|
| من أسرار القرآن | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
احمـــــــــد بشـــير فريق أول
عدد الرسائل : 4007 العمر : 74 العمل/الترفيه : مدير جودة تاريخ التسجيل : 04/03/2008
| موضوع: من أسرار القرآن الإثنين 9 مارس 2009 - 2:49 | |
| من أسرار القرآن بقلم:د. زغلـول النجـار (292) إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين*( الأنعام:79) هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في خواتيم النصف الأول من سورة الأنعام, وهي سورة مكية, وتعتبر خامس أطول سور القرآن الكريم, إذ يبلغ عدد آياتها مائة وخمسا وستين(165) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لورود الإشارة فيها إلي الأنعام في أكثر من موضع, ومن خصائصها أنها أنزلت كاملة دفعة واحدة, ويدور المحور الرئيسي للسورة حول عدد من العقائد والتشريعات الإسلامية. هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة الأنعام وما جاء فيها من ركائز العقيدة, والتشريعات, والقصص, والإشارات الكونية, ونركز هنا علي ومضة للإعجاز التاريخي والعلمي في الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال. من أوجه الإعجاز التاريخي والعلمي في الآية الكريمة أولا: من أوجه الإعجاز التاريخي هناك أكثر من أربعة عشرة موقفا وحدثا تاريخيا كبيرا في حياة أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ الذي جاء ذكره أكثر من(63) مرة في أربع وعشرين سورة من سور القرآن الكريم, كما جاءت باسمه إحدي هذه السور( سورة إبراهيم) وهي السورة الرابعة عشرة في المصحف الشريف. بينما لم يرد من هذه الوقائع الكبري شيء يذكر في صحف الأولين عدا بعض الإشارات الهامشية من تاريخ حياته الشخصية وبعض رحلاته. وهذه المواقف والأحداث الكبري في حياة نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ يمكن إيجازها فيما يلي: (1) استنكار إبراهيم ـ عليه السلام ـ عبادة أبيه وقومه للأصنام وقيامه بتحطيم تلك الأصنام, ومحاكمته علي ذلك, والحكم عليه بالحرق حيا, وتنجية الله ـ تعالي ـ له من النيران( الأنبياء:51 ـ73, الشعراء:69 ـ89, الصافات:83 ـ113, العنكبوت:16 ـ27). (2) واقعة تعرف إبراهيم علي خالقه من خلال التأمل في الكون( الأنعام:74 ـ90). (3) واقعة الحوار بين إبراهيم ـ عليه السلام ـ وأبيه( الأنعام:74 ـ87, مريم:41 ـ50, الأنبياء:51 ـ73, الشعراء:69 ـ89). (4) إيتاء إبراهيم النبوة, واستغفاره ـ عليه السلام ـ لأبيه...( البقرة:124 ـ130, آل عمران:33,... فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه... التوبة:114, مريم:41 ـ48). (5) حوار إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع الملك الكافر مدعي الربوبية( البقرة:258). (6) طلب إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحيي الموتي( البقرة:260). (7) إيمان لوط لإبراهيم وهجرته معه إلي أرض فلسطين( العنكبوت:26, الأنبياء:71). ( أمر الله ـ سبحانه وتعالي ـ إلي عبده ونبيه سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ بوضع زوجه السيدة هاجر ـ عليها رضوان الله ـ ورضيعها إسماعيل ـ عليه السلام ـ عند مكان البيت( إبراهيم:35 ـ41). (9) استجابة الله ـ سبحانه وتعالي ـ لدعوة عبده ونبيه إبراهيم ـ عليه السلام ـ بجعل أفئدة من الناس تهوي إلي منطقة البيت حيث وضع زوجه ورضيعها( إبراهيم:37). (10) زيارة عدد من الملائكة في هيئة البشر نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ مبشرة إياه وزوجه( سارة) بغلام( علي كبر) هو إسحاق وتخبره عن إهلاك قوم لوط( هود:69 ـ76, الحجر:51 ـ58, الذاريات:24 ـ34). (11) أمر الله ـ تعالي ـ لعبده ونبيه إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل, ثم فداء الله ـ تعالي ـ له( الصافات:102 ـ107). (12) أمر الله ـ تعالي ـ إلي كل من نبي الله إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ برفع قواعد البيت الحرام في مكة المكرمة( البقرة:127, الحج:26). (13) الأمر من الله ـ سبحانه وتعالي ـ إلي عبده إبراهيم ـ عليه السلام ـ أن يؤذن في الناس بالحج( الحج:26 ـ29). (14) ثناء الله