منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله

اذهب الى الأسفل 
+4
ROMIO1985
PLCMan
Eng.Ayman_Egypt
semsem
8 مشترك
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالإثنين 19 أكتوبر 2009 - 13:57


حرف الحاء


منظومة التردد والاضطراب (حيرة)

حيرة– شكّ – مِرية- ريبة – إرجاف


هذه الكلمات تدخل في منظومة التردد والاضطراب عندما يضطرب الانسان في الفهم أو العمل يتوقف العقل عن هداية صاحبه للصواب.

الحيرة: هي نتاج التبلّد العقلي ولا يعود العقل قادر على هداية صاحبه للصواب.
الحيرة إذن هي تبلّد العقل وعدم عمله بالاتجاه الصحيح فيجعلك محتاراً في الأمور بحيث لا تعرف الصواب والحق فيها ولا تعرف كيف تصل إلى مطلوبك.
(قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) (71) الأنعام.

الشكّ: هو تساوي النسبتين ولكن بدون تهمة تريد أن تعرف أين الصواب .
الشك يدفعك لأن تتقدم لكي تعرف الصواب والحقيقة أو المطلوب.
لذا قال تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (104) يونس ، (وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) (62) هود.
في الحيرة لم يقل له فاسأل.
صاحب الشك ليس مرتاباً ولا يتهم الجهة الأخرى فقال له تعالى تقدم واسأل.

المِرية: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ) (23) السجدة تبدأ بالشك ثم يتطور الشك إلى أن يصبح إثبات أن الآخر خطأ كأن تكون قد سمعت كلاماً وأنت تشك في صحته لكن لا تتهم صاحبه بالكذب أو التورّط لكن تطلب الدليل فإن كان مجرد همّك أن تُخطّيء الآخ فهذا يسمى مِرية وهذا شائع الآن بين الناس.
كل الهدف أن يُظهر أحدهم خطأ الآخر ولو لم يكن مخطئاً والمِرية من أعظم الذنوب بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : " المماري بانت خسارته المماري لا أشفع له" .
عندما تمارى أبي ابن كعب وأبو موسى الأشعري في آية خرج الرسول صلى الله عليه وسلم غاضباً وقال: مه يا أمة محمد أبهذا أُمرتم أو بهذا بُعثت؟. وقال صلى الله عليه وسلم : " أنا ضنين لبيت في وسط الجنة لمن ترك المراء وهو مصيب" ترك المراء عبادة تجعلك في وسط الجنة.
(وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ) (55) الحج (أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ )(54) فصّلت (فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (17) فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آَبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ ) (109) هود

الريبة: الشك يكون بلا تهمة تسأل سؤالاً وتريد أن تعرف الجواب أما الريبة فهي أن تتهم شخصاً تهمة ولهذا ترتاب في كلامه.
قال تعالى (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) (2) البقرة أي لا شيء فيه يُتّهم ولا يوجد في القرآن آية أو معنى تتهمه أنه كاذب والقرآن ليس فيه عِوج وإنما هو منتصب في صوابه في كل العصور ومهما تقدّم العِلم.
(وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (37) يونس (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ) (21) الكهف (وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) (7) الحج

الإرجاف: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) الأحزاب مدينة متعافية فيها خير ونفع كثير وإيجابيات كثيرة يأتي عدو شانئ أو حاقد أو معلم أحمق يبحث عن زاوية سلبية واحدة فيضخّمها حتى يجعلها قضية كبيرة بحيث ينسف كل إيجابياتها.
والمدن والأقطار الاسلامية تعاني من هذا الأمر من عدو في الداخل أو الخارج فيحاول تضخيم سلبياتها على حساب إيجابياتها ويطمسها وينتهي الأمر بتصديق هذا الإرجاف الذي يُراد منه التصديق.
وجاء لفظ المدينة في الآية بمعنى الوحدة الأولى في الدولة وعندما تسقط فالباقي يتهاوى.
الإرجاف من أخطر ما تعانيه المدن الإسلامية هذه الأيام ويُعرف بالطابور الخامس.

قال تعالى (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ) (12) النور نصدق ما يقال عنا فنشعر بالنقص ونتهاوى.
الطريق إلى ذلك المصلحين والساسة يعلمون أبناءهم وشعبهم إيجابيات الأمة ومكامن القوة فيها ومحاسن الشعب والمدن والأمة حتى يشعروا بالفخر وحتى يصمدوا في وجه هذه الإرجافات.
والمُرجف يختار سلبية واحدة يضخّمها حتى يشعر الضحية بأنه فعلاً هكذا حتى ينهار وقد حصل هذا في التاريخ.
ومن المدن التي طالتها هذه الإرجافات مدينة دبي مثلاً فهي من أكبر الدول الاسلامية التي دخلت القرن العشرين بثقة وقوة عالية بحيث بلغت نسبة الاستثمار 94% ويريد المرجفون أن يركزوا على سلبيات هذه المدينة برغم كل إيجابياتها على كافة الأصعدة : البُعد الأُسري والبُعد الديني وما يشمله من حرص على المؤتمرات العلمية وجائزة القرآن الكريم وتكريم العلماء وبناء المساجد وغيرها والسلطة السياسية بحيث يمكن الوصول إلى أي مسؤول بسهولة ووجود ديوان المظالم لاسترجاع حقوق الناس الذين لا يملكون أدلة والبُعد الأمني والأخلاقي والعدلي وكل هذه الإيجابيات في هذه المدينة ترى المرجفون يحاولون أن يبحثوا بين كل هذه الإيجابيات على ثغرة حتى يهاجموا بها هذه المدينة ويضخّموا سلبياتها حتى يصدّق الناس.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالإثنين 2 نوفمبر 2009 - 14:21


حرف الحاء



منظومة الافتقار (حاجة)

حاجة– وَطَر – إرب- سؤل – عَرَض – غَرَض

هذه الكلمات تدخل في منظومة الافتقار أي شدة الاحتياج للشيءيقال المسألة تفتقر إلى ضرح والمكان يفتقر إلى تكييف. والافتقار عنوان على عدة كلمات تستعمل لبيان افتقارك إلى شيء وكل شيء يختلف عن الشيء الآخر من حيث أهميته أوطريقة الحصول عليه وله في القرآن الكريم كلمة مستقلة وهذه من دقة القرآن من حيث استعمال الكلمات استعمالاً إعجازياً بحيث لا تغني كلمة عن أختها.

حاجة: هي كل شيء تحبه وليس عندك فأنت تطلبه وتريده وهو ميسّر وموجود من لباس وطعام وبيت وسيارة والحاجات اليومية.
قال تعالى (مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (68) يوسف) (وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) غافر) (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر) .
أنت تحتاج إلى شيء لكنه ليس موجوداً فإن عثرت عليه يقال قُضيت حاجتك وإن لم تعثر عليه فإنك مكرّم يوم القيامة والذين لا يجدون الحاجات الضروية لحياتهم هم ملوك الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم "يموت الرجل منهم وحاجته في صدره" يشتهي شيئاً ولم يحصل عليه في الدنيا وكل من في قلبه حاجة مشروعة ولم يحصل عليها فهي واحدة من الأسباب التي تجعله من أبرز شخصيات الجنة يوم القيامة.

وَطَر: كل حاجة ينبغي لصاحبها أن تكون له همّة وشغف فهو وطر كأن يكون الانسان شغوفاً بأن يحصل على شهادة الدكتوراه أو يُعيّن في منصب .
قال تعالى (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) الأحزاب) وطر هنا بمعنى العلاقة الزوجية الناجحة وقضاء الشهوة التي هي من أكثر الأشياء التي تجعل الانسان شغوفاً بها. وطر تعمي العلاقة التي تكون في غاية الرقة والعناية والتحضّر وأن لا تكون كما قال صلى الله عليه وسلم " لا يقع أحدكم على زوجته كما يقع على الدابّة" وقد سمّى الله تعالى هذه العلاقة وطراً للشغف والعناية وكل شيء تحبه حباً أخذ بشغاف قلبك وبذلت في سبيل ذلك عناية سواء كان وظيفة أو امرأة ليس من السهل خطبتها ثم نلتها يسمى وطراً.

إرب: الحاجة الضرورية بعناية وليس بشغف كما في الوطر فالشغف شيء والعناية شيء آخر.
قد لا تكون شغوفاً بالحاجة لكنك تعتني بها كمثل مهندس لمشروع كبير يبذل فيه المهندس مجهوداً كبيراً وعناية وجهد وبعد أن ينتهي من مشروعه يقال نال إربه لشدة ما بذل من عناية وجهد وليس بالضرورة أن يكون شغوفاً بالمشروع أو يعشقه. ومن الإرب يؤخذ الأريب أي الذكي اللمّاح. (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) النور)

سؤل: كل شيء عظيم لكن من المستحيل أن تستطيع فعله أنت ولا بد أن تطلبه من رب العالمين أو من صاحب سلطان ليفعله لك. ولهذا قال موسى (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) طه) موسى عليه السلام لا يستطيع أن يفعل شيئاً من كل هذه الحاجات التي في نفسه ولا يفعلها إلا الله تعالى فجاء الردّ في قوله تعالى (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) طه) ولم يقل اوتيت حاجتك ولا إربك.
فالسؤل هو الحاجات التي لا يمكن أن تفعلها وكل الحاجات السابقة (حاجة، إرب، وطر) يمكن أن تفعلها أنت فإذا سألت الله تعالى بإلحاح أن يفعلها لك أو طلبتها من كبير بسلطانه أو بعلمه أو بنفوذه فهو سؤل.

عَرَض: اسم جنس على كل الحاجات وكلمة عَرَ تعني كل الحاجات الاستهلاكية (سيارة، بيت) قال تعالى (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94) النساء) (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) الانفال) (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) التوبة) (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) النور) فهي مجموعة الحاجات الدنيوية السهلة التي يمكن السعي لها والحصول عليها بسهولة (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169) الاعراف) وكلمة عَرَض ليس لها جمع.

هذا هو الفرق بين الكلمات في هذه المنظومة وكل كلمة ترسم زاوية دقيقة في المعنى لا ترسمها الكلمة الأخرى ومختصة بزاوية حتى تكتمل الصورة في النهاية وهذا من إعجاز القرآن اللغوي الذي هو من أهم انواع الإعجاز.

الحاجة نوعان إما حاجاتك من الله تعالى أو النسا وحاجات الناس إليك. وكل نوع منها له في كتاب الله تعالى والسنة النبوية المطهرة شيء عظيم. ولقد أدّبنا القرآن والسنة كيف نطلب الحاجات وكيف نقضي حاجات الآخرين.

النوع الأول: حاجات العبد من الله تعالى أو الناس: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصلي خلف الامام فسلّم الإمام ونهض شخص كان بجوار عمر بسرعة فور تسليم الامام فأجلسه عمر وقال له اجلس إليس لك عند الله حاجة؟ قال تعالى (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) الشرح) أي عندما تفرغ من الصلاة ادعو الله تعالى بحاجاتك. والاسلام يؤدبنا على لسان النبي صلى الله عليه وسلم على أن نطلب حاجاتنا من الله عز وجل وفي السنّة النبوية ثلاث صيغ لطلب الحاجة من الله تعالى ولكل واحد الحق في أن يأخذ الصيغة التي تناسبه وكل هذه الصيغ تعبّر عن صلاة الحاجة:

الصيغة الأولى: عن عثمان بن حنيف أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ادعو الله أن يكشف لي عن بصري قال صلى الله عليه وسلم أوتصبر؟ قال يا رسول الله إنه قد شقّ علي ذهاب بصري قال صلى الله عليه وسلم إذهب فتوضأ ثم صلي ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيّك محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه إلى ربك بك أن يكشف لي عن بصري اللهم شفّعه فيّ وشفّعني بنفسي فرجع وقد كشف الله عن بصره.

الصيغة الثانية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ أو ليحسن الوضوء وليصلي ركعتين ثم ليُثني على الله بما هو أهله ثم ليقل لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنباً إلا غفرته ولا همّاً إلا فرّجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.

الصيغة الثالثة: رواه ابو داوود والنسائي ولبن ماجه وابن حنبل عن عبد الله بم مسعود :علّمنا رسول الله خطبة الحاجة "الحمد لله نستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونستعيذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثم يقرأ الثلاثة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران) (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) النساء) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) الأحزاب).

ثم تسأل الله تعالى حاجتك ويتقدّم كل هذا الثناء على الله تعالى بما هو أهله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أول الدعاء وآخره لأن الله تعالى يستجيب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فاجعلوا الدعاء بينها. كلما كنت في حاجة إلى الله تعالى أو أي إنسان تتبع إحدى هذه الصيغ أو كلها والله تعالى جدير بالإجابة.

النوع الثاني: حاجات الناس إليك:

ثقافتنا في العبادات قاصرة وفيها خلل وكلما ذكرنا كلمة العبادات تنصرف أذهاننا إلى الحج والصلاة والصوم والزكاة. هذه أركان الاسلام والاسلام شيء آخر فالبيت شيء وأركان البيت شيء آخر وأنت لا تنعم بأركان البيت وإنما بالبيت نفسه. فالاسلام هو موقفك من الآخر إمرأة بغيّ سقت كلباً يلهث فغفر الله تعالى لها لأنها قضت حاجة هذا الكلب وامرأة تقوم الليل وتصوم النهار تؤذي جيرانها قال هي في النار. قال صلى الله عليه وسلم "رأيت رجلاً يتقلّب في رَبَض الجنة بشوكة نحّاها عن طريق المسلمين" ومن شُعَب الايمان إماطة الأذى عن الطريق. هذه العبادات التي هي موقفك من الآخر مثل إغاثة اللهفان والشفاعة والعفو عن الناس وكظم الغيظ ووصل من قطعك والعطاء هذا هو الاسلام الذي يرفع الدرجات والذي لا يحبط فقد تُحبط الأركان بل إن موقفك من الآخر هو الذي يغفر لك ذنوبك وفي الحديث " ثلاثة لا ينفع معهن عمل الشرك بالله وعقوق الوالدين والتولّي يوم الزحف" وقال صلى الله عليه وسلم" من مشى في حاجة أخيه كان الله في حاجته يوم القيامة قُضيت أم لم تُقض" أي لا يهوله الفزع الأكبر يوم القيامة. إذا قضيت حاجة انسان أو أدخلت السرور على قلب إنسان أو أمّنت خائفاً أو ضمنت أحدهم فنام مسروراً سترى سروراً في قبرك يوم القيامة وينقلب هذا السرور إلى ملك يونس وحشتك في القبر. والأحاديث في قضاء الحاجات كثيرة منها:

" من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته يوم القيامة قُضيت أم لم تُقض" بمعنى من يحاول قضاء حاجة أخيه.

"أن تمشي في حاجة أخيك خير من أن تعتكف في هذا المسجد سنتين (وفي رواية شهرين) واعتكاف يوم في هذا المسجد يباعد بين العبد وبين النار ثلاثة خنادق كل خندق ما بين الخافقين" (أي السموات والأرض).

" إن لله خلقاً خلقهم احوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة لا عذاب عليه على ما كان منه من عمل.

" إن لله نعماً عند قوم أقرّها عندهم ما كانوا في حوائج المسلمين ما لم يملّوا" فإذا ملوا يتقل الله تعالى هذه الوجاهة لآخر أو يوجّه أصحاب الحاجات لإنسان آخر.

" من مشى في حاجة أخيه كان له خيراً من اعتكاف عشر سنين ومن اعتكف يوماً واحداً ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق كل خندق أبعد ما بين الخافقين.

من مشى في حاجة أخيه حتى يُثبتها أظلّه الله عز وجلّ بخمس وسبعين ألف ملك يصلّون له ويدعون له إن كان صباحاً حتى يُمسي وإن كان مساء حتى يُصبح ولا يرفع قدماً إلا حطّ الله عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة.

اتخذوا عند الفقراء يد فإن لهم دولة يوم القيامة. فقد يكون هذا الفقير ناج يوم القيامة فيشفع لك.

من مشى في حاجة أخيه المسلم كتب الله له بكل خطوة سبعين حسنة ومحى عنه سبعين سيئة إلى أن يرجع من حيث فارقه فإن قُضيت حاجته على يديه رجع كيوم ولدته أمه وإن هلك فيما بين ذلك دخل الجنة بغير حساب.

ومن أفضل الحاجات التي إذا قضيتها نجوت : حاجات الوالدين، صلة الرحم، الجار إذا مرض زرته وإذا استقرضك أقرضته وعلمته الصلاة والله تعالى ذم الكافرين (الذين يمنعون الماعون) مجرد أن تمنع المنافع تدخل في ويل، حقوق الزوج على الزوجة إذا كان قد وفّى حقوقها أولاً، وحقوق الزوجة على زوجها إذا كانت زوجة مخلصة، حاجات المجتمع والحيّ الذي تسكن فيه، التكافل البيئي أن تكنس الشارع وتميط الحجارة ومراقبة الحي والسهر عليه، وحاجة المُراجع للموظف "من ولي من أمر المسلمين شيئاً فأغلق بابه أو احتجب دون حاجتهم احتجب الله عن حاجته يوم القيامة" فلا ينبغي لأي موظف أو سكرتير أن يكون حاجزاً بين المُراجع والموظف المسؤول أو المدير فإذا أنفق أي موظف دقيقة دون أن يتابع مراجعاً فقد هلك. ومن أعظم العبادات أن تكون نصرة لأخيك عند ذي سلطان، من كان وصلة لأخيه إلى ذي سلطان في مبلغ أو ادخال سرور أو تيسير عسير رفعه الله في الدرجات العلى.

السؤل هو الأمر أو الحاجة الصعبة التي لا تستطيع أن تفعلها "من فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة"

وفي مداخلة لأحد الشاهدين أنه إذا أردت حاجة فاطلبها من الله أولاً واسأله أن ينظر الناس في حاجتك. وذكر بعض الأبيات عن أحد الصالحين:

لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا ===== وبت أشكو إلى مولاي ما أجد

وقلت يا أملي في كل نائبة ===== يا من عليه لكشف الضر أعتمد

أشكو إليك أموراً أنت تعلمها ===== ما لي على حملها صبر ولا جلد

وقد مددت يديّ بالذل مفتقراً إليك يا خير من مدت إليه يد

فلا تردنّها يا رب خائبة ===== فبحر جودك يروي كل من يرِد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالخميس 17 ديسمبر 2009 - 12:22


حرف الحاء

منظومة كيد الشيطان

احتناك– استحواذ – أزّ- وسوسة – نزغ – استزلال – تسويل – إملاء – تزيين – غواية - فتنة


تحدثنا في منظومة ابليس والجنّ من هو الشيطان وما هو وباختصار إبليس هو شيطان آدم الذي أخرج آدم من الجنة فطرده الله تعالى من مملكة الصالحين لكن جنوده وأولاده وذريته وأعوانه وأتباعه وحزبه كلهم من الشياكين قسم منهم من الانس. والشيطان هو كل جنيّ أو مخلوق يتموّه ويتشكل على وفق ما تحدثنا عنه في مكانه (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) أياً كان هذا الشيطان فهناك مخلوق يتربص بنا كما قال صلى الله عليه وسلم "إن للشيطان شأناً في كل شأن ابن آدم". وهذه الحلقة هي عن عمل هذا الشيطان وأسليب فعل الشيطان مع ابن آدم وقد أعلن جهاراً (لأغوينهم أجمعين). الشيطان بدأ يُطلق على كل قول دقيق محكم يقال فعل شيطاني وأنت شيطان. فما هي أساليب هذا الشيطان في محاولة لأن يبرّ بيمينه عندما قال (لأغوينهم أجمعين) فالشيطان له عملان عمل مع المشركين وعمل مع المؤمنين في محاولة إضلالهم وضلالهم.

والأساليب التي يتخذها الشيطان مع المشركين ثلاثة: الاحتناك والاستحواذ والأزّ

الاحتناك: مأخوذ من حنك يقال حنك الدابة إذا وضع اللجام في حلقها الأعلى فإذا وضع اللجام أو العنان أو الخطام أو الرسن في حلق الدابة يسيطر الراكب على الدابة سيطرة كاملة وهذا هو الوضع السليم لراكب الدابة الذي يريد أن يسيطر عليها يجلس على مؤخرة الحيوان ويضع اللجام أو الخطام في حلق البعير فيقود الدابة ويوجهها إلى حيث شاء بحيث تفقد الدابة حركتها في الذهاب حيث تشاء. فالسيطرة الكاملة لراكب الدابة بأن يصبح زمامها في يده لأنه أحكم حنكها. هذا لا يكون إلا إذا صار العبد مشركاً والشرك وحده هو الذي يجعل ابليس أو قبيله وحزبه يسيطر سيطرة كاملة على الانسان إذا أشرك الانسان يسقط في يد ابليس بالكامل بحيث يحتنكه كأنه دابة (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) الأنفال) (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) الاسراء).

الاستحواذ: عندما يتم الاحتناك يأتي الاستحواذ وهذا من دقة القرآن في التسلسل. والاستحواذ هو الضرب على حاذي الحيوان والحاذي هو مؤخرة الفخذين بما يلي الذَنَب. راكب الفرس يجلس على مؤخرة الدابة وبيده الرسن وعندما يريد أن تسرع الدابة يضربها على مؤخرة فخذيها مما يلي الذَنَب فإذا فعل ذلك أسرعت الدابة لمشيئته وهدفه وهذا الاستحواذ بسرعة غير اعتيادية. لما احتنك ابليس العبد فأشرك يحعله يسرع ويسارع في هذا الشرك عن طريق الضرب على مؤخرة عقله وتفكيره وهذا تعبير مجازي كما لو كان هذا المشرك دابة فعلاً فيصبح العبد محتنكاً ومسيطراً عليه أولاً وسريعاً جداً في تلبية أوامر الشيطان حينئذ صار هناك احتناك واستحواذ أي سيطرة كاملة وسرعة كاملة (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (19) المجادلة).

الأزّ: الخطوة الأخيرة هي الأزّ والأزّ هو غليان القدر تحته نار شديدة فيكون له أزيز كأزيز الرصاص والحوذي هو السائق الماهر والأحوذي هو الماهر والسريع في كل شيء. فالاستحواذ هو سرعة السوق ويأتي الأزّ بعد ذلك يجعلهم الشيطان يغلون غلياناً في محاربة الإيمان وأهله كما فعل المشركون بالمؤمنين على مرّ التاريخ وكما يفعلون الآن هنام من يحارب المؤمنين حرباً لا هوادة فيها تحت كل التهم والتبريرات إبادة كاملة. وقد صوّر الله تعالى لنا يوم القيامة بأن هؤلاء الذين اتبعوا الشيطان فصاروا حزبه بحصل بينهم نقاش يوم القيامة فالنار في ذلك اليوم تُحرق ولا تُميت ولا تفقد الوعي والناس يتناقشون والشيطان بينهم يلقي خطبته (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) بعد هذه الخطبة يطلق خزنة النار يدي الشيطان من القيود فيبدأ الضرب بالمشركين حتى يبلغ الضرب مبلغ الألم فينسيهم حرّ النار (الأخلاء بعضهم).

هذه هي أساليب ابليس والشياطين عموماً: الاحتناك أولاً ثم الاستحواذ ثم الأزّ وهو أشد أنواع الهزّ الذي هو قمة الحركة يسمى أزّاً وأزيزياً.

على مر العصور كان المشركون كثرة والمؤمنون المحدون قلة (لأحتنكن ذريته إلا قليلا) .

أما أساليب الشيطان مع المؤمنين فهي:

الوسوسة: هي الخاطرة الرديئة (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) الاعراف) (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) طه) كان المسلمون يُرعَبون عندما تأتيهم بعض الأفكار فأخبروا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فسألهم: أوجدتم ذلك؟ قالوا نعم فقال صلى الله عليه وسلم فذلك صلاح الايمان. فالعبد إذا اكتمل إيمانه يأتيه الشيطان بالوسوسة. فالوسوسة إذن هي خاطرة سريعة ثم تنطفئ.

النزغ: تتطور الوسوسة لتصبح نزغاً (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) الاعراف) النزغ هو حركة وبداية التحرك والتحريك نحو الباطل. إخوة يوسف جاءتهم الوسوسة عندما فكروا بالقضاء على أخيهم يوسف وعندما بدأوا بتنفيذ ما فكروا به أصبحت هذه الفكرة نزغاً (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) يوسف) فالوسوسة تكون من غير إرادتك والله تعالى لا يحاسب الناس على ما يحدثون به أنفسهم أما النزغ فهو بإرادتك. يقال فلان نزغ بين الناس أي أفسد بينهم والنزغ في الغالب هو الافساد بين الناس. (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) الاسراء) (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) فصلت)

استزلّ: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) آل عمران) كل انسان منا عنده شيطان (قرين) هذا الشيطان ينتظرك ويتحرّى زلاّتك في أي موضوع في زنا أو غيبة أو رشوة أو عقوق وينتظر زلّتك فهذا استزلال فهو إذن عندما يتربص بك الشيطان حتى تزلّ والقاعدة عندنا كما في الحديث:" إن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً" عندما تخطئ ينتظر الشيطان ويستزلك حتى تزلّ.

لمّا تفعل الزلّة يهجم عليك الشيطان لكي تزلّ فعلاً فيزلك (إنما استزلهم الشيطان) عندما انسحبوا من المعركة (أزلّهم) أي طبقها فعلاً. استزل هي خطوة أخرى بعد وسوس ونزغ قال تعالى (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) البقرة) الشيطان انتظر حتى استزل آدم عليه السلام ثم لما توجه آدم نحو الشجرة وفتح آدم الباب أزلّه الشيطان فأخرجه. الصغيرة تأتي بك الى الكبيرة وعندما تُمعِن في الرُخص تفتح باب الزلاّت ويدخل الشيطان من باب الصغائر حتى تصبح كبائر.

سوّل: بعد أن يوسوس الشيطان ثم ينزغ ثم يستزل ثم يزل يسوّل أي يجعله يصر على الذنب الذي فعله أي يستمر في الذنب ويكرره ويعود إليه فالعَوْد شرطٌ مغلّظ العقوبة. التسويل إذن هو حرص الشيطان على أن يسهل لك الأمر حتى تعود إليه مرة أخرى (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) محمد) وهذا كله مع ضلال بعد هداية هؤلاء أناس كانوا مؤمنين ثم انحرفوا واستمروا هؤلاء الشيطان سوّل لهم وقسم من الذين انحرفوا رجعوا الى الايمان.

الإملاء: يملي عليه: بعد أن يستمر بالتسويل ويستمر على ضلاله يملي الشيطان عليه ويفتح عليه أفكاره ولهذا قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) الحج) وقال (الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) محمد) فبعد أن يحرص على الضلالة ويصر على المعصية يملي عليه الشيطان بأفكار وفلسفات. وكثير من البِدع تأتي بالنزغ ثم الاستزلال ثم زلة ثم تسويل ثم تصبح فلسفة يتبعها الناس (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر).

التزيين: لو أن هذه السلسلة كلها مع مؤمن ثم صحا يوماً يعود الشيطان ليزين له عمله فيعود من جديد. فالتزيين هو إذا شكّ الضال أو المنحرف يزيّن له الشيطان حتى يبقى على ضلاله.

الضلال: بعد أن كان مؤمناً صار ضالاً وخرج عن الطريق المستقيم (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) النساء) وعندنا ضلال بعيد أي الكفر (فقد ضل ضلالاً بعيدا) والضلال عندما يكون بدون صفة في القرآن فهو ضلال المؤمن في بدعة أو انحراف. (إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ( Cool يوسف)

الغواية: يصل المؤمن إلى مرحلة الغواية وهي الضلال المستمر عن جهالة. أنت وقعت في براثن الشيطان عبر كل هذا التدرج وكل هذه المراحل حتى ةصلت للغواية لأنك جاهل لم تستطع أن تقيم الحجة في نفسك. الغواية هي الانحراف عن الطريق المستقيم. عندما تستمر السلسة حتى تصل إلى حد الضلال والاضلال. الغواية أن تفقد مكانك ومكانتك التي كنت عليها عند الله تعالى (وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) طه) (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه) بهذه الفعلة هبطت درجة آدم عند الله قليلاً (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) الاسراء).

الفتنة: كل الذي يجري يصب في آخر فعل وهو الفتنة (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) الأعراف) أي لا يدمركم أو يوقعكم في مصائب وبلوى. الشيطان بعد أن يوسوس لك لحد الغواية يقول اذهب في جهنم (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) الحشر) حتى شياطين الانس عندما تتبعهم وتنفذ كل أغراضهم كعميل أو جاسوس ينتقمون منك أشد الانتقام.

هذه أساليب الشيطان لكن الله تعالى قال (فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) النساء)

والكيد هو التدبير الدقيق. اما كيف نتغلب عليه؟ فالكيد يذهب:

بالاستغفار والاستعاذة (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) الأعراف) والشيطان خنّاس عندما تعصيه يحنس ولكن عندنما تتماهل وتتمهل ينتصر عليك.

التوكل (إنه ليس له سلطان)

الأدعية المأثورة: والتذكر (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) المؤمنون)

الذكر الدائم: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) الزخرف) وما من شيء يطرد الشيطان كاذكر المأثور الدقيق في أوقات معينة فتأمل إذا واظبت على وردك اليومي كما في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقربك الشيطان نهائياً

ما هي أدوات الشيطان ومحفزاته ومواطن تأثيره؟

مصادر القوة كاسلطة والمال والولد: كل عنصر من عناصر القوة يغريك بالظلم والشهوات والاستعلاء (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) التغابن) وهنا مسرح ابليس.

الشهوة: وأهمها النساء والمال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما تركت فتنة من بعدي أضر على الرجال من النساء وعلى النساء من الرجال"

اللغو الكثير والغفلة: استمرار اللغو يجعل الشيطان يرتع في قلبك.

التسويف "إياكم والتسويف فإن الموت يأتي بغتة"

الرغبة المستمرة: تتمنى أن تصبح مثل أي شخص آخر مشهور قلبك متشوق لحب الدنيا تجعلك مرتعاً خصباً للشيطان "حب الدنيا رأس كل خطيئة"

العامل الوراثي: (إنا وجدنا آباءنا على أمة) ينتقل تراث الآباء بسهولة.

عامل السادة والسلطة: رئيس حزب أو طائفة (إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا)

التقليد: التصوف كان ثروة عظيمة في الاسلام لكن كثرة بدعهم وتعاونهم مع الأعداء والغزاة وشدة طاعتهم لقائدهم أصبحوا جهلة.

رجال الدين وأهل العلم: العلم ذو حدين إما ينقلك إلى الفردوس الأعلى أو حرّ جهنم (لو شئنا لرفعناه بها) بعضهم يحبون الدنيا ويفتون بالكذب ليُرضي السلطان ولإذا سيطر الطمع على أحد العلماء أفتى بما يغضب الله تعالى ويفتن الناس.

الدين: "أخشى عليكم الكتاب واللبن" الكتاب لأن الجاهل يقرأه يتأوله فيأتي ببدع وتفسيرات سخيفة. واللبن كثرة الزروع والغنم والابل والحليب ينشغل به العبد لبعده عن المدينة فلا جمعة ولا جماعة.

حب الشهرة: سواء كان عالماً أو منفقاً أو مجتهداً أو داعية أو غني "أول من تسعر بهم النار عالم ومنفق وشهيد"

الإسراف: في الانفاق على الحفلات وغيره يدخل الشيطان (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين).

بعض الأحاديث في كيفية الوقاية من الشيطان:

إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام فأنزل لآيتين فختم بهما سورة البقرة لا يُقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان.

ما من عبد يقول حين يصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير إلا كتب له بها عشر حسنات وإلا كان في جُنّة من الشيطان حتى يمسي وإذا قالها في المساء كذلك.

"إذا استشاط السلطان تسلّط الشيطان" السلطان صاحب قوة عندما يغضب قد يُخطئ فعلى السلطان في ساعة الغضب يجلس ويتوضأ ولا يأخذ قراراً حتى لا يظلم.

ما يُخرِج رجل شيئاً من الصدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطاناً" أي أن الصدقة تذهب كيد الشيطان وتضعفه.

للوضوء شيطان يقال له ولهان فاحذروه.

إذا بُليتم فاستتروا" من حيث أن المجاهرة بالمعصية والذنب يفيتح بابك للشيطان فيُزلهم بعد أن استزلك. ويقول تعالى إذا فعل عبدي سيئة فأمهاه ساعة لعله يستغفر فعليك أن تستغفر الله تعالى بعد الذنب مباشرة لأن سرعة الاستغفار والتوبة يُضعف الشيطان.

إن المؤمن ليُنضي شياطينه كما يُنضي أحدكم بعيره في السفر" من كثرة ما يجهد الراكب فرسه ويتعبه يصبح الفرس ضعيفاً ويقع من شدة التعب وكذلك المؤمن لشدة قهره للشيطان يُضعفه ويقهره ويوقعه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالإثنين 11 يناير 2010 - 13:53



حرف الحاء


منظومة الحنان


حنان– شفقة – رحمة- رأفة – خفض الجناح – بالعين



هذه الكلمات تدل على شدة التعلق وكل كلمة منها تعطي زاوية من المعنى لا تتضمنها الكلمة الأخرى والحنان تتجحفل معه كلمات هي الشفقة والرحمة والرأفة وخفض الجناح وبالعين.

حنان: الحنان والحنين كلاهما من جذر واحد وهو اشتياق متكرر يتلذذ به صاحبه إلى حد الألم يُسمى اللذة الخطرة. هناك لذات مؤلمة ولذلك الحنان على طفل رضيع قد يكون مريضاً أو في محنة معينة أو قد يؤخذ من أمه قسراً في الحروب مثلاً هذا الوضع يجعل الأم المخلوق الوحيد الذي يحنّ عل ولده حنيناً يُذهلها عن حالها ولشدة حبها لابنها تتلذذ بولدها بصحته ومرضه تلذذاً عظيماً إذا فقدت هذه اللذة تحنّ إليه حناناً عجيباً.

والحنان هو اللذة في الاشتياق المتكرر الدائم للشخص والحنين اللذة في الاشتياق المتكرر للشيء فأنت تحن الى الأشياء وتحن على الأشخاص فأنت تشعر بحنان هائل إذا ضاع ولدك بينما تشعر بحنين إلى مدينتك وبلدك إذا كنت بعيداً عنها. قال الشاعر:

عجباً هذا الثرى تعشقه ----- وإلى أتعس ما فيه تحنّ

ولا يكون حنين أو حنان إلا إذا أصدر صوتاً فقط وهذا شرطه مثل الأنين وهذا ما يميز هذه الكلمة عن غيرها في منظومة الحنان. الجذع حنّ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسمعه المسلمون وكذلك حنين الإبل لأولادها معروف يسمع لها رغاء.

وبالتالي الشعر العربي الوجداني والحب والغناء والنواح والأهازيج كلها أصوات ناتجة عن الحنان أو الحنين. الحمام يئن على فراق حبيبه وعذاب الهدهد أن يُفرّق عن أنثاه فيُعرف له ونين وقد يموت من شدة حنينه لها. زكريا عليه السلام وُلِد له يحيى بعدما صار عجوزاً فما أدرك يحيى عليه السلام لذة الأبوة فربُّ العالمين عوّضه بحنان الله تعالى عليه بما يليق بجلاله (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) مريم). والحنان والحنين هو الذي يمسك الناس في أوطانها وعلى أولادها وأحبابها وكل الأصوات التي تصدر عن حب أو بعد أو وجد أو حنان هي أثر الحنان والحنين.

رحمة: جزء من آثار الحنان والحنين والرحمة تتلخص في أنك تجلب المصلحة لشخص ما كأن تنفع ابنك هو كل همك تبعاً لحنانك له (تربية، تعليم). قال تعالى (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) الروم) جعل تعالى المودة عندما كانا شابين عروسين يُقبلان على بعضهما البعض أما عندما يكبران قد يمرض أحدهما أو يُقعد أو يفقد بصره فتحصل بينهما رحمة أحدهما بالآخر بحيث ينسى كل منهما مشكلته ليرعى الآخر. أما في هذه الأيام فنرى أن الوفاء قلّ بين الأزواج كثيراً.

رأفة: إذا دفعت الشر والضر والضرر عن شخص فهذه رأفة. ترحمه أولاً عندما تجلب له المصالح والمنافع وترأف به عندما تدفع عنه الضرر.

شفقة: على إنسان في حالة الوعظ فقط عندما تنصحه لأنك تخاف عليه خطأ أو منكراً أو مصيبة. خوفك على الكحبوب من أن لا يتّبع نصحك يُسمى شفقة أو إشفاق. أنت تعطي ابنك نصائح وتخاف أن لا يطبقها هذا الخوف يُسمى شفقة على محبوب حنانك عليه يفيض ثم تنصحه وتخاف أن لا يطبق هذه النصائح مما يؤدي إلى ضرر يأتي إليه يسمى شفقة وإشفاقاً.

العين: يقال بعيني وعلى عيني.قال تعالى (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) الطور) عدّاها بالباء وقال تعالى (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه) عدّاها بـ على بمعنى أراقبك وأراعيك وأباشر مصالحك من قريب لكن خارج نطاقي. الفرق بين الباء وعلى أن الباء تعني الامتزاج أي أنه قطعة من العين أما على فهي تعني المراقبة والرعاية ومباشرة المصالح من قريب لكن خارج نطاق القائل. بأعيننا غاية الحنان كما يليق بذات الله تعالى وصفاته وأسمائه والحنان من الله تعالى هو شدة الرعاية من الله تعالى بحيث يتولى الله تعالى كل أمره.

هذه المنظومة الرعاية (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27) الحديد) وخفض الجناح كلها من الحنان واللين أيضاً صتدر من الحنان والحنين.

الحنان: هو شدة الشوق للذة يتكرر باستمرار لمحبوب جداً ويُصدر صوتاً. في قصة عبد الله بن الزبير عندما ثار على بني أمية ثم انهزم فصلبه الحجاج وعلّقه على المشنقة وأقسم أن لا يُنزله إلا بعد أن تأتي أمه أسماء رضي الله عنها فتتوسل إلى الحجاج وكانت قد بلغت التسعين من عمرها فرفضت وبعد أن طال صلب عبد الله ومن شدة شوق أمه أسماء له ذهبت في نصف الليل والحراس نائمون إلى أن وصلت إلى ابنها المصلوب فقبّلت رجليه وقالت: أما آن لهذا الفارس أن يترجّل فسمعها أحد الحراس وأخبر الحجاج فاعتبر أنها توسلت له فأنزل عبد الله وأخذوا جثته إلى أمه فاحتضنتها من المساء إلى الصباح درّ لبنها بحنانها على ابنها وهي في التسعين. زكلما كان حنان الأم أشد كلما كان لبنها أكثر وفراق الأم لبنها من أبعث أنواع الحنان.

ورب العالمين أحنّ على العباد من أمهاتهم كما في الحديث القدسي (أنا أحنّ على عبدي من أمّه). نذكر قصة المبتعد عن الله تعالى عبد ابتعد عن ربه يقول تعالى هذا البعيد الذي ابتعد عني ثم يأتيني بعد ذلك أنا أفرح به كفرح صاحب الراحلة أضاعها في الصحراء وعليها طعامه وشرابه فهو هالك لا محالة فبحث عنها ولم يجدها فنام بانتظار الموت ثم استيقظ فوجد راحلته أمامه ومن شدة فرحته قال يا رب لك الحمد أنت عبدي وأنا ربك. فمن أول دقيقة يفرح الله تعالى بالعبد التائب أكثر من فرح العبد براحلته.والحنّان هو اسم من أسماء الله الحسنى وهو الذي يُقبل عل من أعرض عنه. ابن عاقُ ولا يحب أمه وكلما ابتعد عنها اقتربت منه وحنّت إليه وكذلك العبد كلما ابتعد عن ربه يزداد شوقه تعالى ليعود العبد إليه وهو سبحانه الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.

من آثار حنان الله تعالى على عباده:

لقد أمرت عبدي أن يسألني فأعطيه فلم يسألني فأعطيته أجلّ العطايا بلا سؤال وأبتدئ النِعم قبل استحقاقها ودعوته إلى بابي فأبطأ عليّ ومع ذلك لم أُيئسه من رحمتي بل قلت له لو جئتني قبلتك مهما طال الزمان لإن أتيتني ليلاً قبِلتك وإن أتيتني نهاراً قبِلتك وإن تقرّبت مني شبراً تقرّبت إليك ذراعاً وإن تقرّبت مني ذراعاً تقربت إليك باعاً وإن أتيتني ماشياً أتيتك هرولة ولو جئتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة. ولو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. عبادي يبارزونني بالعظائم وأنا أكلأهم على فُرُشِهم إنما الجن والإنس نبأ عظيم أخلق ويُعبد غيري وأرزق ويُشكر سواي خيري إلى العباد نازل وشرّهم إليّ صاعد أتحبب إليهم بنعمي أنا الغني عنهم واتبغّض إليهم بالمعاصي وهم أفقر شيء إليّ من أقبل عليّ تلقيّته من بعيد ومن أعرض عني ناديته من قريب ومن ترك لأجلي أعطيته فرق المزيد ومن أراد رضاي أردت ما يريد ومن تصرّف بحولي وقوتي ألنت له الحديد. أهل ذكري أهل مجالستي فأنا جليس من ذكرني وأهل شكري أهل زيادتي (لئن شكرتم لأزيدنكم) وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي لا أُقنّطهم من رحمتي (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم (إن الله يحب التوابين) وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأُطهرهم من المعايب (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) البقرة).

من آثرني على سواي آثرته على من سواه الحسنة عندي بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف إلى أضعاف كثيرة والسيئة عندي بواحدة فإن ندم عليها واستغفرني غفرتها له. أشكر اليسير من العمل وأغفر الكثير من الزلل رحمتي سبقت غضبي وحِلمي سبقت مؤاخذتي وعفوي سبق عقوبتي وأوكلت لعبدي ما يريد مني فأنا عند ظن عبدي فليظُنّ بي ما يشاء. وإن عبدي ليغصيني فيذكرني على معصية فأغفرها له قبل أن يستغفرني فأنا غافر الذنب أولاً وقابل التوب ثانياً فإذا تاب عبدي بدّلت سيئاته حسنات ويعصيني عبدي ألف معصية فأغفرها له بحسنة واحدة. يُؤتى بالعبد ما له حسنة فيقول الرب خذوا عبدي إلى الجنة فتقول الملائكة بم؟ يقول إنه كان يصل رحِمه. عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة.

جعلت لعبدي أوقاناً شريفة ألقاه فيها كالثلث الأخير من الليل وجعلت له أزمنة شريفة أرفعه فيها كشهر رمضان وجعلت له أياماً شريفة أطهّره فيها كيوم عرفة وجعلت له ليلي شريفة أغنيه فيها كليلة القدر وجعلت له أماكن شريفة أستقبله فيها كالمساجد وجعلت له مجالس شريفة أجالسه فيها كمجالس الذكر ومجالس العلم وزيارة المريض وجعلت المؤمنين بعضهم أولياء بعض فقبلت دعوة بعضهم لبعض في ظهر الغيب ولا أردّها وقبلت شفاعة بعضهم لبعض يوم القيامة فلكل مؤمن شفاعة لأخيه ومن شهد له سبعة من جيرانه أدخلته الجنة على ما كان له من عمل ومن مات فصلّى عليه أربعون وشهدوا له بخير أدخلته الجنة على ما كان له من عمل ومن تبع جنازة أخيه إيماناً واحتساباً غفرت له وأدخلته الجنة ومن أحسنت عِشرة زوجها على ما كان منه من سوء أدخلتها الجنة.

وإذا أحببت عبادي نظرت إليهم فلا أعذبهم أبداً والذين أحبهم كثيرون أحب التوابين الذي كلما عمل سيئة تاب منها مباشرة (ثم يتوبون من قريب) وأحب المتطهرين الذي يبقى طيلة النهار على وضوء وأحب المحسنين الذين يتجاوزون عن أخطاء الغير (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) وأحب المُقسطين أهل العدل في أهلهم وما ولوا وأحب العبد المتبذّل الذي لا يبالي ما يلبس أحب العبد العفيف المتعفف ذا العيال.

أحب العبد يزور أخاه في ناحية المصر لا يزوره إلا لله فقد وجبت محبتي له أحب العبد يحب أخاه من أجلي. أحب العبد إذا أكرم بناته وأحسن تربيتهم، أحب العبد الذي يُصلح ذات البين، أحب أهل القرآن يتعلمونه ويعلمونه فهم خيار الناس، أحب الشاب الطائع زأحب الغني المتواضع، أحب التاجر الناصح الذي سهل إذا باع سهل إذا اشترى، أحب الأسخياء السخاء خُلُق الله الأعظم "تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله تعالى يستره له في الدنيا ويغفره له في الآخرة" والسخي هو الذي يعطي ولا يشعر بألم أو حرج وصار الكرم فيه سليقة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" إن الله اصطفى هذا الدين لنفسه ولا يُصلحه إلا السخاء وحُسن الخُلُق فإذا وصل العبد للسخاء وحسن الخلق فقد اكتمل.

وحعلت الشهداء من أحب عبادي إلي فيسّرت الشهادة لكل مؤمن من سأل الله الشهادة صادقاً من قلبه نوّله الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه والغريق شهيد والمبطون شهيد ، وجعلت لعباجي نوراً يمشون به يوم القيامة في الظلمة (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور)، من شاب شيبة في الاسلام فهي نور ومن مشى في الصباح إلى المسجد فهو له نور ومن مشى في العشاء إلى المسجد فهو له نور "بشّر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة"ومن قرأ الكهف يوم الجمعة فيه له نور ، من حفظ القرآن، من أكرم جاره فهو له نور.

يقول تعالى في الحديث القدسي: جعلت لعبادي ودّاً. الود ذاتي والحب للذات قال تعالى (سيجعل لهم الرحمن وداً) وقال تعالى (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (12) الانعام) (فبما رحمة من الله لِنت لهم) (فقولا له قولاً لينا) إذا كان الله تعالى لطيفاً رحيماً بالكافرين فكيف يجرؤ مسلم أن يُغلِظ القول على مسلم يصلي معه في مسجد واحد ويشنّع به. يقدم الله تعالى اللطف والحنان أرسل تعالى موسى وهارون إلى فرعون الذي كان يقتّل أبناءهم ومع هذا قال تعالى لهما (فقولا له قولاً لينا) أي حنان هذا؟! وقال تعالى (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) (إن ربي رحيم ودود) لا يحبك فقط وإنما يتودد إليك ويتلطف تعالى على عباده (ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون) (نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم) (واخفض جناحك للمؤمنين) (بالمؤمنين رؤوف رحيم) أعطى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم اسمين من اسمائه ومع هذا يطلب منه أن يخفض لهم جناحه (الجناح هو القوة والسطة).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالإثنين 11 يناير 2010 - 14:04



حرف الحاء


منظومة النار (حمِيَ)

وري– أوقد – أضرم- سجّر – اشتعل – ألهب – أجج – سعّر - حمى


تكلمنا سابقاً عن النار من حيث ما تفعله بأهلها (تشوي، تصهر، تكوي، تحرق) وتكلمنا أيضاً عن النار من حيث مادتها (وقود، حطن، حصب، ناس، حجارة) واليوم نتكلم عن النار من حيث ما تفعله ملائكة النار بالنار عندما تتهيأ للعمل يوم القيامة.

وري: يوري هو قدح النار بالزناد أو بالثقاب (أفرأيتم النار التي تورون). والنار خلقها الله تعالى قبل آلآف السنين وأول خطوة عندما تُهيّأ النار توقد الثقاب أو الزناد أو الشعلة قدحاً (فالموريات قدحا) كل شيء يجعل النار تبتدئ يسمى مري (وري يوري ورياً).

الإيقاد" بعد أن أشعلت الثقاب أو قدحت الزناد أو مادة النار تأخذ النار هذا يسمى إيقاداً فهو إذن تقبّل مادة النار من حصب أو حطب لهذا القدح فتشتعل النار يسمى وقداً. ساعة اشتعال الوقود بالثقاب وبداية تماس الوقود مع الحطب (نار الله الموقدة) (فأوقد لي يا هامان) كل ما يتقبل الثقاب أو الزناد أو الشعلة يسمى وقداً.

الإضرام: هذه الكلمة لم ترد في القرآن الكريم. عندما تأتي بالثقاب ثم تمس به الحطب وقد يكون الحطب عسيراً أو لايكون الاشتعال شديداً تأتي بالقشّ أو مادة سريعة الاشتعال الذي يساعد على إلهاب النار يسمى ضراماً أي أسرع في إيقادها. فالقش الذي يساعد على إيقاد النار يسمى ضرام.

سجّر: ملأ النار بالوقود الجديد حتى امتلأت. عندك تنور أو حفرة فيها قطع صغيرة أو قدتها ثم أضرمتها ثم سجّرتها أي ملأت المكان ملأً كاملاً كله حطباً فصار المكان كله ناراً. (إذا البحار سجرت) أي كل البحار بدون استثناء لم يبق منها موضع إلا اشتعلت فيه النار. وهذا معنى قوله تعالى (ثم في النار يسجرون) أي يملأون النار ملأ كاملاً هذا الامتلاء هو التسجير. سجّر التنور أي ملأه ملأً كاملاً.

الاشتعال: عندما يمتلئ المكان بالنار ربما تكون بعض الأماكن لم يأتها النار أو لم يشتعل كل المكان المخصص للنار. اشتعلت النار أي وصلت إلى جميع مادتها ليس هناك جزء منها لم تصله النار مثل الغابات لما تشتعل. إذا اشتعل جزء فقط يقال احترقت إما إذا عمّت النار جميع الغابة بحيث لم يبق شجرة إلا وطالتها النار يقال اشتعلت. الاشتعال إذن أن تنبثق النار من عدة أماكن حتى تلتئم وتلتحم (واشتعل الرأس شيباً) أي لم يبق فيه سواد.

ألهب: قد تخبو النار قليلاً وتضعف وهناك آلة تبحث فيها في النار وتضيف لها مادة جديدة إما من ضرام أو قش أو بترول أو أي من مواد الاشتعال فتلتهب النار من جديد فهذ هو الإلهاب (سيصلى ناراً ذات لهب) (لا ظليل ولا يغني من اللهب) أي هُيّجت النار بمادة جديدة.

أجّج: هذا الإلهاب عندما يتصاعد حتى يصبح له حفيف ودويّ وضجيج يسمى أجيجاً كما في الحديث "ألا إن للنار ضجيجاً" والضجيج والأجيج لها مهنى متقارب. اسم يأجوج ومأجوج أُطلق لأن لهم غوغاء وضوضاء تصمّ الآذان وفي غاية الازعاج.

سعّر: السعير وصول النار إلى غاية الحماوة. السعير والتسعير هو الوصول بالنار إلى قمة حماوتها بحيث لا يكون بعدها حماوة (وإذا الجحيم سُعّرت) أي وصلت جهنم إلى قمة حرارتها فتسمى سعيراً.

السّعار في كل شيء هو السرعة والعنف يقال كلب مسعور فهو سريع ويعمل حركات في غاية العنف. ويقال سعار المال وسعار الطعام وسعار النار.

حمي: عندما تصبح النار مسعّرة تتحرك ويُسمع لها تغيظ وزفير وصوت وحفيف (سمعوا لها تغيظاً وزفيرا) هنا تقول النار (هل من مزيد) فيضع الله تعالى قدمه فيها فتقول قطّ قطّ قطّ. وعندما تصبح النار مسعّرة تسمى حامية (يصلى ناراً حامية) أي وصلت حماوتها إلى النهاية.

هذه هي منظومة مراحل تكوين النار وتهيأتها للعمل يوم القيامة والسعير هو آخر المراحل التي تصبح النار فيها ناضجة وتتقطع نهباً إلى مادتها. والنار يوم القيامة سوداء أُوقد عليها ألف سنة حتى احمرّت ثم أُوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودّت فهي سوداء مظلمة.

ولا شك أن الدخول في السواد من أشد العذاب ولهذا كثير من السجون في ظلام دامس حتى يتضاعف العذاب والمسجون يأتيه العذاب والضرب من حيث لا يدري وهو في ظلمة السجن . ونار جهنم سوداء ليست كنار الدنيا حمراء. والنار يوم القيامة نوعان صلي وحرق الصلي هو أن تشمل الإنسان كله وهذه لا تكون إلا للملحدين ولا تطال الموحدين.

أهل القبلة تتفاوت عنهم النار حسب ذنوبهم فمنهم من تبلغ قدمه ومنهم ركبتيه ومنهم خصره ومنهم صدره ومنهم رقبته لكنها لا تغشى وجوه الموحدين كما جاء في الحديث. كل من يعبد الله تعالى عبادة بعد توحيده (الصلاة التي هي أساس الدين) لا تصلاه النار ولا تغشى وجهه وقبل العذاب بالنار ذاتها هناك العذاب الذي يتفاوت من حيث الرائحة فمنهم من يشم رائحة النار فقط وهي في غاية النتانة يؤتى بأسعد رجل في الدنيا فيُشم رائحة النار فيقال له هل رأيت نعيماً قط فيقول لا على رغم من كل النعيم الذي رآه على الأرض. قال تعالى (لا يصلاها إلا الأشقى) فيها نفي صريح قاطع أن شمول النار لكل الإنسان من فوقه إلى تحته لا تكون إلا للمشركين خاصة.

الذنوب التي توجب النار لا محالة إلا أن يتغمد الله عباده برحمته:

كل عصر له ذنوب معينة وله فتنته وهناك ذنوب تساهلنا فيها ولم نوفها حظها في الشرح والجلاء ولهذا فهي بعيدة عن خواطرنا. في خاطرنا ذنوباً معينة كالزنا والقتل والربا وغيرها لكن هناك ذنوباً أعظم من هذه الذنوب في هذا الزمان تحيط بنا من كل جانب. وأخطر الذنوب ما يتعلق بالدماء والأموال والأخلاق.

الذنوب المتعلقة بالدماء: القتل ومقدماته من جرح أو تخويف " في آخر الزمان تقع فتن كثيرة حتى يكثر الهرج قالوا ما الهرج يا رسول الله قال القتل القتل القتل حتى لا يدري القاتل لم قتل والمقتول فيم قُتِل" وكأن الأحاديث تشير إلى الحروب الأهلية او الحروب المحلية والعرقية والمذهبية والطائفية فتسيل دماء المسلمين أنهاراً في الحديث " إذا التقى مسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار" ويقول r "سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته ألا يُهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته ألا يُهلِك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" فقتل المسلون بعضهم البعض. "من أعان على قتل مسلم ولو بشق كلمة بُعث يوم القيامة مكتوب على جبينه آيس من رحمة الله" وقذف التهم على المسلمين كلها تعين على القتل فلم يعد لدم المسلم حرمة فإذا كنت مسلماً وأعنت على ذلك ولو بكلمة تُيعث يوم القيامة مكتوب على جبينك آيس من رحمة الله قال صلى الله عليه وسلم في الحديث :" ألا إنها ستكون فتن القاعد فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي إليها فإذا وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كان له غنم فليلحق بها ومن كان له أرض فليلحق بأرضه قالوا يا رسول الله وإن لم يكن ل إبل ولا غنم ولا أرض قال يعمد إلى سيفه فيدّق على حده بحجر ثم لينجو إن استطاع اللهم هل بلّغت" "فإن خفت أن يظهرك شعاع السيف فألقِ بثوبك على رأسك يبوء بإثمك وإثمه" . والكلام على الدماء كثير ولهذا علينا أن نحذر أن لا نقول كلمة تساعد على القتل أو تؤدي إليه "لا تقوم الساعة حتى تكون فتن الكلمة فيها أمضى من السيف" قتل المسلم بأي حال لا يكون إلا عن طريق محاكمة أو مرجع سياسي معترف به أو دولة لكن قتله بدون مرجع أو محاكمة أو قانون جريمة تُقحِم صاحبها في النار.

الذنوب المتعلقة بالأموال: "إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله استخلفكم فيها فناظرٌ كيف تعملون فاتقوا النار" "لا ـخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم أن تُفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم" همُّ الناس أن تجمع الأموال من أي طريق كان وهذه فتنة العصر وأخطر أنواع العبث بامال الغُلول (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) آل عمران) وهو السطو أو التلاعب بأموال الدولة أو المال العام وهي من أعظم الجرائم يوم القيامة "إن الغلول نار وعار يوم القيامة" "كل لحم نبت من الحرام فالنار أولى به" .

ومن أخطر الجرائم رفع الأمانة "لا تقوم الساعة حتى ترفع الآمانة من صدور الرجال حتى يقال إن في بني فلان أمين" سيصبح عرفاً قلة الأمانة. "أهل النار خمسة الخائن الذي لا يقوى عليه طمع وإن دق إلا خانه ورجل لا يصبح ولا يسمي إلا وهو يخادعك عن مالك والبخيل والكذاب والشنظير الفاحش" والشنظير هو الشاتم بالعرض والناموس والشنظرة هي الشتم المقذع بالأعراض. "أول ثلاثة يدخلون النار أمير مسلّط وذو ثروة لا يعطي حق ماله والمتخوض في مال الله" والمتخوض في مال الله الذي يتلاعب بمال أعطاه إياه أحدهم ليوزعه في مصارفه فتلاعب به ووزعه في غير مكانه. والغنى الموجود الآن لم يكن موجوداً سابقاً فالغنى اآن من علامات الساعة وعلى الأغنياء أن يؤدوا زكاة أموالهم وإلا فمصيبتهم كبيرة يوم القيامة وعليهم أن تكون في نيتعهم أن كل ما ينفقونه طوال العام هو من زكاة ماله.

الذنوب المتعلقة بالأخلاق: " من أثنى المسلمون عليه شراً فهو في النار" "ألسنة الخلق أقلام العقل" " من شهد له أربعون بالخير دخل الجنة" "النار تقول يا رب مالي لا يدخلني إلا الجبارون المتكبرون" "إن أهل النار كل جعظري جوّاض متكبر" الجعظري هو الشحيح الشره على أموال الناس والجوّاض هو الضخم المختال كثير الكلام.

ومن الذنوب المتعلقة بالأخلاق حب الشهرة (للعلماء فقط) كل من يفعل الخير للشهرة "أول من تسعر بهم النار عالم ومنفق وشهيد" . ومن الخطورة أيضاً المرأة التي تنكر زوجها وقد قام بحقها هي من أهل النار (أي إن ماتت على ذلك فهي إما تصبر أو تطلب الطلاق) إذا منع الرجل زوجته من زيارة أهلها فهو قاطع رحم وهذه جريمة عظيمة "وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل ولا قاطع رحم". ومن الخطورة مسؤولية الكلمة عظيمة يوم القيامة "إن الرجل ليقول الكلمة لا يدري ما تبلغ يوم القيامة من سخط الله" فعليك بالصمت. سُئل رسول الله r أونحن محاسبون على ما نقول يا رسول الله فقال r وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم" (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).

وكذلك كتم العلم من الذنوب إذا سئلت عن علم فلم تجب فهذه مصيبة "من تعلم علماً فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة".

من الذنوب أيضاً القضاء بالجهل "إن الرجل ليقول الكلمة لا يري حيث بلغت يهوي بها في النار سبعين خريفاً" "من قضى في الناس على جهل فهو في النار" ليس له علم بالقضية ومع هذا قضى بها.

ومن الذنوب الخطيرة "من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار" يجب عدم التلصص والتجسس على الآخرين.
"أكثر أهل النار النمامون" هذه الفتنة.

"من طلب العلم ليجاري به العلماء فهو في النار" فئة تطلب العلم لا لترشد الناس وإنما ليباهي به العلماء فهو في النار.

"من هجر أخاه فوق ثلاث" متخاصم له حق ثلاثة أيام لو مات قبل أن يتصالح مع أخيه فهو في النار.

علينا أن لا نحتقر ذنباً عظيماً والمؤمن يرى ذنبه فوق رأسه كالجبال والبعض يُظهر الاسلام ويعمل ضده وهؤلاء هم المنافقون فهم في النار. قال تعالى (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) البقرة) استوقدها أي أوقدها غيره فلما أضاءت ما حوله الضوء ذاتي والنور انعكاس فالدين لما أضاء الدنيا وقضى على الظلم والشرك والوثنية ذهب الله تعالى بنورهم ولم يقل تعالى أذهب نورهم لأنها تعني أن النور ذهب وبقي الله تعالى معهم لكنه تعالى قال ذهب الله بنورهم أي أخذ النور من قلوبهم وألسنتهم وحولهم وذهب عنهم وتركهم وحدهم في ظلمات القلق والتردد والنفاق وظلمة الكون والشعور بالذنب والتفاهة والتبعية لا يبصرون وهذه كلها ظلمات (ظلمات بعضها فوق بعض).

هذه هي النار وهذه هي مراحل ايقادها واشعالها وتسجيرها وحميها وكذلك تحدثنا عن الذنوب التي تساهلنا فيها وهي من أخطر ما نفعل. "إن الشيطان يئس أن يُعبد في جزيرة العرب ولكنه رضي بما تحقرون من أعمالكم" هذه المهلكات يوم القيامة ما تحقرونه من أعمالكم. وعرفنا ميزة المصلي أن لا يصلى النار وإنما قد تحرقه وهناك فرق بين الصلي والحرق والصلي هو أن تشكل النار جسد المعذّب بالكامل وهذا العذاب الأليم ومن فضل الله تعالى أن الصلي ممنوع على أهل القبلة. وما من خسارة أعظم من أن تلقى الله تعالى وأنت لا تصلي لأن أول ما يُسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة فالصلاة والوضوء تلقي على النفس راحة نفسية هائلة وإياكم والتسويف فإن الموت يأتي بغتة ولا يغترّن أحدكم بحِلم الله تعالى.

أجمع المسلمون على أن قتل السملم بأية طريقة كانت جريمة بشعة إلا إن كان حكم القتل قد تم عن طريق محكمة أو حاكم أو إن هاجمك أحد وإن استطعت أن تلقي عليه القبض وتسلمه للشرطة دون أن تقتله فهذا أفضل ويمكنك أن تدفعه عنك بضرب رجله مثلاً أما ما شابه. والدليل شيء واصطناع الدليل والهوى شيء آخر (قل هذه سبيلي أدعو الله على بصيرة). وهذا الهرج الذي بدأ في العالم الإسلامي منذ سنوات هو ما أخبر به صلى الله عليه وسلم وعلينا أن نعلم أن وراءنا حساب شديد.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالإثنين 11 يناير 2010 - 14:17



حرف الحاء


منظومة حِمْل

حِمل– وِزر – وقر- وسق – ثِقل


كل شيء في هذه الأرض وكل شخص لا بد أن يكون حاملاً يوماً ومحمولاً يوماً آخر أو حاملاً ساعة ومحمولاً ساعة أخرى.( رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) محمول علينا (وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) وهكذا في كل حالة وحركة هناك حامل ومحمول والحامل يكون محمولاً والمحمول يكون حاملاً في تفاوت الزمان والمكان. وفي القرآن الكريم أسماء في غاية الدقة لهذه العملية.

حَمل وحِمل: الفرق في حركة الحاء : حَمل بفتح الحاء هو الحمل في البطن (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) الحج) (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) مريم) أما الحِمل بكسر الحاء فيكون على الرأس أو الظهر أو الكتف (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى (18) فاطر) كل تغيّر في بنية الكلمة يغير المعنى تغييراً كاملاً وهذه دلالة على أن هذه اللغة هي في غاية العمق والبقاء.

ثقل: إذا كان هذا الحمل له شأن خطير في مقداره وقدره وثمنه وأهميته وعظيم قدره يسمى ثقل. وهناك فرق بين من يحمل شوالاً من القش أو الحطب أو من يحمل شوالاً من الذهب أو أي شيء له ثمن. كل حمل له قدر وقيمة وقدر ومقدار يسمى ثقل (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) النحل) هذه الإبل التي كانت تخرج من مكة والمدينة إلى الشام مرة وإلى اليمن مرة كانت تنقل الأطهمة والثياب والمعادن والبضائع الغالية وإلى يومنا هذا حركة النقل البعيدة لا تكون إلا بالأشياء والبضائع الثمينة والبواخر والطائرات تنقل البضائع الثمينة. لما كان الحِمل في الآية يتعرض لبضائع الناس وتاراتهم في الأماكن البعيدة عبّر بقوله تعالى (وتحمل أثقالكم) . والثقل يقال لكل شيء ثمين وخطير وذو معنى عميق وقيمة عالية "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي آل بيتي" أمران خطيران من حيث أثرهما على فقه المسلمين في الكتاب ووحدتهم في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) المزمل) هذا الكتاب وكم فيه عمق يتجدد كل يوم بحيث لا تنقضي عجائبه.

وسق: هذا الحِمل إذا كان على ظهر الناقة حصراً لا على بغل أو بعير يسمى وسق. يقال أوسقت الناقة أي حمّلتها حملها لأن حمل الناقة محدود من حيث أنه بضائع متعددة مجموعة مع بعضها وكلها في غاية الخطورة وعظيمة الشأن. قال تعالى (والليل وما وسق) في الليل آيات عجيبة وكل ما فيه من الأعاجيب نظراً للسكون الذي فيه الذي يتيح لصاحب الليل الساهر نوع من التأمل العظيم والمناجاة والبكاء والألم والشعر وتهيج المصائب وكل شيء يتعاظم ويتضخم في الليل. ففي الليل يقول الشاعر شعراً والمصلي يتهجد واللص يبتكر الأساليب وحراس الليل ساهرون ورب العالمين يمتدح الذين يقضون الليل بالعبادة.

وقر: الحمل إذا كان على الحمار أو غيره يسمى وقراً. يقال أوقرت الحمار أي وضعت عليه حملاً. ويكون عادة شيء بسيط كالماء أو قليل من البرسيم إلى مسافة قصيرة. إذن الحمل على البعير والبغل والحمار يسمى وقراً وحمل الناقة يسمى وسقاً.

وِزر: هو الحمل الذي يُرتّب عليك مسؤولية خطيرة يؤدي الإخلال بها جزئياً إلى الهلاك (ولا تزر وازرة وزر أخرى) فالحمل مسؤولية ولهذا سمي الوزير وزيراً لأنه يحمل وزراً أمام المسلك إذا أخلّ به هلك ويحاسب عليه حساباً عظيماً ولهذا يحاسب الأولياء والعلماء والصالحين حساباً عظيماً لقربهم الى الله تعالى ولولا أن الله تعالى تفضّل فرفع الوزر عن رسوله صلى الله عليه وسلم لكان الأمر خطيراً (ووضعنا عنك وزرك) تكفّل تعالى بأن لا يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أي خطأ بل إذا أخطأ قدّم العفو والصفح وعاتبه عتاباً (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) النور ).

(ليحملوا أوزارهم) خطاب على الأئمة أئمة الكفر (وقاتلوا أئمة الكفر) لينين مثلاً شيء وأفراد الشيوعية من الناس البسطاء شيء آخر والأئمة اضلوا كثيراً من الشعوب عن أديانهم فحسابهم غير الآخرين فكما أن للجنة درجات فإن للنار دركات. قال تعالى (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13) العنكبوت) وقال (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) النحل) الأثقال من شدة الخطورة أما الأوزار فمن حيث أنهم كانوا مسؤولين بيدهم الأمر والنهي.

الثقل لخطورة الشيء في الكمّ والكيف والوسق للناقة والوقر للحمار والوزر للمسؤولية الخطيرة من هذا الحِمل والحَمل في البطن والحِمل على الرأس أو الظهر أو الكتف.

الثقل: وردت في القرآن في موضعين: الأول جاءت في معرض قيام الساعة (ثقلت في السموات والأرض) والثاني موضع الوزر يوم القيامة (فمن ثقلت موازينه) فلماذا جاءت في هذين الموضعين؟

إذا أردت أن تعرف كيف تقوم الساعة فلا تتعب نفسك متى؟ لأنه لا أحد يعرف وقتها بدليل قوله تعالى (لا يجلّيها لوقتها إلا هو) بمعنى لا يُظهرها والجلوة هي ظهور للناس بعكس الخلوة التي هي اختفاء عن الناس. ليس بوسع مقدرة مخلوق أن يدركها لأنها لا تأتي إلا بغتة وأقل من لمح البصر لأن قيام الساعة أقرب من إغماض الجفن وفتحه. والساعة تأخذ الناس بغتة بأقل من جزء من الثانية تشتعل البحار وتُسيّر الجبال وتنتثر الكواكب دون ادراك بدايتها وهناك فرق بين أن تدرك بداية الشيء فتستعد له وبين أن يأخذك بغتة (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) النحل) والحركة يوم القيامة أسرع من الصوت والضوء بملايين المرات.

تقوم القيامة أولاً ثم تحدث الصعقة والصيحة وتجد نفسك في الآخرة لأجل هذا تذهل كل مرضعة عما أرضعت لأن الأمر انتهى.

قال تعالى (ثقُلت في السموات والأرض) الثقل ثلاثة أنواع:

ثقل مادي: وهذا يوم القيامة تقع الجبال والنجوم والشمس والبحار والوحوش شيء عجيب غريب ليس ما لا يستطيع تحمل هذا الشيء الثقيل من حيث المادة.

وهناك ثقل فكري عقلي: كالطالب في المدرسة تعطيه مسألة رياضية أثقل على عقله من المفهوم. إذا زلزلت الأرض زلزالها وقال الإنسان ما لها؟ لا يعرفه أحد.

ثقل عاطفي ونفسي: (وتضع كل ذات حمل حملها) (يوم يفر المرء من أخيه) هكذا قيام الساعة كل شيء فيها ثقيل ثم إضافته للمعنى الآخر ولشدة تعقيداتها ومفآجآتها ونارها بثواني (إن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون) عمر الكرة الأرضية كله لا يساوي عند الله تعالى إلا أياماً وثانية واحدة عندها تساوي آلآف السنين هنا.

الثقل في يوم القيامة من حيث كونه ثقل مادي لا يُحتمل ولا يُحمل الناس تُصعق والجبال تُدك وكل شيء لا يتحمل وثقل عقلي وفكري وعاطفي ونفسي. الكلام في يوم القيامة أُمرنا أن نتأمل في يوم القيامة لكن لا يمكن إدراك حقائقها ولو أن أحداً أدرك جزءاً منها لصُعِق في الحال ومن فضل الله تعالى أن عقولنا لا تدرك حقيقة الأمر وإنما تتفكر بها لتستعد لها.

نتكلم فيما ينفعنا الآن على هذه الأرض ونحن مأمورون بالعبادة والطاعة ونحن مقبلون يوم القيامة على شيء عجيب (فأما من ثقلت موازينه) (ونضع الموازين القسط) ليس ميزاناً واحداً هناك ميزان الاعتقاد، اليقين، الايمان، الاسلام، إيمان عام، إيمان خاص، حق اليقين، عين اليقين، حق الايمان.

هل ثقل الموازين بكثرة الأعمال كمّاً وكيفاً؟ (ونضع الموازين القسط) (ولا تظلم نفس شيئاً)

أنواع الموازين ثلاثة وكل ميزان يتوقف على صحة الميزان الذي قبله:

أول ميزان هو ميزان الاعتقاد: يوجد اعتقاد بسيط، اعتقاد مقلّد، عالم، عارف بالله، مفكر، صالحين، تابعين، علماء، أنبياء، رسول، صدّيق، الناس تتفاوت ولهذا عندنا إيمان عام (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وإيمان خاص له عدة مواصفات (أولئك هم المؤمنون حقاً) (قد أفلح المؤمنون) والشرط الأساسي لكي تكون مقبولاً يوم القيامة أن تشد بصدق وإخلاص ويقين أنه لا إله إلا الله وهي أساس كل الموازين وإذا ثبت هذا الميزان فالباقي يأتي في مرحلة لاحقة وأن تكون لك موازين ثابتة وأنت في غاية اليسر تتعامل مع رحمة من الله تعالى. "ليس على أهل لا إله إلا الله بأس يوم القيامة" "والحمد لله تملأ الميزان" أهل لا إله إلا الله حسابهم خفيف يوم القيامة ولهم أسباب نجاة كثيرة جداً ما داموا يشهدون أنه لا إله إلا الله مصدقياً بها قلوبهم. ثقل الموازين تبدأ بلا إله إلا الله وخفة الموازين تبدأ بالإلحاد والشرك لأن هذين الأمرين يقينيان وصاحب لا إله إلا الله ناج صادق لا شك في ذلك وصاحب لا إله هالك حتماً (إن الله لا يغفر أن يشرك به) كل الأنبياء جاءوا يعلّموا الناس لا إله إلا الله بصدق بلا ريب وشك ومن رحمة الله تعالى أنه لا يطلب منا أن نكون كلنا على نسق واحد كقراءة الفاتحة في الصلاة فالايمان صعب ولا بد من تفاوت في الايمان هناك عالم وعارف ونبي وصحابي ورسول وصدّيق وأعرابي وأمّي وعربي وغير عربي لكن في قلبه وقر إنه لا إله إلا الله واحد.

فقه لا إله إلا الله يتفاوت فيها الناس وعلى أي اعتبار أنت ناج ثم تتفاوت الدرجات (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) الانعام) (وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) الاسراء) النجاة حاصلة على تفاوت في المراتب.

الميزان الثاني: ميزان العمل من حيث الكمال والتمام والمكفّرات، كلنا نصلي وكل واحد يصلي في نسبة لا يدركها الآخر مع أن كل الصلاة مقبولة لكن قيمتها وثقلها في الميزان متفاوت من حيث خشوعها وتمام أركانها وشروطها وكمالها حينئذ هذا الميزان يوزن أعمالك جيد، تام، مكفّر، كامل فعليك أن تعرف هذا

وكذلك ميزان السيئات هناك صغائر وكبائر ومحبطات لكل منها حكم فلكي تكون عارفاً بما تقدم عليه يوم القيامة يجب عليك أن تثبته أن كل اعتقادك سيوزن وكل صفاتك وأعمالك ستوزن وكل سيئاتك ستوزن ومن حيث العموم تعرف كيف توزن من حيث الاعتقاد من حيث كماله والعمل من حيث تمامه وكماله ومكفّراً "ما بين الصلاة والصلاة كفارة" لكن ليس كل صلاة والحج المبرور كفارة لكن ليس أي حج والصيام كفارة وليس أي طيام عليك أن تعرف من الآن كم يساوي وزن عملك وكم تساوي حجم سيئاتك لتعرف أي السيئات صغائر يكفرها الصلاة والصيام وهناك كبائر وهناك مُحبِطات. هناك ذنب تُعاقب عليه وهناك ذنوب كبيرة ومحبطة مثل عقوق الوالدين "ثلاثة لا ينفع معهن عمل الشرك بالله وعقوق الوالدين والتولي يوم الزحف" القتل ذنب كبير لكنه ليس محبطاً إما القصاص وإما الحساب يوم القيامة.

علينا أن ننتبه ونعلم أن اعتقادنا وأعمالنا وسيئاتنا ستوزن وزناً دقيقاً وعلينا أن نعمل أعمالاً حتى ننجو من الحساب ولا نقف في ميدان العرض يوم القيامة وإنما نمر من البعث إلى الجنة بدون أن نمر على ساحة الحشر وهذا هو الدفع. قال صلى الله عليه وسلم :" من نوقش الحساب هلك ومن نوقش الحساب عُذّب" وما أجمل أن نصل إلى الجنة بدون حساب أو عذاب. يوم المحشر يوم الفزع الأكبر والأنبياء يجثون على الركب من الخوف لشدة مسؤولياتهم ومن العباد من لا يخاف لأن الله تعالى أمّنهم (أولئك لهم الأمن) ويقول تعالى في الحديث القدسي: لا أحمع على عبدي خوفين فمن خاف الله من الدنيا يؤمّنه يوم القيامة.

عليك أن تعرف أن الحساب (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) (ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) وحتى تنجو من الحساب عليك إما أن تموت شهيداً أو ببلاء أو بحادث سيارة وهذه من وسائل النجاة لإن من العباد من لم يركع لله ركعة وقُتل ومات شهيداً. لكن عليما أن نحسب حساب لقد بصّرنا الله تعالى بكتابه وسنة نبيه ونظام العبادات منظم تنظيماً واضحاً دقيقاً وعلى المسلم أن يتذكره ويجب أن يعرف أن من الأعمال ما هو كامل ، تام، ناقص، فاسد، باطل، به خلل وكل بحسابه، هناك عبادة مثالية ثم تقل وتقل.

الصلاة مثلاً بالحد الأدنى تكبير وسجود وركوع وجلوس وسلام قد تكون اسقاط فرض فقط من عدل الله تعالى وهناك صلاة تغفر الذنوب جميعاً " الصلاة إلى الصلاة كفارة" (فإذا فرغت فانصب) والصيام كفارة ما لم يُخترق بالغيبة والحج كفارة ما لم يُخترق بالرفث والفسوق والجدال.

يوم القيامة هناك حقوق الله تعالى وحقوق العباد . الرسول صلى الله عليه وسلم شهد لرجل بالجنة لأنه كان إذا وضع رأسه على المخدة كان يعفو قبل النوم عمن ظلمه فعلينا أن نسامح كل مسلم اعتدى علينا ونقول عند النوم: سامحت كل من اعتدى علي أتصدق بعِرضي على المسلمين ولا أطالب أحداً بحق.

ومن العبادات العظيمة التي لها ثقل يوم القيامة في الميزان التفرّد أي أن تكون وحدك تفعل الفِعل (أصحاب الواحدة) كل صحابي عُرف بفعلة ما جعفر، أبو بكر، عمر، عثمان، كل واحد منهم عُرف بفعلة واحدة فير ما كانوا يفعلونه "طوبى للغرباء" مثلاً الناس كلهم نائمون استيقظ بالليل ليصلي التهجد، عدو محتل الكل ساكت وواحد يجتهدهم لوحده فهو متفرّد، أو هرب المحاربون وبقي شخص واحد يدافع هذا هو التفرّد، شاهد عدل، موظف عفيف عُرِض عليه رشوة وهو في أمس الحاجة لها فرفضها. كلما رأيت حقاً عزف عنه الناس خوفاً أو غفلة أو رهبة ثم قلته أنت فهذا تفرّد وخاصة عندما تحمي به ظهر مؤمن يحميك الله تعالى يوم القيامة.

دعاء السوق يعطيك الله تعالى عليه مليون حسنة ويرفع عنك مليون سيئة والصحابة كانوا يمرون بالسوق حتى يقولوا هذا الدعاء لأن الناس في السوق عادة ما يكونوا غافلين لكنك تذكر الله تعالى.

كثرة الاستغفار يكثر الرزق ويكشف البلاء ويفرّج الهمّ والغم ويمحو الذنوب ولا يُبقي عليك ذنباً "ذهب الذاكرون بكل خير" أهل الذكر يأتون يوم القيامة خفافاً يضع الذكر عنهم أثقالهم. يوم عرفة، الحج، العمرة، البلاء، صلاة الجنائز واتباعها كل مسام تبع جنازة إيماناً واحتساباً إلى أن يصلي عليها وتدفن ثم يعود لا يبقى عليه ذنب ويعود بثلاث قراريط من الأجر كل قيراط مثل جبل أُحُد، الصلاة في المسجد، من السبعين فما فوق إن كان مؤمناً مصلياً فقد غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّعه في أهل بيته. ومما يشفع يوم القيامة التأذين وجواب المؤذن والحب في الله حياً وميتاً والتزاور لوجه الله وزيارة المريض وبر الوالدين وصلة الرحم وتربية البنات وكظم الغيظ كلها أعمال تقي شر الحساب ومنها أيضاً الصبر وهو من أعظم الأعكال والصبر يكون على الظلم والفقر بدون شكوى وبدون انتقام (وبشر الصابرين)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالخميس 14 يناير 2010 - 12:44



حرف الحاء


منظومة الحمد والتسبيح

الحمد– الشكر – الثناء- التعظيم – التوقير – التكبير - التسبيح


هذه الكلمات تمثل منظومة التسبيح وهي تتعلق بذات الله تعالى حمداً وشكراً.
والتسبيح يشمل كل هذه الكلمات فالتسبيح هو أن تشكر الله تعالى وتحمده وتوقره وتثني عليه وتكبره وتعظمه وكل هذا نوع من أنواع التسبيح وكلمات هذه المنظومة هي الكلمات التي يتعامل بها العبد مع الله عز وجلّ وما من أحد أحب إليه الحمد من الله عز وجلّ.
والحمد لله تملأ الميزان كما في الحديث الصحيح. الفروق بين الكلمات في كتاب الله تعالى هي فروق لا يتوصل إليها إلا أصحاب الحس الرفيع المرهف في هذه اللغة العظيمة ومن عظمتها وبلاغتها أن الله تعالى جعلها لغة أهل الجنة وستكون متعة المتع أن يتخاطب بها الناس في الجنة لبلاغتها وفصاحتها وجمالها وروعة نسجها.


الحمد والشكر: الحمد على الصَنعة والصنيع والشكر على النعم.
إذا رأيت رجلاً يصنع شيئاً دقيقاً جميلاً أو عظيماً فإنك تحمده على ذلك فهذه صنعة أو صنيع بأن أسدى إليك فعلاً يسعدك كأن يعفو عنك أو يتوسل لك أو يتجاوز عن هفواتك وعثراتك.
والصنائع هي الأفعال المحبوبة كما جاء في الحديث "صنائع المعروف تقي مصارع السوء" وهي الكرم والسخاء والحِلم والضيافة وقضاء حوائج الناس والشفاعة لهم. الصنعة جمعها صناعات والصنيعة جمعها صنائع فإذا أسدى لأحدهم معروفاً أو صنيعاً استوجب حمدك له على هذا الصنيع.
أما الشكر فيكون على النعمة كأن يعطيك أحدهم هدية أو زوجك ابنته فهذا عطاء مادي تلمسه فهو يستحق الشكر وأن تستعمل هذه النعمة استعمالاً يُسرّ المنعم عليك بها. وعندما يصنع لك أحد صنيعاً تحمده لتشهره بمدى اعجابك بما صنعه ويستحق الحمد عليه وهذا هو الفرق الدقيق بين الحمد والشكر. أن تحمد الله تعالى على الصنعة والصنيع وأن تشكره على النعمة التي تصل إليك مادياً.
الله تعالى أعطانا سمعاً وبصراً وأولاداً وسخّر الشمس والقمر والنجوم هذا يستحق أن نشكره عليها ولذلك قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) ابراهيم) ولم يقل ولئن حمدتم فإن حمدته على خلق السموات والأرض فكيف يزيد لك في ذلك هل يخلق سماء وأرضاً أخرى؟.


قال تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) الانعام) (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر) هذه كلها صنائع نحمده على الصنعة والصنيع (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (28) المؤمنون) ونشكره على النعم. ما من باب يمكن أن تحمد الله وتشكره كأن تفعل ذلك من خلال أسمائه الحسنى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) الاعراف) عندما تحصي هذه الأسماء وسبق أن فصلنا أن الاحصاء غير العدّ فالعدّ هو أن تقول الله الرحمن الرحيم أما الاحصاء فهو ماذا يعني كل اسم وكيف تستعمله وكيف تعبده بهذا الاسم كالرحمن والرحيم والمتكبر.

لكي تحمد الله حق حمده وتعبده حق عبادته عليك أن تفعل ذلك من خلال تلمّس حسن صنعه وصنيعه وتمام نعمته عليك من خلال اسمائه الحسنى وهذا باب على المسلمين أن يتعلموا هذه الاسماء الحسنى وفي الحديث "إن لله تسعاً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة" ولم يقل من عدّها. والاحصاء شغل المفكرين والعارفين والاحصاء أن تدرك حوانب هذا الاسم وعلاقته بالاسماء الأخرى وكل عبد من عباد الله تعالى سوف يكتشف أن هناك اسماً معيناً يحتاجه في العلاقة بينه وبين ربه.

أثنى: الثناء هو نفس الحمد بفارق أن الثناء ذكر الجميل على ما يتجدد من فضل وكلما فعل الله تعالى معك صنيعاً كأن يغفر ذنبك أو حلِم عليك أو ستر عورتك وتكرار هذه الصنائع من الله تعالى وتكرار حسن صنعته في الكون (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) طه) وقد أمرنا بالتأمل في خلق الله تعالى في أواخر سورة آل عمران "ويل لمن قرأ الأواخر من آل عمران ولم يتفكر بها". إذا تكرر الحمد لتكرار الصنعة والصنيع فهو الثناء لذا قال تعالى (مثاني) كل يوم تكتشف في هذا القرآن بشائر عظيمة وصنيعة جديدة وصنعة جديدة فهذا الذي يقتضي حمداً متكرراً وهو الثناء. تًثني على فعل مرة واحدة هذا حمد وعندما تكتشف أن هذا الأمر يستدعي حمداً جديداً فهذا هو الثناء. وفي الحديث القسي في سورة الفاتحة (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين ) كم مرحمة يرحم الله تعالى بها عباده (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وكذلك رحمته لا تحصى فعليك أن تحمد الله تعالى حمداً جديداً فتُثني عليه وكذلك كتاب الله مثاني إلى يوم القيامة سيكتشف الناس فيه صنيعة عجيبة مما يستدعي تجديد الحمد له تعالى وهذا التجديد هو الثناء. فكل من يستدعي فعله أن تحمده كثيراً وتكرر الحمد لتجدد أفضاله وفضائله فهذا هو الثناء.

مجّد: نفس المعنى بفارق واحد أنك هنا تحمد الله تعالى على صنعه وصنيعه معك. أعطاك عينان حميلتان هذا خلق الله وصنائعه كثيرة سترك وعافاك ووقاك السوء ولو يعلم كل عبد كيف يدبر الله تعالى أمره لذاب في الله عشقاً. الله تعالى هيّأ لك الأمور ويدبرها لك. المجد تذكره بالجميل لا على صنعه وصنائعه ولا نعمه وإنما على مُلكه وهيمنته فهذا هو التمجيد.

الحميد المجيد صيغة مبالغة أي كثير الحمد وكثير التمجيد (مجدني عبدي) في حديث سورة الفاتحة. (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) غافر) ملك لا تحيط به العقول وعندما تمجّد الملك لملكه وسعة نفوذه وجبروته وقوته وفتوحاته وعندما تذكر هذا فقد مجّدته أي أعطيته مجداً مَجَد يمجد فهو مجيد ومَجُد فهو ماجد. المجد هو الرفعة العليا رفعة القوة والنفوذ والكلمة (إن ربي حميد مجيد).

عظّم: فيها جزء من ما مضى باضافة شيء واحد هو تضخم الشيء كمّاً وأثراً وتأثيراً. قد يكون هناك ملك مجيد لكن تأثيره على شعبه قليل مثل ملك بريطانيا مثلاً هذا لا يطلق عليه ملك عظيم لأنه لا يملك التأثير على شعبه ولا يحكم. الملك الذي يملك ويحكم هو العظيم. وفي رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس قال فيها إلى عظيم الروم لأنه كان ملكاً يحكم وله تأثير على شعبه.

التعظيم هو التضخيم في الأثر. يقال ذنب عظيم أي تأثيره قوي في اعمالك فيمحقها محقاً ويقال فوز عظيم أي ليس بعده خسارة. كل عظيم متضخم كمّاً وكيفاً وتأثيراً بحيث يكون تأثيره ضخماً في كل نتائجه.

وقّر: فيها كل المعاني السابقة بزيادة أنك بمجلسه تكون ساكناً حوارحك ساكنة لا ترفع صوتك في حضرته (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) الفتح) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) الحجرات) (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا (63) النور) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) المجادلة) تدخل بهدوء حركاتك موزونةتخفض صوتك. الرسول صلى الله عليه وسلم قال لو أوشكت الصلاة على النهاية لا تستعجل وإنما تأتي الى الصلاة وعليك السكينة والوقار.

السكينة تكون في القلب من خوف أو اضطراب (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) الفتح) والوقار يكون في الجوارح أي حركاته موزونة يقال رجل وقور يتكلم بهدوء بكلام موزون تهابه والتوقير للعين "رجل يذكركم الله وجهه" (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) نوح) عندما يذكر الله تعالى تخشع وتكون هادئاً ولا تصخب ولا يرتفع صوتك ولا تكون حركاتك صاخبة "تعلموا العلم وتعلموا له الوقار" كبار الصالحين تجلس أمامهم في غاية الهدوء والتوقير والسكون.

كبّر: الكبير الذي لا أحد فوقه يأمره وإنما يأمر كل من تحته (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111) الاسراء).

سبّح: التسبيح بكل ذلك عندما تحمد الله أو تشكره أو تثني عليه أو تحمده أو تعظمه أو توقره أو تكبره فإنك تسبحه. والتسبيح هو سرعة التأثر ترى طفلاً جميلاً أعجبت بجماله فلا تملك إلا أن تقول سبحان الله. والسباحة هي الجري السريع في الهواء واستعملت في الماء وكل شيء سريع الحركة يسمى سباحة فعندما ترى شيئاً من عجائب صنع الله فأنت تحمده وهذا تسبيح (سبحان الذي خلق السموات والأرض) كل صنعة أو نعمة من نعم الله تعالى تثير اعجابك لا بد أن تحدث واحداً من كلمات هذه المنظومة حمداً أو تكبيراً أو توقيراً أو تعظيماً أو ثناء فهذا تسبيح أي أسرعت بحركتك كي تحمد الله أو تثني عليه أو تكبره أو توقره (سبحان الذي خلق الليل والنهار) (سبحان الذي أسرى بعبده) كل صنعة أو صنيعة أو نعمة تقتضي تسبيحاً (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون) (سبحان الذي بيده الملك) (وسبحوه بكرة وأصيلا) . كل هذه المنظومة التي تحمد الله وتشكره وتوقره تمسى تسبيحاً.

خلاصة: الحمد على حسن الصنعة والصنيع، والشكر على تمام النعمة والثناء على تعدد الفضل المتجدد في كل حال والتمجيد على المُلك والهيبة والتعظيم على ضخامة الشيء وتأثيره وأثره والتوقير على الهيبة والتكبير على التفرّد وكل هذا يسمى تسبيحاً.

لو عددنا صنائع الله تعالى ومصنوعاته التي تثير العجب الشديد سبح بحمد ربك أي أسرع بحمد ربك عندما ترى نعمة بالغة تسبح الله عز وجل بحمد وشكر (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) لو تعلم مدى اتقانه هذه صنعة جعل الله تعالى فيها شفاء من مرض واخبار كوني ومعنى متجدد الى يوم القيامة وفيه اشارة لكل شيء في الدنيا وعلى الرغم من الاكتشافات لم يجد أحداً متناقضاً واحداً في القرآن (غير ذي عوج) لا يتناقض مع أي حقيقة عليمة.

الصنائع الحميدة كثيرة من الله تعالى تستحق الحمد والله تعالى:

1. فضّل الانسان على سائر المخلوقات أرسل الرسل لهداية الانسان الى توحيده وهي أعظم صنيعة وما من صنيعة على الانسان أعظم من أن يرشده الله تعالى الى توحيده (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) قمة الوصول إلى الله تعالى والتحضر الانساني الذي سينشلك من عالم الحيوان هو التوحيد.

2. جعل الأديان كلها دين واحد يعترف بعضها ببعض.

3. جعل هذه الأمة وحدها تؤمن بهذه الحقيقة ايماناً كاملاً لا توجد أمة تؤمن بباقي الرسل ولا تفرق بين أحد من الرسل مثل هذه الأمة.

4. جعل العدل من حق الناس على اختلاف أديانهم (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) النساء) لا فرق بين مؤمن وغير مؤمن.

5. جعل إقامة العدل لكل حكومة مانعاً من موانع الاهلاك (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود)

6. من حُسن صنيعه شرّع التوبة التي تغفر الذنوب جميعاً.

7. جعل الحسنات مضاعفة والسيئات مفردة

8. جعل الاختلاف بين الأمم سبب من أسباب حماية الحياة (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج)

9. جعل كل ما تكرهه نفسك عبادة تكفّر الذنوب جميعاً من بلاء وهمّ ومرض وغمّ

10. رفع المسؤولية عن الانسان عدا الخطأ والنسيان وما استُكره عليه.

11. جعل كل ما يذهب من ماله العام صدقة له

12. سخّر للإنسان كل شيء قبل أن يُخلق.

13. لم يؤاخذ على الذنب إذا تبعه الاستغفار.

14. جعل كل ظلم يصيب الانسان مكفّراً لذنوبه.

15. ينزل الله تعالى في كل ليلة يبسط يده ليتوب المشيء ويستجيب لمن يدعوه.

16. جعل في الدنيا رحمة واحدة وادّخر 99 ليوم القيامة (لا يدخل النار إلا شقي).

17. شرّع السفاعة للأنبياء والأصدقاء والشهداء والعلماء المخلصين العاملين.

الأسماء الحسنى:

من نور صنائع رب العالمين مع العبد أن شرّع الأسماء الحسنى ولو أحصيناها فعلاً لرأينا كيف رسم الله تعالى بهذه الأسماء منهجاً بحيث لا يتحيّر العبد في عبادة لها قيمة. وحتى نستفيد من اسماء الله الحسنى علينا أن نحصيها قبل أن نعدّها.

الله: الاسم الأول تعداده 1 وإحصاؤه أن تقول أنه دال على الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها حتى لا يشذ منها شيء ولا يطلق هذا الاسم على غير الله لا حقيقة ولا مجازاً. حظّر العبد من هذا الاسم التألّه أن تتخذ الله إلهاً وليس رباً. الرب رب الكافرين والمؤمنين والله إله موسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم والله إله المؤمنين به وحدهم وليس إله المشركين به. الله تكررها وتفهمها على هذا النسق فإنك توحده توحيداً خالصاً ولا يمكن لعقلك أن يشذ عنها وأن تكون خالص القلب ولا تلتفت لمن سواه ولا تخاف إلا هو سبحانه فهو مركز التوحيد ومداه ومداره الحق.

الرحمن: تعداه 2 وإحصاؤه قريب من الاسم الأعظم الله بدليل قوله تعالى (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (110) الاسراء) هو قاضي حاجات العبد في الآخرة. كم عندك من الحاجات في الآخرة فالله تعالى بصفة الرحمن يقضيها لك وإذا ثابرت على ذكر الرحمن الرحمن الرحمن سوف تصل في النهاية أن الله تعالى بسرّ هذا الاسم سيقضي كل حاجاتك يوم القيامة. والرحمن اسم لقاضي الحاجات لمن يستحق ولمن لا يستحق إن الله لا يُسأل عما يفعل فقد يكون الانسان عاصياً أو فاجراً لكن بذكرك لهذا الاسم وعبادتك لله تعالى من خلاله تنالك الرحمة فتقضى حاجاتك وإن لم تكن تستحق ذلك.

الرحيم: تعداده 3 وإحصاؤه قاضي حاجات العبد في الدنيا على الوجه العام الذي ذكرناه لمن يستحق ومن لا يستحق فالشمس والقمر والصحة والأولاد والرزق وكل النعم التي تراها. من حيث كونه رحيماً أعطاها لمن يستحق ومن لا يستحق في الدنيا وفي الآخرة أيضاً من حيث كونه رحماناً إلا من استثناه قطعاً (إن الله لا يغفر أن يشرك به) إذا قلت أنت ربي ومهما كانت نياتك فأنت مرشح لأن ينالك هذا الاسم العظيم.

الملك: تعداده 4 وإحصاؤه هو الذي لا يستغني عنه شيء في شيء فكل شيء يستمد وجوده منه أو مما هو منه فهم مستغني عن كل شيء وهذا هو الملك المطلق. والملك من ملوك الأرض هو الذي يستغني عن كل شيء سوى الله وتلك هي رتبة الأنبياء استغنوا في الهداية عن كل أحد إلا الله تعالى واحتاج إليهم كل أحد ويليهم العلماء ورثة الأنبياء وبهذه الصفات يقرب العبد من الملائكة بالصفات ويتوب إليه بها. قال بعضهم أوصني قال كن ملكاً في الدنيا تكن ملكاً في الآخرة قال كيف؟ قال اقطع شهوتك وطمعك عن الدنيا تكن ملكاً في الدنيا والآخرة فإن الملك في الحرية والاستغناء.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالخميس 14 يناير 2010 - 12:53



حرف الحاء


منظومة الحُلي

الحُلي– الزينة – الزخرف- الصِبغة – الرئيا



هذه الكلمات تتناول منظومة التجمّل للانسان أو الاشياء وكل كلمة تعطي اسلوباً مغايراً في التجمّل لا تشتمل عليه الكلمة الأخرى.

زينة: كل شيء يُذهِب الشين والقبيح ويحوله إلى زين أو حسن. الشيء إما زين أو شين، حسنٌ أو قبيح قبحاً مادياً أو معنوياً والزينة هي كل شيء يطغى على قبيح فيصبح جميلاً أو يقلب الشين زيناً.
صولة أحد الجُبناء زينة له إذا قلبت رأي الناس فيه من جبان إلى شجاع. قال تعالى (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) الكهف) فالأرض بجبالها وأنهارها قبيحة والله تعالى زيّنها بالحدائق والمروج وبدون هذه الزينة فالأرض في غاية القبح. وقال تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) الملك) (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) الصافات) فماذا لو كانت السماء كلها ظلمة؟ الأصل الظلمة الدامسة لكن الله تعالى زيّن السماء الموحشة السوداء المظلمة بمصابيح أزالت قبح ظلام السماء.

الحِلية: هي جميلة في حد ذاتها لكنها لا تزيل القبح بل تلفت الأنظار إليها حتى يذهل الناظر عن قبح من يحملها. فالمرأة البشعة تعلّق مثلاً عقداً من اللؤلؤ في غاية الجمال يستولي على أنظار الناس فيعجبهم فيذهلون عن قبح هذه المرأة. قال تعالى (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) الزخرف) (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) الاعراف).

الصِبغة: التلوين الذي يدل من مراءه عن قبح أو جمال. وقد تكون صبغة جميلة أو صبغة قبيحة فإذا كان التلوين جميلاً كان ما تحته جميلاً وإذا كان قبيحاً دلّ على أن ما تحته كذلك. قال تعالى في سورة البقرة (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138)) . والتلوين الذي يلوّن الوجه أو الثياب الظاهرة (شرحنا سابقاً الفرق بين الثياب واللباس فقلنا أن الثياب هي للتجمّل أما اللباس فهو ملاصق للجسد لا يُنزع إلا للضرورة). تلوين الثياب غاية في الدلالة على الذوق وأصباغ الوجه تدلّ على ذوق المرأة. الله تعالى يقول ما من وجه أجمل من وجه الدين من حيث أنه جعل الاختلاف أساس في الكون (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) هود) واختلاف ألسنتهم وألوانهم والثمرات والجُدد والزهور فماذا لو جعل الله تعالى الزهور لوناً واحداً أو كانت كل الألوان بيضاء؟

الاختلاف أساس الحياة والاختلاف في الدين الواحد أساس له واختلاف المفسرين فِطرة فطر الله تعالى الناس عليها ولو كان هناك تفسيراً واحداً لجمد الناس عليه وما أقيمت الفرائض. وزينة الاختلاف أن ترضى بالآخر وإن توافقه إلى حد ما. أي الأديان في الأرض وأي المذاهب تقبل بالآخر؟ هناك بعض الفلسفات تقبل بالآخر جزئياً أما الاسلام فيقبل بالآخر (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة) هذه صبغة الله تعالى. هل أن المسلم مختار أو يحق له أن يُنكر عيسى وموسى أو دينهم. إن ثلثي أسماء المسلمين هم أسماء أنبياء بني إسرائيل داوود وسليمان وموسى وعيسى فمن من أبناء الديانات الأخرى سمّى ابنه محمد أو أحمد أو عبد الله؟ الاسلام هو المتفوق الأول على كل فلسفات الدنيا من حيث شرعية الاختلاف وتعامله مع المختلفين معه من حيث الموضوعية والكرامة والرقي.

الصبغة التي صبغ الله تعالى بها وجه الاسلام هي في غاية الجمال بحيث لا يفرّق بين انسان وانسان فأول آية في القرآن (الحمد لله رب العالمين) وآخر آية (رب الناس). اختص الاسلام بهذه الصفة الجميلة ولا نجدها عند غير المسلمين.

الرئي: التزيين بالشارات كالتاج مثلاً. ملك قصير قبيح ما إن تضع على رأسه التاج حتى يلفت الأنظار إليه فيبهر الرائي به نظراً لجماله. وفي قصة ملكة سبأ قال تعالى (ولها عرش عظيم) هذا رئي تزينت به. والأوسمة والشارات إذا كانت تختص بقوم معينين لهم مقام رفيع يسمى رئيا (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) مريم) فالرئي هو التجمل بالنياشين وهو الجمال والبهاء والجلال الذي يأتس من ملابس معينة وأو سمة وشارات وتيجان ونياشين تزيّن صاحبها وتجمّله. وقديماً كانت العمائم تميّز العلماء.

ومن الرئي أُخذ الرياء فالذي يرائي بعمله أو ملابسه كالذي كان يلبس الملابس الطويلة في الجاهلية في غاية الخيلاء لهذا شرّع الاسلام قِصر الثوب فلما زال الخيلاء ولم يعد الثوب الطويل دليل الخيلاء عاد الأمر إلى ما كان عليه.

التجمل والتزيّن والكلام في الحلي كثير ولقد تكلن الفقهاء في حلاله وحرامه (من لم تتزين لزوجها فقد صلف عنها) أي صرف عنها. والكثير تكلم في زكاة حلي المرأة ومنهم من يقول أن لا زكاة في الحلي المستخدمة للزينة ولكن حد الزينة المشروع هو قلادة وقرط وخاتم واسورة وما زاد عن ذلك فهو كنز للحلي وبدون أداة زكاته مصيبة كبرى وقد شاع خطأ كما قلنا أن لا زكاة عليها والمقصود بهذا القول حد الحلي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأقول أن الكَنْز الذي يشيع الآن خطر على المرأة إن لم تؤد زكاته وكما قلت المعفو عن الزكاة هو القليل الذي تلبسه الزوجة لزوجها في بيتها.

الزينة والتزين ينطبق عليها الأحكام الخمسة وهي (حرام- واجب – مندوب – مكروه – مستحب):

حرام: ما رآه أجنبي: قال تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) النور) أي العينان مع الكحل واليدين بدون خواتم.

وما عدا ذلك تزين المرأة لزوجها واجب وتزين الرجل عند دخل المسجد واجب (زينة في ملبسه ومشيته ورائحته) وزينة في الكلام والهمس (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) الاعراف) وفي المأكل والملبس والطهارة والرائحة.

المندوب: في كل حال المسلم نظيف جميل رقيق والطيب من سنن الأنبياء وعلى المسلم أن يكون نظيفاً وملابسه نظيفة ومطالب أن يكون نظيفاً طاهراً. "إن الله يحب المتبذّلين" جميل متناسق ولو كان رخيصاً.

والزينة المحرمة هي كل ما يلفت نظر الأجنبي ويستهويه..

والزينة أنواع:

زينة نفسية كالعلم والاحسان والحِلم والرفق الذي ما كان في شيء إلا زانه وأن تكون مبتسماً.

وزينة بدنية كالقوة التي تستعمل في طاعة الله تعالى وسلامة الحواس والطول (زاده بسطة في العلم والجسم). ومن زينة الانسان أن يكون عقله وحواسه سليمة (واجعله الوارث منا).

وهناك زينة اجتماعية أن تكون جميلاً محبوباً متميزاً والأموال والبنون والنفوذ وحُسن النسَب وحُسن الذكر (لسان صدق) والكثير من الجماليات الاجتماعية التي توفر لصاحبها زينة مادية بحيث يقبل الناس عليهم بمودة ومحبة.

قال تعالى (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) يمنّ الله تعالى على المسلمين أنه حبب إليهم الايمان والايمان يقبله الجميع لأنهم أحبوه وجعله تعالى زينة في قلوبهم وألغى كل الشين عنه. ومن جمال الدين أنه يوضح الهدف أهاداف الحياة وما بعد الموت وأزال القلق وأورث الطمأنينة وأزال الاضطراب وأورث الأمن وأزال الخوف وأزال النجاسة وأحلّ الطهارة وأزال الوساطة وأحلّ الزكاة وأزال القوة وأحلّ الرحمة وأزال الشحناء وأحلّ المحبة وأزال البخل وأحل السخاء وأزال الربا وأحلّ اليقين وأزال البغضاء وأحلّ المحبة. ومِنن الله تعالى على الأمة هي التي أدّت إلى أن نحب الإيمان ونحمد الله تعالى عليه (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ). وقوله تعالى (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) الحجرات) فحدّث ولا حرج فالايمان زين محبب في القلوب ومن جمالياته ذكر الله تعالى (ما من ساعة ألذّ وأبهى من أن تناجي الله تعالى) وقال تعالى في الحديث القدسي: أنا جليس من ذكرني. فإذا ذكرت الله سترى كم هو جميل هذا الإيمان.

السماء زينت بالكواكب وزينة الانسان الثياب وزينة الصلاة الخشوع وزينة النفس الزكاة وزينة الصوم الصمت وزينة الحج التسامح وزينة الحج التسامح وزينة العلم الحِلم (فالعالم حليم لا يغضب) وزينة الحاكم العدل وزينة التاجر الأمانة وزينة المجالس الشعر وزينة المساجد الآذان وزينة الوليمة حسن الترحيب وزينة الضيف غض البصر وزينة الخروج الهيبة والسخاء وزينة الزوجة التذلل (الكلام الطيب والمعاملة الجيدة "كوني له أمَة يكن لك عبدا") وزينة العمل الصالح الدوام وزينة الصداقة التغاضي وزينة الجوار التواصل وزينة الغنى التواضع وزينة التعامل الرفق وزينة الشهوات الحياء والعفّة (زين للناس حب الشهوات) وزينة الحساب يوم القيامة الصلاة قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "تزينوا ليوم العرض" وزينة القبيلة الفروسية وزينة الجاه الشفاعة وزينة الليل البكاء من خشية الله وزينة النعمة الشكر (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) النحل) فكلما أعطاك الله تعال نعمة اشكره عليها وقال تعالى (ولئن شكرتم لأزيدنكم) وزينة المصيبة قول إنا لله وإنا إليه راجعون.

في سؤال من إحدى المشاهدات عن قوله (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) الرحمن) أجاب الدكتور الكبيسي أنها تدخل في منظومة التجمّل.

وأضيف معنى كلمة الزخرف لأنه لم يتم شرحها مع ورودها في المنظومة كما أشار إليها الدكتور الكبيسي في بداية الحلقة:

الزخرف: هي الزينة المزوّقة (وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) الزخرف) ومنه قيل للذهب زخرف (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) الاسراء) (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس) وقال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) الانعام) أي المزوقات من الكلام. (من كتاب المفردات في غريب القرآن للأصفهاني)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالخميس 14 يناير 2010 - 12:59



حرف الحاء

منظومة الحِلم

الحِلم– الكظم – الصبر – الصفح – الصفح الجميل - العفو


هذه الكلمات تتناول منظومة حُسن الخُلُق. قمة ما يتمناه العبد يوم القيامة أن يُبعث في زمرة حسن الخلق. وما من شيء أثقل في ميزان العبد من الخُلُق الحسن وصاحب الخلق الحسن ليبلغ بحسن خُلقه درجة الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر. وفي الحديث الشريف :" الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد والخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل". وما مدح الله تعالى نبيّاً كما مدح المصطفى عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم). والحِلم بكسر الحاء قمة حسن الخلق. إذا بلغ العبد مرحلة أن يكون حليماً فقد جمعت له كل عناصر حسن الخلق وهي عديدة واذا بلغ مرحلة حسن الخلق فقد بلغ مرحلة كمال الخلق الحسن وقد قال الامام علي رضي الله عنه الحِلم سيد الأخلاق. وعلى الانسان أن يتصف بصفات وأوصاف يتدرج فيها صعوداً إلى أن يصير حليماً ولهذا مدح الله تعالى ابراهيم عليه السلام (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) هود) بل إن الله تعالى وصف نفسه بأنه غني حليم، عليم حليم وشكور حليم وكل واحدة من هذه الصفات تعني مفصلاً معيناً.

الصبر: أول مراحل حسن الخلق الصبر (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) البقرة) والصبر هو حبس النفس عن المصيبة من موت أو مرض أو قتل أو مصيبة أو زلازل وطوفان ويتدرج الصبر في كثير من القضايا حينئذ نقول أن الصبر هو أول مراحل الصعود الى حسن الخلق الكامل الذي هو الحِلم. والكلام عن الصبر يطول وبعد أن جعل تعالى الصبر على المصائب عاد وجعله عن المصائب الناتجة من الغير كالصبر على الاعتداء المادي وهناك اعتداء مادي واعتداء معنوي (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) الشورى).

كظم الغيظ: بعد الصبر العام وبعد كون الانسان صابراً يتدرج لأن يكون كاظماً لغيظه. أن تصبر على رجل أساء اليك وتبدي غضبك فهذا أمر والأعلى من مجرد الصبر أن تكظم غيظك (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ (134) آل عمران). اعتدى عليك أحدهم بالشتم أو السب أو الطعن في العرض فغضبت غضباً شديداً حتى صار غيظاً لكنك كظمته كما تكظم فم القِربة حتى لا يسيل الماء منها فهذا أعلى من الصبر لأن الصبر قد يصاحبه ابداء للغضب أو شكوى من الذي أغاظك أما كاظم الغيظ فهو لا يبدي غضبه أبداً.

العفو: الصبر أولاً ثم كظم الغيظ والأعلى منهما العفو وقد تكظم غيظك لكن تشتكي على الذي آذاك (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) واو العطف في الآية تدل على أن المعطوف غير المعطوف عليه. وكل هذه المراحل فيها آيات وأحاديث عديدة عجيبة.

الصفح: الأفضل من العفو هو الصفح . والصفح هو العفو بلا تأنيب (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) المائدة) لمّا تعفو قد تعفو وتؤنّب أما الصفح فهو أن تعفو بلا تأنيب نهائياً الصفح الجميل والأعلى منه الصفح الجميل وهو بالاضافة إلى الصفح فيه عطاء للذي أساء إليك تصبر وتكظم غيظك وتعفو وتصفح ثم تحسن إليه بعطاء (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

والصفح الجميل هو الاحسان وكان الامام جعفر الصادق إذا أخطأ أحد عبيده أعتقه ومن شدة حلمه كان يطمع فيه الخدم.

الحِلم: الحِلم هو أن لا تغضب في نفسك أو في العَلَن .الحليم لا يكون في نفسه أي غضب على من أساء إليه وهذه قمة الانسانية ولا نجد الكثيرين من هؤلاء (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران).
والكل يعلم حِلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ظهر جلياً في فتح مكة حين قال :"اذهبوا فأنتم الطلقاء" وليس في قلبه شيء من الغضب على أهل مكة الذين أخرجوه وعذبوه هو وأصحابه. وممن عُرف بالحِلم علي بن أبي طالب والأحنف بن قيس وعمر بن عبد العزيز. والحليم لا يغضبه شيء إلا الاعتداء على حرمات الله تعالى ولا يكون الحليم حليماً إلا وقد مرّ بعدة صفات ومواصفات من منظومة حسن الخلق فكل حليم صابر كاظم لغيظه عفو يصفح عن الناس لكن قد يكون الانسان صابراً ولا يكون حليماً فالحِلم جماع الخلق الحسن ومن بلغ مرحلة الحِلم فقد فاز ولهذا قال الإمام علي بن أبي طالب: الحِلم سيد الأخلاق. والحِلم لا يكون إلا مع القدرة لأن غير القادر إذا حلم فحلمه يسمى جبناً.
والله تعالى هو الغني الحليم والعليم الحليم. قد يكون الانسان حليماً على غيره لكنه جاهل بوقائع الأمور ومدى تعدي المجرم فيسكت لكن الله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومع هذا فهو حليم على عباده فالرجل الذي قتل مئة نفس الله تعالى وحده يعلم مدى جرم هذا الانسان ومع هذا ومن حلمه سبحانه وتعالى غفر للقاتل بمجرد أن تاب واستغفر ربه فتاب الله تعالى عليه. وملوك الأرض عندما يكونون على حلم تنقاد لهم شعوبهم طواعية عندما سُئل الأحنف بن قيس لم أنت حليم هكذا؟ قال: وجدت الحلم أنصر لي من الرجال. وشدة الحلم أعظم درس في التربية.

حِلم الله تعالى:

رب العالمين القوي الجبار المتكبر يستر ذنوب عباده مهما بلغت ويأخذ عبده المذنب يوم القيامة في كنفه فيسأله ألم تفعل كذا في الدنيا وسترتها عليك؟ فيقول العبد أجل يا رب فيقول سبحانه وأسترها عليك وأغفرها لك اليوم وهو تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فكم يذنب المرء وكم تحدثه نفسه بالمعاصي والشهوات ومع علم الله تعالى بكل هذه الأحاديث لا يحاسب عليها إلا أن يفعلها الانسان وحتى لو فعلها ثم تاب واستغفر ربه يغفر الله تعالى له.

ومن حلم الله تعالى حلمه على فرعون الذي ادعى أنه الإله ومع هذا أرسل الله تعالى له نبيين وأوصاهما بأن يقولا له قولاً ليناً.

ومن حلمه تعالى أنه لو بلغت ذنوب العبد ما بلغت يغفرها الله تعالى له كما جاء في الحديث القدسي " عبدي لو جئتني بقراب الأرض خطايا جئتك بقرابها مغفرة" فبمجرد أن يكون الانسان موحداً يغفر الله تعالى له (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). والمشرك هو الذي يخرج نفسه من دائرة الانسانية فكل المخلوقات التي خلقها الله تعالى تسبح له والانسان الذي أسجد تعالى له ملائكته وأعطاه عقلاً استنباطياً فكفر بالله تعالى يكون من العدل أن لا يغفر الله تعالى له لأنه أخرج نفسه من دائرة الانسانية التي كرّمه تعالى بها ودخل في بهيمية.

ومن حلمه سبحانه وتعالى أنه يبدل السيئات حسنات فإذا تاب المذنب يبدل الله تعالى سيئاته حسنات.

ومن ستر الله تعالى على العباد أنه لو فضح كل ذنب لما سلّم أحدنا على الأخر ولما صلّى أحد على جنازة أحد فالله تعالى يحب الستر ويحب الستارين الذين يسترون على عباده ويكره الذين يتتبعون عورات الناس ويفضحونهم فهؤلاء يتتبع الله تعالى عوراتهم ويفضحهم يوم القيامة.

كل اسم من أسماء الله الحسنى له سرٌ (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) الاعراف) ادعوه بها بمعنى اعبدوه بها وقد ثبت أن كل انسان يفتح الله تعالى عليه باسم من أسمائه الحسنى حسب الحالة وعلينا أن نداوم على ذكر الله تعالى باسم من أسمائه كل حين ونرى أي الأسماء هي التي فتح الله تعالى على كل منا بها. وقال العلماء أنه من اتخذ وِرده الحليم (يا حليم يا حليم) زيّنه الله تعالى بالحلم وإذا اتخذه رئيس القوم اتصف بالحلم. ومن ذكر الله تعالى بهذا الاسم عند جبّار وقت غضبه سكن غضبه وإذا كان يعاني من مرض نفسي أو متاعب يزول ما به من حدة وشدة وهمّ. ويقول العلماء أنه من ذكر الله تعالى بالحليم الرؤوف المنّان ما ذكره خائف إلا أمِن.

الخطوات التي توصل إلى الحِلم:

أن تكون طلق الوجه.

أن تعود نفسك على أن تسلّم على الناس.

أن تكون رفيقاً.

أن تيسّر على الناس كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما بعثتم ميسرين لا معسرين.

أن تكون هيناً ليناً سهلاً (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).

عدم التهاجر فلا يكون حليماً من يهجر أحداً.

أن لا تروّع أحداً في حياتك "من أخاف مسلماً أخافه الله تعالى يوم القيامة".

أن لا تغتاب أحداً في حياتك.

أن تكون سخياً معطاء جواداً.

قالوا في الحِلم:

من حلِم ساد. سئل الأحنف بن قيس بم سدت قومك؟ قال وجدت الحِلم أنصر لي من الرجال.

لا سؤدد مع الانتقام فمن انتقم فقد شفي غيظه فلا يجب حمده.

من حلِم ساد ومن عفا عظم ومن تجاوز استمال القلوب إليه.

شدة الحلم تزيد في العمر استناداً لقوله تعالى (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) فالحليم يطول عمره لأن الغليان والحقد يقصر العمر أما الحليم فيبقى صحيح الجسم ويطول عمره.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 16 فبراير 2010 - 14:24



حرف الحاء

منظومة الحُلُم

الحلم– الرؤيا – المنام

هذه الكلمات تتناول منظومة الحلم وهو من عالم الأمر الذي فيه الالهامات والاشراقات ونحن عبارة عن شاشة في هذا العالم اللامتناهي وفيه من الاعجاز واللامعقول الشيء الكثير.

المنام: هو ما تراه في نومك والنوم وعاء المنام (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) الروم) والنوم هو حالة السبات وهو إبطال حركة الحواس عن العمل وهو الوفاة كما جاء في القرآن الكريم (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) الزمر). والوفاة هي المرحاة الأولى التي تسبق الموت يكون النَّفَس لا يزال في صدرك ولكنك لا تشعر بمن حولك (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) تصبح في عالم خارج الحواس والبث يكون مباشراً إلى الدماغ. وأنت نائم ترى أشياء كثيرة منها مفرح ومنها مخيف حسب ظرف النائم وحسب حالته وثقافته واهتماماته ودينه وما يراه النائم في المنام يتكيّق مع معتقداته الدينية فالعقل الباطن هو الذي يفرز.

الحلم: هو ما لم يكن له قيمة كما جاء في القرآن الكريم (قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)) . ضغث هي مجموعة النبات الطري الذي لا وزن له (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44) ص) فقد ترى في منامك أشياء لا ارتباط لها هذا يسمى حلماً.

الرؤيا: إن كان لما تراه في المنام معنى ومرتّب ويقوم على أسس عالية فهو الرؤيا. والتميّز في الرؤيا يعود إلى ما في النفس من استقامة (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) يونس). وعندما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البشرى في الدنيا قال صلى الله عليه وسلم هي الرؤيا الصالحة. من حيث أن كل انسان أحلامه ورؤاه تتفق مع تربية الشخص وومدى إيمانه ومدى انسجامه مع قوانين الله تعالى. وكما يقال أن العقل السليم في الجسم السليم نقول أن الرؤيا السليمة في العقل السليم المنضبط مع قواعد الكون الموحى بها والمستكشفة من قِبل البشر. والرؤيا شيء مقدّس لهذا حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من شخص يقول رأيت وهو لم ير ومن أوّل رؤيا وهو لا يعلم بها فهذا أمر خطير.

ومن كان صادقاً في حياته كان صادقاً في حلمه فرؤيا يوسف u وهو النبي ابن النبي دليل على هذا (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) يوسف) (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا). حتى الرجل العادل وإن لم يكن مسلما كرؤيا الملك في قصة يوسف عليه السلام (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) يوسف) كان ملكاً صالحاً عادلاً. والمعتقدات الدينية لها تأثير كبير في الرؤيا والذي يعبّر الؤيا يجب أن يفعل ذلك من الكتاب والسنة وتعبير الرؤيا تختلف من شخص إلى آخر بحسب دينه ومعتقداته وحالته.

الرؤيا والأحلام قانون بشري فقط وهذه النعمة دليل عمل وكلنا رأينا في حياتنا رؤى كانت دليلاً على شيء في الحياة والرؤى هي من أعظم أسباب الهداية والدلالة. يقول بن القيّم: من طابت يقظته طاب منامه ومن ساءت يقظته ساء منامه. وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة تخبره أنها رأت في منامها كأن الجنة فُتحت وعددت 12 اسماً من الصحابة فوضعوا في نهر فرجعوا كأنهم أقمار، وفي اليوم الثاني جاءت الأخبار للرسول صلى الله عليه وسلم أنه استشهد 12 رجلاً من المسلمين كانوا في سريّة وأسماؤهم كما ذكرت المرأة في رؤياها.

ومن الأحاديث النبوية الشريفة في الرؤيا: " لا تقوم الساعة حتى لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 16 فبراير 2010 - 14:48



حرف الحاء

منظومة لوازم الوفاء (كلمة حَلِف وأخواتها)

الحلِف– القسم – اليمين – الوعد – العهد – العقد – الميثاق – الإيلاء – النذر

هذه الكلمات تتناول لوازم الوفاء ومستلزماته إلزاماً والتزاماً وما يُلزِم الانسان نفسه به من أجل عهد أو عقد أو وعد أو قسم أو نذر أو حلف بالله تعالى أو بصفة من صفاته أو اسم من أسمائه. وهو فعل أو وعد أو عهد بالماضي أو بالمستقبل يُلزم الانسان نفسه به ويؤكد هذا الالتزام بأن تذكر اسم الله تعالى عليه أو اسم من أسمائه أو صفة من صفاته. ولقد استعمل القرآن الكريم هذه الكلمات على عادته من دقة البلاغة من حيث عدم الترادف قطعاً هناك فرق بين القول أحلق بالله أو أقسم بالله أو يمين الله أو أعاهد الله وكل كلمة ترسم حالة لا تنطبق على الكلمة الأخرى التي ترسم حالة مغايرة.

الحلف: شيء وقع في الماضي تنفيه أو تؤكده باسم من أسماء الله عز وجل (أحلف أني ما ذهبت) أو (والله درست) وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في قوله تعالى (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا) أي كل شيء مضى (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ (62) التوبة) شيء مضى.

القسم: هو عكس الحلف وهو في المستقبل كقوله تعالى (وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) المائدة) وقد وردت كلمة القسم في القرآن للدلالة على القسم على أمر سيحصل في المستقبل إلا في حالة واحدة وهي الاستثناء في قوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) الروم) استخدم كلمة القسم مكان كلمة الحلف في الظاهر ولكن عند التأمل في الآية يظهر غير ذلك ونعلم أن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون إلا من عند الله تعالى. فكيف استعمل كلمة القسم مع الماضي مع أن القرآن عادة يستعمل كلمة الحلف مع الماضي والقسم في الحاضر والمستقبل؟ تفسير ذلك أن الآية تتحدث في البرزخ الذي ليس فيه زمن وقلنا في حلقة سابقة في منظومة الزمن أن الزمن مخلوق في الدنيا (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) وكذلك الوقت وقلنا أن الزمن وعاء الحركة وفي البرزخ ليس هناك زمن وإلا فكيف بقي طعام وشراب العزير بحالة جيدة أما حماره فأصبح عظاماً؟ لا بد أن الطعام والشراب كانا خارج الزمن ودخلا في عالم الأمر وهو الكون الأصلي أما عالم المشاهدة فهو جزء وفرع يسير من العالم الأصلي العظيم ولا يساوي مقارنة به حلقة ملقاة في فلاة. فالآية إذن جاءت تعبيراً عن قسم على عهد ليس فيه زمن مطلقاً فتساوى الحاضر والماضي والمستقبل ونفهم أن الله تعالى لا يحدّه زمن. وكل العالم الآخر لا يحده زمن ولذلك هذا الخلود في المستقبل والسرمدية في الماضي هي خارج الزمن. ولو قال القرآن (ويوم تقوم الساعة يحلف المجرمون) لقلنا من أين يمكن للرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلم أن الزمن يختلف نسبياً وهذا أمر ثبت علمياً (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) الحج) فالآية (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55)) من معجزات القرآن فما إن يموت الانسان ويدخل عالم الأمر لا يوجد زمن وإنما هو زمن مطلق ولذلك فهو خالد إلى ما لا نهاية.

العقد: التزام بين طرفين (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) المائدة).

الوعد: التزام بشيء بدون مقابل من الآخر وبدون شرط كأن أقول أعدك بأن أهبك بيتاً بدون مقابل. قال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) المائدة) (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) النور) بدون مقابل لرب العالمين وهو سبحانه غني عن ذلك.

العهد: التزام بشرط بمعنى اشترط عليك شرطاً لا بد أن تحققه لي حتى أفي بعهدي لك (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه) الله تعالى وعد آدم أنه في الجنة لا يجوع ولا يعرى وهذا وعد بشرط أن لا يقرب آدم وزوجه الشجرة فلما اشترط تعالى هذا الشرط على آدم صار عهداً فقال (ولقد عهدنا إلى آدم) ولم يقل (وعدنا آدم) لأنه لو قال وعدنا ما كان ينبغي لله تعالى سبحانه أن يخرجه من الجنة والعهد يجب الوفاء به (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) البقرة) (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) النحل) أما الوعد فليس فيه وفاء.

الميثاق: عهد أُخِذ عليه التأكيد كتابة أو شهادة . الوعد بلا مقابل والعهد بشرط فإذا أخذ كتاباً أو شهادة صار ميثاقاً. وهو نفس العهد إذا كان مكتوباً وعليه شهود صار ميثاقاً (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) آل عمران) قال تعالى ميثاق ولم يقل عهد بدليل كلمة اشهدوا في الآية زإنما استعمل كلمة ميثاق وهو مكتوب في اللوح المحفوظ مشهود عليه. هذا العهد بين الله تعالى والنبيين كان مشهوداً وموثّقاً من الملأ الأعلى. وكل وعد اقترن بشرط صار عهداً وكل عهد إذا وُثّق كتابة أو شهادة صار ميثاقاً. وكلما وردت كلمة ميثاق في القرآن الكريم تجد عجباً (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) الاحزاب) (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ).

الإيلاء: إلزام النفس بعدم فعل شيء في المستقبل ويكون عقداً بيني وبين نفسي. وكل شيء تلزم نفسك به تحت غطاء اسم من أسماء الله يسمى إيلاء. عندما يقسم الزوج أن لا يقرب زوجه في فراشها ومرت أربعة أشهر ولم يقربها تصبح الزوجة في حِلّ من الزواج بدون أن يطلقها إذا مضى عليها أربعة أشهر ومن الفقهاء من يقول أن لها الحق أن تطلّقه (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) البقرة). (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) النور) في حادثة الافك آل أبو بكر على نفسه ألا يعطي شيئاً في المستقبل لرجل اسمه مسطح (والله لا أعطيه بعد اليوم) كان يعطيه كثيراً ثم بعد أن وقعت حادثة الإفك وطعن مسطح في عرض السيدة عائشة رضي الله عنها فنزلت الآية توجيهاً بالاستمرار في العطاء. فالأيلاء هو أن تلزم نفسك بأن لا تفعل شيئاً في المستقبل أما لو ألزمت نفسك أن تفعل فذلك قسم.

اليمين: هو كل ما ذكرناه سابقاً من الحلف أو القسم أو العقد أو الوعد أو العهد أو الإيلاء أو الميثاق كل هذا يسمى يميناً وأُخذ الاسم من أن الناس كانوا إذا تعاقدوا أو حلفوا يضع أحدهم يمينه بيمين الآخر فصارت هذه اليمين في المعاملات والمبايعات. (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) البقرة) (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) المائدة) (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ (النحل)).

النذر: أن تلزم نفسك بأن تفعل شيئاً كريماً وطاعة وعبادة لله تعالى إذا حقق الله تعالى لك شيئاً معيناً أو أمنية معينة (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) الانسان).

هذه المنظومة منظومة الوفاء هي منظومة انسانية راقية لأن الانسان يلزم نفسه بدون قوة قاهرة تلزمه أو محكمة لأنها أمور يتميز بها المؤمن من حيث شعوره بسطوة اسم الله تعالى عليه.

أصل تسمية الحلف والقسم؟

الحلف مأخوذ من السيف الحليف أي القاطع الصارم وعندما أحلف على شيء مضى يعني أني قطعت الأمر.

أما القسم فهو من قِسمة الشيء (والله سأفعل كذا) فإني ألزمت نفسي بأن أعطيك قسماً من ما أملكه وهكذا مسألة النذر إذا حقق الله تعالى لك شيئاً تربطه بفعل من أفعال العبادة فإذا أعطاني الله تعالى نعمة من نعمه أقوم بعبادة أو طاعة ما. ويجب الوفاء بالنذر لله تعالى إذا حقق لك هذه النعمة.

هذه هي المنظومة وهي عظيمة كريمة تبيّن مدى أخلاقية الانسان وحفظه لعهد الله تعالى (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) لم يقل حلفكم أو وعدكم أو غيرها من كلمات المنظومة وإنما قال أيمانكم لأنها تشمل كل شيء وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى (وأوفوا بعهد الله) و(أوفوا بالعقود).

والحفظ غير الحراسة كما شرحنا سابقاً في منظومة الحفظ وقلنا أن الحراسة تكون من الخارج أما الحفظ فيكون من الداخل بأن تنمّي السيء وترعاه حتى يكبر كما قال تعالى في سورة يوسف (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)) حفيظ تدل على أن يوسف عليه السلام حفظ المال ورعاه ونماه حتى لم يعد في المملكة جائع واحد خلال السنين العجاف الشداد.

وعندما يتحدث تعالى عن هذه المنظومة في القرآن الكريم (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91) النحل) فالكلام في خطورة هذه الأيمان على اختلافها سواء كانت حلفاً أو عهداً أو وعداً أو قسماً أو ميثاقاً أو إيلاءً والكلام فيعا عجيب وأخلاقيات الانسان وسلوكه يوم القيامة يتحدد بهذا (حسن الخلق) وهذه المنظومة هي أول نتاجات حسن الخُلُق من حيث أن تفي بيمينك ووعدك وعهدك وميثاقك. والرسول صلى الله عليه وسلم رأى طفلاً هارب من أمه وهي تناديه تعال أعطك فسألها ماذا كنت ستعطيه فقالت تمراً قال أما لو لم تكوني ستعطيه شيئاً لكتبت عليك في صحيفتك كذبة. ومن الأحاديث أن آية المنافق إنه إذا وعد أخلف وهذه قمة أخلاقيات الناس والشعوب والدول. ومن الأحاديث " لا تقوم الساعة حتى يقال أن في بني فلان أميناً".

كل أنواع الالتزام بالحلف والقسم والوعد والعهد هي أيمان وعلى المسلمين أن يحفظوا أيمانهم سواء كانوا شركات أو دولاً أو أفراد أو في تعاملاتهم. وأعظم ميثاق يُسأل عنه العبد هو الميثاق بين الزوجين (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) النساء) فالزوجة عليها أن تصون زوجها في ماله وعرضها وهذان هما الشيئان اللذان يُطلبان منها فقط أما باقي الأمور من حمل ورضاعة وخدمة فهي متبرعة بها فإذا خانته في ماله وعرضها لا تُعذر يوم القيامة أما حقوق الزوجة على الزوج فهي الانفاق وحسن المعاملة والرعاية وكل شؤون المرأة في رقبة الزوج أما حقوق الزوج على الزوجة فهي أن تحفظه في ماله وعرضها فإذا هي أخلت بأحد هذين الأمرين لم يعد لها حق بأي من حقوقها.

الأيمان:

من الأيمان ما هو خفيف ولا يؤاخذ الانسان عنه كما في قوله تعالى (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) البقرة) (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ (المائدة)) والفقهاء الأوائل قالوا في هذا كلام كثير من باب التيسير على الناس ومن هذا اللغو في الأيمان ذكروا أن يحلف الانسان وهو ناسي أو حلف على معصية أو الحلف بأمور عادية أو في الكلام اليومي.

وهناك أيمان مهلكة وهي أبغض الأيمان وهي اليمين الغموس التي اليمين التي تحلف بها تقتطع مالاً أو أرضاً ليس لها شفاعة يوم القيامة. قال تعالى (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) نوح) فكيف يكذب الانسان بعد أن حلف بالله تعالى والانسان في حياته يحلف بعظيم أو بعزيز أو بابنه مثلاً ثم يخاف أن يحنث حتى لا يصيب هذا العزيز الذي حلف به شيء! فمن أبغض الأيمان من أقسم كاذباً أن أرضاً هي له فهو في النار وإن صلّى وإن صام. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، قتل النفس بغير حق، بهت المؤمن، الفرار يوم الزحف، أو يمين صابرة تقتطع بها مالاً أو أرضاً بغير حق" ومن اغتصب شبر أرض طوّق به يوم القيامة. ومن شدة اليمين الكاذبة وخطورتها ذكرها صلى الله عليه وسلم في الحديث مقرونة بالشرك بالله وقتل النفس بغير حق.

ومن المهلكات أيضاً اليمين التي تنفق فيها السلعة كذباً.

وأن تحلف بغير الله تعالى كأن تقول وحياة أبي أو وشرفي أو نحوه فهذه ماحقة يوم القيامة. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليسكت" وعن عبد الله بن عمر " كل يمين يحلف بها دون الله شِرك" فعلينا أن نعوّد ألسنتنا على الحلف بالله تعالى فقط وعن عبد الله بن مسعود قال: لأن أحلف بالله كاذباً أحبُّ إلي من أن أحلف بغيره صادقاً.

ومن المهلكات من الأيمان الغليظة أن تعمد الكذب على شخص خداعاً له ةفي الحديث : "كفاك إثماً أن تحدّث أخاك وهو لك مصدّق وأنت كاذب".

ومنها الحلف أمام المنبر النبوي كما في الحديث "لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين كاذبة ولو على سواك رطب إلا وجبت له النار"

أن تقول والله إن حصل كذا فأنا بريء من الاسلام " من حلف فهو على ما حلف" كل من يحلف كاذباً على حق من الحقوق فيصبح بها هكذا. فمن حلف أنه بريء من الاسلام فهو كذلك.

كثرة الحلف من الأمور الخطيرة يوم القيامة وقد ذمّ تعالى هذا في قوله (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) القلم) كل حلاّف فهو مهين لأنه لا يحترم الله تعالى بكثرة حلفه والناس في حياتهم اليومية لا يكثرون الحلف بشخص عظيم أو بحاكم احتراماً له وتقديراً! وكثرة الحلف عند الناس تؤدي إلى التهلكة.

أن تحاف بالأمانة

الأيمان التي لا ينبغي أن يفعلها وليس لها كفارة:

من حلف على معصية ليس له كفارة أو حلف بقطيعة رحم يُلغي يمينه بدون كفارة وإن كان هناك أمران جائزان فحلفت على أحدهما ورأيت غيره أفضل منه فكفّر عن الأول وأوفي بالآخر كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم قال والله لا أعطيكم ثم كفّر عن يمينه وأعطاهم. كأن تقول بلى والله ، نعم والله وغيره، أو الحلف وهو غضبان كما قال ابن عباس : لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان. أو أن تحرّم ما أحل الله تعالى لك كقولك مثلاً والله لن آكل الفاكهة بعد اليوم فلا شيء عليك في ذلك كما في قوله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) التحريم). ومن لغو اليمين أن الرجل يحلف على شيء ثم ينساه.

الحلف بغير يمين:

من جمال اللغة العربية وبهائها أن فيها أيمان عظيمة بدون يمين وهي الصيغ كما في قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم) يمكن أن أقول إنك لصادق كأني أقسمت على صدقك لكن بدون يمين.

أنت ناجح (خبر)، إنك ناجح (سؤال مستفهم) ، إنك لناجح (جواب تأكيد وإلغاء الانكار) ، وإنك لناجح (واو القسم) هذه الواو مع اللام وإن صيغة كاملة بلاغية للقسم وهي من أعظم الصيغ البلاغية وهي تغني عن القسم حتى لا يقع الانسان في حرج أن يُقسم بشيء وهو آثم أو حانث. وهذه اللغة لغة مباركة شرّفها الله تعالى بالقرآن وما من لغة أخرى تضاهيها في البلاغة والبراعة.

الله تعالى يوفي بوعده ولا يوفي بإيعاده فإذا قال سأعطيك الجنة سيعطيك إياها أما إذا أوعد بالنار فهو سبحانه قد يغفر من كرمه ورحمته ولا يفي يإيعاده. ومن لم يعص الله تعالى وقاراً له فهو في الجنة.

زإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلِف ميعادي ومنجز موعدي

ومن أجمل الدعاء : اللهم اغفر لي ذنوباً جرّأني عليها طمعي في رحمتك ومغفرتك. وقال تعالى في الحديث القدسي لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 9 مارس 2010 - 14:11



حرف الحاء - منظومة حَكَم (القضاء)

منظومة القضاء (كلمة حَكَم وأخواتها)

قضى– حَكَم – فصَلَ – أفتى

هذه الكلمات تتناول المسألة القضائية في المحاكم والتسلسل المنطقي يفرض علينا أن نبدأ بكلمة قضى ولو كانت كلمة حَكَم هي كلمة الحلقة حيث ما زلنا في حرف الحاء والكاف. وهذه الكلمات ليست بمعنى واحد كما يقول بعض المفسرين وإنما كل كلمة منها تعني مرحلة من مراحل الانسان الذي يقوم بعملية القضاء.

قضى: القضاء قضية هي فصل خصومة بين متخاصمين والقاضي هو الذي يُنجز عمله على أتمّ وجه وأكمله بحيث يقطع النزاع واللجاجة فيه. اثنان اختصما على أمر ما مال أو بيت أو غيره وحكم القاضي بينهما حكماً شاملاً تاماً أفرغ فيه وسعه من حيث الدليل والحيثيات والاقناع بحيث اقتنع الطرفان ولم يعد بينهما لجاجة ولا اختلاف على الموضوع وكل منهما رضي بالحكم فهذا هو القاضي. وبهذه الكلمة (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) يونس) كلمة يقضي تدل على أن القاضي هذا وصل الغاية في الاتقان والابداع في إقناع الطرفين بصحة هذا الحكم لشدة ما عند القاضي من حكمة ودراية وقام بكل ما ينبغي للقاضي من جهد أمام الخصوم وسمع من الخصمان استماعاً متساوياً. وتذخر المكتبات بالكتب في أدب القاضي وأدب القضاة وأدب القضاء.

حَكَم: كلمة القاضي لا تعمي أن له سلطة ملزِمة فإذا كان للقاضي سلطة مُلزِمة صار حاكماً فالحاكم إذن هو القاضي الذي له سلطة ونفزذ بحيث يُلزِم الطرفين المتخاصمين بالحكم إلزاماً وكل حاكم قاض لكن ليس كل قاض حاكماً. والقاضي هو الذي لا يُنقض حكمه من نقص فإذا كان القاضي بالابداع الذي ذكرناه سُمي قاضياً فإن كان له سلطة ونفوذ سمي حاكماً كما في هذا العصر فالقاضي الآن على بابه شرطة وله نفوذ ولهذا سُمي الحاكم السياسي حاكماً لأن له سلطة في تنفيذ أوامره. ونلاحظ في القرآن الكريم قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) يونس) وقوله (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56) (اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)) الحج) وقوله (إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) الحج) وقوله (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ)

القاضي من كان مبدعاً في قضائه (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصلت) وصل النهاية في الاتقان والابداع فإذا استطاع أن ينفذ حكمه فهو حاكم ويفرض حكمه على المتخاصمين. والقاضي والحاكم يفصل بين المتخاصمين بالتنازع على شيء يحقق به العدل (يحقق العدل) والذي يحكم بين اثنين في فكر أو عقيدة ليعيّن لهم بالحق (يحقق الحق)

فصل: ورب العالمين سبحانه عندما يجلس بين المؤمنين والكافرين وبين المتخاصمين من مذاهب مختلفة يفصل تعالى بينهم في العقائد والافكار فالقضاء والحكم لتحقيق العدل والفصل لتحقيق الحق من الباطل. إذن القضاء يكيّز العدل من الظلم والفصل يميّز الحق من الباطل (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) الدخان (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) النبأ)) (هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) الصافات) لأن الجدل يقوم حول أفكار وفلسفات.

أفتى: الافتاء هو حكمٌ لسائل يسأل عن قضية تحتمل أكثر من رأي أو حكم ويستفتيك صاحبها فتفتيه بالوجه الصحيح وتعطيه الحكم الصحيح لهذه المسألة (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ) (أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) يوسف) رأى رؤيا تحتمل عدة أوجه (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (11) (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149)) الصافات)

وضح الفرق بين (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) يونس) أي ينجز الأمر على أتم ما يكون و (فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) النساء) بالتنفيذ و (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) الحج) بالعقائد والأفكار وهذه هي منظومة القضاء في كتاب الله عز وجلّ.

حكم: مأخوذة من حُكَمة وهي حديدة توضع في فم الدابة كالحصان والبعير والبغل والحمار تمنعه من الجماح يلجمها الراكب فينتظم سير الدابة. والحاكم يمنع جماح المجرمين والظالمين والأشرار والمعتدين واللصوص بالحكم الذي يصدره (ولكم في القصاص حياة) لو لم يكن هناك حاكم لفسدت الأرض فكأن قرقرات الحاكم هي التي تمنع الناس وتجعلهم منضبطين ولذلك سمي حاكماً.

والحاكم مهنة (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) ص) داوود عليه السلام عُيّن حاكماً وقاضياً وهو ملك يمكن أن يفرض أحكامه لأن له سلطة. ومنه الحَكَم (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35) النساء) والحَكَم صفة محمودة بالرجل يُعرف بها عند الناس فأهل الزراعة مثلاً يعرفون أن فلاناً خبير بأمور الزراعة فيحتكمون إليه في أمور الزراعة وهكذا في غير الزراعة أيضاً. ففي كل أسرة يوجد رجل حكيم عادل منصف فيكون حَكَماً وهي صفة في الانسان من خبرة ودراية وكفاءة وهي ليست وظيفته أما الحاكم فوظيفة يليها الانسان بتعيين من الدولة.

في الحديث الشريف "ما من مسلم (وفي رواية ما من آدمي وفي أخرى ما من عبد) إلا وفي رأسه حُكَمة إذا همّ بسيئة فإن شاء الله أن يقدعه بها قدعه" ففي كل قضية صراع والانسان يتصارع بينه وبين نفسه فالحُكَمة تمنعه من الضلالة وتمنعه من الجماح للشرّ أو همّ بسيئة وهذا يسمى الخاطر أو منازعة الملك وعندنا ملك مُلهِم أو شيطان موسوس (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الانبياء) والشر والخير يترجمان إلى عدة حالات منها ملك ملهم أو شيطان موسوس. قال تعالى (يا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) حتى يمتنع الظالم عن ظلمه.

والتحكيم غير الحُكم فالحاكم أمره مُلزِم أما الحَكَم فليس ملزِماً.

آيات محكمات: عندنا آيات متشابهات وهي التي فيها أراء مختلفة ويحصل فيها التأويل أما المحكمات فهي التي ليس لها إلا معنى واحداً كقوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) وقوله تعالى(حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) لم يقل أحد أن الميتة حلال وقوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم) وهي آيات مُلزِمة لا تحتمل التأويل أو الانحراف وإنما لها معنى واحد.

والحِكمة هي إصابة العقل بالحق والعلم.

والحاكم هو القاضي الذس بعد أن أبدع في الحكم وأتمه على أحسن وجه يستطيع أن يفرضه على الخصوم بالنفوذ أو بقوة الشرطة.

قضى: إكمال الأمر على أحسن وجه وعندنا ما يسمى بأدب القاضي واختيار القاضي أعظم وأدق وأصعب بكثير من أن تختار رئيس دولة فيكفي أن يكون رئيس الدولة عادلاً معروفاً وهذه صفات قد يتحلى بها الكثيرون أما القاضي فمن بين كل ألف شخص قد تجد قاضياً صالحاً بالمواضفات التي أرادها الاسلام للقاضي.

القضاء وحده ليس قاهراً وإنما الحاكم هو الذي يقهر (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) يونس) وقد أوجد عمر بن عبد العزيز ديوان المظالم ففي بعض الأحيان لا يمكن أن تُكسب الدعوى بالقضاء لعدم وجود الدليل فينظر ديوان المظالم في الدعوى ويعيد الحقوق لأهلها فديوان المظالم إذن ينظر في القضايا التي ليس لها أدلة ويعجز القضاء عنها لعدم وجود الأدلة مع تأكد القاضي من القضية فهو إذن أي ديوان المظالم رديف للقضاء وكثير من الناس أخذت حقوقها عن طريق ديوان المظالم. وقد أخذت فرنسا بديزان المظالم.

القضاء ينفذك تعبّداً ولكن الحكم هو الذي يلزمك تنفيذاً. في قصة داوود عليه السلام في سورة ص (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ {س}(24) ) والقصة أن داوود عليه السلام لما صار ملكاً خطب في قومه خطاب العرض فأقسم أن يعدل بين الرعية وقال (والله أعدلنّ بينكم) ولم يقل إن شاء الله أو بإذن الله فبعث الله تعالى له ملكين في اليوم الذي كان يتعبد فيه لأنه عليه السلام كان يقضي يوماً ويتعبد يوماً فدخل الملكان عليه على هيئة بشر وهو في صومعته ففزع منهما كيف دخلا وكان أحدهما على هيئة رجل ضخم متكبر والآخر ضعيف مسكين فقال اللمسكين إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب فلم يسأل داوود الطرف الآخر عن قوله فيما يدّعيه أخوه وتعاطف مع الضعيف المسكين فقال له لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ثم غادر الملكين فعرف داوود عليه السلام أنهما ملكان وإن هذا اختبار من الله تعالى فخرّ راكعاً وأناب. فحكمه كان خطأ لأنه قضى وهو في حالة خوف أولاً ثم لم يسمع الخصم الآخر وإنما اكتفى بسماع أحدهما.

والله تعالى جعل الميزان شعار القضاء لا يدخل فيه العواطف وإنما يجب أن تكون الكفتان متساويتان (كيلو مقابل كيلو) ولشدة القضاء ولشدة خطورته يوم القيامة فقد أهاب الرسول عليه الصلاة والسلام بنا أن نُحسن اختيار القاضي بعد الكثير من التحذير من القضاء "من كان قاضياً فقضى بالجهل كان في النار وقاض قضى بالجور في النار والقاضي العادل يسأل الله الكفاف" "من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وُكِّل إلى نفسه" أي قاضي يتوسط ليعيّنوه قاضياً فالله تعالى يكله إلى نفسه ولا يعينه. ولا يجب أن يتقدم إلى القضاء إلا من هو قادر عليه إذا لم يكن هناك غيره قادر على القضاء. أما يوسف عليه السلام مثلاً فكان واثقاً من نفسه لما طلب من الملك أن يجعله على خزائن الأرض ونجح في مهمته أيّما نجاح في أي يعبر المصريون في حينها تلك المحنة الهائلة. فإذا كنت عالماً ورأيت القضاة ظالمين وأن وزير العدل أو الدولة لم يحسنوا اختيار القضاة ولا تجد غيرك في المجال فعليك أن تتقدم للقضاء. والقضاء يشكل وجاهة عظيمة والله تعالى حذّر أن القضاء أخطر ما يجعله ظالماً هو:

1. السلطة السياسية: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) الأحزاب) السلطة السياسية تجعل القضاء ظالماً بتدخّلها فيه والكثير من الدول تجعل الحق باطلاً والباطل حقاً.

2. سلطة الأقارب: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان) وفي الحديث:" إلا من عدل وكيف بعدل مع أقربائه"

3. السلطة الدينية: قد تكون منحرفة أو حزبية أو مذهبية أو طائفية وهذا قد يؤثر على قضاء القاضي إن كان المتهم من طائفة أخرى.

ينبغي على أولي لأمر أن يحسنوا اختيار القاضي وعلى الذي يختار أن يتحمل النتائج سلباً إن كان ظالماً فيكون له نصيب من الأجر وإن كان ظالماً كان له نصيب من الإثم. "ليأتينّ على القاضي العدل ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمر". فالقضاء مصيبة والقاضي يجب أن لا يهمه حاكم ولا مال ولا سلطة وكل ساعة من عمله تساوي عبادة ستين عاماً قيام ليلها وصيام نهارها.

وقانون المحاماة أر مستحدث ولا يمنعه الاسلام ولا يعارضه لأنه يطالب بحق المظلوم ويحقق العدل للمظلومين ويدافعون عنهم والانسان المظلوم عليه أن يرفع صوته لأن رفع الصوت له تساهم في تحقيق العدل (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) النساء). والظلم ظلم القاضي والجور يكون من الدولة التي قد تأخذ ما لدى الناس بالقوة وتستولي على البيوت مثلاً والظلم والجور لا يزولا إلا إذا رفع المظلومون أصواتهم.

ولاية القضاء على نحو من الخطورة وفي الحديث : "ما من حاكم يحكم بين الناس إلا جاءه ملك آخذ بقفاه يرفع رأسه إلى السماء فإن قال ألقه ألقاه فهو في مهواه أربعين خريفاً" وفي رواية فكّه العدل وأسلمه الجور. وبقدر ما للقاضي العادل من مغانم فإن القاضي الجائر يحاسب حساباً دقيقاً "أول من يكرّم يوم القيامة إمام عادل " و"ساعة من ساعات إمام عادل تساوي صلاة وصيام أربعين عاماً" والعكس صحيح. فالقاضي بين شقيّ الرحى.

وإذا تكلمنا عن وقائع المسلمين في دقة القضاء وجدنا عجباً : دخل عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق فسلّم عليه فلم يرد فخرج عمر وفي طريقه التقى بعبد الرحمن بن عوف فأخبره ما حصل ثم بعد فترة لقي عبد الرحمن بن عوف أبو بكر الصديق فسأله لماذا لم يرد على عمر فقال أبو بكر أتاني وبين يدي خصمان قد فرّغت لهما قلبي وسمعي وبصري وعلمت أن الله سائلي عنهما وعمّا قالا وعمّا قلت. فعلى القاضي إذن أن يسخّر كل سمعه وعقله وبصره للقضاء ولو قرأنا شروط القاضي في كتب القضاء لرأينا عجباً والقاضي العادل والحاكم العادل والفاصل العادل يكون له بعض الأعداء فعليه أن يكون قوياً وكان عمر بن الخطاب يقول ما ترك الحق صديقاً لعمر. فالقاضي عليه أن لا يقبل هدية أو هبة أو عطية من أحد وله هيبة وحرس ويكون من الأنفة والعظمة وحسن الشخصية بحيث لا يجرؤ أحد على أن يعطيه هدية هذا هو القاضي المسلم العادل وإذا كان القاضي صالحاً فالأمة صالحة والله تعالى من أسمائه العدل وبدون عدل لا تنفع أي عبادة والأمة العادلة ينصرها الله تعالى ولو كانت كافرة والأمة غير العادلة يهلكها الله تعالى وإن كانت مسلمة (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود ). وعلى الرغم من تدخل السياسة بالقضاء في بعض البلاد إلا أنه في معظم الدول الاسلامية القاضي مستقل عن الدولة. اشتكى أحدهم سيدنا علي بن أبي طالب إلى أمير المؤمنين فاحتكما لديه فقال عمر لعلي قم يا أبا الحسن فاجلس أمام خصمك ثم قضى بينهما فرأى عمر أن وجع علي تغيّر فلما سأله قلت لي قم يا أبا الحسن فكنيّتني وناديته باسمه فلولا ناديتني قم يا علي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 9 مارس 2010 - 14:24



حرف الحاء - منظومة حقبة (الزمن) 1

منظومة الزمن (كلمة حقبة وأخواتها)

الحقبة– الأبد –الأمد – السرمد – الدهر – الزمن – الوقت- القرن- الأمّة- العمر- الحين

منظومة الزمن هى منظومة مكونة من أحد عشر كلمة فى كتاب الله عز وجل وهى : الأبد والأمد والسرمد والدهر والزمن والوقت والحقبة والقرن والأمّة والعمر والحين.

الزمن هو أعظم واكرم واشرف ما يملكه الانسان على هذه الأرض ولذلك فان نصف ساعة قد تساوى عمر الكرة الأرضية كلها،تأمل لو ان رجلا كان مشركا أوعصى الله مائة عام ثم تاب الى الله تعالى نصف يوم أو نصف ساعة ثم مات بعد ذلك فان هذه النصف ساعة ستسبب له الخلود فى الجنة ذلك الخلود اللانهائى وحينئذ ما هى قيمة تلك الساعة، كذلك لو كان هناك رجلٌ من الناس يملك الكرة الأرضية كلها ومن الملوك من حكم الكرة الأرضية كلها ثم احتُضر قبل الموت ونحن نعلم ان الأحتضار عالم آخر تلك الدقائق التىيُنتزع فيها الغطاء عن الانسان فيرى كل شئ فى تلك الدقائق (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ {99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {100} المؤمنون) ، حينئذ يتذكر هذا المحتضرأن دقيقة من عمره تساوى كل ما كان يملكه من الدهر حتى لو ملك الأرض كلها ألف عام هكذا هو الزمن ولذلك فان أعظم ما فى هذا الانسان عندما استخلفه الله لعمارة هذه الأرض (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) هى العقل والزمن والهدف ، هذا الزمن ما نتحدث عنه الآن من حيث كلمة أحقاب فنحن لا نزال فى حرف الحاء والقاف والباء وكلمة أحقاب (لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً {23} النبأ) والحُقبة والحِقبة جزء من أجزاء أو نوع من أنواع هذا الزمن العظيم الذى سينقسم فى الحلقات القادمة الى أوقات الى الضحى والليل والفجر وهكذا الساعة والدقيقة والعشاء والعتمة والمغرب والصباح والمساء فالآن سوف نتحدث عن الزمن حيث نتحدث فى حلقة قادمة فى وقتها عن الوقت.

نبدأ الآن بالمنظومة وكل كلمة من هذه الكلمات تبين جزءا معينا محدودا من هذا الزمن العظيم.

الأبد: (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) زمن ممتد بدون فترة استراحة ، قد يحكم على الانسان بخمسين عام او عشرين عام سجن ولكن هناك نظام اسمه الافراج الشرطى يعنى كل عشر سنوات يفرج عنه سنة ثم يعيدوه هذا ما يسمى مؤبد أما اذا كان متواصل بدون انقطاع فيقال حكم مؤبد فالمحكوم عليه خمسة وعشرين سنة مؤبد لا يخرج ولا يوم واحد من السجن ، هذا هو الفرق بين خالدين فيها وخالدين فيها أبدا فلابد اذن من زمن ممتد طويل هذا الذى ليس فيه أى فرجة أو فرصة لاستراحة أو فترة هذا الأبد

الأمد: هناك فرق بين الأبد والأمد ونحن نعلم ان اللغة العربية أسر أسر وعوائل عوائل اذا اختلفت فى حرف أو حرفين يكون المعنى متقارب فاذا كان الأبد الممتد الطويل فان الأمد بداية النهاية فاذا وصلنا الى قرب نهايته يسمى أمد (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ {30} آل عمران) فالأمد اذن بداية النهاية ونضرب مثلا لذلك طالب فى كلية ولتكن الطب مثلا زمنها ستة سنوات السنة السادسة تسمى الأمد يعنى بداية السنة انت الآن فى مرحلة الأمد من زمن الكلية لأنها بداية النهاية ونهايتها آخر شهر فى السنة السادسة تسمى المدى وان كانت المدى لم تأتى فى القرآن فالفرق بين الأمد والمدى أن الأمد بداية النهاية والمدى آخر المطاف.

وكذلك لو دخل واحد سباق ألف متر عندما يصل قبل مترين أو ثلاثة من هذا الشوط يقال بلغ الأمد وعندما يصل لآخر نقطة نقول بلغ المدى .

السرمد :الزمن الذى يختص بنوع واحد يعنى لو عشت ألف سنة ملك أوألف سنة سجين أو ألف سنة فى ليل دائم (قلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ {71}القصص)

واحد مثلا مسجون خمسة وعشرون سنة يعنى لاتعين مدير ولا حدث له شئ باقى فى السجن لا يتغير عندما يصبح الزمن موحدا على نسق واحد يسمى هذا السرمد الذى لا نهاية له وعكسه الأزل فالسرمد هو المستقبل المطلق والأزل هو الماضى المطلق الذى لا بداية له فالله سرمدى أزلى ، أزلى فى الماضى وسرمدى فى المستقبل.

الدهر: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ {24} الجاثية)

الدهر هوزمن الدنيا منذ أن خلقها الله عز وجل الى أن تقوم الساعة من حيث أن الآخرة ليس فيها زمن مطلقا وانما الزمن من قوانين هذه الدنيا حتى البرزخ ليس فيه زمن ولذلك الذى مات قبل مليون سنة والذى سيموت قبل القيامة بدقيقتين شعور واحد (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ {112} قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ {113}المؤمنون)

فالدهر اذن زمن الدنيا وفى بعض استعمالات اللغة يقال أن كل انسان له دهره وأنت لك عمرك ودهرك وكان من العرب من يقول أنا الدهر(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً {1}الانسان)

نحن قلنا: الأبد الأستمرار المتصل والأمد بداية النهاية والمدى نهاية النهاية

الزمن: كلمة الزمن تعنى البداية والنهاية وكل الوقت الذى يمر عليك من بدايته الى نهايته فهو زمن.

الوقت: (قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ {37} إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ {38} الحجر) ، (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً {103} النساء)

فالوقت هو الزمن المخصص لفعل معين مثلا وقت الأكل وقت الصلاة وقت الاذان وقت الدرس كل عمل أو حدث يخصص له زمن محدد يسمى ذلك الزمن وقتا.

الحقبة: (لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً {23} النبأ)

وسواء كانت حٌقبة أو حِقبة كلاهما تجمع على أحقاب عند بعض الروايات وفى بعضها اذا كانت حٌقبة تجمع أحقاب وحِقبة تجمع أحقب لكن الصحيح أنها فى الحالتين سواء، الحقبة بالكسر سنة واحدة يقول عشت حِقبة يعنى سنة واحدة أما الحٌقبة فهى ثمانون سنة فهى عمر متكامل لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً والمفسرون كما قال الرازى وغيره يقول ثمانون سنة كل سنة 365 يوم وكل شهر 30يوم وكل جمعة 7 ايام وكل يوم 24ساعة وكل ساعة 60دقيقة (وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ {47} الحج .)

القرن: كما نعلم فان القرن مائة عام وفى اللغة العربية تطلق القرون على الجيل يعنى الجيل ينتهى تماما بالقرن وقد يعيش واحد ثمانين أو ستين سنة لكن لما يمر القرن كامل مائة سنة نادر يبقى واحد او اثنان يعيش بعد المائة فالقرن والقرون الأولى يعنى الأجيال الكاملة ، ونحن نقول السنة اثنا عشر شهرا والعقد عشر سنوات فكل عشرعقود تصير قرنا وكل عشر قرون تصير دهرا وهذا أحد التفاسير كما رواها صاحب كتاب تاج العروس يقول أن العرب يسمون الدهر يعنى ألف سنة ولكن فى الحقيقة أن الرأى الأصح من هذا عند بقية اللغويين أن الدهر هو الدهر الكامل الذى يبدأ ببداية هذا الكون.

الأّمة: (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ {8} هود) فالأمة هى مجموعة السنين التى يكون فيها حدث معين يدل عليها كعام الفيل وعام الرمادة وسنة الحرب العالمية وسنة القحط الفلانى .

العمر: (قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {16}يونس ، وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ {45}القصص.)

العمر يطلق على مرحلة الشباب فالأربعين شباب ومن بلغ الأربعين ولم يغلب خيره على شره فليتجهز الى النار من حيث انه بداية النصف الثانى من العمرومن الشيخوخة وان الشباب هو الذى من خمسة عشر حتى الأربعين فالعمر اذا ذكرأو أطلقت مرحلة الشباب من جيث ان الله عز وجل والناس والتاريخ والواقع يسندون الى الشباب من الفضل والانتاج ما لا يسندونه الى غيرهم كقول النبى صلى الله عليه وسلم الخير كله فى الشباب وكما فى القرآن الكريم (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً {12}مريم)

وكثير من التاريخ الذى قام به شباب عظام الذى فتح الهند والصين محمد بن القاسم كان عمره ثمانية عشر سنة،أسامة بن زيد قاد الجيوش وذهب الى مقارعة هرقل وعمره واحد وعشرون عاما وهكذا معظم الصحابة ولهذا جاء فى الحديث لا تزول قدم عبد حتى يسأل عن شبابه ماذا عمل به أو شبابه فيما أفناه وعن علمه ماذا فعل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وهكذا فالعمر اذا اطلق (لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً) يعن أيام شبابى وفعلا الأنبياء ينبئون بالأربعين اذا ما عاشوا شبابهم بين قومهم (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ) فكيف تعرفون بأنى لا أكذب.

الحين: هو وقت حصول الشئ فحين وحدها لامعنى لها الا أن تضاف الى دقة الفعل الذى تجرى فيه ، أقول حين أضع قلمى،حين أصوم،حين آكل،حين تمسون وحين تصبحون واذا اطلقت كلمة الحين فهو مطلق (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ {88}‏ ص) أى لابد أن يحدث حدث عظيم حيث يضاف ذلك الحين اليه،كلما اطلقت كلمة الحين فى القرآن يعنى معرفتكم بهذا الشئ الذى تريدون معرفته سوف يتم عندما يحدث حدث عظيم يقال حين حدث كذا وهكذا.

الزمن مخلوق والأصل فى الكون عدم الزمن وهو الأزل ورب العالمين هو الوجود المطلق لا يمر عليه الزمن ، من أجل هذا لا يمكن للعقل البشرى ان يدركه لأن العقل البشرى خٌلق على هذه الأرض واستخلفه الله عز وجل من حيث قال (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا{61}هود) هذا هو الهدف والكون لكى يعمريجب ان يكون فيه عقل وفيه علم وفيه هدف العقل عقل آدم (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ {33} البقرة) فالله خلق للانسان عقلا استنباطيا وهذا عقل لا يملكه الا الانسان ولهذا الانسان بهذا العقل استحق خلافة الأرض والهدف قال وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فعلينا أن نعمرها اعمار هذه الأرض حضارة ومدنية هو الهدف من خلق هذا الانسان وهذا لا يكون الا بالزمن (لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ{5}يونس) وكلنا نعرف اليوم ان السنين والحساب وهى علم الرياضيات هو أساس كل هذه الحضارة والمدنية التى وجدت وسوف توجد أكثر على وجه الأرض ،كل ما فى الكون الان من هذا الابداع وهذه الاختراعات التى تمرعلى مدار الساعة أساسها الرياضيات .

نأتى للفرق فى استعمال القرآن لهذه الكلمات بهذه الدقة المعجزة وما استعمل الكلمة الا بشكل لا تغنى عنه الكلمة الأخرى فلا تغنى كلمة الدهر عن الأبد أو الوقت أوما شاكل ذلك وأن كل كلمة فى مكانها ترسم زاوية فى الصورة لا ترسمها أى كلمة أخرى غيرها اذن هذا هو الزمن وهذه هى قيمة أن دقيقة واحدة فى آخر أيامك تساوى ألف عام بل ملايين الأعوام لأن عليها يتوقف (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ {10} وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {11}‏ المنافقون) وهكذا اذن دقائق تساوىكل ما فى الأرض من ملك وثروة وكل شئ هذا هو الزمن،اذن رب العالمين جعل لكل جزء من هذا الزمن وظيفة معينة كما فى (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى {1} وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى {2} وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {3} إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى {4}الليل) كما أن للذكورة وظيفة وللانوثة وظيفة فان للنهار حركة ووظيفة ولليل سكون ووظيفة وأن الله تعالى أطلق فى القرآن على كل جزء من هذا الزمن صباح مساء ضحى عشية عتمة فجر سحر غسق اذن كل ذلك يدل على أن هذا الزمن تبذيره أشد حرمة من تبذير المال ففى الحديث من تساوى يوماه فهو مغبون وحديث آخرنعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ والكلام فى شرف الوقت عظيم كما فى الحديث الليل والنهار مطيتان فأحسنوا السير عليهما الى الآخرة ولا يغترن أحد بحلم الله فان الموت يأتى بغتة واياكم والتسويف فالتسويف سوف أفعل و سوف أفعل وكلنا للأسف الشديد مبتلون بهذا التسويف من حيث أننا بطيئون التصور والانتظار فى الغفلة (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ {1}الأنبياء) والغفلة هى الوعاء الذى يبذر فيه الزمن كما تبذر الأموال على مائدة القمار فموائد القمار هى الظرف أو المكان الذى تبذر فيه أعظم نعمة وأعظم كنز وهو الزمن وكذلك فان سرقة أزمنة الناس من أعظم الجرائم يوم القيامة ، تصور أن تحكم على عبد بالسجن عشرين عاما ظلما فى السجن فأنت سرقت من عمره ومن زمانه ومن أزمنته عشرين عاما أو عشرة أو عام أو أسبوع أو ساعة بدون حق.

واذا عرفت أن امرأة صالحة تقية دخلت النار فى هرة حبستها فى بيتها فما تقول فى انسان يحبس انسانا له أهدافه وغاياته ووظائفه ومن حيث أن الله جعل له هدفا (لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) فأنت حينئذ عطلت هذا الجهد الذى خلقه الله وذلك من أعظم الجرائم يوم القيامة فما بالك بمن يسرق أزمنة أمة،ان عملية الاستيلاء والاستحواذ والاستعمار والاحتلال لأمم العالم وشعوبهم وثرواتهم وأزمنتهم وتعويقهم عن الحضارة واشغالهم بالفتن والقتال والانقسامات وتضييع الفرص على أزمنتهم للتقدم هذا هو الجرم الذىيعرف الناس السارقون أجره وجزاؤه البشع فى الدنيا قبل الآخرة ن وما من أمة أضاعت على أمة أخرى أزمنتها الا انمحقت هذه الأمة السارقة واقرأ التاريخ كله ولكن لو حدث أن بعض الأمم استولت على أزمنة الآخرين ولكنها ملأت هذه الأزمنة المستولى عليها حضارة وعدلا حتى قدمتها تقدما عظيما حينئذ هذا شئ آخر (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ {117}‏هود) لقد أصلحوا فعلا حتى قدمواالأمة التى استصلحوها كما يستولى الناس على الأرض البور السبخة الموات لاصلاحها هذا ليس سرقة فى الاسلام فكل من استولى على أرض فأصلحها فهى له وهكذا لو استولى على أمة فأصلحها علما وحضارة واعتقادا وما الى ذلك فهى له اذن الكلام عن الأمم التى استولت على أمم أخرى فسرقت أموالها وثرواتها وأزمنتها وأخرتها وقتلت شعبها وفتنتها وهكذا هذه الأمة لابد أن تهلك وأن تعانى وأن تشرب من نفس الكأس يوما والتاريخ على ذلك شاهد والحسن البصرى يقول يابن آدم انما أنت أيام كلما ذهب يوم ذهب بعضك، فاذا كان مجموعك خمسة آلاف يوم كلما ذهب يوم ذهب بعضك.

وان رجلا ليس بينه وبين آدم رجل حى لمعرق فى الموت اذن الأيام تمر مر السحاب وكل من بلغ السبعين من أمثالى يظنها سبعون يوما وأنا والله لا أدرى كيف ذهبت ولا أصدق أنها سبعون عاما قل سبعون شهرا قل يوما أوبعض يوم وقيل لنوح أطول الأنبياء عمرا يا نوح كيف رأيت الدنيا قال بيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر ونوح فى غاية الصدق فى هذا وهذا هو الواقع ولذلك العمر الافتراضى ستون عاما وفى الحديث من بلّغه الله الستين فقد أعذر اليه ،.ويكون الموت حينها أقرب اليه من شراك نعله.

اذن كيف نستطيع أن نطمأن الى أننا استعملنا هذا الزمن الذى هو دهرنا ودهرنا هو عمرى أنا وعمرك أنت استعمالا ترضى عنه ويرضى عنه الله ورسوله وحينئذ أنت مع الذين أمضوا أزمنتهم كما أراد الله لهم فأنت اذن ذو قيمة وذو بناء وان تركت أثر تركت خيرا وان ممايلحق العبد بعد موته علما ورثه ونشره وخيرا فعله وما دمت توحد الله فهو محسوب لك ويحسب لك الى يوم القيامة (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ آل عمران7)

وكذلك الاختراعات وهذا الكون العامر وكل من ساهم فيه بهذا الجمال اذا كان يوحد الله فان عمله هذا ينفعه الى يوم القيامة.

ولوأجرينا مسحا لرأينا أن عدد الغافلين لا حصر له فالأوقات تبذر والزمن يبذر بكثرة فالسنين تضيع وساعات اليوم والليل فى مشاهدة الأشياء الغير نافعة فى التلفازكمشاهدة المسلسلات والمسرحيات الهابطة مثلا ولا استفادة أما بيت واحد من الشعرتخرج منه بنتيجة وذوق وثقافة وبلاغة يساوى ألف مسلسل عربى، وكذلك الانترنت كما يقال فيه خير كثير وشر كثير فعلينا ان نأخذ الخير ونترك الشر.

اذن احسم واحزم أمركمن الآن لأن الموت يأتى بغتة واياك والتسويف ولا يغترن احدكم بحلم الله.

وعلينا الآن أن نرسم منهج بسيط معقول لنعرف على الأقل الحد الأدنى الذى نكون فيه فى الموقع الممتازيوم القيامة ونبعث مع الذين استثمروا أوقاتهم استثمارا جيدا وبذلك نكون مع عباد الله الصالحين لأننا لن نكون معهم الا اذا طبقنا منهج لا يضيع ولا يبذر شيئا من زمننا (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ {9} العنكبوت) ولهذا المنهج نحتاج الى جهد وحزم ويقظة فاذا اتّبع سبعون بالمائة من الناس من أمة واحدة هذا المنهج سوف تصبح أمتنا هى الأمة الفاضلة كما هو شأنها دائما مهما قيل عنها ويكون المنهج هكذا:

أولا :التوحيد فعليك أن تمحص انك تعبد الله وحده واياك ان تكون قريبا من الشرك بأى شكل ولم يكن فيه شرك فالورع ترك ما لا ذنب فيه مخافة ان يكون فيه ذنب فلا اتضرع الى أولياء فانه ليس بينك وبين الله حجاب ولا واسطة فاياك ان تفعل هذا مهما تواجدت لديك عاطفة نحو احدهم وكم قال رب العالمين (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {60}غافر) ،(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {186}البقرة) فلا قيمة لشئ بدون توحيد.

ثانيا:القرآن فعليك أن تتعامل معه بشكل يومى وأن تستظهر على الأقل البقرة وآل عمران لأنهما الزهراوان فالعامل الذى لا يبذر زمنه لا يجب ان يقل عن الزهراويين وعليك ان تكون متوضئا وطاهرا من الصبح حتى النوم لأن الوضوء يقى الغفلة وبدوام الوضوء ستكون لك نفسية رائقة ورائعة وكونك طاهرا دائما فان الله يحبك (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {222}البقرة) فلو جربت ذلك أربعين يوما لأدركت أيما لذة فى الطهر.

ثالثا: الصلاة فى أول وقتها فى مكانها ودوامها وهو المسجد للرجال فالمساجد هى محل الدوام الرسمى (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ {34}المعارج) ويجب عليك أن تعرفأن هناك أزمنة شريفة ومنها الصلوات الخمس والصلاة فى الثلث الأخير من الليل ويوم عرفة وليلة القدر والأيام البيض ومابين المغرب والعشاء فى المسجد أيضا زمان شريف من أزمنة حضور الملك فأنت تعمل فى الدائرة الخاصة للملك فما أشرف من ذلك وأزمنة العمل مع الله لابد لها من الدوام فأنت مع الله مباشرة (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ{5}‏ابراهيم) وحينئذ لن تحسب من المبذرين مطلقا.

ومن ضمن أعمال الصالحين مثلا الصدقة فاياك أن تهمل الصدقة فالصدقة عبادة جليلة وكل امرئ فى ظل صدقته يوم القيامة والقرآن كلما تحدث عن الصالحين قال: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ {24} لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ {25} المعارج ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} الأنفال) ، (تتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {16} السجدة) وما من مجموعة ثلاثية ولا خماسية ولا سداسية من الصالحين الا وذكر فيهم صفة الانفاق ، ولكى يسهل عليك الأمر عليك ولو بشق تمرة (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {79} التوبة) قال يكفيهم تمرة ، وكذلك صلاة الليل ولو ركعة ولو فوق ناقة المهم أن تكون حاضرا اذا ما كنت فى دائرة الملك ، مثال آخر مجرد حضورك المسجد وبه طلاب علم أو ناس يذكرون الله عز وجل وأنت بدون عمل وبدون عمل أنت تحسب فيهم كما جاء فى الحديث ان لله مَلَكَا سياحين يتِّبعون مجالس الذكر قال ان فيهم فلان خطََّاء قال انهم القوم لا يشقى جليسهم .وكذلك من الأعمال التى تلغى كونك بطّال عطّال مبذر لوقتك الاستغفار فالاستغفار يسبب لك حصانة عند الله عز وجل كما فى واقع الحال أن بعض الناس أصحاب حصانة كالملك والوزير وما الى ذلك فأنت اذا أدمنت الاستغفار وداومت عليه أصابك خير هائل من تفريج كرب ورزق ولا يبقى عليك ذنب يوم القيامة ، وكذلك هناك مطفئات الذنوب سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مائة مرة وعندنا أيضا الأدعية المأثورات فحياتنا كلها تقريبا ما فيها شئ الا وله دعاء مأثور كدخول المنزل أو الخروج منه والمسجد والخلاء كل حركة دعاء فيجب المداومة على ذلك.

والأهم من هذا كله أن تكون عبادتنا قليلة ونداوم عليها فاحب العمل الى الله أدومه وان قل ولا تمل فان الله لا يمل حتى تملوا فاجعل أعمالك قليلة ومتقنة وداوم عليها الى أن تموت وهذا الذى يجعلك فعالا يوم القيامة ، ايضا من أهم الأشياء فى هذا المنهج اجتناب المحبطات فلو كنت تصوم وتصلى وتحج وتفعل الخير الكثير فلا تفعل شيئا يحبط عملك فاياك والكبائر والمقحمات فالنبى صلى الله عليه وسلم قال ما اجتنبت المقحمات أى التى تقحم صاحبها النار بقوة وأهمها البغضاء فكما قيل دب داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هى الحالقة لا أقول حالقة الشعر ولكن حالقة الدين وكحديث النبى صلى الله عليه وسلم والذى نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، فلا يأمل أحدكم أن يدخل الجنة وفى قلبه حقد او بغضاء على مسلم يوحد الله فلا تحبطوا أعمالكم .

وكذلك اياكم وعقوق الوالدين اياكم والفرار من الزحف واياكم والغيبة واياكم والربا ، ولا تنسوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

وفى سؤال لأحد المشاهدين : من كلمات المنظومة الدهر وفى الحديث لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر فكيف يكون الدهر هو الله ؟

كان العرب الجاهليون اذا أصابتهم مصيبة قالوا لعن الله الدهر هو الذى فعل فينا كذا وكذا والآن من الناس من يقول الزمان الفاسد الزمان السئ وفى حديث آخر والحديثان متفق عليهما لاتسبوا الدهر فأنا الدهر ، فكل شئ من فعل الله عز وجل والزمن وعاء لا يقدم ولا يؤخر والحديث لغوى نزل على العرب بلسان عربى مبين ويعنى أن الله يقول هذا الذى تسندونه الى الدهر أنا الذى فعلته .

وفى سؤال آخر عن كلمة خالدين فيها ابدا عن الخلود فى النار

أجاب الشيخ : الأبد ليس سرمديا الأبد مدة طويلة طويلة آلاف السنين ومستمرة بلا انقطاع ولكن قد تنتهى ، قد تكون مؤقتة وليست سرمدية كالذى عليه حكم مؤبد خمسة وعشرون عاما ولكنه يخرج بعدها وبالنسبة للنار قد يخلد انسان فى النار ولكنه لا يكون خلودا سرمديا وكما فى حديث البخارى أن الله يضع قدمه فى النار فيطفئها فهذا من كرم الله ان فى النهاية بعد آلاف السنين من العذاب يضع الله قدمه فى النار فيطفئها ولا يليق بكرم الله الا هذا (مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ {147}النساء)‏ اذن فالخلود أبدي وليس سرمدي .

أسئلة أخرى:

سائلة تسأل عن أفضل دعاء للشعور بالظلم فأجاب الدكتور الكبيسي قولي: وعنت الوجوه للحى القيوم وقد خاب من حمل ظلما ،وأخرى سألت عن أفضل دعاء مقرب لله ليرزقها الله الذرية فأجاب قولي: رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 9 مارس 2010 - 14:32



حرف الحاء - منظومة حقبة (الزمن) 2

ويستكمل الدكتور أحمد الكبيسي منظومة الزمن في حلقة هذا الأسبوع ويستعرض منظومة الوقت وأقسامه.

أقسام الوقت: الزمن من حيث كونه ركناً من الأركان الثلاثة لعمارة الكون وهي الزمن والهدف والعمل وهذه ثلاثية جاءت في القرآن الكريم : عقل آدم واستنباطه والهدف هو عمارة الأرض والاستخلاف فيها والزمن (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) الاسراء).

الزمن مخلوق مع المادة عندما خلق الله تعالى الكون المادي والزمن مرتبط بالحركة الذانية وقو نتاج الحركة الذاتية للمخلوقات. ولكي تعمر الكون مدنية وحضارة نحتاج للعمل والمال والوقت. والزمن ركن من أركان حضارة الكون والوقت أداة الزمن في تنفيذ تلك الحضارة فالوقت إذن هو الجزء المخصص لعمل ما. نقول وقت دوام العمل ووقت الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء) وقت القتال ووقت الزراعة. كل عمل له زمن مخصص يسمى وقتاً.

الوقت: كل زمن يخصص فيه جزء محدد بالضبط لعمل ما.

وكما قلنا أن الزمن مخلوق بخلق المادة. والمادة وزمنها هذه جزئية من عالم ليس مخلوقاً (هو ما يُعرف بعالم الأمر) والأمر هو خارج الزمن وله قوانينه وزمنه سرمدي في مستقبله أزلي في ماضيه وتجري فيه كل الرسالات والمعجزات مثل حادثة الاسراء والمعراج حيث دخل r في عمق الزمن وإن لكل شيء عمقاً والعمق هو الأساس لا يصل إليه إلا قِلّة من الناس. مثلاً الغوص في أعماق الأرض ليس لكل الناس بينما الجمع يسيرون على سطح الأرض والبحر سطحه متاح لكل الناس أما عمقه بكل ما فيه غير متاح إلا لقلة من الناس المتخصصون يغوصون في أعماقه بقدرة عظيمة وتدريب عالي متميز وكذلك الفضاء له سطح متاح لكن كم من الناس يذهب إلى أعماق الفضاء ليكتشف ما وراء هذا الفضاء من عالم لا متناهي وما فيه من مجرّات متعددة؟ والعالَم المتصوّر لا يشكل إلا نسبة 2% من الفضاء المرئي.

والعمق مليء بالأعاجيب والأشياء الثمينة التي تحتاج لقرون وأجيال للوصل اليها (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن)

وعمق الزمن على هذا الحال عندما تصل إلى نهاية العمق تخرج الى عالم ليس فيه زمن وهو عالم الأمر الذي له قوانينه وحدوده وعلينا أن نفهم القرآن فهماً يتناسب مع العصر. معظم الناس يؤمن بأن الخِضر ما زال موجوداً ولا يمكن أن يكون موجوداً بجسده الطيني وإنما بالجسم الأثيري الذي لا يخضع لقوانين هذه الدنيا. وعيسى u لم يُصلب وإنما رفعه الله تعالى إليه وما زال حياً فأين ذهب؟ هكذا نفهم عالم الأمر على هذا الأساس وفيه من العجائب الكثير. قصة العُزير وكيف أنه مات مئة سنة ولم يتسنّ طعامه وإنما حماره تحلل فالمئة عام في عالم الأمر لا تساوي ثواني. وكيف نفسر أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج من بين سبعين رجلاً كانوا يتربصون به ليلة هاجر إلى المدينة دون أن يروه؟ وكيف نفسر ما فعله أبو بكر الصديق في سنتين من خلافته وما فعله عمر بن الخطاب في ست سنوات ما لم تفعله الأمبرطورية الرومانية في ألف عام حيث اتسعت مساحة الامبرطورية الاسلامية وهزمت امبرطوريتي فارس والروم، وكيف نفسر ما فعله عمر بن العزيز في سنتين وعشرة أشهر من تحقيق العدل بين الرعية في سائر البلاد؟ هذا نتاج الصدق مع الله تعالى والاخلاص في العكل يُمَدّ لك في الوقت بحيث تعمل في وقت قصير ما يفعله غيرك في سنوات كالعمل في ليلة القدر الذي يوازي عبادة أكثر من ألف شهر.

هناك قواعد عامة لكل الناس مثل قواعد النصر وقواعد الهزيمة وهذا من عطاء الربوبية فقد ينصر الله تعالى الأمة التي تشرك به لأنها طبّقت قواعد النصر المطلوبة.

وقد وظّف تعالى أدوات الزمن (العمل والمال والوقت) توظيفاً كاملاً في كتابه العزيز دينياً ودنيوياً.

الوقت: هو الزمن المخصص لعمل ما : يُقال وقت الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء) وفي الحديث : الصلاة على أول وقتها رضوان من الله وعلى أوسط وقتها رحمة من الله وعلى آخر وقتها غفران من الله. ورمضان له وقته (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) والحج له وقته (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ). وكل مرحلة فيها وظيفتان إحداها دينية والأخرى دنيوية (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) القصص).

العشي: آخر ساعة في النهار قبل العصر بساعة يبدأ العشي (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات) (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) ص)

الشفق: أول ساعة في الليل بعد أذان المغرب (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) الانشقاق).

العشاء: من صلاة المغرب إلى أول صلاة العتمة (ظلام كامل) (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) يوسف)

السّحَر: بعد منتصف الليل (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) الذاريات)

الفجر: أول بداية النهار (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) الفجر)

الصبح: أول احمرار الشفق بعد الفجر أي بعد نصف ساعة تقريباً (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) هود)

البكور: قبل طلوع الشمس (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) الانسان) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) الأحزاب)

الأصيل: قبل غروب الشمس (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) الانسان) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) الأحزاب)

الغداة: تجمع قبل الشمس وبعدها في الصباح (الضوء القوي مع طلوع الشمس) (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) الكهف)

الضحى: ارتفاع الشمس بمقدار رمح (ربع ساعة بعد طلوع الشمس) إلى قبل الزوال (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) الضحى)

الزوال: وقت الاستواء

الظهيرة: بعد الاستواء إلى العصر (الهاجرة) (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) الروم)

المساء: من الزوال إلى الفجر وهو وعاء يشتمل عدة أوقات)

العصر: أول برد النهار (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)) واختلف المفسرون في المقصود بالعصر في سورة العصر منهم من قال أنه الدهر أو الزمن عند جمهور المفسرين زمنهم من قال هو وقت صلاة العصر خصيصاً لأنها أثقل الصلوات وأشقّها على الناس حيث أنه وقت يكون الناس فيه تعبين خاصة في أيامنا هذه ومنهم من قال هو عصر النبوة المشرق (خير القرون قرني) والقرن عصر أو دهر أو زمن ومن الممكن أن يكون تعالى قد أقسم بعصر رسوله صلى الله عليه وسلم كما أقسم ببلده (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)).

الناس في الزمن قسمان قسم استغلوه جيداً وقسم لم يستغلوه وفرّطوا فيه ومن حسن استغلال الزمن التقوى في سبيل الله من إماطة الأذى عن الطريق وزيارة المريض، زراعة شجر ، إغاثة ملهوف، اختراع آلة تقديم تجارة، تسيل ماء، إنشاء جامعات أسواق هذه كلها إن كانت من منطلقات الإيمان ويفعلها الانسان من باب التقوى الاجتماعية وتقديم الخدمات للناس والرجل الذي لم ينفع أحداً لا قيمة لصلاته وصيامه. وآيات القرآن تدعو للتسبيح وللعمل والحمد والتأمل والنظر والتبصّر فعليك أن تنطلق في أعمالك من منطلقات إيمانية فأنت متزوج بكلمة يسمونها وثيقة الزواج وأنت مواطن بجوازك وأنت ابن ابيك بشهادة الميلاد وستموت بورقة هي شهادة الوفاة هذه الشرعية وحينئذ لكي يكون عملك مشروعاً يوم القيامة اعمل لوجه الله تعالى هذه الصيغة المشروعة. كل جزئية من هذه الجزئيات وظّفها الله تعالى توظيفاً دقيقاً فيطلب منك الذكر بكرة وعشياً وبالغدو والآصال لكي تكون اساس الانطلاق وتوجهاتها والانتماء الشرعي لله عز وجلّ.

وعندما نقرأ عن علماء هذه الأمة نقرأ عجباً فكيف وصلت الأمة إلى استغلال الوقت بشكل جيد الناس كانوا ينامون بعد العشاء مباشرة مبكرين وكانوا لا يسمرون بعد صلاة العشاء وكان الشيخ منهم ينام ثم يستقيظ بعد ثلاث ساعات يصلي التهجد ويوقف طلابه معه يصلون ثم يحفظون القرآن ثم يؤذن الفجر فيصلي بهم جماعة ثم يبدأ الدرس ثم يقضي كل الى عمله والرسول صلى الله عليه وسلم كان هاجسه الصلاة وبالتحديد صلاة الفجر وفي الحديث أنه قال صلى الله عليه وسلم بما معناه وددت لو آخذ حطباً وأُشعل النار في بيوت من لم يحضر صلاة الصبح معنا بعد أن يُخرج النساء والأولاد. ولقد تحدث صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح عجباً لأن ميزان كونك فعّالاً عاملاً في هذه الأمة أن تصلي الصبح جماعة وفي النظام الاسلامي كان الجيش يصلي الصبح في المسجد ثم يبدأون التدريب والقيلولة في الاسلام كانت قبل أذان الظهر ثم يستقيظ الناس لأداء صلاة الظهر ثم يعودون الى أعمالهم.

أشرف الأوقات للمسلمين:

1. مجالس العلم فإذا كنت تريد وقتاً شريفاً عظيماً تُغفر فيه ذنوبك فعليك برياض الجنة أي مجالس العلم ومجالس الذكر يغفر لهم حتى للخطّاء منهم وعلى المسلمين الحذر من السخرية من الأنبياء والعلماء لأنه يُخرِج من المِلّة.

2. العتمة وهي صلاة العشاء في المسجد وصلاة الصبح في المسجد فهما براءة من النار وبراءة من النفاق.

3. الجلوس بعد صلاة الصبح في مصلاك وذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلاة ركعتين فتلك أجر حجة وعمرة تامة تامة.

4. الرباط وهو الجلوس في المسجد للذكر والعلم بعد صلاة المغرب الى العشاء.

5. صوم عرفة والعشر من ذي الحجة ويوم عاشوراء وأول محرم.

6. الحراسة في سبيل الله.

وأشرف الأوقات للمسلمة بالاضافة إلى أوقات المسلمين العامة:

1. وقت الحمل أجره عظيم عند الله تعالى

2. ساعة الولادة

3. هناك شريف وهناك أشرف الشريف المرأة في خدمة زوج يحبها ويحترمها والأشرف يوم القيامة زقت امرأة في ظل زوج رديء يذلها وهي صابرة تُحسن إليه وتكرمه.

4. امرأة مات زوجها ولها طفل وهي شابة تُخطب فخُطبت فرفضت الزواج لتربي أولادها فهي تسبق محمداً صلى الله عليه وسلم الى الجنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
metwally.mustafa
فريق أول
فريق أول
metwally.mustafa


عدد الرسائل : 4226
العمر : 38
الموقع : Egypt
العمل/الترفيه : automation engineer
تاريخ التسجيل : 12/01/2009

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالأربعاء 10 مارس 2010 - 10:04

جزاكم الله خيرا

_________________
I am so far behind, I think i am first
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالأحد 18 أبريل 2010 - 14:15


حرف الحاء - منظومة حقّ

الحقّ– الصدق – العدل – القِسط – الوزن - السواء

ما من كلمات صادفت من اختلاف العلماء والمفكرين والفلاسفة كما صادفت هذه الكلمات الحقّ والقسط والعدل والصدق والوزن. واليوم نستعملها ليس فيما يتبادر الى الذهن من حيث كونها العملية العدليةفي المحاكم والقضاء وإنما من جانب كونها أساساً لهذا الوجود الكوني من خلق الله عزّ وجلّ.

الحق على اختلاف ما قيل فيه وعلى كثرة ما قيل فيه ومن يتتبع الآراء والمقولات في كلمة الحق يضيع بين ذلك الركام التاريخي التراثي الذي لا تخرج منه بصورة واضحة تغنيك او تشبعك لشدة الاختلافات لأن كل واحد أخذ معنى كلمة الحق من زاوية واحدة ذاهلاً عن بقية الزوايا ومعظم الناس ذهلوا عن القاسم المشترك الذي ينتظم جميع المفردات والجزئيات ونخرج من هذا التراكم العظيم والتراث الثريّ إلى أن كلمة الحق هي:

الحقّ باختصار وبدون تعب هو الموجود الثابت الذي يُدرك بالبصر إذا كان مادياً أو بالبصيرة إذا كان نظرية وهو لا يتغير ولا يتزعزع. فالسماء حق والأرض حق والموت حق والعدل حق والصلاة حق وقواعد النحو حق (الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب واسم كان مرفوع وغيرها..) من حيث كونها قواعد ثايتة وحقائق موجودة لا يمكن تغيرها. وكل شيء ثابت موجود مدرك بالبصر أو بالبصيرة وهو لا يتغير فهو حق وهذا الحق أعلاه هو الحق المطلق. وكل حق يخضع لنظريات الحياة من زمان ومكان وظرف وكيف وكمّ وتقدّم وتأخر إلا حق واحد وهو الله تعالى (الحق المطلق) فالله تعالى هو الحق المطلق الذي لا يخضع لزمان أو مكان أو كمّ أو كيف وهو الأول والآخر والظاهر والباطن وما عدا ذلك فهو الحق الذي يخضع لكل هذه المقاييس. حينئذ هذا الحق إذا كان نظرية فهو حق فإذا طُبّق فهو صدق.

الصدق: الحق والصدق متلازمان من حيث أن الحق نظرية فالصلاة نظرية والموت نظرية (لا بد أن نموت يوماً) والنصر والهزيمة نظريات والصحة والمرض نظريات والمساوات والأرض نظريات أي قوانين وكل هذه القوانين الثابتة التي تحرّك الموجودات قوانين تحرك الانسان والسمع والبصر والبحار والسماوات والأرض والزراعة هذه القواعد الكونية الثابتة هي حقّ وحُسن التعامل معها هو الصدق بعيداً عن مئات التعريفات للحق والصدق وكلها تأخذ جانباً معيناً. عندما نقول قواعد الاعراب (الفاعل مرفوع واسم كان مرفوع والمفعول به منصوب والمضاف مجرور وغيرها) هذا حق لأن هذه القواعد والنظريات ثابتة لا تتغير وهي تدرك بالبصر أو بالبصيرة فالقواعد حق، والصلاة حق وشروطها وأوقاتها وأركانها ومبطلاتها حق لأنها قواعد نظرية ثابتة الى يوم القيامة فكل شيء ثابت بقواعده وقوانينه يُدرك بالبصر إذا كان مادياً أو بالبصيرة إذا كان نظرية معنوية هذا حق والصدق هو في مدى حسن استعمالك وتعاملك معها هذا يعني أن الصلاة حق ولكن أن تُحسن الصلاة بكل شروطها بأركانها ونوافلها ومبطلاتها وخشوعها واطمئنانها وحفظها والمداومة عليها والمحافظة عليها كما أمرنا الله تعالى بذلك يسمى صدقاً فالصدق إذن هو حسن تطبيق النظرية. حتى الآلآت حق وحسن استعمالها يسمى صدقاً والرسول صلى الله عليه وسلم عندما عاد من غزوة أحد أعطى سيفه لابنته وقال له : اغسليه فقد صدقني اليوم بمعنى حسن استعماله فالسيف حق من حيث كونه قانوناً للقتال وحسن استعماله ظلماً أو عدلاً أو حقاً يسمى صدقاً. والصدق كونك تتكلم ساعتين بدون أن تلحن بكلمة واحدة بحيث أنك لم ترفع منصوباً ولم تنصب مرفوعاً فأنت تتحدث بالعربية بصدق لأنك أحسنت تطبيق النظرية. وهكذا كل نظريات الكون تسمى صدقاً إذا أثمرت حقاً صحيحاً كما فعل ابراهيم u فاستعمل الكون حتى وصل إلى الحق من حيث أن الله تعالى أمرنا أن نتأمل في الليل والنهار (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) آل عمران) وأمرنا تعالى أن نُطلق المجال للعقل لأداء وظيفته حتى يصل إلى الحق لأن وظيفة العقل الأساسية هي الوصول إلى الحق (أفلا تعقلون) فعلينا أن نطلق لعقولنا الفرص الكاملة وأن لا نقيّد العقل بقيودنا النفسية والعاطفية وأن نكون تابعين له لا هو تابع لنا فمهمة العقل الرئيسية هي الوصول إلى الحق كما فعل ابراهيم عليه السلام أطلق لعقله العنان حتى وصل إلى الحق (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) الأنعام) هذا الحق وهذا الصدق (لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ( 8 ) الأحزاب) لأنه أحياناً نستعمل النظرية استعمالاً خاطئاً كما جاء في سورة المنافقون (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)) هؤلاء لم يكونوا صادقين النظرية ثابتة فالنبي صلى الله عليه وسلم حق من حيث كونه مرسل من عند الله تعالى لكنهم استعملوا النظرية استعمالاً خاطئاً منافقاً. حينئذ كل نجاح مثل الطيران والغواصات والانترنت وغيرها عندما خُلقت مرّت بتجربة لبيان مدى صلاحيتها للتطبيق فإذا صلحت في النهاية للتطبيق الكامل للنظرية فهذا هو الصدق (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) البقرة). هذا هو الفرق بين الحق والصدق والصدق هو حسن التعامل مع الحق والحق هو الموجود سواء كان ديناً أو فلسفة أو قانوناً أو نظرية أو مُختَرعاً مادياً أو معنوياً كالموت والنصر فالله تعالى قال لنا كيف ننتصر ووضع شروطاً للنصر فإذا استعملنا شروط النصر فنحن من الصادقين كما فعل المسلمون في بدر صدقوا الله وطبقوا شروط النصر بالكامل فصدقهم ونصرهم (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) آل عمران) أما في اُحد فلم يكونوا صادقين من حيث أنهم أخطأوا في تطبيق النظرية (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) آل عمران) فالصدق هنا ليس الذي ضد الكذب وإنما هو بمعنى حسن التعامل أو عدم حسن التعامل أو الخطأ في التعامل مع النظرية. ولو طبّقنا الذي قلناه على كل كلمة جاءت بمعنى حق لفهمنا المعنى فالحق إذن هو الشيء الموجود الثابت والصدق حُسن استعمال النظرية (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) الزمر).

العدل: التقسيط على سواء العدل هو أنك إذا أردت أن تخلق شيئاً فلا بد أن تكون أجزاؤه مستوية بدون تفاوت ولا ينبغي أن يكون هناك تفاوت بين ركن وركن. العدل من حيث أن خَلق الله تعالى غير متفاوت (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) الملك) والمخلوقات كلها موزونة وتخضع لقوانين في غاية الدقة تتحكم في هذا الكون كقوانين الأرض والسماء والشمس والقمر وغيرها ولم تتغير ولم تتبدل. فالمخلوقات حق (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) الأنعام) وكلمات ربك هي مخلوقاته وكل مخلوقات الله تعالى خُلِقت بكلمة كن فيكون فهي كلماته. هذه الكلمات هي التي وُزنت وزناً دقيقاً فأصابها الوزن من حيث الصدق والعدل. والله تعالى خلق الفكرة والنظرية قبل أن يخلق المخلوقات فأوجد وظيفة الشمس قبل أن يخلقها ووظيفة الانسان فبل أن يخلقه فعندما خلقه كان منضبطاً انضباطاً تاماً كما أراد الله تعالى ومطبقاً تطبيقاً كاملاً للنظرية التي أوجدها الله تعالى له قبل خلقه (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)) صدقاً من حيث أن النظرية جاءت منطبقة بالتطبيق تماماً وعدلاً أي ليس فيه تفاوت (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) الانفطار) الإنسان جاء كا أراد الله تعالى وهذا صدق خلق الانسان على وفق ما أراد الله تعالى (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11) لقمان) والعدل هو عدم التفاوت من حيث خلق الله تعالى فالانسان هو انسان بكل وظائفه ليس هناك انسان يتفاوت على انسان من حيث الخلق وما يحدث من تفاوت يكون نتيجة الانسان نفسه ومن صنيعه.

القسط والتقسيط: بعد رحلة العدل تنقلب الأشياء إلى أقساط والقسط هو النصيب. القسط هو نتيجة الحكم العادل الذي يُنتج أقساطاً فأي حاكم أو قاضي يوزع الأقساط على مستحقيها فهذا يسمى العدل عندما تصبح أقساطاً إذا استولى أحد على قسط الآخر فهو قاسط فأحياناً يكون القاضي قد وزّع الأقساط على الناس لكن أحدهم قوي والآخر ضعيف قيستولي القوي على قسط الضعيف كما يفعل المرابون والحبارون (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) الجنّ) والمقسط هو الذي يعطي صاحبه قسطه (أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ( 8 ) الممتحنة) (فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) الحجرات) (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) المائدة) ولو وُزّع المال توزيعاً عادلاً لما حصل تفاوت في الثروات بين البشر ولما وجدنا أناساً في منتهى الثراء وآخرون في منتهى الفقر. كل المخلوقات منضبطة في أن كلاً منها يأخذ نصيبه أو قسطه فقط ولا يستولي على أقساط الآخرين إلا الإنسان يستولي على أقساط الآخرين فيحرمهم منها. معنى هذا أن القسط هو تنفيذ الحكم حينئذ جعل الله تعالى لهذا الكون ميزاناً عظيماً بحيث يأخذ كل واحد نصيبه وقسطه بعد حكم الله تعالى به (وهو العدل سبحانه) فالشمس والأرض فالماء يأخذ نصيباً من القمر والبرودة والصيف والشتاء والمشرق والمغرب وكل المخلوقات تأخذ قسطاً محدوداً مما حكم الله تعالى له به بعدل الله تعالى ولا يستولي على أقساط الآخرين فالكون كله يمشي على هذا النسق إلا الإنسان فهو ظلوم جهول لأنه استبد به حُبّ الظلم والتكلّك والظلم من شيم النفوس (وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الأحزاب).

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ (النساء)) قال بالقسط ولم يقل بالعدل لأن العدل سهل فإذا حكمت المحكمة بشيء فهذا عدل أما القسط فهو صعب التنفيذ. العدل نظرية ثابتة يتفق عليها العقل البشري ولا تحتاج إلى قوة وأي حاكم أو قاضي يجلس وراء كرسيه فيقول حكمت المحكمة (العدل) لكن المشكلة في التنفيذ (القسط) هذا القسط كما قلنا موجود في الكون كله من حيث قوانينه قائم على عدل والعدل بنتج قسطاً وكل المخلوقات تعرق قسطها من الشمس والماء والهواء ما عدا الانسان يستولي على أقساط غيره. والقسطاس هو الميزان الذي يزن هذه الأقساط.

الوزن: وهو الأمر العام.

سواء: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) آل عمران) الحق أو العدل أو القسط ينبغي أن لا يكون أحد أولى به من أحد. كل شيء الناس شركاء فيه وليس النبي صلى الله عليه وسلم أولى من غيره وليس الصالح أولى من الطالح وليس الحاكم أولى من المحكوم (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) الكلمة السواء هي شهادة أن لا إله إلا الله كل من يقولها مصدقاً بها قلبه يتساوى مع كل من يقولها غيره. فكلمة سواء تعني أن الله تعالى جعل من أنظمة هذا الكون أن الناس فيه سواء فجعلها مرادفاً للعدل والقسط والحق. والكلام في هذه الكلمة يطول والسواء يكون حتى في المكان كما جاء في قصة موسى عليه وسلم وفرعون (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) طه) سوى أي مكان يكون الكل فيه متساوون فاجتمعوا يوم الزينة في ساحة العيد حيث يحتفل الكل بالعيد سواء ولا فرق بين المحتفلين بحيث لا يستبد أحد بأحد ولم يجتمعوا في قصر فرعون حتى لا يستبد فرعون ولم يجتمعوا عند قوم موسى وإنما في مكان يستوي فيه الناس. وورد في القرآن الكريم (وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) ص) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) المائدة) وهو الطريق السريع والعام الذي يشترك فيه كل الناس وليس مخصصاً لأحد من الناس أو لطائفة أو جماعة أو مرتبة والكل يسلكه. (فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (55) الصافات) حيث يتواجد كل أهالي النار لا فرق بين واحد وواحد ويوجد أماكن خاصة في جهنم مثل ويل للهمزة اللمزة وثبور وجب الحزن للزناة وأماكن خاصة للظَلَمة والمشركين وغيرهم كما في الجنة أماكن خاصة والجنان متفاوتة وجهنم متفاوتة أما سواء الجحيم فهو المكان الكبير الذي فيه أهل النار يتعارفون بينهم. وكل كلمة سواء تعمي عدم التفاوت بين الناس

الحق: كل موجود حقيقة على صعيد الواقع قوانينه وأنظمته مُدركة بالبصر أو بالبصيرة لا يتغير فهو حق فإذا أحسنت استعماله فهو الصدق . جعل الله تعالى العقل موظفاً وظيفته واحدة وهي الوصول إلى الحق المطلق وهو الله تعالى وإلى الحق الآخر وهو كل الموجودات وكل ما اختُرع من قوانين على الأرض سماء وأرض وما بينهما (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) آل عمران) والباطل وهم والوهم والخرافة باطل والباطل عكس الحق (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17) الرعد) هذا الزبد يحاول كل جيل أن يفرز الحقيقة من الوهم وكل ما هو باطل فهو وهم وكل ما هو ثابت موجود مدرك بالبصر أو بالبصيرة لا يتغير فهو حقّ والقرآن الكريم شاهد على ذلك كما جاء في الآية: (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصلت) فمهمة العقل البشري ومهمة الأنبياء والمرسلين أن يصلوا بالناس للحق بعد أن كانوا في ضلال ووهم وخرافة كما فعل ابراهيم عليه السلام وكل الأنبياء.ونلاحظ ختام الآيات في القرآن الكريم فنجدها تدل على أنشطة عقلية لنصل بالعقل إلى الرُشد: أفلا تعقلون (من خلال تجميع الأشياء) أفلا تبصرون (من خلال ربط الأشياء) أفلا تتفكرون (التفكر من خلال قياس الغائب على الحاضر) . قال تعالى (وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) الأنبياء) إذا وصل العقل البشري إلى الرشد اهتدى إلى الله عز وجل وإلى أن تحب الناس ولا تحقد على بشر وتأمل خيراً في كل الناس حتى لو كان مجرماً وتؤمن بكل الرسالات وتعلم أن الطريق إلى الله تعالى يتسع للجميع (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46) العنكبوت) فكل النزاعات في التاريخ بين الناس وبين المسلمين أنفسهم على كلمة أو فكرة أثبت التاريخ أنها نتيجة سخافات العقل من حيث أنه لم تتح له الفرصة الكافية للوصول إلى الحق فكل من يقول ربي الله يتسع له الطريق والله تعالى لما خلق العقل ما خلق خلقاً أكرم عليه من العقل لأنه هو الذي يوصل إلى الحق ويفهم ما جاءت به الكتب السماوية حتى يتوصل إلى الناس إلى الحق المطلق وهو الله عز وجل.

الحق المطلق: هو الله عز وجلّ والحق الأعلى هو توحيده سبحانه وتعالى وهو النظرية الكبرى في هذا الكون. (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) النحل) فكلما قال تعالى كن فيكون يكون قد خلق حقاً آخر وهي قوانين هذا الكون. (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصلت) أي قوانينها التي يكتشفها الناس جيلاً بعد جيل.

خلُصنا إلى أن الحق هو الأمر الثابت الذي لا يزول ولا يتغير ولا يتزحزح والصدق هو حسن التعامل مع الحق. نتكلم عما قاله بعض العلماء في الصدق وكل منهم عرّفه من جانب واحد :

يقول بعض الصالحين في تعريف الصدق : (الصدق هو الوفاء بالعمل) الله تعالى أعطانا شرعاً فإذا وفّيت الله تعالى بالقوانين تكون قد صدقت.

وقال آخر (الصدق هو استواء السر والعلانية) يعني أنك إذا صلّيت وسرّك ليس في الصلاة تكون قد أسأت تطبيق النظرية ولا تكون صادقاً لأنه لا بد في تطبيق النظرية من أن يكون السر والعلانية سواء.

وقال آخر (الصدق هو القول في الحق في مواطن التهلكة) هذا نظر الى الصدق من جهة واحدة وهناك مئة تعريف وكل واحد شغله أمر في زمانه ففسر الصدق بما يتناسب مع ما شغله. وفي زمن الجنيد مثلاً انتشر الكذب فقال في تعريف الصدق :أنت لا تكون صادقاً إلا إذا كنت في مكان لا يُنجيك إلا الكذب أي أن تقول الحق في مكان لا ينجيك ألا الكذب. والصدق بشكل عام هو حسن استعمال النظرية والحق هو انطباق الواقع مع النظرية والصدق هو انطباق النظرية مع الحق وعليك أن تطبق النظرية بحذافيرها ونسبة صدقك تتناسب مع زيادة أو نقص ودقة وعدم دقة مدى تطبيقك للنظرية. في القرآن الكريم كلام عن الحق عجيب منه قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران) فالتقوى حق والايمان حق (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) الأنفال) كلمة حق تعطي كلاماً يدل على أن هذه النظرية فيها تطبيق عام متساهل وفيها الحق الكامل الذي يكون التطبيق فيه هو الصدق بعينه وهذا ما يتفاوت فيه الناس يوم القيامة (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) الأنعام) طبقة كاملة تؤدي الحق وطبقة تؤدي بصدق متناهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) التوبة) ليس كل الناس صادقين في تطبيق النظرية كما جاء في الحديث القدسي "لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم" كلما حسُن الانتاج دلّ ذلك على أنك تطبق نظرية الانتاج بشكل أفضل.

الايمان العام هو الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيره وشره أما الإيمان الخاص فلا تجده عند كل الناس وإنما عند بعضهم الذين سهروا على الايمان حتى وصلوا به إلى الايمان الحقّ فصار إيماناً ثابتاً لا يتغير ولا يتبدل ولا يضعف ولا ينقص فذلك هو الايمان الحق (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الأنفال) فكم واحد فينا وصل إل هذا الحد؟ وكم واحد فينا يتوكل على الله تعالى حق التوكل؟ نحن إيماننا إيمان عام وبعض الناس هم أهل الإيمان الخاص. ثم قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران) التقوى العامة هي المطلوب العام كما جاء في أوائل سورة البقرة (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)) الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة والذين يؤمنون بالقرآن وبما أُنزل من قبل محمد صلى الله عليه وسلم ويؤمنون بالآخرة هؤلاء هم متقون عامون أما المتقي الحق فهو أن تصل إلى مرحلة ثابتة لا تتغير مرحلة الثبات فلا تتذبذب والطاعة فلا تعصي والاستقامة فلا تنحرف والمداومة على العمل كما قال صلى الله عليه وسلم :" أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ" حينئذ وبهذا يصبح الرجل صادقاً بالتطبيق بهذا الحد الأدنى لحق التقوى.

جاء في القرآن الكريم لسان صدق وقدم صدق ومقعد صدق ومدخل صدق ومخرج صدق ومبوأ صدق:

لسان صدق: الصدق في الأقوال فهو لا يكذب أبداً يقول الحق ولا يخشى في الحق لومة لائم ولم يحدث مرة أنه قال غير الحق (وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) مريم) (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) الشعراء).

قدم صدق: الصدق في الأعمال وقدم الصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة من حيث أن الله تعالى أعطاه الشفاعة وهي ثابتة فيستعملها صلى الله عليه وسلم أعظم استعمال حتى يُنقذ آخر رجل من أمته من النار "شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي" وما من أحد يوم القيامة سيستعمل نظرية الشفاعة استعمالاً كاملاً بالجودة التي سيتسعملها الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة والأدلة في الكتاب والسُنّة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم سيستعملها استعمالاً كاملاً ويقول صلى الله عليه وسلم : لن أرضى وواحد من أمتي في النار" ويقول له مالك خازن النار : "يا محمد ما أبقيت لغضب ربك من أمتك أحد" (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2) يونس). فقدم الصدق هي شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي مصداقاً لقوله تعالى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5))

مقعد صدق: الصدق في الأحوال (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) القمر)

مخرج صدق ومدخل صدق: لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر من الله تعالى قال (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) الاسراء) وكان المفروض أن يقول أخرجني مخرج صدق أولاً لكن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما خرج من مكة كان هدفه هو الدخول إلى المدينة وليس الخروج من مكة .معنى مخرج الصدق هو عندما يكون خروجك من بيتك أو عملك لوجه الله تعالى لهدف أسمى من بقائك فيه، من هنا فأن يستقيل حاكم مثلاً لمعرفته أنه صار عاجزاً عن خدمة هذا المنصب هو من أعظم العبادات وجاء في الحديث الشريف عنه صلى الله عليه وسلم :" ما آمن بي من وُلّيَ من أمر المسلمين شيئاً وهو يعلم أن غيره أفضل منه" هذا هو مخرج الصدق أن يتبرع رجل أن يترك المهمة أو المنصب الذي هو فيه لأنه عاجز عن خدمته هو في غاية الروعة يوم القيامة.

أما مدخل الصدق فهو أن تدخل إلى وظيفة وأنت متأكد من صلاحيتك لها ومن أهدافها النبيلة وهكذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم أنه سيكون في المدينة وعلم أنه مهمته على خير وجه وسيحقق هدفه النبيل فأخرجه الله تعالى من مكة من بين أعدائه فلم يروه وهيأ له الغار والعنكبوت إلى أن وصل إلى المدينة سالماً غانماً لذلك الهدف النبيل ثم دخل المدينة فاستقبله أهله بالدفوف ورأى المدينة وقد أصبحت مجتمعاً اسلامياً ثم في المدينة عمّ نوره صلى الله عليه وسلم على الأرض وأشاع التوحيد فما من خروج كان صدقاً وما من دخول كان صدقاً كما حصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم والذي أعطاه إياه الله تعالى وهو خارج من مكة إلى المدينة.

مبوأ صدق: قال تعالى (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) يونس) لما امتحن الله تعالى موسى وهارون وأنجاهم وأتباعهم وجمّد الماء لبني اسرائيل فهذا مبوأ عظيم وإكرام هائل ثم عبر بنو اسرائيل البحر وأغرق الله تعالى عدوهم ثم عاد بنو اسرائيل إلى مصر واستولوا على الحكم فيها بعد أن أصبح فيها فراغاً دستورياً ثم كانوا في التيه أربعين عاماً ينزل الله تعالى عليهم المنّ والسلوى ولم يروا فيها عدواً ولا هلاكاً يأتيهم الماء الزلال من العيون ثم مات الجيل الجبان الذي كان يخاف من فرعون ونشأ جيل آخر قوي شجاع فذهبوا وفتحوا الدنيا فهيأ الله تعالى لهم بيئة عظيمة.

وكل ما يجري الآن في العالم من استيلاء على حقوق الغير والاستحواذ على أقساط الناس والأمم والشعوب مع أن هذا الكون مليء بالاقساط وقد جعل الله تعالى لكل أمة قسطها ورزقها من النعيم والمياه والزراعة من عطاء الربوبية وعطاء ربوبية لا يفرق بين مؤمن وكافر لكن العقل البشري ما زال عاجزاً عن الوصول لنظرية الحق من حيث أن هذا الحق لا بد له من العدل والمقسطين الذين يوفرون لكل امرئ ولكل أمة وشعب وفرد قسطه الذي وهبه الله تعالى له.

وما من نظرية على وجه الأرض يمكن أن تنفع في هذه الباب إلا الاسلام ولهذا المسلمون هو وحدهم الموحدون ولأن المسلمين لا يعتدون على أقساط غيرهم ولم يستعمروا أمة أو شعباً لم يحتلوا شعباً أو أمة وكان المسلمون هم الأمة الوحيدة من بين الفرس والروم والشرق والغرب التي لم تستعمر ولم تستولي على أقساط غيرها من الأمم من حيث أنها أمة تعرف العدل والقسط. ولذلك فإن الكتاب العظيم (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) يوضح ذلك أما الآن عندما انحطّ المسلمون شاع الظلم بين الأمم واحتل الناس بعضهم بعضاً واستعمر الناس بعضهم بعضاً نهباً لثرواتهم ومصائرهم لأمنهم ولا يعود الناس لأمنهم إلا أن يسود الحق ولن يسود الحق إلا إذا حُكّم العقل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالأحد 18 أبريل 2010 - 14:28


حرف الحاء - منظومة حفيّ


حفيّ– البَرّ – اللطيف

كلمة حفيّ هي من المشترك ولها أكثر من معنى لكن في النهاية تتجذر لمعنى واحد وهو الزيادة والمغالاة في الإكرام أو في السؤال أو التمحيص.

حفي به حفاوة فهو حفيّ وحافي وإذا احتفيت بشيء فأنت حفيّ (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) مريم) حفي به واحتفى أي بالغ في إكرامه وأظهر السرور له والفرح وهذا غير الكرم فالكريم يُكرم الجميع لكنه لا يستدعي أن يُظهر السرور لكل شخص يُكرمه، أما المحتفي فهو يعطي المحتفى به خصوصية معينة لشرف أو مكانة فيزيد في إكرمه زيادة ملحوظة ويُبدي فرحاً وسروراً. فالحفاوة شيء آخر غير الكرم فالله تعالى احتفى بابراهيم عليه السلام (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) مريم) فجعله خليلاً وأنقذ ابنه من الذبح وجعله من الصالحين وجعله أمّة وجعل أمته هي المقياس (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) البقرة) وجعله جدّ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج) واستجاب دعاءه (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة) فبالغ في إكرامه واستجاب له استجابة خاصة أن قدّم التزكية على العلم والتعليم فالمسلم زاكي بـ (لا إله إلا الله محمد رسول الله) هذه تكفي لأن يكون المسلم موحّداً بلا أي شرك فكل هذه الإكرامات من الحفاوة بابراهيم عليه السلام. والله تعالى أكرم كل الأنبياء لكنه احتفى بابراهيم عليه السلام حفاوة خاصة.

ومن معاني حفيّ أيضاً كثر السؤال عن حالك فإذا كان صديقك أو جارك يُكثر من سؤالك عن حالك فهو حفيّ. فكل من أكثر السؤال عن شيء أو شخص يقال له حفيّ. (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187) الأعراف) كان الرسول صلى الله عليه وسلم كثير السؤال عن الساعة وهناك أحاديث عديدة حولها "لا تقوم الساعة حتى" فهو صلى الله عليه وسلم حفيّ عنها كثير السؤال عنها من شدة تذكّره لها فأكثر من تنبيه الأمة بالساعة (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) محمد). وكان صلى الله عليه وسلم يسأل جبريل عنها وعن أشراطها وأعراضها (لنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) الإسراء) وقد أراه الله تعالى أشراط الساعة وهي علم عظيم في إيمان المؤمن.

والحفي هو كل من يسأل عن شيء ويُلحّ في طلبه يقال له حفيّ. قال تعالى (إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) محمد) يكرر السؤال عليكم بالانفاق. كثرة طلب المال من مالكه أمر يولّد البغضاء للسائل فالمال عزيز على صاحبه والله تعالى يقول ما كنت حفيّاً أن أسألكم والزكاة فقط هي المفروضة أما الباقي فصدقات والله تعالى يطلب من عباده الحدّ الأدنى بحيث لا يؤثر على ملكية المالك فالزكاة هي فقط 2.5 % فرب العالمين ما كان حفياً أن يسألنا أموالنا.

والحفيّ هو العالم المتعلم المتحقق للمسائل الذي جاءه خبر أو مسألة فكرر التمحيص فيها يُسمّى حفياً (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) وعلم الساعة في السُنّة علم عظيم أُلّفت فيه كتب عديدة وأسفار كثيرة في علامات الساعة من شدة رعاية الاسلام لها وحثّ النبي صلى الله عليه وسلم على تتبع أخبارها. في اللغة العربية يسمى قاضي التحقيق الحفيّ لأنه يسأل أسئلة كثيرة ولا يقدم المتهم إلى المحاكمة إلا بعد أن يسأل مئات وآلآف الأسئلة.

قوله تعالى (إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) مريم) يفرح به تعالى فرحاً عظيماً ويستجيب دعاءه ويعطيه ولو أقسم على الله لأبرّه والمحتفى بهم يوم ااقيامة شرائح متعددة وزُمر متعددة.

البّرّ: هو المتوسع في فعل الخير (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) مريم) من ناحية الفتوى ومن ناحية القضاء فالحد الأدنى أن تكون باراً بوالديك هو أن تعطيهم وجبة غذاء وأن تلبسهم وتأخذهم إلى الطبيب إذا مرضوا لكن الكل يكرم والديه أكثر من هذا بكثير. ولا تكون من المحتفى بهم يوم القيامة إلا أن تكون باراً بوالديك وليس كافلاً لوالديك ككافل اليتيم يكفي أن تعطيه ما يحتاجه أما الوالدان فلا بد من أن يكون الانسان بارّاً بهما يغرقهما في العطاء (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) ق) هذا المزيد لأنه بَرّ. والأحاديث في فضل بر الوالدين كثيرة منها حديث ثلاثة لا يضر معها ذنب وذكر منها بر الوالدين.

يوم القيامة (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) الطور) لشدة الخشية من عذاب الله تعالى فمنّ الله تعالى علينا بإدخالنا الجنة فكان بارّاً فلو حاسبنا ثم أدخلنا الجنة يكون هذا من عطاء الله تعالى وسخائه أما أن يدخلنا الجنة بغير حساب فهذا هو البَرّ. والبَر والبِر من أسباب الوجاهة يوم القيامة

اللطيف: هو التدبير الخفي الذي يوصل حاجتك لبيتك. أنت في محنة فيدبّر الله تعالى لك تدبيراً خفياً ويرتب الأسباب فتأتيك حاجتك بدون عناء وهذا التدبير الخفي هو اللطف. سيدنا يوسف عليه السلام مرّ بمحن كثيرة منذ صغره فرتب له تعالى الأسباب في كل مراحل حياته وجاء في القرآن على لسان يوسف (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) يوسف). وكلمة لطيف قد تتعدى بالباء (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) الشورى) أي يغفر لهم ذنوبهم بصيامهم وصلاتهم ودعائهم وصدقاتهم بأسباب من عند العبد أما عندما تتعدى كلمة لطيف باللام فتعني أنها جاءت مباشرة من الله تعالى بلا أسباب كما في قوله تعالى (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ).

من هم المحتفى بهم يوم القيامة؟

لو قرأنا القرآن لوجدنا مدى حفاوة الله تعالى بابراهيم u بحيث جعله الأب الثاني للبشرية والأنبياء واستجاب دعاءه وجعل أمته هي المقياس وغيرها كما ذكرنا في بداية الحلقة. فمن هم هؤلاء المحتفى بهم يوم القيامة والذين يزيد الله تعالى في إكرامهم وهو لطيف بهم وحفي بهم لا يحاسبهخم ولا يعاقبهم ولا يعاتبهم؟

من حيث المكان فإن المحتفى بهم يضعهم الله تعالى في الفردوس الأعلى "سلوا الله الفردوس الأعلى فإنها مقصورة الرحمن" وهم يجاورون الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) النساء). ونحن لن نكون من الأنبياء أو الصدّيقين فعلينا أن نجتهد لنكون من الشهداء أو الصالحين حتى نحظى بهذه الحفاوة. فمن هم الشهداء والصالحون؟

الشهداء: الشهيد هو الذي يموت في سبيل الله تعالى دفاعاً عن دينه أو عرضه أو داره أو ماله أو وطنه ومن لا يدافع يتهم بالجبن والخَوَر ولا يساوي عند الله تعالى شيئاً والمخلّفون ذمّهم الله تعالى في القرآن. والشهداء أنواع شهيد قد يكون خاف وانسحب من المعركة فمات "حديث مؤتة" أما أكرم الشهداء عند الله تعالى هو الثابت بين الفارّين بمعنى أن الناس هربوا وهو بقي ثابتاً في مكانه وهذا الشهيد ممن يضحك الله تعالى لهم كما يضحك تعالى للذي يستقيظ ليصلي التهجد والناس نيام وأعظم الشهداء من خرج بماله ونفسه ثم لا يعود من ذلك بشيء هذا من أفضل الشهداء زأعظم من هذا كله شهداء قاتلوا وحدهم مِلّة الكفر كلها وليس على وجه الأرض من ينصرهم هؤلاء المجاهدون ليس لهم من نصير إلا الله تعالى كشهداء بدر انتصروا وليس على وجه الأرض من ينصرهم إلا الله تعالى كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم قبل غزوة بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تُعبد في الأرض" ، وكذلك انتصار طالوت على جالوت وجنوده وقتل داوود u لجالوت ما كان ينصرهم إلا الله تعالى وكانوا فئة قليلة يقربون من 300 نفر كما كانوا في بدر فعندما تكون القوة صغيرة تدافع عن وطنها وليس من ينصرهم إلا الله تعالى فينتصروا بإذن الله تعالى وما من أحد يموت ويود أن يرجع إلى الدنيا إلا الشهيد يودّ العودة حتى يقاتل في سبيل الله فيُقتل مرة ثانية لشدة ما يرى من إكرام الله تعالى للشهداء وحفاوته بهم.

وحتى يحظى الشهداء بالحفاوة من الله تعالى وبالمنزلة الكريمة مع النبيين والصديقين لا بد أن يكون هؤلاء الشهداء قد محّصوا التوحيد لله تعالى ولا ينصر الله تعالى من يقاتل حباً بالشهرة فأهل بدر وطالوت وجنده نصرهم الله تعالى لأنه علم سبحانه أنه ليس في قلوبهم شيء من حب الدنيا وعلى الناس أن ينقّوا قلوبهم من حب الدنيا. ولا ننسى ذكر الحديث أول من تسعر بهم النار يوم القيامة عالم ومنفق وشهيد كانوا يخلطون أعمالهم بحب الدنيا والشهرة ولو يخلصوا لله تعالى.

من المحتفى بهم يوم القيامة مجموعة من الناس الضامنون فمن كان في مجلس مريض مغفور له حتماً أو في مجلس جماعة أو مجلس إمام توقّره وتعزره ومن المحتفى بهم أصحاب الواحدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) المائدة) من اتقى الله فيما فرضه عليه ثم تخصص في أمر واحد بلغ به الكمال "إعرف بعض الشيء عن كل شيء واعرف كل شيء عن شيء واحد، وكل مسلم بإمكانه أن يكون من أصحاب الواحدة فيمكنه أن يكون من أهل الليل أو ذكّاراً أو باراً بالرحم أو باراً بوالديه أو صابراً أو داعية أو غيرها بهذا الذي تتخصص به تكون من المحتفى بهم يوم القيامة.

في حديث سبعة يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم الإمام العادل وهو أول المحتفى بهم ليس له عدو ولا معارض ولم يظلم أحداً، ومن هؤلاء السبعة المتحابين في الله ليس لطمع في الدنيا وذكر تعالى في الحديث القدسي المتحابون فيّ في ظلي يوم القيامة وقوله وجبت محبتي للمتحابين فيّ، ومن السبعة أيضاً رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يساره ما أنفقت يمينه ومنهم رجل قلبه معلّق بالمساجد يصلي أوقاته كلها في السمجد وشاب نشأ في طاعة الله.

ومن المحتفى بهم أهل البلاء كالأعمى والأعرج والمطعون والذين يُمنعون من الوصول إلى المستشفى في الحروب والغرقى والهدمى والحرقى وكل من يموت بحادث إذا ثبر وقال بقلبه ولسانه إنا لله وإنا إليه راجعون. يتمنى أهل البلاء يوم القيامة لو ضاعف الله تعالى لهم البلاء في الدنيا.

الصالحون: هو ليسوا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لكن هؤلاء يتطورون ختى يصبحوا من الصالحين (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) البقرة). كل عبادة ينبغي أن يتوفر فيها ثلاثة شروط إيجابية حتى تكون صالحةفالصلاة مثلاً حتى تكون صالحة يجب أن تكون في المساجد أو تكون في غاية الخشوع وأن تكون تامة بأركانها وشروطها وكل عبادة تتميز بشروط ثلاثة تدخل صاحبها في الصالحين والله تعالى رحيم بنا فلم يطلب منا أن نكون صالحين وإنما قال (آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) العنكبوت) (وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)) حتى الأنبياء يطلبون من الله تعالى أن يدخلهم في الصالحين (وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) الأنبياء) (وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) الأنبياء) (وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) المائدة) (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) البقرة) (وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) النمل). والإحسان سمة الصالحين فمن العدل مثلاً أن تقتل من قتلك قصاصاً لكن الإحسان أن تعفو عنه والله تعالى يحب المحسنين.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالأحد 2 مايو 2010 - 6:22



حرف الحاء - منظومة حَفَد

حفد– بنون – أسباط – ذريّة – نسل – سلالة

كلمة حَفَد هي الكلمة الوحيدة بهذا اللفظ في القرآن في قوله تعالى في سورة النحل (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)).

الأحفاد: هم أولاد الأولاد وهم في الحقيقة يسمون بنون فهناك ابن أبناء وابن بنون وهناك فرق بينهما فالأبناء هم الأحفاد إذا كانوا كباراً أما إذا كانوا صغاراً فيقال لهم بنون كما في قوله تعالى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف) ما داموا صغاراً فلو قال تعالى المال والأبناء لما كانت الآية منطبقة على الواقع لأنه من الأبناء من هم فتنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) التغابن) وفي الحديث الشريف " لاتقوم الساعة حتى يكون الابن غيظ أبيه وأمه".

فالآية (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46) الكهف) المقصود فيها الأطفال لأنهم مادام أطفالاً فهم زينة الحياة الدنيا وقُرة عين أهليهم وأُنس الحياة وبهجتها أما إذا كبر الطفل فتكثر مشاكله وقد يعاتي أبواه منه معاناة عظيمة.

البنون : تُطلق على الأطفال الصغار سواء كانوا أبناءك أو ابناء ابنائك. أبناء الأبناء

الأحفاد: تُطلق على الصغار سواء كانوا من أبنائك المباشرين أو أبناء الأبناء فكلّهم بنون. وأبناء الأبناء فريقان: فريق يبقون مع أجدادهم في بيوتهم وفي خدمتهم وتقرّ عيون أجدادهم بهم هذا فقط يسمى حفيداً. فالحفيد إذن هو ابن الابن الذي يعيش مع جده.

أما الذين يعيشون بعيدين عن أجدادهم فلا يسمون حفدة وإنما يبقى اسمهم بنين إذا كانوا صغاراً فإذا كبروا يسمون أبناء.

والحفد جمع حافد وهو الخادم المتطوع لخدمته المتقن لحرفته ينفذها بسرعة "إنما نحفد للعبادة" أي نسرع بها.

الأسباط: أبناء البنات يسمون أسباطاً هذا في عموم اللغة لكن هناك استثناء واحد وهو أن الأحفاد سواء كانوا أبناء بنين أو أبناء بنات من الأنبياء يسمون أسباطاً (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة) والحسن والحسن هما سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما أولاد فاطمة رضي الله عنها وأولاد يعقوب عليه السلام سُموا أسباطاً مع أنهم أبناء بنين. فالنسبة للأنبياء الأسباط هم ذرية الأنبياء أما ذرية غير الأنبياء فهم الحفدة (أبناء الأبناء) وأسباط (أبناء البنات).

ذرية: هؤلاء وهؤلاء أي الأسباط والجفدة جميعاً إذا كثروا كثرة غير اعتيادية وتفرعوا يسمون ذرية إما من الذرأ أو من الذّر. فكلمة ذرية تشتق من أصلين:

الذرّ وهو التفريق أي الذرية تنقسم إلى عائلة ثم أسرة ثم فصيل ثم عشيرة ثم قبيلة ثم شعب.

وإما من الذرأ: أي الايجاد بكثرة

وكلاهما يُشتق منها ذرية للدلالة على الكثرة والانتشار الواسع في محيط الجدّين.

نسل: هو الولد لكونه ناسلاً عن أبيه قال تعالى (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ( 8 ) السجدة).

سلالة: سلّ الولد من أبيه ومنه قيل للوليد سليل قال تعالى (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ( 8 ) السجدة) (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) المؤمنون).

وما من كلمة تغني عن أختها في القرآن الكريم في المكان الذي وردت فيه.

الطفل زينة لكن عندما يكبر قد يصبح مصيبة وله مشاكله الكثيرة وأعباؤه الكثيرة بحيث يصبح همّاً على أبويه ويزيد على أنس الأبوين به سواء كان صالحاً أو طالحاً. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتلذذ بالحسن والحسن وكل من له أحفاد وأسباط يأنس بهم أُنساً منقطع النظير وهذا الأُنس بهم يكون وهم أطفالاً فقط.

الأحفاد ما داموا يعيشون في كنف جدهم فالحفيد يخدم جده. أن يخدم الابن أبوه هذا أمر تلقائي لكن أن يخدم جدّه ويبقى معه هذا أمر آخر فالابن امتداد لك سواء قريباً كان أم بعيداً فيال فلان ابن فلان ابن فلان إلى أجداد عديدة كما في سورة الكهف الجد في الآية هو الجد السادس امتدحه الله تعالى (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا). وحب الجد لأبنائه وأبنائهم لأنهم امتداده بالنَسب والعمل والطاعة ففي الحديث الشريف إذا مات ابن آدم انقطع عمله من ثلاث ذكر منها ولد صالح يدعو له. وما أعظم أن تربي طفلاً فينشأ نشأة صالحة ويستمر الصلاح في نسله وذريته ومن هنا فخر الآباء والأجداد بالأبناء.

وعربية القرآن ليست عربية دم فقط وإنما هي عربية قِيَم (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37) الرعد) لمّا اختار الله تعالى القرآن لينزل على العرب اختاره ليقدمه على طبق خلق عربي. فالحرص على النسب لم يكن عند الأمم السابقة إلا عند العرب ومن أخلاقيات القرآن النسب (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54) الفرقان) وهذه من أخلاقيات العرب التي جعلها الله تعالى من أحكام القرآن. الإسلام حسّن أخلاقيات العرب من حيث تكافل الأسرة والعلاقات الأُسرية فنقلها الاسلام وجعلها ديناً من حيث نقاء عِرض المرأة ومن الكفر الطعن في الأنساب (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) الانبياء) وفي الحديث: "إيُما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فالجنة عليها حرام". ومن الأخلاقيات التي نقلها الاسلام من العرب حسن الجوار والضيافة والكرم والرحم وبر الوالدين وها كله يدخل في قوله تعالى (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ (الأنعام)) فعربية الاسلام أخلاق وقيم وشمائل بدليل أن بلالاً كان خيراً ألف مرة من أبي لهب لأنه تحلّى بأخلاقيات الاسلام.

امتداد الذرية والأحفاد والأسباط امتداد بالنسب وبالعبادة ومن أعظم عبادات الأبوين همّ العِيال وقد جاء في الحديث الشريف: "إن من الذنوب ذنوباً لا يغفره إلا همّ العيال" وفي الحديث " لاتقوم الساعة حتى يكون الابن غيظ أبيه وأمه" فإذا لم يكن غيظهم فهو محل همّهم فيأتي هذا الهمّ يوم القيامة وليس على الأبوين ذنب واحد وبالمقابل بر الأبناء بالآباء والأحاديث في هذا كثيرة منها حديث ثلاثة لا ينفع معها شيء وذكر منها عقوق الوالدين. وهمّ الوالدين متعدد وهو واجب فرض والتفريط فيه لا يقل جرماً عن عقوق الآباء. ونحن قلما نسمع عن عقوق الأبوين فهو نادر جداً ولكنا كثيراً نا نسمع عن عقوق الأبناء ولهاذ ركّز القرآن الكريم على بر الوالدين لأن الفطرة تقتضي أن يبرّ الآباء بأبنائهم.

واجبات الأبوين تربية الجسم بالتغذية والعقل بالتربية والعقائد بالتعبّد والتوجيه. علّمنا الله تعالى (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) الاسراء) فالعلاقة علاقة صِغر وهذه التربية تأخذ جميع أنواع الحياة نفسية وجسدية وعقلية وحرفية وعلمية والتبصر فيها "كفى المرء إثماً أن يضيع من يعول". وبعض الناس عندهم حنان ضعيف فأحياناً لا يوقط الأبوين أبناءهم للصلاة لأنهم يخشون عليهم من البرد أو التعب وهذا إجرام في حق الأطفال لأن الله تعالى يوجهنا في القرآن بقوله (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) طه) فالأهل يجب أن يكون لديهم الحنان الإيجابي كالذي يدفعهم ليأخذوا ابنهم للطبيب فيعطيه إبرة حتى يعالجه والحنان الحقيقي هو أن تُنقذ ابنك من النار.

والعرب قبل الاسلام كان تراثهم في تربية الأبناء عجيب ونحن في هذا العصر المتقدم متخلفين عنهم ولم تعد هذه الأساليب موجودة إلا عند الملوك والأمراء. فمن أول يوم يختارون له مرضعة حتى لا تتساهل الأم معه وتفسده بحبّها وحنانها والمرضعة تكون من البادية ويتعلم منها الطفل الفصاحة والبلاغة والأنساب فما ان يبلغ الطفل السابعة من عمره حتى يصبح فارساً يسبح ويرمي ويصيد وكل ما يجعل الشاب فارساً يتعلمه في البادية ثم يعود فيتعلم الشعر والأنساب والأمثال وما يلفت النظر في التربية في الجاهلية ما يسمى بالترميمة وهي الكلام الذي كانوا يسكتون به الطفل إذا بكى أو إذا أراد أن ينام وهي عبارة عن قصائد هي من باب الرجز وهي من أعظم الأساليب عند العرب في اسعاد أولادهم عن طريق هذه الترميمة ومن أمثال هذه الترميمات:

يا حبذا هذا الولد ريح الخزامى في البلد، و: بنيّتي ريحانة أشمها، قد ساد في المهد على الغلمان، يا حبذا هذا الولد أشبه شيء بالأسد، وهناك ترميمة شيماء أخت الرسول صلى الله عليه وسلم بالرضاعة كانت ترنم بها للرسول صلى الله عليه وسلم : يا ربنا أبق لنامحمدا حتى أراه يافعا وأمردا ثم أراه سيداً مسودا واكبُت أعاديه..

فتسلسل التربية عند العرب كانت :

المرضعة واختيارها يكون مدروساً دقيقاً وأن تكون أصيلة حتى يورث الحليب بعض السلوكيات لأن الرضيع يتأثر بالحليب الذي يرضعه وحتى حمل الطفل تترك في نفسه أثراً إلى أن يكبر. فالمرضعة تعلمه الشعر والأدب والفصاحة.

ولا يبقى الولد مع أمه حتى لا تفسده بحنانها ودلالها.

من شروط خُلُق الفتى أن يكون فارساً وهذا لا يكون إلا في البادية.

وأعظم صلاح الأبناء مع التربية أن تدعو لهم بالصلاح وأن تستعين بالله تعالى على تربيتهم والقرآن الكريم مليء بأن الأنبياء والصالحين استعانوا بالله تعالى على تربية أولادهم (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) البقرة) (وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) آل عمران) و(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان) (قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) الأحقاف) (رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 8 ) غافر) (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) الرعد) فينبغي أن لا نذهل عن الاستعانة بالله لتربية وصلاح الأبناء.

ومن دقة العرب في تربية الأبناء أن جعلوا لكل مرحلة من مراحل نمو الأبناء اسماً:

طفل (في بطن أمه وهو جنين) – وليد (ساعة يولد) – (بعد ثمانية أيام) – فطيم (إذا بلغ سن الفطام) – جحوش (إذا استغنى عن الحليب) – دارج (إذا بدأ بالمشي – خماس (إذا بلغ الخامسة من عمره) – مترعرع (إذا بلغ عشر سنوات) – بالغ (إذا بلغ خمسة عشر سنة) – فتى (إذا بلغ ثمانية عشر سنة)

وكل مرحلة من هذه المراحل له أسلوبه الخاص بالتربية وله تعليمه الخاص به. فالعرب كانوا يعاملون الطفل كأنه رجل وكانت السنوات الأولى من حياته حتى 15 سنة هي مرحلة تعلّم الأساسيات.

