PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
| موضوع: لو كنت حصانا الجمعة 1 أغسطس 2008 - 15:19 | |
|
لو كنت حصانا للكاتب آصـف عبد الله ً
عندما دخل سعيد إلى البيت، كان ملطخ الثياب بالوحل، وملوث الوجه أيضاً! نظرت أمّه إليه نظرة خاصة، فوقف مرتبكاً، قالت الأم:
ـ "ماذا فعلت بنفسك؟! هيّا إلى الحمام".
كان سعيد يكره الاستحمام كثيراً، وغالباً ماكان يهرب إلى اللعب، عندما يشعر أنّ موعد الاستحمام قد حان، فهو لا يطيق الصّابون؛ لأنّه يخرش عينيه، ويقرسه بقسوة.
وكانت أم سعيدٍ تصبر عليه وهو ينطّ ويصرخ:
ـ "لا أريد أن أستحم.. لا أريد لا أريد"...
والآن عرف أنّه لا خلاص من الاستحمام، بعد أن لوّث وجهه ويديه وملابسه بالوحل!...
دخل إلى الحمام وراح يحدث نفسه:
ـ "لو كنت حصاناً صغيراً أنط وألعب حيث أشاء، أنام فوق الوحل الطري، أجري بسرعة كبيرة، أقضم العشب الغضّ، لا تجبرني أمي على الاستحمام، فلا يدخل الصابون في عيني، لكن لا.. لا لا أريد أن أكون حصاناً، فالحصان الصغير سيكبر، وسيجرّ عربة، ويحمل الأثقال.
لقد رأيت حصاناً يجرّ عربة المازوت، والرجل يضربه بالسوط بقسوة! أنا لا أحبّ أن يضربني أحد!
لو كنت كلباً صغيراً... لا... لا... لا أريد أن أكون كلباً، بعض الأولاد يعذبون الكلاب الصّغيرة، يشدّونها من آذانها، ويجرّونها من أذنابها! لقد شاهدت كلباً جائعاً يأكل من الفضلات المرمية في مجمع القمامة.
أريد أن أكون نمراً قوياً لا أخاف من شيء....لا...لا...لا أريد... رأيت نمراً محبوساً في قفص في حديقة الحيوان، قال لي أبي: "لقد اصطاده رجل قوي ووضعه في هذه الحديقة". يمكن أن يطلق عليّ أحد الصيادين النّار فأموت... لا أريد أن أموت لا أريد".
دخلت الأمّ وسعيد مايزال واقفاً يحدّث نفسه! وكانت قد سمعت كل مانطق به منذ البداية...
قالت: "مابك أَلَمْ تخلع ملابسك بعد يا حصاني الصغير؟!"..
ـ "حالاً...حالاً يا ماما، لكني أخاف الصّابون، إنّه يكوي عينيّ".
قالت الأمّ مشجعة:
ـ "لا تخف.. هيّا أغمض عينيك وتصوّر نفسك حصاناً صغيراً لطيفاً، أو جرّواً مهذباً، لكن إياك أن تتصور نفسك نمراً ذا مخالب طويلة وحادة تخبّئ الأوساخ تحتها، وتخيف رفاقك بها، فينفضون عنك"..
خلع سعيد ملابسه، وأغمض عينيه بسرعة، رأى نفسه حصاناً صغيراً يجري بسرعة، ثمّ جرواً يلحس بلسانه يد أمّه، بينما كانت الأم قد غمرت جسده الطري برغوة الصابون كان سعيد يرغب أن يرى نفسه نمراً، وحين هَمَّ بتقليد صوت النمر، فتح فمه وعينيه، وشدّ أصابع يديه، صرخ بصوت قوي من لذع الصابون، وأطبق عينيه بقوّة؛ ضحكت الأم وقد قدّرت ماخطر لسعيد، فقالت بعد إزالة الصابون بالماء الفاتر:
ـ "هل رأيت نفسك نمراً؟"..
صمت ولم يجب، ثمّ فتح عينيه.. فركهما جيّداً، كان الماء منعشاً، سرّ سعيد وأخذ يلعب بالماء وتمنى أن يخرج إلى الساحة ليلعب مع رفاقه، ولم يرغب بعد ذلك أن يكون غير سعيد الإنسان، وتعلّم كيف لا يخاف من الصّابون!..
| |
|