ـ تعالي ـ علي عبده ونبيه إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع التأكيد علي وحدة رسالة السماء وعلي الأخوة بين الأنبياء جميعا( آل عمران:84, النساء:163, النحل:120 ـ123, مريم:58). وورود هذه الوقائع بتفاصيلها, ووجود الأدلة المادية علي عدد منها( وذلك من مثل قيام بناء الكعبة المشرفة إلي اليوم, ووجود كل من الحجر الأسود, ومقام إبراهيم, وحجر إسماعيل, وبئر زمزم, ومجر الكبش, ورجوم الشيطان, ومسجد الخيف بمني, والمشعر الحرام بالمزدلفة, ومشهد الطير في مزارع شبعا, وغيرها من الآثار الباقية) مما يشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, لأن أيا من كتب الأولين أو كتب التاريخ القديم لم يدون شيئا من ذلك كله. ثانيا: من أوجه الإعجاز العلمي يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ في سورة الأنعام: وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين* فلما جن عليه الليل رأي كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأي القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين* فلما رأي الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون* إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين( الأنعام:75 ـ79). ومن أوجه الإعجاز العلمي في هذه الآيات الخمس ما يلي: (1) التمييز الدقيق بين كل من الكوكب, والقمر, والشمس, في زمن لم يكن لأحد من المخلوقين القدرة علي هذا التمييز, خاصة في صحراء جزيرة العرب, وكانت غالبية أهلها من الأميين. (2) التأكيد علي أن أفول( أي: غياب) أي جرم سماوي هو دليل علي حدوثه, وعلي تسخيره, ومن ثم فهو دليل علي نفي إمكان أن يكون مؤلها كما فعل الضالون من قوم إبراهيم ـ عليه السلام ـ ومن قبل زمانه ومن بعده, وهذا استنتاج علمي رصين, وذلك لأن حدوث الكون يحتم فناءه, كما يؤكد حدوث جميع المخلوقات وحتمية فنائها, والحادث الفاني محتاج إلي خالق أزلي باق فوق جميع خلقه( أي: فوق كل من المكان والزمان والمادة والطاقة والجمادات, والأحياء, والإنسان, والملائكة, والجن) حتي يكون مغايرا لخلقه مغايرة كاملة. (3) الإشارة إلي أن الله ـ تعالي ـ هو خالق الخلق, ومبدع الوجود علي غير مثال سابق لأنه هو( الذي فطر السموات والأرض) والعلوم المكتسبة تحتم وجود مرجعية عليا للكون الذي نعيش فيه, وتعترف بضرورة مغايرة صفات تلك المرجعية لكل صفات المخلوقين فرادي ومجتمعين. (4) إعطاء النموذج العلمي للتعرف علي الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ من خلال التأمل في بديع خلقه من مثل السموات والأرض. وذلك لأن الإبداع في الخلق هو من أوضح الأدلة علي الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ فالكون بكل ما فيه من موجودات, وحركة منضبطة لا يمكن لعاقل أن يتصور امكانية وجودها بمحض الصدفة أو لغير حكمة, أو أن كل موجود قد أوجد ذاته بنفسه, بل لابد له من موجد عظيم له من صفات الألوهية, والربوبية, والوحدانية, والخالقية ما مكنه من إبداع ذلك كله. (5) الإشارة إلي أن الإيمان بالله ـ تعالي ـ مزروع في الفطرة السليمة( الجبلة الإنسانية), وأن الإنسان محتاج إلي إيقاظ تلك الفطرة بالتأمل في خلق الله ـ تعالي ـ, وبالاستماع إلي وحي السماء, مادامت الفطرة لم تفسد باغواء الشيطان أو بانحرافات الإنسان وفساد تصوراته. لأنه كلما بقيت فطرة الإنسان سليمة استطاعت أن تستشف دلائل الإيمان بالإله الواحد الأحد, الفرد الصمد, المنزه في أسمائه, وصفاته, وأفعاله عن جميع خلقه من تأمل الإنسان في إتقان خلقه هو, وفي إحكام خلق الكون الفسيح من حوله. (6) أن الشرك بالله ـ تعالي ـ من نقائض الإيمان به, ومن القصور في فهم مدلول الألوهية بمعني معرفة الله ـ تعالي ـ, والإيمان به, وعبادته بما أمر, خاصة أن المتأمل في الكون يري وحدة البناء التي تشمله في ثنائية ظاهرة( من اللبنات الأولية للمادة إلي الإنسان) مما يشهد لخالقه بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه. (7) أن الوحي المنزل في القرآن الكريم بالدروس المستفادة من قصة نبي الله وعبده إبراهيم ـ عليه السلام ـ يشير إلي ضرورة النظر في الكون للتعرف علي شيء من