2- وليسعك بيتك : إن الاهتمام بالبيت هو الوسيلة الكبيرة لبناء المجتمع المسلم، فإن المجتمع يتكوّن من بيوت هي لبناته، والبيوت أحياء، والأحياء مجتمع، فلو صلحت اللبنة لكان مجتمعنا قوياً بأحكام
الله، صامداً في وجه أعداء الله، يشع الخير ولا ينفذ إليه الشر.
فيخرج البيت الصالح إلى المجتمع أركان الإصلاح فيه؛ من الداعية القدوة، والقائد الرباني، وطالب العلم المجتهد، والمجاهد الصادق، والشاب الغيور على دينه وعلى عرضه،
والبنت العفيفة الطاهرة، والزوجة المخلصة، والأم المربية، وبقية الصالحين المصلحين.
والاهتمام بالبيوت لإصلاحها وتقويمها يتطلب عدة أمور منها :
1- حسن اختيار الزوجة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم : \"تنكح المرأة لأربع: لمالها، وحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك\" متفق عليه.
وقوله "ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة" رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن ثوبان وهو في صحيح الجامع.
2- السعي في إصلاح الزوجة:
وذلك بالاعتناء بتصحيح عقيدتها، وعبادتها بكافة أنواعها, والسعي لرفع إيمانها وذلك بحثها على قيام الليل، وتلاوة الكتاب العزيز، وحفظ الأذكار والتذكير بأوقاتها، ومناسبتها،
وحثها على الصدقة، وقراءة الكتب الإسلامية النافعة، وسماع الأشرطة الإسلامية المفيدة، العلمية منها والإيمانية.
فعن محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك - وهو من أصحاب رسول الله- ممن شهد بدراً من الأنصار - أنه أتى رسول الله- فقال: يا رسول الله! قد أنكرت بعدي وأنا أصلي
لقومي، إذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، وددت يا رسول الله! لو أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى، قال: فقال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم- : "سأفعل- إن شاء الله-" قال عتبان: فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول لله - صلى الله عليه وسلم-
فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: " أين تحب أن أصلي من بيتك؟" قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر، فقمنا فصففنا، فصلى ركعتين ثم سلم. رواه البخاري.
فعن عائشة قالت: " كان رسول الله يصلي من الليل فإذا أوتر، قال: قومي فأوتري يا عائشة \" رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء" رواه أحمد انظر صحيح الجامع.
3- الاهتمام بتربية الأولاد تربية إيمانية متكاملة , جسمانيا ونفسيا وعقليا .
قال الله- تعالى-: {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين} قال ابن عباس: أمروا أن يتخذوها مساجد.
وقال ابن كثير: وكأنّ هذا - والله أعلم- لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه، وضيقوا عليهم، أمروا بكثرة الصلاة؛ كما قال الله - تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة}.
والبيت المسلم في شهر رمضان لا بد أن يكون شامة وعلامة ومتميزاً عن غيره من البيوت , فهو بيت رباني , جعل الإيمان طريقه , والتقوى والعبادة رفيقه , وهو بيت المسؤولية كل
فرد فيه يعرف ماله وما عليه , عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالإِمَامُ رَاعٍ
، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ في أَهْلِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ. أَخْرَجَهُ أحمد 2/121(6026) و"البُخَارِي" 2/6 و4/6(2751) و"مسلم" 6/8(4755) .
إن المشكلة التي تواجهها كثير من بيوتنا اليوم أن بعض أفراد هذه البيوت قد تخلو عن مسؤولياتهم , فالأب ترك مسؤولية التربية كاملة للأم , والأم قد انشغلت بأشياء أخرى غير
تربية الأولاد , وصار كلا منهما ينحي باللوم على الأخر , ومن هنا جاءت وصية النجاة ( وليسعك بيتك ) فمتى نعود إلى بيوتنا نصلح منها ما أفسدته بعض وسائل الإعلام الفاسدة ,
ونصلح منها ما قصرت فيه المدارس ؟ .
قال أبو الدرداء رضي الله عنه : نعم صومعة المرء المسلم بيته، يكف لسانه وفرجه وبصره، وإياكم ومجالس الأسواق، فإنها تلهى وتلغى .
الغصون إذا عَدَّلتها اعتدلت * * * ولا تلين إذا قومتها الخشبُ !
قد ينفع الأدبُ الأحداث في مهلٍ * * * وليس ينفع بعد الكبرة الأدب
بوب البخاري في صحيحه عن الربيع بنت مُعّود قالت: " كنا نصوم، ونصوَّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار"
.
وقال العلماء: وهو ليس بواجب، ولكن ليتمرن الطفل عليه، وقاسوه على الصلاة، والأمر بها: « مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر .
_________________