احمـــــــــد بشـــير فريق أول
عدد الرسائل : 4007 العمر : 73 العمل/الترفيه : مدير جودة تاريخ التسجيل : 04/03/2008
| موضوع: مساجد أسسها النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزواته الثلاثاء 7 أكتوبر 2008 - 11:15 | |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساجد أسسها النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزواته الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً - إلى يوم الدين أما بعد:
لما كان المسجد مرتبطاً بالجهاد والغزو ارتباطاً وثيقاً، اهتم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وربط المجاهدين والمقاتلين به، ليثبت لنا أهمية المساجد في المواقع العسكرية، والقواعد الحربية، والخطوط الأمامية، والجبهات القتالية، ليكون محطة وقود يتزود منها المجاهدون في سبيل الله في تقوية صلتهم بالله - سبحانه وتعالى -، والإخلاص له، وتلقي معاني الصبر والثبات، والترغيب فيما أعد الله للمجاهد في سبيله من الأجر العظيم، والثواب الجزيل، لذلك كان لا بد للمسجد أن يرافق المجاهد في سفره وحضره، وحله وترحاله، وقيامه وقعوده، ليستمد منه المعاني الروحية، والزاد الإيماني الذي يبعثه بالتقدم إلى ساحات الوغى، والتضحية في ميادين القتال، وتمني الشهادة، والبحث الجاد عنها، وبيع نفسه لله رب العالمين؛ حتى تصير الشهادة أعز مطلوب له، وأعظم مقصود عنده، ويتمناها الليل والنهار سراً وعلانية كما قال أحدهم:
أيا رب لا تجعل وفاتي إن دنت على مضجع تعلوه حسن المياثر
ولكن شهيداً ثاوياً في عصـابة يصابون في فج من الأرض غائر
فلما استحال توفر مثل هذه المعاني من غير المسجد؛ جعل له النبي - صلى الله عليه وسلم - الأهمية الكبرى، والمنزلة العظمى، فكان لا ينزل منزلاً، أو يغزو غزوةً، أو يرتحل مرتحلاً؛ إلا أنشأ مسجداً، أو أمر أهل ذلك الحي ببنائه، وهذا معلوم بالاستقراء من سيرته - صلى الله عليه وسلم -، وسنطل - بإذن الله - في هذه الإطلالة البسيطة على نماذج من المساجد التي أسسها النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزواته؛ إما لكونه استقر في ذلك المكان، أو أقال فيه أو استراح، أو أدركته فيه صلاة من الصلوات وهو في سيره إلى الغزو، فكان يصلي فيه، ويتخذه مسجداً، ولعل من أهم هذه المساجد:
1- في غزوة العشيرة قال ابن كثير - رحمه الله -: "نزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة ببطحاء أبي أزهر يقال لها "ذات الساق" فصلى عندها فثم مسجده"1.
2- في غزوة بدر الكبرى صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في طريقه إليها في أماكن متعددة، فاعتمدها الصحابة مساجد منها: مسجد دون السيالة عند شجرة طلح، قال الحربي: "أخبرني أبو جميع عن نادر الأسود - وكان أعلم الناس بالطريق بين مكة والمدينة لكثرة سلوكه - قال: وأول المساجد التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي في الحرة، والثاني: مسجد الشجرة، والثالث: مسجد دون السيالة"2.
3- في غزوة بدر صلى بالروحاء، وسمي مكان مصلاه بمسجد الروحاء كما ذكر الواقدي في مغازيه.
4- في غزوة الخندق والرسول - صلى الله عليه وسلم - خارج من المدينة اتخذ له مسجداً كان يسمى مسجد الفتح، قال الحربي: "وجلس - أي النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا فيه"3 وروى ابن أبي شيبة بسنده عن المطلب بن حنطب وجابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا في المسجد الأعلى على الجبل يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، واستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين4.
5- في غزوة خيبر وهو في طريقه أسس مساجد عدة؛ لأنه كان ينيخ، أو يستقر بعض الأيام في بعض المواضع والأحياء من أهمها:
أ- مسجد العصر: وعصر موضع على مرحلة من المدينة قال ابن إسحاق: "حين خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى خيبر سلك عصر، فبنى له فيها مسجداً، ثم على الصهباء"، وقال الطبري - رحمه الله -: "مسجد عصر من مشاهير المساجد التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - عند خروجه إلى خيبر"5.
ب- مسجد الصهباء: روى الإمام مالك عن سويد بن النعمان - رضي الله عنه - أنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء - وهو أدنى من خيبر - نزل فصلى العصر، ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق، فأكل وأكلت، ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا، ثم صلى - صلى الله عليه وسلم - ولم يتوضأ، قال الطبري: والمسجد بها معروف6.
ج- مسجدان بقرب خيبر قال الأقشهري: "وبنى له مسجداً بالحجارة حين انتهى إلى موضع بقرب خيبر يقال له "المنزلة"، عرس بها ساعة من الليل فصلى فيها نافلة، فعادت راحلته تجر زمامها، فأُدرِكَت لِتُرَد فقال: ((دعوها فإنها مأمورة))، فلما انتهت إلى موضع الصخرة بركت عندها فتحول رسول الله إلى الصخرة، وتحول الناس إليها، وابتنى هنالك مسجداً فهو مسجدهم إلى اليوم7.
د- مسجد المنزلة: صلى فيه أربعين يوماً، ومقامه كله بين الشق ونطاه من خيبر، قال السمهودي: "روى ابن زبالة عن حسان بن ثابت بن ظهير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى خيبر، ودليله رجل من أشجع، فسلك صدور الأودية فأدركته الصلاة بالقرقرة، فلم يصلي حتى خرج منها، فنزل بين أهل الشق وأهل نطاه، وصلى على عوسجة هناك، وجعل حولها حجارة8.
ح- في غزوة تبوك بنى في طريقه إليها مساجد كثيرة قيل ستة عشر، وقيل عشرون، قال الحربي: "بنى ستة عشر مسجداً: مسجد تبوك، ومسجد ثنية مدران، ومسجد بذات الخطمي، ومسجداً بذات الزراب، ومسجداً بالأخضر، ومسجداً ببالي، ومسجداً بطرف البتراء من ذنب الكوكب، ومسجداً نحو شق نارا، ومسجداً بذي الحليفة، ومسجداً بصيد حوض، ومسجداً بالحجر، ومسجداً بالصهباء - وهو وادي القرى -، ومسجداً في نفس الوادي، ومسجداً بذي المروة، ومسجداً بذي الفيفاء، ومسجداً بذي خشب"9.
وممن قال بأن عددها عشرون السمهودي فأضاف إلى الستة عشر أربعة وهي: مسجد بذي الحليفة، ومسجد بالصعيد - صعيد فرج -، ومسجد بقرية بني عذرة، ومسجد بالرقعة10.
هـ- في غزوه للطائف ابتنى مسجداً قال ابن إسحاق - رحمه الله -: "ثم سلك - صلى الله عليه وسلم - في طريق يقال لها الضيقة، وسأل عن ا سمها فقيل الضيقة فقال: بل هي اليسرى، ثم خرج منها على نخب - وهي عقبة في الجبل - حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة - قريباً من مال رجل من ثقيف -، ثم مضى حتى نزل قريباً من الطائف فوضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم، فحاصرهم بضعاً وعشرين ليلة ومعه امرأتان من نساءه إحداهما أم سلمة، فضرب لهما قبتين، ثم صلى بين القبتين، فلما أسلمت ثقيف بنى على مصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية بن وهب مسجداً، وكان في ذلك المسجد سارية فيما يزعمون لا تطلع الشمس عليها يوماً من الدهر إلا سمع بها نقيض"11.
هذه بعض ما تيسر ذكره، وليس المقصود الحصر لكثرتها، وإنما القصد والمراد التنبيه على أهمية المسجد لكل مرافق الحياة، ومنها المرافق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل مرفق لا يصلح إلا بالمسجد، وكل جيش لا يأخذ تعاليمه من المسجد فهو مهزوم ومخذول، وكل مقاتل لا يستقي من كأس المسجد فهو مغلوب.
اللهم وفقنا لكل خير، وادفع عنا كل ضير، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
1 - البداية والنهاية (ج3 ص246).
2 - المناسك وأماكن طرق الحج والجزيرة ص 441.
3 - المرجع السابق ص 401.
4 - تاريخ المدينة (ج1 ص 58).
5 - وفاء الوفاء للسمهودي (ج3 ص 1027).
6 - المرجع السابق (ج3 ص1028).
7 - المرجع السابق (ج3 ص1028).
8 - وفاء الوفاء ( ج3 ص1028).
9 - المناسك وطرق الحج ومعالم الجزيرة ص 655- 656.
10 - وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ص 1029- 1031.
11 - وفاء الوفاء ص 1034.
| |
|