بديع صنع الله فيه, تأكيدا للإيمان بالخالق العظيم عن طريق الإدراك الحسي والوعي الملموس, وهو دعم للإيمان الفطري الذي غرسه الله ـ تعالي ـ في جبلة كل مخلوق, ثم علمه لأبينا آدم ـ عليه السلام ـ لحظة خلقه وأنزله علي سلسلة طويلة من الأنبياء والمرسلين, وأكمله, وأتمه, وحفظه في القرآن الكريم وفي سنة خاتم الأنبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين), ولو قام كل إنسان عاقل بعملية التأمل الواعي في ذاته وفي الكون من حول وبقية الكائنات ما بقي علي وجه الأرض كافر أو مشرك, أو متردد في اعتقاده أو متشكك في الإيمان بالله( سبحانه وتعالي). هذه هي بعض جوانب الإعجاز العلمي والتاريخي فيما أورده القرآن الكريم عن عبد من عباد الله هو إبراهيم ـ عليه السلام ـ الذي نشأ في بيئة وثنية تعبد الأصنام والأوثان كما تعبد النجوم والكواكب, وتعبد ملوكها من دون الله ـ سبحانه وتعالي ـ, وتعرض الآيات لموقف الفطرة السليمة عند إبراهيم ـ عليه السلام ـ حين وقف متأملا في الكون من حوله, فعرف ربه من خلال التعرف علي بديع صنعه في خلق الكون من حوله, فاصطفاه الله ـ تعالي ـ وجعله نبيا رسولا. وكل من الوقائع التاريخية والحقائق العلمية التي جاءت في الآيات(75 ـ79) من سورة الأنعام تشهد للقرآن الكريم بأنه لا يمكن أن يكون قد استعار شيئا من كتب السابقين, وأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق, الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله( صلي الله عليه وسلم), وحفظه بعهده, الذي قطعه علي ذاته العلية, في نفس لغة وحيه( اللغة العربية), وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم حجة الله البالغة علي جميع خلقه إلي يوم الدين.. فالحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي بعثة خير الأنام ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. | |
| | | احمـــــــــد بشـــير فريق أول
عدد الرسائل : 4007 العمر : 74 العمل/الترفيه : مدير جودة تاريخ التسجيل : 04/03/2008
| موضوع: رد: من أسرار القرآن الأحد 15 مارس 2009 - 14:51 | |
| من أسرار القرآن بقلم:د. زغلـول النجـار (293)واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا* إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا( مريم:42,41) هاتان الآيتان القرآنيتان الكريمتان جاءتا في خواتيم النصف الأول من سورة مريم, وهي سورة مكية, وآياتها ثمان وتسعون(98) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم تكريما للسيدة مريم البتول, التي جاءت معجزة حملها بابنها عيسي من أم بلا أب, ووضعها إياه رضيعا يتكلم وهو في المهد كأحد أهم أحداث السورة. ويدور المحور الرئيسي لسورة مريم حول قضية العقيدة الإسلامية القائمة علي أساس من توحيد الله ـ سبحانه وتعالي ـ توحيدا مطلقا, وتنزيهه عن الشبيه, والشريك, والمنازع, والصاحبة والولد, وعن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لا يليق بجلاله. هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة مريم, وما جاء فيها من ركائز العقيدة, والإشارات العلمية والتاريخية, ونركز هنا علي ومضة الإعجاز العلمي والتاريخي في وصف سورة مريم للحوار الذي تم بين أبي الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ وأبيه, وهو الحوار الذي لم يشر إليه أي من كتب الأولين. الإعجاز العلمي والتاريخي في ذكر حوار إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع أبيه: جاء ذكر حوار إبراهيم ـ عليه السلام ـ مع أبيه في أربع من سور القرأن الكريم هي الأنعام:74 ـ78, مريم:41 ـ50, الأنبياء:51 ـ73, الشعراء:69 ـ98), وقد سبق استعراض ما جاء من هذا الحوار في سورة الأنعام, ونركز هنا علي ما جاء منه في سورة مريم حيث يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا* إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا* يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا* يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا* يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا* قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا* قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا* وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسي ألا أكون بدعاء ربي شقيا* فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا* ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا (مريم:41 ـ50). أولا من أوجه الإعجاز العلمي في هذا الحوار 1 أن الأصل في الإنسان ـ ذلك المخلوق العاقل, الحر, المكلف والمكرم ـ ألا يخضع بالعبادة إلا لمن هو أعلي منه وأقوي وأسمي وأعلم وأحكم, أي: لا تجوز عبادة الإنسان لغير الله ـ سبحانه وتعالي ـ وأن قمة الخير في الإنسان هي خضوعه بالعبادة لله ـ تعالي ـ وحده, وذلك لأن الإنسان هو أعلي المخلوقات الأرضية, وآخرها خلقا, وأكملها بناء وعقلا, ومن ثم فلا يجوز له أن يعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنه شيئا من أمثال النجوم والكواكب, والأصنام, والأوثان, والشيطان, والشهوات, والمال, والسلطان, والذات, كما لايجوز له أن يعبد غيره من بني الإنسان الذين لا يملكون له من الأمر شيئا, ولذلك قال إبراهيم لأبيه في أدب جم:... يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ( مريم:42). (2) تقديم السمع علي الإبصار في النص القرآني السابق الذي يقول الله فيه: إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا( مريم:42). ومن الثابت علميا أن المنطقة السمعية في المخ تتكامل عضويا قبل المنطقة البصرية في مراحل الحمل وبعد الولادة. (3) أن عبادة الإنسان لغير الله ـ تعالي ـ أو إشراكه هذا الغير في عبادة الخالق العظيم هي انحطاط بإنسانية الإنسان, وإهدار لكرامته, فضلا عن كونه شركا بالله وكفرا به. ومن هنا كان هذا النقد النافذ من إبراهيم ـ عليه السلام ـ لأبيه وقومه وقد كانوا يعبدون الكواكب والنجوم, والأصنام والأوثان, كما فعل غيرهم من الكفار والمشركين عبر التاريخ, ولايزالون إلي قيام الساعة. (4) أن الإنسان ـ مهما أوتي من أسباب الذكاء والفطنة, ومهما حصل من العلوم المكتسبة ـ هو محتاج إلي وحي السماء في الأمور الغيبية من مثل معرفة ذاته, وخالقه, ورسالته في الحياة الدنيا, ومصيره من بعدها, ولذلك قال إبراهيم لأبيه في احترام, ووداعة, وحلم بالغ, وتواضع جم: يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا (مريم:43). (5) إثبات حقيقة نبوة إبراهيم ـ عليه السلام ـ وهي حقيقة دينية وتاريخية يؤكدها القرآن الكريم في العديد من الآيات. (6) التأكيد علي عدم وجود أية غضاضة في أن يتبع الوالد ولده إذا كان الولد علي اتصال بمصدر أعلي من الوحي أو العلم النافع من العلوم المكتسبة. (7) التأكيد علي أن أي انحراف عن إخلاص العبادة لله ـ تعالي ـ وحده( بغير شريك ولا شبيه ولا منازع ولا صاحبة ولا ولد) هو انصياع لوساوس الشيطان أو عبادة مباشرة له, ووجود شياطين الإنس والجن هو من حقائق كل من الدين والتاريخ, وأولياء الشيطان خسروا الدنيا والآخرة, وسيبقون في هذا الخسران المبين لأن الشيطان يغويهم دوما بالخروج علي منهج الله. ( الإشارة إلي تملك العقيدة من قلوب وعقول تابعيها حتي لو كانت عقيدة فاسدة, ولذلك سمع إبراهيم ـ عليه السلام ـ( وهو النبي الموصول بالوحي) من أبيه( عابد الكواكب والنجوم والأصنام) هذا التهديد الصارم, والوعيد الجازم الذي يعبر عنه القرآن الكريم بقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ: قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا( مريم:46). من هنا كانت ضرورة الاهتمام بأمر العقيدة ودراستها بعمق قبل اعتناقها والتمسك بها, أو اتباع الآباء اتباعا أعمي في قبولها. (9) التوجيه بضرورة معاملة الوالدين بالإحسان حتي ولو كانا علي الكفر, وجابها الأبناء المؤمنين المهذبين بالصلف والغلظة والقسوة. وهذا التوجيه مستمد من رد نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ علي غلظة أبيه المشرك بقوله الرقيق المؤدب المهذب الممتلئ بالإيمان بالله تعالي وذلك وذلك بالنص التالي: قال... سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا* وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسي ألا أكون بدعاء ربي شقيا ( مريم:48,47). (10) التأكيد علي أن جزاء الإحسان إلي الناس هو الإحسان من الله ـ تعالي ـ فلما اعتزل إبراهيم ـ عليه السلام ـ أباه وقومه, واستنكر عبادتهم الأصنام والكواكب والنجوم, وهجر ديارهم, أكرمه الله ـ سبحانه وتعالي ـ بإيمان نفر من أهله وصحبتهم له في هجرته, ووهب له ذرية صالحة, تحركت فيها النبوة إلي عدد من الأجيال, كما وهب لهم الله ـ تعالي ـ من رحمته التي آنستهم في هجرتهم, وعوضهم بها عن الأهل والديار, وجعلهم من الصادقين في دعوتهم إلي الله, يسمع لهم ويطاع وفي ذلك يقول الحق ـ تبارك وتعالي: فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا* ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا ( مريم:50,49). ثانيا: من أوجه الاعجاز التاريخي في حوار نبي الله إبراهيم مع أبيه: أن هذا الحوار علي أهميته وموضوعيته لم يتعرض له أي من كتب الأولين التي ذكرت إبراهيم ـ عليه السلام ـ عشرات المرات, وتعرضت لنسبه, ولأعمار أسلافه, وأبناء إخوته, وزوجه, دون التعرض للخلاف العقيدي بينه وبين والده وقومه, وهو من الأمور الفاصلة في حياته, وكان السبب الذي دفعه إلي الخروج من أرضه, ومفارقته لقومه, بل ذكرت تلك الكتب خروج كل من إبراهيم وزوجه ووالده وابن أخيه لوط من بلدة أور عاصمة الكلدانيين للذهاب إلي أرض الكنعانيين( فلسطين), ولكنهم توقفوا في مدينة حران, حيث مات والد إبراهيم ودفن, ثم واصل هو ومن كان معه السير إلي أرض الكنعانين, ثم إلي النقب, ثم إلي مصر, ثم عاد إلي فلسطين ليدخل في معركة عسكرية لإنقاذ ابن أخيه لوط, ثم الادعاء بحصوله علي عهد من الله ـ تعالي ـ بجعل أرض فلسطين ملكا أبديا لإبراهيم ولذريته من بعده( وهذا بالطبع من نسج خيال الصهاينة, ومن دسهم علي الله) ولم ترد إشارة واحدة في كتب الأولين عن سبب مغادرة إبراهيم ـ عليه السلام ـ أرض ميلاده ومسقط رأسه. وذكرت كتب الأولين أن إبراهيم أمر بذبح ابنه إسحاق( وليس إسماعيل), وهذا أيضا من دس الصهاينة, وذكرت تلك الكتب أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ ذهب إلي بئر السبع, وتحــــــدثت عن زواجــه امــرأة اسـمها كيتوراه(Keturah) أنجبت له عددا من الأبناء لم يرد لهم ذكر من بعده, ثم مات ودفن في مقبرة المكفيلة بمدينة الخليل الفلسطينية وهذه الكتب لم تذكر شيئا عن علاقة إبراهيم ـ عليه السلام ـ بأبيه, ولا عن خلافه الديني معه, ولا عن حواره حول ذلك, ولا عن حسن القيام بمفارقته, ولا عن الحكم المستفادة من حواره مع أبيه, وهنا يتضح الفارق بين كلام الله ـ سبحانه وتعالي ـ المحفوظ بحفظه وبين كلام البشر الذي ظل يتناقله الناس مشافهة جيلا بعد جيل عبر مئات من السنين, أضافوا إليه, وحذفوا منه, ونسوا ما نسوا, وحرفوا وبدلوا وغيروا, ثم دون هذا التراث الشعبي حين دون بأيدي نفر من بني آدم الذين هم ليسوا بأنبياء ولا بمرسلين, ومن ثم فهم ليسوا بمعصومين فيما كتبوا, ولذلك ظلت كتاباتهم عرضة للمراجعة تلو المراجعة, وللتحرير والتطوير, وللحذف والزيادة إلي يومنا هذا, وستبقي كذلك إلي أن يشاء الله. | |
| | | PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
| موضوع: رد: من أسرار القرآن الإثنين 23 مارس 2009 - 0:58 | |
| من أسرار القرآن
بقلم:د. زغلـول النجـار(294) هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين( الذاريات:24)
هذه الآية الكريمة جاءت في أوائل الثلث الثاني من سورة الذاريات وهي سورة مكية, وآياتها ستون(60) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بقسم من الله ـ تعالي ـ بالرياح التي تذرو الغبار ذروا. ويدور المحور الرئيسي للسورة حول قضية العقيدة, شأنها في ذلك شأن كل السور المكية, ومن ركائز العقيدة التي جاءت في هذه السورة المباركة: الإيمان بالبعث والجزاء, ولذلك بدأت بالقسم بعدد من آيات الله في الكون علي حقيقة البعث وحتمية الحشر والحساب والجزاء, ثم تابعت بقسم آخر: يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ فيه: والسماء ذات الحبك علي أن الناس في هذه الأمور مختلفون, وغير مستقرين علي رأي واحد, فمنهم المؤمن, ومنهم الكافر, وأنه لا يكفر بهذا الحق إلا منحرف صاحب هوي شيطاني خبيث.
