(7)
"لوط عليه السلام"
وقد أرسله الله إلى "أهل سدوم" وكانوا يعيشون في مكان البحر الميت المعروف الآن في الأردن.
ذكر المؤرخون: أن أهل سدوم كانوا نحواً من (400) ألف، وأن لهم خمس قرى هي: صبغه، وعمره، وأدما، وصبويم، وبالع. والله أعلم.
وقد سماهم القرآن قوم لوط.
قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ
قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ
أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ
مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
* نسب لوط:
هو ابن أخي سيدنا إبراهيم عليه السلام، آمن به وهاجر معه من العراق.
ثم أرسله الله إلى أهل سدوم في أرض مهجره ببلاد الشام، وليس له في قومه
الذين أرسل إليهم نسب.
فهو: لوط بن هاران بن تارح "آزر" بن ناحور ... وهكذا إلى آخر نسب سيدنا إبراهيم. والله أعلم.
* حياة لوط مع قومه في فقرات:
لقد أثبت القرآن الكريم قصة لوط مع قومه، ذاكراً فيها أهم المشاهد من
حياته، وذلك في نحو ست سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:
1- إيمانه بعمه إبراهيم عليه السلام، وهجرته معه.
2- نبوته ورسالته إلى قوم "أهل سدوم".
3- دعوته لقومه بمثل دعوة الرسل، ونصيحته لهم أن يهجروا ما هم عليه من سوء، وإنذارهم بعاقبة ما هم عليه من شر.
4- إثبات أن قومه كانوا أهل شذوذ جنسي، يأتون الرجال شهوة من دون النساء، ويجاهرون بشذوذهم فيأتون المنكر في نواديهم.
5- إثبات أن قومه كانوا يقطعون السبيل، فلا يَدَعون مسافراً أو تاجراً يمر في طريقهم إلاَّ آذوه، واعتدوا عليه وسلبوه ماله.
6- بيان أن قومه لما وعظهم ونصحهم لم يكن جوابهم إلا أن قالوا: "أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون"، يعنونه وأهله.
7- إرسال الله رسلاً من الملائكة لإِهلاك قوم لوط، وزيارة هؤلاء
الرسل من الملائكة سيدنا إبراهيم قبل ذلك، وإخباره بمهمتهم التي جاءوا من
أجلها.
8- انصرافهم إلى لوط عليه السلام، ودخولهم عليه بصورة شباب مُرْدٍ
حِسَان دون أن يخبروه بحقيقتهم، ثم إقبال قوم لوط على داره يريدون بهؤلاء
الشباب فاحشة. ثم إخبار الملائكة لوطاً بحقيقتهم وبمهمتهم التي جاءوا من
أجلها، وبأن القوم لن يصلوا إليهم. وأَمرُهم إياه أن يخرج من أرض قومه مع
أهله ليلاً قبل طلوع الصبح، وإخبارهم إياه بأن الصبح موعد تدمير قومه،
ووعدهم له بالنجاة هو وأهله، إلا امرأته العجوز الكافرة التي كان هواها مع
قومها.
9- بيان أن الله أتم قضاءه في قوم لوط، فخسف بهم الأرض، وجعل عاليها
سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، وأنجى الله لوطاً وأهله إلاَّ امرأته
كانت من الغابرين الهالكين.
(
"إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام"
قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ
صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ
بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم:
54-55].
ويترجح لدينا أن الله أرسله إلى القبائل العربية التي عاش عليه
السلام في وسطها، وقد ذكر المؤرخون أن الله أرسله إلى قبائل اليمن وإلى
العماليق.
* حياة إسماعيل عليه السلام في فقرات:
(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:
1- لما بلغ إبراهيم عليه السلام من العمر (86) سنة ولدت له أمَته
المصرية "هاجر" ابنه إسماعيل. وهذه الأَمَة هي التي كان فرعون مصر قد
وهبها لسارة زوجة إبراهيم عليه السلام، فوهبتها سارة لإِبراهيم لعل الله
أن يرزقه منها بولد، إذْ كانت هي حتى ذلك التاريخ عقيماً لم تلد، إلا أنها
ولدت بعد ذلك بإسحاق، ببشارة الملائكة لإِبراهيم كما قدمنا عند الكلام على
حياة سيدنا إبراهيم عليه السلام.
2- أَمر الله إبراهيم عليه السلام أن يُسكِن ولده الصغير -إسماعيل-
وأمه في وادي مكة، فسافر بهما إلى هذا الوادي، وأسكنهما فيه طاعة لله
تعالى، وانصرف عنهما عائداً إلى الشام، واستودعهما عند الله تعالى يرعاهما
برعايته، ويكلؤهما بحفظه.
