منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تاريخ الرسل عليهم الصلاه والسلام الجزء الخامس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

تاريخ الرسل عليهم الصلاه والسلام الجزء الخامس Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ الرسل عليهم الصلاه والسلام الجزء الخامس   تاريخ الرسل عليهم الصلاه والسلام الجزء الخامس Emptyالسبت 5 يوليو 2008 - 11:52

"أيوب عليه السلام"

وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، ففي خطابه لسيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم، مثبتاً له أنه أوحى إليه كما أوحى إلى مجموعة من
الرسل ومنهم أيوب، قال الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا
أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا
إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ
وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا
دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163].



* نسب أيوب:

من المحقَّق أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام، لقوله تعالى في معرض
الحديث عن إبراهيم: "ومن ذريته داودَ وسليمانَ وأيوبَ ويوسفَ وموسى
وهارون".(48 الأنعام/6).

وقد حصل اختلاف في تفصيل نسبه، وقال أبو البقاء في كلياته: "لم يصح في نسبه شيء".

وأقرب ما قيل في نسبه - على ما نظن - هو ما يلي:

فهو أيوب (عليه السلام) بن أموص بن زارح بن رعوئيل بن عيسّو "وهو العيص" ابن إسحاق بن إبراهيم الخليل (عليهما السلام).



* حياة أيوب عليه السلام في فقرات:

(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:

1- كان أيوب عبداً صالحاً، صاحب غنىً كبير، وأهل وبنين.

قالوا: وكان يملك "البثينة" جميعها، وهي من أعمال دمشق. فقد ابتلاه
الله بالرخاء، فآتاه المال والغنى والصحة، وكثرة الأهل والولد، فكان عبداً
تقياً، ذاكراً لأنعم الله عليه.

جاء في تفسير المنار: أن أيوب عليه السلام كان أميراً غنياً، عظيماً محسناً.

2- ثم ابتلاه الله بسلب النعمة، ففقد المال والأهل والولد، ونشبت به
الأمراض المضنية المضجرة، فصبر على البلاء، وحمد الله وأثنى عليه، وما زال
على حاله من التقوى والعبادة والرضا عن ربه.

3- فكان في حالتي الرخاء والبلاء مثالاً رائعاً لعباد الله الصالحين، في إرضاء الرحمن وإرغام أنف الشيطان.

4- قالوا: وكانت له امرأة مؤمنة اسمها (رحمة) من أحفاد يوسف عليه
السلام، وقد رافقت هذه المرأة حياة نعمته وصحته، وزمن بؤسه وبلائه، فكانت
في الحالين مع زوجها شاكرة فصابرة.

5- ثم إن الشيطان حاول أن يدخل على أيوب مباشرة في زمن بلائه فلم
يؤثّر به، ثم حاول أن يدخل إليه عن طريق امرأته، فوسوس لها، فجاءت إلى
أيوب وفي نفسها اليأس والضجر مما أصابه، وأرادت أن تحرك قلبه ببعض ما فيه
نفسها، فغضب أيوب وقال لها: كم لبثتُ في الرخاء؟ قالت: ثمانين، قال: كم
لبثتُ في البلاء؟ قالت: سبع سنين، قال: أما أستحيي أن أطلب من الله رفع
بلائي وما قضيتُ فيه مدة رخائي!!

ثم قال: والله لئن برئت لأضربنك مائة سوط، وحرّم على نفسه أن تخدمه بعد ذلك.

6- أصبح أيوب بعد ذلك وحيداً يعاني بلاءه ويقاسي شدته صابراً
محتسباً، ولما بلغ ذروة الابتلاء: {نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي
الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41]، ونادى ربّه: {أني مسني الضر
وأنت أرحم الراحمين}.

فقال الله له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42].

اركض برجلك: أي: اضرب الأرض برجلك، وادفع برجلك مكانا ما في الأرض.

فركض برجله، فلما تفجر له الماء شرب واغتسل، فشفاه الله وعاد أكمل ما كان صحة وقوة.

