منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008) Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more | |
|
| من أسرار القرآن | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
احمـــــــــد بشـــير فريق أول
عدد الرسائل : 4007 العمر : 74 العمل/الترفيه : مدير جودة تاريخ التسجيل : 04/03/2008
| موضوع: من أسرار القرآن الأحد 11 يناير 2009 - 13:56 | |
| [center]من أسرار القرآن بقلم: د. زغلـول النجـار (285) كذبت ثمود بالنذر ( القمر:23) هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في خواتيم النصف الأول من سورة القمر وهي سورة مكية, وآياتها خمس وخمسون(55) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بذكر معجزة انشقاق القمر كرامة لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ الذي كانت بعثته الشريفة علامة علي اقتراب الساعة.
ويدور المحور الرئيسي لسورة القمر حول الساعة واقتراب وقوعها وشواهدها وما يتبعها من البعث, والحشر, والحساب, والجزاء, والخلود في الآخرة إما في الجنة أو في النار, ومن ثم تحمل هذه السورة الكريمة علي المكذبين ببعثة الرسول الخاتم ـ صلي الله عليه وسلم ـ وعلي المعرضين عن الآيات التي أيده الله ـ سبحانه وتعالي ـ بها, وفي مقدمة ذلك القرآن الكريم الذي أنزله الله ـ تعالي, فقد من ربنا ـ تبارك وتعالي ـ علي الخلق أجمعين بإنزال رسالته الخاتمة علي خاتم أنبيائه ورسله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وحفظها في نفس لغة وحيها ـ اللغة العربية ـ علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد, وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم وتبقي سنة خاتم المرسلين هداية للعالمين, وحجة الله علي عباده إلي يوم الدين.
هذا, وقد سبق لنا استعراض سورة القمر وما جاء فيها من ركائز العقيدة والإشارات العلمية, والحقائق التاريخية, ونركز هنا علي الإعجاز التاريخي في وصف سورة القمر لقصة نبي الله صالح مع قومه قبيلة ثمود
من جوانب الإعجاز التاريخي في وصف قصة نبي الله صالح مع قومه قبيلة ثمود لا يقتصر الإعجاز التاريخي في وصف القرآن الكريم لقصة نبي الله صالح ـ عليه السلام ـ مع قومه قبيلة ثمود علي ذكر هذا النبي الصالح وذكر قومه, في حين لم يرد لهما ذكر في أي من العهدين القديم أو الجديد ولا في أي من كتب التاريخ القديم, ولكن يتجلي هذا الإعجاز التاريخي في ذكر تفاصيل هذه القصة وقد كان بينها وبين بعثة المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ أكثر من ألفين وخمسمائة سنة, ولم يكن العرب يومئذ أمة تدوين وتوثيق للتاريخ.
وفي سورة القمر جاءت قصة ثمود يقول ربنا تبارك وتعالي: ـ كذبت ثمود بالنذر فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر* أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر* سيعلمون غدا من الكذاب الأشر* إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر* ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر* فنادوا صاحبهم فتعاطي فعقر* فكيف كان عذابي ونذر* إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر* ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( القمر:23 ـ32) وهذا الإيجاز المعجز للقصة في سورة القمر فصلته آيات أخري عديدة في عدد من سور القرآن الكريم, ففي سورة الأعراف جاء التفصيل بأنهم قوم نبي الله صالح ـ عليه السلام ـ الذي كان معروفا لديهم بصلاحه واستقامته ونبل خلقه, والذي دعاهم إلي عبادة الله ـ تعالي ـ وحده وكانوا قد أشركوا بعبادة الأصنام والأوثان, وذكرهم بأنهم بقية الناجين من قوم عاد, وأن الله ـ تعالي ـ قد من عليهم ببسطة في الجسم, وسعة في الرزق, وبخيرات كثيرة في المنطقة التي عاشوا فيها( وادي القري) مما ساعدهم علي نحت كل من القصور والبيوت والقبور في الجبال المحيطة بالوادي الذي عاشوا فيه, ومكنهم من جلب كتل صخرية هائلة إلي بطن الوادي ونحتها علي هيئة الدواوين والقصور الفارهة, وذكرهم بأن من قبيل الشكر لله ـ تعالي ـ علي هذه النعم توحيده توحيدا كاملا, وشكره علي نعمائه والاجتهاد من أجل الإصلاح في الأرض وعدم الإفساد فيها.