3- ولما نفد الماء الذي كان معهما، اشتد الظمأ بالصبي، سعت أمه بين
الصفا والمروة باحثةً عن الماء، لعل الله يخلق لها من الشدة فرجاً، فأرسل
الله الملك فبحث في مكان زمزم فتفجر الماء، ولما رأت ذلك أقبلت وسقت ولدها
إسماعيل، وقد امتلأ قلبها سروراً وفرحاً!!
4- أحست قبيلة "جُرْهُم" -وهي من القبائل العربية- بأن الوادي أصبح
فيه ماء، فوفدت إليه وضربت فيه خيامها إلى جانب الماء، بعد أن استأذنت من
هاجر أم الصبي.
5- شب إسماعيل وتعلَّم اللغة العربية، وتزوج امرأة من "جرهم"، ثم
طلقها بإشارة من أبيه، لأن إبراهيم عليه السلام اختبرها فوجدها شاكية
متضجرة من شظف العيش وشدَّته، ثم تزوج بأخرى.
قالوا: وقد وُلد لإِسماعيل اثنا عشر ولداً ذكراً وكانوا رؤساء قبائل
-ومن نسله جاء العرب الذين يعرفون بالعرب المستعربة- كما وُلدت له بنت
زوَّجها من ابن أخيه عيسو "العيص" بن إسحاق.
6- ثم أمر الله إبراهيم -في منامه- أن يذبح ولده إسماعيل ابتلاءً
لهما، فعرض الأب الرحيم على ابنه التقي البار أمر الله، فقال إسماعيل: "يا
أبت افعل ما تؤمر"، وباشر تنفيذ أمر الله، إلاّ أن الله تعالى فداه
بذِبْحٍ عظيم جاء به الملك جبريل عليه السلام.
7- وقد عمل إسماعيل مع أبيه إبراهيم في عمارة الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، وقاما بأداء مناسكهما كما أمر الله تعالى.
8- عاش إسماعيل عليه السلام (137) سنة، ومات بمكة ودفن عند قبر أمه
هاجر بالحجر، وكانت وفاته بعد وفاة أبيه بـ (48) سنة. والله أعلم.
(ب) وقد قص الله علينا في كتابه العزيز جوانب من حياة إسماعيل عليه السلام، أهمها النقاط التالية:
1- إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه وأنزل إليه طائفة من الشرائع الربانية.
2- إثبات أخلاقه الكريمة التي منها: صدق الوعد والصبر، والثناء عليه
بأنه من الأخيار، ومن صبره عليه السلام طاعته وامتثاله أمر الله بذبحه،
الذي أمر به أباه إبراهيم عليه السلام.
3- مشاركته لأبيه إبراهيم في رفع القواعد من البيت الحرام، وفي
التجاءاته ومناجاته لله تعالى، وفي أن الله عهد لهما أن يطهرا البيت
للطائفين والعاكفين والركَّع والسُّجود.
4- وعد الله بأن يكون من ذريته أمة مسلمة وأن يبعث فيهم رسولاً منهم.
(9)
"إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام"
وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، وقال تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ}.
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي
الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى
الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ}
[ص: 45-47].
ويترجح أنه كان رسولاً في أرض الكنعانيين "بلاد الشام في فلسطين"، في البيئة التي عاش فيها سيدنا إبراهيم.
* حياة إسحاق عليه السلام في فقرات:
(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:
1- لما بلغ إبراهيم عليه السلام من العمر (100) سنة ولدت له زوجته سارة المرأة العجوز العقيم إسحاق عليه السلام.
2- أوصى إبراهيم أن لا يتزوج إسحاق إلا امرأة من أهل أبيه وقد كانوا
مقيمين في أرض بابل "العراق". ونُفّذت وصية إبراهيم، فتزوج إسحاق عليه
السلام "رفقة" بنت بتوئيل بن ناحور بن آزر، وناحور هذا هو أخو سيدنا
إبراهيم عليه السلام، فتكون "رفقة" بنت ابن عمه.
(ب) وقد قص الله علينا في كتابه العزيز جوانب يسيرة من حياة إسحاق عليه السلام،
تتلخص بالنقاط التالية:
1- إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه، وأنزل إليه طائفة من الشرائع.
2- إثبات أنه عليم ونبي من الصالحين، وأن الله بارك عليه.
3- إثبات أن الملائكة بشّرت إبراهيم بمولده من زوجته العجوز العقيم
-وهي سارة-، فلما سمعت البشرى قالت: "يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي
شيخاً إن هذا لشيء عجيب؟!".
4- هو أبو إسرائيل الذي يرجع إليه نبل نسل بني إسرائيل.