ما الفرق بين التحكيم والقضاء ؟
ما الفرق بين التحكيم والقضاء ؟
هناك نقاط اتفاق بين التحكيم والقضاء ونقاط اختلاف .
ونبدأ أولاً بنقاط الاتفاق :-
1- كل منهما ولاية حكم لذلك قال بعض الفقهاء إن التحكيم شعبة من القضاء.
2- كل من الحكم والقاضي يكتسب ولاية الحكم ممن ولاه ، باتفاق الطرفين الموليِّ والمولىَّ، ويتقيد كل من القاضي والحكم بما يقيده به من ولاه ، من حيث زمان الولاية ومكانها ، والموضوعات التي يحكم فيها .
3- المولِّى يملك عزل الموَّلى. فإذا عزل الإمام القاضي انعزل ، وإذا تفق الخصمان على عزل الحكم انعزل .
4- كل من الحكم الصادر من الحكم والقاضي يعتبر حكماً شرعياً متى استوفى شروطه .
ويختلفان في أمر جوهري له أثره وهو الجهة المولية لكل منهما ففي التحكيم تتم التولية من الخصوم للحكم ، والحكم يستمد سلطته منهم وسلطتهم خاصة على أنفسهم فقط.
وفي القضاء تتم التولية من الإمام وهو صاحب سلطة عامة . والقضاء هو سلطة الدولة في الفصل في النزاعات وحماية الحقوق ، فالقضاء مظهر من مظاهر سيادة الدولة وبذلك يختلف عن التحكيم الذي هو قضاء ثان أو ثانوي. وهذا يعني أن ولاية التحكيم أدنى من ولاية القضاء. والحكم أقل سلطة من القاضي وأدنى منه رتبة.وبالتالي حكمه أدنى رتبة من حكم القاضي.
وهذا الفرق ترتب عليه عدد من الفروق الأخرى:.
أ- التحكيم لا يصح إلا برضا الخصمين ، أما القضاء فلا يشترط رضا الخصمين ولو رفعت إليه قضية ، حكم فيها ولو من غير رضاهما.
ب- الحكم يقتصر اختصاصه في الدعوى المحكم فيها فقط ، أما القاضي فله النظر في كل القضايا التي تدخل في اختصاصه وهي عادة واسعة زماناً ومكاناً .
ت- حكم الحكم قاصر على المحكوم عليه فقط ولو ثبت ببينة ، أما حكم القاضي فقد يتعدى المحكوم عليه..فلو حكم خصمان رجلا في عيب المبيع فقضى الحكم برده ، لم يكن للبائع حق رده على بائعه الأول استنادا إلى قرار الحكم ، إلا أن يرضى البائع الأول.وكذا لو أن رجلا ادعى على آخر دينا ، وأن فلانا قد ضمنه فحكما بينهما ، والضامن غائب ، فأقام المدعي بينة على المال والضمان ، صح الحكم في حق الدائن والمدين دون الضامن ، ومثله لو كان الغائب هو المضمون ، والتحكيم جرى بين صاحب المال والضامن . ولذلك قال الفقهاء حكم المحكم – بفتح الكاف – في حق طرفي الخصومة حكما ،وفي حق غيرهما بمنزلة الصلح بينهما ، والصلح لا يتعدى أثره.
ث- أن الخصم لا يجب عليه إجابة خصمه إلى التحكيم إذا دعاه إليه ، أما إذا دعاه إلى القضاء فتجب الإجابة .
ج- أن التحكيم أضيق مجالاً من القضاء ، فلا يصح إلا فيما يملكه الخصم ، أما في القضاء فللقاضي النظر في كل خصومه .
ح- التحكيم أوسع من القضاء في الاختصاص المكاني ، فالتحكيم يصح بين الطرفين ، ولو اختلفت أمكنتهم ، أما قضاء القاضي فمقيد بالنظر وفق الاختصاص المكاني.وبالتالي يجوز للحكم أن ينظر في قضية برضى الطرفين ولو كان المدعى عليه لا يقيم في بلد التحكيم.
خ- لا يجوز للحكم أن يستخلف غيره ليتولى التحكيم نيابة عنه إلا بموافقة الطرفين،لأن الرضا بالتحكيم مرتبط بشخصه ، أما القاضي فيجوز له أن يستخلف غيره في نظر القضايا المعروضة