وتؤكد الآيات أن نبي الله صالح ظل يدعو قومه إلي عبادة الله ـ تعالي ـ وحده فلم يؤمن معه إلا قليل من ضعفاء القوم وفقرائهم, أما أصحاب المال والجاه والسلطان فقد استكبروا علي دعوته, وأعرضوا عن هدايته, وقاوموه, وحاولوا فتنة الذين آمنوا معه, واتهموه بالسحر, وكذبوا نبوته, ثم طالبوه بمعجزة خارقة تشهد له بالنبوة, وروي: أنهم طالبوه بناقة عشراء, تخرج من صخرة في جبل محدد, ثم تلد سقبا( وهو ولد الناقة ساعة أن يولد) فدعا نبي الله صالحا ربه أن يحقق طلبهم فاستجاب الله ـ تعالي ـ لدعاء نبيه, وخرجت الناقة وبركت بين أيديهم وولدت سقبا كما طلبوا, وحذرهم نبي الله صالح من أن يمسوها بسوء فيأخذهم عذاب أليم, وعلي الرغم من ذلك فإنهم عقروا الناقة ـ مخالفين أمر الله ـ وتندروا بما وعدهم به نبيهم من عذاب فاستعجلوه حتي أخذهم العذاب الذي توعدهم به ونجي الله ـ تعالي ـ نبيه صالحا والذين آمنوا معه وفي ذلك تقول الآيات: ـ
فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين* فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين* فتولي عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين( الاعراف:77 ـ79)
وتؤكد سورة هود أن كفار ثمود أمهلوا ثلاثة أيام فقط بعد أن عقروا الناقة ثم جاءهم عذاب الله( الصيحة, والصاعقة, والطاغية) فتركهم في ديارهم جثثا هامدة جاثمة علي ركبها وذلك من قبيل الإذلال لعصاة قومثمود بعد أن كانوا شامخين علي نبيهم, ومتمردين علي هدايته لهم, في عتو وغرور بالغين, وفي ذلك تقول الآيات: ـ
فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب* فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز* وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين* كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود( هود:65 ـ68)
كذلك تؤكد الآيات في سورة الشعراء ما كان الله ـ تعالي ـ قد وهب قوم ثمود من سعة في الرزق, وبسطة في الجسم, وبدلا من شكر هذه النعم فإنها أبطرتهم, وجعلتهم يتكبرون علي رسول ربهم, ويتهمونه بأنه مسحور, حتي نزل بهم عذاب الله, وفي ذلك تقول الآيات:ـ
كذبت ثمود المرسلين* إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون* إني لكم رسول أمين* فاتقوا الله وأطيعون* وماأسألكم عليه من أجر إن أجري إلا علي رب العالمين* أتتركون فيما ها هنا آمنين* في جنات وعيون* وزروع ونخل طلعها هضيم* وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين* فاتقوا الله وأطيعون* ولا تطيعوا أمر المسرفين* الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون* قالوا إنما أنت من المسحرين* ماأنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين* قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم* ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم* فعقروها فأصبحوا نادمين* فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين* إن ربك لهو العزيز الرحيم (الشعراء:141 ـ159) وتذكر الآيات في سورة النمل انقسام قوم نبي الله صالح إلي قلة مؤمنة معه وكثرة فاجرة ضده تشاءمت به وبمن معه, وبرز من بين المشركين المتشائمين لما أصابهم من قحط بسبب كفرهم وشركهم تسعة رهط من المفسدين في الأرض الذين خططوا لعقر الناقة, وتآمروا علي قتل نبيهم وأهله والذين آمنوا معه, بمباغتتهم وغدرهم ليلا حتي لا يعرف قاتلوهم, ثم ينكروا لولي الدم أنهم ماشهدوا مقتلهم, فدمرهم الله ـ تعالي ـ وقومهم وفي ذلك تقول الآيات: ـ
