مازال التدريب الإلكتروني في المهد.. يتطلع إلى أدوار أكبر ليلعبها في إدارة عملية التعلّم.. وهو كذلك سواء بالنسبة للدول المتقدمة أو الدول النامية.. فالتدريب الإلكتروني لم يصل بعد إلى حد النضج أو الاستقرار.
حتى إن التغيرات العديدة المتلاحقة للتطور التكنولوجي في مجال التدريب باتت تمثل عبئاً على المتابعين لها، فآثر بعض منهم الاكتفاء بالقدر الذي أصابه من هذه المعرفة .. قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتمكن التقنية من أن تصبح أداة رئيسة للتدريب عن بعد أو عن قرب.. وعلى الرغم من ذلك فإن الإسهامات التي حققها التدريب الإلكتروني تتضح أكثر ما يكون في التعليم والتدريب النمطي.. أو المعرفي "الذي تمثل فيه جزءاً رئيساً" كما يلعب دوراً رئيساً في التدريب المهاري "الإجرائي" كبرامج اللغات أو تبسيط الإجراءات أو المباريات الإدارية وغيرها. أما عن مستقبل التدريب الإلكتروني.. فأعتقد أنه محفوف بالمحاذير نظراً لأسباب منطقية عديدة:
- التلاحق والتسارع في التغيرات التكنولوجية.
- سرعة التقادم التكنولوجي لأدوات العرض والتقديم.
- صعوبة تحويل المادة التدريبية إلى مادة إلكترونية.
- إن التفاعل الجماعي ما زال أحد أهم أسباب التأثير والإقناع للمتدرب.
ولعل من نافلة القول بأن التدريب الإلكتروني مهما تقدم وتطور، لا أعتقد أنه سيصبح البديل الأمثل للتعلم السريع، ولكنه قد يصبح البديل "الأمتع" والأكثر تنوعاً وإبداعاً ليس إلاّ.. فضلاً عن أن التكاليف الباهظة التي تستلزم تصميم المادة التدريبية، واقتناء التقنية، وملاحقة التغيير ومستلزمات السرية، والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، قد تدفع "المتعلم" إلى اللجوء إلى وسائل أبسط للتعلم، فليس من الحكمة أن يذهب المرء إلى العمل بالطائرة تفادياً لازدحام المرور. وإن اختار هذا البديل ترى كم يكلفه الأمر، فالذكاء في اختيار الحل لابد أن يتجاوز المعاناة في تحمّل المشكلة.. تلك هي المسألة الفصلية التي يمر بها التدريب الإلكتروني الآن.
أما فاعلية التدريب الإلكتروني، فإنها تتفاوت بطبيعة الحال حسب الهدف من العملية التدريبية، فإن كان الهدف تعليماً ومعارف أو إكساباً لمهارات يدوية حركية فردية "كالطباعة على الآلة الطابعة، أو الترجمة، أو الاختزال" فإن فاعليته تزداد.. أما إذا كان الهدف من التدريب إحداث تغيير أو بناء فريق عمل فعّال أو إكساب مهارات التفاوض.. أو تعديل السلوك التنظيمي أو تهيئة المعينين حديثاً. فإن الأثر يكون محدوداً والفاعلية أيضاً محدودة.. ولهذا لا يمكننا الجزم بأن إحدى الوسيلتين أكثر فاعلية من الأخرى، ويتبقى الاختيار مطروحاً لطبيعة المزيج التدريبي الذي يفضل اللجوء إليه بهدف تحقيق نتائج عملية أكثر. وهنا يكمن التحدي الحقيقي لمتخذي القرارات التدريبية الإستراتيجية، والتي يتلخص معظمها فيما يلي:
• ما هو الخيار الإستراتيجي الذي ستتبعه الجهة كأسلوب تدريبي؟
• هل هناك تحليل لطبيعة الاحتياجات التدريبية الراهنة، لمعرفة مدى إمكانية الوفاء بها باستخدام التدريب التقليدي أو التكنولوجي؟
• هل لدى الجهة الكفاءات البشرية اللازمة لتفعيل التدريب الإلكتروني في حالة اتخاذ قرار باستخدامه؟
أما عن ميزانيات التدريب فمن المتوقع أن يزداد ترشيد استخدامها في حالة ما إذا تمكنا من وضع إطار علمي سليم لاستخدام تقنية التدريب، وفي حالة ما إذا تجنبنا التجربة والخطأ، فقد يسهم التدريب الإلكتروني في:
• الإسراع بالتعليم والتدريب.
• تدريب أعداد كبيرة في المرة الواحدة.
• زيادة حرية المعلم والمتعلم.
وذلك بالنسبة لمجالات محددة، كتعليم اللغات، والحاسب الآلي، ومهارات السرعة والتدريبات الرياضية.
عبد الرحمن توفيق