هذا وقد سبق لنا استعراض سورة الذاريات وما جاء فيها من ركائز العقيدة والآيات الكونية, ونركز هنا علي ومضة الإعجاز العلمي والتاريخي في واقعة زيارة الملائكة لبيت نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام ـ ليبشروه بغلام عليم, وهو قد بلغ من الكبر عتيا فأصبح شيخا طاعنا في السن, وكذلك كانت امرأته عجوزا عاقرا.
وفي استعراض القرآن الكريم لسيرة أبي الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ جاء ذكر هذه الواقعة في كل من سورة هود(69 ــ76) وسورة الحجر(51 ـ58) وسورة الذاريات(24 ـ34) وفي كل من هذه المواضع الثلاثة من كتاب الله عرضت الواقعة من زاوية خاصة تتناسب مع سياق السورة, ونخص بالذكر هنا ما جاء عنها في سورة الذاريات حيث يعرض ربنا ـ تبارك وتعالي ـ تلك الواقعة موجها الخطاب إلي خاتم أنبيائه ورسله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قائلا له:
هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين* إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون* فراغ إلي أهله فجاء بعجل سمين* فقربه إليهم قال ألا تأكلون* فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم* فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم* قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم (الذاريات:24 ـ30).
من أوجه الإعجاز العلمي والتاريخي في هذه الواقعة
أولا: من أوجه الإعجاز العلمي
القطع بوجود الملائكة: وقد شكك في وجودهم الملاحدة والمتشككون والكافرون, والملائكة أجسام نورانية لا يراها الإنسان, وهم من عباد الله المكرمين, وهم السفرة الكرام البررة, وهم أهل الملأ الأعلي, وهم خلق مفطورون علي طاعة الله, فلا نوازع عندهم ولا شهوات, وهم لا يأكلون ولا يشربون, ولا يتغوطون. وقد ذكرهم الله ـ تعالي ـ في محكم كتابه مؤكدا أنهم خلقوا قبل خلق الإنسان, وأنهم متفاوتون في الخلق, وفي الدرجات, وفي عدد الأجنحة التي خص الله ـ تعالي ـ بها كلا منهم, وهم خلق كثير لايعلم عددهم إلا الله ـ سبحانه وتعالي ـ الذي أعطاهم القدرة علي التشكل, فقد جاءت الملائكة كلا من أنبياء الله إبراهيم ولوط ومحمد ـ صلي الله وسلم وبارك عليهم أجمعين ـ في صورة الرجل, كذلك جاء جبريل ـ عليه السلام ـ للسيدة مريم ـ عليها رضوان الله ـ فتمثل لها بشرا سويا.
والإيمان بالملائكة من صميم عقيدة المسلم, وإن كانوا من الغيب المطلق الذي لا سبيل للإنسان إليه إلا عن طريق وحي السماء المنزل علي أنبياء الله ورسله. وعلي الرغم من تشكك بعض الملاحدة في وجود الملائكة, فإن جميع الملاحظات العلمية تؤكد اليوم حقيقة الغيب, وانقسام الوجود إلي عالمين هما: عالم الشهادة المنظور: ويشمل كل ما يراه الإنسان بعينيه المجردتين أو بالاستعانة بالعدسات المكبرة, أو يدركه بواسطة وسائل للإدراك غير المباشر مثل أجهزة الرادار وغيرها, وعالم الغيب غير المنظور: والغيب غيبان:(1) ـ غيب مرحلي( أي مؤقت): يكتشفه الإنسان علي مراحل متتالية مع اتساع دائرة علومه وبحوثه وكشوفه, وهو الذي تجري كل المعارف العلمية واءه من أجل اكتشافه. (1) ـ غيب مرحلي( أي مؤقت): يكتشفه الإنسان علي مراحل متتالية مع اتساع دائرة علومه وبحوثه وكشوفه, وهو الذي تجري كل المعارف العلمية واءه من أجل اكتشافه.(2) ـ غيب مطلق: وهو الذي لا سبيل للإنسان في معرفة شيء منه إلا عن طريق وحي السماء, لأن الله ـ تعالي ـ قد استأثر بعلمه, أو اختص نفرا من خلقه بطرف منه. ومن الغيوب المطلقة: كل من الذات الإلهية, الملائكة, الجن, الروح ـ الساعة الآخرة من الدنيا, حياة البرزخ, البعث, الحشر, الصراط, الميزان, الحساب, الجنة, النار, وغيرها مما لا نعلم من خلق الله. (2) ـ غيب مطلق: وهو الذي لا سبيل للإنسان في معرفة شيء منه إلا عن طريق وحي السماء, لأن الله ـ تعالي ـ قد استأثر بعلمه, أو اختص نفرا من خلقه بطرف منه. ومن الغيوب المطلقة: كل من الذات الإلهية, الملائكة, الجن, الروح ـ الساعة الآخرة من الدنيا, حياة البرزخ, البعث, الحشر, الصراط, الميزان, الحساب, الجنة, النار, وغيرها مما لا نعلم من خلق الله.
