يحضرني موقف لأحد السلف الصالح، فقد كان ماشياً في طريقه فقال له أحدهم: قف لنتحدث قليلاً. فقال: أوقف الشمس. ثم تركه وسار في طريقه.
نعم الوقت لا يتوقف ولا ينتظر ولا يحابي، وكل الناس لهم الوقت نفسه (24 ساعة يوميا)، ولكن الاختلاف في استثمار هذا الوقت، ولا أظن أني أبالغ حين أقول إن من أعظم نعم الله على عباده الوقت، تخيل كيف ستكون الحياة بلا وقت، أو هل يمكن أن تكون هناك حياة بلا وقت، وفي المقابل أكثر ما يفرط فيه الناس هو الوقت، لذا كان الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- يقول: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" "مغبون" يعني خاسر والفراغ يعني وجود الوقت.
الوقت هو الحياة فتنظيم الوقت يعني تنظيم الحياة، هذا بالإجمال، وأما التفصيل فمن فوائد تنظيم الوقت على المستوى الفردي:
تنظيم حياة الفرد.
يساعد الفرد في تحقيق أهدافه وطموحاته، ومما لاشك فيه أن لكل منا أهداف وطموحات كتبها أم لم يكتبها أعلنها أم لم يعلنها، فلا يوجد من يسير بلا هدف حتى من يدعي أنه يسير بلا هدف فهدفه أن يكون بلا هدف.
يساهم بدور كبير في تحقيق "الرضا عن الذات" أي أن يكون الفرد راضياً عن نفسه لما يرى من نتائج في حياته.
يقلل تداخل المسؤوليات والأعمال مع بعضها، فيصبح لكل عمل وقته المحدد.
يجعل الفرد يتقن عمله، ذلك أن لديه مجموعة من العمال، وكل عمل له وقت، فلا ينبغي إضاعة الوقت في تصليح العمل، أو معالجة أخطاء العمل الأول فيسعى جاهداً إلى إنجاز عمله بأحسن صورة.
التفرغ الذهني للعمل الحالي لتنظيمه وقته، فلكل عمل وقته، فمثلاً يقل شروده في الصلاة، لأن هذا وقت الصلاة أما بقية العمال فلها وقتها المخصص، فلا يدخل عليه إبليس بكثرة الأعمال المعلقة، وعدم وجود وقت لتنفيذها فكيف سيتصرف؟.
يزرع روح الإيجابية لدى الفرد نتيجة لما يرى من إنجازات في حياته، وأما صاحب الفوضى فيشعر بالتقصير الدائم لضعف النتائج وقلتها، والحسرة على فوات الوقت دون إنجاز يذكر.
يدفع الفرد نحو التطوير الذاتي والرقي بنفسه لما يلاحظ من قصور في بعض أعماله وحاجته للنهوض بنفسه من خلال المحاسبة الذاتية نظراً لوجود أوقات لديه.
السرعة في إنجاز الأعمال فقد أثبتت الدراسات أن ساعة تخطيط توفر خمس ساعات عمل.
الإبداع في الحياة نظرا لتجاوز عقبة من مثلث عقبات الإبداع ألا وهي عقبة الوقت، فالكثير منا يقول إن عقبة إبداعه هو أنه لا يجد وقتاً أو أنه مشغول جداً، والحقيقة تقول إن مشكلته في تنظيم وقته وليس في قلة وقته.
تلك عشر فوائد من فوائد تنظيم الوقت، وهناك فوائد أخرى يمكنك استنتاجها وبقي أن أقول لكم:
إن الوقت هو الوعاء أو الكأس الذي نضع فيه أعمالنا، ثم نحاسب على ما في الكأس.
فبماذا تملأ كأسك؟
اسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى استثمار أوقاتنا بالطاعات، وأن يبارك لنا في أعمارنا وأعمالنا وأوقاتنا.