aliali مقدم
عدد الرسائل : 300 تاريخ التسجيل : 17/04/2008
| موضوع: قصيدة (( فلسفة الثعبان المقدس )) للشاعر أبوالقاسم الشابي الإثنين 2 أغسطس 2010 - 12:10 | |
|
قصيدة (( فلسفة الثعبان المقدس )) للشاعر أبوالقاسم الشابي
كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً، حالماً ***** غضَّ الشَّبابِ، مُعَطَّرَ الجلبابِ
يمشي على الدنيا، بفكرة شاعرٍ ***** ويطوفها، في موكبٍ خلاَّبِ
والأُفقُ يملأه الحنانُ، كأنه ***** قلبُ الوجود المنتِجِ الوهابِ
والكون من طهرِ الحياة كأنما ***** هُوَ معبدٌ، والغابُ كالمحرابِ
والشّاعرُ الشَّحْرورُ يَرْقُصُ، مُنشداً ***** للشمس، فوقَ الوردِ والأعشابِ
شعْرَ السَّعادة والسَّلامِ، ونفسهُ ***** سَكْرَى بسِحْر العالَم الخلاّبِ
ورآه ثعبانُ الجبالِ، فغمَّه ***** ما فيه من مَرَحٍ، وفيْضِ شبابِ
وانقضّ، مضْطَغِناً عليه، كأنَّه ***** سَوْطُ القضاءِ، ولعنة ُ الأربابِ
بُغتَ الشقيُّ، فصاح من هول ***** القضا متلفِّتاً للصائل المُنتابِ
وتَدَفَّق المسكين يصرخُ ثائراً: ***** «ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي؟»
لاشيءِ، إلا أنني متغزلٌ ***** بالكائنات، مغرِّدٌ في غابي
«أَلْقَى من الدّنيا حناناً طاهراً ***** وأَبُثُّها نَجْوَى المحبِّ الصّابي»
«أَيُعَدُّ هذا في الوجود جريمة ً؟! ***** أينَ العدالة ُ يا رفاقَ شبابي؟»
«لا أين؟، فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا ***** رأيُ القويِّ، وفكرة ُ الغَلاّبِ!»
«وَسَعَادة ُ الضَّعفاءِ جُرْمُ..، ما لَهُ ***** عند القويِّ سوى أشدِّ عِقَاب!»
ولتشهد- الدنيا التي غَنَّيْتَها ***** حُلْمَ الشَّبابِ، وَرَوعة َ الإعجابِ
«أنَّ السَّلاَمَ حَقِيقة ٌ، مَكْذُوبة ٌ ***** والعَدْلَ فَلْسَفَة ُ اللّهيبِ الخابي»
«لا عَدْلَ، إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى ***** وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهاب»
فتَبَسَّمّ الثعبانُ بسمة َ هازئٍ ***** وأجاب في سَمْتٍ، وفرطِ كِذَابِ:
«يا أيُّها الغِرُّ المثرثِرُ، إنَّني ***** أرثِي لثورة ِ جَهْلكَ الثلاّبِ»
والغِرُّ بعذره الحكيمُ إذا طغى ***** جهلُ الصَّبا في قلبه الوثّابِ
فاكبح عواطفكَ الجوامحَ، إنها ***** شَرَدَتْ بلُبِّكَ، واستمعْ لخطابي»
أنِّي إلهٌ، طاَلَما عَبَدَ الورى ***** ظلِّي، وخافوا لعنَتي وعقابي»
وتقدَّوموا لِي بالضحايا منهمُ ***** فَرحينَ، شأنَ العَابدِ الأوّابِ»
«وَسَعَادة ُ النَّفسِ التَّقيَّة أنّها ***** يوماً تكونُ ضحيَّة َ الأَربابِ»
«فتصيرُ في رُوح الألوهة بضعة ً ***** ، قُدُسية ٌ، خلصت من الأَوشابِ
أفلا يسرُّكَ أن تكون ضحيَّتي ***** فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي»
وتكون عزماً في دمي، وتوهَّجاً ***** في ناظريَّ، وحدَّة ً في نابي
«وتذوبَ في رُوحِي التي لا تنتهي ***** وتصيرَ بَعََض ألوهتي وشبابي..؟
إني أردتُ لك الخلودَ، مؤلَّهاً ***** في روحي الباقي على الأحقابِ..
فَكِّرْ، لتدركَ ما أريدُ، وإنّه ***** أسمى من العيش القَصيرِ النَّابي»
فأجابه الشحرورُ ، في غُصَ الرَّدى ***** والموتُ يخنقه: «إليكَ جوابي»:
لا رأي للحقِّ الضعيف، ولا صدّى ***** ، الرَّأيُ، رأيُ القاهر الغلاّبِ
«فافعلْ مشيئَتكَ التي قد شئتَها ***** وارحم جلالَكَ من سماع خطابي"
وكذاك تتَّخَذُ المَظَالمُ منطقاً ***** عذباً لتخفي سَوءَة َ الآرابِ
| |
|