بقلم : أ.نبيه بن مراد العطرجي .
ميز الخالق الرحمن الإنسان عن باقي الكائنات بالعقل الذي من خلاله يستطيع العيش في الحياة والتمتع بما فيها والتلذذ بنعمها وإقامة الخلافة { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة } التي حُمِل أمانتها { إنا عرضنا الأمانة على السماوات الأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولاً } ليعمر الأرض حتى قيام الساعة ، ورغم أن العمر فيها محدود كما جاء في الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين ، وأقلهم من يجوز ذلك ) .
إلا أن الأمل لا بد من أن نجعله في نفوسنا ونحقق من خلاله أهدافنا التي رسمناها داخل أنفسنا لنترك في الدنيا بعد الرحيل بصمة تشهد لنا بأننا قد انتصرنا على المستحيل في حياة لا تؤمن بالاستسلام ، فشمعة الأمل يتوجب علينا عدم ضياعها والحفاظ عليها من أي رياح تحاول إطفاء وميضها في حياة ليست مشرقه دائماً ، فبشعاعها نستطيع أن نتعد الصعاب ونحقق الآمال وتصبح أهدافنا حقيقة لا خيال ، وبالأمل نستطيع أن نجعل حياتنا أفراح ، ونحجب خلف ذلك الشعاع الأحزان ، وقد قيل عن الأمل :
الأمل تلك النافذة الصغيرة التي مهما صغر حجمها إلا أنها تفتح آفاقاً واسعة في الحياة .
الأمل شعور مركّب من الرغبة في شيء مصحوب بتوقع في الحصول عليه .
الأمل هو قرار يتخذه المرء لتكون حياته أفضل مما كانت .
وقال علماء النفس : إن كل حالة انتحار تسبقها لحظة يأس قاتلة ، وكل حالة فوز وانتصار تسبقها إشراقه أمل .
وقد يسأل سائل : من أين نأتي بالأمل ؟ وكيف يتولد داخل أنفسنا المحبطة ؟ فنجد الجواب قد أخبر به المصطفى عليه الصلاة والسلام بأنه قال : ( إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها ) فطريقنا إلى تحصيل الأمل يبدأ بالعمل ، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لبعض صحابته : (لا تيأسا من طلب الرزق ما تهززت رؤوسكما ، فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشر ، ثم يرزقه الله عز وجل )
ثم الدعاء [ اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ] [ اللهم إليك تقصد رغبتي ، وإياك أسأل حاجتي ، ومنك أرجو نجاح طلبتي ، وبيدك مفاتيح مسألتي ، لا أسأل الخير إلا منك ، ولا أرجو غيرك ، ولا أيأس من رَوحك بعد معرفتي بفضلك ] والذكر الحكيم أحتوى بين دفتيه من الآيات ما فيها تلميح صريح إلى وجوب بقاء الأمل في حياتنا قال تعالى { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين }
وقوله تعالى { وكأيِّن من نبي قاتل مع ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين } وقوله تعالى { وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ } وغير ذلك من الآيات التي تزرع في روح المؤمن الأمل ، إن الأمل الحقيقي يجب أن يكون فيما يبقى ويُخلّد ، أما الزائل والفاني فلا تعقد عليه الآمال والأحلام ، فمن فقد الأمل فقد خسر الحياة .
ومن أصدق من الله قيلاً { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } .
_________________
أبـوروان