ثالث لهذين القسمين‏.‏

وقول ‏{‏فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات‏}‏فإن العالم لا يخلومن هذه الأقسام الثلاثة‏:‏ إما عاص ظالم لنفسه وإما سابق مبادر للخيرات وإما متوسط بينهما مقتصد فيها ونظيرها كنتم أزواجًا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون السابقون وكذا قوله تعالى وله ما بين أيدينا وما بين خلفنا وبين ذلك استوفى أقسام الزمان ولا رابع لها‏.‏

وقوله ‏{‏والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع‏}‏استوفي أقسام الخلق في المشي‏.‏

وقوله ‏{‏الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم‏}‏استوفى جميع هيئات الذاكر

وقوله ‏{‏يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيمًا‏}‏ استوفي جميع أحوال المتزوجين ولا خامس لها‏.‏

التدبيج‏:‏ هوأن يذكر المتكلم ألوانًا يقصد التورية بها والكناية‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ كقوله تعالى ‏{‏ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود‏}‏قال‏:‏ المراد بذلك والله أعلم الكناية عن المتشبه والواضح من الطرق لأن الجادة البيضاء هي الطريق التي كثر السلوك عليها جدًا وهي أوضح الطرق وأبينها ودونها الحمراء ودون الحمراء السوداء كأنها في الخفاء والالتباس ضد البيضاء في الظهور والوضوح‏.‏

ولما كانت هذه الألوان الثلاثة في الظهور للعين طرفين وواسطة فالطرف الأعلى في الظهور البيضاء والطرف الأدنى في الخفاء السواد والأحمر بينهما على وضع الألوان في التركيب وكانت ألوان الجبال لا تخرج عن هذه الألوان الثلاثة والهداية بكل علم نصب للهداية منقسمة هذه القسمة أتت الآية الكريمة منقسمة كذلك فحصل فيها التدبيج وصحة التقسيم‏.‏

التنكيت‏:‏ هوأن يقصد المتكلم إلى شيء بالذكر دون غيره مما يسد مسده لأجل نكتة في المذكور ترجح مجيئه على سواه كقوله تعالى ‏{‏وإنه هو رب الشعرى‏}‏خص الشعري بالذكر دون غيرها من النجوم وهوتعالى رب كل شيء لأن العرب كان ظهر فيهم رجل يعرف بابن أبي كبشة عبد الشعري ودعا خلقه إلى عبادتها فأنزل الله تعالى وإنه هورب الشعري التي ادعيت فيها الربوبية‏.‏

التجريد‏:‏ هوأ ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله مبالغة في كمالها فيه نحو‏:‏ لي من فلان صديق حميم جرد من الرجل الصديق آخر مثله متصفًا بصفة الصداقة نحو‏:‏ ومررت بالرجل الكريم والنسمة المباركة جردوا من الرجل الكريم‏.‏

آخر مثله متصفًا بصفة البركة وعطفوه عليه كأنه غيره وهوهو‏.‏

ومن أمثلته في القرآن لهم فيها دار الخلد ليس المعنى أن الجنة فيها دار الخلد وغير دار خلد بل هي نفسها دار الخلد فكأنه جرد من الدار دارًا ذكره في المحتسب‏.‏

وجعل منه يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي‏.‏

على أن المراد بالميت النطفة‏.‏

قال الزمخشري‏:‏ وقرأ عبيد بن عمير فكانت وردة كالهان بالرفع بمعنى حصلت منها وردة‏.‏

قال‏:‏ وهومن التجريد‏.‏

وقرئ أيضًا يرثني وارث من آل يعقوب قال ابن جني‏:‏ هذا هو التجريد وذلك أنه يريد وهب لي من لدنك وليًا يرثني وارث من آل يعقوب وهوالوارث نفسه فكأنه جرد منه وارثًا‏.‏التعديد‏:‏ هوإيقاع الألفاظ المفردة على سياق واحد وأكثر ما يوجد في الصفات كقوله ‏{‏هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر‏}‏وقوله ‏{‏التائبون العابدون الحامدون‏}‏الآية وقوله ‏{‏مسلمات مؤمنات‏}‏الآية‏.‏

الترتيب هوأ يورد أوصاف الموصوف على ترتيبها في الخلقة الطبيعية ولا يدخل فيها وصفًا زائدًا ومثله عند الباقي اليمني بقوله ‏{‏هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلًا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخًا‏}‏وبقوله ‏{‏فكذبوه فعقروها‏}‏الآية‏.‏

الترقي والتدلي‏:‏ تقدما في نوع التقديم والتأخير‏.‏

التضمين‏:‏ يطلق على أشياء‏.‏

أحدها‏:‏ إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه وهونوع من المجاز تقدم فيه‏.‏

الثاني‏:‏ حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم هوعبارة عنه وهذا نوع من الإيجاز تقدم أيضًا‏.‏

الثالث‏:‏ تعلق ما بعد الفاصلة بها وهذا مذكور في نوع الفواصل‏.‏الرابع‏:‏ إدراج كلام الغير في أثناء الكلام لقصد تأكيد المعنى أوترتيب النظم وهذا هو النوع البديعي‏.‏

قال بن أبي الأصبع‏:‏ ولم أظفر في القرآن بشيء منه إلا في موضعين تضمنا فصلين من التوراة والإنجيل‏:‏ قوله ‏{‏وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس‏}‏الآية وقوله ‏{‏محمد رسول الله‏}‏الآية ومثله ابن النقيب وغيره بإيداع حكايات المخلوقين في القرآن كقوله تعالى حكاية عن الملائكة تجعل فيها من يفسد فيها وعن المنافقين أنؤمن كما آمن السفهاء وقالت اليهود وقالت النصارى قال‏:‏ وكذلك ما أودع فيه من اللغات الأعجمية‏.‏

الجناس‏:‏ هوتشابه اللفظين في اللفظ‏.‏

قال في كنز البراعة‏:‏ وفائدته الميل إلى الإصغاء إليه فإن مناسبة الألفاظ تحدث ميلًا وإصغاء إليها ولأن اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد به آخر كان للنفس تشوق إليه‏.‏

وأنواع الجناس كثيرة‏.‏

منها‏:‏ التام بأن يتفقا بأنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها كقوله تعالى ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة قيل ولم يقع منه في القرآن سواه‏.‏

واستنبط شيخ الإسلام ابن حجر موضعًا آخر وهو يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل النهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار وأنكر بعضهم كون الآية الأولى من الجناس‏.‏

وقال‏:‏ الساعة في الموضعين بمعنى واحد والتجنيس‏:‏ أن يتفق الفظ ويختلف المعنى ولا يكون أحدهما حقيقة والآخر مجازًا بل يكونا حقيقيتين وزمان القيامة وإن طال لكنه عند الله في حكم الساعة الواحدة فإطلاق الساعة على القيامة مجاز وعلى الآخرة حقيقة وبذلك يخرج الكلام عن التجنيس كما لوقلت ركبت حمارًا ولقيت حمارًا‏.‏

تعني بليدًا‏.‏

ومنها‏:‏ المصحف ويسمى جناس الخط بأن تختلف الحروف في النقط كقوله ‏{‏والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين}

ومنها‏:‏ المحرف بأن يقع الاختلاف في الحركات كقوله ‏{‏ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين‏}‏ وقد اجتمع التصحيف والتحريف في قوله ‏{‏وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا‏}‏‏.‏

ومنها‏:‏ النقص بأن يختلف في عدد الحروف سواء كان الحرف المزيد أولًا أووسطًا أوآخرًا كقوله ‏{‏والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ الساق‏}‏ كلي من كل الثمرات ومنها‏:‏ المذيل بأن يزيد أحدهما أكثر من حرف في الآخر أوالأول وسمى بعضهم الثاني بالمتوج كقوله ‏{‏وانظر إلى إلهك‏}‏ ‏{‏ولكنا كنا مرسلين‏}‏ ‏{‏من آمن بالله‏}‏ ‏{‏إن ربهم بهم‏}‏ ‏{‏مذبذبين بين ذلك‏}‏ ‏.‏

ومنها‏:‏ المضارع وهوأ يختلفا بحرف مقارب في المخرج سواء كان في الأولى أوالوسط أوالآخر كقوله تعالى ‏{‏وهم ينهون عنه وينأون عنه‏}‏‏.‏

ومنها‏:‏ اللاحق بأن يختلفا بحرف غير مقارب فيه كذلك كقوله ‏{‏ويل لكل همزة لمزة‏}‏وإنه على ذلك ليشهد وإنه لحب الخير لشديد ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون وإذا جاءهم أمر من الأمن‏.‏

ومنها‏:‏ المرفق وهوما تركب من كلمة وبعض أخرى كقوله ‏{‏جرف هار فانهار‏}‏‏.‏

ومنها‏:‏ اللفظي بأن يختلفا بحرف مناسب للآخر مناسبة لفظية كالضاد والظاء كقوله ‏{‏وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ‏.‏

ومنها‏:‏ تجنيس القلب بأن يختلفا في ترتيب الحروف نحو‏:‏ فرقت بين بني إسرائيل‏.‏

ومنها‏:‏ تجنيس الاشتقاق بأن يجتمعا في أصل الاشتقاق ويسمى المقتضب نحو فروح وريحان فأقم وجهك للدين القيم وجهت وجهي‏.‏

ومنها‏:‏ تجنيس الإطلاق بأن يجتمعا في المشابهة فقط كقوله ‏{‏وجنى الجنتين‏}‏قال إني لعملكم من القالين ‏{‏ليريه كيف يواري‏}‏ ‏{‏وإن يردك بخير فلا راد‏}‏ ‏{‏اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم‏}‏ ‏{‏وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض‏}‏إلى قوله ‏{‏فذو دعاء عريض‏}‏‏.‏

تنبيه لكون الجناس من المحاسن اللفظية لا المعنوية ترك عند قوة المعنى كقوله تعالى ‏{‏وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين‏}‏قيل ما الحكمة في كونه لم يقل وما أنت بمصدق فإنه يؤدي معناه مع رعاية التجنيس وأجيب بأن في مؤمن لبا من المعنى ليس في مصدق لأن معنى قولك فلان مصدق لي قال لي صدقت وأما مؤمن معناه مع رعاية التصديق إعطاء الأمن ومقصودهم التصديق وزيادة وهوطلب الأمن فلذلك عبر به‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 15:50


النوع الثامن والخمسون في بدائع القرآن ( تابع )


وقد زل بعض الأدباء فقال في قوله ‏{‏أتدعون بعلًا وتذرون أحسن الخالقين‏}‏لوقال‏:‏ وتدعون لكان في مراعاة التجنيس‏.‏

وأجاب الإمام فخر الدين بأن فصاحة القرآن ليست لرعاية هذه التكلفات بل لأجل قوة المعاني وجزالة الألفاظ وأجاب غيره بأن مراعاة المعاني أولى من مراعاة الألفاظ ولوقال أتدعون وتدعون لوقع الالتباس على القارئ فيجعلهما بمعنى واحد تصحيفًا وهذا الجواب غير ناضج‏.‏

وأجاب ابن الزملكاني بأن التجنيس تحسين وإنما يستعمل في مقام الوعد والإحسان لا في مقام التهويل‏.‏

وأجاب الخويبي بأن تدع أخص من تذر بمعنى ترك الشيء مع اعتنائه بشهادة الاشتقاق نحوالإيداع فإنه عبارة عن ترك الوديعة مع الاعتناء بحالها ولهذا يختار لها من هومؤتمن عليها ومن ذلك الدعة بمعنى الراحة وأما تذر فمعناه الترك مطلقًا أوالترك مع الإعراض والرفض الكلي‏.‏

قال الراغب‏:‏ يقال فلان يذر الشيء أي يقذفه لقلة الاعتداد به ومنه الوزرة‏:‏ قطعة من اللحم لقلة الاعتداد به ولا شك أن السياق إنما يناسب هذا دون الأول فأريد هنا تبشيع حالهم في الإعراض عن ربهم وأنهم بلغوا الغاية في الإعراض انتهى‏.‏

الجمع‏:‏ هوأن يجمع بين شيئين أوأشياء متعددة في حكم كقوله تعالى المال والبنون زينة الحياة الدنيا جمع المال والبنون في الزينة وكذا قوله ‏{‏والشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان‏.‏

الجمع والتفريق‏:‏ هوأن تدخل شيئين في معنى وتتفرق بين جهتي الإدخال وجعل منه الطيبي قوله ‏{‏الله يتوفى الأنفس حين موتها‏}‏الآية جمع النفسين في حكم التوفي ثم فرق بين جهتي التوفي بالحكم بالإمساك والإرسال‏:‏ أي الله يتوفى الأنفس التي تقبض والتي لم تقبض فيمسك الأولى ويرسل الأخرى‏.‏

الجمع والتقسيم‏:‏ وهوجمع متعدد تحت حكم ثم تقسيمه كقوله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات‏.‏

الجمع مع التفريق والتقسيم كقوله تعالى ‏{‏يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه‏}‏الآيات فالجمع في قوله ‏{‏لا تكلم نفس إلا بإذنه‏}‏لأنها متعددة معنى إذ النكرة في سياق النفي تعم‏.‏والتفريق قوله ‏{‏فمنهم شقي وسعيد‏}‏والتقسيم قوله ‏{‏فأما الذين شقوا‏}‏ ‏{‏وأما الذين سعدوا‏}‏‏.‏

جمع المؤتلف والمختلف‏:‏ هوأن تريد التسوية بين الزوجين فتأتي بمعان مؤتلفة في مدحها وتروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بزيادة فضل لا تنقص الآخر فتأتي لأجل ذلك بمعان تخالف معنى التسوية كقوله تعالى ‏{‏وداود وسليمان إذ يحكمان‏}‏الآية سوى في الحكم والعلم وزاد فضل سليمان بالفهم‏.‏

حسن النسق‏:‏ هوأن يأتي المتكلم بكلمات متتاليات معطوفات متلاحمات تلاحمًا سليمًا مستحسنًا بحيث إذا أفردت كل جملة منه قامت بنفسها واستقل معناها بلفظها ومنه قوله تعالى ‏{‏وقيل يا أرض ابلعي ماءك‏}‏الآية فإن جملة معطوف بعضها على بعض بواوالنسق على الترتيب الذي تقتضيه البلاغة من الابتداء بالاسم الذي هوانحسار الماء عن الأرض المتوقف عليه غاية مطلوب أهل السفينة من الإطلاق من سجنها ثم انقطاع مادة السماء المتوقف عليه تمام ذلك من دفع أذاه بعد الخروج

ومنه اختلاف ما كان بالأرض ثم الإخبار بذهاب الماء بعد انقطاع المادتين الذي هومتأخر عنه قطعًا ثم بقضاء الأمر الذي هوهلاك من قدر هلاكه ونجاة من سبق نجاته وأخر عما قبله لأن علم ذلك لأهل السفينة بعد خروجهم منها وخروجهم موقوف على ما تقدم ثم أخبر باستواء السفينة واستقرارها المفيد ذهابه الخوف وحصول الأمن من الاضطراب ثم ختم بالدعاء على الظالمين فلإفادة أن الغرق وإن عم الأرض فلم يشمل إلا من استحق العذاب لظلمه‏.‏

عتاب المرء نفسه منه ‏{‏ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني‏}‏آيات وقوله ‏{‏أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله‏}‏الآيات‏.‏

العكس‏:‏ هوأن يؤتى بكلام يقدم فيه جزء ويؤخر آخر ثم يقدم المؤخر ويؤخر المقدم كقوله تعالى ‏{‏ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء‏}‏ ‏{‏يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي‏}‏ ‏{‏هن لباس لكم وأنتم لباس لهن‏}‏ ‏{‏لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن‏}‏وقد سئل عن الحكمة في عكس هذا اللفظ فأجاب ابن المنير بأن فائدته الإشارة إلى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة‏.‏

وقال الشيخ بدر الدين بن الصاحب‏:‏ الحق أن كل واحد من فعل المؤمنة والكافر منفي عنه الحل أما فعل المؤمنة فيحرم لأنها مخاطبة وأما فعل الكافر فنفي عنه الحل باعتبار أن هذا الوطء مشتمل على المفسدة فليس الكفار مورد الخطاب بل الأئمة ومن قام مقامهم مخاطبون بمنع ذلك لأن الشرع أمر بإخلاء الوجود من المفاسد فاتضح أن المؤمنة نفى عنها الحل باعتبار والكافر نفى عنه الحل باعتبار‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ ومن غريب أسلوب هذا النوع قوله تعالى ومن يمل من الصالحات من ذكر أوأنثى وهومؤمن ‏{‏فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرًا‏}‏ ‏{‏ومن احسن دينًا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن‏}‏فإن نظم الآية الثانية عكس نظم الأولى لتقديم العمل في الأولى على الإيمان وتأخيره في الثانية عن الإسلام‏.‏

ومنه نوع يسمي القلب والمقلوب المستوي وما لا يستحيل بالانعكاس وهوا تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها كما تقرأ من أولها إلى آخرها كقوله تعالى كل في فلك وربك فكبر ولا ثالث لهما في القرآن‏.‏

العنوان‏:‏ قال ابن أبي الأصبع‏:‏ هوأن يأخذ المتكلم في عرض فيأتي لقصد تكميله وتأكيده بأمثلة في ألفاظ تكون عنوانًا لأخبار متقدمة وقصص سالفة‏.‏

ومنه نوع عظيم جدًا وهوعنوان العلوم بأن يذكر في الكلام ألفاظًا تكون مفاتيح العلوم ومداخل لها من الأول قوله تعالى ‏{‏واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها‏}‏الآية فإنه عنوان قصة بلعام‏.‏

ومن الثاني قوله تعالى ‏{‏أنطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب‏}‏الآية فيها عنوان علم الهندسة فإن الشكل المثلث أول الأشكال وإذا نصب في الشمس على أي ضلع من أضلاعه لا يكون له ظل لتحديد رؤوس زواياه فأمر الله تعالى أهل جهنم بالانطلاق إلى ظل هذا الشكل تهكمًا بهم‏.‏

وقوله ‏{‏وكذلك نرى إبراهيم ملكوت‏}‏ الفرائد‏:‏ هومختص بالفصاحة دون البلاغة لأنه الإتيان بلفظة تتنزل منزلة الفريدة من العقد وهي الجوهرة التي لا نظير لها تدل على عظم فصاحة هذا الكلام وقوة عارضته وجزالة منطقه وأصالة عربيته بحيث لوأسقطت من الكلام عزت على الفصحاء‏.‏

ومنه لفظ حصحص في قوله ‏{‏الآن حصحص الحق‏}‏والرفث في قوله ‏{‏أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم‏}‏ولفظة فزع في قوله ‏{‏حتى إذا فزع عن قلوبهم‏}‏وخائنة الأعين في قوله ‏{‏يعلم خائنة الأعين‏}‏وألفاظ قوله ‏{‏فلما استيأسوا منه خلصوا نجيًا وقوله ‏{‏فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين‏}‏‏.‏

القسم‏:‏ هوا يريد المتكلم الحلف على شيء فيحلف بما يكون فيه فخر له أوتعظيم لشأنه أوتنويه لقدره أوذم لغيره أوجاريًا مجرى الغزل الرقيق أوخارجًا مخرج الموعظة والزهد كقوله ‏{‏فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون أقسم سبحانه وتعالى بقسم فوجب الفخر لتضمنه التمدح بأعظم قدرة وأجل عظمة

‏{‏لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون‏}‏أقسم سبحانه وتعالى بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم تعظيمًا لشأنه وتنويهًا بقدره‏.‏