وقد ثبت أن المواد المرئية أي المدركة بواسطة الضوء(LuminousMatter) لا تشكل سوي(0,4 ـ%) من مادة الكون المنظور, بينما تشكل المواد الخفية(NonluminousMatter) حوالي(3,7%) وتمثل الطاقة الخفية(DarkEnergy) حوالي(73%) من مادة الجزء المدرك من الكون, والباقي هو من أمور الغيب المطلق. فنحن نري الشمس, ولكننا لا ندرك من ضوئها إلي النزر اليسير.
وذلك لأن ضوء الشمس عبارة عن سلسلة متصلة من أمواج الطيف الكهرومغناطيسي التي لا تختلف فيما بينها إلا في تردداتها وأطوال موجاتها التي تمتد من جزء من تريليون جزء من المتر( بالنسبة إلي أشعة جاما) إلي عدة كيلو مترات بالنسبة لموجات الراديو( الموجات غير السلكية). وتميز عين الإنسان من موجات أشعة الشمس سبعة أطياف فقط تعرف باسم الضوء المرئي وتشمل الأحمر, البرتقالي, الأصفر, الأخضر, الأزرق, النيلي, والبنفسجي, والتي يمتد طولها الموجي بين واحد من مائة من الميكرون, ومائة ميكرون( والميكرون يساوي جزءا من مليون جزء من المتر). ونضم إلي هذا الحيز كل من الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء. وإن كانت عين الإنسان لا تستطيع رؤية أي منهما, ولا أي من موجات أشعة الشمس الأخري.
وحسابات الجاذبية بين مجرات السماء تؤكد أن نسبة المدرك من الكون لا تكاد تتعدي(0,4%) من مجموع المادة والطاقة الموجودة فعلا فيه, ويطلق علي الباقي أسم المادة الداكنة أو المظلمة(NonlumlnousOrDarkMatter) أو اسم المادة الخفية أو مادة الظل(ShadowMatter) والتي أمكن التكهن بوجودها علي أساس من حسابات الكتل الناقصة(TheMissingMasses) وحسابات معدلات انحناء الضوء من حولها(GravitationalLensing).
فإذا كان الإنسان لا يري أكثر من(0,4%) من مادة الجزء المدرك من الكون المحيط به, فإذا أخبره الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ عن وجود خلق غيبي اسمهم الملائكة, وأعطي شيئا من أخبارهم وصفاتهم في محكم كتابه, وعلي لسان خاتم أنبيائه ورسله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وأوجب علينا الإيمان بهم, فليس أمام الإنسان إلا التسليم بوجودهم وبالأدوار التي كلفهم الله ـ تعالي ـ بها, ولذلك أكد ربنا ـ تبارك تعالي ـ وجود الملائكة, وقدرتهم علي التشكل بهيئة الإنسان موجها الخطاب إلي خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ قائلا له: هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين* إذ دخلوا عليه....(2) في الإشارة إلي أن الملائكة لا يأكلون: (2) في الإشارة إلي أن الملائكة لا يأكلون
الملائكة خلق من نور, فعن أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: خلقت الملائكة من نور, وخلق الجان من مارج من نار, وخلق آدم مما وصف لكم( صحيح مسلم).
والخلق الذي من نور لا يحتاج إلي ما نحتاج إليه نحن ـ بني آدم ـ من طعام وشراب, وعلي ذلك فالملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا يتغوطون, ولا يتناسلون, ولا ينامون, وقد أعطاهم الله ـ سبحانه وتعالي ـ القدرة علي التشكل, فلما جاءوا إبراهيم ـ عليه السلام ـ في هيئة الرجال, وقدم لهم الطعام فلم تمتد أيديهم إليه, خاف إبراهيم, لأنه كان من عادة العرب أن من لا يأكل طعامك فقد أضمر لك شرا, فأخبروه بأنهم رسل ربه من الملائكة ـ والملائكة لا يأكلون ـ كما بشروه بغلام عليم وفي ذلك قال ـ تعالي ـ(3) في قدرة الله ـ تعالي ـ علي جعل عجوز عقيم تلد: (3) في قدرة الله ـ تعالي ـ علي جعل عجوز عقيم تلد
يتكون الجهاز التناسلي في أنثي الإنسان من كل من المبيضين, وأنبوب الرحم, والرحم, والمهبل, والأعضاء الخارجية, والغدد الدهليزية العظمي, وغدد الثديين.
