الجماعية في العمل ..... لماذا ؟
قد يتسائل متسائل ويقول لماذا الجماعية في العمل؟ لماذا عليّ أن أتعاون مع غيري من البشر؟ لماذا لا أعمل وحدي وبمفردي؟ فأنا لا أتقن العمل مع الآخرين ولا أستطيع التنسيق معهم.
وللإجابة عن هذا السؤال، نصحبك في جولة سريعة، تتعرف منها على ضرورة العمل ضمن فريق لكل من يريد أن يحقق إنجازات كبيرة:
يد واحدة لا تصفق
إذا أمعنت التفكر في الحياة للحظات؛ لأيقنت أنه يستحيل على أي واحد من البشر تحقيق نجاح حقيقي كبير في الحياة بدون الآخرين، وكما قيل: " مهما بلغت براعة القائد فإنه لا يستطيع أن يخوض معركة وحده بدون جنوده"
لقد شاء الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة أن يحتاج البشر بعضهم إلى بعض، وأن تكون بينهم مصالح، بحيث يستحيل على أي واحد منهم أن يحيا حياة كاملة بمفرده؛ دون الاعتماد على الآخرين.
فلا سبيل أبدًا للنجاح العظيم في هذه الحياة الدنيا إلا من خلال التعاون المتبادل مع الآخرين.
ويؤكد على هذا المعنى ويليام رودولف فيقول: "أيًا كانت الإنجازات التي تحققها؛ فلا بد وأن أحدهم يساعدك".
ولذا فليس من العجيب أن يأتي بعد ذلك (د.روبرت شولر) ـ أحد عمالقة التنمية البشرية في العالم ـ فيقول: "لقد تعلمت شيئًا غاية في الأهمية عن الحياة؛ يمكنني تحقيق أي شيء أعتقد أن باستطاعتي تحقيقه، ولكن لا يمكنني تحقيق أي شيء وحدي".
وهناك حكمة قديمة تقول: "يد واحدة لا يمكن أن تصفق" ، نعم لا يمكن أبدًا أن تصفق يد واحدة كما أنه لا يمكن أبدًا أن يتحقق نجاح فردي دون مساندة الآخرين.
فإذا كنت تبحث عن أسرع وسيلة للوصول إلى هدفك فابحث عن آخرين يشاركونك غاية الوصول.
زيادة فرصة الإتمام
وبجانب السرعة تزداد فرصة الإتمام في ظل العمل مع الآخرين فإن المهام التي يتشارك فيها مجموعة من الناس تكون فرصة إتمامها أكبر.
ولذا فعلى النقيض أسرع وصفة للفشل والإحباط هو أن تتخلى عن الآخرين كما قال هوارش مان: "أن نتخلى عن مساعدة الآخرين يعني أننا نهدم أنفسنا".
ولذا فلا تعجب بعد ذلك من قول رسول الله r: "من فارق الجماعة شبراً فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"وقوله r: "فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية".
فعندما يترك الفرد المجموع وينعزل وحده منفردًا فهوكالشاة القاصية عن القطيع, المعرضة لهجوم خاطف من الذئب في أي لحظة، فاستمسك بالعمل مع الآخرين فهو طريق النجاح المتميز.
وها هو الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية فرانكلين دي. روزفلت يخبرك بخلاصة تجربة حكمه فيقول: "الأفراد الذين يعملون معًا كمجموعة؛ يمكنهم إنجاز أعمال لا يستطيع أي فرد يعمل وحده حتى أن يحلم بإنجازها"
نعم، جرب ذلك؛ وستجد الحقيقة واضحة أمام عينيك، عندما تعمل مع الآخرين ستتحقق أشياء لم تحلم أصلًا بإنجازها بمفردك، وستنجز مهامًا غير عادية.
العمود الفقري للأحلام
يقول د. عبد الرحمن عبد الخالق: "العمل الجماعي هو العمود الفقري لعمل الحكومات، والأحزاب، والجماعات، والجمعيات الخيرية, ومع دعوتنا للعمل الفردي وعدم التقليل من إنجازاته وأهميته، إلا أن انجازات العمل الجماعي هي أكبر وأكثر استمرارية وأصوب رأيًا وأكثر شمولية.
والعمل الجماعي مطلوب في كل المجالات الفكرية، والسياسية، والاجتماعية، والرياضية، والخيرية، والعلمية.
والعمل الجماعي مطلوب بين الدول وبين الحكومة والقوى الشعبية، فإمكانياتنا تزداد إذا تعاونا مع الآخرين، والفرص المتاحة تصبح أكبر، والأخطار الخارجية والقيود تصبح أقل، لقد أدركت أوروبا أهمية العمل الجماعي؛ فسعت للوحدة والتعاون"
فاحلم كيفما شئت، وخطط كما شئت، ولكن تذكر دائمًا ما قاله والت ديزني: "يمكنك أن تحلم وتبتكر وتصمم وتنفذ أكثر الأفكار روعة في العالم؛ ولكن تحويل الحلم إلى حقيقة هو أمر يحتاج إلى أشخاص يساعدونك".
نعم لن تتحقق الأحلام الكبيرة إلا بتكاتف عديد من الأشخاص معًا.
ولذا فمن اليوم احرص أن تعمل مع الآخرين، جرب أن تضع هدفًا وتشترك مع آخرين في إنجازه، اشترك مع شخصين أو أكثر في السعي وراء هدف مشترك، وسوف يمكنك تحقيق المزيد من الإنجازات بمقدار أقل من الجهد.
إن الجماعية هي الطريق الجذري لإحداث تغيير حقيقي في الحياة، ولا يمكن أن يكون قد حدث أي تغيير في الحياة إلا بجهد جماعي، يبدأ بتكاتف مجموعة صغيرة على التغيير والإصلاح، ويكبر ويتسع شيئًا فشيئًا.
وصدقت عالمة الأنثروبولوجيا المعروفة "مارجريت ميد" حين قالت: "لا تشك أبدًا أن مجموعة صغيرة من أصحاب الفكر والرأي يمكن أن تغير وجه العالم في الواقع هذا هو الشيء الوحيد الذي يحدث دائمًا".