وسيأتي في نوع الإقسام أشياء تتعلق بذلك‏.‏

اللف والنشر‏:‏ هوأن يذكر شيئان أوأشياء إما تفصيلًا بالنص على كل واحد أوإجمالًا بأن يؤتى بلفظ يشتمل على متعدد ثم يذكر أشياء على عدد ذلك كل واحد يرجع إلى واحد من المتقدم ويفوض إلى عقل السامع رد كل واحد إلى ما يليق به فالإجمالي كقوله تعالى ‏{‏وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى‏}‏أي وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا اليهود وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا النصارى وإنما سوغ الإجمال في اللف ثبوت العناد بين اليهود والنصارى فلا يمكن أن يقول أحد الفريقي بدخول الفريق الآخر الجنة فوثق بالعقل في أنه يرد كل قول إلى فريقه لأمن اللبس وقائل ذلك يهود المدينة ونصارى نجران‏.‏

قلت‏:‏ وقد يكون الإجمال في النشر لا في الملف بأن يؤتى بمتعدد ثم بلفظ يشتمل على متعدد يصلح لهما نحو ‏{‏حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر‏}‏على قول أبي عبيدة أن الخيط الأسود أريد به الفجر الكاذب لا الليل وقد بينته في أسرار التنزيل‏.‏

والتفصيلي قسمان‏:‏ أحدهما أن يكون على ترتيب اللف كقوله تعالى جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله فالسكون راجع إلى الليل والابتغاء راجع إلى النهار‏.‏

وقوله تعالى ‏{‏ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا‏}‏فللوم راجع إلى البخل ومحسورًا راجع إلى الإسراف لأن معناه منقطعًا لا شيء عندك‏.‏

وقوله ‏{‏ألم يجدك يتيمًا‏}‏الآيات فإن قوله ‏{‏فأما اليتيم فلا تقهر‏}‏راجع إلى قوله ‏{‏ألم يجدك يتيمًا فآوى‏}‏ ‏{‏وأما السائل فلا تنهر‏}‏راجع إلى قوله ‏{‏ووجدك ضالًا‏}‏فإن المراد السائل عن العلم كمات فسره مجاهد وغيره وأما بنعمة ربك فحدث راجع إلى قوله ‏{‏ووجدك عائلًا فأغنى‏}‏رأيت هذا المثال في شرح الوسيط للنووي المسمى بالتنقيح‏.‏

والثاني أن يكون على عكس ترتيبه كقوله تعالى ‏{‏يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم‏}‏الخ وجعل منه جماعة قوله تعالى ‏{‏حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب‏}‏قالوا متى نصر الله قول الذين آمنوا ‏{‏ألا إن نصر الله قريب‏}‏قول الرسول‏:‏ وذكر الزمخشري له قسمًا آخر كقوله تعالى ‏{‏ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله‏}‏قال‏:‏ هذا من باب اللف وتقديره ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار إلا أنه فصل بين منامكم وابتغاؤكم بالليل والنهار لأنهما زمانان والزمان والواقع فيه كشيء واحد مع إقامة اللف على الاتحاد‏.‏

المشاكلة‏:‏ ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقًا أوتقديرًا فالأول كقوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ‏{‏ومكروا ومكر الله‏}‏فإن إطلاق النفس والمكر في جانب الباري تعالى لمشاكلة ما معه وكذا قوله ‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها لأن الجزاء حق لا يوصف بأنه سيئة من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه فاليوم ننساكم كما نسيتم ويسخرون منهم سخر الله منهم إنما نحن مستهزئون الله يستهزئ بهم ومثال التقدير قوله تعالى صبغة الله أي تطهير الله لأن الإيمان يطهر النفوس والأصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر المزاوجة‏:‏ أن يزاوج بين معنيين في الشرط والجزاء أوما جرى مجراهما كقوله‏:‏ إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى أصاخت إلي الواشي فلج بها الهجر ومنه في القرآن آتيناه آيتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين‏.‏

المبالغة‏:‏ أن يذكر المتكلم وصفًا فيزيد فيه حتى يكون أبلغ في المعنى الذي قصده‏.‏

وهي ضربان‏:‏ مبالغة في الوصف بأن يخرج إلى حد الاستحالة ومنها يكاد زيتها يضيء ولولم تمسه بار ‏{‏ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط‏}‏‏.‏

ومبالغة بالصيغة‏.‏

وصيغ المبالغة فعلان كالرحمن وفعيل كالرحيم وفعال كالتواب والغفار والقهار وفعول كغفور وشكور وودود وفعل كحذر وأشر وفرح وفعال بالتخفيف كعجاب وبالتشديد ككبار وفعل كلبد وكبر وفعلى كالعليا والحسنى وشورى والسوأى‏.‏

فائدة الأكثر على أن فعلان أبلغ من فعيل ومن ثم قال الرحمن أبلغ من الرحيم‏.‏

ونصره السهيلي بأنه ورد على صيغة التثنية والتثنية تضعيف فكأن البناء تصافعت فيه الصفة‏.‏

وذهب ابن الأنباري إلى أن الرحيم أبلغ من الرحمن ورجحه ابن عسكر بتقديم الرحمن عليه وبأنه جاء على صيغة الجمع كعبيد وهوأبلغ من صيغة التثنية‏.‏

وذهب قطرب إلى أنهما سواء‏.‏فائدة ذكر البرهان الرشيد وأن صفات الله التي على صيغة المبالغة كلها مجاز لأنها موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها لأن المبالغة إن ثبتت للشيء أكثر مما له وصفاته تعالى متناهية في الكمال لا يمكن المبالغة فيها وأيضًا فالمبالغة تكون في صفات تقبل الزيادة أوالنقصان وصفات الله منزهة عن ذلك‏.‏وستحسنه الشيخ تقي الدين السبكي‏.‏

وقال الزركشي في البرهان‏:‏ التحقيق أن صيغ المبالغة قسمان‏.‏

أحدها‏:‏ ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل‏.‏

والثاني‏:‏ بحسب تعدد المفعولات‏.‏

ولا شك أن تعددها لا يوجب للفعل زيادة إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعددين وعلى هذا القسم تنزل صفاته تعالى ويرتفع الإشكال ولهذا قال بعضهم في حكيم معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة إلى الشرائع‏.‏

وقال في الكشاف‏:‏ المبالغة في التواب للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده أولأنه بليغ في قبول التوبة نزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه‏.‏وقد أورد بعض الفضلاء سؤالًا على قوله ‏{‏والله على كل شيء قدير‏}‏وهوأن قديرًا من صبغ المبالغة فيستلزم الزيادة على معنى قادر والزيادة على معنى قادر محال إذا الإيجاد من واحد لا يمكن فيه التفاضل باعتبار كل فرد فرد‏.‏

وأجيب بأن المبالغة لما تعذر حملها عن كل فرد وجب صرفها إلى مجموع الإفراد التي دل السياق عليها فهي بالنسبة إلى كثرة المتعلق لا الوصف‏.‏

المطابقة‏.‏

وتسمى الطباق‏:‏ الجمع بين متضادين في الجملة وهوقسمان‏:‏ حقيقي ومجازي‏:‏ والثاني يسمى التكافؤ وكل منهما إما لفظي أومعنوي وإما طباق إيجاب أوسلب فمن أمثلة ذلك ‏{‏فليضحكوا قليلًا وليبكوا كثيرًا‏}‏‏{‏وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا‏}‏ ‏{‏لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم‏}‏ ‏{‏وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود‏}‏‏.‏

ومن أمثلة المجازي ‏{‏أو من كان ميتًا فأحييناه‏}‏أي ضالًا فهديناه ومن أمثلة طباق السلب ‏{‏تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك‏}‏ ‏{‏فلا تخشوا الناس واخشون‏}‏‏.‏

ومن أمثلة المعنوي ‏{‏إن أنتم إلا تكذبون‏}‏ ‏{‏قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون‏}‏معناه‏:‏ ربنا يعلم إنا لصادقون ‏{‏جعل لكم الأرض فراشًا والسماء بناء‏}‏قال أبوعلي الفارسي‏:‏ لما كان البناء رفعًا للمبنى قوبل بالفراش الذي هوعلى خلاف البناء‏.‏ومنه نوع يسمى الطباق الخفي كقوله ‏{‏مما خطيئاتهم أغرقوا فادخلوا نارًا‏}‏لأن الغرق من صفات الماء فكأنه جمع بين الماء والنار‏.‏

قال ابن منقذ‏:‏ وهي أخفى مطابقة في القرآن‏.‏

وقال ابن المعتز‏:‏ من أملح الطباق وأخفاه قوله تعالى ولكم في القصاص حياة لأن معنى القصاص القتل فصار القتل سبب الحياة‏.‏

ومنه نوع يسمى ترصيع الكلام وهواقتران الشيء بنما يجتمع معه في قدر مشترك كقوله ‏{‏إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى‏}‏ أتى بالجوع مع العري وبابه أن يكون مع الظمأ وبالضحى مع الظمأ وبابها أن يكون مع العري لكن الجوع والعري اشتركا في الخلو فالجوع خلوالباطن من الطعام والعري خلوالظاهر من اللباس والظمأ والضحى اشتركا في الاحتراق فالظمأ احتراق الباطن من العطش والضحى احتراق الظاهر من حر الشمس‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 15:52


النوع الثامن والخمسون في بدائع القرآن ( تابع )


ومنه نوع يسمى المقابلة وهي أن يذكر لفظان فأكثر ثم أضدادهما على الترتيب‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ والفرق بين الطباق والمقابلة من وجهين‏.‏

أحدهما‏:‏ أن الطباق لا يكون إلا من ضدين فقط والمقابلة لا تكون إلا بما زاد من الأربعة إلى العشرة‏.‏

والثاني‏:‏ أي الطباق لا يكون إلا بأضداد والمقابلة بالأضداد بغيرها‏.‏

قال السكاكي‏:‏ ومن خواص المقابلة أنه إذا شرط في الأول شرط أمر شرط في الثاني ضده كقوله تعالى فأما من أعطى واتقى الآيتين قابل بين الإعطاء والبخل والاتقاء والاستغناء والتصديق والتكذيب واليسرى والعسرى ولما جعل التيسير في الأول مشتركًا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق جعل ضده وهوالتعسير مشتركًا بين أضدادها‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ المقابلة إما لواحد بواحد وذلك قليل جدًا كقوله ‏{‏لا تأخذه سنة ولا نوم‏}‏أواثنين باثنين كقوله ‏{‏فليضحكوا قليلًا وليبكوا كثيرًا‏}‏وثلاثة بثلاثة كقوله ‏{‏يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث‏}‏ ‏{‏واشكروا لي ولا تكفرون‏}‏وأربعة بأربعة كقوله ‏{‏فأما من أعطى‏}‏الآيتين أوخمسة بخمسة كقوله ‏{‏إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما‏}‏الآيات قابل بين بعوضه فما فوقها وبين فأما الذين آمنوا وأما الذين كفروا وبين يضل ويهدي وبين ينقضون وميثاقه وبين يقطعون وأن يوصل‏.‏

أوستة بستة كقوله ‏{‏زين للناس حب الشهوات‏}‏الآية ثم قال ‏{‏قل أؤنبئكم‏}‏الآية قابل الجنات والأنهار والخلد والأزواج والتطهير والرضوان بإزاء النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث‏.‏

وقسم آخر المقابل إلى ثلاثة أنواع‏:‏ نظيري ونقيضي وخلافي‏.‏

مثال الأول مقابلة السنة بالنوم في الآية الأولى فإنهما جميعًا من باب الرقاد المقابل باليقظة في آية وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود وهذا مثال الثاني فإنهما نقيضان‏.‏

ومثال الثالث‏:‏ مقابلة الشر بالرشد في قوله ‏{‏إنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدًا فإنهما خلافان لا نقيضان فإن نقيض الشر الخير والرشد ألغي‏.‏

المواربة براء مهملة وباء موحدة‏:‏ أن يقول المتكلم قولًا يتضمن ما ينكر عليه فإذا حصل الإنكار واستحضر بحذقه وجهًا من الوجوه يتلخص به إما بتحريف كلمة أوتصحيفها أوزيادة أونقص‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ ومنه قوله تعالى حكاية عن أكبر أولاد يعقوب ‏{‏ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق‏}‏فإنه قرئ أن ابنك سرق ولم يسرق فأتى بالكلام على الصحة بإبدال ضمة من فتحة وتشديد الراء وكسرتها‏.‏

المراجعة‏:‏ قال ابن أبي الأصبع‏:‏ هي أن يحكي المتكلم مراجعة في القول جرت بينه وبين محاور له بأوجز عبارة وأعدل سبك وأعذب ألفاظ ومنه قوله تعالى ‏{‏قال إني جاعلك للناس إمامًا قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين‏}‏جمعت هذه القطعة وهي بعض آية ثلاث مراجعات فيها معاني الكلام من الخبر والاستخبار والأمر والنهي والوعد والوعيد بالمنطوق والمفهوم‏.‏

قلت‏:‏ أحسن من هذا أن يقال‏:‏ جمعت الخبر والطلب والإثبات والنفي والتأكيد والحذف والبشارة والنذارة والوعد والوعيد‏.‏

النزاهة‏:‏ هي خلوص ألفاظ الهاء من الفحش حتى يكون كما قال أبوعمر ابن العلاء وقد سئل عن أحسن الهجاء‏:‏ هو الذي إذا أنشدته العذراء في خدرها لا يقبح عليها ومنه قوله تعالى وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون ثم قال أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك الظالمون فإن ألفاظ ذم هؤلاء المخبر عنهم بهذا الخبر أتت منزهة عما يقبح في الهجاء من الفحش وسائر هجاء القرآن كذلك‏.‏

الإبداع‏:‏ بالباء الموحدة‏:‏ أ يشتمل الكلام على عدة ضروب من البديع‏.‏قال ابن أبي الأصبع‏:‏ ولم أر في الكلام مثل قوله تعالى يا أرض ابلعي ماءك فإن فيها عشرين ضربًا من البديع وهي سبع عشرة لفظة وذلك المناسبة التامة في ابلعي واقلعي والاستعارة فيهما والطباق بين الأرض والسماء‏.‏

والمجاز في قوله يا سماء فإن الحقيقة يا مطر السماء والإشارة في وغيض الماء فإنه عبر به عن معان كثيرة لأن الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء وتبلغ الأرض ما يخرج منها من عيون الماء فينقص الحاصل على وجه الأرض من الماء‏.‏

والإرداف في واستوت‏.‏

والتمثيل في وقضى الأمر‏.‏

والتعليل فإن غيض الماء علة الاستواء‏.‏

وصحة التقسيم فإنه استوعب فيه أقسام الماء حالة نقصه إذ ليس إلا احتباس ماء السماء والماء النابع من الأرض وغيض الماء الذي على ظهرها‏.‏

والاحتراس في الدعاء لئلا يتوهم أن الغرق لعمومه يشمل من لا يستحق الهلاك فإن عدله تعالى يمنع أن يدعوعلى غير مستحق‏.‏

وحسن النسق وائتلاف اللفظ مع المعنى والإيجاز فإنه تعالى قص القصة مستوعبة بأخصر عبارة‏.‏

والتسهيم فإن أول الآية يدل على آخرها‏.‏

والتهذيب لأن مفرداتها موصوفة بالصفات الحسن كل لفظة سهلة مخارج الحروف عليها رونق الفصاحة مع الخلومن البشاعة وعقادة التركيب‏.‏وحسن البيان من جهة أن السامع لا يتوقف في فهم معنى الكلام ولا يشكل عليه شيء منه‏.‏

والتمكين لأن الفاصلة مستقرة في محلها مطمئنة في مكانها غير قلقة ولا مستدعاة‏.‏

والانسجام هذا ما ذكره بان أبي الأصبع قلت‏:‏ وفيها أيضًا الاعتراض‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:33


النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي


الفاصلة كلمة آخر الآية كقافية الشعر وقرينة السجع‏.‏

وقال الداني‏:‏ كلمة آخر الجملة‏.‏

قال الجعبري وهوخلاف المصطلح ولا دليل له في تمثيل سيبويه بيوم يأتي وما كنا نبغي وليسا رأس الآية لأن مراده الفواصل اللغوية لا الصناعية‏.‏

وقال القاضي أبو بكر‏:‏ الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع يقع بها إفهام المعاني‏.‏

وفرق الداني بين الفواصل ورؤوس الآي فقال‏:‏ الفاصلة هي الكلام المنفصل عما بعده والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس وكذلك الفواصل يكن رؤوس آية وغيرها وكل رأس آية فاصلة وليس كل فاصلة رأس آية‏.‏

قال‏:‏ ولأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي‏:‏ يوم يأت وما كنا نبغي وليسا رأس آية بإجماع مع‏:‏ إذ يسر وهورأس آية باتفاق‏.‏

وقال الجعبري‏:‏ لمعرفة الفواصل طريقان‏:‏ توقيفي وقياسي‏.‏

أما التوقيفي فما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف عليه دائمًا تحققن أنه فاصلة وما وصله دائمًا تحققن أنه ليس بفاصلة وما وقف عليه مرة ووصله مرة أخرى احتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة أولتعريف الوقف التام أوللاستراحة والوصل أن يكون غير فاصلة أوفاصلة وصلها لتقدم تعريفها‏.‏

وأما القياسي ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص لمناسب ولا محذور في ذلك لأنه لا زيادة فيه ولا نقصان وإنما غايته أنه محل فصل أووصل والوقف على كل كلمة كلمة جائز ووصل القرآن كله جائز فاحتاج القياس إلى طريق تعرفه فنقول‏:‏ فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر وقافية البيت في الشعر وما يذكر من عيوب القافية من اختلاف الحركة والإشباع والتوجيه فليس بعيب في الفاصلة وجاز الانتقال في الفاصلة والقرينة قافية الأرجوزة من نوع إلى آخر بخلاف قافية القصيدة‏.‏

ومن ثم ترى ترجعون مع علي والميعاد مع الثواب والطارق مع الثاقب والأصل في الفاصلة والقرينة المتجردة في الآية والسجعة المساواة ومن ثم أجمع العادون على ترك عد آيات بآخرين ولا الملائكة المقربون في النساء وكذب بها الأولون بسبحان ولتبشر به المتقين بمريم ولعلهم يتقون بطه ومن الظلمات إلى النور وإن الله على كل شيء قدير بالطلاق حيث لم يشاكل طرفيه وعلى ترك عد أفغير دين الله يبغون ‏{‏أفحكم الجاهلية يبغون‏}‏وعدوا نظائرها للمناسبة نحو‏:‏ يا أولي الألباب بآل عمران وعلى الله كذبا بالكهف والسلوى بطه‏.‏

وقال غيره‏:‏ تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام وتسمى فواصل لأنه ينفصل عنده الكلامان وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها واخذ من قوله تعالى كتاب فصلت آياته ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعًا لأن الله تعالى لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضًا لأنها منه وخاصة به في الاصطلاح وكما بمنع استعمال القافية فيه يمتنع استعمال الفاصلة في الشعر لأنها صفة لكتاب الله تعالى فلا تتعداه‏.‏

وهل يجوز استعمال السجع في القرآن خلاف الجمهور على المنع لأن أصله من السجع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشيء منه لفظ أصله مهمل ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في وصفه بذلك ولأن القرآن من صفاته تعالى فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها‏.‏

قال الرماني في إعجاز القرآن‏:‏ ذهب الأشعرية إلى امتناع أن يقال في القرآن سجع وفرقوا بأن السجع هو الذي في نفسه ثم يحال المعنى عليه والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في نفسها‏.‏

قال‏:‏ ولذلك كانت الفواصل بلاغة واسجع عيبًا‏.‏

وتبعه على ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله عن نص أبي الحسن الأشعري وأصحابنا كلهم قال‏:‏ وذهب كثير من غير الأشاعرة إلى إثبات السجع في القرآن وزعموا أن ذلك مما يبين به فصل الكلام وأنه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة كالجناس والالتفات ونحوهما‏.‏

