سأل أحد الناس أحد الحكماء، وقال: يا حكيم ما هي أسوأ البلاد؟ فرد الحكيم: أسوأ البلاد هي بلد كانت يومًا تأسر الألباب، وكرمها اللّه بذكر اسمها في الكتاب، ثم استشري فيها الفساد، فضيق كل سبل الحياة علي العباد، بلد حول مسؤولوها لون السحاب الأبيض المشرق إلي السواد، وسمموا ماءها وأرضها بالمسرطن من المبيد والسماد، حتي ضعفت الأجساد، وتليفت الأكباد، بلد إذا أطلق أحدهم فيها لحيته لأن في بشرته التهابًا، أذاقوه كل ألوان العذاب،
واتهموه بالإرهاب، بلد أدمن مسولوها قتل ابنائها من الشيوخ والشباب، بلد إذا سرق فقيرها لإطعام أولاده نال العقاب، وإذا سرق غنيها بدون أسباب، فتحت له كل الخزائن والأبواب، بلد إذا قال أحدهم فيها كلمة حق، سجنوه وألقوه في الأجباب، ثم بعد ذلك يخرج عليهم مسؤول كذاب، ليعلن في ابتهاج، أن هذا العصر هو أزهي عصور البلاد،
وإن حال بلدهم أفضل من معظم البلاد، بل وأنهم في نشر الحق والعدل والحرية من الرواد، قاطعه السائل قائلاً، وما العلاج؟ قال الحكيم أن يتذكر أهلها أنهم خير الأجناد، ويطهروا بلادهم من الفساد، قاطعه السائل مرة أخري وقال يا حكيم: ما اسم هذه البلاد، رد الحكيم قائلاً: اسمها جمهورية الفساد.