7- جاءت إليه امرأته، فشهدت ما منَّ الله به عليه من العافية، ففرحت
به وأقبلت عليه، وأراد أيوب أن يبرَّ بيمينه فيها ويضربها مائة سوط، فأوحى
الله إليه أن يأخذ ضِغْثاً ويضرب امرأته به، ويكون ذلك قد تحلل من يمينه
التي حلفها. وهذه من الحيل الشرعية للبرّ باليمين.

8- ولما اجتاز أيوب بنجاح باهر دور الابتلاء - في حالتي الرخاء والبلاء - اصطفاه الله واجتباه فجعله رسولاً.

9- وردَّ الله إليه ما كان فيه من النعمة، ووهب له أهله ومِثلَهم معهم برحمته.

قالوا: وقد ولد له (26) ولداً ذكراً، وكان من أولاده (بِشر) اصطفاه الله وجعله رسولاً، وسماه (ذا الكفل).

10- ويغلب على الظن أن مقام أيوب عليه السلام كان بالشام (في دمشق أو
حواليها)، وأن الله أرسله إلى أمة الروم، ولذلك يذكر بعض المؤرخين أنه من
أمة الروم.

11- قالوا: وقد عاش أيوب (93) سنة.

(ب) وقد عرض القرآن الكريم إلى جوانب يسيرة من حياة أيوب عليه السلام، وهي الأمور التالية:

1- إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه.

2- إشارة إلى قصة بلائه وما مسَّه من الضر، ثم كشف الضر عنه بمغتسل بارد وشراب، ثم هبة الله له أهله ومثلهم معهم.

3- إشارة إلى يمينه التي حلفها، والطريقة التي علمه الله أن يبرَّ فيها بيمينه.

قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي
الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ
مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء:
84].

وقال تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ
أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ
هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ
وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ *
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ
صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 41-44].



()

"ذو الكفل عليه السلام"

وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، فقال تعالى:
{وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنْ
الأَخْيَارِ} [ص: 48]



قال أهل التاريخ: وهو ابن أيوب عليه السلام، واسمه في الأصل بشر. وقد
بعثه الله بعد أيوب، وسماه ذا الكفل، وكان مقامه في الشام، وأهل دمشق
يتناقلون أن له قبراً في جبل قاسيون. والله أعلم.

والقرآن الكريم لم يَزِدْ على ذكر اسمه في عداد الأنبياء.



(15) و (16)

"موسى وهارون عليهما السلام"

1- أما موسى: فهو من كبار أولي العزم من الرسل، قال الله تعالى:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى
فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * فَلَمَّا
جَاءهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ
الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ
الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} [غافر: 23-25]

2- وأما هارون: فهو شقيق موسى، وقد بعثه الله رسولاً مع موسى ووزيراً
له في رسالته ومعيناً له في دعوته، قال تعالى في شأنهما: {ثُمَّ بَعَثْنَا
مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ
بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ * فَلَمَّا
جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ}
[يونس: 75-76]



* نسبهما:

هما ابنا عمران (عمرام بالعبري) بن قاهت "قاهات" بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن.

وأمهما يوكابد بنت لاوي عمة عمران، ولم يكن الزواج بالعمة حينئذ محرماً، ثم نزل تحريم ذلك على موسى.

وهارون أسبق ميلاداً من موسى بثلاث سنين، ولهما شقيقة اسمها مريم كانت فوق سن الإِدراك حينما ولد موسى.



* حياة موسى وهارون عليهما السلام في فقرات:

(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة موسى وهارون ما يلي:

1- ولد موسى بعد (64) سنة من وفاة يوسف، أي: بعد (425) سنة من ميلاد
إبراهيم وبعد (250) سنة من وفاته، وعاش نحو (120) سنة، والله أعلم.

2- قبل ميلاد موسى أصاب العبرانيين اضطهاد من فرعون في أرض مصر، وبلغ
الاضطهاد ذروته إذ أصدر فرعون أمره بقتل كل مولود ذكر للعبرانيين "بني
إسرائيل"، وفي هذه الأثناء ولد موسى، فأوصى الله إلى أمه: {أَنْ
أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا
تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ
الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].

