بدأ تطبيق فكرة فرق العمل في اليابان بعد سنوات من الحرب العالمية الثانية، حينما أرادت اليابان إعادة بناء اقتصادها وقدراتها الإنتاجية من جديد، حيث بدأت بتطبيق مفاهيم إدارية جديدة ضمن إطار ما نعرفه اليوم بإدارة الجودة الشاملة، فكان بالتالي تأسيس فرق العمل في تلك الفترة لتحقيق إدارة الجودة الشاملة. فأنشأت ما يسمى بـ"حلقات الجودة"وهي فرق عمل متخصصة بموضوع تحسين جودة سلعة معينة أو حل مشكلة في نوعيتها، مما كان له أعظم الأثر في تطور الصناعة اليابانية وتميزها في الجودة، يقول د.عبد الكريم حسين"الجمهورية العربية السورية، المعهد الوطني للإدارة العامة من مقال بعنوان بناء فرق العمل وإدارتها: "من المعروف أن المفاهيم الإدارية التي تلت الحرب العالمية كان لها دور رئيسي في التطور المذهل للصناعة اليابانية مثل صناعة السيارات في السبعينات والثمانينات التي تفوقت على مثيلاتها في بلاد العالم.
ومنذ ذلك النجاح ازداد الكلام حول أهمية فرق العمل في تطوير الأداء وفي تحسين الجودة وأصبح استخدام فرق العمل أمراً شائعاً جداً في الشركات و المؤسسات. ولم يقتصر استخدام فرق العمل على القطاع الصناعي أو حتى القطاعات الربحية بل تجاوزتها للقطاعات غير الربحية مثل المؤسسات الدينية والخيرية وبالطبع المؤسسات العامة والحكومية وإن كان استخدام القطاع الحكومي لفرق العمل اقل منه في سائر القطاعات"
فما هي فرق العمل؟ وما هي أبرز سماتها وفوائدها؟ وعلى أي أسس تقوم؟ وما هي الصفات التي تشترط في الفرد ليكون عضوا في فريق العمل؟ هذا ما سنتعرف عليه في في سياق هذه المقالة وفي المقالات القادمة بإذن الله.
أولا: ما هو فريق العمل؟
فريق العمل هو جماعة من الأفراد والأعضاء يعملون في مجموعة واحدة، لتحقيق هدف واحد مشترك بينهم، وعلى نحو أكثر تفصيلا ففريق العمل كما عرفه د.عبد الكريم حسين هو"مجموعة من الناس مرتبطة بتحقيق هدف معين، تتكامل جهودهم وخبراتهم، ويعملون سوياً بحيث يكون مجموع أدائهم المشترك أكبر من مجموع جهودهم الفردية في سبيل تحقيق النتيجة المنشودة"
سمات الفريق الفعال: الفريق الفعال له سمات معروفة، ونستطيع معرفة مدى فعالية أي فريق عن طريق النظر في مدى تحقق هذه السمات فيه و أبرز سمات الفريق الفعال هي:
1- وضوح الرسالة والأهداف:
فأهداف فريق العمل الفعال تكون واضحة تماما في ذهن كل واحد من أفراد الفريق.ويكون لتحقيق هذه الأهداف الأولوية القصوى عند كل عضو من أعضائه. قد يكون الأعضاء عندهم بعض الأهداف الشخصية التي يأملون في تحقيقها ولكن الأكثر أهمية في عملهم هو نجاح الفريق في تحقيق الهدف الذي قد حددوه معاً ولا يتوقف الأمر عند ذلك فقط بل إن كل عضو من أعضاء الفريق يعد نفسه مسئولا عن أداء ونتائج الفريق ككل وليس عن أدائه هو فقط.
2- يعمل بإبداع ويشجع على الابتكار:
فمن مميزات هذا الفريق الفعال الحرص على الأفكار الإبداعية و الحلول الابتكارية ويتم تشجيع كل أعضاء الفريق على ذلك.
3- أدوار ومسئوليات أعضائه واضحة: فهو فريق منظم جداً يتم تحديد الأدوار وتوزيع العمل بدقة، كل فرد يعرف ويفهم دوره والهدف المطلوب منه جيدا، ولا يتوقف الأمر على معرفة الهدف فقط بل يمتد إلى أن الشخص يعرف كيف يحقق هذا الهدف وكيف يصل إلى المطلوب منه، وإن لم يكن عنده خبرة كافية فهناك من يعلمه ويساعده ويرشده في سبيل الوصول إلى هدفه.
4- أعضاؤه متعاونون ويؤازرون قيادتهم:
فهناك جو تكاتفي عام في الفريق حيث يساند أعضاء الفريق بعضهم البعض، ويتعاونون بحرية في جو تكاتفي غير قائم على التهديد بل قائم على الثقة المتبادلة بين أعضاء الفريق، غير قائم على التنافس وإنما هو قائم على المشاركة والتعاون.
5- يحل الفريق خلافاته بنفسه : يعتبر الخلاف في الرأي بين أعضاء الفريق أمرا طبيعياً ونافعاً كذلك لأنه يساعد على التطوير وإيجاد الأفكار الجديدة. ولذلك فبعض الإداريين يقولون: إذا كنت أنت ومديرك دائماً على رأي واحد فأحدكما لا داعي له. وهذه ليست دعوة للمخالفة من أجل المخالفة ؛ ولكنها دعوة لإبداء الآراء ومناقشتها في حرية تامة. وأهم ضابط لصحية الخلافات بين أعضاء الفريق هو أن تكون مجرد خلافات في وجهات النظر ولا تتعدى إلى خلافات شخصية بين أعضاء الفريق تسبب نوعا من النزاع اللامرئي بينهم.
6- التوجيه والرقابة الذاتية:
فبمجرد ما تحدد إدارة المنظمة أهداف الفريق العامة تتاح له درجة عالية من المرونة في التحرك تكفيه لأداء مهامه دونما تدخل إضافي في التوجيه أو التحريك، وبالتالي فهو يقيم ويقوم نفسه بنفسه .
7- يشعر أفراده باتجاهات إيجابية نحو المؤسسة والإدارة والعمل:
حيث يشعر كل عضو في الفريق بالسعادة بانتمائه للفريق وللمؤسسة ويمتلئ قلب كل عضو من أعضاء المجموعة بالحب والود لبقية أعضاء الفريق ويحرص على الاستمرار في العمل دائما معهم.
8- يتمتع أعضاء الفريق بدافعية عالية للأداء الجيد:
تتسم فرق العمل الفعالة بالإنتاجية العالية والروح المعنوية المرتفعة. ويؤدي أفراد الجماعة الفعالة معظم أوقات عملهم على درجة عالية من الكفاءة والجودة.
9- وجود علاقات قوية بين الأعضاء وسهولة وانفتاح في الاتصال: يتصف الفريق بقوة العلاقات بين أعضائه، وتأخذ العلاقات شكلا غير رسمي حيث يصبحون أصدقاء أكثر من زملاء في العمل ويكون قوام هذه العلاقة: الثقة و الاحترام و التعاون و الدعم، ويتم تبادل المعلومات بحرية وسهولة ووضوح بين أعضاء الفريق.
10- يتخذ الفريق قراراته بالإجماع:
حيث يحرص أعضاء الفريق على الاجتماع والتشاور لاتخاذ القرار وتدور بينهم النقاشات في هدوء للوصول إلى القرار الأصوب الذي يجمع عليه أعضاء الفريق بأكمله.
11-أخذ المشكلات والمواقف بالجدية المناسبة:
فالفريق جاد يريد أن يصل إلى أهدافه بقوة ولذا فهو لا يتهاون في التعامل مع المواقف والمشاكل المختلفة وإن كانت صغيرة، بل شعاره دائما الجدية في العمل، ويتوافق مع هذه الجدية إيمان كامل في نفس كل عضو بعد إيمانهم وثقتهم بالله تعالى- بقدرتهم على حل أي مشكلة تواجه الفريق مهما كانت صعوبة هذه المشكلة .
12-الحجم المناسب: يتناسب حجم الفريق الفعال مع طبيعة عمله وحجم الإنتاج المطلوب منه، وفي الواقع لا يوجد عدد مثالي محدد لأعضاء الفريق، غير أنه من المعروف أنه كلما زاد عدد أعضاء الفريق زادت الفرصة للاستفادة من خلفيات وخبرات وثقافات متنوعة ؛ غير أنه كذلك كلما ازداد عدد الأعضاء أصبح من الصعب إدارة فريق العمل بطريقة فعالة والعكس صحيح.
13- التطوير الدائم وتحسين الأداء باستمرار: فالفريق الفعال يحرص على أن يتطور في الأداء دائما ويحرص على أن يرتفع مستوى أداء كل عضو في الفريق. ولذا فأنت تجد مثل هذا الفريق في عملية تطوير دائمة لا تتوقف أبدًا. ولليابانيين نظام في العمل اسمه "كايزن" ومعناه التطوير المستمر، هذا النظام يعني إدخال تحسينات صغيرة وبسيطة على الخدمات والمنتجات وبشكل دائم، وبهذا المبدأ سيصعب على أي فريق اللحاق بفريقك، وسيكون فريقك دائما في المقدمة وبقية الفرق تحاول اللحاق بك، لأنك دائما تتقدم إلى الأمام. وهذا المبدأ تعمل به شركة سوني، حيث سئل مديرها عن جدوى طرح منتجات جديدة بينما القديمة لم تباع فرد قائلاً: إن لم أبتكر وأبدع فسأصبح تابعاً، وأنا أريد أن أكون قائداً لا تابعاً.
وختاما فهذه بعض سمات الفريق الفعال القادر على ترجمة فوائد ومزايا الجماعية، والقادر على الوصول للأهداف وتحقيقها بفاعلية أكبر وفي وقت أقل.