ولقد أرسلنا إلي ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون* قال ياقوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون* قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون* وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون* قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ماشهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون* ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون* فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين* فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون* وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون( النمل:45 ـ53)
والخطاب في قول ربنا ـ تبارك وتعالي: فانظر كيف كان عاقبة مكرهم..( النمل:51) موجه إلي خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلي الله عليه وسلم ـ والخطاب إليه هو في نفس الوقت خطاب إلي كل مؤمن برسالته إلي يوم الدين, ومضمون الآية الكريمة أن الدمار في الدنيا قبل الآخرة هو جزاء كل كافر ومشرك وظالم ومفسد في الأرض في كل زمان وفي كل مكان لأن سنة الله في خلقه واحدة لا تتبدل ولا تتغير, كما أن موقف الناس من الهداية الربانية من زمن أبينا أدم ـ عليه السلام ـ إلي قيام الساعة ينقسم الي مؤمن وكافر, وإلي موحد ومشرك, ونصرة الله لعباده المؤمنين, وتدميره للكفار والمشركين يجب أن يكون دافعا لمعرفة الناس بخطورة الخروج علي منهج الله, وهذا هو أحد أهداف ورود قصص الأولين في كتاب الله, فهذه ديار قوم ثمود بخرابها, وهجرها, وببقايا الهياكل العظمية فيها, شاهدة علي شدة مانزل بهؤلاء القوم الكافرين من عذاب الله ـ تعالي ـ وكانوا قد انخدعوا بما وهبهم الله ـ تعالي ـ من سعة في الرزق وبسطة في الجسم, فغفلوا عن شكر تلك النعم, وبطروا بها, فكفروا بربهم, وأشركوا به, وتنكروا لهدايته وحاربوا دعوته, ونبيه, وأولياءه الصالحين, فاس تحقوا مانزل بهم من عقاب قضي عليهم أجمعين, ونجي الله ـ تعالي ـ نبيه صالحا والذين آمنوا معه, لتبقي آثار كفار قوم ثمود آية لكل من جاء بعدهم من الخلق أجمعين.
من هنا جاء قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ في الآية الثانية والخمسين من سورة النمل... إن في ذلك لآية لقوم يعلمون وفي ذلك دعوة للاعتبار بآثار الأمم البائدة, وإشارة خاصة الي بيوت قوم ثمود الخربة, والمعروفة باسم الحجر أو مدائن صالح, والتي أبقاها الله ـ تعالي ـ عبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين إلي يوم الدين: بأن جزاء المعرضين عن هداية رب العالمين هو التدمير الكامل في الدنيا والخلود في عذاب الآخرة, وصدق الله العظيم إذ يقول ـ وقوله الحق ـ:
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون* أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون*( النمل:5,4)
وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: لما مر رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالحجر قال: لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح, فكانت( يعني الناقة) ترد من هذا الفج وتصدر من هذا الفج, فعتوا عن أمر ربهم فعقروها. وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما, فعقروها, فأخذتهم صيحة, أخمد الله بها من كان تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان في حرم الله فقالوا: من هو يارسول الله ؟ قال: أبو رغال فلما خرج من الحرم أصابه ماأصاب قومه( مسند الإمام أحمد)
هذه التفاصيل عن قصة نبي الله صالح ـ عليه السلام ـ وعن موقف قومه قبيلة ثمود منه لم تكن معروفة لأحد من الناس في زمن الوحي, ولم يذكر المؤرخون عنها شيئا, والنذر اليسير الذي اكتشفه الآثاريون لا يروي الغليل من محاولة التعرف علي أسرار الحجر( أو مدائن صالح) ومن هنا فإن قصة قوم ثمود مع رسول الله إليهم النبي الصالح الذي جاء من نسل نبي الله نوح وكان اسمه صالحا ـ عليه وعلي جميع أنبياء الله السلام ـ يبقي كما تبقي كل قصص القرآن الكريم وجها من أوجه الإعجاز في كتاب الله نسميه باسم الإعجاز التاريخي, وهذا الوجه من أوجه الإعجاز في القرآن الكريم يشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية, في نفس لغة وحيه( اللغة العربية) وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين, بأنه كلام رب العالمين,
وشاهدا للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة, فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العلمين.[/center] | |
| | | احمـــــــــد بشـــير فريق أول
عدد الرسائل : 4007 العمر : 74 العمل/الترفيه : مدير جودة تاريخ التسجيل : 04/03/2008
| موضوع: رد: من أسرار القرآن الإثنين 26 يناير 2009 - 10:42 | |
| [center]من أسرار القرآن بقلم:د. زغلـول النجـار (287)... وما يعلم جنود ربك إلا هو, وما هي إلا ذكري للبشر[ المدثر31] هذا النص القرآني الكريم جاء في أوائل آيات النصف الثاني من سورة المدثر وهي سورة مكية,و وآياتها ست وخمسون(56) بعد البسملة,
وقد سميت بهذا الاسم الذي هو كناية عن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ كناه الله ــ سبحانه وتعالي ــ به لأنه ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ عاد الي بيته من غار حراء مرتعدا مما سمع من الوحي لأول مرة, فقال لزوجته أم المؤمنين السيدة خديجة ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ فور عودته الي البيت: دثروني, دثروني, فنزلت هذه السورة المباركة التي يدور محورها حول تكليف رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالنهوض بأعباء الدعوة إلي الله, محذرا الناس من عذاب الآخرة إن لم يؤمنوا بربهم وخالقهم ورازقهم: الله الواحد الأحد, الفرد الصمد, المنزه في أسمائه وصفاته عن جميع خلقه, وتأمره الآيات ان يعظم ربه, وان يطهر ثيابه, وان يترك كل أمر يستوجب غضب الله وعذابه, وألا يستكثر ما يعطيه للناس مما رزقه الله ـ سبحانه وتعالي ـ وان يصبر علي تنفيذ أوامره.
ثم تنتقل الآيات بالحديث عن شقي كافر باسم الوليد بن المغيرة, الذي هزه ما استمع اليه خلسة من القرآن الكريم, واعترف بأنه لا يمكن ان يكون بقول بشر, إلا ان تمسكه بالدنيا وحبه للزعامة والرئاسة دفعه إلي إنكار اعترافه وإلي الكذب بالادعاء علي القرآن الكريم بأنه من السحر الذي نقل عن الأولين, فجاءت الآيات مهددة له ومتوعدة إياه بنار جهنم وعذابها.
وحينما نزلت هذه الآيات نطق كافر آخر هو أبو جهل عمرو بن هشام مستهزئا بقلة أعداد خزنة جهنم فنزل قول ربنا تبارك وتعالي: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا, كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك الا هو وما هي إلا ذكري للبشر( المدثر31).
ثم تنتقل الآيات بعد ذلك الي القسم بالقمر, وبالليل عند انتهائه, وبالصبح اذا طلع نوره وانكشف علي أن جهنم هي احدي البلايا الخطيرة للخلق المكلفين, فمن شاء منهم ان يتقدم اليها أو يتأخر عنها بعمله, فكيف يستهين بها الكفار المكذبون بالدين ويستهزئون بخطرها؟!
والقسم من الله ـ تعالي ـ هو من قبيل تنبيهنا الي خطر الأمر المقسم به وأهميته, لأن الله ـ سبحانه وتعالي ـ غني عن القسم لعباده.
وتختتم سورة المدثر بالتأكيد علي أن كل نفس مرهونة عند الله ـ تعالي ـ بعملها في الدنيا, وانها لا تفك من قيدها حتي تؤدي ما عليها من حقوق( إلا أصحاب اليمين) من عباد الله المؤمنين الذي فكوا قيودهم ورقابهم من عذاب الآخرة بإيمانهم بالله تعالي والتزامهم بطاعة أوامره, واجتناب نواهيه, فيدخلهم ربهم جنات النعيم, وهم فيها يتساءلون كأنهم في حوار حي مع المجرمين من الكفار والمشركين والطغاة الباغين في الأرض والمتجبرين علي الخلق, وأولئك المجرمون يجيبون معترفين بجرائمهم في الحياة الدنيا.
وترد الآيات في ختام هذه السورة المباركة بقول ربنا تبارك وتعالي:
بل يريد كل امرئ منهم ان يؤتي صحفا منشرة, كلا بل لا يخافون الآخرة, كلا انه تذكرة, فمن شاء ذكره, وما يذكرون الا ان يشاء الله هو أهل التقوي وأهل المغفرة( المدثر:52 ـ56).
من ركائز العقيدة في سورة المدثر: (1) الإيمان بالله تعالي وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. (2) التصديق ببعثة الرسول الخاتم, وبالقرآن الكريم الذي أنزله الله ـ تعالي ـ اليه هداية للخلق أجمعين الي يوم الدين. (3) اليقين بحتمية الآخرة, وبكل ما جاء عن أهوالها وأحداثها في كتاب الله, وأول ذلك النفخ في الصور: نفخة البعث والنشور التي عبرت عنها سورة المدثر بقول ربنا تبارك وتعالي: فإذا نقر في الناقور( المدثر: وذلك من قبيل بيان هول الأمر وشدته. (4) التسليم بأن كل نفس بما كسبت رهينة الا أصحاب اليمين. (5) الإيمان بحقيقة كل من الجنة والنار وبحتمية الخلود في أي منهما, وبأن أهل النار لا شفيع لهم في يوم القيامة.
من ركائز العبادة في سورة المدثر: (1) ضرورة الدعوة الي دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة, وبالجدال بالتي هي أحسن, وبالصبر علي ذلك. (2) الأمر الإلهي بالمحافظة علي كل من الطهارة الحسية والمعنوية, طهارة كل من الثوب والبدن, والنفس والسلوك من القاذورات والنجاسات والمعايب والآثام التي تؤدي الي غضب الله ووقوع عقابه. (3) النصح بالمداومة علي ذكر الله, وتعظيمه, وتنزيهه عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لايليق بجلاله. (4) النهي عن المن بعد العطاء أو انتظار العوض بأكثر منه. (5) ضرورة الصبر علي آداء الطاعات والمصابرة عليها. (6) الأمر الإلهي بضرورة المحافظة علي الصلاة المفروضة, والحرص علي إطعام المساكين. (7) التنبيه الي خطورة الكلمة, وذلك بالتحذير من الخوض في أعراض الناس أو من المشاركة في ذلك مع الخائضين.
من الإشارات العلمية في سورة المدثر: (1) القسم بالقمر إشارة الي أهميته في استقامة الحياة علي الأرض. (2) القسم بتبادل كل من الليل والنهار وهو من ضرورات استقامة الحياة علي الأرض. (3) الإشارة الي جنود الله التي لايعلمها إلا هو ـ سبحانه وتعالي.
وكل قضية من هذه القضايا تحتاج الي معالجة خاصة بها, ولذلك أركز هنا علي ما قد علمنا من جند الله عبر تاريخ البشرية الطويل
من أوجه الإعجاز العلمي في الإشارة الي جنود الله جاءت الإشارة الي جند الله سبحانه وتعالي في العديد من آيات القرآن الكريم التي منها قوله تعالي: (1) ثم أنزل سكينته علي رسوله وعلي المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين( التوبة:26). (2) إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم( التوبة:40). (3) يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذا جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا( الأحزاب:9). (4) وما أنزلنا علي قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين إن كانت الا صيحة واحدة فإذا هم خامدون( يس:29,28). (5) وإن جندنا لهم الغالبون( الصافات:173). (6) هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيماZ ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيماZ ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراZ ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما( الفتح:4 ـ7). (7)... وما يعلم جنود ربك إلا هو وماهي إلا ذكري للبشر*.( المدثر:31).
والواضح من هذه الآيات أن جنود الله كثيرون لانعلمهم ولكن الله ــ تعالي ــ يعلمهم ويسخرهم علي من يشاء من عباده وقتما يشاء, وحيثما يشاء, وبالقدر الذي يشاء.
والآيات تشير إلي أن من جند الله ما لايراه الناس ومنهم ما قد يدركونه, ومن الجند المدركين: الريح, الصيحة, الزلازل, البراكين, العواصف, الأعاصير, الأوبئة والأمراض, والإعاقات المختلفة, الحرائق والإغراق وغير ذلك من الابتلاءات المحسوسة.