ويتم تخلق النطف الأنثوية والأنثي لا تزال جنينا في بطن أمها, ويبلغ عددها قرابة المليونين, ويتناقص هذا العدد عند البلوغ إلي ما بين ثلاثمائة ألف وأربعمائة ألف خلية ابتدائية للنطف الأنثوية, ثم تبدأ هذه الخلايا في الانقسام الانتصافي علي مرتين لتكون أرومة البييضة(Ootid) التي تنمو إلي البييضة(Ovum). والبييضة الناضجة تحمل نصف عدد الصبغيات المحدد لنوع الإنسان, وكل من المبيضين ينتج بييضة ناضجة واحدة كل شهرين بالتبادل من بداية سن البلوغ وحتي سن لايأس. وتنتج أنثي الإنسان طوال فترة خصوبتها ما بين ثلاثمائة وخمسمائة بييضة ناضجة, ولا يتم إخصاب إلا آحاد منها إن أراد الله ـ تعالي ـ ذلك, فعند الوصول إلي سن البلوغ تفرز الأنثي بييضة واحدة في منتصف دورتها الشهرية, تندفع إلي قناة المبيض كي تتحرك في اتجاه الرحم. فإذا تواجدت الحيامن في هذه اللحظة فإن أحدها فقط قد يتمكن من اختراق جدار البييضة في محاولة لإخصابها.
وبإتمام عملية الإخصاب تتكون النطفة الأمشاج( أي المختلطة) التي تعرف باسم اللقيحة(Zygote) والتي يتكامل فيها عدد الصبغيات إلي(46) صبغيا, وهو العدد المحدد لنوع الإنسان, وتتعلق اللقيحة بجدار الرحم, متغذية علي دم الأم فتبدأ دورة الجنين في الإنسان من مرحلة العلقة إلي الحميل الكامل. وفي مقابل كل بييضة يفرزها المبيض فإن الخصية تفرز بليون حيوان منوي( حيمن) علي أقل تقدير. وتحتاج هذه الحيامن إلي زمن يقدر بست ساعات إلي أربع وعشرين ساعة لتقطع رحلتها من المهبل إلي الرحم, فلا يصل منها إلي الرحم أكثر من خمسمائة حيمن, يقدر الخالق ـ سبحانه وتعالي ـ لواحد منها ـ له صفات وراثية محددة ـ يعطيه القدرة علي اختراق جدار البييضة ليتم إخصابها مكونا النطفة الأمشاج( اللقيحة) التي تبدأ في الانقسام حتي تكون التويتة التي تلتصق بجدار الرحم لتكمل مشوار الحمل بإذن الله.
ولا يصل إلي مرحلة الإنجاب من هذه الأجنة إلا أقل القليل, لأن أي خلل يحدث أثناء هذه الرحلة الشاقة لكل من البييضة والحيامن إلي مختلف مراحل الجنين ثم الحميل قد يعوق عملية الإنجاب, ويؤدي إلي فشلها بالكامل. والخالق الذي قدر ذلك كله هو وحده الذي يتحكم في عملية الإنجاب, ولذلك قال ـ عز من قائل: ـ لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور* أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير.( الشوري:49 ـ50).
وما دام الأمر كله بيد الله ـ تعالي ـ فهل يعجزه أن يهب غلاما عليما؟ لعجوز عاقر كزوج ابراهيم ـ عليه السلام ـ الذي كان قد بلغ من العمر أرذله والجواب بالقطع لا!! ولذلك جاء جواب الملائكة قاطعا: قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم( الذاريات:30).
ثانيا: من أوجه الإعجاز التاريخي
لقد جاء ذكر هذه الواقعة في بعض كتب الأولين ويذكر أن الذي ظهر لإبراهيم ـ عليه السلام ـ هو الله ـ سبحانه وتعالي ـ والإنسان لا يستطيع أن يري الله ـ تعالي ـ طالما كانت الروح محبوسة في جسد الإنسان الطيني في الحياة الدنيا. كما يذكر أن إبراهيم سجد لهم, والسجود لا ينبغي لغير الله ـ تعالي ـ وذكر أن الرجال الثلاثة أكلوا, والملائكة لا يأكلون ولا يشربون.
تتضح ومضة الإعجاز في وصف القرآن الكريم لها بهذه الدقة التاريخية والعلمية البالغة, فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام ـ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين ـ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. _________________ أبـوروان | |
| | | | من أسرار القرآن | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |