قوة الإرادة
في عام 1989 ضرب زلزال مدمر أرمينيا، وكان من أقسى زلازل القرن العشرين وأودى بحياة أكثرمن خمسة وعشرين ألف شخص خلال عدة دقائق، ولقد شلت المنطقة التي ضربها تماماً وتحولت إلى خرائب متراكمة، وعلى طرف تلك المنطقة كان يسكن فلاح مع زوجته، تخلخل منزله
ولكنه لم يسقط، وبعد أن اطمأن على زوجته تركها بالمنزل وانطلق راكضاً نحو المدرسة الابتدائية التي يدرس فيها ابنه والواقعة في وسط البلدة المنكوبة، وعندما وصل وإذا به يشاهد مبنىالمدرسة وقد تحول إلى حطام، لحظتها وقف مذهولاً واجماً، لكن وبعد أن تلقى الصدمة الأولى ما هي إلا لحظة أخرى وتذكر جملته التي كان يرددها دائماً لابنه ويقول له فيها: مهما كان (سأكون دائماً هناك إلى جانبك)، وبدأت الدموع تنهمر على وجنتيه، وما هي إلا لحظة ثالثة إلا وهو يستنهض قوة إرادته ويمسح الدموع بيديه ويركز تفكيره ونظره نحو كومة الأنقاض ليحدد موقع الفصل الدراسي لابنه وإذا به يتذكر أن الفصل كانيقع في الركن الخلفي ناحية اليمين من المبنى، و لم تمر غير لحظات إلا وهو ينطلق إلى هناك ويجثو على ركبتيه ويبدأ بالحفر، وسط يأس وذهول الآباء والناسالعاجزين. حاول أبوان أن يجراه بعيداً قائلين له: لقد فات الأوان، لقد ماتوا، فما كان منه إلا أن يقول لهما: هل ستساعدانني؟!،
واستمر يحفر ويزيل الأحجارحجراً وراء حجر، ثم أتاه رجل إطفاء يريده أن يتوقف لأنه بفعله هذا قد يتسبب بإشعالحريق، فرفع رأسه قائلاً: هل ستساعدني؟!،
واستمر في محاولاته، وأتاه رجال الشرطة يعتقدون أنه قد جن، وقالوا له: إنك بحفرك هذا قد تسبب خطراً وهدماً أكثر، فصرخ بالجميع قائلا: إما أن تساعدوني أو اتركوني، وفعلا تركوه، ويقال أنه استمر يحفر ويزيح الأحجار بدون كلل أو ملل بيديه النازفتين لمدة (37 ساعة)،
وبعد أن أزاح حجراًكبيراً بانت له فجوة يستطيع أن يدخل منها فصاح ينادي: (ارماند)، فأتاه صوت ابنه يقول: أنا هنا يا أبي، لقد قلت لزملائي، لا تخافوا فأبي سوف يأتي لينقذني وينقذكم لأنه وعدني أنه مهما كان سوف يكون إلى جانبي.
مات من التلاميذ 14، وخرج 33 كان آخر من خرج منهم (ارماند)، ولو أن إنقاذهم تأخر عدة ساعات أخرى لماتوا جميعا، والذي ساعدهم على المكوث أن المبنى عندما انهار كان على شكل المثلث، نقل الوالد بعدها للمستشفى، وخرج بعد عدة أسابيع. والوالد اليوم متقاعد عن العمل يعيش مع زوجته وابنه المهندس، الذي أصبح هو الآن الذي يقول لوالده: مهما كان سأكون دائماً إلى جانبك...
إن الرغبة والقدرة على تخطي الصعاب وتجاوز المحبطات والمثبطات انما هي سمة الإداري الناجح، وعليه لا بد من التمسك برغباتنا وطموحاتنا حتى تكلل بالتطبيق العملي في أرض الواقع ولو بعد حين، فما من شيء في هذه الدنيا يكون لنا بين الكاف والنون، انما علينا العمل للوصول للغاية النبيلة التي نرنوا إليها، وكلما سمت غايتك عليك مضاعفة العمل وتقوية العزيمة والإرادة أكثر فأكثر حيث أن النجاح ما هو إلا إرادة توجهها الإدارة
ولأن الإرادة القوية تعني الاتصاف بالقدرة على تحمل الأذى، وتجاوز الأزمات حتى يتحقق المأمول ونصل إلى الهدف المنشود..
إن الإرادة هي تلك النقطة الصغيرة التي تمكث في عقلك الباطن وتحركك اتجاه ما تريد وتعطيك الدافع والحافز في اتجاه هدفك وتمكنك من تذليل الصعاب و تحدي المعوقات لإكمال طريقك وإنجاز مبتغاك مهما صعب المشوار
منقول