HAFSA عقيد
عدد الرسائل : 515 العمر : 47 تاريخ التسجيل : 06/09/2010
| موضوع: اغتنم عرفة وأنت فى بلدك الأحد 14 نوفمبر 2010 - 13:53 | |
| الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
من رحمة الله عز وجل , وسعة جوده - وهو الجواد الكريم - أن وسع لعباده طرق كسب الأجر , وتحصيل الثواب , فجعل فرص تحصيله متاحة لجميع عباده . ولمّا كان يوم عرفة , يوم عظيم , وليس لكل أحدٍ أن يقف على ذلك الصعيد المبارك , جعل الله لأهل الأمصار , ومن جلسوا في بلدانهم فرصاً كثيرة لاغتنام هذا اليوم العظيم بأن شرع لهم عبادات وقربات يتقربون بها إلى ربهم , تُرفع بها درجاتهم , وتُحط بسببها خطيئاتهم , ليعلم العباد عظيم فضل ربهم , وسعة جوده وإحسانه . فمما شرعه الله للعباد في هذا اليوم :
عبادة – الصيام – ففي حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "صوم يوم عرفة يكفر سنتين ، ماضية ومستقبلة ..." صحيح الجامع .
تأمل معي - هذا الفضل - ساعات قليلة يصومها المسلم تكون سبباً في تكفير ذنوب عامين .
فأي فضل أعظم من هذا الفضل ؟ وأي ثواب أجل من هذا الثواب ؟ أي جود وأي كرم هذا؟ إنه عطاء الكريم سبحانه وتعالى .
وعليك بحفظ سمعك وبصرك ولسانك هذا اليوم حتى يكمل أجرك , ويعظم ثوابك .
ولكن اعلم - يارعاك الله - أن التكفير بهذا الصوم إنما هو للصغائر , أما الكبائر فهي تفتقر للتوبة كما قرر هذا المحققون من أهل العلم .
ومما أحبه الكريم سبحانه في مثل هذا اليوم - الإكثار من ذكره سبحانه – خصوصاً قول " " لا إله إلا الله وحده لاشريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير " فأكثر منه في يومك هذا , وقله -مئة مرة في صباحه – فقد جاء في فضلها بأحاديث صحاح : أن الله يبعث على قائلها حرس يحرسونه من الشيطان الرجيم , , وكان في حرز من كل مكروه يومه ذلك كله , وكتب الله له مئة حسنة , ومحا عنه مئة سيئة , وكانت له كعدل عشر رقاب مؤمنات . ولا تنسى زيادة فضلها في مثل هذا اليوم .
الناصح لنفسه في مثل هذا اليوم يغتنم كل لحظة من لحظاته , من طلوع فجره إلى مغيب شمسه . إنه يوم مقداره ساعات يوشك أن ينتهي فعلى أي حال ستكون فيه ؟
صلي فجره واجلس في مصلاك – رجلاً كنت أو امرأة – اذكر ربك واتل كتابه سبّحه وهلّله .
اجعل الطاعات تستغرق نهارك كله .
وليكن للصدقة في هذا اليوم نصيب .
طهر قلبك , وراقب جنانك .
يوم عرفة أكثر يوم يُعتق الله فيه عبداً من النار ,في صحيح مسلم – رحمه الله – من حديث عائشة رضي الله عنها : قالت : قال رسوالله صلى الله عليه وسلم : "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار ، من يوم عرفة.." . قال ابن عبد البر – رحمه الله – : والعتق عام لأهل الموقف وأهل الأمصار .
وذلك أن أهل الموقف في موقفهم في طاعات, وأهل الأمصار في بلدانهم في طاعاتٍ أيضاً فالرحمة تشمل الجميع , والخير يحل عليهم كلهم . فاللهم لك الحمد على جميل فضلك , وعظيم احسانك . "خير الدعاء دعاء يوم عرفة " بذا صح الحديث عن رسولنا عليه الصلاة والسلام .
فإذا ما أقبلت آخر ساعاته فأوصيك - لأني أحب الخير لك – أن تخلو بربك , وتنفرد بنفسك , وتعتزل الناس , لا تضيع وقتك في الأسواق , ولا تضيعين وقتك ياأمة الله بإعداد الطعام , وتجهيز السفرة , فيمكن إعداد هذه الأشياء مبكراً . تفرغوا لمناجة المليك , والإنطراح بين يدي الكريم , سلوه حواجكم , وأظهروا فقركم , ارفعوا رغباتكم , فساعات الإجابة حلت , ولحظات العطاء وجبت .
فالإجابة في هذا اليوم العظيم قريبةٌ من السائلين , والعطاء يدنو من الطالبين . اسأل ربك بصدق , وألح عليه في آخر ساعة من هذا اليوم أن تشملك رحمته , وأن تحل عليك بركته , وأن يجعلك في عِداد عباده المعتوقين . ادعه وأنت موقنٌ في الإجابة , وقد أتيت بأسبابها, وتأدبت بآداب الدعاء – من حضور القلب , والثناء على الله , والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام – وأبشر بالخير , وأمِّل بربك جوداً وعطاءً .
جدد في هذه اللحظات التوبة , واعقد العزم على التخلص من الذنوب . طهر قلبك من كل خلقٍ مذموم . سامح كل من أخطأ في حقك , واعف عن من ظلمك ليعفو الله عنك فإن الجزاء من جنس العمل .
ياموفق :
إن مثل هذه الفضائل تستوجب على العبد أن يستحي من ربه فيما يستقبل من عمره بعد أن منّ الله عليه بهذا الفضل ونحوه . - بالله عليك - لو أن رجلاً قصرت في حقه ,وتعديت على حدوده , ثم جئته واعتذرت منه وقبل عذرك وسامحك . ألا يستوجب هذا العفو منه أن تستحي منه , ولا تتجرأ على حدوده مرة أخرى ؟ فكيف – ولله المثل الأعلى – آلا نستحي من ربنا سبحانه وتعالى , ونتحرز من الذنوب والمعاصي التي يكرهها الله ولا يريدها من عباده .
ولِما لا نعزم من هذا الموسم على أن نطهر أنفسنا من هذه الأوساخ , وإن وقعنا فيها بادرنا في التوبة والتخلص منها ؟
اللهم لا تحرمنا فضل هذا اليوم وبركته , اللهم اجعلنا فيه من عتقائك من النار ووالدينا والمسلمين أجمعين , تقبل الله منا ومنكم وجمعنا في جناته ومستقر رحمته , آمين آمين آمين . كتبه / عادل بن عبدالعزيز المحلاوي منقول من صيد الفوائد _________________ | |
|