3- فأرضعته أمه ثلاثة أشهر، ثم خافت افتضاح أمرها، وخشيت عليه من
جنود فرعون المكلَّفين بالبحث عن أولاد العبرانيين الذكور، فصنعت له
صندوقاً يحمله في الماء، وألقته في النيل.

4- وساق الماء الصندوق حتى دنا قصر فرعون المشرف على النيل، ومريم
أخت موسى تراقبه عن بعد وتتبع أثره، حتى هيأ الله لهذا الصندوق من يلتقطه
من نساء القصر الفرعوني.

قالوا: وقد التقطته ابنة فرعون وأحبته، وأدخلته البلاط الفرعوني، وقد
علموا أنه عبراني، وأنه محكوم عليه بالقتل بموجب الأمر الفرعوني العام.

ولما رأته امرأة فرعون قذف الله محبته في فؤادها، واسمها (آسية)، ثم
كانت امرأة مؤمنة ضرب الله بها المثل في كتابه: {إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ
لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ
وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].

فطلبت آسية من فرعون -بما لها من دالَّة- أن يبقيه على قيد الحياة
ليكون قرة عين لها وله - ولعلهم كانوا في شوق لولد ذكر -، وقالت له: عسى
أن ينفعنا إذا كبر عندنا، أو نتخذه ولداً.

وأسموه في القصر (موسى) أي: المنتشل من الماء.

قالوا: وأصل ذلك في اللغة المصرية القديمة: (موريس)، أخذاً من (مو) بمعنى ماء و (أوريس) بمعنى منتشل.

5- وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً من الهمِّ والقلق على ولدها لما علمت نجاة ولدها، وتبنِّي القصر الملكي له.

6- بحث نسوة البلاط الفرعون عن مرضع للطفل، فكانوا كلما جاؤوا بمرضع له رفض ثديها.

لقد حرم الله عليه المراضع، وألهمه رفض ثُدِيِهنَ، وذلك ليعيده إلى
أمه ويُقرَّ به عينها، ولما رأت أخته مريم أنهم أحبوه واستَحيوه، وهم
يبحثون عن مرضع له -ولعلَّها كانت معتادة دخول القصر الفرعوني- قالت لهم:
{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ
نَاصِحُونَ} [القصص: 12]؟ فوافقوا، فدعت أمها، فعرضت عليه ثديها فامتصه
بنَهمٍ وشوق، فاستأجروها لإِرضاعه وكفالته.

وبذلك ردّ الله موسى إلى أمه كي تقرّ عينها به، ولا تحزن على فراقه،
ولتعلم أن وعد الله حق، فقد رده الله إليها كما أوحى إليها.

7- تمت مدّة رضاع موسى وكفالته على يدي ظئره في ظن البيت الفرعوني،
ويدي أمه في الحقيقة، وأعيد إلى قصر الملك فنشأ وتربى فيه، حتى بلغ
أشُدَّه واستوى، وآتاه الله صحة وعقلاً، وقوة وبأساً.

وإذْ أراد الله أن يجعله رسولاً من أولي العزم، ذا شأن في تاريخ الرسالات السماوية، فقد آتاه حكماً وعلماً.

8- ومما لا شك فيه أنه ظل على صلة بمرضعته -أمه في الحقيقة- التي عرف
منها ومن بقية أسرته قصة ولادته ونشأته في القصر الفرعوني، وأنه إسرائيلي
من هذا الشعب المضطهد، المسخَّر في مصر على أيدي فرعون وآله وجنوده.

وبالنظر إلى صلته ومكانته في القصر الفرعوني، فقد جعل يعمل على تخفيف
الاضطهاد عن بني إسرائيل، ويدفع عنهم الظلم بقدر استطاعته، فصار
الإِسرائيليون في مصر يستنصرون به في كل مناسبة.

9- مرّ موسى ذات يوم في طُرُق المدينة، في وقت خلت فيه الطرقات من
الناس -ولعل الأمر كان ليلاً- فوجد رجلين يقتتلان، أحدهما إسرائيلي والآخر
مصري.