قال‏:‏ وأقوى ما استدلوا به الاتفاق على أن موسى أفضل من هارون لمكان السجع قيل في موضع هارون وموسى ولما كانت الفواصل في موضع آخر بالواووالنون قيل موسى وهارون‏.‏

قالوا‏:‏ وهذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلا مقصودًا إليه وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي نسميه شعرًا وذلك القدر مما يتفق وجوده من المفحم كما يتفق وجوده من الشاعر‏.‏وأما ما جاء في القرآن من السجع فهوكثير لا يصح أن يتفق غير مقصود إليه وبنوا الأمر في ذلك على تحديد معنى السجع فقال أهل اللغة‏:‏ هوموالاة الكلام على حد واحد‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ سجعت الحمامة معناه‏:‏ رددت صوتها‏.‏

قال الاضي‏:‏ وهاذا غير صحيح ولوكان القرآن سجعًا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ولوكان داخلًا فيها لم يقع بذلك إعجاز‏.‏

ولوجاز ا يقال هوسجع معجز لجاز أن يقولوا شعر معجز وكيف والسجع مما كان تألفه الكهان من العرب‏.‏

ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر لأن الكهانة تنافي النبوات بخلاف الشعر‏.‏

وقد قال صلى الله عليه وسلم أسجع كسجع الكهان فجعله مذمومًا‏.‏

وقال‏:‏ وما توهموا أنه سجع باطل لأن مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو لأن السجع يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع وليس كذلك ما اتفق مما هوفي معنى السجع من القرآن لأن اللفظ وقع فيه تابعًا للمعنى‏.‏

وفرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود منه وبين أن يكون المعنى منتظمًا دون اللفظ ومتى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره ومتى انتظم في المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبًا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى‏.‏

قال‏:‏ وللسجع منهج محفوظ وطريق مضبوط من أخلّ به وقع الخلل في كلامه ونسب إلى الخروج عن الفصاحة كما أن الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئًا وأنت ترى فواصل القرآن متفاوتة بعضها متداني المقاطع وبعضها يمتد حتى يتضاعف طوله عليه وترد الفاصلة في ذلك الوزن الأول بعد كلام كثير وهذا في السجع غير مرضي ولا محمود‏.‏

قال‏:‏ وأما ذكر من تقديم موسى على هارون في موضع وتأخيره عنه في موضع لمكان السجع وتساوي مقاطع الكلام فليس بصحيح بل القاعدة فيع إعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدًا وذلك الأمر الصعب تظهر فيه الفصاحة وتتبين فيه البلاغة ولهذا أعيدت كثير من القصص على ترتيبات متفاوتة تنبيهًا بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به ومتكررًا ولوأمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لم تؤد إلى تلك المعاني ونحوها فعلى هذا القصد بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها إظهار الإعجاز دون السجع إلى أن قال‏:‏ فبان بذلك أن الحروف الواقعة في الفواصل متناسبة مع النظائر التي تقع في الأسجاع لا تخرجها عن حدها ولا تدخلها في باب السجع وقد بينا انهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء فكان بعض مصاريعه كلمتين وبعضها أربع كلمات ولا يرون ذلك فصاحة بل يرونه عجزًا فلوفهموا اشتمال القرآن على السجع لقالوا نحن نعارضه بسجع معتدل يريد في الفصاحة على طريقة القرآن أه كلام القاضي في كتاب الإعجاز‏.‏

ونقل صاحب عروس الأفراح عنه أنه ذهب في الانتصار إلى جواز تسمية الفواص سجعًا‏.‏

وقال الخفاجي في سر الفصاحة‏:‏ قول الرماني إن السجع عيب والفواصل غلط فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى وهوغير مقصود بتكلف فذلك بلاغة والفواصل مثله وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له وهومقصود بتكلف فذلك عيب والفواصل مثله وأظن الذي دعاهم إلى تسمية جل ما في القرآن فواص ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعًا رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام الروى عن الكهنة غيرهم وهذا غرض في التسمية قريب والحقيقة ما قلناه‏.‏

قال‏:‏ والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل‏.‏

قال‏:‏ فإن قيل‏:‏ إذا كان عندكم أن السجع محمود فهلا ورد القرآن كله مسجوعًا وما الوجه في ورود بعضه مسجوعًا وبعضه غير مسجوع قلنا‏:‏ إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعاداتهم وكان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعًا لما فيه من أمارات التكلف والاستكراه لاسيما مع طول الكلام فلم يرد كله مسجوعًا جريًا منه على عرقهم في اللطافة الغالبة أوالطبقة العالية من كلامهم ولم يخل من السجع لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة‏.‏

وقال ابن النفيس‏:‏ يكفي في حسن السجع ورود القرآن به‏.‏

قال‏:‏ ولا يقدح في ذلك خلوة في بعض الآيات لأن الحسن قد يقتضي المقام الانتقال إلى أحسن منه‏.‏

وقال حازم‏:‏ من الناس من يكره تقطيع الكلام إلى مقادير متناسبة الأطراف غير متقاربة في الطول والقصر لما فيه من التكلف إلا ما يقع إلمام به في النادر من الكلام ومنهم من يرى أن التناسب الواقع بإفراغ الكلام في قالب التفقيه وتحليتها بمناسبة المقاطع أكيد جدًا‏.‏

ومنهم وهوالوسط من يرى أن السجع وإن كان زينة للكلام فقد يدعوإلى التكلف فرأى أن لا يستعمل في جملة الكلام وأن لا يخلوالكلام منه جملة وأنه يقبل منه ما اجتلبه الخاطر عفوًا بلا تكلف‏.‏

قال‏:‏ وكيف يعاب السجع على الإطلاق وإنما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلامهم وإنما لم يجئ على أسلوب واحد لأنه لا يحسن في الكلام جميعًا أن يكون مستمرًا على نمط واحد لما فيه من التكلف ولما فيه في الطبع من الملل ولأن الافتتان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد فلهذا وردت بعض آي القرآن متماثلة المقاطع وبعضها غير متماثلة‏.‏

فصل ألف الشيخ شمس الدين بن الصائغ الحنفي كتبًا سماه أحكام الرأي في أحكام الآي قال فيه اعلم أن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يرتكل لها أمور من مخالفة الأصول‏.‏

قال‏:‏ وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة فعثرت منها على نيف عن الأربعين حكمًا أحدها‏:‏ تقديم المعمول إما على العامل نحو أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قيل ومنه وإياك نستعين أوعلى معمول آخر أصله التقديم نحو ‏{‏لنريك من آياتنا الكبرى‏}‏إذا أعربنا الكبرى مفعول نرى أوعلى الفاعل نحو لقد جاء آل فرعون النذر ومنه تقديم خبر كان على اسمها نحو ‏{‏ولم يكن له كفوًا أحد‏}‏‏.‏

الثاني‏:‏ تقديم ما هومتأخر في الزمان نحو ‏{‏فلله الآخرة والأولى‏}‏ولولا مراعاة الفواصل لقدمت الأولى كقوله ‏{‏له الحمد في الأولى والآخرة‏}‏‏.‏

الثالث‏:‏ تقديم الفاضل على الأفضل نحو برب هارون وموسى وتقدم ما فيه‏.‏

الرابع‏:‏ تقديم الضمير على ما يفسره نحو فأوجس في نفسه خيفة موسى‏.‏

الخامس‏:‏ تقديم الصفة الجملة على الصفة المفردة نحو ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا‏.‏

السادس‏:‏ حذف ياء المنقوص المعرف نحو ‏{‏الكبير المتعال‏}‏يوم التناد‏.‏

السابع‏:‏ حذف ياء الفعل غير المجزوم نحو ‏{‏والليل إذا يسر‏}‏‏.‏

الثامن‏:‏ حذف ياء الإضافة نحو ‏{‏فكيف كان عذابي ونذر‏}‏ ‏{‏فكيف كان عقاب‏}‏‏.‏

التاسع‏:‏ زيادة حرف المد نحو‏:‏ الظنونا والرسولا والسبيلا‏.‏

ومنه إبقاؤه مع الجازم نحو ‏{‏لا تخاف دركًا ولا تخشى‏}‏ ‏{‏سنقرئك فلا تنسى‏}‏على القول بأنه نهي‏.‏

العاشر‏:‏ صرف مال الينصرف نحو قوارير قوارير‏.‏

الحادي عشر‏:‏ إيثار تذكير اسم الجنس كقوله ‏{‏أعجاز نخل منقعر‏.‏

الثاني عشر‏:‏ إيثار تأنيثه نحو أعجاز نخل خاوية ونظير هذين قوله في القمر وكل صغير وكبير مستطر وفي الكهف ‏{‏لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها‏}‏‏.‏

الثالث عشر‏:‏ الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللذين قرئ بهما في السبع في غير ذلك كقوله تعالى فأولئك تحروا رشدًا ولم يجئ رشدًا في السبع وكذا ‏{‏وهيئ لنا من أمرنا رشدًا‏}‏ لأن الفواصل في السورتين بحركة الوسط وقد جاء في وإن يروا سبيل الرشد وبهذا يبطل ترجيح الفارسي قراءة التحريك بالإجماع عليه فيما تقدم ونظير ذلك قراءة تبت يدا أبي لهب بفتح الهاء وسكونها ولم يقرأ سيصلى نارًا ذات لهب إلا بالفتح لمراعاة الفاصلة‏.‏

الرابع عشر‏:‏ إيراد الجملة التي رد بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الاسمية والفعلية كقوله تعالى ‏{‏ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين‏}‏ولم يطابق بين قولهم آمنا وبين ما رد به فيقول ولم يؤمنوا أوما آمنوا لذلك‏.‏

الخامس عشر‏:‏ إيراد أحد القسمين غير مطابق للآخر كذلك نحو ‏{‏فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين‏}‏ ولم يقل كذبوا‏.‏

السادس عشر‏:‏ إيراد أحد جزأي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرها من الجملة أخرى نحو ‏{‏أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون‏}‏‏.‏

السابع عشر‏:‏ إيثار أغرب اللفظين نحو ‏{‏قسمة ضيزى‏}‏ولم يقل جائزة ‏{‏لينبذن في الحطمة‏}‏ولم يقل جهنم أوالنار‏.‏

وقال في المدثر ‏{‏سأصليه سقر‏}‏وفي سأل ‏{‏إنها لظى‏}‏وفي القارعة ‏{‏فأمه هاوية‏}‏لمراعاة فواصل كل سورة‏.‏

الثامن عشر‏:‏ كل من المشركين بموضع نحو ‏{‏وليذكر أولوا الألباب‏}‏ وفي سورة طه ‏{‏إن في ذلك لآيات لأولي النهي‏}‏‏.‏

التاسع عشر‏:‏ حذف المفعول نحو ‏{‏فأما من أعطى واتقى‏}‏ ‏{‏ما ودعك ربك وما قلى‏}‏ومنه حذف متعلق أفعل التفضيل نحو ‏{‏يعلم السر وأخفى‏}‏ ‏{‏خير وأبقى‏}‏‏.‏

العشرون‏:‏ الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو ‏{‏فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى‏}‏‏.‏

الحادي والعشرون‏:‏ الاستغناء به عن الجمع نحو ‏{‏واجعلنا للمتقين إمامًا‏}‏ولم يقل أئمة كما قال ‏{‏وجعلناهم أئمة يهدون‏}‏ ‏{‏إن المتقين في جنات ونهر‏}‏أي أنهار الثاني والعشرون‏:‏ الاستغناء بالتثنية عن الإفراد نحو ‏{‏ولمن خاف مقام ربه جنتان‏}‏قال الفراء‏:‏ أراد جنًا كقوله ‏{‏فإن الجنة هي المأوى‏}‏فثنى لأجل الفاصلة‏.‏

قال‏:‏ والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمل سائر الكلام ونظير ذلك قول الفراء أيضًا في قوله تعالى ‏{‏إذ انبعث أشقاها‏}‏ فإنها رجلان‏:‏ قدار وآخر معه ولم يقل أشقياها للفاصلة وقد أنكر ذلك ابن قتيبة وأغلظ فيه وقال‏:‏ إنما يجوز في رؤوس الآي زيادة ها السكت أوالألف أوحذف همز أوحرف فإما أن يكون الله وعد بجنتين فنجعلهما جنة واحد لأجل رؤوس الآي معاذ الله وكيف هذا وهويصفها بصفات الاثنين قال ‏{‏ذواتا أفنان‏}‏ثم قال فيهما‏:‏ وأما ابن الصائغ فإن نقل عن الفراء أنه أراد جنات فأطلق الاثنين على الجمع لأجل الفاصلة ثم قال وهذا غير بعيد قال‏:‏ وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون‏.‏

الرابع والعشرون‏:‏ الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو لا بيع فيه ولا خلال أي ولا خلة كما ففي الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة‏.‏

الخامس والعشرون‏:‏ إجراء غير العاقل مجرى العاقل نحو ‏{‏رأيتهم لي ساجدين‏}‏ ‏{‏كل في فلك يسبحون‏}‏السادس والعشرون‏:‏ إمالة مالا يمال كآي طه والنجم‏.‏

السابع العشرون‏:‏ الإتيان بصيغة المبالغة كقدير وعليم مع ترك ذلك في نحوهوالقادر وعالم الغيب ومنه ‏{‏وما كان ربك نسيًا‏}‏‏.‏

الثامن والعشرون‏:‏ إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض نحو ‏{‏إن هذا لشيء عجاب‏}‏أوثر على عجيب لذلك‏.‏

التاسع والعشرون‏:‏ الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو ‏{‏ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزمًا وأجل مسمى‏}‏‏.‏

الثلاثون‏:‏ إيقاع الظاهر موقع الضمير نحو ‏{‏والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين‏}‏ وكذا بآية الكهف‏.‏

الحادي والثلاثون‏:‏ وقوع مفعول موقع اعل كقوله ‏{‏حجابًا مستورًا‏}‏ ‏{‏كان وعده مأتيًا‏}‏أي ساترًا وآنيًا‏.‏

الثاني والثلاثون‏:‏ وقوع فاعل موقع مفعول نحو ‏{‏عيشة راضية‏}‏ ‏{‏ماء دافق‏}‏‏.‏

الثالث والثلاثون الفصل بين الموصوف والصفة نحو ‏{‏أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى‏}‏ إن أعرب أحوى صفة المرعي أي حالًا‏.‏

الرابع والثلاثون‏:‏ إيقاع حرف مكان غيره نحو ‏{‏بأن ربك أوحى لها‏}‏والأصل إليها

الخامس والثلاثون‏:‏ تأخير الوصف الأبلغ عن الأبلغ ومنه الرحمن الرحيم رءوف رحيم لأن الرأفة أبلغ من الرحمة‏.‏

السادس والثلاثون‏:‏ حذف الفاعل ونيابة المفعول نحو ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى‏}‏‏.‏

السابع والثلاثون‏:‏ إثبات هاء السكت نحو‏:‏ ماليه سلطانيه ماهيه‏.‏

الثامن والثلاثون‏:‏ الجمع بين المجرورات نحو ‏{‏ثم لا تجد لك به علينا وكيلا‏}‏ فإن الأحسن الفصل بينها لا أن مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه وتأخير تبيعًا التاسع والثلاثون‏:‏ العدول عن صيغة المضي إلى صيغة الاستقبال نحو ‏{‏ففريقًا كذبتم وفريقًا تقتلون‏}‏ والأصل قتلتم‏.‏

الأربعون‏:‏ تغيير بنية الكلمة نحو ‏{‏طور سينين‏}‏والأصل سينًا‏.‏

تنبيه قال ابن الصائغ‏:‏ لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمور أخرى مع وجه المناسبة فإن القرآن العظيم كما جاء في الأثر لا تنقضي عجائبه‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:34


النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي ( تابع )


فصل قال ابن أبي الأصبع‏:‏ لا تخرج فواصل القرآن عن أحد أربعة أشياء‏:‏ التمكين والتصدير والتوشيح والإيغال‏.‏

فالتمكين ويسمى ائتلاف القافية‏:‏ أن يمهد الناثر للقرينة أوالشاعر للقافية تمهيدًا تأتي به القافية أوالقرينة متمكنة في مكانها مستقرة في قرارها مطمئنة في مراضعها غير نافرة ولا قلقة متعلقًا معناها بمعنى الكلام كله تعلقًا تامًا بحيث لوطرحت لاختل المعنى واضطرب الفهم وبحيث لوسكت عنها كمله السامع بطبعه‏.‏

ومن أمثلة ذلك ‏{‏يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك‏}‏ الآية فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة وتلاه ذكر التصرف في الأموال اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد على الترتيب لأن الحلم يناسب العبادات والرشد يناسب الأموال‏.‏

وقوله ‏{‏أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أولم يروا أنا نسوق الماء إلى قوله ‏{‏أفلا تبصرون فأتى في الآية الأولى بيهد لهم وختمها بيسمعون لأن الموعظة فيها مسموعة وهي أخبار القرون‏.‏

وفي الثانية بيروا وختمها بيبصرون لأنها مرئية‏.‏

وقوله ‏{‏لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير‏}‏ فإن الطيف يناسب مالًا يدرك بالبصر والخبير يناسب ما يدركه‏.‏

وقوله ‏{‏ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين‏}‏إلى قوله ‏{‏فتبارك الله أحسن الخالقين‏}‏فإن في هذه الفاصلة التمكين التام المناسب لما قبلها وقد بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها قبل أن يسمع آخرها فأخرج ابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن زيد بن ثابت قال أملى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ‏{‏ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين‏}‏إلى قوله ‏{‏خلقًا آخر‏}‏قال معاذ بن جبل ‏{‏فتبارك الله أحسن الخالقين‏}‏فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ‏:‏ مما ضحكت با رسول الله قال‏:‏ بها ختمت‏.‏

وحكى أن أعرابيًا سمع قارئًا يقرأ‏:‏ ‏{‏فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله غفور رحيم‏}‏ ولم يكن يقرأ القرآن فقال‏:‏ إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه‏.‏

تنبيهات‏.‏

الأول قد تجتمع فواصل في موضع واحد ويخالف بينها كأوائل النحل فإنه تعالى بدأ بذكر الأفلاك فقال ‏{‏خلق السموات والأرض بالحق‏}‏ ثم ذكر خلق الإنسان من نطفة ثم خلق الأنعام ثم عجائب النبات فقال ‏{‏هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون‏}‏ فجعل مقطع هذه الآية التفكر فإنه استدلال بحدث الأنواع المختلفة من النبات على وجود الإله القادر المختار ولما كان هنا مظنة سؤال وهوأنه لا يجوز أن يكون المؤثر فيه طبائع الفصول وحركات الشمس والقمر وكان الدليل لا يتم إلا بالجواب عن هذا السؤال كان مجال التفكر والنظر والتأمل باقيًا فأجاب تعالى عنه من وجهين‏.‏

أحدهما‏:‏ أن تغيرات العالم السفلي مربوطة بأحوال الأفلاك فتلك الحركات كيف حصلت فإن كان حصولها بسبب أفلاك أخرى لزم التسلسل وإن كان من الخالق الحكيم فذاك إقرار بوجود الله تعالى وهذا هو المراد بقوله ‏{‏وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون‏}‏فجعل مقطع هذه الآية العقل وكأنه قيل إن كنت عاقلًا فاعلم أن التسلسل باطل فوجب انتهاء الحركات إلى حركة يكون موجدها غير متحرك وهوالإله القادر المختار‏.‏

والثاني‏:‏ أن نسبة الكواكب والطبائع إلى جميع أجزاء الورقة الواحدة والحبة الواحدة واحدة ثم إنا نرى الورقة الواحدة من الورد أحد وجهيها في غاية الحمرة والآخر في غاية السواد فلوكان المؤثر موجبًا بالذات لامتنع حصول هذا التفاوت في الآثار فعلمنا أن المؤثر قادر مختار وهذا هو المراد من قوله ‏{‏وما ذرأ لكم في الأرض مختلفًا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون‏}‏كأنه قيل اذكر ما ترسخ في عقلك أن الواجب بالذات والطبع لا يختلف تأثيره فإذا نظرت حصول هذا الاختلاف علمت أ المؤثر ليس هو الطبائع بل الفاعل المختار فلهذا جعل مقطع الآية التذكر ومن ذلك قوله تعالى ‏{‏قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم‏}‏الآيات فإن الأولى ختمت بقوله ‏{‏لعلكم تعقلون‏}‏والثانية بقوله ‏{‏لعلكم تذكرون‏}‏والثالثة بقوله ‏{‏لعلكم تتقون‏}‏لأن الوصايا التي في الآية الأولى إنما يحمل على تركها عدم العقل الغالب على الهوى لأن الإشراك بالله لعدم استكمال العقل الدال على توحيده وعظمته وكذلك عقوق الوالدين لا يقتضيه العقل لسبق إحسانهما إلى الولد بكل طريق وكذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق مع وجود الرازق الحي الكريم وكذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل وكذا قتل النفس لغيظ أوغضب في القاتل فحسن بعد ذلك يعقلون‏.‏

وأما الثانية فتعلقها بالحقوق المالية والقولية فإن من علم أن له أيتامًا يخلفهم من بعده لا يليق به أن يعامل أيتام غيره إلا بما يجب أن يعامل به أيتامه ومن يكيل أويزن أويشهد لغيره لوكان ذلك الأمر له لم يجب أن يكون فيه خيانة ولا يحسن وكذا من وعد لووعد لم يحب أن يخلف ومن أحب ذلك عامل الناس ليعاملوه بمثله فترك ذلك إنما يكون لغفلة عن تدبر ذلك وتأمله فذلك ناسب الختم بقوله ‏‏لعلكم تذكرون ‏.‏

وأما الثالثة لأن ترك أتباع شرائع الله الدينية مؤد إلى غضبه وإلى عقابه فحسن لعلكم تتقون أي عقاب الله بسببه ومن ذلك قوله في أنعام أيضًا ‏{‏وهو الذي جعل لكم النجوم‏}‏الآيات فإنه ختم الأولى بقوله ‏{‏لقوم يعلمون‏}‏والثانية بقوله ‏{‏لقوم يفقهون‏}‏والثالثة بقوله ‏{‏لقوم يؤمنون‏}‏وذلك لأن حساب النجوم والاهتداء بها يختص بالعلماء بذلك فناسب ختمه بيعلمون وإنشاء الخالق من نفس واحدة ونقلهم من صلب إلى رحم ثم إلى الدنيا ثم إلى حياة وموت والنظر في ذلك والفكر فيه أدق فناسب ختمه بيفقهون لأن الفقه فهم الأشياء الدقيقة‏.‏

ولما ذكره ما أنعم به على عباده من سعة الأرزاق والأقوات والثمار وأنواع ذلك ناسب ختمه بالإيمان الداعي إلى شكره تعالى على نعمه ومن ذلك قوله تعالى ‏{‏وما هو بقول شاعر قليلًا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلًا ما تذكرون‏}‏ حيث ختم الأولى بتؤمنون والثانية بتذكرون‏.‏

ووجهه أن مخالفة القرآن لنظم الشعر ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد فقول من قال شعر كفر وعناد محض فناسب ختمه بقوله ‏{‏قليلًا ما تؤمنون وأما مخالفته لنظم الكهان وألفاظ السجع فيحتاج إلى تذكر وتدبر لأن كلًا منهما نثر فليست مخالفته له في وضوحها لكل أحد كمخالفته الشعر وإنما تظهر بتدبر ما في القرآن من الفصاحة والبلاغة والبدائع والمعاني الأنيقة فحسن ختمه بقوله ‏{‏قليلًا ما تذكرون‏.‏

ومن بديع هذا النوع اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدث عنه واحد لنكتة لطيفة كقوله تعالى في سورة إبراهيم ‏{‏وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار‏}‏ثم قال في سورة النحل ‏{‏وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم‏}‏قال ابن المنير‏:‏ كأنه يقول إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها فحصل لك عند أخذها وصفان‏:‏ كونك ظلومًا وكونك كفارًا‏:‏ يعني لعدووفائك بشكرها ولي عند إعطائها وصفان وهما أني غفور رحيم أقابل ظلمك بغفراني وكفرك برحمتي فلا أقابل تقصيرك إلا بالتوقير ولا أجازي جفاك إلا بالوفاء‏.‏

وقال غيره‏:‏ إنما خص سورة إبراهيم بوصف المنعم عليه وسورة النحل بوصف المنعم لأنه في سورة إبراهيم في مساق وصف الإنسان وفي سورة النحل في مساق صفات الله وإثبات ألوهيته ونظيره قوله تعالى في سورة الجاثية ‏{‏من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون‏}‏وفي فصلت ختم بقوله ‏{‏وما ربك بظلام للعبيد‏}‏ونكتة ذلك أن قبل الآية الأولى ‏{‏قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون‏}‏فناسب الختام بفاصلة البعث لأن قبله وصفهم بإنكاره‏.‏

وأما الثانية فالختام بما فيها مناسب أنه لا يضيع عملًا صالحًا ولا يزيد على من عمل سيئًا‏.‏

وقال في سورة النساء ‏{‏إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون لك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثمًا عظيمًا‏}‏ ثم أعادها وختم بقوله ‏{‏ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالًا بعيدًا‏}‏ونكتة ذلك أن الأولى نزلت في اليهود وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابه والثانية نزلت في المشركين ولا كتاب لهم وضلالهم أشد ونظيره قوله في المائدة ‏{‏ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون‏}‏ثم أعادها فقال ‏{‏فأولئك هم الظالمون‏}‏قال في الثالثة ‏{‏فأولئك هم الفاسقون‏}‏ونكتته أن الأولى نزلت في أحكام المسلمين والثانية في اليهود والثالثة في النصارى‏.‏

وقيل الأولى فيمن جحد ما أنزل الله والثانية فيمن خالف مع علمه ولم ينكره والثالثة فيمن خالفه جاهلًا‏.‏

وقيل الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى واحد وهوالكفر عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار وعكس هذا اتفاق الفاصلتين والمحدث عنه مختلف كقوله في سورة النور يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم إلى قوله كذلك ‏{‏يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم‏}‏ثم قال إذ بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك ‏{‏يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم‏}‏‏.‏

التنبيه الثاني من مشكلات الفواصل قوله تعالى ‏{‏إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم‏}‏فإن قوله ‏{‏وإن تغفر لهم‏}‏يقتضي أن تكون الفاصلة الغفور الرحيم وكا نقلت عن مصحف أبيّ وبها قرأ ابن شنبوذ وذكر في حكمته أنه لا يغفر لمن استحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهوالعزيز‏:‏ أي الغالب والحكيم هو الذي يضع الشيء في محله وقد يخفي وجه الحكمة على بعض الضعفاء في بعض الأفعال فيتوهم أنه خارج عنها وليس كذلك فكان في الوصف بالحكيم احتراس حسن‏:‏ أي وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا معترض عليك لأحد في ذلك والحكمة فيما فعلته ونظير ذلك قوله في سورة التوبة ‏{‏أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم‏}‏وفي سورة الممتحنة ‏{‏واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم‏}‏وفي غافر ‏{‏ربنا وأدخلهم جنات عدن‏}‏إلى قوله ‏{‏إنك أنت العزيز الحكيم‏}‏ وفي النور ‏{‏ولولا فضل الله عليكم ورحمته وإن الله تواب حكيم‏}‏فإن بادئ الرأي يقتضي ثواب رحيم لأن الرحمة مناسبة للتوبة‏:‏ لكن عبر به إشارة إلى فائدة مشروعية اللعان وحكمته وهي الستر عن هذه الفاحشة العظيمة ومن خفي ذلك قوله في سورة البقرة ‏{‏هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم‏}‏ وفي آل عمران ‏{‏قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير‏}‏ فإن المتبادر إلى الذهن في آية البقرة الختم بالقدرة وفي آية آل عمران الختم بالعلم‏.‏

والجواب أن آية البقرة لما تضمنت الإخبار عن خلق الأرض وما فيها على حسب حاجات أهلها ومنافعهم ومصالحهم وخلق السموات خلقًا مستويًا محكمًا من غير تفاوت والخالق على الوصف المذكور يجب أن يكون عالمًا بما فعله كليًا وجزئيًا مجملًا ومفصلًا يناسب ختمها بصفة العلم وآية آل عمران لما كانت في سياق الوعيد على موالاة الكفار وكان التعبير بالعلم فيها كناية عن المجازاة بالعقاب والثواب ناسب ختمها بصفة القدرة ومن ذلك قوله ‏{‏وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورًا‏}‏فالختم بالحلم والمغفرة عقب تسابيح الأشياء غير ظاهر في بادئ الرأي وذكر في حكمته أنه لما كانت الأشياء كلها تسبح ولا عصيان في حقها وأنتم تعصون ختم به مراعاة للمقدر في الآية وهوالعصيان كما جاء في الحديث لولا بهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبًا ولرص رصًا وقيل التقدير حلمًا عن تفريط المسبحين غفورًا لذنوبهم وقيل حليمًا عن المخاطبين الذين لا يفقهون التسبيح بإهمالهم النظر في الآيات والعبر ليعرفوا حقه بالتأمل فيما أودع في مخلوقاته مما يوجب تنزيهه‏.‏

التنبيه الثالث في الفواصل ما لا نظير له في القرآن كقوله عقب الأمر الغض في سورة النور ‏{‏إن الله خبير بما يصنعون‏}‏وقوله عقب الأمر بالدعاء والاستجابة ‏{‏لعلهم يرشدون‏}‏وقيل فيه تعريض بليلة القدر حيث ذكر ذلك عقب ذكر رمضان‏:‏ أي لعلهم يرشدون إلى معرفتها‏.‏

وأما التصدير فهوأن تكون تلك اللفظة بعينها تقدمت في أول الآية وتسمى أيضًا رد العجز على الصدر‏.‏

وقال ابن المعتز‏:‏ هوثلاثة أقسام‏.‏

الأول‏:‏ توافق آخر الفاصلة وآخر كلمة في الصدر نحو أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدًا والثاني‏:‏ أن يوافق أول كلمة منه نحو وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب قال إني لعلمكم من القالين الثالث‏:‏ أ يوافق بعض كلماته نحو ‏{‏ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون‏}‏‏{‏انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلًا ‏}‏ ‏{‏قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبًا‏}‏إلى قوله ‏{‏وقد خاب من افترى‏}‏ ‏{‏فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا‏}‏وأما التوشيح فهوأن يكون في أول الكلام ما يستلزم القافية والفرق بينه وبين التصدير أن هذا دلالته معنوية وذاك لفظية كقوله تعالى ‏{‏إن الله اصطفى آدم‏}‏الآية فإن اصطفى لا يدل على أن الفاصلة العالمين باللفظ لأن لفظ العالمين غير لفظ اصطفى‏.‏

ولكن بالمعنى لأنه يعلم أن من لوازم اصطفى أن يكون مختارًا على جنسه وجنس هؤلاء المصطفين العالمون وكقوله ‏{‏وآية لهم الليل نسلخ‏}‏الآية‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ فإن من كان حافظًا لهذه السورة متفطنًا إلى أن مقاطع آيها النون المرادفة وسمع في صدر الآية انسلاخ النهار من الليل علم أن الفاصلة مظلمون لأن من أسلخ النهار عن ليله أظلم‏:‏ أي دخل في الظلمة ولذلك سمي توشيحًا لأن الكلام لما دل أوله على آخره نزل المعنى منزلة الوشاح ونزل أول الكلام وآخره من زلة لا عاتق والكشح اللذين تحوط عليهما الوشاح‏.‏وأما الإيغال فتقدم في نوع الإطناب‏.‏

فصل قسم البديعيون السجع ومثله الفواصل إلى أقسام‏:‏ مطرف ومتوازي ومرصع ومتوازن ومتماثل‏.‏

فالطرف‏:‏ أن تختلف الفاصلتان في الوزن وتتفقا في حروف السجع نحو مالكم لا ترجعون لله وقارًا وقد خلقكم أطوارًا والمتوازي‏:‏ أن يتفقا وزنًا وتقفية ولم يكن ما في الأولى مقابلًا في الثانية في الوزن والتقفية نحو فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة‏.‏

والمتوازن‏:‏ أن يتفقا في الوزن دون التقفية نحو ‏{‏ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة‏}‏‏.‏

والمرصع‏:‏ أن يتفقا وزنًا وتقفية ويكون ما في الأولى مقابلًا لما في الثانية كذلك نحو ‏{‏إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم‏}‏‏{‏إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم‏}‏‏.‏

والمماثل‏:‏ أ يتساويا في الوزن دون التقفية وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية فهوبالنسبة إلى المرصع كالمتوازن بالنسبة إلى المتوازي نحو ‏{‏وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم‏}‏ فالكتاب والصراط يتوازنان‏.‏

وكذا المستبين والمستقيم واختلفا في الحرف الأخير‏.‏


_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:34


النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي ( تابع )


فصل بقي نوعان متعلقان بالفواصل‏.‏

أحدهما‏:‏ التشريع وسماه ابن أبي الأصبع‏:‏ التوأم وأصله أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض فإذا اسقط منها جزءًا أوجزأين صابر الباقي بيتًا من وزن آخر‏.‏

ثم زعم قوم اختصاصه به‏.‏

وقال آخرون‏:‏ بل يكون في النثر بأن يكون مبنيًا على سجعتين لواقتصر على الأولى منهما كان الكلام تامًا مفيدًا وإن ألحقت به السجعة الثانية كان في التمام والإفادة على حاله مع زيادة معنى ما زاد من اللفظ‏.‏

قال ابن أبي الأصبع‏:‏ وقد جاء من هذا الباب معظم سورة الرحمن فإن آياتها لواقتصر فيها على أول الفاصلتين دون فبأي آلاء ربكما تكذبان لكان تامًا وقد كمل بالثانية فأفاد معنى زائدًا من التقرير والتوبيخ‏.‏

قلت‏:‏ التمثيل غير مطابق والأولى أن يمثل بالآيات التي في إثباتها ما يصح أن يكون فاصلة كقوله ‏{‏لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وإن الله قد أحاط بكل شيء علمًا‏}‏وأشباه ذلك‏.‏

الثاني‏:‏ الاستلزام ويسمى لزوم ما لا يلزم وهوأ يلتزم في الشعر أوالنثر حرفًا أوحرفين فصاعدًا قبل الروي بشرط عدم الكلفة‏.‏

مثال التزام حرف ‏{‏فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر‏}‏ التزم الهاء قبل الراء ومثله ألم نشرح لك صدرك الآيات التزم فيها الراء قبل الكاف فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس التزم فيها النون المشددة قبل السين ‏{‏والليل وما وسق والقمر إذا اتسق‏}‏‏.‏

ومثال التزام حرفين ‏{‏والطور وكتاب مسطور‏}‏ ‏{‏ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرًا غير ممنون‏}‏ ‏{‏بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق‏}‏‏.‏

ومثال التزام ثلاثة أحرف ‏{‏تذكروا فإذا هم مبصرون‏}‏ ‏{‏وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون‏}‏‏.‏

تنبيهات‏.‏

الأول قال أهل البديع‏:‏ احسن السجع ونحوه ما تساوت قرائنه نحو ‏{‏في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود‏}‏ ويليه ما طالت قرينته الثانية نحو ‏{‏والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى‏}‏أوالثالثة نحو ‏{‏خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة‏}‏ الآية‏.‏

وقالا ابن الأثير‏:‏ الأحسن في الثانية المساواة وإلا فأطول قليلًا‏.‏

وفي الثالثة أن تكون أطول‏.‏

وقال الخفاجي‏:‏ لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من أولى‏.‏

الثاني قالوا أحسن السجع ما كان قصيرًا لدلالته على قوة المنشئ وأقله كلمتان نحو يا أيها المدثر قم فأنذر الآيات والمرسلات عرفًا الآيات ‏{‏والذاريات ذروًا‏}‏الآيات ‏{‏والعاديات ضبحًا‏}‏الثالث قال الزمخشري في كشافه القديم‏:‏ لا تحسن المحافظة على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سردها على المنهج الذي يقتضيه حسن النظم والتآمه فأما أن يهمل المعاني ويهتم بتحسين الألفاظ وحده غير منظور فيه إلى مؤداه فليس من قبيل البلاغة وبنى ذلك أ التقديم في وبالآخرة هم يوقنون ليس لمجرد الفاصلة بل لرعاية الاختصاص‏.‏

الرابع مبنى الفواصل على الوقف ولهذا ساغ مقابلة المرفوع بالمجرور وبالعكس كقوله ‏{‏إنا خلقناهم من طين لازب‏}‏مع قوله ‏{‏عذاب واصب‏}‏و‏{‏شهاب ثاقب‏}‏وقوله ‏{‏بماء منهمر‏}‏مع قوله ‏{‏قد قدر‏}‏و سحر ومستمر وقوله ‏{‏وما لهم من دونه من وال‏}‏مع قوله ‏{‏وينشئ السحاب الثقال‏}‏‏.‏

الخامس كثر في القرآن ختم الفواصل بحروف المد واللين وإلحاق النون وحكمته وجود التمكن من التطريب بذلك كما قال سيبويه أنهم إذا تمرنوا يلحقون الألف والياء والنون لأنهم أرادوا مد الصوت ويتركون ذلك إذا لم يترنموا وجاء في القرآن على أسهل موقف وأعذب مقطع‏.‏

السادس حروف الفواصل إما متماثلووإما متقاربة‏.‏

فالأولى‏:‏ مثل والطور ‏{‏وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور‏}‏‏.‏

والثاني‏:‏ مثل الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ‏{‏ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب‏}‏ قال الغمام فخر الدين وغيره‏:‏ وفواصل القرآن لا تخرج عن هذين القسمين بل تنحصر في المتماثلة والمتقاربة‏.‏

قال‏:‏ وبهذا يترجح مذهب الشافعي على مذهب أبي حنيفة في عد الفاتحة سبع آيات مع البسملة وجعل صراط الذين إلى آخرها آية فإن من جعل الآية السادسة أنعمت عليهم مردود بأنه لا يشابه فواصل سائر آيات السورة لا بالمماثلة ولا بالمقاربة ورعاية التشابه في الفواصل لازمة‏.‏

السابع كثر في الفواصل التضمين والإيطاء لأنهما ليسا بعيبين في النثر وإن كانا معيبين في النظم فالتضمين أن يكون ما بعد الفاصلة متعلقًا بها كقوله تعالى وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل ‏.‏

والإيطاء تكرر الفاصلة بلفظها كقوله تعالى في الإسراء ‏{‏هل كنت إلا بشرًا رسولًا‏}‏وختم بذلك الآيتين بعدها‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:35


النوع الستون في فواتح السور



أفردها بالتأليف ابن أبي الأصبع في كتاب سماه الخواطر السوانح في أسرار الفواتح وأنا ألخص هنا ما ذكره مع زوائد من غيره‏:‏ اعلم أن الله تعالى افتتح سور القرآن بعشرة أنواع من الكلام لا يخرج شيء من السور عنها‏.‏

الأول‏:‏ الثناء عليه تعالى والثناء قسمان‏:‏ إثبات لصفات المدح ونفي وتنزيله من صفات النقص‏.‏

فالأول‏:‏ التحميد في خمس سور وتبارك في سورتين‏.‏

والثاني‏:‏ التسبيح في سبع سور‏.‏

قال الكرماني في متشابه القرآن‏:‏ التسبيح كلمة استأثر الله بها فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل لأنه الأصل ثم بالماضي في الحديد والحشر لأنه أسبق الزمانين ثم بالمضارع في الجمعة والتغابن ثم بالأمر في الأعلى استيعابًا لهذه الكلمة في جميع جهاتها‏.‏

الثاني‏:‏ حروف التهجي في تسع وعشرين سورة وقد مضى الكلام عليها مستوعبًا في نوع المتشابه ويأتي الإلمام بمناسباتها في نوع المناسبات‏.‏

الثالث‏:‏ النداء في عشر سور‏:‏ خمس بنداء الرسول صلى اله عليه وسلم‏:‏ الأحزاب والطلاق والتحريم والمزمل والمدثر وخمس بنداء الأمة‏:‏ النساء والمائدة والحج والحجرات والممتحنة‏.‏

الرابع‏:‏ الجمل الخبرية نحو ‏{‏يسألونك عن الأنفال‏}‏ ‏{‏براءة من الله‏}‏ ‏{‏أتى أمر الله‏}‏ ‏{‏اقترب للناس حسابهم‏}‏ ‏{‏قد أفلح المؤمنون‏}‏ ‏{‏سورة أنزلناها‏}‏ ‏{‏تنزيل الكتاب‏}‏الذين كفروا إنا فتحنا اقتربت الساعة الرحمن قد سمع الله الحاقة سأل سائل إنا أرسلنا نوحًا أقسم من موضعين عبس إنا أنزلناه لم يكن القارعة ألهاكم إنا أعطيناك فتلك ثلاث وعشرون صورة‏.‏

الخامس‏:‏ القسم في خمس عشرة سورة أقسم فيها بالملائكة وهي الصافات وسورتان بالأفلاك البروج والطارق وست سور بلوازمها‏:‏ فالنجم قسم بالثريا والفجر بمبدأ النهار والشمس بآية النهار والليل بشطر الزمان والضحى بشطر النهار والعصر بالشطر الآخر أوبجملة الزمان وسورتان بالهواء الذي هوأحد العناصر والذاريات والمرسلات وسورة بالتربة التي هي منها أيضًا وهي الطور وسورة بالنبات وهي والتين وسورة بالحيوان الناطق وهي والنازعات وسورة بالبهيم وهي والعاديات‏.‏

السادس‏:‏ الشرط في سبع سور‏:‏ الواقعة والمنافقون والتكوير والانفطار والانشقاق والزلزلة والنصر‏.‏

السابع‏:‏ الأمر في ست سور‏:‏ قل أوحى اقرأ قل يا أيها الكافرون قل هو الله أحد قل أعوذ المعوذتين‏.‏

الثامن‏:‏ الاستفهام في ست‏:‏ هل أتى عم يتساءلون هل أتاك ألم نشرح ألم تر أرأيت‏.‏

التاسع‏:‏ الدعاء في ثلاث‏:‏ ويل لمطففين ويل لكل همزة تبت‏.‏

العاشر‏:‏ التعليل في لئيلاف قريش‏.‏

هكذا جمع أبوشامة قال‏:‏ وما ذكرناه في قسم الدعاء يجوز أن يذكر مع الخبر وكذا الثناء كله خبر إلا سبح فإنه أثنى على نفسه سبحانه بثبو ت الحمد والسلب لما استفتح السورة والأمر والشرط والتعليل والقسم والد عا حروف التهجي استفهم الخبر وقال أهل البيان‏:‏ من البلاغة حسن الابتداء وهوأن يتأنق في أول الكلام لأنه أول ما يقرع السمع فإن كان محررًا أقبل السامع على الكلام ووعاه وإلا أعرض عنه لوكان الباقي في نهاية الحسن فينبغي أن يؤتى فيه بأعذب لفظ وأجزله وأرقه وأسلسه وأحسنه نظمًا وسبكًا وأصحه معنى وأوضحه وأحلاه من التعقيد والتقديم والتأخير الملبس أوالذي لا يناسب‏.‏

قالوا‏:‏ وقد أتت جميع فواتح السور على أحسن الوجوه وأبلغها وأكملها كالتحميدات وحروف الهجاء والنداء وغير ذلك‏.‏

ومن الابتداء الحسن نوع أخص منه يسمى براعة الاستهلال وهوأن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه ويشير إلى ما سبق الكلام لأجله والعلم الأنثي في ذلك سورة الفاتحة التي هي مطلع القرآن فإنها مشتملة على جميع مقاصده كما قال البيهقي في شعب الإيمان‏:‏ أخبرنا أبو القاسم بن حبيب أنبأنا محمد بن صالح بن هانئ أنبأنا الحسين بن الفضل حدثنا عفان بن مسلم عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال‏:‏ أنزل الله تعالى مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها‏:‏ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة وقد وجه ذلك بأن العلوم التي احتوى عليها القرآن وقامت بها الأديان الأربعة‏:‏ علم الأصول ومداره على معرفة الله تعالى وصفاته وإليه الإشارة برب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوات وإليه الإشارة بالذين أنعمت عليهم ومعرفة المعاد وإليه الإشارة بملك يوم الدين‏.‏

وعلم العبادات وإليه الإشارة بإياك نعبد‏.‏

وعلم السلوك وهوحمل النفس على الآداب الشرعية والانقياد لرب البرية وإليه الإشارة بإياك نستعين إهدنا الصراط المستقيم‏.‏

وعلم القصص وهوالإطلاع على أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية ليعلم المطلع على ذلك سعادة من أطاع الله وشقاوة من عصاه وإليه الإشارة بقوله صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فنبه في الفاتحة على جميع مقاصد القرآن وهذا هو الغاية في براعة الاستهلال مع ما اشتملت عليه من الألفاظ الحسنة والمقاطع المستحسنة وأنواع البلاغة‏.‏

وكذلك أول سورة اقرأ فإنها مشتملة على نظير ما اشتملت عليه الفاتحة من براعة الاستهلال لكونها أول ما أنزل فإن فيها الأمر بالقراءة والبداءة فيها باسم الله وفيه الإشارة على علم الأحكام وفيها ما يتعلق بتوحيد الربوإثبات ذاته وصفاته من صفة ذات وصفة فعل وفي هذه الإشارة إلى أصول الدين وفيها ما يتعلق بالأخبار من قوله ‏{‏علم الإنسان ما لم يعلم‏}‏ولهذا قيل أنها جديرة أن تسمى عنوان القرآن لأن عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:36


النوع الحادي والستون في خواتم السور


هي أيضًا مثل الفواتح في الحسن لأنها آخر ما يقرع الأسماع فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة مع إيذان السامع بانتهاء الكلام حتى لا يبقى معه للنفوس تشوف إلى ما يذكر بعد لأنها بين أدعية ووصايا وفرائض وتحميد وتهليل ومواعظ ووعد ووعيد إلى غير ذلك كتفصيل جملة المطلوب في خاتمة الفاتحة إذ المطلوب الأعلى الإيمان المحفوظ من المعاصي المسببة لغضب الله والضلال ففصل جملة لك بقوله ‏{‏الذين أنعمت عليهم والمراد المؤمنون ولذلك أطلق الإنعام ولم يقيده ليتناول كل إنعام لأن من أنعم الله عليه بنعمة الإيمان فقد انعم الله عليه بكل نعمة لأنها مستتبعة لجميع النعم‏.‏

ثم وصفهم بقوله ‏{‏غير المغضوب عليهم ولا الضالين‏}‏يعني أنهم جمعوا بين النعم المطلقة وهي نعمة الإيمان والسلامة وبين السلامة من غضب الله تعالى والضلال المسببين عن معاصيه وتعدى حدوده وكالدعاء الذي اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة وكالوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا‏}‏الآية والفرائض التي ختمت بها سورة النساء وحسن الختم بها لما فيها من أحكام الموت الذي هوآخر أمر كل حي ولأنها آخر ما نزل من الأحكام وكالتبجيل والتعظيم الذي ختمت به المائدة وكالوعد والوعيد الذي ختمت به الأنعام وكالتحريض على العبادة بوصف حال الملائكة الذي ختمت به الأعراف وكالحض على الجهاد وصلة الأرحام التي ختم به الأنفال وكوصف الرسول ومدحه والتهليل الذي ختمت به براءة وتسليته عليه الصلاة والسلام الذي ختم به يونس ومثلها خاتمة هود ووصف القرآن ومدحه الذي ختم به يوسف والوعيد والرد على من كذب الرسول الذي به ختم الرعد‏.‏

ومن أوضح ما آذن بالختام خاتمة إبراهيم ‏{‏هذا بلاغ للناس‏}‏الآية‏.‏

ومثلها خاتمة الأحقاف وكذا خاتمة الحجر بقوله ‏{‏واعبد ربك حتى يأتيك اليقين‏}‏وهومفسر بالموت فإنها في غاية البراعة‏.‏

وانظر إلى سورة الزلزلة كيف بدئت بأهوال القيامة وختمت بقوله ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره‏}‏ وانظر إلى براعة آخر آية نزلت وهي قوله ‏{‏واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله وما فيها من الإشعار بالآخرية المستلزمة للوفاة‏.‏

وكذا آخر سورة نزلت وهي سورة النصر فيها الإشعار بالوفاة كما أخرج البخاري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أن عمر سألهم عن قوله ‏{‏إذا جاء نصر الله والفتح‏}‏فقالوا‏:‏ فتح المدائن والقصور‏.‏

قال‏:‏ ما تقول يا ابن عباس قال‏:‏ أجل ضرب لمحمد نعيت له نفسه‏.‏

وأخرج أيضًا عنه قال‏:‏ كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال‏:‏ لم يدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فقال عمر‏:‏ إنه من قد علمتم ثم دعاهم ذات يوم فقال‏:‏ ما تقولون في قول الله ‏{‏إذا جاء نصر الله والفتح‏}‏فقال بعضهم‏:‏ أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا جاء نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا فقال لي‏:‏ أكذلك تقول يا ابن عباس فقلت‏:‏ لا قال‏:‏ فما تقول قلت‏:‏ هوأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له قال إذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا فقال عمر‏:‏ إني لا أعلم منها إلا ما تقول‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:37


النوع الثاني والستون في مناسبة الآيات والسور


أفرده بالتأليف العلامة أبوجعفر بن الزبير شيخ أبي حيان في كتاب سماه البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن ومن أهل العصر الشيخ برهان الدين البقاعي في كتاب سماه نظم الدرر في تناسب الآي والسور وكتابي الذي صنفته في أسرار التنزيل كافل بذلك جامع لمناسبات السور والآيات مع ما تضمنه من بيان وجوه الإعجاز وأساليب البلاغة وقد لخصت منه مناسبة السور خاصة في جزء لطيف سميته تناسق الدرر في تناسب السور وعلم المناسبة علم شريف قل اعتناء المفسرين به لدقته وممن أكثر منه الإمام فخر الدين فقال في تفسيره‏:‏ أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط‏.‏

وقال ابن العربي في سراج المريدين‏:‏ ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى يكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة ثم فتح الله لنا فيه فلما لم نجد له حملة ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه‏.‏

وقال غيره‏:‏ أولم ن أظهر علم المناسبة الشيخ أبو بكر النيسابوري وكان غزير العلم في الشريعة والأدب وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه‏:‏ لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة‏.‏وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام‏:‏ المناسبة علم حسن لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط ومن ربط ذلك فهومتكلف بما لا يقدر عليه إلا بربط ركيك يصان عن مثله حسن الحديث فضلًا عن أحسنه فإن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة شرعت لأسباب مختلفة وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض‏.‏

وقال الشيخ ولي الدين الملوي‏:‏ قد وهم من قال‏:‏ لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلًا وعلى حسب الحكمة ترتيبًا وتأصيلًا فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزل جملة إلى بيت العزة ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أومستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم وهكذا فأي السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له أه‏.‏

وقال الإمام الرازي في سورة البقرة‏:‏ ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة وفي بدائع ترتيبها علم أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه فهوأيضًا بسبب ترتيبه ونظم آياته ولعل الذين قالوا إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك إلا أني رأيت جمهور المفسرين معرضين على هذه اللطائف غير منتبهين لهذه الأسرار وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل‏:‏ والنجم تستصغر الأبصار صورته والذنب للطرف لا للنجم في الصغر فصل المناسبة في اللغة‏:‏ المشاكلة والمقاربة ومرجعها في الآيات ونحوها إلى معنى رابط بينها عام أوخاص عقلي أوحسي أوخيالي أوغير ذلك من أنواع العلاقات أوالتلازم الذهين كالسبب والمسبب والعلة والمعلوم والنظيرين والضدين ونحوهم وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذًا بأعناق بعض فيقوى بذلك الارتباط ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء فنقول ذكر الآية بعد الأخرى إما أن يكون ظاهر الارتباط لتعلق الكلم بعضه ببعض وعدم تمامه بالأولى فواضح وكذلك إذا كانت الثانية للأولى على وجه التأكيد أوالتفسير أوالاعتراض أوالبدل وهذا القسم لا كلام فيه‏.‏

وإما أن لا يظهر الارتباط بل يظهر أن كل جملة مستقلة عن الأخرى وأنها خلاف النوع المبدوء به فإما أن تكون معطوفة على الأولى بحرف من حروف العطف المشركة في الحكم أولًا فإن كانت معطوفة فلا بد أن يكون بينهما جهة جامعة على ما سبق تقسيمه كقوله تعالى يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرف فيها وقوله ‏{‏والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون للتضاد بين القبض والبسط والولوج والخروج والنزول والعروج وشبه التضاد بين السماء والأرض‏.‏

ومما الكلام فيه التضاد ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب والرغبة بعد الرهبة وقد جرت عادة القرآن إذا ذكر أحكامًا ذكر بعدها وعدًا ووعيدًا ليكون باعثًا على العمل بما سبق ثم يذكر آيات توحيد وتنزيه ليعلم عظم الآمر والناهي‏.‏

وتأمل سورة البقرة والنساء والمائدة تجده كذلك وإن لم تكن معطوفة فلا بد من دعامة تؤذن باتصال الكلام وهي قرائن معنوية تؤذن بالربط وله أسباب‏.‏أحدها‏:‏ التنظير فإن إلحاق النظير بالنظير من شأن العقلاء كقوله ‏{‏كما أخرجك ربك من بيتك بالحق‏.‏

عقب قوله أولئك هم المؤمنون حقًا فإنه تعالى أمر رسوله أن يمضي لأمره في الغنائم على كره من أصحابه كما مضى لأمره في خروجه من بيته لطلب العير أوللقتال وهم له كارهون والقصد أن كراهتهم لما فعله من قسمة الغنائم ككراهتهم للخروج وقد تبين في الخروج الخير من الظفر والنصر والغنيمة وعز الإسلام فكذا يكون فيما فعله في القسمة فليطيعوا ما أمروا به ويتركوا هوى أنفسهم‏.‏

الثاني‏:‏ المضادة كقوله في سورة البقرة ‏{‏إن الذين كفروا سواء عليهم‏}‏الآية فإن أول السورة كان حديثًا عن القرآن وأن من شأنه الهداية للقوم الموصوفين بالإيمان فلما أكمل وصف المؤمنين عقب بحديث الكافرين فبينهما جامع وهمي ويسمى بالتضاد من هذا الوجه وحكمته التشويق والثبوت على الأول كما قيل وبضدها تتبين الأشياء فإن قيل‏:‏ هذا جامع بعيد لأن كونه حديثًا عن المؤمنين بالعرض لا بالذات والمقصود بالذات الذي هومساق الكلام إنما هو الحديث عن القرآن لأنه مفتتح القول‏.‏

قيل لا يشترط في الجامع ذلك بل يكفي التعلق على أي وجه كان ويكفي في وجه الربط ما ذكرناه لأن القصد تأكيدًا أمر القرآن والعمل به والحث على الإيمان ولهذا لما فرغ من ذلك قال وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فرجع إلى الأول‏.‏

الثالث‏:‏ الاستطراد كقوله تعالى ‏{‏يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا ولباس التقوى ذلك خير‏}‏ قال الزمخشري‏:‏ هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقب ذكر بدوالسوات وخصف الورق عليهما إظهارًا للمنة في ما خلق من اللباس ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة وإشعارًا بأن الستر باب عظيم من أبواب التقوى وقد خرجت على الاستطراد قوله تعالى لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون فإن أول الكلام ذكر للرد على النصارى الزاعمين نبوة المسيح ثم استطرد للرد على العرب الزاعمين نبوة الملائكة ويقرب من الاستطراد حتى لا يكادان يفترقان حسن التخلص وهوأن ينتقل مما ابتدئ به الكلام إلى المقصود على وجه سهل يختلسه اختلاسًا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع عليه الثاني لشدة الالتئام بينهما وقد غلط أبو العلاء محمد بن غانم في قوله لم يقع منه في القرآن شيء لما فيه من التكلف وقال‏:‏ إن القرآن إنما ورد على الاقتضاب الذي هوطريقة العرب من الانتقال إلى غير ملائم وليس كما قال‏:‏ ففيه من التخلصات العجيبة ما يحير العقول‏.‏وانظر إلى سورة الأعراف كيف ذكر فيها الأنبياء والقرون الماضية والأمم السالفة ثم ذكر موسى إلا أن قص حكاية السبعين رجلًا ودعائه لهم ولسائر أمته بقوله ‏{‏واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة وجوابه تعالى عنه ثم تخلص بمناقب سيد المرسلين بعد تخلصه لأمته بقوله ‏{‏قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين‏}‏من صفاتهم كيت وكيت وهم الذين يتبعون الرسول النبي الأمي وأخذ في صفاته الكريمة وفضائله‏.‏

وفي سورة الشعراء حكى قول إبراهيم ولا تحزني يوم يبعثون فتخلص منه إلى وصف المعاد بقوله ‏{‏يوم لا ينفع مال ولا بنون‏}‏الخ‏.‏

وفي سورة الكهف حكى قول ذي القرنين في السد بعد دكه الذي هومن أشراط الساعة ثم النفخ في السور وذكر الحشر ووصف ما للكفار والمؤمنين‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الفرق بين التخلص والاستطراد‏:‏ أنك في التخلص تركت ما كنت فيه بالكلية وأقبلت على ما تخلصت إليه وفي الاستطراد تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورًا كالبرق الخاطف ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه كأنك لم تقصده وإنما عرض عروضًا‏.‏

قيل وبهذا يظهر أن ما في سورتي الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا التخلص لعوده في الأعراف إلى قصة موسى بقوله ‏{‏ومن قوم موسى أمة‏}‏الخ‏.‏

وفي الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم‏.‏

ويقرب من حسن التخلص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطًا للسامع مفصولًا بهذا كقوله في سورة ص بعد ذكر الأنبياء هذا ذكر وإنا للمتقين لحسن مآب فإن هذا القرآن نوع الذكر لما أنهى ذكر الأنبياء وهونوع من التنزيل أراد أن يذكر نوعًا آخر وهوذكر الجنة وأهلها‏.‏

ثم لما فرغ قال‏:‏ هذا وإن للطاغين لشر مآب فذكر النار وأهلها‏.‏قال ابن الأثير‏:‏ هذا في هذا المقام من الفصل الذي هواحسن من الوصل وهي علاقة أكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر‏.‏

ويقرب منه أيضًا حسن المطلب‏.‏

قال الزنجاني والطيبي وهوأن يخرج إلى الغرض بعد تقدم الوسيلة كقوله ‏{‏إياك نعبد وإياك نستعين قال الطيبي‏:‏ ومما اجتمع حسن التخلص والمطلب معًا قوله حكاية عن إبراهيم فإنه عدولي إلا رب العالمين الذي خلقني فهويهدين إلى قوله ‏{‏رب هب لي حكمًا وألحقني بالصالحين‏.‏

قاعدة قال بعض المتأخرين‏:‏ الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات في جميع القرآن هوأنك تنظر الغرض الذي سيقت له السورة وتنظر ما يحتاج إليه ذلك الغرض من المقدمات وتنظر إلى مراتب تلك المقدمات في القرب والبعد من المطلوب وتنظر عند انجرار الكلام في المقدمات إلى ما يستتبعه من استشراف نفس السامع إلى الأحكام واللوازم التابعة له التي تقتضي البلاغة شفاء الغليل بدفع عناء الاستشراف إلى الوقوف عليها فهذا هو الأمر الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن فإذا عقلته تبين لك وجه النظم مفصلًا بين كل آية وآية في كل سورة انتهى‏.‏

تنبيه من الآيات ما أشكلت مناسبتها لما قبلها من ذلك قوله تعالى في سورة القيامة لا تحرك به لسانك لتعجل به الآيات فإن وجه مناسبتها لأول السورة وآخرها عسر جدًا فإن السورة كلها في أحوال القيامة حتى زعم بعض الرافضة أنه سقط من السورة شيء وحتى ذهب القفال فيما حكاه الفخر الرازي أنها نزلت في الإنسان المذكور قبل في قوله ‏{‏ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر‏}‏قال‏:‏ يعرض عليه كتابه فإذا أخذ في القراءة تلجلج خوفًا فأسرع في القراءة فيقال له‏:‏ لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا أن نجمع عملك وأن نقرأ عليك فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه بالإقرار بأنك فعلت ثم إن علينا بيان أمر الإنسان وما يتعلق بعقوبته أه‏.‏

وهذا يخالف ما ثبت في الصحيح أنها نزلت في تحريك النبي صلى الله عليه وسلم لسانه حالة نزول الوحي عليه وقد ذكر الأئمة لها مناسبات منها‏:‏ أنه تعالى لما ذكر القيامة وكان من شأن أن يقصر عن العمل لها حب العاجلة وكان من اصل الدين أن المبادرة إلى أفعال الخير مطلوبة فنبه على أنه قد يعترض على هذا المطلوب ما هوأجل منه وهوالإصغاء إلى الوحي وتفهم ما يرد منه والتشاغل بالحفظ قد يصد عن ذلك فأمر بأن لا يبادر إلى التحفظ لأن تحفيظه مضمون على ربه وليصغ إلى ما يرد عليه إلى أن ينقضي فيتبع ما اشتمل عيه ثم لما انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما يتعلق بالإنسان المبدأ بذكره ومن هومن جنسه فقال كلا وهي كلمة ردع كأنه قال‏:‏ بل أنتم يا بني آدم لكونكم خلقتم من عجل تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون لي العاجلة‏.‏

ومنها‏:‏ أن عادة القرآن إذا ذكر الكتاب المشتمل على عمل العبد حيث يعرض يوم القيامة أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الأحكام الدينية في الدنيا التي تنشأ عنها المحاسبة عملًا وتركًا كما قال في الكهف ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه إلا أن قال ‏{‏ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل‏}‏ الآية وقال في سبحان فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرأون كتابهم إلا أن قال ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن‏}‏ الآية‏.‏

وقال في طه ‏{‏يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقًا‏}‏إلا أن قال ‏{‏فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه‏}‏‏.‏

ومنها‏:‏ أن أول السورة لما نزل إلى ولوألقي معاذيره صادف أنه صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة بادر إلى تحفظ الذي نزل وحرك به لسانه من عجلته خشية من تفلته فنزل ‏{‏لا تحرك به لسانك لتعجل به‏}‏إلى قوله ‏{‏ثم إن علينا بيانه‏}‏ثم عاد الكلام إلى تكملة ما ابتدئ به‏.‏

قال الفخر الرازي‏:‏ ونحوه ما لو ألقى المدرس على الطالب مثلًا مسئلة فتشاغل الطالب بشيء عرض له فقال له‏:‏ ألق إلى بالك وتفهم ما تقول ثم كمل المسئلة فمن لا يعرف السبب يقول‏:‏ ليس هذا الكلام مناسبًا للمسئلة بخلاف من عرف ذلك‏.‏

ومنها‏:‏ أن النفس لما تقدم ذكرها في أول السورة عدل إلى ذكر نفس المصطفى كأنه قيل هذا شأن النفوس وأنت يا محمد نفسه أشرف النفوس فلتأخذ بأكمل الأحوال‏.‏

ومن ذلك قوله تعالى ‏{‏يسئلونك عن الأهلة‏}‏ الآية فقد يقال‏:‏ أي رابط بين أحكام الأهلة وبين حكم إتيان البيوت وأجيب بأنه من باب الاستطراد لما ذكر أنها مواقيل للحج وكان هذا من أفعالهم في الحج كما ثبت في سبب نزولها ذكر معه من باب الزيادة في الجواب على ما في السؤال كما سئل عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته‏.‏

ومن ذلك قوله تعالى ‏{‏ولله المشرق والمغرب‏}‏الآية فقد يقال ما وجه اتصاله بما قبله وهوقوله ‏{‏ومن أظلم ممن منع مساجد الله‏}‏الآية وقال الشيخ أبومحمد الجويني في تفسيره‏:‏ سمعت أبا الحسن الدهان يقول‏:‏ وجه اتصاله هوأن ذكر تخريب بيت المقدس قد سبق‏:‏ أي فلا يجر منكم ذلك واستقبلوه فإن له المشرق والمغرب‏.‏

فصل من هذا النوع مناسبة فواتح السور وخواتمها وقد أفردت فيه جزءًا لطيفًا سميته مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع وانظر إلى سورة القصص كيف بدئت بأمر موسى ونصرته وقوله ‏{‏فلن أكون ظهيرًا للمجرمين‏}‏وخروجه من وطنه وختمت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يكون ظهيرًا للكافرين وتسليته عن إخراجه من مكة وعده بالعود إليها لقوله في أول السورة إنا راد قال الزمخشري‏:‏ وقد جعل الله فاتحة سورة قد أفلح المؤمنون وأورد في خاتمتها أنه لا يفلح الكافرون فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة‏.‏

وذكر الكرماني في العجائب مثله وقال‏:‏ في سورة ص بدأها بالذكر وختمها به إن هوإلا ذكر للعالمين في سورة بدأها بقوله ‏{‏ما أنت بنعمة ربك بمجنون‏}‏وختمها بقوله ‏{‏إنه لمجنون ومنه مناسبة فاتحة السورة لخاتمة ما قبلها حتى أن منها ما يظهر تعلقها به لفظًا كما في فجعلهم كعصف مأكول لئيلاف قريش فقد قال الأخفش اتصالها بها من باب فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًا وحزنًا وقال الكواشي في تفسير المائدة‏:‏ لما ختم سورة النساء أمر بالتوحيد والعدل بين العباد أكد ذلك بقوله ‏{‏يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود وقال غيره‏:‏ إذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها ثم هويخفي تارة ويظهر أخرى كافتتاح سورة الأنعام بالحمد فإنه مناسب لختام المائدة من فصل القضاء كما قال تعالى وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين وكافتتاح سورة فاطر بالحمد لله فإنه مناسب لختام ما قبلها من قوله ‏{‏وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل‏}‏كما قال تعالى ‏{‏فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين‏}‏وكافتتاح سورة الحديد بالتسبيح فإنه مناسب لختام سورة الواقعة بالأمر به وكافتتاح سورة البقرة بقوله ‏{‏الم ذلك الكتاب‏}‏ فإنه إشارة إلى الصراط في قوله ‏{‏إهدنا الصراط المستقيم‏}‏كأنهم لما سألوا الهداية إلى الصراط قيل لهم ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب وهذا معنى حسن يظهر فيه ارتباط سورة البقرة بالفاتحة‏.‏

ومن لطائف سورة الكوثر أنها كالمقابلة للتي قبلها لأن السابقة وصف الله فيها المنافق بأربعة أمور‏:‏ البخل وترك الصلاة والرياء فيها ومنع الزكاة‏.‏

فذكر فيها في مقابلة البخل ‏{‏إنا أعطيناك الكوثر‏}‏أي الخير الكثير وفي مقابلة ترك الصلاة فصل أي دم عليها وي مقابلة الرياء لربك أي لرضاه لا للناس وفي مقابلة منع الماعون وانحر وأراد به التصدق بلحم الأضاحي‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:38


النوع الثاني والستون في مناسبة الآيات والسور



وقال بعضهم‏:‏ لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم‏.‏

أحدها‏:‏ بحسب الحروف كما في الحواميم‏.‏

الثاني‏:‏ الموافقة أول السورة لآخر ما قبلها كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة‏.‏

الثالث‏:‏ للتوازن في اللفظ كآخر تبت وأول الإخلاص‏.‏الرابع‏:‏ لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى كالضحى وألم نشرح‏.‏

قال بعض الأئمة‏:‏ وسورة الفاتحة تضمنت الإقرار بالربوبية والالتجاء إليه في دين الإسلام والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين وآل عمران مكملة لمقصودها‏.‏

فالبقرة بمنزلة إقامة الدليل على الحكم وآل عمران بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم ولهذا ورد فيها ذكر المتشابه لما تمسك به النصارى وأوجب الحج في آل عمران وأما في البقرة فذكر أنه مشروع وأمر بإتمامه بعد الشروع فيه‏.‏

وكان خطاب النصارى في آل عمران أكثر كما أن خطاب اليهود في البقرة أكثر لأن التوراة اصل والإنجيل فرع لها والنبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم وكان جهاده للنصارى في آخر الأمر كما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب‏.‏

ولهذا كانت السور المكية فيها الدين الذي اتفق عليه والأنبياء فخوطب به جميع الناس‏.‏

والسور المدنية فيها خطاب من أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين فخوطبوا بيا أهل الكتاب يا بني إسرائيل يا أيها الذين آمنوا وأما سورة النساء متضمنة أحكام الأسباب التي بين الناس وهي نوعان‏:‏ مخلوقة لله ومقدورة لهم كالنسب والصهر ولهذا افتتحت بقوله ‏{‏اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها‏}‏ثم قال ‏{‏واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام‏}‏فانظر هذه المناسبة العجيبة في الافتتاح وبراعة الاستهلال حيث تضمنت الآية المفتتح بها ما أكثر السورة في أحكامه من نكاح النساء ومحرماته والمواريث المتعلقة بالأرحام فإن ابتداء هذا الأمر كان بخلق آدم ثم خلق زوجه منه ثم بث منهما رجالًا كثيرًا ونساء في غاية الكثرة‏.‏وأما المائدة فسور العقود تضمنت بيان تمام الشرائع ومكملات الدين والوفاء بعهود الرسل وما أخذ على الأمة وبها تم الدين فهي سورة التكميل لأن فيها تحريم الصيد على المحرم الذي هومن تمام الإحرام وتحريم الخمر الذي هومن تمام حفظ العقل والدين وعقوبه المعتدين من السراق والمحاربين الذي هومن تمام حفظ الدماء والأموال وإحلال الطيبات الذي هومن تمام عبادة الله تعالى ولهذا ذكر فيها ما يختص شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كالضوء والتيمم والحكم بالقرآن على كل ذي دين ولهذا أكثر فيها من لفظ الإكمال والإتمام وذكر فيها أن من ارتد عوض الله بخير منه ولا يزال هذا الدين كاملًا ولها أورد أنها آخر ما نزل فيها من إشارات الختم والتمام وهذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيات من أحسن الترتيب‏.‏

وقال أبوجعفر بن الزبير‏:‏ حكى الخطابي أن الصحابة لما اجتمعوا على القرآن وضعوا سورة القدر عقب العلق استدلوا بذلك على أن المراد بها الكناية في قوله ‏{‏إنا أنزلناه في ليلة القدر‏}‏الإشارة إلى قوله اقرأ‏.‏

قال القاضي أبو بكر بن العربي‏:‏ وهذا بديع جدًا‏.‏

فصل قال في البرهان‏:‏ ومن ذلك افتتاح السور بالحروف المقطعة واختصاص كل واحدة بما بدئت به حتى لم يكن لترد الم في موضع الر ولا حم في موضع طس‏.‏

قال‏:‏ وذلك أن كل سورة بدئت بحرف منها فإن أكثر كلماتها وحروفها مماثل له فحق لكل سورة منها أن لا يناسبها غير الواردة فيها فلووضع ق موضع ن لعدم التناسب الواجب مراعاته في كلام الله وسورة ق بدئت به لما تكرر فيها من الكلمات بلفظ القاف من ذكر القرآن والخلق وتكرير القول ومراجعته مرارًا والقرب من ابن آدم وتلقى المكيين وقول العتيد والرقيب والسائق والإلقاء في جهنم والتقدم بالوعد وذكر المتقين والقلب والقرون والتنقيب في البلاد وتشقق الأرض وحقوق الوعيد وغير ذلك وقد تكرر في سورة يونس من الكلم الواقع فيها الر مائتا كلمة أوأكثر فلهذا افتتحت بالر واشتملت سورة ص على خصومات متعددة فأولها خصومة النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار وقولهم أجعل الآلهة إلهًا واحدًا ثم اختصام الخصمين عند داود ثم تخاصم أهل النار ثم اختصام الملأ الأعلى ثم تخاصم إبليس في شأن آدم ثم في شأن بنيه وإغوائهم‏.‏

والم جمعت المخارج الثلاثة‏:‏ الخلق واللسان والشفتين على ترتيبها وذلك إشارة إلى البداية التي هي بدء الخلق والنهاية التي هي بدء الميعاد والوسط الذي هو المعاش من التشريع بالأوار والنواهي وكل سورة افتتحت بها فهي مشتملة على الأمور الثلاثة‏.‏

وسورة الأعراف زيد فيها الصاد على الم لما فيها من شرح القصص قصة آدم فمن بعده من الأنبياء ولما فيها من ذكر فلا يكن في صدرك حرج ولهذا قال بعضهم‏:‏ معنى المص‏:‏ ألم نشرح لك صدرك وزيد في الرعد راء لأجل قوله رفع السموات ولأجل ذكر الرعد والبرق وغيرهما‏.‏واعلم أن إعادة القرآن العظيم في ذكر هذه الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلق بالقرآن كقوله ‏{‏الم ذلك الكتاب‏}‏‏.‏

الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق ‏{‏المص كتاب أنزل إليك الر تلك آيات الكتاب‏}‏ ‏{‏طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى‏}‏ ‏{‏طسم تلك آيات الكتاب‏}‏ ‏{‏يس والقرآن‏}‏ ‏{‏ص والقرآن‏}‏ ‏{‏حم تنزيل الكتاب‏}‏ ‏{‏ق والقرآن‏}‏إلا ثلاث سور‏:‏ العنكبوت والروم ون ليس فيها ما يتعلق به وقد ذكرت حكمة ذلك في أسرار التنزيل‏.‏

وقال الحراني في معنى حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف‏:‏ زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال‏.‏

واعلم أن القرآن منزل عند انتهاء الخلق وكمال كل الأمر بدا فكان المتحلي به جامعًا لانتهاء كل خلق وكمال كل أمر فلذلك هوصلى الله عليه وسلم قسيم الكون وهوالجامع الكامل ولذلك كان خاتمًا وكتابه كذلك‏.‏

وبدء المعاد من حين ظهوره فاستوفي في صلاح هذه الجوامع الثلاث التي قد خلت في الأولين بداياتها وتمت عنده غاياتها بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وهي صلاح الدنيا والدين والمعاد التي جمعها عليه الصلاة والسلام اللهم اصلح لي ديني الذي هوعصمة أمري واصلح لي دنياي التي فيها معاشي واصلح لي آخرتي التي إليها معادي وفي كل صلاح إقدام وإحجام فتصير الثلاثة الجوامع مع ستة هي حروف القرآن الستة ثم وهب حرفًا جامعًا سابعًا فردّ الأزواج له فتمت سبعة‏:‏ فأدنى تلك الحروف هوحرف إصلاح الدنيا فلها حرفان‏:‏ أحدهما حرف الحرام الذي لا تصلح النفس والبدن إلا بالتطهير منه لبعده عن تقويمها‏.‏

والثاني حرف الحلال الذي تصلح النفس والبدن عليه لموافقته تقويمها وأصل هذين الحرفين في التوراة وتمامهما في القرآن‏.‏

ويلي ذلك حرفا صلاح المعاد‏.‏

أحدهما حرف الزجر والنهي الذي لا تصلح الآخرة إلا بالتطهير منه لبعده عن حسناتها‏.‏

والثاني حرف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناتها وأصل هذين الحرفين في الإنجيل وتمامهما في القرآن‏.‏

ويلي ذلك حرفا صلاح الدين‏:‏ أحدهما حرف المحكم الذي بان للعبد فيه خطاب ربه‏.‏

والثاني حرف المتشابه الذي لا يتبين للعبد فيه خطاب ربه من جهة قصور عقله عن إدراكه فالحروف الخمسة للاستعمال وهذا الحرف السادس للوقوف والاعتراف بالعجز وأصل هذين الحرفين في الكتب المتقدمة كلها وتمامهما في القرآن ويختص القرآن بالحرف السابع الجامع وهوحرف المثل المبين للمثل الأعلى ولما كان هذا الحرف هو الحمد افتتح الله به أم القرآن وجمع فيها جوامع الحروف السبعة التي بثها في القرآن‏.‏

فالآية الأولى تشتمل على حرف الحمد السابع‏.‏

والثانية تشتمل على حرفي الحلال والحرام اللذين أقامت الرحمانية بهما الدنيا والرحيمية الآخرة‏.‏

والثالثة تشتمل على أمر الملك القيم على حرفي الأمر والنهي اللذين يبدأ أمرهما في الدين‏.‏

والرابعة تشتمل على حرفي المحكم في قوله ‏{‏إياك نعبد‏}‏والمتشابه في قوله ‏{‏وإياك نستعين ولما افتتح أم القرآن بالسابع الجامع الموهوب ابتدئت البقرة بالسادس المعجوز عنه وهوالمتشابه أه كلام الحراني‏.‏

والمقصود منه هو الأخير وبقيته ينبوعنه السمع وينفر عنه القلب ولا تميل إليه النفوس وأنا أستغفر الله من حكايته على أني أقول في مناسبة ابتداء البقرة بالم أحسن ما قال وهوأنه لما ابتدئت الفاتحة بالحرف المحكم الظاهر لكل أحد حيث لا يعذر أحد في فهمه ابتدئت البقرة بمقابله وهوالحرف المتشابه البعيد التأويل أوالمستحيلة‏.‏

فصل ومن هذا النوع مناسبة أسماء السور لمقاصدها وقد تقدم في النوع السابع عشر الإشارة إلى ذلك‏.‏

وفي عجائب الكرماني‏:‏ إنما سميت السور السبع حم على الاشتراك في الاسم لما بينهن من المتشاكل الذي اختصت به وهوأن كل واحدة منها استفتحت بالكتاب أوصفة الكتاب مع تقارب المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكلام في النظام‏.‏

فوائد منثورة في المناسبات في تذكرة الشيخ تاج الدين السبكي ومن خطه نقلت‏:‏ سأل الإمام ما الحكمة في افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح والكهف بالتحميد وأجاب بأن التسبيح حيث جاء يقدم على التحميد نحو فسبح بحمد ربك سبحان الله والحمد لله‏.‏

وأجاب ابن الزملكاني بأن سورة سبحان لما اشتملت على الإسراء الذي كذب المشركون به النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه تكذيب لله سبحانه وتعالى أتى بسبحان لتنزيه الله تعالى عما نسب إليه نبيه من الكذب‏.‏

وسورة الكهف لما أنزلت بعد سؤال المشركين عن قصة أصحاب الكهف وتأخر الوحي نزلت مبينة أن الله لم يقطع نعمته عن نبيه ولا عن المؤمنين بل أتم عليهم النعمة بإنزال الكتاب فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة‏.‏

في تفسير الخويبي‏:‏ ابتدئت الفاتحة بقوله الحمد لله رب العالمين بوصف أنه مالك جميع المخلوقين وفي الأنعام والكهف وسبأ وفاطر لم يوصف بذلك بل بفرد من أفراد صفاته وهوخلق السموات والأرض والظلمات والنور في الأنعام وأنزل الكتاب في الكهف وملك ما في السموات وما في الأرض في سبأ وخلقهما في فاطر لأن الفاتحة أم القرآن ومطلعه فناسب الإتيان فيها بأبلغ الصفات وأعمها واشملها‏.‏

في العجائب للكرماني‏:‏ إن قيل كيف جاء يسألونك أربع مرات بغير واو يسألونك عن الأهلة يسألونك ماذا ينفقون يسألونك عن الشهر الحرام يسألونك عن الخمر ثم جاء ثلاث مرات بالواو ويسألونك ماذا ينفقون ويسألونك عن اليتامى ويسألونك عن اليتامى ويسألونك عن المحيض قلنا‏:‏ لأن سؤالهم عن الحوادث الأول وقع متفرقًا وعن الحوادث الأخر وقع في وقت واحد فجئ بحرف الجمع دلالة على ذلك‏.‏

فإن قيل‏:‏ كيف جاء ويسألونك عن الجبال فقل وعادة القرآن مجيء قل في الجواب بلا فاء‏.‏

وأجاب الكرماني بأن التقدير‏:‏ لوسئلت عنها فقل‏.‏

فإن قيل‏:‏ كيف جاء ‏{‏وإذا سألك عبادي عني فإني قريب‏}‏وعادة السؤال يجيء جوابه في القرآن بقل قلنا‏:‏ حذفت للإشارة إلى أن العبد في حال الدعاء في أشرف المقامات لا واسطة بينه وبين مولاه‏.‏

ورد في القرآن سورتان أولهما يا أيها الناس في كل نصف سورة فالتي في النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ والتي في الثاني على شرح المعاد‏.

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالثلاثاء 28 يوليو 2009 - 14:39


النوع الثالث والستون في الآيات المشتبهات


أفرده بالتصنيف خلق‏:‏ أولهم فيما أحسب الكسائي ونظمه السخاوي وألف في توجيهه الكرماني كتابه البران في متشابه القرآن وأحسن منه درة التنزيل وغرة التأويل لأبي عبد الله الرازي واحسن من هذا ملاك التأويل لأبي جعفر بن الزبير ولم أقف عليه‏.‏

وللقاضي بدر الدين بن جماعة في ذلك كتاب لطيف سماه كشف المعاني عن متشابه المثاني وفي كتاب أسرار التنزيل المسمى قطف الأزهار في كشف الأسرار من ذلك الجم الغفير والقصد به إيراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة بل تأتي في موضع واحد مقدمًا وفي آخر مؤخرًا كقوله في البقرة وادخلوا الباب سجدًا وقولوا حطة وفي الأعراف وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدًا وفي البقرة وما أهل به لغير الله وسائر القرآن وما أهل لغير الله به أوفي موضع بزيادة وفي آخر بدونها نحو سواء عليهم أأنذرتهم وفي يس وفي البقرة ويكون الدين لله وفي الأنفال كله لله أوفي موضع معرفًا وفي آخر منكرًا أومفردًا وفي آخر جمعًا أوبحرف وفي آخر بحرف آخر أومدغمًا وفي آخر مفكوكًا وهذا النوع يتداخل مع نوع المناسبات وهذه أمثلة منه بتوجيهها قوله تعالى في البقرة هدى للمتقين وفي لقمان هدى ورحمة للمحسنين لأنه لما ذكر هنا مجموع الإيمان ناسب المتقين ولما ذكر ثم الرحمة ناسب المحسنين قوله تعالى وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا وفي الأعراف فكلا بالفاء قيل لأن السكنى في البقرة الإقامة وفي الأعراف اتخاذ المسكن فلما نسب القول إليه تعالى وقلنا يا آدم ناسب زيادة الإكرام بالواووالدالة على الجمع بين السكنى والأكل ولذا قال فيه رغدًا وقال حيث شئتما لأنه أعم‏.‏

وفي الأعراف ويا آدم فأتى بالفاء الدالة على ترتيب الأكل على السكنى المأمور باتخاذها لأن الأكل بعد الاتخاذ ومن حيث لا تعطى عموم معنى شئتما قوله تعالى ‏{‏واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس شيئًا‏}‏الآية‏.‏

وقال بعد ذلك ‏{‏ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة‏}‏ففيه تقديم العدل وتأخيره والتعبير بقبول الشفاعة تارة وبالنفع أخرى‏.‏

وذكر في حكمته أن الضمير في منها راجع في الأولى إلى النفس الأولى وفي الثانية إلى النفس الثانية‏.‏

فبين في الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل وقدمت الشفاعة لأن الشافع يقدم الشفاعة على بدل العدل عنها‏.‏

وبين الثانية أن النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها عدل عن نفسها ولا تنفعها شفاعة شافع منها وقدم العدل لأن الحاجة إلى الشفاعة إنما تكون عند رده ولذلك قال في الأولى لا تقبل منها شفاعة وفي الثانية ولا تنفعها شفاعة لأن الشفاعة إنما تقبل من الشافع وإنما تشفع المشفوع له‏.‏

قوله تعالى ‏{‏وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون‏}‏وفي إبراهيم ويذبحون بالواوولأن الأولى من كلامه تعالى لهم يعدد عليهم المحن تكرمًا في الخطاب والثانية من كلام موسى فعددها وفي الأعراف يقتلون وهومن تنويع الألفاظ المسمى بالتفنن‏.‏

قوله تعالى ‏{‏وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية‏}‏الآية وفي آية الأعراف اختلاف ألفاظ ونكتته أن آية البقرة في معرض ذكر المنعم عليهم حيث قال ‏{‏يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي‏}‏الخ فناسب نسبة القول إليه تعالى وناسب قوله رغدًا لأن المنعم به أتم وناسب تقديم وادخلوا الباب سجدًا وناسب خطاياكم لأنه جمع كثرة وناسب الواوفي وسنزيد لدلالتها على الجمع بينهما وناسب الفاء في فكلوا لأن الأكل مترتب على الدخول‏.‏

وآية الأعراف افتتحت بما فيه توبيخهم وهوقولهم ‏{‏اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة‏}‏ثم اتخاذهم العجل فناسب ذلك وإذ قيل لهم وناسب ربك رغدًا والسكنى تجامع الأكل فقال وكلوا وناسب تقديم ذكر مغفرة الخطايا وترك الواوفي سنزيد ولما كان في الأعراف تبعيض الهادين بقوله ‏{‏ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق‏}‏ناسب تبعيض الظالمين بقوله ‏{‏الذين ظلموا منهم‏}‏ولم يتقدم في البقرة مثله فترك‏.‏

وفي البقرة إشارة إلى سلامة غير الذين ظلموا لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم والإرسال أشد وقعًا من الإنزال فناسب سياق ذكر النعمة في البقرة ذلك وختم آية البقرة بيفسقون ولا يلزم منه الظلم والظلم يلزم منه الفسق فناسب كل لفظة منها سياقه‏.‏

وكذا في البقرة فانفجرت وفي الأعراف انبجست لأن الانفجار أبلغ في كثرة الماء فناسب سياق ذكر النعم التعبير به‏.‏

قوله تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة وفي آل عمران معدودات قال ابن جماعة‏:‏ لأن قائلي ذلك فرقتان من اليهود‏.‏

إحداهما قالت‏:‏ إنما نعذب بالنار سبعة أيام عدد أيام الدنيا والأخرى قالت‏:‏ إنما نعذب أربعين عدة أيام عبادة آبائهم العجل‏.‏

فآية البقرة تحتمل قصد الفرقة الثانية حيث عبر بجمع الكثرة وآل عمران بالفرقة الأولى حيث أتى بجمع القلة‏.‏

وقال أبوعبد الله الرازي‏:‏ إنه من باب التفنن‏.‏

قوله تعالى ‏{‏إن هدى الله هو الهدى‏}‏وفي آل عمران ‏{‏إن الهدى هدى الله‏}‏لأن الهدى في البقرة المراد به تحويل القبلة وفي آل عمران المراد به الدين لتقدم قوله ‏{‏لمن تبع دينكم‏}‏ومعناه‏:‏ أي دين الله الإسلام‏.‏‏{‏رب اجعل هذا بلدًا آمنًا‏}‏ وفي إبراهيم ‏{‏هذا البلد آمنًا‏}‏لأن الأول دعا قبل مصيره بلدًا عند ترك هاجر وإسماعيل به وهوفدعا بأن تصيره بلدًا والثاني دعا به بعد عوده وسكنى جرهم به ومصيره بلدًا فدعا بأمنه‏.‏

قوله تعالى قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وفي آل عمران قل آمنا بالله وما أنزل علينا لأن الأولى خطاب للمسلمين والثانية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وإلى ينتهي بها من كل جهة وعلى لا ينتهي بها إلا من جهة واحدة وهي العلو والقرآن يأتي المسلمين من كل جهة يأتي مبلغه إياهم منها وإنما أتى النبي صلى الله عليه وسلم من جهة العلوخاصة فناسب قوله علينا ولهذا أكثر ما جاء في جهة النبي صلى الله عليه وسلم بعلى وأكثر ما جاء في جهة الأمة بإلى‏.‏قوله تعالى ‏{‏تلك حدود الله فلا تقربوها‏}‏وقال بعد ذلك فلا تعتدوها لأن الأولى وردت بعد نواه فناسب النهي عن قربانها والثانية بعد أوامر فناسب النهي عن تعديها وتجاوزها بأن يوقف عندها‏.‏

قوله تعالى نزل عليك الكتاب وقال وأنزل التوراة والإنجيل لأن الكتاب أنزل منجمًا فناسب الإتيان بنزول الدال على التكرير بخلافهما فإنهما أنزلا دفعة‏.‏

قوله تعالى ولا تقتلوا أولادكم من إملاق وفي الإسراء خشية إملاق لأن الأولى خطاب للفقراء المقلين‏:‏ أي لا تقتلوهم من فقر بكم فحسن نحن نرزقكم ما يزول به إملاقكم‏.‏

ثم قال وإياهم أي نرزقكم جميعًا‏.‏

والثانية خطاب للأغنياء‏:‏ أي خشية فقر يحصل لكم بسببهم ولذا حسن نحن نرزقهم وإياكم قوله تعالى ‏{‏فاستعذ بالله إنه سميع عليم‏}‏وفي فصلت إنه هو السميع العليم قال ابن جماعة‏:‏ لأن آية الأعراف نزلت أولًا وآية فصلت نزلت ثانيًا فحسن التعريف‏:‏ أي هو السميع العليم الذي تقدم ذكره أولًا عند نزوع الشيطان‏.‏

قوله تعالى المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض وقال في المؤمنين بعضهم أولياء بعض وفي الكفار والذين كفروا بعضهم أولياء بعض لأن المنافقين ليسوا متناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة فكان بعضهم يهودًا وبعضهم مشركين فقال من بعض أي في الشك والنفاق والمؤمنون متناصرون على دين الإسلام وكذلك الكفار المعلنون بالكفر كلهم أعوان بعضهم ومجتمعون على التناصر بخلاف المنافقين كما قال تعالى تحسبهم جميعًا وقلوبهم شت فهذه أمثلة يستضاء بها وقد تقدم منها كثير في نوع التقديم والتأخير وفي نوع الفواصل وفي أنواع أخر‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأربعاء 29 يوليو 2009 - 14:25


النوع الرابع والستون في إعجاز القرآن


أفرده بالتصنيف خلائق‏:‏ منهم الخطابي والرماني والزملكاني والإمام الرازي وابن سراقة والقاضي أبو بكر الباقلاني‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ ولم يصنف مثل كتابه‏.‏

اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة وهي إما حسية وإما عقلية‏.‏

وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذووا البصائر كما قال صلى الله عليه وسلم ما من الأنبياء نبي إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أحاه الله إليّ فأرجوأن أكون أكثرهم تابعًا أخرجه البخاري‏.‏

قيل إن معناه‏:‏ إن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم فلم يشهدها إلا من حضرها ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه‏.‏

وقيل‏:‏ المعنى أن المعجزات الواضحة الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار كناقة صالح وعصا موسى ومعجزات القرآن تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرًا‏.‏

قال في فتح الباري‏:‏ ويمكن لنظم القولين في كلام واحد فإن محصلهما لا ينافي بعضه بعضًا ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر أحد على معارضته بعد تحديهم بذلك قال تعالى وإن أحد من لمشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه ولا يكون حجة إلا وهومعجزة‏.‏

وقال تعالى وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم فأخبر أن الكتاب آيات من آياته كاف في الدلالة قائم مقام معجزات غيره وآيات من سواه من الأنبياء ولما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء وتحداهم على أن يأتوا بمثله وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا كما قال تعالى فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ثم تحداهم بعشر سور منه في قوله تعالى أم يقولون افتراه قل فائتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا إنما أنزل بعلم الله ثم تحداهم بسورة في قوله ‏{‏أم يقولون افتراه قل فائتوا بسورة مثله‏}‏ الآية ثم كرر في قوله ‏{‏وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فائتوا بسورة من مثله‏}‏ الآية فلما عجزوا عن معارضته والإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء فيهم والبلغاء نادى عليهم بإظهار العجز وإعجاز القرآن قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولوكان بعضهم لبعض ظهيرًا فهذا وهم الفصحاء اللد وقد كانوا أحرص شيء على إطفاء نوره وإخفاء أمره فلوكان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعًا للحجة ولم ينقل عن أحد منهم أنه حدث نفسه بشيء من ذلك ولا رامه بل عدلوا إلى العناد تارة وإلى الاستهزاء أخرى فتارة قالوا سحر وتارة قالوا شعر وتارة قالوا أساطير الأولين كل ذلك من التحير والانقطاع ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم وسبي ذراريهم وحرمهم واستباحة أموالهم وقد كانوا آنف شيء وأشده حمية فلوعلموا أن الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه لأنه أهون عليهم‏.‏

كيف وقد أخرج الحاكم عن ابن عباس قال‏:‏ جاء الوليد بن المغيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال‏:‏ يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالًا ليعطوكه لئلا تأتي محمدًا لتعرض لما قاله قال‏:‏ قد علمت قريش أني من أكثرها مالًا قال‏:‏ فقل فيه قولًا يبلغ قومك أنك كاره له قال‏:‏ وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا بزجره ولا بقصيده ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذي تقول شيئًا من هذا ووالله إن لقوله يقول حلاوة وغ عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلوولا يعلى عليه وإنه ليحطم ما تحته قال‏:‏ لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قال‏:‏ فدعني حتى أفكر فلما فكر قال‏:‏ هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره‏.‏

قال الجاحظ‏:‏ بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم أكثر ما كانت العرب شاعرًا وخطيبًا وأحكم ما كانت لغة وأشد ما كانت عدة فدعا أقصاها وأدناها إلى توحيد الله وتصديق رسالته فدعاهم بالحجة فلما قطع العذر وأزال الشبهة وصار الذي يمنعهم من الإقرار الهوى والحمية دون الجهل والحيرة حملهم على حظهم بالسيف فنصب لهم الحرب ونصبوا له وقيل من عليتهم وأعلامهم وبني أعمامهم وهوفي ذلك يحتج عليهم بالقرآن ويدعوهم صباحًا ومساء إلى أن يعارضوه إن كان كاذبًا بسورة واحدة أوبآيات يسيرة فلكما ازداد تحديًا لهم بها وتقريعًا لعجزهم عنها تكشف عن نقصهم ما كان مستورًا وظهر منه ما كان خفيًا فحين لم يجدوا حيلة ولا حجة قالوا له‏:‏ أنت تعرف من أخبار الأمم مالا نعرف فلذلك يمكنك مالا يمكننا قال‏:‏ فهاتوها مفتريات فلم يرم ذلك خطيب ولا طمع فيه شاعر ولا طبع فيه لتكلفه ولوتكلفه لظهر ذلك ولوظهر لوجد من يستجيده ويحامي عليه ويكابر فيه ويزعم أنه قد عارض وقابل وناقض فدل ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم واستحالة لغتهم وسهولة ذلك عليهم وكثرة شعرائهم وكثرة من هجاه منهم وعارض شعراء أصحابه وخطباء أمتي لأن سورة واحدة وآيات يسيرة كانت أنقض لقوله وأفسد لأمره وأبلغ في تكذيبه وأسرع في تفريق أتباعه من بذل النفوس والخروج من الأوطان وإنفاق الأموال وهذا من جليل التدبير الذي لا يخفى على من هودون قريش والعرب في الرأي والعقل بطبقات ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر والخطب الطوال البليغة والقصار الموجزة ولهم الأسجاع والمزدوج واللفظ المنثور ثم يتحدى به أقصاهم بعد أن أظهر عجز أدناهم فمحال أكرمك الله أن يجتمع هؤلاء كلهم على الغلط في الأمر الظاهر والخطأ المكشوف البين مع التقريع بالنقص والتوقيف على العجز وهم أشد الخلق أنفة وأكثرهم مفاخرة والكلام سيد عملهم وقد احتاجوا إليه والحاجة تبعث على الحيلة في الأمر الغامض فكيف بالظاهر الجليل المنفعة وكما أنه محال أن يطبقوه ثلاثًا وعشرين سنة على الغلط في الأمر الجليل المنفعة فكذلك محال أن يتركوه وهم يعرفونه ويجدون السبيل إليه وهم يبذلون أكثر منه انتهى‏.‏

فصل لما ثبت كون القرآن معجزة نبيًا صل الله عليه وسلم وجب الاهتمام بمعرفة نوع الإعجاز وقد خاض الناس في ذلك كثيرًا فبين محسن ومسيء فزعم قوم أن التحدي وقع بالكالم القديم الذي هوصفة الذات وأن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وبه وقع عجزها وهومردود لأن ما لا يمكن الوقوف عليه لا يتصور التحدي به‏.‏

والصواب ما قاله الجمهور أنه وقع بالدال على القديم وهوالألفاظ ثم زعم النظام أن إعجازه بالصرفة‏:‏ أي أن الله صرف العرب عن معارضته وسلب عقولهم وكان مقدورًا لهم لكن عاقهم أمر خارجي فصار كسائر المعجزات‏.‏

وهذا قول فاسد بدليل ‏{‏قل لئن اجتمعت الإنس والجن‏}‏الآية فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم ولوسلبوا القدرة لم تبق فائدة لاجتماعهم لمنزلته منزلة اجتماع الموتى وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره هذا مع أن الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن فكيف يكون معجزًا وليس فيه صفة إعجاز بل المعجز هو الله تعالى حيث سلبهم القدرة على الإتيان بمثله‏.‏

وأيضًا فيلزم من القول بالصرفة زوال الإعجاز بزوال زمان التحدي وخلوالقرآن من الإعجاز وفي ذلك خرق لإجماع الأمة أن معجزة الرسول العظمى باقية ولا معجزة له سوى القرآن‏.‏

قال القاضي أبو بكر‏:‏ ومما يبطل القول بالصرفة أنه لوكانت المعارضة ممكنة وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزًا وإنما يكون بالمنع معجزًا فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره فينفسه‏.‏

قال‏:‏ وليس هذا بأعجب من قول فريق منهم أن الكل قادرون على الإتيان بمثله وإنما تأخروا عنه لعدم العلم بوجه ترتيب لوتعلموا لوصلوا إليه به ولا بأعجب من قول آخرين أن العجز وقع منهم وأما من بعدهم ففي قدرته الإتيان بمثله وكل هذا لا يعتد به‏.‏

وقال قوم‏:‏ وجه إعجازه ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة ولم يكن ذلك من شأن العرب‏.‏

وقال آخرون‏:‏ ما تضمنه من الإخبار عن قصص الأولين وسائر المتقدمين حكاية من شاهدها وحضرها‏.‏

وقال آخرون‏:‏ ما تضمنه من الإخبار عن الضمائر من غير أن يظهر ذلك بقول أوفعل كقوله ‏{‏إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله وقال القاضي أبو بكر‏:‏ وجه إعجازه ما فيه من النظم والتأليف والترصيف وأنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب ومباين لأساليب خطاباتهم‏.‏

قال‏:‏ ولهذا لم يمكنهم معارضته‏.‏

قال‏:‏ ولا سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن من أصناف البديع التي أودعوها في الشعر لأنه ليس مما يخرق العادة بل يمكن استدراكه بالعلم والتدريب والتصنع به كقول الشعر ووصف الخطب وصناعة الرسالة والحذق في البلاغة وله طريق تسلك فأما شأوونظم القرآن فليس له مثال يحتذى ولا إمام يقتدى به ولا يصح وقوع مثله اتفاقًا‏.‏

قال‏:‏ ونحن نعتقد أن الإعجاز في بعض القرآن أظهر وفي بعضه أدق وأغمض‏.‏

وقال الإمام فخر الدين‏:‏ وجه الإعجاز الفصاحة وغرابة الأسلوب والسلامة من جميع العيوب‏.‏

وقال الزملكاني‏:‏ وجه الإعجاز راجع إلى التأليف الخاص به لا مطلق التأليف بأن اعتدلت مفرداته تركيبًا وزنة وعلة مركباته معنى بأن يوقع كل فن في مرتبته العليا في اللفظ والمعنى‏.‏

وقال ابن عطية‏:‏ الصحيح والذي عليه الجمهور والحذاق في وجه إعجازه أنه بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه وذلك أن الله أحاك بكل شيء علمًا وأحاط بالكلام كله فإذا ترتيب اللفظة من القرآن علوبإحاطته‏:‏ أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول‏.‏

ومعلوم ضرورة أن أحدًا من البشر لا يحيط بذلك فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة وبهذا يبطل قول من قال‏:‏ إن العرب كان في قدرتها الإتيان بمثله فصرفوا عن ذلك‏.‏

والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط ولهذا ترى البليغ ينقح القصيدة أوالخطبة حولًا ثم ينظر فيها فيغير فيها وهلم جرًا وكتاب الله تعالى لونزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد ونحن يتبين لنا البراعة في أكثره ويخفى علينا وجهها في مواضع لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة وقامت الحجة على العالم بالعرب إذا كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة موسى بالسحرة وفي معجزة عيسى بالأطباء فإن الله إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبدع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره فكان السحر قد انتهى في مدة موسى إلى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في زمن محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقال حازم في منهاج البلغاء‏:‏ وجه الإعجاز في القرآن من حيث استمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها في جميعه استمرارًا لا يوجد له فترة ولا يقدر عليه أحد من البشر وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشيء اليسير المعدود ثم تعرض الفترات الإنسانية فينقطع طيب الكلام ورونقه فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه بل توجد في تفاريق وأجزاء منه‏.‏

وقال المراكشي في شرح المصباح‏:‏ الجهة المعجزة في القرآن تعرف بالتفكير في علم البيان وهوكما اختاره جماعة في تعريفه ما يحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى وعن تعقيده ويعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه لمقتضى الحال لأن جهة إعجازه ليس مفردات ألفاظه وإلا لكانت قبل نزوله معجزة ولا مجرد تأليفها وإلا لكان كل تأليف معجزًا ولا إعرابها وإلا لكان كل كلام معرب معجزًا ولا مجرد أسلوبه وإلا لكان الابتداء بأسلوب الشعر معجزًا والأسلوب الطريق ولكان هذيان مسيلمة معجزًا ولأن الإعجاز يوجد دونه‏:‏ أي الأسلوب في نحو فلما استيأسوا منه خلصوا نجيًا فاصدع بما تؤمر ولا بالصرف عن معارضتهم لأن تعجبهم كان من فصاحته ولأن مسيلمة وابن المقفع والمعري وغيرهم قد تعاطوها فلم يأتوا إلا بما تمجه الأسماع وتنفر منه الطباع‏.‏

ويضحك منه في أحوال تركيبه وبها‏:‏ أي بتلك الأحوال أعجز البلغاء وأخرص الفصحاء فعلى إعجازه دليل إجمالي وهوأن العرب عجزت عنه وهوبلسانها فغيرها أحرى ودليل تفصيلي مقدمته التفكر في خواص تركيبه ونتيجته العلم بأنه تنزيل من المحيط بكل شيء علمًا‏.‏

وقال الأصبهاني في تفسيره‏:‏ اعلم أن إعجاز القرآن ذكر من وجهين‏:‏ أحدهما إعجاز متعلق بنفسه والثاني بصرف الناس عن معارضته‏.‏

فالأول إما أن يتعلق بفصاحته وبلاغته أوبمعناه‏.‏

أما الإعجاز المتعلق بفصاحته وبلاغته فلا يتعلق بنصره الذي هو اللفظ والمعنى فإن ألفاظه ألفاظهم قال تعالى قرآنًا عربيًا بلسان عربي ولا بمعانيه فإن كثيرًا منها موجود في الكتب المتقدمة قال تعالى وإنه لفي زبر الأولين وما هوفي القرآن من المعارف الإلهية وبيان المبدأ والمعاد والإخبار بالغيب فإعجازه ليس براجع إلى القرآن من حيث هوقرآن بل لكونها حاصلة من غير سبق تعليم وتعلم ويكون الإخبار بالغيب إخبارًا بالغيب سواء كان بهذا النظم أوبغيره مؤدى بالعربية أوبلغة أخرى بعبارة أوإشارة فإن النظم المخصوص صورة القرآن واللفظ والمعنى عنصره وباختلاف الصور يختلف حكم الشيء واسمه لا بعنصره كالخاتم والقرط والسوار فإنه باختلاف صوها اختلفت أسماؤها لا بعنصرها الذي هو الذهب والفضة والحديد فإن الخاتم المتخذ من الفضة ومن الذهب ومن الحديد يسمى خاتمًا وإن كان العنصر مختلفًا وإن اتخذ خاتم وقرط وسوار من ذهب اختلفت أسماؤها باختلاف صورها وإن كان العنصر واحدًا‏.‏

قال‏:‏ فظهر من هذا أن الإعجاز المختص بالقرآن يتعلق بالنظم المخصوص وبيان كون النظم معجزًا يتوقف على بيان نظم الكلام ثم بيان أن هذا النظم مخالف لنظم ما عداه فنقول‏:‏ مراتب تأليف الكلام خمس‏.‏

الأولى‏:‏ ضم الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض لتحصل الكلمات الثلاث الاسم والفعل والحرف‏.‏والثانية‏:‏ تأليف هذت الكلمات بعضها إلى بعض لتحصل الجمل المفيدة وهوالنوع الذي يتداوله الناس جميعًا في مخاطباتهم وقضاء حوائجهم ويقال له المنثور من الكلام‏.‏

والثالثة‏:‏ يضم بعض ذلك إلى بعض ضمًا له مباد ومقاطع ومداخل ومخارج ويقال له المنظوم‏.‏

والرابعة‏:‏ أن يعتبر في أواخر الكلام مع ذلك تسجيع ويقال له المسجع‏.‏والخامسة‏:‏ أن يجعل مع ذلك وزن ويقال له الشعر والمنظوم إما محاورة ويقال له الخطابة وإما مكاتبة ويقال له الرسالة‏.‏

فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام ولكل من ذلك نظم مخصوص والقرآن جامع لمحاسن الجميع على نظم غير نظم شيء منها يدل على ذلك لأنه لا يصح أن يقال له رسالة أوخطابة أوشعراء أوسجع كما يصح أن يقال هوكلام والبليغ إذا قرع سمعه فصل بينه وبين ما عداه من النظم ولها قال تعالى وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنبيهًا على أن تأليفه ليس على هيئة نظم يتعاطاه البشر فيمكن أن يغير بالزيادة والنقصان كحالة الكتب الأخر‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Empty
مُساهمةموضوع: رد: علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "   علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 Emptyالأربعاء 29 يوليو 2009 - 14:26


النوع الرابع والستون في إعجاز القرآن ( تابع )


قال‏:‏ وأما الإعجاز المتعلق بصرف الناس عن معارضته فظاهر أيضًا إذا اعتبر وذلك أنه ما من صناعة محمودة كانت أومذمومة إلا وبينها وبين قوم مناسبات خفية واتفاقات جميلة بدليل أن الواحد يؤثر حرفة من الحرف فينشرح صدره بملابستها وتطيعه قواه في مباشرتها فيقبلها بانشراح صدر ويزاولها باتساع قلبه فلما دعا الله أهل البلاغة والخطابة الذين يهيمون في كل واد من المعاني بسلاطة لسانهم إلى معارضة القرآن وعجزهم عن الإتيان بمثله ولم يتصدوا لمعارضته لم يخف على أولي الألباب أن صارفًا إلهيًا صرفهم عن ذلك وأي إعجاز أعظم من أن يكون كافة البلغاء عجزت في الظاهر عن معارضته مصروفة في الباطن عنها أه‏.‏

وقال السكاكي في المفتاح‏:‏ اعلم أن إعجاز القرآن يدرك وصفه كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة كما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت ولا يدرك تحصيله لغير الفطرة السليمة إلا بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرين فيهما‏.‏

وقال أبوحيان التوحيدي‏:‏ سئل بندار الفارسي عن موضع الإعجاز من القرآن فقال‏:‏ هذه مسألة فيها حيف على المعنى وذلك أنه شبيه بقولك ما موضع الإنسان من الإنسان فليس لإنسان موضع من الإنسان بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته ودللت على ذاته كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلا وكان ذلك المعنى آية في نفسه ومعجزة لمحاوله وهدى لقائله وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه وأسراره في كتابه فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ ذهب الأكثرون من علماء النظر إلى وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة لكن صعب عليهم تفصيلها وصغوا فيه إلى حكم الذوق‏.‏

قال‏:‏ والتحقيق أن أجناس الكلام مختلفة ومراتبها في درجات البيان متفاوتة فمنها البليغ الرصين الجزل ومنها الفصيح القريب السهل ومنها الجائز المطلق الرسل‏.‏

وهذه أقسام الكلام الفاضل المحمود‏.‏

فالأول أعلاها والثاني أوسطها والثالث أدناها وأقربها‏.‏

فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة وأخذت من كل نوع شعبة فانتظم لها بانتظام هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة وهما على الانفراد في نعومتهما كالمتضادين لأن العذوبة نتاج السهولة والجزالة والمتانة يعالجان نوعًا من الذعورة فكان اجتماع الأمرين في نظمه مع نبوكل واحد منهما على الآخر فضيلة خص بها القرآن ليكون آية بينة لنبيه صلى الله عليه وسلم‏.‏

وإنما تعذر على البشر الإتيان بمثله لأمور‏.‏

منها‏:‏ أن علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية وأوضاعها التي هي ظروف المعاني ولا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ ولا تكمل معرفتهم باستيفاء جميع وجوه المنظوم التي بها يكون ائتلافها وارتباط بعضها ببعض فيتواصلوا باختيار الأفضل من الأحسن من وجوهها إلى أن يأتوا بكلام مثله وإنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة‏:‏ لفظ حاصل ومعنى قائم ورباط لهما ناظم وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة حتى لا ترى شيئًا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولاأعذب من ألفاظه ولا ترى نظمًا أحسن تأليفًا وأشد تلاوة وتشاكلًا من نظمه‏.‏

وأما معانيه فكل ذي لب يشهد له بالتقدم في أبوابه والترقي إلى أعلى درجاته وقد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرق في أنواع الكلام فإما أن توجد مجموعة في نوع واحد فلم توجد إلا في كلام العليم القدير فخرج من هذا أن القرآن إنما صار معجزًا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمنًا أصح المعاني من توحيد الله تعالى وتنزيهه في صفاته ودعائه إلى طاعته وبيان لطريق عبادته من تحليل وتحريم وحظر وإباحة ومن وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإرشاد إلى محاسن الأخلاق وزجر عن مساويها واضعًا كل شيء منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه ولا يتوهم في صورة العقل أمر أليق به منه مودعًا أخبار القرون الماضية وما نزل من مثلات الله بمن مضى وعائد منهم منبئًا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الآتية من الزمان جامعًا في ذلك بين الحجة والمحتج له والدليل والمدلول عليه ليكون ذلك آكد للزوم ما دعا عليه وأداء عن وجوب ما أمر به ونهى عنه ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتنسق أمر يعجز عنه قوى البشر ولا تبلغه قدرتهم فانقطع الخلق دونه وعجزوا عن معارضته بمثله أومناقضته في شكله ثم صار المعاندون له يقولون مرة أنه شعر لما رأوه منظومًا ومرة أنه سحر لما رأوه ومعجوز عنه غير مقدور عليه وقد كانوا يجدون له وقعًا في القلوب وقرعًا في النفوس يرهبهم ويحيرهم فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعًا من الاعتراف ولذلك قالوا‏:‏ إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وكانوا مرة بجهلهم يقولون أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة وأصيلًا مع علمهم أن صاحبهم أمي وليس بحضرته من يملي أويكتب في نحوذلك من الأمور التي أوجبها العناد والجهل والعجز‏.‏

ثم قال‏:‏ وقد قلت في إعجاز القرآن وجهًا ذهب عنه الناس وهوصنيعه في القلوب وتأثيره في النفوس فإنك لا تسمع كلامًا غير القرآن منظومًا ولا منثورًا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال ذوي الروعة والمهابة في حال آخر ما يخلص منه إليه قال تعالى لوأنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله وقال الله نزل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم وقال ابن سراقة‏:‏ اختلف أهل العلم في وجه إعجاز القرآن فذكروا في ذلك وجوهًا كثيرة كلها حكمة وصوابًا وما بلغوا في وجوه إعجازه جزءًا واحدًا من عشر معشاره فقال قوم‏:‏ هو الإيجاز مع البلاغة‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هو البيان والفصاحة‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هو الوصف والنظم‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هوكونه خارجًا عن جنس كلام العرب من النظم والنثر والخطب والشعر مع كون حروفه في كلامهم ومعانيه في خطابهم وألفاظه من جنس كلماتهم وهوبذاته قبيل غير قبيل كلامهم وجنس آخر متميز عن أجناس خطابهم حتى أ من اقتصر على معانيه وغير حروفه أذهب رونقه ومن اقتصر على حروفه وغير معانيه أبطل فائدته فكان في ذلك أبلغ دلالة على إعجازه‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هوكون قار إنه لا يكل وسامعه لا يمل وإن تكررت عليه تلاوته‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هوما فيه من الإخبار عن الأمور الماضية‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هوما فيه من علم الغيب والحكم على الأمور بالقطع‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هوكونه جامعًا لعلوم يطول شرحها ويشق حصرها أه‏.‏

وقال الزركشي في البرهان‏:‏ أهل التحقيق على أن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال لا بكل واحد على انفراده فإنه جمع ذلك كله فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على الجميع بل وغير ذلك مما لم يسبق فمنها‏:‏ الروعة التي له في قلوب السامعين وأسماعهم سواء المقر والجاحد‏.‏

ومنها‏:‏ أنه لم يزل ولا يزال غضًا طريًا في أسماع السامعين وعلى ألسنة القارئين‏.‏

ومنها‏:‏ جمعه بين صفتي الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادين لا يجتمعان غالبًا في كلام البشر‏.‏

ومنها‏:‏ جعله آخر الكتب غنيًا عن عثره وجعل غيره من الكتب المتقدمة قد تحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه كما قال تعالى إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون وقال الرماني‏:‏ وجوه إعجاز القرآن تظهر من جهات ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة والتحدي للكافة والصرفة والبلاغة والإخبار عن الأمور المستقبلة ونقض العادة وقياسه بكل معجزة‏.‏

قال‏:‏ ونقض العادة هوا العادة كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة‏:‏ منها الشعر ومنها السجع ومنها الخطب ومنها الرسائل ومنها المنثور الذي يدور بين الناس في الحديث فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة في الحسن تفوق به كل طريقة ويفوق الموزون الذي هوأحسن الكلام‏.‏

قال‏:‏ وأما قياسه بكل معجزة فإنه يظهر إعجازه من هذه الجهة إذا كان سبيل فلق البحر وقلب العصا حية وما جرى هذا المجرى في ذلك سبيلًا واحدًا في الإعجاز إذ خرج عن العادة فصد الخلق عن المعارضة‏.‏

وقال القاضي عياض في الشفا‏:‏ اعلم أن القرآن منطوعلى وجوه من الإعجاز كثيرة وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه‏.‏

أولها‏:‏ حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبالغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن‏.‏

والثاني‏:‏ صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنها نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له‏.‏

قال‏:‏ وكل واحد من هذين النوعين الإيجاز والبلاغة بذاتها والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما إذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحتها وكلامها خلافًا لمن زعم أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب‏.‏

الوجه الثالث‏:‏ ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد‏.‏

الرابع‏:‏ ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الدائرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك فيورده صلى الله عليه وسلم على وجهه ويأتي به على نصه وهوأمي لا يقرأ ولا يكتب‏.‏

قال‏:‏ فهذه الوجوه الأربعة من إعجاز بينة لا نزاع فيها‏.‏

ومن الوجوه في إعجازه غير ذلك آي وردت بتعجيز قوم في قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا على ذلك كقوله لليهود فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدًا فما تمناه أحد منهم وهذا الوجه داخل في الوجه الثالث‏.‏

ومنها‏:‏ الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته وقد أسلم جماعة عند سماع آيات منه كما وقع لجبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور قال‏:‏ فلما بلغ هذه الآية أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون إلى قوله المسيطرون كاد قلبي أن يطير‏.‏

قال‏:‏ وذلك أول ما وقر الإسلام في قلبي‏.‏

وقد مات جماعة عند سماع آيات منه أفردوا بالتصنيف‏.‏

ثم قال‏:‏ ون وجوه إعجازه كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع ما تكفل الله بحفظه‏.‏

ومنها‏:‏ أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة وترديده يوجب له محبة وغيره من الكلام يعادي 7 إذا أعيد ويمل مع الترديد ولهذا وصف صلى الله عليه وسلم القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد‏.‏

ومنها‏:‏ جمعه لعلوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب ولا أحاط بعلمها أحد في كلمات قليلة وأحرف معدودة‏.‏قال‏:‏ وهذا الوجه داخل في بلاغته فلا يجب أن يعد فنًا مفردًا في إعجازه‏.‏

قال‏:‏ والأوجه التي قبله تعد في خواصه وفضائله لا إعجازه وحقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة الأول فليعتمد عليها‏.‏

_________________
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 61862110 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 32210 علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان " - صفحة 5 No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
 
علوم القرءان من كتاب " الإتقان في علوم القرءان "
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 5 من اصل 7انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4, 5, 6, 7  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» خواطر الشيخ الشعراوي حول تفسير القرءان الكريم ( كتاب )
» علاج زوجة"الجبلى" على نفقة الدولة بـ2 مليون جنيه "اليوم السابع"
» "الصحة"تضع صورة"خادشة للحياء"على عبوات السجائر
» لاعبو إنجلترا يتناولون "الفياجرا" قبل مواجهة "الخضر"!
» "البُحتُرِيّ" شاعر السلاسل الذهبية "منقول"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008) :: منتديات الإسلاميات :: منتدى التلاوة وعلوم القرءان-
انتقل الى: