إليك خطيبتى

إليك خطيبتي
بقلم أبومصعب الأطلسي


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
وبعد:
فإليك ... كأخت في الله قبل كل شئ ثم كخطيبة, إليك أيتها الغالية ابعث بهذه الكلمات, اسطر فيها بعض ما خطر لي ,واخط فيها بعضا مما جادت به قريحتي, آملا من الباري جل في علاه أن تصلك لتجدك في خير حال,فأقول وبالله التوفيق.

فبعد معانات طويلة في زمن الفتن هذا ,فتن الشهوات والشبهات بعد هذه المعانات الطويلة التي تجرعت فيها غصص الفتن الظاهرة والباطنة تجلى لي خلالها بحق معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الزمان ( سيأتى زمان على أمتي القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر ),بعد كل ذلك من الله علي بخطبتك والتقدم لطلب يدك للزواج, وقد كان ذلك بعد تفكير عميق وارق ليال وصلاة استخارة وانشراح صدر لذلك.وما كان الدافع لي لخطبتك خاصة من دون النساء إلا تدين لامسته فيك ,وحب صلاح و- حاجة في نفسي لا يعلمها إلا قليل- ,كذلك شدة حيائك إذ أن هذا الأخير سيد الأخلاق في نظري وخاصة بالنسبة للنساء وكيف لا يكون كذلك وقد قال فيه من لا ينطق عن الهوى (الحياء والإيمان قرينان إذا رفع احدهما رفع الآخر).
أيتها الأخت اعلمي أني قد أحسنت الظن فيك بأن تكوني المعين لي على طاعة الله والصبر معي على تقلب الأيام ومشاركتي أفراحي وأتراحي والمضي معي في السراء والضراء, واعلمي أني لم آل جهدا في إقناع نفسي وأهلي انك خير لي في ديني ومعاشي , فكوني خيرا من ظني ولا تبددي أحلامي ولا تتركيها تذهب أدراج الرياح, ولا تشمتي بي الأعداء (أعداء دين الله والمستهزئين بالملتزمين).
نعم أخيتي قناعتي انكِ خير لي وأن فضلك على نساء قومنا كفضل الثريد على سائر الطعام , فأرجوك كوني عند حسن ظني وإياك أن تكشري عن أنياب ومخالب إذ ما أظن أن للظباء أنياب ولا مخالب.

أيتها الأخت لقد لامني فيك من لامني وقد غار من غار ولامك أيضا من غير شك وغار منك من غار وتأفف من تأفف ,وقد أطلق لسانه من شاء في تبزنا والسخرية منا وأنصحك ألا تلقي لهم بالا وان تدعي اللقالق ترحل كما يقال واجعلي نصب عينيك قول القائل:

وما ضر البحر أمسى زاخرا أن ألقى فيه يوما غلام بحصاة
أو قول المثل
ما ضر السحاب نباح الكلاب
أو قوله
الكلاب تنبح والقافلة تسير
أيتها - الحبيبة – اعلمي وفقك الله انه الزواج -الميثاق الغليظ- كما سماه رب الأرباب قال تعالى (وأخذن منكم
ميثاقا غليظا) ولم يصف الله غيره بهذا الوصف, انه الزواج النواة الأولى للمجتمع المسلم بحق وهو اللبنة الأولى لبناء مشروع الأمة المنشود وليس أي مشروع , انه مشروع صناعة الرجال .
لذلك فاني أحب منك أن تضعي نصب عينيك أشياء عدة.

أولا : ليكن في علمك وفقك الله إلى ما يحبه ويرضاه أني ما تقدمتإليك إلا ابتغاء مرضاته وإخلاصا لوجهه الكريم لبناء أسرة على منهاج النبوة ولتكون حياتي وإياك في سبيل الله قال تعالى [قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى...) الحديث فأصلحي نياتك في هذا الزواج واحتسبيه لله لتحصدي الأجر الجزيل ويدوم الود والحب فيه ويكون مباركا, فقد قال بعض السلف - ما كان لله دام واتصل وما كان لغيره انقطع وانفصل-.

ثانيا:في بداية الوحي قال ورقة بن نوفل لرسول الله صلى الله عليه وسلم (ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي),فالواجب عليك أن تعلمي أنه لا بد من بعض المعاداة التي ستطالنا من قبل مجتمعنا الجاهل بدينه ويقينا ستكون هناك بعض المعاكسات والمشاحنات من قبلهم على اختلاف شدتها ,إذ أننا سنحاول أن تسير حياتنا على نهج لم يألفوه وسبيل لم يعهدوه,فالثبات الثبات رعاكِ الله.

أمر آخر قيل ( النعيم لا يدرك بالنعيم )اجعلي هذه المقولة نصب عينيك دوما وأبدا إذ لا يمكن للمسلم أن يعيش منعما في الدنيا ثم يجزى الجزاء الأوفى يوم القيامة,قال صلى الله عليه وسلم ( يبتلى المرء على قدر دينه) والمؤمن مصاب فلا تحسبي أن طريق الجنة مفروش بالورود والرياحين ولكِ في السابقين الأولين الأسوة والقدوة , فقولي ما قاله الصحابي الجليل ( ليرين الله ما اصنع ) فأرِ الله منك مايرضيه.
من الأشياء المهمة التي يجب عليك أن تتعلميها بل وتتقنيها العيش بواقعية وعدم التعلق بالمثاليات والأحلام الوردية ,إذ أن التدين وطاعة الله وحدهما لا يكفيان وان كانا الأساس والهدف ,فلا بد للمرأة من إتقان فن العيش وتحمل مسؤوليات بيت الزوجية والمهام المناطة بها فالواجب عليك أن تكوني ذات عزيمة قوية حكيمة حليمة لحل مشاكلك وقادرة على حياة الزوجية نفسيا وبدنيا وصاحبة قرار , مستعدة لتحمل أعباء الحياة لتكوني القدوة لغيرك بحق,فكما أن الزوج يجب عليه أن يسعى في قوته وقوت عياله فالواجب على الزوجة أن تؤدي دورها بخدمته وما إلى ذلك بل والتميز في ذلك والسعي لنيل قصب السبق في ذلك .
أمر أخر من الأهمية بمكان هو أمي والبر بها ,فكما جاء في الأثر( أحق الناس ببر الرجل والداه وأحق الناس ببر المرأة زوجها) فانا لن أنال رضوان الله إلا برضى ولدي وأنت لن تناليه إلا برضاي ورضاي عنك تبع لرضى أمي عنك فليعلم أن أهم شخص في حياتي هو أمي وكيف لا تكون كذلك وهي بابي للجنة إن شاء الله فطلبي
منك أن تبريها وتكرميها وتطيعيها في المعروف فلا رضى لك عندي حتى ترضيها عني وعنك فيما لك به طاقة.
ختاما هذه رسالة ابعث بها إليك أسال فيها عن حالك وأطمئن بها عن أحوالك منبها فيها عن بعض ما خطر لي من نقاط يجب علينا مراعاتها في حياتنا وبنائنا الجديد إن شاء الله ,وهذا غيض من فيض وإلا فالأمر أكثر اكبر من ذلك, سائلا المولى عز وجل أن تكون قد وصلتك لتجدك في أحسن الأحوال , وتقبلي مني أجمل التحايا وأسمى عبارات التقدير .
خطيبك المحب....
انتهيت من تسويده فجر 11-10-2010
وخطه أبو مصعب الاطلسي وقد الم به هم وغم لا يعلم قدره إلا الله