منذ عدة سنوات وأنا لم أتوقف عن سؤال نفسى ومن حولى هذا السؤال بسبب العديد من المواقف والممارسات التى أشاهدها بأم عينى صباحاً ومساءً وأخرها
عندما قفزت إلى الباص اليوم متجهاً لعملى. بينما كان السائق ملتزما بمساره الصحيح، قفزت سيارة من شارع جانبى بشكل مفاجئ أمامنا. ضغط السائق بقوة على الفرامل، لينزلق الباص ويتوقف قبل أمتار قليلة من الاصطدام. أدار سائق السيارة الأخرى رأسه نحونا وانطلق بالصراخ تجاهنا، لكن سائق الباص إبتسم ولوح له بود ثم إنطلق فى مسارة.
استغربت فعله جداً وسألته: لماذا فعلت ذلك؟ هذا الرجل كاد يرسلنا للمقبرة برعونته هذه. هنا لقنني سائق الباص درساً لن أنساه طوال حياتى. قال: كثير من الناس مثل شاحنة النفايات، تدور في الأنحاء محملة بأكوام النفايات، الإحباط، الغضب، خيبة الأمل، الكراهية وسوء الخلق. وعندما تتراكم هذه النفايات داخلهم، يحتاجون إلى إفراغها في مكان ما، في بعض الأحيان يحدث أن يفرغوها عليك.
لا تأخذ الأمر بشكل شخصي، فقد تصادف أنك كنت تمر لحظة إفراغها ، فقط ابتسم، لوح لهم، ثم إنطلق إلى وجهتك، وتمن أن يصبحوا بخير. احذر أن تأخذ نفاياتهم تلك وتلقيها على أشخاص آخرين في العمل، البيت أو في الطريق .
في النهاية ، الأشخاص الناجحون لا يدعون شاحنات النفايات تستهلك يومهم، فالحياة أقصر من أن نضيعها في الشعور بالأسف على أفعال ارتكبناها في لحظة غضب، لذلك، إشكر من يعاملونك بلطف، وادع لمن يسيئون إليك وتذكر دائماً: حياتك محكومة 10% بما تفعله، و 90% بكيفية تقبلك لما يجري حولك. وأظن أن هذا أصبح حال الشعب المصرى والشعوب العربية والإسلامية غالباً.
حيث تجد الناس ينزلون إلى الشارع أو العمل وكأنهم أبناء ضرائر ذهبوا لساحة الصراع وليس لقضاء حوائجهم وأعمالهم. ويأتى هنا دورنا كمتعلمين ومثقفين أن نذكرهم دائماً بأن الهدف الأساسى من الدين الإسلامى هو حسن الخلق كما قال رسولنا الكريم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) و ألا نجاريهم فى تلك الصراعات الدنيوية كما قال الرسول الكريم (لا يكن أحدكم إمعه إن أحسن الناس أحسن وإن أساءوا أساء ولكن وطنوا أنفسكم فإن أحسن الناس أن تحسن وإن أسأوا تجنب إساءتهم) أو كما قال صلى الله علية وسلم.