تفاصيل اخرى:
بدأ العدوان الاسرائيلي على الاراضي المصرية في الساعة الخامسة من بعد ظهر 29 اكتوبر 1956وقد بدأهجوم اسرائيل بالهجوم الجوي على ممر متلا لخلق ذريعة للتدخل الانجلوفرنسي كما اتفقوا في بروتوكول سيفر.
كان الهجوم الاسرائيلي مفاجئا للقيادة المصرية التي لم تجد سببا يبرره في هذا التوقيت بالذات فقد كان الموقف على الجبهة المصرية الاسرائيلية هادئا طوال الاسابيع الاخيرة ,فمنذ بدأت ازمة القناة ولاح تهديد الدول الاوروبية لمصر تم سحب قوة الجيش الرئيسية من سيناء وترك 6كتائب فقط حتى لاتنعزل سيناء عن الدلتا اذا ماقامت القوات الانجليزية والفرنسية بهجوم يستهدف قناة السويس , وجرى توزيع الكتائب الست التي بقت قرب خط الحدود الشرقية حيث تمركزت كتيبتان في منطقة ام قطف, وكتيبتان في منطقة الشيخ زويد , مع بقاء كتيبتين في الخلف في العريش فضلا عن قوات الحرس الوطني وحرس حدود فلسطين الموجود بقطاع غزة .
وكانت المواقع المصرية شبه خالية الى درجة دفعت الجنرال بيرنز كبير مراقبي الهدنة الى ان يكتب تقريرا الى داج همرشيلد السكرتير العام للامم المتحدة يقول فيه
ان تقلص حجم القوات على الخطوط المصرية يمثل اغراء شديد لاسرائيل) الا ان عبد الناصر استبعد ان تنزلق اسرائيل الى الاغراء في هذه المرحلة.
وكان تقدير عبد الناصر وقت ان اشتد الخطر الانجلو فرنسي ان اسرائيل سوف تتردد عن التورط فيه حفاظا على صورتها امام الرأي العام العالمي , واستبعد ان تقوم بدور التابع لاثنتين من الدول الاستعمارية الكبرى كما كان تقديره بعد تراجع خطرهما عقب مناقشات مجلس الامن ان(اسرائيل لن تسارع بالعمل المسلح والا انها ستظهر نفسها في صورة من عيد تعقيد الموقف في الشرق الاوسط بعد ان تبدت احتمالات انفراجه خاصة وان ذلك سوف يعرضها للوم الشديد ويضعها في موقف سياسي صعب قد تفضل تجنبه)
توجه عبد الناصر الى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة وهو مازال يتساءل عن اسباب الهجوم الاسرائيلي مستبعدا احتمال تورط اسرائيل في عمل مشترك مع بريطانيا وفرنسا ومن الغريب انه لم يشك في هذا التواطؤ حتى بعد ان قرأ نص البيان الاسرائيلي عن نزول المظلات الاسرائيلية في منطقة صدر الحيطان التي تبعد نحو 65كم شرق القناة لم يخطر له التواطؤ ليس لانه احسن الظن يايدن وموليه,ولكن لانه كان يعرف ان شبهة التواطؤ مع اسرائيل كانت كفيلة وحدهاباسقاط كل نظم الحكم الموالية لبريطانيا في المنطقة. كماتؤدي الى زيادة النقمة على فرنسا في شمال افريقيا.
اولا: خطة الهجوم الاسرائيلي: قادش:
كانت الخطة الاسرائيلية تتلخص في اسقاط كتيبة من المظلات من اللواء 202مظلات فوق صدر الحيطان ثم يزحف باقي اللواء على محور الكونتيلا – نخل-صدر الحيطان لينضم الى الكتيبة التي اسقطت شرق ممر متلا.
