مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
الأخوة الأعزاء أعضاء وزوار هذا المنتدى الطيب الكريم
أفتح هذا الموضوع راجيا من الله تعالى أن يجعله من أبواب إصلاح حال هذه الأمة على أيدي أبنائها بما يرضي ربها
وسوف أقتراح منهجا عاما للموضوع بأن يكون أسبوعي بمعنى أن نبدأه اليوم مثلا الثلاثاء مع خلق معين من الأخلاق ثم نعطي الأعضاء الكرام الفرصة للتعليق بآرائهم ثم نجدد الموضوع الأسبوع التالي في نفس الموعد
ولن يكون المحتوى من عندي بل من عندكم ونتناقش ونتعلم من بعضنا وكل يدلو بما لديه وإن كان لديه دليلا فليقدمه وليكن هذا أيضا من طرق أن نتعلم كيف تكون المناقشة والحوار بشكل علمي وبشكل موضوعي دون تعصب لرأي معين أو فكر معين بل يكون البحث عن الحق لاتباعه هو هدفنا ولينظر كل منا إلى كلمات الآخرين باحترام وليقرأ كل ما فيها محاولا التفسير بحسن الظن لها
وليكن أول موضوعاتنا عن أحد الأخلاق الذميمة في مجتمعنا والتي نحاول أن نتخلص منها
السخرية
- ماهي السخرية ؟ - لماذا تنتشر السخرية ؟ - ما تأثير السخرية على مجتمعنا ؟ - هل تعرف شيئا عن السخرية من حيث مكانتها من الحل والحرمة ؟ - كيف يمكن أن نقضي على السخرية ؟
هذه الأسئلة مجرد دليل لصاحب الرأي ويمكنه أن يسترسل ويكتب بالشكل الذي يريده ولكنها عونا له على تنظيم فكره وترتيبه
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
موضوع: رد: دعوة لمناقشة سلوكياتنا السلبية وكيف نعالجها الجمعة 28 مايو 2010 - 22:02
يبدو أنه لا مجيب ولهذا سأبدأ بالكلام :
تعريف السخرية و الاستهزاء :-
هو محاكاة أقوال الناس أو أفعالهم أو صفاتهم أو قولهم قولاً أو فعلهم فعلاً أو إيماءً أو إشارة على وجه يضحك منه و يؤذي المستهزأ به .
تعريف و معنى آخر :-
الاستحقار و الاستهانة و التنبيه على عيوب و النقائص على وجه يضحك منه و يكون ذلك بالمحاكاة بالقول أو الفعل أو الإشارة أو الإيماء . فالسخرية و الاستهزاء لا ينفكان على الإيذاء و التحقير و التنبيه على العيوب و النقائص .
سبب السخرية و الاستهزاء :
للسخرية و الاستهزاء أسباب متعددة أهمها :
1- العداوة . 2- التكبر . 3- إرادة إضحاك الآخرين و التسلية . 4- مرافقة أهل السوء و مجاملتهم بالتمثيل بهم . 5- تحطيم مكانة الآخرين .
أما عن تأثير السخرية على مجتمعنا
فهو بالتأكيد تأثير مدمر لأن أي من الأشكال أو الأسباب السابقة تدمر العلاقة بين أفراد المجتمع فمن منا يقبل بالعداوة ؟ ومن منا يقبل بأن يتكبر عليه أحد ومن منا يقبل أن يضحك عليه الآخرين ؟ ومن منا يقبل أن يجامل أهل السوء بعضهم بعضا على حسابه ؟ ومن منا يقبل أن يحطم الآخرون مكانته ؟
إن السخرية فعلا تأثيرها مدمر وليس لها من نتيجة سوى الكراهية بين أفراد المجتمع الواحد.
وهذه بعضا من آثار السخرية :
1- تورث العداوة و البغضاء بين الناس . 2- تعرض المستهزأ إلى سخط الله تعالى . 3- قد يتعرض المستهزأ إلى ما لا يحمد عقباه من المستهزأ به مثل الإهانة و الضرب و غيره ...
حكم السخرية و الاستهزاء
السخرية و الاستهزاء من المحرمات في حق من يتأذى به لما فيه من التحقير و الاستصغار للمؤمن ، و أما من جعل نفسه مسخرة و يظل فرحاً من أن يسخر به فلا يحرم ذلك ، قال تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسا أن يكونوا خيراً منهم و لا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن }
فلعل الذي تسخر به استصغاراً له يكون خيراً منك حقيقة و واقعاً .
علاج السخرية و الاستهزاء
و يتم علاج هذه الرذيلة بصورة عامة و بشكل تفصيلي :
أولاً العلاج العام
بالعلم :
1- أن يعلم أنه بالسخرية و الاستهزاء بالمؤمن يتعرض لمعصية من الله تعالى و سخطه . 2- أن يعلم أنه كما لا يحب أن يسخر به أحد من الناس ، فكذلك الآخرين لا يحبوا أن يسخر بهم أحد . 3- أن يعلم الإنسان أنه في يوم من الأيام قد يصاب بنقص في شيء متعلق بجسده أو أهله أو ماله –الدنيا دار البلاء- فكما لا يقبل بسخرية الآخرين منه فلا يسخر من غيره . 4- أن يعلم الإنسان أنه مهما بلغ من الكمال الخلقة و المكانة فهناك من هو أحسن منه خلقة و مكانة و أفضل منه و قد يسلط الله عليه فيسخر منه . 5- أن يعلم أنه قد يسخر و يستهزأ بولي من أولياء الله تعالى و هو لا يعلم .
أما العلاج بالعمل فهو كالتالي :
1- المراقبة التامة للنفس و محاسبتها . 2- معاهدة النفس بعدم السخرية و الاستهزاء بالآخرين . 3- التفكير في الكلام قبل التلفظ به فإن كان خيراً و إلا فليصمت .
ثانياً العلاج التفصيلي :-
و يكن ذلك بالنظر إلى السبب الباعث له على السخرية و الاستهزاء و علاجها فمثلاً علاج السخرية و الاستهزاء بسبب التسلية و إضحاك الآخرين ...
1- التفكر في نفسه أنه بإضحاكه للآخرين على المؤمن كيف يكون حاله يوم القيامة و فضيحته يوم القيامة على رؤوس الخلائق. 2- أن يفكر كيف يريد إضحاك الآخرين و لا يبالي بسخط الله تعالى . 3- أن يعلم أن الله تعالى قادر على أن يسلط عليه من يسخر و يستهزأ به .
اللهم أكرمنا دائما واصرف عنا شر السخرية والاستهزاء بالآخرين واغفر لنا ما لم نتنبه له من ذلك
_________________
أبـوروان
metwally.mustafa فريق أول
عدد الرسائل : 4226 العمر : 38 الموقع : Egypt العمل/الترفيه : automation engineer تاريخ التسجيل : 12/01/2009
مازال الأمر مفتوحا للمشاركة وقد ذكرت في أول الموضوع أنني سأعرض الأمر بشكل أسبوعي وإن شاء الله يكون هناك جديد الثلاثاء القادم ولم أحط بكل شئ في الموضوع الأول وقد ذكرت ما أعرف وهو محدود مهما بدا ولكن بالتأكيد فهناك المزيد لدى الزملاء يمكنهم مشاركتنا به إما الإضافة أو تأكيد ما تم ذكره
وجزاكم الله خيرا على حرصكم
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
هل تتصور كم نسبة التفاعل من الأعضاء في موضوعات المنتدى في عامه الثالث ؟؟
لدينا حتى الآن 4330 عضوا شارك منهم معنا في المناقشات 650 عضوا فقط بنسبة 15% فقط من الأعضاء والباقي يشاهدون فقط الموضوعات دون أن يتأثروا أو يؤثروا في الآخرين ظاهريا
مفترض من الباقين مجموعة زارت المنتدى مرة أو مرتين وسجلت ولم تجد ضالتها في المنتدى ولكن هل يعقل أن يكون هؤلاء بنسبة 85% خاصة وأننا لم نجبر أحدا على التسجيل للاستفادة من موضوعات المنتدى بل كل شئ مفتوح والحمد لله
إن الكثير من الزملاء يملكون الكثير من المعلومات وكلنا عنده نقص أكثر من جوانب الكمال في شخصه وعلمه ولهذا فإن التبادل والتجاوب بيننا ضرورة وما تعطيه اليوم ستجده غدا
وليس المطلوب فقط هو كلمات الشكر والاستحسان وإنما المشاركة الإيجابية الفعالة وقد يكون سؤال أو فتح موضوع للنقاش له دور كبير في فتح مجالات بحث أمام الجميع يتعلم منها الكثيرون
وهناك إحصائية أخرى لن تكلف صاحبها شيئا وهي إبداء رأيه مثلا في استفتاء في أحد الموضوعات ولك أن تتخيل مثلا أن موضوع شوهد حوالي من 19000 مرة لكن من أعطوا اهتماما بالاستفتاء فقط 225 زائر فحتى مجرد إبداء الرأي نواجه فيه مشكلة في التحرك الإيجابي
لهذا مطلوب من الجميع ليس فقط في المنتدى بل على كل المستويات التحرك بإيجابية أكبر في سبيل البناء وسبيل التطور والتحسين فلن تقف الحياة حتى نصحو من نومنا فالجميع يسير ويتقدم ونحن ندفع الثمن غاليا
فإياكم والسلبية إياكم والسلبية إياكم والسلبية
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
السلبية هي اللامبالاة أو كما يحمل معنى الكلمة هي سلب النفس دورها في القيام بواجباتها وحرمان المجتمع من تأثيرها فيمر المرء على المنكر ولا يتأثر ويمر على الطيب من الأعمال ولا يتأثر
ولعل تأثير السلبية على المجتمع تأثير مدمر بعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو السلبية بعينها ومصير أي مجتمع لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر هو بالتأكيد الهلاك حتى ولو ملك أهله الدنيا
وهناك من الأمور التي يظنها البعض بسيطة لكنها تدمر وتنخر في بناء المجتمع مثل عدم زرع الإيجابية في نفس النشء الصغير فمثلا لو رأيت صغير يقطع نباتا ولك توضح له أو يكتب على حائط أو يلقي بالنفايات في الطريق ولم تنبهه إلى ذلك وتحاول تقييم سلوكه فإن هذا الطفل الذي ينشأ معه الإهمال نتيجة السلبية هو قائد الغد وهو الوزير والضابط والمهندس والطبيب والذي سوف يؤثر بإهماله على كل جوانب الحياة تأثيرا في منتهى السوء
ولعل من أهم أسباب انتشار السلبية الجهل وضعف الإيمان فخوف الإنسان من توجيه النصيحة ينبع من جهل فلا يدري صاحبه كيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو خوف من أذى ظنا منه بذلك فهو نقص علم ونقص إيمان
ومن أسباب المشكلة تأتي الحلول فالعلم ثم العلم ثم العلم
والإيمان ثم الإيمان ثم الإيمان
والعلم يزيد بالتحصيل والتزام مجالسه ومشايخه ولست هنا أقصد العلم الشرعي فقط بل كل علم نافع
والإيمان يزداد بالعمل وينقص بالإهمال في العمل وإن لم يزدد الإيمان فهو ينقص
لهذا احرصوا إخواني الأعزاء على العلم والإيمان والعمل بهما معا للتغلب على مشكلة السلبية والتي تضع المجتمع كله على حافة الهاوية
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
وبعد أن تحدثنا عن السخرية والسلبية والتي نتمنى أن نتخلص منهما ونستبدلهما بالاحترام والفاعلية نتحدث عن سلوك سئ آخر نتمنى التخلص منه وهو الفردية والأنانية ؟
فهل الفردية والأنانية مطلوبة ؟
وما هي الأسباب في انتشارها من وجهة نظرك ؟
وهل هناك سبيل للتغلب عليها ؟
وإلى أي مدى تؤثر الفردية والأنانية على المجتمع ؟
_________________
أبـوروان
مهندس علي عميد
عدد الرسائل : 958 العمر : 42 الموقع : الموصل العمل/الترفيه : السيطرة الصناعية تاريخ التسجيل : 21/02/2010
الأنانية egoe، أو الأَثَرة، تعني تفضيل النفس على الآخر؛ وهي نزوع طبيعي يمكن التغلب عليه بالأخلاق التي تمتدح الكرم والإيثار، وذلك من أجل إعادة التوازن إلى الفرد والمجتمع معاً.
ينحصر المعنى العام للأنانية، على المستوى الفردي على الأقل، في صورتين كلتاهما مرفوضة وشاذة من وجهة نظر الإنسان السويّ نفسياً واجتماعياً: أولاهما تتمثل في عجز الفرد عن النظر إلى العالم إلا من خلال مصالحه ومنافعه الخاصة أو الشخصية، وهذا المستوى هو الذي يمكن أن يطلق عليه اسم «الأنانية» بحصر المعنى، وتتمثل الثانية في تبني وجهة النظر الأولى مصحوبة بقدر أكبر من التشدد والغلو في التزام المصلحة الذاتية. وهذا ما يمكن أن يطلق عليه اسم «جنون الأنانية» الذي يُدل عليه بالمصطلحين egotism وegomania.
والأنانية في علم النفس هي حب الذات، والمراد بحب الذات هنا «النزوع الطبيعي الذي يحمل الإنسان على الدفاع عن نفسه وحفظ بقائه، وتنمية وجوده والميول الأنانية الناشئة عن هذا النزوع مقابلة للميول الغيرية [ر.الغيرية]، ويطلق عليها أيضاً اسم الميول الشخصية أو الميول الفردية».
كما يمكن أن يقال عن الأنانية: «إنها الحالة التي تغلب فيها على الفرد دوافعه ورغباته الذاتية دون النظر إلى رغبات أو مصالح الآخرين، ومن ثم تتعارض مع الروح الاجتماعية حتى لو اتسع نطاقها، وصبغت اتجاه فريق من الأفراد».
أما فرويد فيقرر: «إن كل ما لدينا من معرفة عن الليبيدو ينصبّ على الأنا الذي يتجمع فيه أول الأمر كل القدر الممكن من الليبيدو، وتسمى هذه الحالة النرجسية الأولية المطلقة. وتستمر النرجسية حتى يبدأ الأنا في شحن الموضوعات في العالم الخارجي التي تعرض له بالليبيدو، أي حتى يستبدل حب الموضوعات بحب الذات». فبمقتضى هذا الفهم الفرويدي للبنية النفسية تكون النرجسية أقرب إلى حالة فطرية ليس من اليسير على الفرد مواجهتها والتخلص منها. وإذا ما توسعنا في استخدام مصطلح «النرجسية»، ودفعناه خارج حقل التحليل النفسي، أمكن النظر إلى النرجسية بوصفها أول صورة من صور «الأنانية»، وبأنها متأصلة في الجبلّة الإنسانية، في حين أن أول تعيّناتها النفسية والاجتماعية تتمثل في رغبة المرء المفرطة في الاستئثار بالخيرات المادية والمعنوية من دون سائر أفراد الجماعة التي يحيا فيها.
وحتى لو انحصر البحث في الإطار الضيق للتحليل النفسي، يتبين أن فرويد منذ كتاباته الأولى قدّم نظرية سيطر عليها تماماً مفهومه عن إرضاء الذات self gratification، بل لقد عدَّ هذا المفهوم أولياً بالقياس إلى غيره من المفاهيم النفسية، في حين نظر إلى الغيرية والإحسان بوصفهما ظاهرتين ثانويتين تستمدان كل ما لهما من تأثير من ارتباطهما بالصور المختلفة لإرضاء الذات.
ومن الناحية الأخلاقية تطلق الأنانية أيضاً «على من لا يستهدف إلا نفعه الخاص، في حين أن الغيرية هي حب الغير وإرادة الخير له وتقديمه على النفس». ويطلق دوركهايم مصطلح الإيثار أو الغيرية على «المجتمع أو الجماعة التي يندمج فيها الفرد كلية، ولا تكون له مصالح مغايرة لمصالح الجماعة، وفي مثل هذه الجماعة يدرَّب أعضاؤها على ترك الفردية، وتقديم الواجب والطاعة بما يحقق رفاهية الجماعة قبل أي اعتبار آخر».
وتتخذ كثير من النظريات الأخلاقية من الأنانية أساساً لها. فمذهب اللذة في الفلسفة اليونانية قد أهاب بكل إنسان التماس أعظم قدر من السعادة، مهما كان نوع هذه السعادة، وبصرف النظر عما يمكن أن تكونه. وفي عصر النهضة الأوربية قرر كل من هوبز واسبينوزا بطرق مختلفة أن حفظ بقاء الذات هو الخير.
وفي مقابل هذه الأخلاق الفردية تنهض الأخلاق التي تتخذ من الجماعة والمجتمع أساساً لها. ويتبنى هذا النوع من الأخلاق نظريات تشدّد على أهمية الجماعة بدلاً من التشديد على أهمية الفرد. وتحت هذا العنوان تندرج نظريات مثل النزعة العالمية عند الرواقيين، والأنساق الأخلاقية التي تركز على بقاء الأمة، والنفعية التي تستهدف أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس.
ومن المؤكد أنه ليس من السهل التفريق بوضوح بين نوعي التخلق السابقين، بصورة يمكن معها النظر إلى أحدهما على أنه أخلاق فردية أنانية، في حين يكون من الممكن وصف الثاني بأنه أخلاق اجتماعية تُنزل العواطف الغيرية المنزلة الأولى بين جميع العواطف الأخلاقية. وعلى سبيل المثال فإن الأخلاق النفعية الليبرالية تحاول أن تبين أن الموقفين المتقابلين في الظاهر - أي الأخلاق الفردية والأخلاق الاجتماعية - هما موقفان متطابقان من الناحية الواقعية. كما يمكن أن يقال إن الرفاه الذي يشمل الكل يستهدف الارتقاء بالمصلحة الخاصة للجميع بوصفهم أفراداً. ومن الواضح هنا أن «الأنانية المتزمتة والعمياء» ستدخل في نزاع مع الطابع الاجتماعي للإنسان. وبالمقابل، فإن الأنانية المعتدلة لا بد أن توضح أن الغايات الخاصة والفردية يمكن تحقيقها بصورة أفضل عندما تكون متلازمة مع حاجات الآخرين وآمالهم. وعلى المستوى العملي يتعذر تمييز هذا الموقف من الغيرية، على الرغم من أن الدوافع قد تكون مختلفة، استناداً إلى الزعم بأن كل الأفعال مستوحاة من الأنانية مادام ما يفعل من أجل الآخرين لا يخالف الضمير ولا يتعارض مع الرفاه. وعند هذا الحد فإن مصطلح «أنانية» يصبح غير ذي موضوع، ويفقد كل أهمية له فيما يتعلق بالهدف المتمثل في إقامة تفريقات بين النظريات الأخلاقية، مادام البشر أنانيين في ضوء التحليل السابق، على أن مزاعم عامة كهذه يجب ألا تطمس فروقاً حيوية بين طرق مختلفة في الحياة.
يوسف سلامة
........................................... المصدر : الموسوعة العربية Arabic Encyclopedia
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
ومازلنا نسعى لمواجهة أنفسنا بما فينا من أخلاقيات سلبية ونسعى للتخلص منها وندعو الله أن يوفقنا في ذلك
وإن كنت أتمنى أن يشاركنا الزملاء كلهم بالرأي ونطلب فقط الرأي الشخصي إن أمكن أو البحث عبر شبكة الإنترنت أو الكتب لنستفيد جميعا من هذه المناقشات التي نحسبها مفيدة ونحتسب أجر كشفها والتحذير منها عند الله تعالى
واليوم نطرح أحد الأخلاق السيئة والتي نتمنى أن نتخلص منها والخلق اليوم هو الكبر والاستعلاء على الناس فماذا برأيك المقصود بالكبر ؟؟
وما الأسباب التي تؤدي بصاحبها إلى الكبر ؟؟
وما هو ضرر الكبر على مجتمعنا ؟؟
وكيف نتخلص من هذا المرض الاجتماعي الخطير ؟؟
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
سوف أنقل لكم كلاما قرأته كما هو حيث يبدو أن الأخوة لا يريدون مشاركتنا وغفر الله لنا جميعا
من أمراض الحركة الإسلامية ... الكبر والاستعلاء
الكبر واحد من أخطر الأمراض الروحية وأسوأ الأخلاق على الإطلاق وهو على المستوى الشخصي والفردي لا ينسجم مع سواء النفس وصحة الدين والاعتقاد وهو مدعاة لغضب الله حيث يقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (العظمة ردائي، والكبرياء إزاري، فمن نازعني واحدة منهن أهلكته ولا أبالي).
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر) ولم يكن هذا الحرمان من نعيم الله واستحقاق سخط الله وورود ناره إلا لكون هذه الآفة مفسدة للدين والنفس.. ومن الملاحظ في الحديث السابق أن كلمة (كِبّر) جاءت مبهمة معممة وكأنة يتحدث عن آفة أو جرثومة... لذلك أطلقه ولم يحدده بقيود، فالكبر والعجب والاستعلاء والغرور والمرح كلها مترادفات لنفس الداء، ويبين الحديث خطورة هذا المرض بحيث أن من أصاب قلبه ذرة منه حرمت عليه الجنة، ولعل خطورة الداء تكمن في تأثيره على منطقة بأكملها، ووضح هذا الحديث مكان الإصابة به وهو القلب وهو موضع الإيمان (الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل) وهو مركز تدفق الحياة وبؤرة السيطرة والتحكم بشهوات النفس، وهي المضغة التي إن صلحت صلح سائر الجسد، وإن فسدت فسد، ويكمن الشر كل الشر في أن كون هذه السمة (الكبر) طابع عام يصيب الشخصية، وتؤثر في سلوك الفرد كله بحيث تلقي بظلالها على جميع تصرفات الفرد ونلمحها بين ثنايا حركاته وسكناته، ونجدها في ألفاظه وتلميحاته، ولا يعقل أن يكون الفرد متكبراً مستعلياً على فئة من البشر ثم يدعها جانباً وتجده متواضعاً هيناً ليناً مع طائفة أخرى، ونجد القرآن يدفع الضالين بهـذه الصفة دفعاً فيقول ]وأصروا واستكبروا استكباراً[ ]إن فـرعون لعـال فـي الأرض[ ]فاستكبرتم وقلتم لن يبعث الله أحداً[. هذا بخلاف صفات مثل الشدة مضاد اللين، فقد يكون الرجل شديداً مع فرد وليناً مع آخر. فالموقف الذي يتطلب الشـدة يختلف عـن الموقف الـذي يتطلب اللين ]محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم[. لأن الشدة واللين هما صفتان سلوكيتان يتم التحكم بهما أما الكبر والاستعلاء فهي سمة طابعة للشخصية لا يفلح من أصابته بالتخلص منها إلا من رحم الله.
في المقابل اعتبر القرآن أن الصلف والفظاظة سمة من سمات الشخصية وهي أقل خطورة من الاستعلاء لأن الله لم يتوعد من اتصف بالصلف بالهلاك ولكن يوضح هذه السمة قائلاً: (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) ولاحظ توجيه الصفة للنفس (كنت) وللقلب ولم يقل لو تصرفت معهم بشدة، فالشدة سلوك يتم التحكم به من خلال الحلم، أما الجلافة والفظاظة فهي طبع غالب على النفس والشخصية شأنها شان التعالي والكِبر.
هذا على المستوى الشخصي والنفسي أما على المستوى الجماعي ونقصد به الحركة الإسلامية بجميع أجنحتها فقد أصاب الكبر والاستعلاء _وللأسف_ العديد من العاملين في المجال الحركي الإسلامي، وتسلل هذا المرض الخبيث من طريقة تربوية خاطئة تبنت النظرة التالية (أن المسلم بانحيازه إلى منهاج الله وشريعته واتباع طريق الحق والصراط المستقيم فإنه قد استمسك بالعروة الوثقى وهو بذلك يكون قد نجا من سخط الله. لذلك فإن هناك ما يدعوه للشعور بالتمايز والزهو على مجتمع المشركين والكفار وأولئك الذين تنكبوا طريق الحق).
ونقول لهؤلاء: لقد أخطأتم في هذا كله لأنه طالما أن الشعور بالتعالي على الكفار حسن. فلماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي على قتلى الكفار بعد أن يزول غبار المعارك؟! ومن الطبيعي أن الذي يستعلي على الكفار سيفرح ويضحك ملء شدقيه لمنظر قتلاهم، أما رسول الله الذي أرسل رحمة للعالمين فكان ينظر إليهم نظرة المشفق على بني آدم من عذاب جهنم الذي استحقوه باستكبارهم على دين الله.
إن تحريم الله للكبر بشكل قاطع ]ولا تمش في الأرض مرحًا[ ]إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا[ وتهديده بالعذاب لمن حمل في قلبه ]مثقال ذرة[ وهي أخف الأوزان إنما جاء لأن الله يعلم أن هذا المرض لا يقف عند حد وأن المسلم إذا استكبر وتعالى على الكفار اليوم فسوف يستعلي على إخوته من المسلمين غداً بحيث يصبح ابن الحركة الإسلامية نموذجاً للعنصرية وللاستعلاء ويشمخ بأنفه ويرفع صوته ويدق الأرض بقدميه. ولا يرى إلا نفسه أو جماعته. ويقيس من خلال هواه أو هوى جماعته الحق والباطل، فكل ما وافق هواه فهو الحق وإن خالف أبسط قواعد المنطق، يخوض مع الخائضين، وإذا ما سئل عن جماعته فهي الأفضل والأصدق والأقوى.. إلخ وربما زاد به العمى حتى زعم أنها الأقرب إلى الله دون علم أو برهان، وإذا ما سئل عن جماعة أخرى فهي إما صغيرة أو ضعيفة أو... إلخ فتجده مع الوقت يستبيح أعراض أخوته المسلمين ويستمرأ الغيبة وترتاح نفسه لما يصيبهم من سوء، وإذا ما وفق الله غير جماعته إلى ما يحب وإذا ما حازوا من درجات المجد، هون منه وقلل من قيمته وحاول أن يستبيح الكذب من أجل حرمانها من مجدها، وبدل أن يرتاح لانتصارهم على عدو المسلمين تجده يتمنى أن يكون كل عمل عظيم تحوزه جماعته وبدل أن يشفي الله صدره بعمل أخوته يظهر حقده لهم متناسياً قول الله تعالى: [لا تحسبن الذين يفرحون بما أوتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم]. [آل عمران: 188]
إن الاستعلاء مرض يصيب القلوب فيستولي عليها ويهدمها وهو أشد ما يصيب عباد الله المتقربين وهو من أخطر مداخل الشيطان فقد يجد الشيطان منعة في قلب المؤمن فلا ينجح في غوايته لارتكاب الفواحش وما حرم الله ولكن هذا لا يثنيه فيدفع إلى نفس المؤمن العُجب بعلمه أو تقواه أو جهاده أو التزامه الطاعات فبدل أن يدعوه ذلك إلى المزيد من التواضع أمام الله واللين في المعاملة مع عباد الله أصبح ذلك مع وتيرة الطاعة مدعاة للتكبر على عباد الله فيوسوس إليه قائلاً: أنت من أحباب الله ومطيعيه فأنت من أهل الصلاح والرضوان وغيرك من أصحاب المعاصي والذنوب فلن يصلوا إلى مرتبتك في العلم والعمل والطاعة وهم أقل منك وأصغر منك، وهنا يتملك العجب والاستعلاء من نفسه ويوقعه الشيطان في الشرك فيدخل إلى نفسه الكبر وإلى عمله الرياء، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: (إن الشيطان قد يأس أن يعبد في أرضكم، ولكنه رضي بأن يطاع فيما دون ذلك).
فليحرص كل منا أن يقع تحت تهديد الله في قوله تعالى: [قل هل ننبأكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا]. [الكهف: 103-104]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تيسير عبد اللطيف
المصدر : موقع القدس اليوم
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
رغم توقف الأخوة الأعزاء عن إبداء الرأي حول هذا الخلق السئ والذي لا يرضى أي إنسان أن يوصف به أو يعامله به أحد غيره إلا أننا سنكمل إن شاء الله حتى لا نتوقف.
واليوم نفتح الحديث عن خلق آخر من الأخلاق السيئة التي نريد التخلص منها وهو أسوأ الأخلاق على الإطلاق والذي نفى النبي صلى الله عليه وسلم صفة الإيمان عن صاحبه رغم استخفاف بعض الناس به وهو الكذب فلماذا يكذب الإنسان ؟
وهل هناك أي ضرورة تدفع الإنسان للكذب ؟
وما تأثير الكذب على المجتمع ؟
وكيف نتخلص من الكذب ؟
وكيف نتعامل مع الإنسان الكاذب أو الكذاب ؟ ومع ما ينقله من أكاذيب ؟
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
وجدت هذه الرسالة ردا على مناقشة موضوع الكذب في أحد المنتديات الصديقة وأنقلها لكم كما وجدتها وهي تسجيلات لفضيلة الشيخ محمد حسان وفضيلة الشيخ محمدحسين يعقوب عن موضوع الكذب على اليوتيوب
إليكم احبائي موضوع الكذب بلسان الشيخ محمد حسان
وهذا مقطع مؤثر لكل كذاب للشيخ محمد حسان ومحمد حسين يعقوب
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
وليس من كلام يقال بعد كلام الشيخين الكبيرين فكل كلمة لها ما يدعمها بالدليل العقلي والنقلي
واليوم نفتح الباب لمناقشة سلوك آخر من سلوكياتنا السلبية والتي ندعو الله أن يعيننا على التخلص منها وهو كثرة القسم لسبب ولغير سبب
فهل القسم أو الحلف لسبب ولغير سبب من الأشياء المستحبة ؟
ولماذا يحلف الناس وبماذا يحلفون ؟
وهل لكثرة الحلف آثار سلبية على المجتمع ؟
وهل هناك من الكتاب أو السنة ما يدعونا للحلف أو للحذر من الحلف ؟
_________________
أبـوروان
المنوفي مساعد
عدد الرسائل : 42 تاريخ التسجيل : 03/08/2009
موضوع: رد: دعوة لمناقشة سلوكياتنا السلبية وكيف نعالجها الجمعة 9 يوليو 2010 - 3:41
بالطبع كثرة الحلف سلوك مذموم ويعبر عن عدم ثقة المتكلم في كلامه فيخلط كلامه أولا بأول بالحلف كنوع من التأكيد في حين أن قواعد الكلام وضعت لنا طرقا كثيرة من التأكيد للقول في حالة ظهور الشك على وجه من يتم التحدث إليه
فمنها أدوات التوكيد المختلفة مثل إن وأن وتكرار الكلام الأساليب الإنشائية في الكلام وأدوات التحقيق مثل قد ولقد وغيرها وأعلاها على الإطلاق أسلوب القسم ولا يكون القسم إلا حالة التأكيد النهائي أو لإظهار مكانة المقسوم به
أنا أن يكون القسم في كل جملة وكل كلمة فهذا من قبيل اللغو بالكلام
أما ما يقسم به فلا يقسم ولا يحلف إلا بالله أو أحد أسمائه ولا يجوز القسم أو الحلف بغيره وهذا من قبيل الشرك كما ورد في بعض الأحاديث
ويقول الله سبحانه وتعالى (( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تضلوا )) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت )) والحديث (( من حلف بغير الله فقد أشرك ))
وفيهما دليل على الاقتصاد في الحلف وفي الحلف بالله فقط دون غيره.
أما عن تأثير ذلك على المجتمع فيكفي أن يحلف كل واحد على قوله فيصير المجتمع كذابا فهذا يحلف على حلف هذا وهذا يكذب هذا وينتشر البغض والكراهية بين الناس والشك والحيرة في كل ما تسمع ويصبح التصديق أمر صعب فقد هانت وسائل التوكيد كلها فمن نصدق وعلى أي أساس وكما يقولون في المثل المصري المدمر (( قالوا للحرامي احلف ، قال جالك الفرج )) وهو يحمل معنى أن الحلف صار هينا على الناس وضاع بهذا الهوان كثير من الحقوق وانتشرت أنواع كثيرة من الظلم حتى صرنا نجد في بعض المحاكم في بلادنا وغيرها عملا جديدا يسمى (( شاهد زور )) يقفون أمام المحاكم ويحفظون ما يطلب منهم ثم يرددونه أمام القاضي وما أسوأ مجتمع تضيع قيه الحقوق وتنتشر المظالم
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
سوف أنقل لكم هذه الكلمات للشيخ الناغي بن عبدالحميد في آخر موضوعين أو آخر نوعين من السلوكيات تحدثنا عنها وكان الأول هو (( الكذب )) حيث قال :
أضيف لكم هذا الموضوع
بعنوان
آفة أنهكت الأمة
للشيخ : الناغى بن عبد الحميد العريان
فقد سبق تنزيله في المنتدى العام
المقدمة
الحمد لله علام الغيوب، الخبير بما تجنى السرائر، وبما تكن الضمائر، العليم بما تفضى إليه الأمور، وبما تخفى الأفئدة والصدور .
سبحانه وتعالى قريب ممن يناجيه، حكمه مقبول، وأمره مفعول، أقرب للنفس من حبل الوريد، وهو على أعمال خلقه شهيد، سبحانه إذا أراد لشئ شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، ينعم برحمته، ويعذب بعدله، وقد سبقت رحمته غضبه .
وصلوات الله وسلامه على حبيبه المصطفى، وخليله المجتبى، حمل الأمانة، وبلغ الرسالة، وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم انفعنا بشفاعته يوم لا يخزى الله النبى والذين آمنوا معه .
ورضى الله عن صحابته الكرام الأتقياء البررة الذين بذلوا النفس والنفيس للذب عن حرمة الإسلام وذادوا عن عقيدته رغبة فى الجنة، وتعوذوا من النار فكانوا السلف الصالح الذى أرسى قواعد هذا الدين .
ثم أما بعد :
فلقد آثرت أن أتناول جانباً مما لحق بالأمة الإسلامية من آفات يذهب لها لب العاقل الذى رسخت لديه عقيدة التوحيد والعمل بما تقتضيه هذه العقيدة من ثوابت وفطر لا يشوبها شائبة، حيث جمعت بين كل الخصال الحميدة والفطر الصحيحة التى فطر الله الناس عليها .
فبدل الكثير من هذه الأمة إلا من رحم ربى سبحانه وتعالى فعمت الفوضى فى كثير مما نهينا عنه فى ديننا الحنيف . كعدم مراقبة الله تعالى، وضياع الحقوق بين الناس، وخراب كثير من الذمم والضمائر، والفسق، والنفاق، والرشوة، والتقرب من الولاة والسلاطين على حساب الفقراء والمساكين، وأكل أموال الناس بالباطل، وتفشى كبيرة الزنى، والسرقة، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، حتى صارت بعض الأماكن فى ديار المسلمين لا يأمن المرء على أهله وبنيه . وتاج هذه الآفات والمعاصى ومغذيها وقائدها وربانها وسفينتها هو الكذب . نعم : الكذب
هذه الآفة التى لطالما لحقت بأمة إلا وأنهكتها ودمرتها تدميرا، وذلك لأنها بهذه الآفة تغير وجه الحقيقة فيصير الحق باطلاً، والباطل حقاً قيترتب على ذلك جل ما ذكرنا فى المقدمة من آفات .
فإن رجعت إلى ما ذكرنا من آفات لوجدت أن للكذب دوراً فيها فإما أن يكذب المرء وهو يعلم أنه يكذب، وإما يصدق دون أن يتحرى وهو يرغب فى ذلك فيظن أنه لا يكذب .
لذلك ضرب لنا المعصوم صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة فى الصدق وحض عليه . بل ونفى صفة الإيمان عمن يكذب .
لذلك سوف أتكلم عن بعض الجوانب حول هذه الآفة وكيف أن الله تبارك وتعالى بغضنا فيها وحرمها علينا وأعد لمن ألفها وأشربها فى قلبه والعياذ بالله رب العالمين عذاباً مهيناً كما نهانا نبينا صلى الله عليه وسلم وحذرنا منها . الناغى بن عبد الحميد العريان جمهورية مصر العربية فبداية يجب علينا أن نتعرف على الكذب . فما من صفة إلا ولها صفة مضادة فالطول يقابله القصر، والإبصار، يقابله العمى، والصحة يقابلها المرض، وهكذا تكون الصفات، وما يحب المرء منا فى كل حالاته الصفة الذميمة أو المنقوصة، وإنما يحب دائماً الصفة الحسنة، فلو نَعَتَ شخصاً بالعمى وهو بصير لثار عليك وغضب، وكذلك لو نعت شخصاً بأنه منافق لربما شاتمك ولن تسلم من أذاه لأنه يعتبر ذلك سبة ومن العجيب بأنك لو نعت الكذاب بالكذب رغم علمه بينه وبين نفسه أنه كذاب لأخرجت كل ما لديه من غضب ليدافع عن نفسه فسبحان الله رب العالمين .
إذا فلماذا يأبى المرء الصفة الحسنة ويقبل الدنية ؟ هذا هو الأمر المحير . فالكذب يقابله الصدق وهو الصفة الحسنة التى طالبنا بها المولى سبحانه وتعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ } التوبة119 .
فالصدق : بريد الإيمان، ودليله، ومركبه، وسائقه، وقائده، وحليته، ولباسه، بل هو لبه وروحه .
والكذب : بريد الكفر والنفاق، ودليله، ومركبه، وسائقه، وقائده، وحليته، ولباسه، بل هو لبه وروحه . لذا فإن الكذاب إذ لم يتب عن كذبه ويرجع إلى ربه فلن يهتدى إذاً أبداً . قال تعالى : { ...... إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } غافر28 .
فوالله لو أيقن الكذاب وكان بحق على عقيدة صحيحة وتدبر ولو للحظة واحدة قول ربه جل وعلا : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } الإسراء36 . وقوله تبارك وتعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق18 . لما تفوه إلا بما يرضى ربه سبحانه وتعالى .
فهذه الآفة التى تأصلت فى نفوس كثير من الناس والتى تورد صاحبها الموارد تؤدى به إلى الفجور والعياذ بالله رب العالمين وهذا ظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى قال فيه : ( إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِّر وإن البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صَدِّيقاً وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ وإن الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ وإنَّ الرَّجُلَ ليَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذاباً ) متفق عليه من حديث ابن مسعود رضى الله عنه.
الكذاب فاجر
إذاً فمن ظاهر نص الحديث الصحيح السابق يتضح لنا بأن الكذَّاب فاجروالعياذ بالله رب العالمين، والفاجر كما يقول ابن منظور ( هو المنبعث فى المعاصى والمحارم ) وأمثال هؤلاء قد أخبرنا عنهم المولى تبارك وتعالى بقوله :
{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ } ص28. فالله عز وجل لا يسوى يوم القيامة بين المتقين والفجار إذ أن الفارق بينهما واضح بيِّن فإن كان الكذاب فاجر فهل علمت الأن الفرق بين المتقين والفجار ؟
كما بين لنا سبحانه وتعالى فى سورة عبس جانباً من صفات الفجرة فقال تعالى : { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ } (42) فبين سبحانه وتعالى صورتهم يوم القيامة بأنهم يأتون وقد علا وجوههم السواد المغبر والعياذ بالله رب العالمين .
يقول الإمام البيضاوى رحمه الله فى تفسيره ( جـ 5 / 372 ) { أُوْلَئِكَ هُمُ الكفرة الفجرة } الذين جمعوا إلى الكفر الفجور ، فلذلك يجمع إلى سواد وجوههم الغبرة . وقال الآلوسى رحمه الله فى تفسيره ( جـ 22 / 206 ) { تَرْهَقُهَا } أي تعلوها وتغشاها { قَتَرَةٌ } أي سواد وظلمة ولا ترى أوحش من اجتماع الغرة والسواد في الوجه وسوى الفيروزأبادي والجوهري بين الغبرة والقترة فقيل المراد بالقترة الغبار حقيقة وبالغبرة ما يغشاهم من العبوس من الهم وقيل هما على حقيقتهما والمعنى أن عليها غباراً وكدورة فوق غبار وكدورة وقال زيد بن أسلم الغبرة ما انحطت إلى الأرض والقترة ما ارتفع إلى السماء والمراد وصول الغبار إلى وجوههم من فوق ومن تحت والمعول عليه ما تقدم .
وهذا يجعلنا نقف أمام قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ وإن الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ وإنَّ الرَّجُلَ ليَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذاباً ) وقفه مع تدبر موقف الفاجر أمام الله عز وجل
يوم القيامة . فمن منا يحتمل أن يؤتى به مسود الوجه أو تكون بينه وبين المتقين مقارنة فلا هو قد استوى معهم فيدخل الجنة ولا هو قد نال رضى ربه حتى يغفر له .
الكذَّاب منافق
وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث المتفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " .
يقول الإمام السيوطى على شرحه لمسلم ( جـ 1 / 80 ) أربع من كن فيه كان منافقا خالصا استشكل بوجودها في كثير من المؤمنين وأجيب بأن معنى الحديث أن هذه خصال نفاق وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال و متخلق بأخلاقهم فإن النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه وهذا المعنى موجود فيه ونفاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس لا أنه منافق في الإسلام فيظهره وهو مبطن الكفر ولم يرد أنه منافق نفاق الكفر المخلد في الدرك الأسفل من النار وقوله خالصا أي شديدا يشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال قال بعضهم وهذا فيمن كانت هذه الخصال غالبة عليه فأما من ندر ذلك منه فليس داخلا فيه وقيل المراد أن من اعتادها أفضت به إلى حقيقة النفاق وقيل إنه ورد في رجل بعينه منافق وكان صلى الله عليه و سلم لا يواجههم بصريح القول فيقول فلان منافق وإنما يشيرإشارة كقوله ما بال أقوام يفعلون كذا خلة بفتح الخاء المعجمة خصلة فجر مال عن الحق وقال الباطل والكذب وأصل الفجور الميل عن القصد . انتهى
وهذه الأمور كلها من النفاق العملي، وليست من النفاق الاعتقادي، فالنفاق الاعتقادي هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر، وأهله في الدرك الأسفل من النار، فلما كان للإسلام قوة وصولة وشوكة لم يستطيعوا أن يظهروا ما في بواطنهم فلجئوا إلى أن يتظاهروا بالإسلام وهم يبطنون الكفر، كما ذكر الله عنهم : { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ } [البقرة:14] . فهذه الأمور الواردة في هذا الحديث من النفاق العملي، وليست من النفاق
الاعتقادي، لكن من أتى بهذه الأمور مستحلاً لها فإنه يكون كافراً بهذا الاستحلال. وقوله : (من كن فيه كان منافقا ً)، أي : أن من كانت هذه الأمور مجتمعة فيه فقد وصل إلى حد عظيم فيما يتعلق بهذا الوصف، فيكون منافقاً خالصاً في النفاق العملي وليس
الاعتقادي، فلا يكون كافراً بمجرد اتصافه بهذه الصفات الذميمة، ولكن يكون عنده تمكن في النفاق، ومن وجدت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، وأما إذا اجتمعت كلها فيه فقد وصل إلى النهاية والقمة في النفاق العملي، ويكفر العبد - كما قلنا- باستحلال هذه الخصال الذميمة، فمن استحل الكذب فإنه يكفر، وهذا فيما لا يسوغ فيه الكذب وأما ما جاء فيه جواز الكذب سواءً كان صريحاً أو تلويحاً، كالإصلاح بين الناس، وبين المرأة وزوجها، فلا بأس بذلك، وأما استحلال الكذب مطلقاً فلاشك أنه كفر.
