ابوكريم عقيد
عدد الرسائل : 581 العمر : 55 العمل/الترفيه : محاسب تاريخ التسجيل : 27/01/2009
| موضوع: تطلّع إلى المستقبل بعين الأمل والتفاؤل الأربعاء 19 يناير 2011 - 5:43 | |
| كلُّ ما من حولنا يبحث عن مستقبله.. لا يريد أن يقف مكتوف اليدين إزاء حاضره مكبّلاً بماضيه.. فالأرض الجرداء تكظم صبرها حتّى ينزل المطر عليها.. فإذا سالت وديانها بالأمطار اهتزّت وربت وأنبتت من كلّ زوج بهيج. إنّه مستقبلها الأخضرُ الرّيّان السعيد. واللّيلُ مهما بدا طويلاً ثقيلاً مدثراً بعباءته السميكة السوداء، فإنّ الكون يمنِّي النفس بنهار رفرفٍ مشرقٍ عذبٍ نديّ جميل تتفتّح فيه أسارير الحياة والكائنات.. فالغدُ المشرقُ مستقبل. والخريف الذي تتعرّى أشجاره، من خضرتها اليانعة، وثمارها الشهيّة، وأزهارها البهيّة، يبدو للناظر كهياكل عظيمة ناشزة توحي بالموت والانتهاء، لكنّ الحدائق والرِّياض والمزارع والبساتين تؤمِّل نفسها بمستقبلٍ ربيعيّ زاهرٍ مثمر تعود فيه بسمة الحياة إلى كلّ هذا الموات. والفلّاح الذي يمضي أوقاته تحت الشمس اللّاهبة وتحت سياط البرد القارس، إنّما يدفعه مستقبلُ موسمه العامر بالغلال، لتحمّل هذا العذاب المستعذب.. فالموسم مستقبله الضاحك الغنيّ العَطِر.. والأُم التي تنتظر تسعة أشهر بلياليها ونهاراتها وحملها الثقيل الذي يوهن بدنها، وما تعانيه من مصاعب يتجمّع مستقبلها كلّه في رؤية وليدها المنتظر النور. إنّها تولد بولادته.. ولو لا إيمانها بالمستقبل المحفوف بالأمل لما عانت متاعب الحمل ولا كابدت آلام المخاض. حتّى الدجاجة التي ترقد على بيضاء أيّاماً معدودات يحدوها الأملُ في أن ترى صيصانها بألوانها الزاهية يدرجن من حولها مزقزقات.. وأنت تقضي عاماً كاملاً على مقاعد الدراسة للتقدّم خطوة نحو المستقبل، وفي كلّ عام دراسيّ تتّجه صوب مستقبلك العلمي والعملي شوطاً آخر.. هذا هو الكون تطلّع إلى المستقبل كلّه، يغمره التفاؤل أنّ المؤمّل – وإن كان غيباً – لكنّه سيأتي حاملاً بين طيّاته السعد والرحمة والبركة ولذا قيل "تفاءلوا بالخير تجدوه". فكم من مريضٍ نام ليلته وهو يمنّي النّفس بالشفاء.. وكم من صاحب همّ بات وهو يرجو أن يطلع الصباح بما يفرِّج همّه.. وكم من مشكلة عويصة داخ فيها صاحبها لكنّها لم يعدم الأمل في إيجاد الحل المناسب لها. (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق/ 2-3). (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) (الطلاق/ 4). وبإطمئنان نقول: لولا التفكير بالمستقبل والتطلّع نحوه لتوقّفت عجلة الحياة عن الدوران، ولجفّت ينابيع الحركة في الكائنات، ولتحوّل الكون إلى مقبرة واسعة. بينما عيسى عليه الصلاة والسلام جالسٌ وشيخٌ يعملُ بمسحاة يثير الأرض، قال : "اللّهمّ انزع منه الأمل"، فوضع الشّيخ المسحاة، فلبث ساعة، فقال عيسى : "اللّهمّ أردد إليه الأمل، فقام فجعل يعمل". أي أنّ (المحرِّك) و(المحرِّض) على العمل هو (الأمل)، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الأمل رحمة لأُمّتي، ولولا الأمل ما وضعت والدة ولدها، ولا غرس غارسٌ شجراً". أي لم يفكرا في المستقبل.. لا في مستقبل الولد الرّضيع، ولا في مستقبل الشجرة الرضيعة التي لا تزال شتلة فتيّة. منقول
_________________ | |
|