وبعد تنفيذ الضربة الجوية الانجلو فرنسية تتقدم المجموعة 38 عمليات بقيادة البريجادير يهودا والاش للاستيلاء على ام قطف بينما تتقدم الكتيبة 77بقيادة البريجاديرحاييم بارليف لاحتلال رفح والعريش ثم تواصل المجموعتان الزحف حتى يصلان الى 61كم شرق القناة حيث يتوقفا هناك وفي الجنوب تتقدم مجموعة اللواء التاسع ميكانيكي بقيادة ابراهام بوفيه من ايلات لشرم الشيخ
ثانيا الانذار البريطاني الفرنسي:
حتى صباح 30 اكتوبر كان عبد الناصر يستبعد احتمال التواطؤ وبعد ساعات قليلة استدعي السفيران المصريان في لندن وباريس الى وزارتا الخارجية في البلدين ليتسلما انذارا من الدولتين لكل من مصر واسرائيل يطالبان الدولتين بالانسحاب 10اميال بعيدا عن القناة حتى لايتعرض هذا المرفق الهام للخطر من القتال الدائر
وبناء على ذلك فانهما يطلبان من مصر ان :
1-توقف فورا الاعمال العسكرية في البر والبحر والجو
2-الانسحاب 10اميال بعيدا عن قناة السويس
3-تحتل القوات البريطانية والفرنسية مواقع رئيسية في بورسعيد والاسماعيلية والسويس حتى يمكن ضمان حرية المرور في قناة السويس وحمايتها من القتال وحتى يمكنها الفصل بين القوات المتحاربة
كما طالبت الدولتان بالرد على الانذار كتابيا خلال 12ساعة واذا مر هذا الوقت دون رد او تنفيذ فانهما ستتدخلان باي قوات تراها ضرورية لضمان التنفيذ
استدعى عبد الناصر تريفيليان سفير بريطانيا وقال اهذا انذاركم؟ فأجابه تريفليان انه لم يقل احد انه انذار ولكنه رسالة ترمي الى وقف القتال وحماية القناة ورد عبد الناصر انه بامكاننا حماية القناة وسندافع عنها اليوم ضد اسرائيل وغدا ضد اخرين
ثالثا مصر ترفض الانذار:
رفضت مصر الانذار بعد مناقشات في مجلس الوزراء ثم اصدرت القيادة العسكرية بيانا في الاذاعة بعد منتصف الليل عن سيطرة مصر على الموقف الذي نشأ عن عدوان اسرائيل وان السفن تعبر في القناة بامان وسلام تام وان القوات المسلحة قادرة على حماية القناة مهما تكن الظروف.
**************
مراحل سير العمليات:
اربع مراحل:
المرحلة الاولى: العدوان الاسرائيلي من 29اكتوبر وحتى 31اكتوبر:
واستغرقت50ساعةبين الخامسة عصر 29اكتوبر وحتى السابعة مساء31اكتوبر
وتحدثنا عنها فيما سبق
لكن نضيف ان القوات الاسرائيلية عندما انزلت كانت بعيدة عن القناة ولكن زجت اسرائيل باسم القناة عمدا في بيان اذاعه المتحدث الرسمي باسم القوات الاسرائيلية في التاسعة مساء للايهام بوجود صراع على مشارف القناة يهدد سلامة النقل
وقد استطاعت القوات المصرية ان تحصر العدوان الاسرائيلي ودفع الاحتياطات التعبوية الى سيناء وتأهبها لاستعادة الاوضاع فيها
المرحلة الثانية: 31اكتوبر وحتى 4نوفمبر: اكتشاف التواطؤ وسحب القوات المصرية:
واستمرت 84ساعة من السابعة ليلا في 31اكتوبر وحتى السادسة من فجر 4نوفمبرعندما بدأ التمهيد للضربة الجوية من القوات البريطانية والفرنسية
كانت الساعة السابعة هي اللحظة الحاسمة في العدوان حيث هجمت فجأة القوات الجوية للدولتين العظميتين على مطارات مصر لتدمير الطائرات فانكشفت مؤامرة سيفر
وصدر قرار توحيد الجبهة المصرية غرب القناة في الساعة العاشرة من مساء نفس اليوم لانقاذ القوات الموجودة في سيناء من الشرك المدبر لها هناك حيث استدرجتها اسرائيل لاعماق سيناء حتى تنزل القوات البريطانية والفنرسية في ظهرها وتغلق عليها المؤخرة على امتداد شرق القناة فتفقد مصر جيشها ولايتبقى لها الا القبول بشروط المحتلين المجحفة
ولتجنب ذلك صدر قرار سحب القوات المصرية غرب القناة لتوحيد الجبهة ولتحقيق الاتزان الاستراتيجي في مسرح العمليات والاستعداد لمواجهة الغزو الانجلو فرنسي المتوقع بتركيز حشد الجيش وقوى النضال الشعبي داخل مثلث الدفاع الحيوي بورسعيد-السويس-القاهرة
وبمجرد صدور هذا القرار تحولت الصورة العامة للحرب من مجرد قتال داخل منطقة محدودة الى صراع مسلح على صعيد مصر كله ففقدت خطة العدوان اهم ركائزها وهي القضاء على جيش مصر
وقد صاحب انسحاب القوات من سيناء اخلاء الطائرات من القواعد الجوية المعرضة للهجوم الى قواعد اخرى في اعماق مصر اقل تعرضا للهجوم ثم الى قواعد دول صديقة.
وقد تعرضت مصر في تلك الفترة الى قصف جوي مركز من القوات الجوية الفرنسية والبريطانية شمل معظم انحاء مصر في مرحلته الاولى ثم تركز بعد ذلك في شاطء الغزو البحري لبورسعيد قبل واثناء عملية الابرار
ولم يكن شاطء بورسعيد يوفر في نظر الجنرال هيوستو كويل القائد لقوات الغزو البرية المكان الامثل لتنفيذ عملية الفارس النهائية المعدلة فالقوات التي تنزل لشاطء بورسعيد لن يمكنها الانطلاق من جيب بورسعيد الضيق الى الجنوب نظرا لانحصار الطريق الضيق بين بحيرة المنزلة و قناة السويس بما لايترك سوى عشرات الامتار فقط للتحركات العسكرية الضخمة والتي يمكن عرقلتها ببعض الكمائن والحفر والالغام.
المرحلة الثالثة:4-7نوفمبر: تركيز الدفاع غرب قناة السويس:
استغرقت هذه المرحلة 68 ساعة وبدأت بالتمهيد الجوي للغزو البحري ثم تنفيذ الاقتحام البحري لتنفيذ رأس شاطئ بين منطقة الجميل غربا وبورفؤاد شرقا توطئة للانطلاق منه للاسماعيلية ثم السويس ثم القاهرة
وانتهت تلك المرحلة بتأمين رأس الشاطئ وصدور قرار وقف اطلاق النار من الامم المتحدة
المرحلة الرابعة:7نوفمبر 1956وحتى 6مارس 1957: الضغط السياسي والعسكري وانسحاب العدوان:
استمرت هذه المرحلة 120 يوما, وتدخلت الامم المتحده ونددت بالعدوان الثلاثي علي مصر وطالبت المعتدين بالانسحاب وضغطت الولايات المتحدة على كل من إنجلترا وفرنسا ، كما هدد الاتحاد السوفيتي الدول المعتديه، بالاضافة الي ثورة العمال المتعطلين في إنجلترا وفرنسا ضد حكومتهما بسبب ما تعرضوا له من البطالة ، وبذلك فشل الاعتداء واضطرت الدول المعتديه سحب قواتها بعد ان وافقت مصر على قرار الامم المتحدة بوجود قوة طوارىء دولية على الحدود الفاصلة بين مصر واسرائيل ، وفى منطقه شرم الشيخ المطلة على خليج العقبة
وانسحبت القوات البريطانية والفرنسية في 22ديسمبر 1956 وانسحبت القوات الاسرائيلية في 6مارس 1957