حرب بورقيبة ضد الإسلام
ما شهدته تونس من حرب ضد الإسلام، في عهدي بورقيبة، وبن علي، لم تبلغْه فترة الاحتلال الفرنسي المباشر لتونس، (1881 / 1956) فالحرب ضد الزيتونة، وضد صيام رمضان، وضد الحجاب، وضد العلماء، والتهكم على كل ذلك، حقائق معروفة في عهد بورقيبة (1903 / 2000 م) فمنذ وصوله للسلطة وهو لم يتوقف عن حرب الإسلام المتمثلة في شعائره وعقائده ورجالاته، بل طال بطشه جميع المعارضين من مختلف الطيف السياسي التونسي، سواء في الستينات التي قمع فيها اليوسفيين، أو بعد إعلان نفسه رئيسًا مدى الحياة في سنة 1975م.
وفي السبعينات بلغت جرأة بورقيبة على الإسلام وتعاليمه حدًّا لا يطاق، في ظروف زعم فيها البعض بينهم باحث في علم الاجتماع أن تونس لم تعد دولة مسلمة، وأن مشروع التغريب أو بالأحرى الفرنسة (التي تقابل العولمة في فترة التغوُّل الأمريكي الأخيرة، والتي بدأت تذبل تحت ضربات الأزمة المالية، والخسائر في العراق وأفغانستان حقق أهدافه، ولا يمكن لأي مشروع آخر أن ينافسه، وذلك وسط رأي واحد، وحزب واحد، وصحافة أحادية، وتعليم يكرس الواقع المفروض، وليس في ظلّ تعددية تنافسية بين الأحزاب والأفكار والأطروحات والأيديولوجيات، وهكذا "إذا خلا الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزالا".
وتمادى بورقيبة في العدوان على شعائر الإسلام فأعلن منع الصوم في رمضان، سنة 1962 م وعزل المفتي الفاضل بن عاشور الذي عارض النزق البورقيبي، وقام بنفسه باحتساء كوب من الماء في شهر رمضان أمام شاشة التلفزيون، ونظمت حملات لإجبار الموظفين والعمال وقوات الجيش وجميع أطياف الشعب التونسي على الإفطار في رمضان، والكثير من الناس فقدوا وظائفهم جراء ذلك، لقد طبّقت مطالب "أدونيس" و"جابر عصفور" و"المصوراتي" فاروق حسني في تونس، دون سابق اتفاق، بل سبقتها والنتيجة ما نرى اليوم.
تجاوز بورقيبة كل الحدود، فألغى الأوقاف، التي كانت مستقلَّة عن الدولة وتمول النشاط الديني، والمحاكم الشرعيَّة، وأعلن مرة أخرى أن "في القرآن تناقضات" وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول الخرافات، وقال في ندوة أقيمت في القصر الرئاسي سنة 1974م أنه لا يؤمن بالمعجزات "القرآن الذي تعلمونه للشباب ملئ بالخرافات، أسمعتم أن شخصًا ينام 300 سنة، فكيف تقبلون بقول محمد أن عصا تحوَّلت إلى ثعبان" ويعني قصة موسى الموجودة في جميع الكتب المقدسة، ولم يكن ذلك بعيدًا عن دوائر القرار في باريس، التي انتدبته لهذه المهمَّة، بعد أن فشلت مساعيها المباشرة في تكفير شعب تونس وتحويله إلى النصرانيَّة، ففي تلك السنة 1974م كتبت صحيفة "لوموند" تحذر بورقيبة من ظهور الإسلام مجددًا "استيقظ يا بورقيبة شبح العصور الوسطى بدأ يعود من جديد" ويذكر في هذا المقام أن الاحتلال الفرنسي جمع عددًا من أبناء تونس، وبدأ بغسل أدمغتهم ويحشوها بالطلاسم النصرانيَّة، وبعد عامين تَمَّ تنظيم احتفال كبير حضرته شخصيات من الفاتيكان وفرنسا لتعميد الضحايا، وكان قد ساد القاعة صمت عميق في صفوف من تَمَّ صيدهم كما تصطاد السمكة، وذلك عند قدوم موكب المحتفلين داخل القاعة، فقال أحدهم لأقرانه: "وحدوا الله" وهي كلمة مقدسة يقولها التونسيون لكسر الصمت، أو الجزع، أو الخوف والرهبة وما شابه، فضجت القاعة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فأُلغي الحفل، وعاد المتربصون يجرون أذيال الخزي والخيبة، وقد كفَّر بورقيبة علماء أجلاء لا يرقى الشك إلى علمهم، ومنهم الشيخ حسنين مخلوف، مفتي مصر، والعلامة أبو الحسن الندوي، والشيخ عبد العزيز بن باز، وأبو بكر جومي، ومحمد أمين المصري، وغيرهم، رحمهم الله جميعًا
_________________