HAFSA عقيد
عدد الرسائل : 515 العمر : 47 تاريخ التسجيل : 06/09/2010
| موضوع: هم المؤمنون حقا الإثنين 1 نوفمبر 2010 - 2:12 | |
| المدينة المنورة كانت قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها تموج بالإضطراب والخلافات والمعارك القبلية لاسيما الحروب التي كانت قائمة على قدمِ وساق بين ( الآوس والخزرج ) وفي تلك الآونة كان هناك زعيمان من أكبر زعماء العرب وزعماء ( يثرب)وهما : (أبو عامر بن صيفي ) زعيم الأوس وكان أشد عداءً للإسلام والمسلمين (عبد الله بن أبي بن سلول ) زعيم الخزرج رأس النفاق والمنافقين وقد شاء الحق جل جلاله أن يكون من أولئك الرجلين إبنان شاء لهما الرحمن أن يعتنقا دين الإسلام وهما : (حنظلة بن أبي عامر ) و( عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ) ولما نزل قوله تعالى : (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو ابناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلويهم الإيمانوأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله إن حزب الله هم المفلحون ) المجادلة 22 وقد أنزل الله تعالى : (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) التوبة 24 لما نزلت هاتين الأيتين سارع حنظلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لإستئذنه في قتل أبيه لأن حنظلة يعلم أن أباه يقيم عداءً وحقداً للإسلام والمسلمين فقال ( يارسول الله إذن لي ان أقتل أبي ) ماهذا الموقف أي حب وأي ولاءٍ لله ورسوله يعلنه (حنظلة بن أبي عامر) يريد أن يقتل أباه عدو الله ورسوله يقولها علنا فقال عليه الصلاة والسلام : (لا ياحنظلة لا أريد أن يقول الناس إن أصحاب محمد يقتلون أبائهم )
اما موقف (عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول )مشابه لموقف حنظلة عن زيد بن أرقم قال: كنت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزوة تبوك فقال عبد اللّه بن أُبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال: فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته قال،:فحلف عبد اللّه بن أُبي أنه لم يكن شيء من ذلك قال: فلامني قومي وقالوا: ما أردت إلى هذا قال: فانطلقت فنمت كئيباً حزيناً قال : فأرسل إليَّ نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال (إن اللّه قد أنزل عذرك وصدقك) قال فنزلت هذه الآية: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون* يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون ) المنافقون 7ــ 8 أخرجه الأمام أحمد ,ورواه البخاري
قال عبد الله بن عبد الله بن أبي لما بلغه ما كان من أمر أبيه أي : لما اختصم بعض المهاجرين والأنصار عند مرجعهم من غزوة بني المصطلق ، فقال ابن سلول المنافق : قد ثاورونا في بلادنا ، والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كماقال القائل : سمن كلبك يأكلك والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أن عبد الله أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فوالله لقد علِمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني ، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل ( رجلا ) مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا )
ولما دخلت قبيلة الأوس والخزرج في الإسلام وفي بوتقة الإيمان عاش حنظلة بن أبي عامروعبد الله عيشة طيبة كريمة تجمعهما الألفة والمحبة والمودة وتمر الأيام ويشعر حنظلة أنه بحاجة إلى الزواج ويفكر بإختيار زوجة صالحة إن نظر إليها أسرتهُ وإن أقسم عليها أبرتهُ وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله فوقع إختياره على أخت صاحبه (عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول)السيدة ( جميلة ) ويسارع حنظلة إلى خطبتها ويوافق أهلها على الزواج وبينما يستعد المسلمون (لغزوة أحد) كان حنظلة يهىء نفسه ويستعد من أجل الزواج وتكون ليلة الزفاف في يوم الجمعة ويدخل حنظلة بزوجته وفي الصباح ينادي منادي الجهاد لمعركة أحد التي جأت بعد غزوة بدر الكبرى ينادي ( حيا على الجهاد ) فما كان من حنظلة إلا أن لبس درعه وحمل سيفه وخرج مسرعاً من داره إلى أين ياحنظلة إلى أرض الوغى إلى أرض الجهاد في سبيل الله حنظلة يتذكر قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ) التوبة 38
وهنا لم يقل ربنا قعدتم أو تقاعستم إنما قال أبلغ من هذه الكلمة (اثاقلتم إلى الأرض ) أما السيدة ( جميلة )زوجة حنظلة رضي الله عنه تطلب أربعة من قومها حتى يشهدوا على الزواج من حنظلة لأن الناس لم يعلموا بأمر الزواج فقد شُغلوا بالتهيؤ لمعركة أحد ويسئل الشهود الأربعة ( السيدة جميلة )لماذا تشهيدينا على هذا الزواج فقالت لهم تلك المرأة التي تنظر بنور الله المرأة الصالحة : رأيت كأن السماء قد انفرجت له فدخل بها ثم أطبقت عليه فعلمت أن الله سيكرم حنظلة بالشهادة فيبدأ القتال وحمي الوطيس وحنظلة يتذكر قوله تعالى : (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتِلُونَ وَيقتَلُون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهدهِ من الله فاستبشروا ببيعكُم الذي بايعتُم به وذلك هو الفوز العظيم ) التوبة 111
الله أكبر البائع هو العبد والشاري هو الله والثمن هو الجنة أما الرماة فإنهم يخالفون أمر النبي صلى الله عليه وسلم تدور المعركة بنصرٍ مؤزرٍ للمسلمين لكن الرماة عندما ظنوا أن النصر قد كتب لهم وإن القتال قد إنتهى تركوا أماكنهم فما كان من المشركين إلا أن ينقضوا وياخذوا المسلمين غدرا ويشاع بتلك المعركة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل ) أما حنظلة الذي يقاتل في سبيل الله وقد ترك زوجته في اجمل ليلة في حياة المرء يقاتل بكل ضراوة ويبحث عن أبو سفيان بن حرب قائد جيش المشركين ليقتله وتقع عيناه على أبي سفيان فيسرع إليه فيضرب حنظله فرسه فيقع أبو سفيان على الأرض فيستنجد أبو سفيان برجاله وإذا (بشداد بن الأسود المعروف بابن شعوب الليثي) يضرب حنظله برمح بظهره ويقع على الأرض ثم يقف على قدميه ليقاتل على أخر نفس فيرمى بالرماح حتى يمزق جسده وأبو عامر وأبو سفيان بعد إنتهاء المعركة يبحثون عن النبي عليه الصلاة والسلام حتى يتأكدوا من قتله هل الشائعة صحيحة أم باطلة وإذا بأبي عامر يرى ولده مسجى بين القتلى والشهداء فيقول لأبي سفيان : أتدري من هذا ياأبا سفيان قال : لا قال : إنه ولدي حنظلة ويتأثر على قتل وموت ولده ثم ينادي يامعشرقريش لا يمثل أحدٌ بحنظلة وإن كان خالفني وخالفكم ويمثل بجميع جثث الشهداء إلا حنظلة ولما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقتل حنظلة قال: (إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة) قال أبو أسيد الساعدي: فذهبنا فنظرنا إليه فإذا رأسه يقطر ماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوا زوجته ماذا فعل حتى غسلته الملائكة فذهبوا إلى المرأة المحتسبة إلى المرأة الصابرة إلى المرأة المجاهدة إلى المرأة التي فاق حب الله ورسوله بقلبها عن حب الزوج والمال والأهل والولد فقالت السيدة جميلة (خرج وهو جنب لما سمع الهيعة (منادي الجهاد) فقال صلى الله عليه وسلم (لذلك غسلته الملائكة) فلقب من يومها بـ (غسيل الملائكة) هذه هي المكرمة التي شاء الله عزوجل أن يكرم بها ( حنظله ) وشاء الله أن تكون زوجته حامل من ليلتها فأنجبت ولداً (عبد الله ) ويلقب (بنوه غسيل الملائكة ) | |
|