رسالة إلى كل أم ...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لعل كل أم تسعى في حياتها تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتضمن لأبنائها السعادة والحماية وهذا شئ فطري بدافع العلاقة القوية التي تربط الأم بأبنائها

ولكن كلامي اليوم هو للمساعدة في اتخاذ الطريق الصحيح نظرا لما نرى ونسمع كل يوم من سلوك للكثير إن لم يكن لكل الأمهات فدعونا نطرق معا هذا الباب لعله يصادف قلبا مفتوحا يستمع وينتصح بما فيه

إن أهم ما تشتكيه المرأة كل يوم هو إحساسها بالقهر والظلم كما تقول معظم النساء لأزواجهن وآبائهن وأمهاتهن وإخوانهن وربما لأبنائهن والقهر يختلف من امرأة إلى أخرى وربما يكون واقعا بالفعل فهناك من يشتكين من الاعتداء البدني بالضرب كنوع من العقاب وهناك من يشتكين من الإهانة باللسان سواء بالشتم أو السب أو التجريح أو مجرد التوجيه وهناك من تشتكي بتحديد الحركة وعدم إعطائها الحرية الكافية للحركة وإبداء الرأي في الأمور وأخذ مشورتها

وكلنا يتفق أن كل هذه الأنواع بالفعل هي من أنواع القهر ومن أنواع الظلم لو أخذناها بشكل مطلق أو بشكل غير مطلق

والمبررون لتلك التصرفات يضعون المرأة في مكانة غير مكانتها الطبيعية ليتمكنوا من تطبيق كل ذلك عليها فدائما يتحججون بالضرب وأنه ورد في القرآن ويتناسون التطبيق الفعلي لصاحب التشريع ومن يعتدي باللفظ فهذا حاله مع الجميع ويقولون أمثال ما أنزل الله بها من سلطان ولن نذكرها تحقيرا من شأن هذه الأمثال فهي لا تستحق مجرد الذكر وأما الذين يحجرون على حركة النساء فيهملون الحجر على حركة الرجال وبالتالي تختل الكفة والذين يهملون المشورة يتمسكون أيضا ببعض الأمثال التي لا برهان لها ويهملون بذلك نصف عقل المجتمع

فالنساء شقائق الرجال وإن كان من طبيعة الرجل القوة والعنف والذي تستفيد منهما المرأة في الاحتماء فيهما بطبيعتها فتحتمي في الأب والأخ والزوج وبالتالي فالقوة في الرجل من أسلحة المرأة ولكن استعمالها لقمع المرأة يحول هذه الصفة إلى ضعف فمن علا صوته ضعفت حجته ومن علت يده غالبا يكون أضعف من هذا وذاك

وبالتالي فالضرب الذي هو نوع عقاب في جميع المخلوقات تقريبا وفي معظم التشريعات بل ويستعمله كل إنسان على ظهر الأرض وهو سلاح يستعمل لجلب الحقوق بين الناس في الشارع وفي البيت وغيرهم إلا أنه بين الأحباء لا وجود له فلماذا تضرب إنسان تحبه وإن كان ولابد من عقاب فليكن بشكل غير مهين وغير مؤذي كوكز بسيط بشئ خفيف كسواك مثلا مثلما كان يفعل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وهو لا يهين إطلاقا بل هو للتذكرة أو التهدئة أو كما يقولون بالبلدي للتفويق عندما تحتد المناقشات وتعلوا الأصوات

والضرب له أشكال مشروعة في حق الرجل والمرأة على السواء مثل الجلد فهو إذا نوع عقاب وهنا العقاب لخطأ أصاب المجتمع فوجب العقاب للرجل والمرأة

ومن هنا ننصح أخواتنا أمهات اليوم أو أمهات الغد بعدم استعمال الضرب ( بالعصا والشبشب وربما باللكمات خاصة لبناتهن ) والذي يترك آثارا تكبر يوما بعد يوم وتدمر نفسية بنت اليوم أم المستقبل

أما القسم الثاني وهو الشتم والسب والتجريح فلن تجد أحدا يؤيده إطلاقا فلا يوجد في أي قانون ولا تشريع ولا دين ولا ملة تصريح بالسب والشتم والتجريح بل هو دائما من المحرمات ويجب استبداله النصح الكريم والترغيب في الإحسان والترهيب من الإساءة بما يليق بهما دونما تهويل أو تقليل

ويجب على الأم والتي تقضي مع أبنائها القاسم الأكبر من الوقت أن تستخدم اللين والحجة والنصيحة الطيبة مع ابنائها بما يدعم علاقتهم بها بدلا من الخروج إلى من يستمع منهم ويسمعهم الكلام الأجمل والأهدأ وهنا تكمن الخطورة الأكبر فتتشتت الأسرة وتضيع الألفة ونجني ضياع نواة المجتمع

وأما حذر التحرك ووضع الأطر خاصة حول البنت فلكل أمر ضوابط والمشكلة الأكبر في هذه النقطة هي المقارنة بين مساحة الحرية التي يتمتع بها الولد مقارنة بالبنت وكأن الولد لا يخطئ أو أن خطأه يمكن أن يغفر أم خطأ البنت فلا غفران له

إنني لا أنادي بفتح الأبواب وخروج الفتيات ولكن أنادي بمزيد من الرقابة على الأبناء ومصاحبة البنات ليتعرفن على المجتمع ويعرفن مافيه ولك أن تتخيل امرأة تعيش في بلد ولا تعرف ما فيه وربما تضطرها الظروف لو ترملت وهي في سن الخامسة والعشرين أو الثلاثين وكان لها أبناء تسعى عليهن فكيف تعرف ما حولها وسوف تجدها ببساطة تقع في براثن الذئاب

إن المطلوب هو أن تتحرك برفيق لتعرف ما حولها ووضع المزيد من الرقابة على الفتيان وخاصة تجمعاتهم والتي لا تأتي إلا بالأسوأ كل يوم وكلنا يعرف أنه لا خطأ بدون طرفين والشيطان يستخدم أحدهما لإضلال الآخر فبيوت الرذيلة بها فتيات ورجال وكلاهما يسعى للآخر

إذا الفساد لن ينتهي إلا بالقضاء على أسبابه وطالما أن أحد طرفيه قائم فسوف يحاول إغواء الآخر أو قهره ليذعن له رغم أنفه وبالتالي فأوجه أخواتي أمهات اليوم وأمهات المستقبل إلى مصاحبة بناتهن وتقريب المسافات بينهن بدلا من لعب دور المخبر أو التحري الذي يخرج الاعتراف من فم البنت مصحوبا بالكذب بالتأكيد ونفس الأمر ينطبق على الأبناء

أما الرأي والمشورة فمن حرم نفسه مشورة زوجته أو أخته أو أمه أو ابنته فهو الخاسر وقد تعلمنا أن لا نحقر أي رأي فلو لم آخذ به فقد لفت نظرنا على الأقل لشئ آخر أما يدعم رأينا أو يرشدنا إلى رأي أصح منه ويصرفنا عن الرأي السئ وأيضا ليتعود أبناؤنا على المناقشة والحوار واحترام الآخرين وآراءهم مهما كانوا

كانا تعلمنا ورأينا في وقتنا الحالي أنه ربما تتفوق البنت كما يتفوق الولد وربما تكون أرجح منه فهذا أمر غير قياسي وليس هناك حدود للعبقرية وليست مرتبطة بجنس ولا نوع ولا مكان ولا زمان ومهما أوتيت من عقل فلن تستطيع الإلمام بكل شئ ومهما أوتيت من علم فهو قليل ومهما عشت من تجارب فتجارب الآخرين أكثر فلماذا تحرم نفسك من سماع الرأي الآخر ولماذا تظن دائما أن غيرك سفيه

عود نفسك أخي الكريم وعودي نفسك أختي الكريمة على الاستماع لأطفالكم وهو صغار حتى يستمعوا لك وللآخرين ويستجيبوا للنصائح عندما يكونون في حاجة لها وبالتأكيد فسوف يحتاجونها على مدار حياتهم بشكل يومي

فاحرصي أختي العزيزة يا من تشتكين من القهر بأي من الأشكال السابقة أن تكوني أول وسائل القهر لبناتك أمهات المستقبل ونظل ندور في حلقة مغلقة فلا تمارسي التسلط الذي تشتكين منه مع بناتك كما فعلت أمك معك من قبل وليكن التغيير من عندك فعاملي ابنتك باحترام وبادلينها الصداقة والحب والصراحة أشعريها بالأمان بين أحضانك حتى لا تهرب منك إلى صديقة مثلها أو ربما أسوأ من ذلك

إنك أنت التي تحدد شكل بنتك في المستقبل فهل ترسمين لها الطريق لتعيش داخل السجن الذي تزعمين أم تفتحي لها الباب وتصحبيها بعد أن نلت حريتك كما تقول معظم النساء بالزواج وصرت سجانا لبناتك بعد أن كنت مسجونة فيه

بارك الله فيكم ونفعنا وإياكم بالعلم النافع والعمل به والحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا كما قال ربنا تبارك وتعالى

_________________
رسالة إلى كل أم ... 61862110

أبـوروان

جزاكم الله خيرا

_________________
I am so far behind, I think i am first

جزاك الله خيرا علي هذه النصائح الغالية

_________________
رسالة إلى كل أم ... G0ro5g

» أشياء خاصة بنساءنا
» كتيب رسالة الإعتكاف
» رسالة من محب شغلتة الدنيا وقصر
» رسالة من أطفال مصر‬ الى العالم
» دين لا يرد ... رسالة مصورة وصلتني من صديق