عناصر البيئه في القرأن الكريم
البيئة في اللغة اسم مشتق من الفعل الماضي باء وبوأ (1), وبوأ له منزلاً هيأه ومكن له فيه ،وتعني البيئة مكان الإقامة أو المنزل المحيط به (2)، وجاء في الوجيز , ما يحيط بالفرد أو المجتمع ويؤثر فيها (3)أما البيئة في الاصطلاح :فهي مجموعة النظم الطبيعية والاجتماعية التي يعيش فيها الإنسان والكائنات الأخرى و التي يستمدون منها زادهم ويؤدون فيها نشاطهم (4) وفي عام1972 عرفها مؤتمر ((ستوكهولم)) بأنها كل شيء يحيط بالإنسان (5) ، والبيئة أيضا الإطار الذي يحيا فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته ويمارس فيه علاقته مع بني البشر (6) في حين عرفها قانون البيئة المصري لسنة 1994 بالمحيط الحيوي الذي يشمل الكائنات الحية وما يحويه من مواد وما يحيط بها من هواء وماء وتربة وما يقيمه الإنسان من منشئات (7) أما ا التعريف الإسلامي للبيئة الذي يمكن استنباطه من القرآن الكريم (( كل ما يحيط بالإنسان من أرض وماء وهواء ومباني وحدائق وغابات , وما يعيش عليها من حيوان وزروع وأشجار ))
البيئة في القرآن الكريم
وردت اشتقاقات البيئة في القران الكريم في عدة سور كريمة ففي سورة الأعراف (( وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ))(74)، وفي سورة يونس ( (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) (87( ، وفي نفس السورة ((وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُواْ حَتَّى جَاءهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)) آية/ 93
الماء في القرآن الكريم
يعتبر الماء العنصر الأول من عناصر النظام البيئي في القرآن الكريم ولأهمية هذا العنصر للإنسان وسائر الكائنات , فقد ذكره القرآن الكريم بما يزيد عن أربعين مرة يقول تعالى في سورة الأنبياء ((أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)) آية / 30 و الماء الذي تتحدث عنه الآية الكريمة هو الماء النقي الذي يشتمل على المكونات الأساسية دون أية شوائب أو ملوثات تغير من خصائصه الكيميائية أو الغير الفيزيائية أو الحيوية ,ويتصف بخلق الكون أو الطعم أو الرائحة (
و تؤكد الآية التاسعة من سورة ((ق)) هذه الخصائص والصفات التي يتصف بها الماء ((وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ)) آية / 9 ، والناظر في كتاب الله العزيز يجد أن مصادر الماء الخمسة : الأمطار و الأنهار والبحار والعيون ولآبار الجوفية .
أما ماء المطر يقول تعالى في سورة الرعد((أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)) آية 17 ، وفي سورة النحل ((هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ))آية / 10 ، أما الأنهار فقد جاء في سورة البقرة ((ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)) آية / 74 ،وفي ذلك إشارة علمية لطيفة إلى منابع الأنهار التي تنبع معظمها من الجبال والهضاب فعلى سبيل المثال فنهر النيل ينبع من هضبة فكتوريا و الفرات من هضبة أرمينيا ودجلة من جبال طوروس والأمازون من جبال الآند في البيرو أما العيون فقد جاء في سورة يس ((وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ)) آية /34 ، ووردت لفظة البئر في سورة الحج ((فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ)) أية /45 ، أما الآبار الجوفية وما يسمى بالخزانات الجوفية جاء في سورة الزمر ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ))آية/21 وفي سورة الحجر ((وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ))آية /22 وفي سورتي الكهف والملك لفت القرآن الكريم أنظار المؤمنين إلى ظاهرة خطيرة وهي عدم استقرار المياه الجوفية , ففي سورة الكهف : ((أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا))أية / 41 ، وفي الملك ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ)) آية/ 30 يقول الأستاذ سيد قطب- رحمه الله – الماء الغور : الغائر الذاهب في الأرض لايقدرون عليه (9) ويذكر القرآن الكريم البحار في مواطن عديدة فيذكر صفاتها وأحيائها وللدلالة على أهميتها أستخدمها القرآن الكريم كوسيلة محسوسة للتعبير عن قدرته وعظمته سبحانه وتعالى جاء في سورة الكهف ((قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)) آية (109) ويتحدث القرآن الكريم في سورة النور عن صفات البحر وخصائصه()أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ))آية (40) ويذكر القرآن الكريم فوائد البحر وخاصة الملاحة ففي سورة البقرة((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )) آية (164) وما تزال هذه النعمة من أضخم النعم التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على الإنسان فيسرت له أسباب الحياة والانتقال والرفاهية والكسب (10) ويعتبر البحر مصدرا رئيسيا للغذاء الصحي كما أشارت إليه سورة النحل ((وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) آية14 فنعمة البحر وأحيائه تلبي ضرورات الإنسان وأشواقه فمنه اللحم الطري من السمك وغيره من الطعام (11) والبحر مصدر هام للحلي والجواهر والمعادن الثمينة التي تلبي متطلبات الإنسان الاقتصادية والتنموية ((يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)) الرحمن آية 22 وفي سورة فاطر(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) آية12، أما في سورة الروم يخبرنا القرآن الكريم عن خطر يتربص بالبحر وأحيائه يتمثل بالتلوث البحري يقول تعالى في سورة الروم((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) آية(41)
وسنتحدث ان شاء الله عن هذا التلوث في دراسات قرآنية مقبلة .
والجدير بالذكر يقدر العلماء كمية الماء الموجودة بالعالم بحوالي 1,4بليون كم مكعب منها حوالي 1360 مليون كم مكعب ماء مالح أي 97,2 بالمائة% في حين تبلغ كمية الماء العذب 40 مليون كم مكعب أي 2,8% إلا أن حوالي ثلاثة أرباع هذا الماء العذب يوجد على هيئة جليد في مناطق القطبين ومرتفعات الجبال في حين تبلغ نسبة الماء العذب الصالح للاستخدامات البشرية حوالي 0,8 %فقط حوالي 12 مليون كم مكعب تتوزع في الأنهار والبحيرات وحوالي 0,4% مليون كم مكعب في باطن الأرض (12) الأمر الذي ينبأ بأزمة مياه في العالم كمية وكيفية في الربع الأول من الألفية الثالثة
الغلاف الغازي في القرآن الكريم
يتألف الهواء في طبقة التربوسفير من النتروجين 75% والأوكسجين23% والأرجون 1,3% وثاني أكسيد الكربون04,% وبعض الغازات الأخرى ضئيلة النسبة هذا من حيث الكتلة أما من حيث الحجم فان هواء الغلاف الجوي يتألف من نيتروجين 78% وأوكسجين 21% وأرجون 93,% وثاني أكسيد الكربون 03,% والباقي غازات أخرى ضئيلة النسبة(13) ومثل هذه الحقيقة العلمية تعبر عنها الآية القرآنية الكريمة في سورة القمر ((إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)) آية (49) ، وقد أشار القرآن الكريم في سورة الحجر إلى دورة غاز ثاني أوكسيد الكربون ((وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ)) آية /19 فقد شاءت قدرة الله تعالى أن خلق النباتات الخضراء ,و الإنسان والحيوان , يستخدم النبات في غذائه , والكائنات الدقيقة تقوم بتحليل بقايا النبات والحيوان وتحولها مرة ثانية إلى غاز ثاني أكسيد الكربون والعناصر الأساسية التي تتكون فيها هذه النباتات وهذه الأدوار التي تقوم بها هذه المخلوقات لتحافظ على توازن النظام البيئي (14) و في سورة الروم يتعرض القرآن الكريم إلى شكل خطير من أشكال التلوث الغازي ((وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ)) آية /51 فهو هواء ملوث وممتلئ بالغبار و الأتربة و الرمال يؤدي إلى هلاك الزرع والضرع وغالباً ما يصاحبه موت المزروعات (15) . وفي سورة الأحقاف ((فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ)) آية 24-25/
التربة في القرآن الكريم
تتكون التربة من الماء والهواء والمعادن العضوية وهذه العناصر مرتبة بنظام فيزيائي وكيمائي معقد بحيث تهيئ هذه المكونات قاعدة صلبة لتثبيت النباتات فضلاً عن تزويدها بمختلف احتياجاته من المواد الأساسية لبناء أجسامها , ويعتبر الطين محدداً لخواص التربة الفيزيائية والكيميائية و العامل الأساسي في تفاعلات التي تتم داخل التربة (16) وقد ذكر القرآن الكريم التربة والطين في عدة سور قرآنية كريمة جاءت في سورة البقرة ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ))آية/264 وفي سورة النحل ((يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (59))) آية59 ، هذاعدا الآيات الكريمة التي ذكرت التراب صراحة كمادة أساسية في خلق الإنسان أما الطين يقول تعالى في سورة الأنعام ((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ)) آية /2 وذكر الصلصال في سورة الحجر ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ))آية /26
الغطاء النباتي في القرآن الكريم
يصنف القرآن الكريم الغطاء النباتي تصنيفا شاملاً ودقيقا ً ، فذكر الشجر بصورة إجمالية في سورة النحل ((هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ)) آية 10 و خص بعض أنواع الأشجار كشجرة الزيتون في سورة المؤمنون ((فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ،وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ)آية 19 و 20 ، وذكرها صراحة في سورة النور ((اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) آية(35) ثم يذكر النخيل في سورة البقرة ((أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)) آية((266)) .
ويذكر القرآن الكريم في سورة يس الحبوب بصورة عامة((وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ)) آية/33 ويذكر القرآن في سورة الأنعام صنفين من الحبوب :ما كان متراصا بعضه فوق بعض كالقمح والشعير والصنف الثاني ما يكون على شكل أوعية كالفول والحمص ونحوها من قرنيات سواء أكانت برية أم غير برية يقول تعالى في سورة الأنعام ((وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) آية/99 ، كما ويذكر القرآن الكريم الخضراوات في الآية السابقة ، فعلى الرغم أن كلمة خضرا لم تعط إشارة واضحة ومباشرة لكلمة خضراوات التي نعرفها ولكن ترى بعض التفاسير المعاصرة أن المراد ( بخضرا) كل نبات أخضر غض (17) وما من شك أن الخضراوات المعروفة لدينا تندرج تحت هذا المعنى .
ويخص القرآن الكريم بعض أنواع الخضراوات صراحة فقد جاء على لسان قوم موسى عليه السلام في سورة البقرة ((وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)) آية/61 ، وهذا يضم الفاصولياء والبازلاء والحمص والفول والكوسا والقرع واليقطين والثوم والبصل ويذكر القرآن الكريم الفواكه ضمن مفهومين , مفهوم عام كما جاء في سورة عبس ((وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)) آية/31 والفاكهة تعني : كل نبات يتفكه به الإنسان وهذا تفسير ابن عباس رضي الله عنهما (18) وبناء على ذلك تكون جميع أنواع الفاكهة من تفاحيات ولوزيات وحمضيات من الفواكه وان لم يرد نص قرآني صريح بجميع أنواع الفواكه التي نعرفها ,أما المفهوم الخاص فقد خص القرآن الكريم بعض أنواع الفواكه كالتين والرمان والتمر والموز في سورة الواقعة((وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ)) آية /29 ونختم الغطاء النباتي بالأعشاب والحشائش التي ترعاه الدواب كما جاء في سورة عبس((وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)) آية/31, والأب كما فسره ابن عباس (ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس) وفي رواية عنه (هو الحشيش للبهائم وما أنبتت الأرض للأنعام) (19)