خرج التلاميذ إلى ساحة المدرسة، يتقافزون كالأرانب، بينما انزوى وحيد جانباً ليجلس على مقعد حجري، تحت شجرة السرو.
اقترب منه صديقه فرحان، وقال:
-ما بك يا وحيد، لماذا لا تلعب مع رفاقك؟
احمرّ وجه وحيد خجلاً، ولم يعرف بمَ يجيب.
أضاف فرحان:
تعال يا صديقي.. والعب معي، فأنت دائماً تجلس بمفردك، لا تكلمّ أحداً، ولا تلعب مع أحد.
انكمش وحيد على نفسه، وخبأ رأسه بين ركبتيه!؟ جلس فرحان بجانبه، ربت على كتفه برفق، قائلاً:
-وحيد.. رفاقك لطفاء، ويتمنون أن تلعب معهم وتمزح، حاول أن تتعرف عليهم وتكلّمهم، لأنّك ستشعر بسعادة كبيرة.
نظر وحيد إلى فرحان محاولاً الكلام، لكنّه تلعثم، وبقي صامتاً. تضايق فرحان من صديقه، فتركه وذهب يلعب مع أصدقائه.
أمضى وحيد بقية الدروس، منطوياً على نفسه كعادته، ولمّا رجع إلى البيت، أكل بضع لقيمات، واندسّ في فراشه.
في المنام.. رأى وحيد فمه قد تحوّل إلى بئر كبيرة، بينما وقف فرحان على حافتها، وأنزل حبلاً، ربط في نهايته حديدة معقوفة لينتشل بها حروفاً خشبية من جوف البئر، كي يرتبها، ويشكّل منها جملاً وعبارات.
أفاق وحيد خائفاً، وهو يقول:
- دعني يا فرحان، أنا سأتكلم بمفردي، ولن أخجل بعد اليوم.