يقول ابن بطال على شرحه عند البخارى ( جـ 6 / 583 ) ألا ترى أن النبى - عليه السلام - قد جعل ذلك خصلة من النفاق ، وليس هو بنفاق يخرج من الإيمان ، وإنما أراد عليه السلام أن من كانت فيه هذه الخلال أو واحدة منها ، فإنه منافق فيها خاصة ، وليس بمنافق فى غيرها من دينه مما صح فيه اعتقاده ويقينه . وإنما أطلق اسم النفاق على صاحب هذه الخلال ؛ لأنها تغلب على أحوال المرء ، وتستولى على أكثر الأفعال ، فاستحق هذه التسمية بما غلب عليه من قبيح أفعاله ، ومشابهته فيها المنافقين والكفار ، فوصف بصفتهم تقبيحًا لحاله ، ومجانبته أفعال المؤمنين - أعاذنا الله من ذلك .
فإن استحل المرء الكذب وتحراه ولم يتب من هذه الصفة الذميمة والتى ذمها الله تاعلى وذمها رسوله صلى الله عليه وسلم فربما لا يأمن من أن يكون ممن قال الله عز وجل فيهم : { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } (النساء 138) فالمسلم لا يكون بحال من الأحوال كذَّاباً لذلك نفى النبى صلى الله عليه وسلم عن المسلم المؤمن هذه الصفة بقوله حينما سئل " أيكون المؤمن جباناً ؟ فقال : " نعم " فقيل له : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ فقال " نعم " فقيل له : أيكون المؤمن كذّاَباً ؟ فقال " لا " . ( رواه مالك فى موطأه صـ 990 عن صفوان بن سليم ) كما روى عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول : " لا يزال العبد يكذب وتنكت فى قلبه نكتة
سوداء، حتى يسود قلبه كله . فيكتب عند الله من الكذَّابين . " روى هذا الحديث موقوفاً وهو فى حكم المرفوع ( موطأ مالك صـ 990 ) .
التحذير من الكذب
لقد حذرنا المولى سبحانه وتعالى من الكذب وأنزل إلينا قرآناً يتلى إلى يوم القيامة بأن المرء محاسب على كل ما يلفظ من فيه فقال تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ( ق 18) كما علمنا المعصوم صلى الله عليه وسلم كيف نتقى بألسنتنا كل ما لا يرضى الله ورسوله فنرى من حديثعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا فَقَالَتْ هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ " قَالَتْ أُعْطِيهِ تَمْرًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ" أخرجه أحمد (3/447 ، رقم 15740) ، وأبو داود (4/298 ، رقم 4991) والبيهقى (10/198 ، رقم 20628) ، والضياء من طريق الطبرانى (9/483 ، رقم 466) . وأخرجه أيضًا : ابن بى شيبة (5/236 ، رقم 25609) .فإذا كان قول الأم لولدها تعال أعطك حتى وإن لم تك نيتها أن تعطه كتبت عليها كذبة، فما بالك بمن ألف الكذب ليل نهار فإنا لله وإنا إليه راجعون .
بل وقد بلغ التحذير من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكثر من ذلك حتى أن كثيراً من الناس يقولون أشياء ربما هم يظنون أنهم لا يأثمون بحال من الأحوال عليها وهذا يتضح لنا من حديث مُجَاهِدٍ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: كُنْتُ صَاحِبَةَ عَائِشَةَ الَّتِى هَيَّأَتْهَا وَأَدْخَلَتْهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَعِى نِسْوَةٌ، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا عِنْدَهُ قِرىً إِلاَّ قَدَحًا مِنْ لَبَنٍ، قَالَتْ: فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَةَ، فَاسْتَحْيَتِ الْجَارِيَةُ، فَقُلْنَا: لاَ تَرُدِّى يَدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذِى مِنْهُ، فَأَخَذَتْهُ عَلَى حَيَاءٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: "نَاوِلِى صَوَاحِبَكِ، فَقُلْنَا: لاَ نَشْتَهِيهِ، فَقَالَ: "لا تَجْمَعْنَ جُوعًا وَكَذِبًا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ قَالَتْ إِحْدَانَا لِشَىْءٍ تَشْتَهِيهِ لا أَشْتَهِيهِ يُعَدُّ ذَلِكَ كَذِبًا؟ قَالَ: "إِنَّ الْكَذِبَ يُكْتَبُ كَذِبًا، حَتَّى تُكْتَبَ الْكُذَيْبَةُ كُذَيْبَةً.
أخرجه أحمد (6/452 ، رقم 27601) ، وابن ماجه (2/1097 ، رقم 3298) ، قال البوصيرى (4/15) : هذا إسناد حسن . والطبرانى (24/171 ، رقم 434) ، قال الهيثمى (4/51) : شهر فيه كلام وإسناده حسن . والبيهقى فى شعب الإيمان (4/210 ، رقم 4821) .
ولكنه بعدما يقرأهذا الحديث الذى ذكرناه أظن أنه سينظر من جديد فى حاله وفيما مر من حياته من أقوال وأفعال .
من الكذب أن تتحدث بكل ما تسمع
فعن أبى هريرة رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :" كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ " أخرجه مسلم (1/10 ، رقم 5) .
فإنك ربما تظن أنك مجرد ناقل لحديث فكيف تكون كاذباً ؟
فربما نقلت خبراً كاذباً كقذف محصنة أو افتراء على مظلوم أو غيبة أو نميمة أو ما شابه ذلك فتكون بذلك كاذباً حتى وإن لم تكن تتعمد فقد نقلت كذباً . لذا نهى البنى صلى الله عليه وسلم ان يحدِّث المرء بكل ما يسمع حتى ينتقى ما ينقل . وكذلك كمن يكذب على البنى صلى الله عليه وسلم فينقل عنه ما لم يقله . وفى أمثال هؤلاء يقول صلى الله عليه وسلم : " من حدث عنى حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " . ( ذكره مسلم فى مقدمته جـ 1 / 22 بشرح النووى - وأخرجه الترمذى فى كتاب العلم ، باب : ما جاء فيمن روى حديثاً وهو يرى أنه كذب، عن المغيرة بن شعبة، وابن ماجه فى المقدمة برقم : 41 ) . ومن هذا أن يقول المرء بالمثل الشعبى أو الحكمة أو الأثر ثم يقول : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فإن كان يعلم أن ذلك ليس من كلام رسول الله فليتبوأ مقعده من النار كما أخبر صلى الله عليه وسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كذب علىَ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " . ( رواه مسلم فى المقدمة والبخارى كتاب: العلم، برقم 110 ) .
الصدق منجاة
لذلك كان من دأب الصحابة الإجلاء الصدق فى كل شئ حتى أن الرجل منهم كا إذا ارتكب معصية أو ذنباً بادر بإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم به . ولنا فى قصة ماعز والمرأة الغامدية العظة والعبرة وكيف آثروا إقامة حد الله عليهم فى الدنيا على الكذب حتى يلقوا الله تعالى يوم القيامة صادقين.
وقصة كعب بن مالك فى التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك، وما نزل فيهم من قرآن يتلى ليوم القيامة، فى قوله تعالى : { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ( التوبة 118) فانظر لمَّا صدق مع الله ورسوله رغم ما عاناه من مقاطعة الرسول له والصحابة بل وزوجه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه صبر على الصدق فتاب الله عليه .
وهذا ربعي بن حراش بن جحش بن عمرو العبسي، أبو مريم: تابعي مشهور. من أهل الكوفة، ثقة في الحديث، كان أعور. يقال إنه لم يكذب قط.
وكان له ابنان عصيا الحجاج بن يوسف، واختفيا، فطلبه الحجاج وقال: ما فعل ابناك يا ربعي ؟ فقال ربعي: هما في البيت، والله المستعان ! فقال الحجاج: قد عفونا عنهما لصدقك ! (1) تهذيب ابن عساكر 5: 297وتهذيب التهذيب 3: 236 وابن خلكان 1: 186 والجمع 140 وحلية الاولياء 4: 367 وتاريخ بغداد 8: 433 .
المعاريض
وأما مسألة القول بالمعاريض فلابد أن يحذر المرء منها حتى لا يقع فى المحظور من القول وهو لا يدرى فربما قال قائل بأن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ فِى الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةً عَنِ الْكَذِبِ " . ( رواه البيقهى
فى السنن الكبرى جـ 10 / 199 عن عمران بن حصين رضى الله عنه وأخرجه أيضًا : ابن أبى شيبة (5/282 ، رقم 26096) ، وهناد فى الزهد (2/636 ، رقم 1378) ، والبخارى فى الأدب المفرد (1/297 ، رقم 857) . نعم : ولكن بشروطها التى لا تجعلك تتحدث بالحديث الكذب لتوهم من أمامك بأنك ما قصدت كذا وإنما كنت تقصد كذا
لذلك كان ابن عباس رضى الله عنهما يقول : ماأحب أن لى بمعاريض الكلام كذا وكذا . ومعنى مندوحة متسع . يقال منه : انتدح فلان بكذا ينتدح به انتداحًا إذا اتسع به ، وقال ابن الأنبارى : يقال : ندحت الشىء إذا وسعته . وقال الطبرى : ويقال : انتدحت الغنم فى مرابضها إذا تبددت واتسعت من البطنة . وانتدح بطن فلان واندحى - يعنى : استخرى واتسع .
فمن المعاريض المحمودة والتى لا يأثم عليها المرء :ما روى – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل قريبا من بدر ركب هو وأبو بكر حتى وقفا على شيخ من العرب يقال له سفيان فسأله عليه السلام عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال لا أخبركما حتى تخيراني من أنتما فقال له عليه السلام إذا أخبرتنا أخبرناك فأخبر الشيخ حسبما بلغه خبرهم فلما أفرغ قال من أنتما فقال عليه السلام « نحن من ماء دافق » وأوهم أنه من ماء العراق ففيه تورية وأضيف الماء إلى العراق لكثرته به
( روح البيان جـ 4 / 194 ) وفى رواية أنه صلى الله عليه وسلم قام ومعه أبوبكر يستكشف أحوال جيش المشركين وبينما هما يتجولان في تلك المنطقة لقيا شيخاً من العرب، فسأله رسول الله ( عن جيش قريش، وعن محمد وأصحابه، ومابلغه ( من أخبارهم: فقال الشيخ لا أخبركما حتى تخبراني مما أنتما. فقال له رسول الله (: إذا أخبرتنا أخبرناك فقال: أو ذاك بذاك؟ قال: نعم. فقال الشيخ: فإنه بلغني أن محمداً واصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا -للمكان الذي به جيش المسلمين- وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا -للمكان الذي فيه جيش المشركين فعلاً- ثم قال الشيخ: لقد اخبرتكما عما أردتما، فأخبراني: ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (: نحن من ماء. ثم انصرف
النبي صلى الله عليه وسلم وأبوبكر عن الشيخ، وبقي هذا الشيخ يقول: مامن ماء؟ أمن ماء العراق (الرحيق المختوم 207).
فقد خرج الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني عن كل شيء ، فقال : « كل شيء خلق من ماء » ولذلك أجاب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الذي وجده على ماء بدر وسأله : ممن هو؟ بقوله : « نحن من ماء » .
فمن الحديث يُفهم أن النبى صلى الله عليه وسلم قصد أنه خلق من ماء مهين وفهم الشيخ أو ظن أنه يقصد ماء العراق . وفيه أيضاً أنه لا يجوز أن تخبر من تظن أنه من الممكن أن يخبر عنك عدوك .
وقد نقل عن السلف أن في المعاريض مندوحة عن الكذب قال عمر رضي الله عنه أما في المعاريض ما يكفي الرجل عن الكذب وروي ذلك عن ابن عباس وغيره وإنما أرادوا بذلك إذا اضطر الإنسان إلى الكذب فأما إذا لم تكن حاجة وضرورة فلا يجوز التعريض ولا التصريح جميعا ولكن التعريض أهون ومثال التعريض ما روي أن مطرفا دخل على زياد
فاستبطأه فتعلل بمرض وقال ما رفعت جنبي مذ فارقت الأمير إلا ما رفعني الله وقال إبراهيم إذا بلغ الرجل عنك شيء فكرهت أن تكذب فقل إن الله تعالى ليعلم ما قلت من ذلك من شيء فيكون قوله ما حرف نفي عند المستمع وعنده الإبهام . وكان معاذ بن جبل عاملا لعمر رضي الله عنه فلما رجع قالت له امرأته ما جئت به مما يأتي به العمال إلى أهلهم وما كان قد أتاها بشيء فقال كان عندي ضاغط قالت كنت أمينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند أبي بكر رضي الله عنه فبعث عمر معك ضاغطا وقامت بذلك بين نسائها واشتكت عمر فلما بلغه ذلك دعا معاذا وقال بعثت معك ضاغطا قال لم أجد ما أعتذر به إليها إلا ذلك فضحك عمر رضي الله عنه وأعطاه شيئا فقال أرضها به ( كنز العمال:ج0/ص0 ح37507 )
ومعنى قوله ضاغطا يعني رقيبا وأراد به الله تعالى وكان النخعي لا يقول لابنته أشتري لك سكرا بل يقول أرأيت لو اشتريت لك سكرا فإنه ربما لا يتفق له ذلك وكان إبراهيم إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية قولي له أطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس ههنا كيلا يكون كذبا وكان الشعبي إذا طلب في المنزل هو يكرهه خط دائرة وقال للجارية ضعي الأصبع فيها وقولي ليس ههنا وهذا كله في موضع الحاجة فأما في غير موضع الحاجة فلا لأن هذا تفهيم للكذب وإن لم يكن اللفظ
كذبا فهو مكروه على الجملة كما روى عبد الله بن عتبة قال دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه فخرجت وعلي ثوب فجعل الناس يقولون هذا كساكه أمير المؤمنين فكنت أقول جزى الله أمير المؤمنين خيرا فقال لي أبي يا بني اتق الله .
وبهذا أتمنى أن أكون قد ألقيت الضوء على جانب من هذه الآفة التى إذا ما تفشت فى أمة إلا وأضاعتها، وإنى لأدعو الله تعالى أن ينجى منها أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
فلقد تعمدت عدم الإطالة رغم كثرة الأدلة المتواجدة فى كتاب الله تعالى وفى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والتى تنهى الأمة عن الوقوع فى هذه الآفة العظيمة، وإنى أرجوه سبحانه وتعالى أن أكون بذلك قد بلغت القصد والمراد وأن ينفع الله بهذه الرسالة كل من قرأها وساعد على نشرها، والدال على الخير كفاعله .
[/color][/center]
_________________
أبـوروان
عدل سابقا من قبل PLCMan في السبت 6 أغسطس 2016 - 10:54 عدل 1 مرات
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
أحبابي في الله , الكثير منا يقع من غير ما يشعر بكثير من الامور الشركية , بالرغم من انه يعلم بان الله هو الخالق , وكما يعرف أقسام التوحيدومنها توحيد الربوبية , وتوحيد الألوهية,ومع هذا إذا أراد أن يوضح عند القسمواليمين بأهمية الشخص الذي أمامه فيقسم ويقول ( وراسك ) أو ( ودفنت أمي أو دفنت أبوي ).... وهذا الطامة يصبح الدين اواسلامه فيه دخن , لذا أحببت أن أقدم هذاالمبحث الذي يتكلم عن الشرك بالحلف بغير الله , وأثاره , واليمين وأنواعه ... وعليه وبالله التوفيق نقول : الحلف بغير الله أو بغير صفة من صفاته محرم وهو نوع من الشرك ولهذا قال النبي، صلي الله عليه وسلم: (( لا تحلفوا بآبائكم من كانحالفًا فليحلف بالله أو ليصمت)) وجاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (( من حلفبغير الله فقد كفر أو أشرك)) رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم، وثبت عنه ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : (( من قال واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله )) وهذاإشارة إلى أن الحلف بغير الله شرك يطهر بكلمة الإخلاص لا إله إلا الله . وعلىهذا فيحرم على المسلم أ ن يحلف بغير الله – سبحانه وتعالى – لا بالكعبة، ولابالنبي، صلى الله عليه وسلم، ولا بجبريل ، ولا بولي من أولياء الله، ولا بخليفة من خلفاء المسلمين، ولا بالشرف، ولا بالقومية، ولا بالوطنية كل حلف بغير الله فهو محرموهو نوع من الشرك والكفر.
قال تعالى ( لا يؤاخذكم الله باللغو فيأيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) سورة المائدة 88.
وقال صلى اللهعليه وسلم ( من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ، وفي رواية أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة . فقال رجل : وان كانشيئا يسيرا يا رسول الله ؟ قال : وان كان قضيبا من أراك ) سواك . أصل الحديث بصحيحمسلم
أيها الإخوة والأخوات : تتنوع الأيمان في النصوص الشرعية وتنقسم إلىأيمان مشروعة منعقدة ، وأيمان محرمة باطلة ينبغي على المسلم تجنبها .
القسمالأول منها :
اليمين المنعقدة : وهي اليمين التي يحلفها المسلم باسم من أسماء الله تعالى مثل : والله ، العزيز ، الرحمن . أو بصفة من صفاته ، كأن يحلفبحياة الله تعالى أو عزته أو قدرته ، يقصد المسلم بهذه اليمين ويعقدها على أمرمستقبل كأن يقول : والله لافعلن كذا ... آو والله لا افعل كذا ... فمثل هذه اليمينيجب عليه الوفاء بها . فإن حنث ولم يف بها وجبت عليه الكفارة وهي التخيير بين عتقرقبة أو إطعام عشرة مساكين او كسوتهم فإن لم يجد واحدة مما مضى ولم يستطع فيجب عليه صيام ثلاثة أيام ، ( متتابعات عند الإمام أحمد ) .
القسم الثاني : اليمينالغموس : وهي اليمين التي يحلفها المرء متعمدا كاذبا يستحل بها حق أخيه المسلم . وسماها الرسول صلى الله عليه وسلم غموسا ؛ لانها تغمس صاحبها في النار ، وهي احدى الكبائر الثلاث الواردة في صحيح البخاري ( الإشراك بالله وعقوق الوالدين واليمينالغموس ) . وسبب كونها من الكبائر أن الحالف جمع بين الكذب واستحلال مال الغيروالاستخفاف باليمين بالله تعالى وتهاونه بها . فأهان ما عظّمه الله تعالى وعظّم ماحقره الله تعالى فاستحق ان يغمس في النار . ونظرا لكبر أثمها ذهب كثير منالعلماء كإلامام مالك وأحمد واسحق والاوزاعي وفقهاء العراق وأهل الحديث وغيرهم الى انها يمين مكر وخداع وكذب لا تنعقد ولا كفارة فيها ويجب على صاحبها التوبةوالاستغفار وإرجاع الحقوق إلى أصحابها .
القسم الثالث : لغو اليمين : وهيالأيمان التي تجري على لسان المسلم من غير قصد وهي ألفاظ كثيرة اعتادها اللسان كقوله : لا والله ، بلى والله . قالت عائشة رضي الله عنها ( اللغو في اليمين كلامالرجل في بيته لا والله ) وهذه الألفاظ تكثر منها الأمهات عندما يتوعدن أبناءهن إذاهرب احدهم من البيت : فتقول والله لأجرم فيك ، والله أذبحك ، والله ما بتدخل البيت . ومثل اللغو أيضا: ان يحلف المسلم على شئ يظنه كذا فيتبين على خلاف ما كان يظن . فمثل هذه الألفاظ لا يؤاخذ الله تعالى صاحبها ولا يعاقبه .
القسم الرابع : الحلف بغير الله تعالى : كأن يحلف بالأنبياء أو الملائكة أو الكعبة أوالأموات ... فقد اعتبر الإسلام الحلف بغير الله تعالى شركا به سبحانه ؛ لما فيه منقدح لشهادة العبد بوحدانية الله تعالى فكيف يشهد العبد ان لا اله إلا الله ويحلف بغير الله ؛ لان من مستلزمات هذه الشهادة ان لا يعظم غيره تعالى . كما اعتبر القرانالحلف بغير الله تعالى ندا يتخذه الحالف لله تعالى وهذا الحالف يعلم حرمة ذلك . قالتعالى ( فلا تجعلوا لله أندادا وانتم تعلمون ) . قال ابن عباس رضي الله عنهمافي معنى الآية : ( الأنداد : هو الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة ( حجر ) سوداء في ظلمة الليل وهو ان تقول : والله وحياتك يا فلانة ، وحياتي . وتقول : لولا كلبههذا لأتانا اللصوص . وقول الرجل : ما شاء الله وشئت ، وقول الرجل : لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلان هذه كله به شرك ) . فهذه أمور أيها الأخوة والأخوات منالشرك خفية في الناس لا يكاد يفطن لها ولا يعرفها الا القليل ، فهي لخفائها في الناس لا يشعرون بها كدبيب وحركة النمل على صخرة ملساء في ليلة ظلماء ؛ ولذلك طلبالرسول صلى الله عليه وسلم من المسلم ان يدعو الله تعالى ويستعين به على تجنبهقائلا ( اللهم إنا نعوذ بك ان نشرك بك شيئا تعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه ) . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( من حلفبغير الله فقد كفر أو أشرك ) رواة الترمذي . وعن ابن عمر رضي الله عنه ( انالله ينهاكم ان تحلفوا بابائكم من كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت ) وعن بريدة ( من حلف بالأمانة فليس منا ) . وقال كعب : أنكم تشركون في قول الرجل : كلا وابيك ، كلا والكعبة ، كلا وحياتك احلف بالله صادقا أو لا تحلف بغيره . وقد أجمع العلماء على ان اليمين لا تكون الا بالله تعالى أو بصفاته كما أجمعوا على المنع من الحلفبغيره .
وقد يقول البعض إن النهي عن الحلف بغير الله تعالى يحمل على الكراهية . وهذا لا يصح كيف يحمل على الكراهية والرسول صلى الله عليه وسلم اطلقعليه انه كفر وشرك ولهذا ابن مسعود رضي الله عنه اختار أن يحلف بالله كاذبا ولايحلف بغيره صادقا .
فهذا يدل على ان الحلف بغير الله تعالى اكبر من الكذب مع ان الكذب من المحرمات .
وقد يقال : ان بالله تعالى اقسم بالمخلوقات في القران الكريم ، فلماذا لا يجوز للمخلوق ان يحلف بغير الله تعالى ؟ . قال العلماءهذا يختص بالله تعالى فهو يقسم بمن شاء من خلقه لما في ذلك من الدلالة على قدرةالله تعالى ووحدانيته وعلمه وحكمته . وأما المخلوق فلا يقسم الا بالخالق تعالى ، ويجب على العبد التسليم والإنقياد لما جاء من عند الله تعالى ، وقد يقال : ان النبيصلى الله عليه وسلم قد حلف بغير الله تعالى عندما سأله الأعرابي عن أمور الإسلامفأخبره عنها قال : ( أفلح وأبيه إن صدق ) ورواه البخاري . وقد أجاب العلماء عنذلك بأجوبة : - أولها / قال ابن عبد البر : ان هذه اللفظة منكرة ( وأبيه ) تردها الروايات الصحيحة التي جاءت بلفظ ( أفلح والله إن صدق ) . الثاني / أنهذا اللفظ ( وآبيه ) كان يجري على ألسنتهم من غير قصد للقسم به والنهي إنما ورد في حق من قصد حقيقة الحلف . وهذا مردود ؛ لأن الأحاديث التي نهت على الحلف بغير الله تعالى جاءت عامة ، ولم تفرق بين قصد وغير قصد ، كذلك حلف سعد بن أبي وقاص رضيالله عنه مرة باللات والعزى ويبعد انه قصد وأراد حقيقة الحلف بها ، ولكنه جرى علىلسانه من غير قصد ومع هذا فقد نهاه الرسول صلى الله عليه وسلم . الثالث / انالحلف بغير الله تعالى كان في أول الأمر أي في بداية الإسلام ثم نسخ ، فما جاء من الأحاديث فيها ذكر شئ من الحلف بغير الله تعالى فهو قبل النسخ والنهي ثم نسخ ذلكونهي عن الحلف بغير الله تعالى . وهذا هو الذي تطمئن اليه النفس وعليه أكثر العلماء وهو الحق فقد كان الحلف بغير الله تعالى شائعا مستعملا حتى ورد النهي عنذلك كما في حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب يسير فيركب يحلف بأبيه فقال ( الا إن الله ينهاكم ان تحلفوا بابائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) وكانت قريش تحلف بابائها فقال : ( ولا تحلفوا بابائكم ) رواه مسلم . وقال سعد بن ابي وقاص : حلفت مرة باللات والعزى . فقال النبي صلى اللهعليه وسلم ( قل لا اله الا الله وحده لا شريك له ، ثم انفث عن يسارك ثلاثا وتعوذبالله ولا تعد ) رواه البخاري .
أيها الإخوة والأخوات ان الحلف بغير الله تعالى مسالة خطرة ينبغي الحذر منها وتجنبها فقد ابتلي بها الكثير من الناس وكيف لاتكون خطرة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ،والله تعالى يقول ( وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون ) يوسف 106 . وقد ذهبجماعة من العلماء إلى ان الحلف بغير الله شرك وقد أمر الرسول صلى الله عيه وسلم منحلف بغير الله بتجديد إسلامه بان يقول : لا اله الا الله .
وقال جمهورالعلماء انه من الشرك الخفي كما نص على ذلك ابن عباس رضي الله عنه .
أيهاالإخوة الأخوات ان الحلف بغير الله تعالى جرى على السنة الكثير من الناس جريانشهيقهم وزفيرهم ، وتدرج تعظيمه في قلوبهم حتى أصبح بعضهم لا يصدقك لو حلفت له بالله تعالى ولا يثق بيمينك كما لو حلفت له برحمة الوالدين في التراب او عرضهما أو شرفهمااو الطلاق الذي يكثر منه التجار الذين قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم يومدعاهم ( يا معشر التجار انتم الفجار إلا من اتقى الله ) .
فمن يصدق انالتاجر الذي ينفق سعلته بالحلف بغير الله تعالى انه يتقي الله ؟
ومن الناسمن يجرؤ ان يحلف بالله تعالى صادقا او كاذبا ولا يجرؤ ان يحلف بغير الله الا صادقاكما لو طلبت من احدهم ان يحلف بتربة أبيه او شيخه في قبره أو حياته لما أقدم على ذلك الا صادقا . فمثل هؤلاء ، الا يكون المحلوف به عندهم أخوف واجل وأعظم من اللهتعالى ؟. أليس هذا من الشرك الأكبر ؟ بلى . حدث إن بعض المسلمين زار أخاه ولمااستأذنه بالخروج حلف له ان يجلس قائلا باللهجة العامية ( منشان الله فلم يستجب له ، كرر عليه منشان الرسول فلم يستجب له ، قال له : منشان الشيخ ياسين ، فجلس قائلا له : حلفتني بالشيخ ياسين وجلس )
وهذا أيها الإخوة والأخوات ما يسمى بجَهد اليمين الذي لا يشرع الا بالله قال تعالى ( واقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث اللهمن يموت ) ، فمن حلف بشيخه او برحمة أبيه او قبلته او بوجهه وشاربه وأولاده ،فليتدارك ذلك وليدرك نفسه قبل ان تحرقه النار ، ولا كفارة له الا بإعلان التوحيد والاستغفار , والتوبة . فراقبوا ألسنتكم أيها الإخوة والأخوات واعلموا ان التسجيل والحساب على ما تلفظون من قول .
( لا تنسونا من صالح دعاكم )
_________________
أبـوروان
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
"الحلف بغير الله منكر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ) وهو حديث صحيح ، وقال عليه الصلاة والسلام : (مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا) ، وقال : (لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا بِالْأَنْدَادِ ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ) .
هذا حكمه عليه الصلاة والسلام ، وهو منع الحلف بغير الله كائناًَ من كان ، فلا يجوز الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام ، ولا بالكعبة ، ولا بالأمانة ، ولا بحياة فلان ، ولا بشرف فلان ، وكل هذا لا يجوز ؛ لأن الأحاديث الصحيحة دلت على منع ذلك ...
وقد نقل أبو عمر بن عبد البر الإمام المشهور رحمه الله إجماع أهل العلم على أنه لا يجوز الحلف بغير الله ، فالواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك .
أما الطلاق فليس من الحلف في الحقيقة ، وإن سماه الفقهاء حلفاً ، لكن ليس من جنس هذا ، الحلف بالطلاق معناه تعليقه على وجه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، مثل لو قال : والله ما أقوم ، أو والله ما أكلم فلاناً فهذا يسمى يميناً ، فإذا قال : علي الطلاق ما أقوم ، أو علي الطلاق ما أكلم فلاناً . فهذا يسمى يميناً من هذه الحيثية ، يعني من جهة ما يتضمنه من الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، سمي يميناً لهذا المعنى ، وليس فيه الحلف بغير الله ، فهو ما قال : بالطلاق ما أفعل كذا ، أو بالطلاق لا أكلم فلاناً ، فهذا لا يجوز .
ولكن إذا قال : علي الطلاق لا أكلم فلاناً ، أو علي الطلاق ما تذهبي إلى كذا وكذا ، أي زوجته ، أو علي الطلاق ما تسافري إلى كذا وكذا ، فهذا طلاق معلق ، يسمى يميناً لأنه في حكم اليمين من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، فالصواب فيه أنه إذا كان قصد منعها ، أو منع نفسه ، أو منع غيره من هذا الشيء الذي حلف عليه فيكون حكمه حكم اليمين ، وفيه كفارة يمين .
وليس في هذا مناقضة لقولنا : إن الحلف بغير الله ما يجوز ، لأن هذا شيء ، وهذا شيء ، فالحلف بغير الله مثل أن يقول : باللات والعزى ، بفلان ، بحياة فلان ، وحياة فلان ، هذا حلف بغير الله ، أما هذا فطلاق معلق ليس حلفاً في المعنى الحقيقي بغير الله ، ولكنه حلف في المعنى من جهة منعه وتصديقه وتكذيبه .
فإذا قال عليه الطلاق ما يكلم فلاناً ، فكأنه قال : والله ما أكلم فلاناً ، أو لو قال : علي الطلاق ما تكلمين فلاناً – يخاطب زوجته – فكأنه قال : والله ما تكلمين فلاناً – فإذا حصل الخلل وحنث في هذا الطلاق ، فالصواب أنه يكفر عن يمينه بكفارة يمين ، أي أن له حكم اليمين إذا كان قصد منع الزوجة أو منع نفسه ، وما قصد إيقاع الطلاق ، إنما نوى منع هذا الشيء ، منع نفسه ، أو منع الزوجة من هذا الفعل ، أو من هذا الكلام ، فهذا الكلام يكون له حكم اليمين عند بعض أهل العلم ، وهو الأصح ، وعند الأكثرين يقع الطلاق .
لكن عند جماعة من أهل العلم لا يقع الطلاق وهو الأصح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، وجماعة من السلف رحمة الله عليهم ؛ لأنه له معنى اليمين من جهة الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، وليس له معنى اليمين في تحريم الحلف بغير الله ، لأنه ليس حلفاً بغير الله ، وإنما هو تعليق ، فينبغي فهم الفرق بين هذا وهذا . والله أعلم" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/181 – 183) .
نفعنا الله بعلمه وما فيه من نصائح غالية ننتفع بها في ديننا ودنيانا
_________________
أبـوروان
metwally.mustafa فريق أول
عدد الرسائل : 4226 العمر : 38 الموقع : Egypt العمل/الترفيه : automation engineer تاريخ التسجيل : 12/01/2009
جزاكم الله خيرا إخواني المشاركين والمهتمين بحال الأمة
واليوم نفتح الباب لسلوك آخر ربما لا يراه البعض عيبا أو خطأ ويراه الكثيرون خطأ ونعرضه اليوم لنناقش الأراء فيه ونستمع الأدلة لمن لديه أدلة طمعا في الانتفاع العام لصالح الأمة من وراء هذا النقاش الهام والذي يحمل بين طياته علما لمن لا يحمل العلم ورأيا لمن يبحث عن الرأي وهديا لمن يبحث عن الهدى
سلوك اليوم هو الفردية في العمل
فهل ترى الفردية في العمل أفضل أم الجماعية ؟
وما الأسباب التي تؤدي إلى الفردية في العمل ؟
وما تأثير الفردية في العمل على المجتمع ؟
وكيف السبيل للتنسيق بين الدور الفردي والدور الجماعي لمصلحة المجتمع بشكل عام ؟
وجزاكم الله خيرا على مشاركاتكم الرائعة والتي نطمع أن تصب كلها في مصلحة الأمة ومصلحة ابنائها
_________________
أبـوروان
محمد مليطان رقيب أول
عدد الرسائل : 31 العمر : 59 الموقع : ليبيا العمل/الترفيه : مهندس كهرباء تاريخ التسجيل : 15/06/2010
جزاكم الله كل الخير اخى الكريم على هذه المواضيع والتى تمس كل شرائح المجتمع ويستفيد منها كل الناس فالفردية فى نظرى داء عضال استحودت على كثير من الناس واوقعت داخلهم الغرور وحب الذات والجماعية هى العمل المنظم وخاصة عندما تكون باسلوب علمى مبنى على توليد الافكار والعمل بلانفع والاصح منها كما انها تخلق اجيال متدربة على بعضها لاتنتهى بانتهاء شخص بعينه كما ان الانسان كثير الخطا وبالجماعة يقوم الخطأ وكما هو معروف الذى لايعمل لا يخطئ وهذه مشاركة بسيطة نأمل ان نشارككم بافضل مستقبلا
PLCMan Admin
عدد الرسائل : 12366 العمر : 55 العمل/الترفيه : Maintenance manager تاريخ التسجيل : 02/03/2008
جزاكم الله خيرا إخواني الكرام وإليكم هذا الكلام الذي قرأته عن هذا الموضوع منقولا من أحد المواقع الصديقة عن موقع آخر له نفس الاهتمامات http://www.siironline.org
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بين العمل الفردي والعمل المؤسسي
محمد ناجي بن عطية
إن الناظر في أحوال المسلمين اليوم يجد بعدا عن الأعمال الجماعية، حيث تجتمع الطاقات وتحتشد الجهود، ويستفيد كل واحد من الآخر، وسبب ذلك عدم ترسخ مفهوم العمل المؤسسي الجماعي، الذي يقوم على الجهد المشترك لإخراج أعمال لا يستطيع الفرد القيام بها، وإن فعل فسيكون إنتاجه ضعيفا ً.
ولم يعد اليوم مجالٌ للنزاع، على أن العمل المؤسسي خير وأولى من العمل الفردي الذي لا يزال مرضاً من أمراض التخلف الحضاري في مجتمعات المسلمين، مع أنها قد توجد عناصر منتجة في المستوى الفردي أكثر مما تجدها حتى عند أولئك الذين يجيدون العمل الجماعي، وربما وجدت الكثير من الأعمال التي تصنف بأنها ناجحة، وراؤها أفراد.
ونحن بحاجة إلى تحقيق التوازن، بين الروح الفردية، والروح الجماعية، عن طريق التربية المتوازنة التي لا تحيل الناس أصفاراً، وأيضاً لا تنمي فيهم الفردية الجامحة، بل توفر لهم المناخ المناسب لتنمية شخصياتهم، مع اختيار أساليب العمل، التي تحول دون التسلط وتنمية المبادرة الذاتية، وترسيخ مبدأ الشورى.
إن الفرد هو العنصر الأساسي في بناء المجتمع، لكن بشرط قيامه بدوره الأكمل وهو تعاونه مع بقية أفراد المجتمع، والأمة بتعاون أفرادها،هي أمة الريادة ؛ لأن تعاونهم يضيف كل فرد إلى الآخر، إضافة كيفية وكمية، فمن ثم تتوحد الأفكار والممارسات من أجل تحقيق رسالة الأمة.
إن العمل المؤسسي يمتاز بمزايا عدة عن العمل الفردي: منها أنه يحقق صفة التعاون والجماعية، التي حث عليها القرآن الكريم، والسنة النبوية، بقوله تعالى :
(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
وقول الرسول -ص- : " يد الله على الجماعة "
وقوله: " المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً "
والعبادات الإسلامية التي تؤكد معنى الجماعية، والتعاون، وكل ذلك يبعث رسالة للأمة مفادها أن الجماعة، والعمل الجماعي، هو الأصل.
أما العمل الفردي فتظهر فيه السمات البشرية لصاحبه، واضحة من الضعف، في جانب، والغلو في جانب والإهمال في جانب آخر. وقد يقبل بقدر من الضعف والقصور في عمل الأفراد، باعتبار أن الكمال عزيز، لكن لا يقبل المستوى نفسه من القصور في العمل الجماعي المؤسسي.
مفهوم العمل المؤسسي:-
العمل المؤسسي هو: شكل من أشكال التعبير عن التعاون بين الناس، أو ما يطلق عليه العمل التعاوني، والميل بقبول العمل الجماعي وممارسته، شكلاً ومضموناً، نصاً وروحاً، وأداء العمل بشكل منسق، قائم على أسس ومبادئ وأركان، وقيم تنظيمية محددة.
ويمكن تعريفه، بأنه: التجمع المنظم بلوائح يوزع العمل فيه على إدارات متخصصة، ولجان وفرق عمل، بحيث تكون مرجعية القرارات فيه لمجلس الإدارة، أو الإدارات في دائرة اختصاصها؛ أي أنها تنبثق من مبدأ الشورى، الذي هو أهم مبدأ في العمل المؤسسي.
ويمكن تعريفه أيضاً بأنه: كل تجمع منظم يهدف إلى تحسين الأداء وفعالية العمل لبلوغ أهداف محددة، ويقوم بتوزيع العمل على لجان كبيرة، وفرق عمل، وإدارات متخصصة؛ علمية ودعوية واجتماعية، بحيث تكون لها المرجعية وحرية اتخاذ القرارات، في دائرة اختصاصاتها.
مميزات وخصائص العمل المؤسسي:-
إن مجرد ممارسة العمل من خلال مجلس إدارة، أو من خلال جمعية أو مؤسسة خيرية، لا ينقل العمل من كونه عملاً فردياً إلى عمل مؤسسي، فكثير من المنظمات والجمعيات الخيرية التي لها لوائح وأنظمة، ومجالس إدارات وجمعيات عمومية، إنما تمارس العمل الفردي، إذ أن المنظمة أو الجمعية لا تعني إلا فلاناً من الناس؛ فهو صاحب القرار،والذي يملك زمام الأمور والتصرف بالموارد ، وهذا ينقض مبدأ الشورى الذي هو أهم مبدأ في العمل المؤسسي.
إن أهمية العمل المؤسسي تكمن في مجموعة من السمات والخصائص، التي تجعله مميزاً، منها ما يلي:-
1- تحقيق مبدأ التعاون والجماعية، الذي هو من أسمى مقاصد الشريعة الإسلامية المطهرة.
2- تحقيق التكامل في العمل.
3- الاستقرار النسبي للعمل، في الوقت الذي يخضع فيه العمل الفردي للتغيير كثيراً، قوة وضعفاً، أو مضموناً واتجاهاً، بتغيير الأفراد واختلاف قناعاتهم.
4- القرب من الموضوعية أكثر من الذاتية، بوضع معايير محددة، وموضوعية للقرارات.
5- دفع العمل نحو الوسطية والتوازن.
6- توظيف كافة الجهود البشرية، والاستفادة من شتى القدرات الإنتاجية.
7- ضمان استمرارية العمل.
8- عموم نفعه لأفراد المجتمع، لعدم ارتباطه بالأشخاص، بل بالمؤسسات.
9- مواجهة تحديات الواقع بما يناسبها، وكيفية الاستفادة من منجزات العصر، دون التنازل عن المبادئ، وهذا الغرض لا يقوم به مجرد أفراد لا ينظمهم عمل مؤسسي.
10- ينقل من محدودية الموارد المالية إلى تنوعها واتساعها، فتتعدد قنوات الإيرادات، ويعرف العملاء طريقهم إلى المؤسسة، عن طريق رسميتها ومشروعيتها.
11- الاستفادة من الجهود السابقة، والخبرات المتراكمة، بعد دراستها وتقويمها.
12- يضمن العمل المؤسسي عدم تفرد القائد، أو القيادة في القرارات المصيرية، المتعلقة بالمؤسسة.
13- يحافظ العمل المؤسسي على الاستقرار النسبي، المالي والإداري، من خلال اتباع مجموعة من نظم العمل، (سياسات وقواعد وإجراءات)، تعمل على تحقيق الأهداف، بما يتفق مع رؤية المؤسسة.
14- يضمن العمل المؤسسي، بأن جميع العاملين ملتزمون بمنظومة من القيم والمبادئ يتمحور حولها أداؤهم وسلوكهم وعلاقاتهم الوظيفية والإنسانية.
15- يضمن العمل المؤسسي اجتهاد الإدارة، في اختيار أفضل الأساليب النظرية والإدارية، لتحقيق، أو تقديم أفضل مستويات للخدمة.
16- يضمن العمل المؤسسي، أن يدعم المؤسسة بأفضل الموارد البشرية، من خلال اتباع سياسة منظوره، في الاختيار والتوظيف والتدريب والـتأهيل، تحقيقاً للتنمية المهنية المستمرة.
17- يؤكد العمل المؤسسي، جاهزية المؤسسة، في تقديم القيادات البديلة في وقت الضرورة والطوارئ، حينما تدخل المؤسسة في أزمة تستدعي التغيير والتبديل.
18- التجارب الكثيرة تؤكد أن العمل الذي يبنى بناءً مؤسسياً، ينتج أضعاف العمل الذي يبنى بناءً فردياً.
19- العمل المؤسسي، يوضح الأهداف، وينظم العمل؛ لأنه يجبر على إيجاد التخصصات، وبالتالي يجبر العاملين على الوضوح وتحمل المسؤولية.
20- اكتساب صفة الشرعية للمشاريع، والبرامج التابعة للمؤسسة، مما يفتح أمامها كثيراً من الميادين، ويسهل سياسة الانتشار.