قالوا: وكان السبب أن المصري الفرعوني أراد أن يسخِّر الإِسرائيلي في
عمل، فأبى عليه الإِسرائيلي. ولما رأى الإِسرائيلي موسى استغاث به، فجاء
موسى -وكان قوياً شديد البأس- فأخذ بجمع يده فوكز المصري وكزة كانت الضربة
القاضية عليه، فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله- قال: {هذا من
عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} ورجع يستغفر الله مما فعل.

وأصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب، يمرّ في طرقاتها على حذر،
وبينما هو في طريقه إذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه مرة ثانية، فأقبل
عليه موسى وقال له: {إنك لَغَوي مبين}، أي: صاحب فتن ورجل مخاصمات، ومع
ذلك أخذته حماسة الانتصار للإِسرائيلي، فأراد أن يبطش بالذي هو عدوّ لهما،
لكنّ الإِسرائيلي ظن أنه يريد أن يبطش به فقال له: {يَا مُوسَى أَتُرِيدُ
أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا
أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ
الْمُصْلِحِين} [القصص: 19].



فالتقط الناس كلمة الإِسرائيلي وعرفوا منها أن موسى هو الذي قتل
المصري بالأمس، وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني، فتذاكر آل فرعون في
أمر موسى والقصاص منه، ولم يَعدم موسى رجلاً ناصحاً مخلصاً ممن له صلة
بالقصر، فجاءه من أقصى المدينة - وربما كان ذلك من القصر نفسه، لأن العادة
في القصور الملكية أن تكون في أماكن بعيدة عن المساكن العامة وحركة
المدينة - وقال له: {يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من
الناصحين}.

10- قبل موسى نصيحة الرجل، فخرج من المدينة خائفاً يترقب، وهو يقول: {ربّ نجني من القوم الظالمين}.

واتجه إلى جهة بلاد الشام تلقاء مدين، وسار بلا ماء ولا زاد، قالوا:
وكان يقتات بورق الأشجار، حتى وصل إلى مدين، وفي مدين سلالة من الأسرة
الإِبراهيمية منحدرة من مدين "مديان" بن إبراهيم - أحد أعمام بني إسرائيل
-، ولعله قصدها عامداً لعلمه بصلة القربى مع أهلها.

11- وصل موسى بعد رحلة شاقة إلى مدين، فلما ورد ماءها وجد عليه
أُمَّة من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين تذودان أغنامهما عن الماء،
منتظرتين حتى يتم الرعاة الأقوياء سقيهم.

أخذت موسى غيرة الانتصار للضعيف فقال لهما: ما خطبكما؟ قالتا: {لا
نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}، واعتذرتا عن عملهما في السقي دون
الرجال من أسرتهما فقالتا: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23] أي:
فهو لا يستطيع القيام بهذه المهمة.

فنهض موسى وسقى لهما، وانصرفتا شاكرتين له، مبكرتين عن عادتهما،
وتولّى موسى إلى الظل، وأخذ يناجي الله ويقول: {رَبِّ إِنِّي لِمَا
أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24].

12- عجب أبوهما الشيخ الكبر من عودة ابنتيه مبكرتين، فقصتا عليه قصة
الرجل الغريب الذي سقى لهما، فأمر إحداهما أن تعود إليه، وتبلغه دعوة
أبيها ليجزيه على عمله.

فجاءته تمشي على استحياء، قالت: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 25].

فلبى موسى الدعوة، وسار مع ابنة الشيخ، قالوا: وقد طلب منها أن تسير
خلفه وتدله على الطريق، لئلا يقع بصره على حركات جسمها، وذلك عفة منه.

13- دخل موسى على الشيخ الكبير، فرحب به، وقدم له القِرى، وسأله عن
خطبه، فقص عليه القصص، ووصف له حاله وحال بني إسرائيل في مصر، قال: {لا
تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25] .



.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاريخ الرسل عليهم الصلاه والسلام الجزء الخامس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008) :: المنتديات الأدبية :: منتدى القصص القرآني-
انتقل الى: