ويل لمن غلبت آحاده عشراته
"مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ"سورة الأنعام
من نعم الله عز وجل على عباده ومن أفضاله عليهم أن الحسنات تضاعف إلى عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله. أما السيئة فبمثلها أو يغفرها لمن يشاء: "مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ".
"مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"سورة البقرة261.
ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن هم بها وعملها ضوعفت له، ومن هم بسيئة وتركها لله كتبت له حسنة وإن عملها كتبت له سيئة واحدة.
هذا بجانب ما خص به المؤمن فإن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن اصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس هذا إلا للمؤمن.
ما يصيب المؤمن من البلاء والامتحان في نفسه وماله وأهله إما لرفع الدرجات وإما لتكفير السيئات.
خرج أبو داود في سننه عن أم العلاء رضي الله عنها قالت: (عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة، فقال: "أبشري يا أم العلاء، فإن مرض المسلم يُذْهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة").
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (قلت يا رسول الله، إني لأعلم أشد آية في القرآن! قال: "أية آية يا عائشة؟" قالت: قول الله تعالى: "مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ"سورة النساء123.
قال: "أما علمت يا عائشة أن المؤمن تصيبه النكبة ـ أو الشوكةـ فيكافأ بأسوأ عمله، ومن حوسب عذب" قالت: أليس الله يقول: "فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا" قال: "ذاكم العرض يا عائشة، من نوقش الحساب عذب").
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله: (هذا في حق الكفار خاصة، لأنهم يجازون بالعقاب على الصغير والكبير، ولا يجزى المؤمن بسيء عمله يوم القيامة، ولكن يجزى بأحسن عمله، ويتجاوز عن سيئاته، ويدل على صحة هذا القول سياق الآية، وهو قوله: عن الكافر: "وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا". قال صاحب (عون المعبود) وقال ابن عباس في رواية أبي صالح عنه: لما نزلت الآية شقت على المسلمين مشقة شديدة وقالوا: يا رسول الله: وأينا لم يعمل سوءاً غيرك؟، فكيف الجزاء؟، قال: "منه ما يكون في الدنيا، فمن عمل حسنة فله عشر حسنات، ومن جوزي بالسيئة، نقصت واحدة من عشر حسنات، وبقيت له تسع حسنات، فويل لمن غلبت آحاده عشراته، واما من كان جزاؤه في الآخرة فتقابل بين حسناته وسيئاته فيلقى مكان كل سيئة حسنة، وينظر في الفضل فيعطى الجزاء في الجنة فيؤتى كل ذي فضل فضله").
فالشقي من غلبت آحاده عشراته ولم تسعه رحمة الله التي وسعت كل شيء وغلبت غضبه.
ومعلوم ما منا أحد يدخل الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته حتى رسولنا صلى الله عليه وسلم كما صح بذلك الخبر ولهذا كان من دعاء عمر بن عبدالعزيز: (يا من وسعت رحمته كل شيء فلتسعني رحمتك فأنا شيء).
islamadvice.
_________________
أبـوروان