احمـــــــــد بشـــير فريق أول
عدد الرسائل : 4007 العمر : 73 العمل/الترفيه : مدير جودة تاريخ التسجيل : 04/03/2008
| موضوع: د . شيرين أبو النجا : مثقفو الجزائر: «إنها قافلة العار» الثلاثاء 23 فبراير 2010 - 10:32 | |
| » الإثنين, 2010-02-22 19:02 | د . شيرين أبو النجا/ جريدة الدستور المصرية
ألبير كامو
رحل الكاتب الفرنسي المعروف ألبير كامو عام 1960، وبمناسبة مرور خمسين عاما علي رحيله خرجت بعض الأصوات الفرنسية والجزائرية (ومنها مؤسسات رسمية) للاحتفال عبر تنظيم قافلة انطلقت منذ أسابيع من مدينة ليون لزيارة 11 مدينة فرنسية وبعدها تصل إلي الجزائر لتزور 14 مدينة جزائرية ومنها مدينة وهران لبناء معلم تذكاري تكريمًا لألبير كامو. وقد ولد ألبير كامو عام 1913 فيما كان يسمي آنذاك الجزائر الفرنسية، وله العديد من الأعمال ربما يكون أشهرها في العالم العربي رواية «الغريب» التي كتبها عام 1942، وقد حصل علي جائزة نوبل للآداب عام 1957، وبالرغم من مناهضته الكثير من الأعمال الاستبدادية في القرن العشرين من قبيل النازية الهتلرية، وقمع الثورة المجرية بواسطة الجيش الأحمر عام 1956 ، بالإضافة إلي تنديده بعقوبة الإعدام، فإن موقفه من استقلال الجزائر كان ملتبسا بل مناقضا لمواقفه بشكل عام. فعندما بدأت حرب التحرير في الجزائر عام 1954 سقط كامو في فخ أيديولوجي ساذج. فقد قام بالدفاع عن حق الحكومة الفرنسية في «احتلال» الجزائر علي أساس أن المطالبة بالاستقلال ليست إلا جزءا أصيلا من «الامبريالية العربية الجديدة» التي قادتها مصر ودعمتها روسيا من أجل تحجيم أوروبا وعزل أمريكا. لم يكن «كامو» يمانع في حصول الجزائر علي «شكل» ما للاستقلال من قبيل قيام فيدرالية، لكن فكرة الاستقلال الكامل المشروع لوطن يحمل ثقافة مختلفة ولغة مغايرة لم تكن بالنسبة له تدخل حتي في الأحلام.
وقد عمل عدد من المثقفين الجزائريين (الذين كانوا أيضا قد أصدروا بيانا من قبل حول الغوغائية الفوضوية التي أديرت بها مباراة مصر والجزائر) علي إصدار بيان يوضح الخلفية الفكرية والسياسية لكامو، ومعني إقامة هذا الاحتفال، وقد جاء في هذا البيان الذي أرسله الدكتور مصطفي ماضي علي الإنترنت، والذي وصف القائمين علي الاحتفال بكونهم ممثلين لتيار الاستعمار الجديد: «سيعمل هذا اللوبي علي تحقيق أول انتصار باهر له، بفضل إسهام مؤسسات جزائرية رسمية، وبواسطة حصص تليفزيونية ومقالات صحفية تشيد بفضائل كامو، ثم يكلل ذلك كله باستقبالات رسمية وباتخاذ قرار إلصاق اسمه بواجهة بناية عمومية، ورفع نصب تذكاري له، يُتخذ معلمًا في المسيرة المظفرة التي يسلكها هذا اللوبي النيوكولونيالي المتجدد. ما من شك في كونهم يحضرون للمرحلة المقبلة، وتتمثل في إحياء الذكري المئوية لميلاد البير كامو سنة 2013، ونظرا لما يتمتع به هذا اللوبي من قوة الاختراق وقدرة علي استباق الأحداث، فنحن علي يقين بأن طبول الحفاوة، إيذانًا بمقدم هذا «السيرك»، سيشرع في دقها فور 2012، أي تحديدا في الذكري الخمسين لاستقلالنا».
وبالرغم من وجود أسماء فرنسية دعمت مطالبة الجزائر بالاستقلال من قبيل جانسن الذي تشكلت حوله ما يشبه شبكة، حتي إن فرنسا كانت تحاكمهم بتهمة الخيانة عام 1960، فإنه لا يبقي إلا اسم ألبير كامو، الذي يرصد البيان مواقفه فيقول إنه: «في 1955، شرع في حملة أيديولوجية مضادة لجيش التحرير الوطني، حملة ساوي فيها بين العنف الثوري التحريري المشروع، بالوسائل الجماهيرية المتواضعة، وبين العنف الكولونيالي الذي لم ينقطع منذ الاحتلال، بالإمكانات الضخمة التي جندها هذا الاحتلال.
هو نفس الرجل الذي قزّم حربنا التحريرية معتبرا إياها مجرد أعمال همجية، مستلهمة وموجهة من طرف أبواق خارجية، جاعلا من مجاهدينا مجرد عصبة من الهُمل المسيرين من الخارج.
هو نفس الرجل الذي حذر من مغبة ما ينتظر الجزائر من ويلات وخراب لو انتصر مجاهدونا».
ينتهي البيان بالتأكيد علي دور الإبداع في إمكانية التزييف والخداع، ويقدم نفسه باعتباره بلاغا وشهادة للتاريخ أكثر من كونه مجرد بيان شجب وتنديد: «كي لا يقولن أحد أنه لم يكن علي علم بما كان يحاك خلف العملية المشار إليها، وهي القافلة التي تهدف إلي تزوير التاريخ، وإلي الكذب والخداع المغلف بغلاف «الإبداع». فلنبق حذرين، لأن ذلك اللوبي ليس مجرد وجه من أوجه الحرب الماضية، فهو لا يزال متماديا في بناء الهيمنة الكولونيالية الجديدة. نداء نوجهه إلي الضمائر الحية، وإلي نبضات الوعي التي لا تزال تخفق في القلوب الحرة، وفاء أبديا لسير الأجداد النضالية، ودفاعا عن ذاكرة شهدائنا، وأحبابنا في ذلك الكفاح العادل».
وكم من الأعمال المخزية التي تحاك باسم الإبداع، وتسهل عدم المعرفة مرورها مرور الكرام. | |
|