ومن الجند غير المدركين الملائكة وهم خلق من نور, لايأكلون ولايشربون ولا ينامون, ولايتصفون بذكورة أو أنوثة, وهم خلق مكرمون, علي حال واحدة لا يطرأ عليها تحول أو تبدل إلي أن يشاء الله ــ تعالي ــ, وعلمهم ومعرفتهم مما يتلقونه من الله ــ تعالي ــ مباشرة, وهم مفطورون علي عبادة الله وتسبيحه وحمده وتمجيده وطاعته دون توقف أو فتور.. لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)( التحريم:6).
والملائكة هم أهل السماء, ولكن ينزلهم الله ــ سبحانه وتعالي ــ إلي الأرض في مهام محددة كما أنزلهم لأنبيائه ورسله ومنهم إبراهيم ولوط ومحمد ــ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين ــ كما أنزلهم للسيدة مريم العذراء ــ رضي الله عنها, كما أنزلهم في غزوة بدر وفي ذلك يقول الحق ــ تبارك وتعالي ــ:
إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين* وما جعله الله إلا بشري ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم* إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط علي قلوبكم ويثبت به الأقدام* إذ يوحي ربك للملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان* ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب*( الأنفال:9 ــ13).
وفي نفس الموقف جاء في سورة آل عمران قول ربنا ــ تبارك وتعالي ــ: إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين* بلي إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين* وما جعله الله إلا بشري لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم* ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين*( آل عمران:124 ــ127).
من هذا الاستعراض السريع يتضح أن لله جنود السماوات والأرض ما نعلم منهم وما لا نعلم, ومن جنود السماوات التي أخبرنا بها القرآن الكريم الملائكة وهم خلق من نور لايراه الإنسان, وعالمهم عالم الصفاء والطهر والنقاء, وهم من أهل السماء الذين ينزل الله ــ تعالي ــ منهم إلي الأرض من يكلفون بمهام يأمرهم بها الله.
ومن جند السماء الريح وما تحدثه من عواصف وأعاصير, والرعد, والبرق, والظلمات وما يصاحبها من مخاطر, والصيحة, وغضب الله ــ تعالي ــ ولعناته التي ينزلها علي الظالمين من عباده وما يدخل تحت مظلة دائرة السوء من امور.
ومما نعلم من جند الله في الأرض: الزلازل, والبراكين, والعواصف والأعاصير, والقحط والجدب والجفاف, والسيول المغرقة والفيضانات الجارفة, ومختلف أنواع الأمراض والأوبئة, أما ما لانعلم من جند الله فهو أكثر من ذلك بكثير لأن الغيوب من حولنا أكثر مما نعلم بعشرات المرات, ويكفي في ذلك أن يعترف علماء الفلك بأن ما يدركونه بكل تقنياتهم المتطورة في الكون المدرك هو أقل من(10%) أي أقل من عشر ماهو فعلا موجود فيه بالحسابات الرياضية والفيزيائية الفلكية, من هنا تتضح ومضة الإعجاز العلمي في قول ربنا ــ تبارك وتعالي ــ:.. وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكري للبشر*( المدثر:31).
فجنود الله ــ تعالي ــ في السماوات والأرض من الأمور الغائبة عنا ــ نحن معشر البشر ــ: حقيقة كل منها, ووظيفته, والقدرات التي وهب الله ــ سبحانه وتعالي ــ إياها والله يكشف لنا ما يريد الكشف عنه من أمر جنده الذين لانعرف لهم كنها ولاحصرا ولا عدا, وقوله ــ تعالي ــ في مثل هذه الأمور الغيبية هو القول الفصل, وليس لأحد من خلقه أن يجادل فيه, أو أن يحاول معرفة ما حجبه الله ــ تعالي ــ عنه, فليس له إلي ذلك من سبيل..! فالحمد لله علي نعمة الإسلام, والحمد لله علي نعمة القرآن, والحمد لله علي بعثة خير الأنام ــ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين وعلي من تبع هداه, ودعا بدعوته إلي يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.[/center] | |
| | | | من أسرار القرآن | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|