والتاريخ مليء بقصص أطفال أعجبوا الكبار ففي أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر على أطفال يلعبون أعمارهم 5 إلى 6 سنوات فهربوا جميعاً إلا واحداً منهم فسأله عمر لم لم تهرب فقال أنا لم أُذنب لأهرب ولا أخافك.

وفي زمن عمر بن عبد العزيز قال لطفل في مجلس اجلس ودع غيرك يقوم (أي من هو أحسنّ منك) فقال الطفل : يا أمير المؤمنين المرء بأصغريه قلبه ولسانه فإذا جعل الله للعبد لساناً لافظاً وقلباً حافظاً فهم المُقدّم ولو كان الأمر بالسِّن لكان غيرك أولى منك بهذا المجلس فأُعجب به عمر بن عيد العزيز.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالأحد 2 مايو 2010 - 6:38


حرف الحاء - منظومة حدّ

حد– طرف – حرف – رجا – حافة – جنب – شفا – شاطئ – ساحل - جرف


هذه هي منظومة الأطراف. لكل شيء طرفان وجوانب وطرفا الشيء هما مبتداه ومنتهاه فالنهار له طرفان الصبح والمغرب (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) هود) وجوانبه هي بقية الأوقات. الأرض لها أطراف كما في قوله تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41) الرعد) . وتختلف أسماء الأطراف في كتاب الله تعالى باختلاف نوعها ووظيفتها أو حجمها أو ارتفاعها أو انخفاضها بدقة لا يمكن أن يقولها في أماكنها إلا ربٌّ وسع علمه كل شيء. والله تعالى يرسم الصورة كاملة من خلال اختيار الكلمة امناسبة في الجملة المناسبة.

الطرف: بداية الشيء ونهايته وهو ملازم له يبقى ببقائه ويذهب بذهابه ولا يمكن فصله عنه. (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) طه) (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44) الانبياء)

الحدّ: حد الشيء هو الطرف الذي يميّزه عن غيره ولكي لا يختلط بغيره كحدود الأرض فالحدّ هو طرف وظيفته أنه يميّز هذا الشيء عن غيره وهو طرف يمنع الآخرين من التجاوز عن هذا الشيء (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) البقرة) ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) الطلاق) إذن فالحدّ يميّز ويمنع التجاوز (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) البقرة) والحدود تمنع من التجاوز عن الأحكام الشرعية. (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) التوبة)

الحرف: طرف الشيء العالي المدبب وهو حاد كالسكين يصعب الوقوف عليه وإذا تمكنت من الوقوقف يصعب التماسك عليه وإذا تمتسكت تهوي. حرف الجبل هو قمّته المدببة التي يصعب الوصول إليها والتماسك عليها. والحرف هو كل طرف مدبب كطرف البعير (سنامه) لا يمكن أن يتماسك عليه بدون ركاب. (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) الحج) هذا ما يفعله الحمقى الذين يختارون رأياً واحداً ويرفضون جميع الآراء ويتهمونها بأنها باطلة فهذا ما أسرع ما ينزلق ولا يجد بديلاً فيجب أن نعبد الله تعالى على البسيطة. والحريف من الحرف (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46) النساء) يأخذون رأياً واحداً. كما حرّف نو اسرائيل كلمة حطة وقالوا حنطة حرّفوها لأنهم لم يدركوا مغزى كلمة حطة ولو أدركوه لقالوا اغفر لنا.

الرجا: (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) الحاقة) الرجا عكس الحرف فهو واسع يمكن الجلوس عليه ويمكن أن تبني عليه بيتاً كحافة النهر أو الكورنيش أو الجزر داخل البحار والأماكن المنبسطة ويمكن التمسك بها طويلاً لهذا الملائكة حول العرش هم في غاية الراحة.

الحافة: مانع يمنعك من السقوط على الطرف. أنت مثلاً على قمة جبل لكن هناك من بنى ستارة كثيفة تمنعك من السقوط (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) الزمر) أي لهم مواقع منيعة يتمسكون بها ومستمسكون بها لأنها مريحةلها حفائف وحافّات وهي عكس الحرف.

الجنب: هو الطرف المنيع الذي يحرص كل من له شيء أن يكون الجنب منيعاً. أطراف الانسان هما يداه ورجلاه وهي تحرك وتعمل وهو مستمسك فإذا قُطعت أطراف يعيش. لكن الجنب من الإبط إلى الحوض إن لم تحمه فإن أي ضربة تودي بصاحبها. البلاد حدودها معروفة فإذا اخترق العدو جنوبها فقد ذهبت (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) الزمر) هو التوحيد. يمكن أن يعمل الإنسان معصية يمكن تداركها لكن أن تشرك بالله هذ مقتل فيجب أن تكون توحيدك لله محمياً ويجب أن يكون منيعاً لا يُخترق.

شفا: (وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) آل عمران) المكان المشرف أو طرف الشيء العميق جداً هاوية، بئر وادي عميق حافته اسمى شفا مثل الشفة العليا فطرف الحافة تسمة شفا. (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) التوبة)

شاطئ وساحل: الشاطئ طرف الماء (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) القصص) والساحل طرف اليابسة (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) طه)

الجرف: شاطئ المسيل إذا أخذه السيل يجرف كل شيء في طريقه عندما يأتي على الأرض الرملية يحدث فيها أنهاراً لهشاشة الأرض الترابية (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) التوبة).

لكل طرف اسم ولكل اسم وظيفة استعملها القرآن على هذا النسق العجيب يحبث لا تغني كلمة عن أخرى.

الحدّ والحدود:

هذا الدين حدّي (افعل ولا تفعل) آتوا الزكاة، أقيموا الصلاة، لا تأكلوا الربا هذه تكاليف محددة من حيث أن لها حدّ أعلى وحدّ أدنى من حيث التطبيق ومن حيث الحكم وقد ذكر هذا الأصفهاني والسمين. وتكاليف الإسلام (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) و (تلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا)

وقال الراغب الأصفهاني: جميع حدود الله على أربعة أوجه منها:

ما لا يجوز أن يُتعدّى بالزبادة عليه ولا القصور عنه (لا يمكن أن تزيد أو تنقص) وهذه مثل أوقات الصلاة وعدد الركعات.

ما تجوز الزيادة عليه ولا يجوز النقصان كالزكاة لا يمكن الإتقاص عن الحد المطلوب ولكن الزيادة جائزة وكذلك المحرّمات مثل الميتة والدم ولحم الخنزير هذه هي الحدود التي لا يمكن أن تنقص منها لكن يمكن أن تزيد عليها محرّمات أخرى.

ما يجوز النقصان فيه ولا يجوز الزيادة مثل الوضوء: غسل كل عضو ثلاث مرات لا تزيد عن ذلك وكذلك الزواج يمكن أن يتزوج أربعة كحد أعلى يمكنه أن يُنقص للكن لا يزيد عن أربع.

ما تجوز الزيادة عليه والنقصان لكنها مقيّدة مثل صلاة الضحى وعشر ذي الحجة.

هذه التقسيمات لها تقسيم آخر عند التفصيل فالصلاة خمس أوقات وعدد ركعاتها من حيث وجوبها حدّية ومن حيث تطبيقها حدّية أي أن تطبيقها فيه سعة ومرونة لها حدّ أدنى وأعلى وبينهما أنت لك الحرية إن نقصت عنها لا تكون مسلماً (لا تقربوها) وإذا زدت عليها خرجت من الاسلام (فلا تعتدوها).

في قضية ملامسة النساء ونقض الوضوء من العلماء من يقول أنه بمجرد لمس النساء بنتقض الوضوء ومنهم من يقول أن لامس تعني جامع ومنهم من يقول مسّ اليد لكن بشهوة ومنهم من يقول اللمس ينقض الوضوء بشهوة أو بغير شهوة فأنت في سعة في هذا الأمر وعليك أن تعترف بكل الآراء لأن الله تعالى (يريد الله بكم اليسر) من حيث التطبيق و(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء) من حيث الكمّ.

والله واسع عليم وكلما كنت عالماً كلما كانت سعة استيعابك أكثر وكلما ازداد العقل سعة وتوسعة على الناس. ومن حيث كونه تعالى واسعاً يقبل امرأة بغيّ سقت كلباً لأنه سبحانه قال في كتابه العزيز (ورحمتي وسعت كل شيء). أي مسلم مثلاً يقيم الصلاة ودائم عليها ويريد أن يعمل شيئاً يتقرب به إلى اله لكنه لم يُكتب له عمله فالله تعالى برحمته وسعته يأجره عليه وإن لم يفعله. وكل واسع عالم وكل عالم واسع ولا أحد غير الواسع العالم يقبل اعتذار الآخرين لسعة صدره وكثرة ما يعتذر للخطائين ليفتح لهم باب التوبة وهكذا الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً لمجرد أن ينوي العبد التوبة يغفر تعالى له وهذه من سعة الله تعالى.

ما من حكم شرعي إلا وله عدة صيغ للتطبيق في كل الفقه الاسلامي وعندما وسّع الله تعالى علينا طلب منا أن نكون في الوضع الذي لا حرج فيه (ما جعل عليكم في الدين من حرج) بعض الأحيان تستبد بعض الآراء التي ترفض كل رأي آخر وتخطّئه. وهناك فرق بين العلم والفهم فالعلم بلا عقل مضرّة ولو فهم أحد آية فهماً خاطئاً وأراد أن يفرضها على الأمة فرضاً كأن يفهموا أن من ارتكب الكبيرة خالد في النار فهذا في منتهى الغباء والجهل وللأسف أنه في عصرنا الحالي هناك تيارات تُجبر الناس على رأي واحد في مقابل آراء ومذاهب أخرى تنهل من كتاب الله تعالى عرفت طبيعة الشريعة السمحة الحنيفية (حنيفاً مسلماً) . والله تعالى يقبل التوبة حتى في الخطأ في الصلاة فشرع لنا سجود السهو العاقل يرجع إلى الله تعالى كلما حزبه أمر فتجعله سبحانه وتعالى مرجعك (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) يونس) (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) والصواب في كل أمر فقهي متعدد في الدين وهذا من باب رفع الحرج (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ).

ولكي تكون من أولياء الله تعالى يجب أت تأتي الله بقلب سليم بلا حقد ولا ضغينة ولا خوف عليك ولا تحزن على ما كان منك. وكل من يوحّد الله تعالى مقبول مهما فعل واختلف لأنه يدور في إطار مشروع وحرية التصرف في العبادة الواحدة مشروع. هناك آراء واختلافات وليس هناك عذر يوم القيامة لمن يأتي أحد وقد غضب الله تعالى عليه فإياك أن تعبد الله على حرف واحد (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) الحج) والقرآن حمّال أوجه وكل صحابي فهم فهماً وكله صحيح ما داموا في الحنيفية ولم يتجاوزوا الحد الأدنى والأعلى (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) و (تلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا).

والدين مبني على السعة والله تعالى خاطب نبيّه (فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) والمؤمنين (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) التغابن) وقال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) وهذه هي السعة العظيمة وما أشد البدائل فكل حركة لها بدائل وهذا من السعة. فالمفطر في رمضان يقضي أو يدفع كفارة والصلاة يمكن أن يجمع ويقصر أو يصلي قاعداً أو مضطجعاً وكل هذا يدخل في قوله تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وهذا الدين كما قلنا حدودي ورفع الله تعالى عن عباده الحرج ولو كانت قضايا الدين على حرف لتوقفت الأمة ولذا فإن الحنيفية السمحة لها بدائل تنفع في كل عصر قد تختلف الأخلاقيات والمعاملات من جيل إلى جيل والدين يسع كل هذه التغيرات. ويقول ابن مسعود عن القراءات المختلفة فيقول هي مثل قول أحدكم هلُمّ وتعال وأقبل.

لك مطلق الحرية فيما عدا افعل ولا تفعل أي في الأوامر والنواهي. والحدود في الأوامر والنواهي المفروضة وفيما عدا ذلك فأنت لك مطلق الحرية كأن تذكر الله كما شئت وفي أي مناسبة ولك أن تُحدث من الذكر ما تشاء. سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد الصحابة: دُلّني على عمل يدخلني الجنة فقال له صلى الله عليه وسلم "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله" والذكر من أفضل العبادات وقد امتدح تعالى الذاكرين والذاكرات في القرآن (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) الاحزاب) وذكر الله أكبر من أشياء أخرى (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) العنكبوت) ولله تعالى ملائكة سياحين يتبعون حِلَق الذكر وفي الحديث القدسي: "أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه" . وفي الحديث القدسي "ما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل.." وهذا كله ضمن حدود افعل ولا تفعل أما البدعة فهي ما حرّمه الشرع.

الصاحب بالجنب: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) النساء) منهم من قال الجار ومنهم من قال رفيق السفر ومنهم من قال الزوج والزوجة وأكثر الآراء على أنه الزوج والزوجة ويقال للجماع الجناب.

هذا الدين فيه سعة ولا ينبغي أن يأتي أحد ويضيّق على الناس ويشغلهم وهناك فرق بين من يدّعي العلم ولم يطلبه في حياته وبين العالم ومن هذا المنطلق كره كثير من المسلمين الذين لأنه فرض عليهم رأياً واحداً وقد يكون من أضعف الآراء ولا يلبي احتياجاتهم ومنهم من استحل قتل الناس فهذا ويل. وكون الله تعالى واسعاً عليماً يعطينا معنى السعة والعلم في الدين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالجمعة 25 يونيو 2010 - 3:27



حرف الحاء - منظومة حفّ


حفّ– حصر – حاق – طاف – دار – دال – طوق – لفّ – أحاط - تسوّر

هذه هي منظومة الطوق حول الشيء.

حفّ وحصر: إنسان واقف وحوله دائرة واسعة تقف على حافة محيطه تدل على المهابة له كالرئيس والوجيه يُستقبل استقبالاً رسمياً ويقف الناس على حافّة موقعه (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) الكهف). فإذا ضاق هؤلاء يكون من باب العقاب ويصير حصراً (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) التوبة).

فالحصار إذن عقاب بالتضييق أما الحفّ فهو حفاوة من بعيد ولا يقترب من المحتفى به لمهابته (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) الزمر).

حاق وطاف: حاق بمعنى أحاط بشيء بثبات فلا يتحرك (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (26) الاحقاف) (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (41) الانبياء) (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر) أما طاف فمتحرك مثل الطواف حول الكعبة (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) الصافات) (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) القلم). ومنه استعير الطائف من الجنّ والخيال وغيرها كما في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) الاعراف) وهو الذي يدور على الانسان من الشيطان يريد اقتناصه.

دار ودال: الدائرة للهزيمة أو الضيق (وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) التوبة) (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) الفتح) (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) المائدة). والدولة للمجد (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران) (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) الحشر)

طوّق ولفّ: كل من يُلقى عليهم القبض يطوّقون إذا تمكنت منهم وضعت الطوق في أعناقهم (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180) آل عمران) والمرحلة الثانية أن تضع القيد في أعناقهم وهو اللفّ (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) الاسراء) (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) القيامة) (وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) النبأ) . فالتطويق اولاً واللفّ ثانياً.

أحاط: السيطرة على كل شيء من جميع الجهات قد يكون بمعرفة العلم من جميع جوانبه (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) يونس) والإحاطة بالخبر هي عندما تعرف حقيقة الخبر بالكامل وليس مجزّءاً (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) النمل) (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) الكهف). والإحاطة بالمطلوب سواء كان جيشاً أو فرداً ثم يستسلم استسلاماً كاملاً (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آَتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) يوسف) (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) طه) (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) الفتح) (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42) الكهف) (بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) البقرة).

تسوّر: هذه الكلمة وردت في منظومة جدار وحائط وتأتي في هذه المنظومة التسوّر بمعنى دائرة (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) ص).

كل طوق حول شيء لا تخرج كلماته عن كلمات هذه المنظومة وكل كلمة منها استعملت استعمالاً دقيقاً خاصاً في القرآن.

نعود لكلمة حفّ كلمة المنظومة الرئيسية: قال تعالى (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) الزمر) الملائكة تقف من بعيد على شكل دائرة حول العرش يحفّون به وتسمى هذه حفاوة. وفي الحديث "ما جلس قوم في بيت من بيوت الله يتدارسون إلا حفّت بهم الملائكة" من بعيد يستمعون ويدعون لهم بمنتهى الاحترام والإجلال. والملائكة لا حصر لهم وهم بقدر البشرية من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة أضعافاً مضاعفة. ونحن مأمورون بالإيمان بالملائكة إيماناً كاملاً (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة) والايمان بهم حقٌ سواء تصورتهم أم لم تتصورهم ولا يمكن لنا أن ندرك حقيقتهم والرسول صلى الله عليه وسلم رأى جبريل مرة واحدة على هيئته الحقيقية أما في باقي المرات فكان يتمثّل بصورة إنسان وعلينا أن نؤمن بالملائكة إيماناً غيبياً.

مواقف الملائكة: جبريل هو صاحب الوحي وما يلزم لنُصرة الأنبياء وإهلاك الأمم الكافرة والحرب على أعداء الله تعالى كما هو واضح في القرآن الكريم (رفع الطور فوق بني اسرائيل، يوم حنين، بدر، نصر ابراهيم ونوح واسماعيل، وهو يقود الملائكة لنصرة الأنبياء وهذا عمله مع المظلومين والظالمين أياً كان دينهم ومذهبهم فالمظلوم إذا كان بينه وبين الله تعالى صلة ينصره باللا معقول. والقوى الظالمة تُهلك بالريح أوالصيحة أوالرجفة أو الطوفان أو غيرها من أعاصير مصداقاً لقوله تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) ابراهيم) فالله تعالى إما أن يعطي الجهة المظلومة ما تدفع به الشر ن نفسها أو يُسخّر كارثة على القوة الظالمة الهائلة حتى تتهاوى.

ميكائيل: مسؤول عن الأرزاق والأمطار والسموات.

إسرافيل: مسؤول عن البوق وفي رحلة الإسراء والمعراج رآخ r وقد انحنى وقرّب البوق من فمه لينفخ فيه.

أما عزازيل فهو صاحب الأرواح والمنايا والموت.

والملائكة في غاية الاحترام لا يعصون الله تعالى ما أمرهم وهو كرام بررة، سفراء الله تعالى علينا ولكنهم أشدّ خشية لله تعالى منّا والرسول صلى الله عليه وسلم قال عن جبريل في رحلة الاسراء والمعراج وهذا لشدة تواضعه لله تعالى: " رأيت جبريل كالحِلس القديم من خشية الله" والحِلس هي قطعة القماش المهترئة يضعها الراكب فوق البعير تحت الرِّكاب.

وقد تجد حول الرؤوساء حاشية تخدمهم طمعاً فيه لكن منهم من يخدمه ويفديه بروحه وينظر إلى كل ما يخصّه بخشوع وهؤلاء هم أصحاب الولاء المطلق الذي يخدمون رئيسهم حباً وطاعة ويخدمونه لأجله هو حباً وكرامة وليس لنعمة منه.

والملائكة يسبحون بالليل والنهار لا يسأمون ولا يفتُرون ويستغفرون لأهل الأرض (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) غافر) وحملة العرش ثمانية والحافّون من حول العرش 120 صفاً فتخيّل عدد الملائكة حول العرش والسموات والأرض بالنسبة لعرض الرحمن ما هي إلا كحلقة في صحراء وكأن السموات والأرض زاوية من زوايا قوائم العرش أو مسمار في رجل العرش فكم من الملائكة تحتا؟ منهم الراكع والساجد والقائم وهتافهم لا إله إلا أنت سبحانك اغفر للذين آمنوا ولتبعوا سبيلهم وهذا الاستغفار للمؤمنين فعلوه بأمر الله تعالى لا بأمرهم وحقّاً لا يدخل النار إلا شقي. فالملائكة يستغفرون لك وهؤلاء حملة العرش ومن حولهم هم أقرب الملائكة إلى الله وكل عبادتهم تسبيح وتحميد واستغفار للذين آمنوا وهتافهم لا إله إلا الله ولا يمكن أن نحيط بهذه الكلمة إلا إذن كنا مصدّقين بها (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) ابراهيم) فالملائكة منذ خلقهم الله تعالى إلى يوم القيامة دائبون في الاستغفار للمؤمنين.

وظائف الملائكة: لكل شأن في الدنيا للملائكة فيه وظيفة منها

- مواكبة الانسان منذ خلقه إلى أن يكون أي اختصاصها المخلوق.

- الرسالات

- حضور المجالس الطيبة كمجالس الذكر والعلم والمريض والمساجد وعند الامام العادل.

- موكلون بالاعمال (والمدبرات أمرا) فالله تعالى يأمر والملائكة تنفّذ فهي تدبّر تنفيذاً والصافات صفا والعاصفات عصفا والناشطات نشطا ولكل منها وظيفة تدبر الكون.

- حفظ الانسان حتى يأتي أجله من أي مكروه فلا يقربك الموت إلا أن تحين ساعة القدر (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) الرعد) فكم نجونا من مواقف كنا نحسبها مهلكة!

فكل جزئية من حياتنا حتى حديثنا مع أنفسنا (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) الزخرف) (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق) فالملك خُلِق ليكتب كل ما نقوله (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) الرعد) فكأنه تقرير مسجّل وهناك ملائكة آخرون يفرزون والملكان الذين يرافقان كل انسان يبقيان معه ويستغفران له حتى يُبعث ويدخل الجنة إذا كان العبد صالحاً.

والملائكة كلهم سيهلكون عند نفخ الصور مصداقاً لقوله تعالى (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) الرحمن) وهذه أمور لا يمكن لنا ادراكها وفهمها.

وعلينا أن نستحي من الملائكة فهي تقف في صلاة الجمعة على أبواب المساجد تسجّل حاضري الجمعة وتنصرف عندما يصعد الخطيب للمنبر وكل من يقرأ الفاتحة ويؤمّن تحضر الملائكة تأكينه وإذا قال المصلي سمع الله لمن حمِد وتشهد صلاة الفجر (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) الاسراء) وصلاة العصر والصلاة في الطريق. وهناك ملائكة متخصصون بنقل سلام العبد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والملائكة تُصادق من يصلي في المسجد الفروض الخمسة وكان من الصحابة من رأى الملائكة قناديل في السماء يستمعون إلى تلاوته القرآن. وجاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم "أطّت السماء وحق لها أن تئطّ فما من موضع إصبع إلا وفيه ملك ساجد أو راكع. والملائكة تقرأ ما في ضميرك وخواطرك التي تسمعها الملائكة صوتاً. في الحديث القدسي "إن العبد ليعصيني فيذكرني على الذنب فأغفر له".

والإنسان يرى الملائكة ساعة الاحتضار (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصّلت) والله تعالى يمتدح عباده الصالحين أمام الملائكة ويذمّ الطالحين ولو كشف الله تعالى عنّا الغطاء لرأينا الملائكة يحفظوننا ويدفعوا عنا الشرّ ويخدموننا وفي رمضان نحن مع الملائكة مباشرة ويستغفرون لنا ليل نهار.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالجمعة 25 يونيو 2010 - 3:40



حرف الحاء - منظومة حطّ


حطّ– غفر – عفا – تاب – بدّل – تجاوز – وضع – صفح

هذه هي منظومة مفغرة الذنوب وهي أمل كل المؤمنين الموحّدين لله تعالى لأن طموح كل مؤمن أن يلقى الله تعالى وليس عليه ذنب. ولدقّة القرآن الكريم فقد رتب هذه الكلمات حسب أعمال العبد. فالعبادة ليست متساوية فالصلاة مثلاً في رمضان تختلف عنها في غيره والصلاة في أرض الرباط تختلف عنها في غير أرض والخطيئة في مكة مثلاً تختلف عنها في غير مكة. فالذنوب تتفاوت كما تتفاوت العبادات وموقف المؤمن من ربّه هو الذي يحدد موقف الله تعالى منه. والذي كان يفعله العبد بعد وقوعه في ذنب أو خطيئة مهم وحجم توبته إلى الله تعالى مهم أيضاً وإقلاعه عن الذنب وإصراره على عدم العودة إليه كلها مهمّة وتُحدد موقف الله تعالى من العباد يوم القيامة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد) (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) الجاثية) فعلى وِفق موقعك من الذنب يتحدد موقف الله تعالى منك لهذا فكل كلمة في هذه المنظومة لها دلالة مختلفة عن أختها.

تحدثنا سابقاً عن التوبة من حيث كونها فِعلٌ من العبد في منظومة تاب لكن توبة العبد تتبعها توبة من الله عز وجل وهي متوقفة على توبة العبد كما في قوله تعالى (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) التوبة) فكلمة تاب في هذه المنظومة تدخل في معناها أنها توبة من الله تعالى على عباده.

التوبة: شرع الله تعالى التوبة أولاً ثم تاب العبد ثم تاب الله تعالى عليه. إن الله تعالى توّاب من حيث شرّع التوبة لنا (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) الفرقان) ثم بعد ذلك يتوب العبد فيتوب الله تعالى عليه. فالله تعالى توّاب والعبد توّاب وتوبة تترتب على توبة وهذه التوبة تستدرج باقي مراحل وكلمات هذه المنظومة.

قال تعالى (وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) الفرقان) هذا الذي يصبح بطلاً في التوبة هؤلاء يدخلهم الله تعالى في الصالحين (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9) العنكبوت) والصالحين هم الفئة الرابعة بعد النبيين والصدّيقين والشهداء (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) وهم ليسوا المؤمنون الذين عملوا الصالحات بل هم الذين صاروا أبطالاً في الصلاح.

متاباً: العبد يستمر في التوبة يتوب عن ذنب ما اليوم وكلا ابتُلي بذنب يتوب عنه فإذا بلغ العبد من توبته أنه لا يذنب أصبح تواباً وصار من زُمرة معروفة عند الله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) الزمر) والزمرة العظيمة هي زمرة التوابين التي يحبها الله تعالى.

المغفرة: المغفرة والعفو متتاليان فقد يكون العفو قبل المغفرة وقد تكون المغفرة قبل العفو. والمغفرة هي التجاوز عن الذنب في الظاهر وقد يبقى في الباطن وسيحاسب عليه يوم القيامة. فقد يغفر الله تعالى للعبد ذنوبه في الظاهر ويحكم عليه أنه من أهل الجنة ثم تأتي مرحلة يُسأل العبد فيها عن الرحِم والأمانة فإن كان قد أكل أمانة أحد أو قطع رحِمه يؤتى بالأغلال ويساق إلى النار. وهذا أمر مهم علينا أن ننتبه إلى موقفنا من الأمانة والرحِم. مثل هذا العبد يكون ذنبه مغفور في الظاهر لكن ما زال لديه ذنوب في الباطن فيُعاقب عليها. (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) البقرة)، (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) آل عمران) (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر)

العفو: هو التجاوز عن الذنب ظاهراً وباطناً وهو مرتبط بشروط معينة وهي أن يكون موقفك سليماً من الأمانة والرحِم فالله تعالى يغفر للشهيد كل شيء إلا الأمانة والرحِم. والستر معلّق بشرط. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من الدعاء "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني" خاصة في ليلة القدر. (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) البقرة) (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) النور)

الصفح: بعد أن تاب العبد ثم غُفِر له ثم عُفي عنه تأتي المرحلة الأجمل وهو أن يُصفح عنه فلا يُعيّر بذنوبه ولا يُثرّب والتثريب هو أن تعيّر العبد بذنبه بعد أن عفوت عنه ولذا جاء في القرآن الكريم على لسان يوسف عليه السلام مخاطباً إخوته (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) يوسف) انتهى الموقف. والله تعالى يوصينا بالصفح (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) البقرة) (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) النور) فالصفح من مجملات العفو من حيث أنك لا تذكر ذنب المذنب بعد ذلك ولا تُذكّره فيه ولا تعاتبه ولا تُعيّره كلما رأيته مهما كان الذنب عظيماً. والصفح يأتي بعد العفو (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) المائدة) ومن الإحسان أن تصفح عمن عفوت عنه (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) الحجر) والصفح الجميل هو الصفح بلا عتاب. ولنا في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة فهو صلى الله عليه وسلم على رغم شدة أذى قريش له خلال الدعوة من أبي سفيان وهند وغيرهم لم يعاتبهم بما فعلوا به أو بالمسلمين.

التكفير: تكفير الذنب عبادة تُغطّي على ذنب. كأن تكون أسأت إلى أحد إساءة ثم تُغرقه بفضلك حتى تكفّر عن ذنبك (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) آل عمران) "أتبِع الحسنة السيئة تمحُها" (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) هود). تكفير الذنب هو كل من فعل ذنباً فكفّره بعبادة أو استغفار ومنها الكفّارة التي تُلغي الذنب ككفارة اليمين (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) المائدة) وكفارة الحلق في الحج وسائر الكفارات في القرآن الكريم.

الحطّ والوضع: حطّ: هو عدم حساب الذنب ذنباً فالحرام لم يعد موجوداً وأصل الحطّ ما قاله بنو اسرائيل (وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) البقرة) أي حُطّ عنا ذنوبنا وعند المسلمين (وضع). مثلاً صوم رمضان ركن لكنه عند السفر لا يعود ركناً إلى أن يعود المسافر والصلاة الرباعية في السفر حطّها الله تعالى إلى ركعتين وهكذا الكثير من الأعمال ومنها أحدهم شارف على الهلاك وليس أمامه إلا الخمر وهو يكاد يموت حطّ الله تعالى عنه تحريم الخمر فيشرب ما يمكّنه من الإبقاء على حياته. وقوله تعالى (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الشرح) بمعنى كأنه غير موجود.

إذن كلمة حطّ تقابلها كلمة وضع في القرآن وكلاهما بمعنى عدم اعتبار الذنب ذنباً. والحطّ والوضع كل منهما إلغاء كون المحرّم محرّماً للزمن والمكان والشخص المعيّن وهذه مِنّة من مِنَن الله تعالى العظيمة علينا. "إذا أحبّ الله عبداً لا تضرّه الذنوب"

حطّ ويحطّ مصطلح فقهي إسلامي ورد في الحديث الشريف فقد ورد في الحديبية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" من يصعد الثنيّة فإنه يُحطّ عنه ما حُطّ عن بني إسرائيل" وكان أول من صعدها الخزرج. وفي حديث آخر " من تطهّر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحطّ خطيئة والأخرى ترفع درجة" (أخرجه مسلم 666) و " من قال سبحان الله وبحمده في يوم مئة مرة حُطّت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر" والحديث: " ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حطّ الله به سيئاته كما تحطّ الشجرة ورقها" (أخرجه البخاري 5648، ومسلم 2571).

حطّ ووضع: إلغاء حُرمة المحرّمات من حيث أثرها فلا يحاسب على شيء وهذه من مِنن الله تعالى.

التجاوز والتبديل: الله تعالى غفور رحيم لكونه غفور رحيم كونه رحيم بعد المغفرة لا يكتفي بالتجاوز عن الذنب وإنما يبدّله حسنة وهذه أثر من آثار المغفرة من حيث أن كرم اله تعالى لا تدركه عقولنا. (أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) الاحقاف) (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) الفرقان).

الله تعالى غفور بطبعه ومن قوانين اله تعالى أن يغفر الذنوب فهو سبحانه غفّار لعدة خطايا وعدة مراحل كلما أذنب العبد استغفر ربّه والله تعالى لا يملّ حتى يملّ العبد. في الحديث القدسي : "أذنب عبد ذنباً فقال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنباً فعلِم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنباً فعلِم أن له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ به، ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنباً فعلِم أن له ربّاً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك" وفي الحديث الشريف " ما أصرّ من استغفر ولو عاد سبعين مرة".

هذه المنظومة من أجمل المنظومات عند العبد المؤمن لذي لا أمل له إلا بعفو الله تعالى عن ذنوبه وتجاوزه وصفحه.

أسباب المغفرة:

كل حركة في يوم المسلم وليله من ساعة استيقاظه إلى ساعة نومه يمكن أن يجعلها سبباً من أسباب المغفرة حتى ضحكه وحزنه ومرضه وطعامه وشرابه. وعند تقصّي الكتاب والسنّة وواقع الحال نكتشف أن أعظم أنواع المغفرة وأسرعها إلى مرضاة الله تعالى وأسبقها إلى ميزان الحسنات هو موقف العبد المؤمن من الآخر سواء كان هذا الآخر انساناً أو حيواناً أو جماداً أو نباتاً. فكل موقف إيجابي يقدّمه المؤمن للآخر فأنه ينجو به. ومعظم رضى الله تعالى في الإحسان (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) المائدة) وفي الأحاديث النبوية أمثلة كثيرة منها حديث البغي ّ التي سقت كلباً يلهث. وإذا غرس العبد شجرة له أجر كل من انتفع بها من طير أو حيوان أو إنسان وكذلك الذي في أرضه نبع ماء مثلاً فكل من شرب منها للعبد فيه صدقة وتكون في ميزان حسناته يوم القيامة. وإذا بنى العبد بناء فله بكل من يستظل به حسنة وإذا نحّى العبد شوكة من الطريق ليسهّله للآخرين ويمنع عنهم الأذى تكون له صدقة وفي الحديث : " رأيت رجلاً يتقلّب في ربض الجنة بشوكة نحّاها عن طريق المسلمين". وكل عمل فيه مغفرة الصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينها وكذلك ليلة النصف من شعبان ومن بلغ التسعين سنة وهو مؤمن يُسمّى عتيق الرحمن في الأرض، كل حمدٍ على شربة أو طعام، من قعد في مصلاّه لا يقول إلا خيراً ثم صلّى ركعتين وهو ينتظر الصلاة التالية، دعاء السوق "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يُحيي ويميت وهو حيّ لا يموت وهو على كل شيء قدير" ، من أحرم من بيت المقدس، رجل سهل إذا باع سهل إذا اشترى، كل من جلس مجلساً وتحدّث ثم دعا بدعاء كفارة المجلس يغفر الله تعالى ما كان من لغط في مجلسه، السلام على من عرفت ومن لم تعرف " لاتقوم الساعة حتى لا يكون السلام إلا على المعرفة" لا يُبقي على المؤمن ذنب، وهذه عبادات أراد الله تعالى أن يحقق إرادته (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ (27) النساء)

أهم وأعظم هذه العبادات وأهم من العفو والصفح هو موقفك من الآخر. الناس كلهم يصلّون ويصومون أما موقفك من الآخر فهي حقوق الناس عليك: إذا زار العبد رجلاً مريضاً دون مجاملة أو حاجة له عنده إنما زاره لوجه الله تعالى لا يبقى عليه ذنب، رجل أدخل السرور على آخر كأن يكون عنده دين فيوفّيه عنه أو يواسيه في حزنه ويعوده في مرضه ويطعمه إذا جاع لا يُبقي الله تعالى عليه ذنب وفي الأثر أن الله تعالى يخلق من هذا السرور ملكاً جميلاً يرافق العبد حتى يدخل الجنة، وفي الحديث القدسي "وجبت محبتي للمتزاورين فيّ".

علينا أن نأخذ بالعبادات التي لا يُبقي الله تعالى بها ذنباً على عباده. ومن هذه العبادات أن تحمي أخاك في ظهر الغيب وتدافع عنه في غيبته يحمي الله تعالى ظهرك يوم القيامة، وكذلك من شهد له سبعة من جيرانه بالخير، والرحِم الكاشِح أي الذي ظلمك كثيراً ومع هذا فأنت تصله وتكرمه لا يُبقي الله تعالى عليك ذنباً، الستر على عورة المسلم فلا تفضحه وإنما تنصحه باللين إلا إن كان يترتب على معصيته حق من حقوق الناس كأن يسرق مالاً عاماً تعيد المال ولا تفضحه وإنما تنصحه وفي الحديث "لو كنت سترته بثوبك لكان أفضل"، إصلاح ذات البين والرسول صلى الله عليه وسلم يوصي بإصلاح ذات البين.

النجاة يوم القيامة هي في الخدمة التي تقدمها للآخر مسلماً كان أو غير مسلم ومنها إطعام الطعام في حرب أو غيره (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (Cool الانسان)، إغاثة اللهفان فقيراً كان أو مريضاً أو محتاجاً، الشفقة على المذنبين " لا تؤمنوا حتى تراحموا" و "لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم" ومحاولة نصحهم باللين وليس بالتعنيف والتعيير، ونحن مأمورون بالتآلف مع الناس حتى غير المسلمين لأنه لا أمل لنا بالنجاة مع البغضاء قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" دبّ فيكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء"، حُسن الظنّ بالأمّة، التاجر الصدوق لا يكذب والتاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، النُصح، الموظف الأمين الذي يساعد المراجعين، شُرطي يسهر على راحة الناس وأمنهم ويدفع عنهم الأذى ويحرسهم ويمنع الجريمة، المشي خلف الجنازة حتى تُدفن (له قنطاران والقنطار كجبل أُحُد)، الحُبّ في الله كما في الحديث القدسي وجبت محبتي للمتحابّين فيّ والله تعالى إذا أحبّ عبداً لا يعذّبه، القاضي العادل الذي لا يرتشي ولا يُحابي ولا يطلم، العفو عمن أساء إليك أن تعطي من حرمك وتصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك، توقير الكبير والرحمة بالصغير "ليس منا من لم يوقّر كبيرنا"، التواضع مهما كانت رتبتك ومكانتك من العبادات العظيمة، تقبيل الطفل كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقبّل الحسن والحسين وكان يقول من لا يرحم لا يُرحم وفي الحديث عن الرجل الذي رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يقبّل الحسن والحسن فأخبره أن له عشرة من الأولاد لم يقبل فيهم أحداً فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم أوأملك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟"، كفالة اليتيم والسعي على الأرملة والمسكين، الضيافة ففي الحديث أن الله تعالى يؤجر باللقمة، كل من ساهم وشارك في إعداد الطعام للضيف يغفر الله تعالى له،مجالسة الصالحين من طلاب علم وفقهاء وأصحاب فكر هذه المجالسة تجعل العبد منهم وهي مجالس يحبها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، حضور حلقات الذكر، الدعاء لأخيك بظهر الغيب فكل من تدعو له في ظهر الغيب تقول الملائكة ولك مثل ذلك، أن تموت في أرض غريبة ليست أرضك، أن تكون أميناً على أموال الدولة وعلى مال المسلمين، عدم التخلّف عن خدمة الشعب.

الكسب الرابح يوم القيامة والنجاة هي بموقفك من الآخر سواء كان إنساناً أو حيواناً أو شجراً أو جماداً تصرّفك معه أو فيه يغفر الذنوب جميعاً مغفرة جليلة القدر وخير الناس من نفع الناس.

والله تعالى يحب المحسنين والإحسان الذي جاء ذكره في القرآن هو موقفك من الآخرين والإحسان هو أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك. وفي الحديث "إن الرجل لينال بحُسن الخُلُق مرتبة الصائم الذي لا يُفطِر والقائم الذي لا يفتُر" فالتقوى الاجتماعية هي التي تنفعنا يوم القيامة نفعاً عظيماً. قال تعالى (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) البقرة) بمعنى اعفو واصفح وهي المغفرة العظيمة المطلقة ولاليس اعفو وحاسِب فإذا لم يعد في قلبك حقد على الذي آذاك ولا تذكّره يوماً بإساءته لك فاعلم أنك نجوت نجاة عظيمة.

والله تعالى عفو غفار رحيم عفو كريم ومن دواعي كرمه وعطائه أن يغفر لعباده " لَله أفرح بتوبة عبده من صاحب الراحلة". وإن تتبعنا أسماء الله الحسنى من الناحية العقلية لعرفنا أن الله تعالى لا يمكن إلا أن يغفر للمذنبين ولم لم نُذنب لذهب بنا الله وجاء بقوم آخرين يذنبون ويستغفرون فيغفر الله تعالى لهم. والرسول صلى الله عليه وسلم كان في ليلة القرآن يدعو اله تعالى "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفو عنا" ولو لم يُخطئ لآدم عليه السلام لجاء الله تعالى بآخر يُخطئ فيتوب عليه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالخميس 2 سبتمبر 2010 - 15:00


حرف الحاء - منظومة حصب

حصب– حطب – وقود – قطران

هذه هي منظومة وقود النار.

هناك فرق أولاً بين وَقود يفتح الواو ووُقود بضمّ الواو.

الوَقود: هي الاشياء التي توضع في النار لكي تتّقد من حجارة أو بشر أو قطران كلها تُسمّى وَقوداً، قال تعالى (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) البقرة) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) التحريم) (ذَاتِ الْوَقُودِ (5) البروج).

أما الوُقود: فتُطلق على عملية الاشتعال أي عندما تتّقد النار تسمّى وقوداً.

حطب: هو كل ما يُعدّ للإشعال والإيقاد قبل أن يُشعل. كل من لديه تنور يخصص مساحة عنه يجمع فيها ما يوقد به التنور أي الحطب. فالحطب هو ما يُعد للإشعال ولم يُشعل بعد. (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) الجنّ) هذا الكلام قبل أن تُشعل النار فيهم فالله تعالى منذ أن خلقهم أعدهم ليكونوا حطباً. والقاسطون من قسط أي الظلم وتعني هنا الشِرك. وهناك فرق بين قسط أي ظلم وأقسط بمعنى عدَل.

حصب: إذا أضرمنا النار في الحطب يُسمّى حصب. وكل حصب كان حطباً وكل حطب لا يكون حصباً إلا أن تُشعل به النار فعلاً. قال تعالى (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) الانبياء) هذا الآن بعد أن يصبحوا في النار والآية تخاطبهم يوم القيامة.

الحطب الذي سيصبح حصباً فتُضرم به النار أنواع مختلفة:

الناس والحجارة: إن من خلق الله تعالى من هو حطب للنار ويُعدُّ لها وهذا هو الذرأ أي إعداد الشيء وإيجاده (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) المؤمنون) فمنذ الأزل أوجد تعالى من مشركي الانس والجن ومن الملحدين الذين لا يؤمنون بالله عز وجلّ ليكونوا حطب جهنم كما قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الاعراف) أي أوجدنا أناساً هم حطب جهنم.

هذه النار التي هي معدّة لعبدة الأوثان والأصنام والملحدين أما المؤمنون المحّدون الذين يعبدون الله وحده فلهم نارٌ غير نار الكفار هذه.

الحصب هو نوع من أنواع دخول الجنة ودخول النار متعدد وليس كل المشركين والملحدين على وتيرة واحدة وفي حديث أن الله تعالى يُخرج من النار من كان في قلبه ذرة من توحيد.

والدخول إلى النار أنواع:

v دخول اعتيادي: (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) الزمر) أبواب جهنم مؤصدة تُفتح لإدخال هؤلاء المشركين الملحدين وسبق أن تحدثنا عن النار وأنواع العذابات فيها بحيث لا يمكن للعقل أن يدرك هذا النوع من النار. وهذه النار لا يليق بعبد يؤمن بالله تعالى ولا يشرك به شيئاً لأن الله تعالى قال (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) الليل) فنار المؤمنين شيء وهذه النار شيء آخر. فهناك رجل مشرك لكنه كان عادلاً بين الناس لا يُعذّب كما يُعذّب النمرود مثلاً أو الحاكم الظالم المشرك المتكبر والله تعالى أعلم. وكل ما نقوله الآن سنكتشف أننا بعيدون عن الصورة الحقيقية.

v أناس يلقون إلقاء من بعيد (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) ق) هذا الحصب. يُلقون في النار إلقاء من بعيد بعد أن يقيّدون بالسلاسل (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (Cool يس) وترفعهم أنواع من الكلاليب كما في الحديث قيُلقون من بعيد (إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (12) وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) الفرقان).

v قسم يُدعّون إلى جهنم دعّاً: كما يُدقّ الوتد في الجدار (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (13) الطور) كالمجرم القوي الذي يُدفع به إلى السجن بقوة. وهناك من الذنوب ليست عاراً وبعضها عار وخسيسة مع كونها حراماً فالرِبا مثلاً ليس فيه عار لكنه ذنب خطير لكن أن يزني أحدهم بمحارمه هذا عارٌ شنيع فهذا ممن يُدعّ في نار جهنم دعّاً. هذه الأساليب تبيّن لنا أن كلمة حصب نوع من وقود النار وحطب النار الذي يُلقى إلقاء من بعيد. يقول تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) القمر) الحاصب بمعنى زوبعة فالنوع الخسيس من الناس برغم كونه ملحداً يُلقى في النار كأنه جاءته عاصفة قوية فهؤلاء يدخلون النار بهذه الطريقة كما نرى العواصف القوية التي تجمع القاذورات والاوراق.

القطران: نسميه الآن الزيت وكان يُخرج من شجرة الأرز يصبح كالبترول الأسود وكانت تُطلى به الإبل المصابة بالجَرَب. وهذا القطران سريع الاشتعال. قال تعالى (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) ابراهيم) وهذه الآية تدلّ على أن هذه النار هي للكفار لأن النار لا تغشى وجوه المؤمنون الموحدون الذين لا يعبدون إلهاً آخر حتى لو حُكِم عليهم بالنار وإنما تصل النار إلى ركبتيه أو صدره لكن لا تغشى وجوههم النار كما في الحديث الشريف. لو غشيت النار وجه الانسان هذا هو الصلي ويكون ممن يصلاها (لا يصلاها إلا الأشقى). من هؤلاء الناس والحجارة والقطران. يكون عاري لكنهم ألبسوه ملابس من قطران سريعة الاشتعال.

الحجارة: منها ما هو أصنام (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) الانبياء) الملحد وما كان يعبد إنساناً أو حجراً أو شجراً وكل معبود غير الله تعالى من وقود النار.

المعادن المختلفة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة) معادن استعملت في الدنيا استعمالاً ظالماً تدخل في منظومة الحصب والحطب. لو عندك رشاشاً قتلت به إنساناً سيكون من ضمن الحطب الذي يشعل به النار. وكل ما يسرقه الانسان في الدنيا يكون له وقود في النار يوم القيامة.

الغلول: هو سرقة المال العام وكل موظف يسرق من مال الدولة سيجده من حصب جهنم الذي سيعذب به في النار يوم القيامة. (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161) آل عمران)

هذا كله لا ينفعك إذا كنت قد ظلمت أحداً أو انتهكت عرضاً أو اعتديت على أحد فكل ظلم واعتداء سيكون من حطب جهنم وبعد إشعاله يكون حصباً في جهنم يعذّب به هؤلاء. وكل مال حرام وكا اعتداء وكل ظلم سيكون من ضمن حطب جهنم وبعد استعماله يصبح حصب جهنم.

الكلام في النار وأوديتها وعذابها كلام طويل والحديث عن الآخرة من فرائض هذه الأمة (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) ص) وكل من لا يحدّث نفسه عن عذاب الآخرة يكون ظالماً.

من عباد الله من حرّم الله تعالى عليه النار وحرّمه على النار. قال صلى الله عليه وسلم لمّا رأى النار "لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولصعدتم الى الصعدات تجأرون" وعلينا أن نكون ممن حرّم الله تعالى النار عليه وحرمّه على النار ويجب أن نبحث عن هذه الأعمال التي وعد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم المؤمنين أنها تحرّمهم على النار من هذه الأعمال:

من الأعمال التي تُحرّم المؤمن على النار:

v الدعاء وفي حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وسلم أنه من قال حين يصبح وحين يمسي اللهم أجرني من النار سبع مرات تقول النار يا رب إن فلاناً استجارك مني فأجِره.

v الصدقة

v الشفاعة وهنها شفاعة الأنبياء لأممهم وفي قوله تعالى (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) المائدة) بكى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال أحسن عيسى الدعاء لأمّته فجعل الله تعالى الشفاعة لكل الأنبياء والشفاعة موضوع عظيم. والرسول صلى الله عليه وسلم يحاول أن يُخرج من استطاع من النار.

v الدمعة: كل من ذكر الله تعالى في خلوة وتذكر ذنوبه فخاف وبكى من خشية الله يحرّم الله تعالى عليه النار (وعين بكت من خشية الله) في الحديث "لا يلِج النار رجل بكى من خشية الله".

v بِر الوالدين: من مات وأبواه راضيان عنه فهو محرّم على النار على أن يكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أي من أهل القِبلة. "حديث ثلاثة لا يضرّ معهن عمل وذكر من بينها بِر الوالدين".

v شهادة الآخرين: ما شهد له سبعة من جيرانه بأنه على خير حرّم الله تعالى عليه النار وكذلك من صلّى عليه أربعون وشهدوا له بالخير. وشهادة الآخرين هذه هي أعجوبة العجائب (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) البقرة.

v من مات له ثلاثة أولاد "لا يموت لسملم ثلاثة من الولد يلج النار"

v تربية البنات: من كانت له ابنتان أو ثلاث أو أربع فأكرمهن وأحسن تربيتهن كُنّ له لجاء من النار.

v بعض الوظائف إذا كانت احتساباً لله تعالى كالمؤذن والذي يثوّب معه مثله من حيث لا تمسه النار والتثويب هو أن تردد خلف المؤذن فإذا قال أشهد أن لا إله إلا أشهد أن محمداً رسول الله قال وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله رضيت بالله رباً وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً لم يكن بينه وبين الجنة إلا أن يموت.

v أهل الليل والتهجد (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة).

v كل العَوَق والبلاء: أي عَوَق في الجسم يحمد الانسان الله تعالى عليه يكون وجاء له من النار وكذلك البلاء بكل أشكاله في المال أو الجسم أو الأهل أو الزرع إذا قال العبد إنا لله وإنا إليه راجعون وصبر فإن الله تعالى يحرّمه على النار.

v كل موت غير اعتيادي: كالموت في حادث أو بمرض أو حرقاً أو غرقاً أو قتل غير اعتيادي كل هذا يحرّمك على النار وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول :" اللهم إني أعوذ بك من موت الفجأة".

v الصلاة في وقتها في جماعة

v الصوم بكل أشكاله

v حديث "لا تمسّ النار من رآني أو رأى من رآني" وهذا حديث صحيح إلا أني لا أعرف معناه ولا قوانينه.

v حديث " من قال لا إله إلا الله حُرمت عليه النار" وهذا الحديث يختلف المسلمون فيه وما كان لهم أن يختلفوا. في أول الدعوة أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدخل الناس إلى الاسلام ويتركون الشِرك بالله ولم يكن هنالك أية تكاليف بعد فكان المهم التوحيد وكان همّ الرسول صلى الله عليه وسلم حينها أن يعلن الناس التوحيد فكل من ترك عبادة الأصنام حينها وعَبَد الله تعالى وحده لا تمسّه النار ثم لمّا جاءت التكاليف صار هناك أموراً أخرى. الأن في هذا العصر إذا ذهب أحدنا إلى روسيا ونحن نعلم أن كلهم ملاحدة وجعلت قِلّة منهم يوحدون الله تعالى فهؤلاء يدخلون الجنة بدون صيام أو صلاة ."عجبت لرجل دخل الجنة وم يصلي لله ركعة واحدة هذا الرجل كان مشركاً فآمن فمات على التوحيد.

v عندما تفسد الأمة وينتشر الزنى والعهر يصبح أي عمل بسيط كافياً لأن ينجو العبد من النار.

v أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب ورجل فقير عفيف متعفف. وأهل النار خمسة: الضعيف الذي فيكم تبعاً لا يبتغي أهلاً ولا مالاً (الخدم والإماء والعبيد فلا ينبغي الاعتداء عليهم "من زنى بأحدهم سفاحاً لا نكاحاً") والخائن (الذي يخون بلده وأهله) ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك على أهلك ومالك والشنظير الفاحش (الذي يشتم شتماً مقدعاً) وذكر أيضاً الكذاب الخائن.

v صنفان من أهل النار: الذين يعذبون الناس (كما يحصل في السجون الآن) والمرأة المسلمة التي تمشي حاسرة الرأس.

v إن الله حرّم النار على كل هيّن ليّن (أي كل انسان بسيط متواضع ليس عنده جبروت)

v "ثلاثة من كُنّ فيه حرّم الله النار عليه وحرم عليه النار : إيمان بالله وحُبّ الله وأن يُلقى في النار فيُحرّق أحبُّ إليه من أن يرجع إلى الكفر" أي لا يمكن أن يرتدّ عن الاسلام.

v "من اغبرّت قدماه في سبيل الله فقد حرّم الله عليه النار" هؤلاء المجاهدون في سبيل الله.

v الذاكرون في حِلَق الذكر "إن لله ملائكة يتبعون حِلَق الذكر" وفي الحديث "ذهب الذاكرون بكل خير"

v المرابطون بين المغرب والعشاء والرباط هو انتظار الصلاة بعد الصلاة ولا يقول المرابط بينهما إلا خيراً أو يقرأ أو يتعلم أو يكتب.

v آية الكرسي بعد الصلاة.

الأعمال التي تحرمك على النار كثيرة ولا بد أن يكون المؤمن قد كظم غيظه مرة لوجه الله أو عفا عمن ظلمه لوجه الله أو توضأ على المكاره أو أنفق ما كان لديه وهو يحتاجه لوجه الله.

وصدق الله تعالى (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) الليل) أي الذي كذّب وحرّض وقتل وانتهك ولم يترك شيئاً إلا وآذى به المؤمنين وما أكثر ما جعل الله تعالى أسباباً لئلا يلِج المؤمن في النار وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم "لا يدخلها إلا شقي".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالخميس 2 سبتمبر 2010 - 15:07



حرف الحاء - منظومة حصن والتحصّن

الحصن– الملجأ – الوَزَر – الصياصي – البروج المشيّدة – الركن الشديد – الملاذ

هذه هي منظومة التحصّن. وكلمة حصن هي كلمة ضمن مجموعة الكلمات القرآنية التي تدل على تحصّن الانسان من عدوه أو من ساعة كرب شديد لا يفرّجه إلا رب العالمين سواء كان العدو مادياً أو معنوياً أو من نفسك أو أي شيء. ولقد استعمل القرآن الكريم هذه الكلمات استعمالاً اعجازياً ليس بوسع بشر أن يستعملها بحيث لا يمكن أن تُغني كلمة عن أخرى. والأحرف المقطعة في أوائل بعض سور القرآن تدلنا على أنه ما من أحد أحسن استعمال حروف اللغة أدباً وشعراً كالعرب ومع هذا فإن الله تعالى استعملها استعمالاً عجز العرب لبذين هم أهل اللغة عنه.

الصياصي: هي حصون تُشيّد للهجوم وليس للاحتماء. وأصل الكلمة صيصة وتعني قرن الثور القوي يقاتل به وجمعها صياصي. بعض الناس يبنون هذه القلاع على شكل قرني ثور لتكون مكاناً لقهر العدو وليس للتحصّن. قال تعالى (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) الاحزاب) ولم يقل ملاجئهم لأنها ستعني أنهم كانوا خائفين وأين يكون الاعجاز في إنزال قوم خائفين من ملاجئهم؟ قال تعالى صياصيهم لأنهم أقوياء وهذه الصياصي من الصعب الدخول إليها ومن هنا كان إعجاز استعمال الكلمة صياصيهم في هذه الآية ولا يمكن أن يكون لها بديل في هذه الآية.

الحصن: عندما يزداد هجوم العدو عليك وتشعر أنك فقدت قدرتك تنسحب من موقعك أمامه إلى موقع آخر تتحصّن فيه حتى يكون ذلك الحصن موقفاً إضافياً للقوة. قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) الحشر).

الملجأ: أنت منهزم وتدخل إلى الملجأ الذي لا يعرفه عدوك وتلجأ إلى الله بحيث لم يبقى لك بديل آخر. والملجأ للمنهزمين. قال تعالى (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) التوبة) و (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) الشورى). تلجأ إلى الله عندما لا يعد لديك وسيلة غير ذلك. أحد يغرق في البحر ولا يوجد أية وسيلة للمساعدة أو النجاة وأوشك أن يغرق وليس له إلا الله تعالى يقول يا الله هذا لجوء إلى الله تعالى وهو الحلّ الأخير الذي لا بديل له.

الوَزَر: هو الملجأ الذي يُلتجأ إليه من الجبل المترمدين على السلطة القوية. هي حصون في رؤوس الجبال يتحصن بها المتمردون على عدو ذو عِزّة ومناعة أو اللصوص. وقوة الوَزَر أنها شاهقة في رأس الجبل ويصعب الوصول إليها ويصعب على قوى الأمن مثلاً الوصول إليها. قال تعالى (كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) القيامة). وفي قصة نوح عليه السلام في الطوفان عندما نادى ابنه لريكب معه قال ابنه (قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) هود).

البروج المشيّدة: تُبنى عالية جداً وتكون أبوابها سرّية وقد تكون مداخلها تحت الأرض ولا يعرف أحد من أين يدخل إليها. (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) النساء)

وأضيفت هذه الكلمات من بعض الأخوات المشاهدات اللواتي اتصلن بالبرنامج مباشرة على الهواء:

الركن الشديد: وهو الشخصية القوية التي يُستند إليها أو المكان المسلّح القوي الشديد. (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) هود)

الملاذ: جاءت في القرآن لواذا وهي التقوي بشيء آخر. قال الإمام علي رضي الله عنه: كُنّا إذا حمي الوطيس لُذنا برسول الله. وتُسمى العشيرة القوية ملاذاً إذا كنت تتقوى بها. قال تعالى (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور).

كلمة المغارة ليس من اللجوء ولكن من الهرب الذليل كما جاء في آية سورة التوبة (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57)).

وأضيف والله أعلم كلمة الكهف ولا أدري إن كانت كلمتي المأوى والغار تدخلان في هذه المنظومة أيضاً:

الكهف: كما جاء في قصة الفتية في سورة الكهف (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) الكهف) هرب الفتية من الملك ولجأوا إلى الكهف.

لا تُغني كلمة من هذه المنظومة عن كلمة أخرى وهذا من دقة القرآن الكريم. وهذه هي الفروق بين كلمات التحصين. والتحصّن يكون كما قلنا من أشياء مادية أو معنوية وقد أمرنا الله تعالى أن نتحصّن من الشيطان بالمعوذات والرسول صلى الله عليه وسلم تحصّن منه " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك".

والله تعالى له صفات جلال مع العصاة كالمنتقم والجبّار وله صفات جمال مع الطائعين كالرحمن والرحيم والغفور. وقد يكون الانسان من أعداء الله تعالى فيتعامل الله تعالى معه بصفات الجلال ويحتاج الانسان لكي ينجو من هذا ولا ينجو إلا أن يفرّ إلى الله تعالى فلا ملجأ ولا مفرّ إلا أن تلجأ إلى الله تعالى (لا ملجأ من الله إلا إليه) والانسان يفرّ عادة من كل ما يخافه إلا الله تعالى فنحن نفرّ منه إليه سبحانه وتعالى. اللهم إني أعوذ بصفات جمالك من صفات جلالك.

الحصن والمحصنين والمحصنات وردت كلها في القرآن الكريم ووردت في ذكر مريم ابنت عمران في قوله تعالى (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) التحريم) لم يقل ابنة عمران العفيفة مع أنه جاء استعمال يستعفف في القرآن في قوله تعالى (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) النور) وكلمة التعفف معروفة جداً عند العرب وكان يسمّون الفيف والعفّان الذين حرموا على أنفسهم الخمر والنساء منهم عفّان أبو عثمان بن عفّان سُمّي عفّان لأنه كان عفيفاً عن الزنا والخمر. والفرق بين العفيفة والمحصنة أن العفيفة لا تزني مع اشتهائها للجنس الآخر فهي تتعفف أما المحصنة فهي التي لا يمكن أن يجتاحها أحد أو يقهرها أو يصل إلى مراده منها أحد مهما كانت قوته. قال تعالى (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ (24) النساء). والله تعالى أراد أن يهيب بكل مؤمنة فقال تعالى (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ (32) النجم)

قال تعالى (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14) الحشر) هذه ثقافة اليهود في التاريخ لا يقاتلون وجهاً لوجه وإنما يقاتولن في قرى محصنة ومن وراء جدر في دبابة مثلاً وهذا ليس لأنه خائف ولكن لأن هذه عقيدته لا يقاتل إلا في حصون أو صياصي. فسبحان الله تعالى الذي قال (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122) النساء) وهذا من حيث اللفظ ، وقال تعالى (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87) النساء) وهذا من حيث المعنى.

التحصّن من الشيطان يكون بالذكر والدعاء يكون في أي وقت.

لو تأملنا في قوله تعالى (لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ) في ساعة لا يمكن أن يخطر على بالك إلا الله تعالى تلجأ إلى الله. لم يقل لا حُصن إلا الله لأنه في ساعة الهروب الكمل والهزيمة الكاملة ليس لك إلا الله تعالى فتلجأ إليه. عندما ييأس الانسان ويظن أنه هالك لا محالة (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) الاحزاب) (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) يوسف) لا بد أن يكون في ملجأ وأي ملجأ غير الله تعالى قد لا يعصمه أو ينفعه أما الملجأ إلى الله تعالى فهو الذي يعصم وينقذ. في قصة يونس عليه السلام في بطن الحوت عندما وصل إلى قمة اليأس لجأ إلى ربه فقال (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) الانبياء) فنجّاه الله تعالى. وكلّنا مرّت عليه ساعات شِدّة وعسرة أو ضياع أو فقدان مال أو وصول إلى خطر داهم وعندما تصل إلى قمة اليأس تقول يا الله بلسانك وقلبك تشعر براحة وطمأنينة عجيبة جداً وتستقبل الأمر برضى وطمأنينة شجاعة لم تعرفها من قبل بمجرد أن خلوت بالله تعالى ونسيت من عداه وانتهى كل أمل إلا الله تعالى تشعر أن الله تعالى يراك والمحتضر الذي بدأ يرى شبح الموت يبدأ يشعر أنه وصل إلى كنف الله تعالى ولم يعد له ملجأ إلا الله تعالى تراه مطمئناً (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) . المسلمون في غزوة بدر والاحزاب عندما وجدوا أنفسهم أمام قوة قاهرة لا يقدرون عليها لجأوا إلى الله تعالى فنصرهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
semsem
رائد
رائد
semsem


عدد الرسائل : 249
العمر : 44
تاريخ التسجيل : 05/04/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالخميس 2 سبتمبر 2010 - 15:16



حرف الحاء - منظومة حَسَد


الحسد– العين – السحر – النفث

هذه هي منظومة قوة الشرّ الخفية في النفس والطاقة الكامنة في كل إنسان والتي تدفعه إلى الشرّ.

حسد والحسد: هو تمني زوال نعمة من مستحق لها وربما كان مع ذلك السعي في إزالتها. والحسد يكون عنحقد شديد وغليان وهذا الغليان يبعث في النفس تغيراً كيميائياً بحيث يؤدي إلى الإضرار بالمحسود. (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) الفلق)

النفث: هو قذف الرّيق القليل وهو أقل من التّفل. والساحرة مثلاً تأتي بعقد معينة فيها أشياء غريبة ويجعلها في عقدة ثم ما أن تنفث فيها حتى تصبح مؤثّرة ولشدة الهول في النفث أنزل تعالى آية فيها (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) الفلق) وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين بأن يستعيذوا منها وهذه الآية نزلت لتدفع بها هذا الشرّ الداهم. فما علاقة الرذاذ بأن تقرأ شيئاً من الدعاء ثم تنفث في يديك وتمسح به فتشفى كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع علي رضي الله عنه في خيبر وكان علي قد أصابه الرمد فنفث الرسول صلى الله عليه وسلم في عينيه ورقيه فشفي وأخذ علي رضي الله عنه الراية لفتح خيبر. والنفث هو عملية تركيز كما في علم اليوغا الآن والتخاطب عن بعد وغيرها تحصر تركيزك بأمر معين حتى تصل بتركيزك إلى شيء خارق في طاقاتك. وعندما تقرأ رقية على إنسان مريض ثم تنفث في يديك وتمسح به على المريض تؤثّر فيه فكأن النفث هو بداية توجيه هذه الرقية إلى صاحبها كما يعمل جهاز التحكم عن بُعد (الريموت) الذي لا بد أن يكون موجّهاً إلى الآلة التي يتحكم بها. والنفث والله أعلم في الخير أو الشر هو تشغيل لعملية الرقية أوالسحر.

والفرق بين الحاسد والنافث أن الأول يتمنى زوال النعمة من المحسود أما النافث فهو لا يتمنى زوالها وإنما لا يرى الآخر أهلاً لما حصل عليه ويرى نفسه خيراً منه ويستصغره بعينه ويراه دون المستوى لكنه لا يحقد عليه ولا يتمنى زوال نعمته. وفي الحديث : " لا تجوز الرقية إلا من عين أو حمّى أو نافث".

العين: العين معروفة قال تعالى (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) القلم) والعين لغة فالعين تتكلم إن كنت حزيناً أو راضياً أو غاضباً أو معجباً أو مداعباً أو محتجّاً وكان مشركو العرب إذا أرادوا أن يصيبوا أحداً بالعين جوّعوه ثلاثة أيام جوعاً عظيماً ثم يذهب إلي الذي يريد أن يصيبه فيمدحه فيصيبه بالعين. والآية نزلت في المشركين الذين عجبوا لحُجّة الرسول صلى الله عليه وسلم والدين الذي جاء به فحسدوه وأكثر من حسده أقاربه ولهذا وصّى الاسلام بالرّحِم لشدة أذى بعضهم لبعض ولذلك يوقل الرسول صلى الله عليه وسلم " أفضل الصدقة على ذي الرّحِم الكاشح المُبغِض" فالعين تأتي من أقرب الناس إليك.

السحر: هو مجموعة أشياء تفعلها تفرّق بها بين الناس أو تؤذيهم أو تُنسيهم كما في قوله تعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) البقرة)

نبيّن أن الانسان مليء بالطاقات الهائلة في الخير والشّر كما أن فيه طاقة الحيد بحيث يقتل المحسود أو العين إذا نظر إلى إنسان فأعجبه فيهلكه أو النفث وكذلك السحر بكل أنواعه طاقات فعّالة من اللامعقول يمكن للإنسان أن يكون قاتلاً بعينه بحيث لا يُعاقب عليها القانون. والإنسان معبّأ بططاقات خيّرة كثيرة منها علم التخاطب من بعيد والخوارق الكثيرة عند الصالحين والطالحين وهي قضية رياضية وتعويد النفس كالمشي على الماء والقفز من مكان إلى مكان.

الإنسان طاقات هائلة ومعنى ذلك أن كل إنسان يولد وفيه هذه الطاقة (لقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) التين) كما خلق الله تعالى الكرة الأرضية مليئة بالطاقات منها ما اكتُشف منها من لم نكتشفه بعد. هكذا عبّأ الله تعالى الإنسان بطاقات هائلة ليس السحر والحسد والعين وإنما طاقات خيّرة فهناك من إذا رأيته تهابه مهابة عظيمة ويأسرك ولا تدري كيف ومنهم من إذا رأيته تتبعه ومنهم رياضي واقتصادي لديهم طاقات هائلة في مجالهم.

والإنسان أعجوبة العجائب (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (11) لقمان) ولعظمة الإنسان جعله الله تعالى يعمُر الأرض فالذي اخترع الطائرة مثلاً فيه طاقة هائلة أن فكّر في هذا الأمر ثم نفّذه والذي صنع الغوّاصة تفكّر في الحوت ثم صنع الغواصة وكل مخلوق فيه طاقات وعليه أن يكتشفها.

وكل إنسان هو من نمط معين فهناك نمط عسكري مثل خالد بن الوليد وهناك نمط اقتصادي وآخر رياضي وآخر تعبّدي. وعلى كل إنسان أن يكتشف طاقاته وهذه هي الفطرة التي خلق الله تعالى الناس عليها. كل إنسان فيه قدرة قد يأتي بعض الناس فيكتشفوا الطاقة عندهم فتُنمّى هذه الطاقة بطرق علمية. وهذه الطاقات تُقتل وتموت بالتعذيب والترهيب والتجاهل والازدراء ولهذا فإن عملية التربية عملية مقدّسة. لأجل هذا جعل الله تعالى الطاقة في الخير والشر فالساحر لم يكن ساحراً لكنه اكتشف في نفسه طاقة التأثير على الآخرين وكان من الممكن أن يكون خيّراً ويستعمل قدرته في الخير. والخمر انحراف للطاقة فأصلها عنب حلال فيه منافه وأوجه استعمال في الخير وكذلك الطين يمكن أن يكون للخير ونصنع منه الزجاج وغيره لكنه عندما ينحرف عن طاقته يُصنع منه أصناماً، وكذلك علم الذّرة كان يمكن أن يكون لاصلاح الكون لكنهم صنعوا منه سلاحاً قاتلاً يدمّر الناس.

علينا أن نكتشف الطاقات ثم نوجهها التوجيه الصحيح. علم التخاطب أصبح علماً الآن وكذلك التنويم المغناطيسي يكفي أن تنظر في عين أحدهم حتى يُخرجك من ذاتك ويأمرك بفعل بعض الأشياء لا تعرف عنها شيءاً فتفعلها وهذا أمر خطير وصل لدرجة فصل الروح عن الجسد فتقعل ما تفعله في اليقظة لكن دون أن تعلم.

هذه الطاقات الهائلة سبيل من سُبُل الشر مثلما هي سبيل من بل الخير. إنسان ما اشترى سيارة جديدة فاخرة وآخر يغلي حقداً عليه يتمنى زوال النعمة منه، فبهذا الانفعال يصدر منه اشعاعات بحيث فعلاً يصيب المعيون بضرر أو مرض. الجوّال الآن لشدة إشعاعاته يصيب بالصمم أو بالسرطان فكيف لا تُهلِك العين بالاشعاع؟ العين تُصدر إشعاعاً قد يؤدي إلى خير وقد يؤدي إلى شر.

هذه الأمّة لم تصل بعد إلى أن يكتشف الإنسان طاقات نفسه وأن تكتشف المدارس طاقات طلابها والحكومات طاقات شعبها أما الأمم العظمى فهم يحتفون بأصحاب الطاقات حفاوة عظيمة.

يقول تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) التين) وهذه الفطرة والأمثال تقول في كل شاعر طفل والطفل يعني الفطرة فالطفل مادة خام تُعبّأ فيها الطاقات فإما أن تُنمّيها وإما أن تسحقها وفي الغالب أطفالنا يعانون منّا خوفاً وإذا خاف الطفل ضاع والنتهى وقُتلت فيه الطاقات تماماً كما تسحق النبتة الجميلة بقدمك. كل صاحب إبداع أو خارق (والخوارق هي أن تفعل غير المألوف) كل إنسان فيه جانب من هذه الخوارق والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :" اعملوا فكل ميسّر لما خُلِق له" وهذا يذكّرنا بالرسول صلى الله عليه وسلم عندما وزّع المهامات على أصحابه ففي الآذان مثلاً كان رؤية رآها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في منامه لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له :" مُر بلالاً يؤذّن فإنه أندى منك صوتاً" وكذلك الحديث عن زرقاء اليمامة التي كانت ترى من مسافة ثلاثة أيام هذه خارقة . وكذلك عمر بن الخطاب عندما رأى المعركة في خراسان فقال يا سارية الجبل. وإلى الآن يسمع الناس أصوات صهيل الخيول في موقع غزوة مؤتة. فالكون كله معبّأ بقواني وطاقات والكون كله فيزياء.

مرحلة التعليم والتربية هي مرحلة أساسية من أجل هذا ولذلك فإن أعداء الأمة الاسلامية يرصدونه هذه المرحلة رصداً وطاقات الأمة الاسلامية وحدها تعادل طاقات الكون لكنها مقهورة مقموعة لا يُسمع لها وإذا حدث أن وصل أحد الملسمن لاكتشاف وتنمية طاقاته قتلوه وقد حدث أن قُتل الكثير ن العلماء المسلمين المصريين والسوريين والعراقيين وغيرهم لمّا وصلوا إلى حد لا يسمح الغرب للملسمن أن يتجاوزوه.

وبالتالي جعل الله تعالى من كل هذه الأمراض شفاءات بكلمة وكم من كلمة لها تأثير معيّن على كل الأحداث قال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) ابراهيم) وإذا رأيت شيئاً أعجبك فقلت: بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله فإنك تلجم الطاقة عن أن تُضرّ وينتهي أثرها. وروي أن بعض الصحابة كان يسبح فمرّ به صديق قال: ما هذا والله ولا جسد المخدّرة فأصابه فكاذ أن يكوت فذهب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على وشك الموت فقال لأصحابه :" لمَ يقتل أحدكم أخاه أما أن تقول بارك الله لك بارك الله فيك". فما أن تقول بارك الله لك بارك الله فيك بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله حتى ينتهي الأثر تماماً.

وكل شر إذا جابهته بما يقطعه ينتهي أثره فالكون كله إشعاعات والمصريين اكتشفوا أن الذين يحصّنون أنفسهم بالتعاويذ والرُّقى وجدوا هالة نورانية على وجوههم.

أدوات استجلاب الطاقة الهائلة:

هناك أدوات لاستجلاب الطاقة الهائلة:

الصمت: قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" إذا رأيتم الرجل يُطيل الصمت فهو يُلقّن الحِكمة"

الخلوة: أن تبتعد عن الاختلاط مع الكثير من الناس وتنبقى خالياً.

التأمّل: هو مفتاح هذه الطاقة وفي الحديث:" اعتكاف ساعة خير من صلاة ستين سنة" وفي حديث آخر: " من اعتكف ساعة في المسجد باعج الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق كل خندق ما بين المشرق والمغرب" . فالاعتكاف في المسجد مثلاً بين المغرب والعشاء بعيداً عن الناس والأسواق والأخبار والمشاكل تجد نفسك تخرج من هذا الاعتكاف بطاقة مصقولة مصنوعة صناعة ربّانية. وعن الإمام القطّان ذكره عند البغدادي وقد عُرِف بجودة استنباطه واستشهاده في كتاب الله فسُئل عن ذلك فقال: بكثرة الخلوات في الفلوات والتأمل في الكائنات والتدبّر في الكائنات.

ولكي تصل إلى طاقة نفسك في العلم أو في أي مجال لا بد أن تكون في صمت وخلوة وتأمل وتفكّر.

والقرآن الكريم يعلّمنا عبارات تقطع الشر. فمثلاً لو تآمر عليم كل الخلق فقلت (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) غافر) يقيك الله كل سوء لأن بعد هذه الآية قال تعالى (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)). ولو أصابك سوء أو مرض فقلت (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) الأنبياء) كما قالها أيوب يشفيك الله تعالى لأنه قال بعدها (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)) لكن عليك أن تقولها بنفس العمق الذي قالها به أيوب عليه السلام. وكذلك المغموم إن قال (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) الأنبياء) ينجيه الله من الغمّ لأنه قال بعدها (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)) لكن بشرط أم تقولها مع مقدمات من الصمت والتأمل والخلوة والاعتقاد الجازم بالله تعالى.

الحسد طبيعة في الإنسان وكل إنسان كما قلنا معبّأ ابلطاقت خير وشر وهناك إنسان يستعمل هذه الطاقات بالشر ومنهم من لا يستعملها وهناك حَسَد يحسُد من باب نصر ينصُر وهناك حَسَد يحسِد من باب ضرب يضرِب وهذا هو الحسد المنهي عنه وقوله تعالى (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) الفلق) أي من شر الحاسد إذا حسد فيمكن أن يكون هناك حاسد لا يحسد. والرسول صلى الله عليه وسلم جعل الحسد مع منظومة أخلاقية هائلة فقال في الحديث: " إيّاكم والظنّ فالظنّ أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا" وهذه منظومة تؤذي المسلم أذى مباشراً . ومن أراد أن يكون مسلماً حقاً عليه أن يتربّى ويحتهد حتى يُنقّي نفسه من هذه المنظومة ليصدُق فيه قوله تعالى (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء). وفي الحديث :" لا يجتمع في قلب مؤمن إيمان وحسد" وقال أيضاً : " لا يزال الناس متعارفين متحابين أصحّاء ما لم يتحاسدوا" وقال: "دبّ إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء" وكلاهما متقاربان.

والحاسد لا يناله من حسد المحسود شيئاً. وروي: المؤمن يغبِط والمنافق يحسد" فالغِبطة هي أن تتمنى أن يكون لك مثل النعمة التي مع غيرك إلا أنك لا تتمنى زوالها من الآخر.

v ومن الطاقات الهائلة التي ينميّها الإنسان ما يُعرف الآن بالبرمجة العصبية اللغوية وقد قيل أن الإنسان العادي يستخدم طوال حياته 1% من قوته العقلية والعالِم من البشر يستخدم إلى أقصى حد 4% ويقال أن العالِم آينشتاين استعمل 4% من قوته فماذا لو طوّر الإنسان نفسه بحيث أصبح يستعمل 10% مثلاً من طاقته وعقله؟

v الرقية الشرعية إشعاع من الراقي وانفعاله تؤثّر على المرقي ولا أظن أن الرقيةبالكاسيت تنفع لأن الراقي عليه أن يمس المرقي فكم سمعنا بمن يشفى بلمسة. والرقية تقتضي يقيناً كاملاً من الراقي والمرقي. ولا يقول أحدنا رقيت وما زال الحسد لأنه بقراءة الآيات لا تدري ماذا ردّ الله عنك من سوء ولولا قراءة الآيات لأصابك شر عظيم لكن علينا أن نبدع في الرقية فعل قدر ما نبدع فيها على قدر ما يكفينا الله تعالى شر الحسد.

العوائق التي تحول دون وصول الإنسان إلى العلوم المدفونة في ذاته:

1. نقص في التدريب العقلي والانسان كلّما تعلّم ترقّى عقله ونحن بحاجة لأن نترقّى بعقولنا وقلوبنا كما يترقّى المقاتلون بنفسياتهم حتى يصبح الموت عندهم لا يعني شيئاً.

2. عدم الصمت والخلوة والتأمل.

والآن في كل دول العالم المتحضّر توجد معاهد لابراز واكتشاف طاقات الانسان وتوظيفها توظيفاً علمياً مدروساً.

الخوارق تكون في الإيجابيات والسلبيات ونحن نعرف نوعها من تأثيرها وآثارها وقد أُسيء استعمال الكثير من هذه الخوارق ولهذا أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: " لا تعلموها السفهاء" حتى لا يستعملوها في الشّر كما في قوله تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) وقوله تعالى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الأنبياء).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
rawanheha
رائد
رائد
rawanheha


عدد الرسائل : 259
العمر : 23
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله   الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله - صفحة 3 Emptyالإثنين 6 سبتمبر 2010 - 6:18

جزاكم الله خيرا Razz Razz Razz Razz Razz Razz
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الكلمة وأخواتها في القرآن الكريم للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي حفظه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 3 من اصل 4انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» القرءان الكريم بصوت الشيخ أحمد بن علي العجمي
» القرآن الكريم كامل للموبيل بصوت الشيخ مشارى العفاسى
» القرآن الكريم كاملا بصوت الشيخ محمود خليل الحصري (المرتل)
» حكم قول صدق الله العظيم بعد انتهاء تلاوة القرآن الكريم
» السيرة الذاتية للدكتور أحمد زويل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات :: منتديات الإسلاميات :: منتدى التلاوة وعلوم القرءان-
انتقل الى: