عدة توقعات حول سقوط "البترول من عرشة الآبدي حضارة الهيدروجين )
منذ الهجمات على مركز التجارة العالمي ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاجون ) في سبتمبر 2001م والعالم يمر بحالة غير مسبوقة من الرعب والخوف بحيث انعدم تماما الشعور بالأمان في أي مكان على سطح المعمورة . ويأتي في مقدمة تلك المخاوف الصراع المحموم من أجل السيطرة على مصادر البترول والطاقة في مختلف بقاع العالم وعلى الأخص في منطقة الشرق الأوسط .
فمنذ بداية الخلق والإنسان لا يستخدم سوى الوقود الحفري fossil fuels كالفحم أو البترول أو الغاز الطبيعي لتوفير الطاقة اللازمة لتدفئة المنازل والمكاتب وإنارة المدن وطهي الطعام وتشغيل المصانع وإنتاج المواد البتر وكيميائيه لصناعة الملابس والأجهزة المنزلية وغيرها من أوجه الحياة المختلفة .
لقد كان البترول ولا يزال أهم مصادر الطاقة حيث قامت علية الكيانات الاقتصادية العملاقة وكان سببا رئيسيا في وجود المجتمعات العمرانية الحديثة على مدار القرن العشرين وما تلاه ، والسؤال الذي يطرح ونفسه الآن وبإلحاح شديد " هل سيشهد القرن الجديد تراجعا حقيقيا للبترول وإسقاطه من عرشه الأبدي مع إيجاد مصدر أخر من مصادر الطاقة ؟ " علامة استفهام في غاية الخطورة والتعقيد ومكمن الخطورة حقيقة أن الأنظار العلمية وبالتبعية الأنظار السياسية بدأت مؤخرا تتجه نحو الهيدروجين ذلك العنصر الكيميائي الأساسي في الذي يدخل في تكوين أي مادة على وجه لأرض ، ذلك العنصر الفعال الذي يتميز بخفة الوزن وبأنة من أفضل وأنظف أصدقاء البيئة على الإطلاق !
في الفترة الأخيرة كانت الحومة الأمريكية قد التفتت بكل كيانها وحواسها إلى مصادر البترول بمنطقة الشرق الأوسط كنتيجة طبيعية لتدهور الأوضاع السياسية وتصاعد موجات العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين علاوة على قرع طبول الحرب ضد العراق بزعم امتلاكه لأسلحة دمار شامل مع مزاعم أخرى بقيام تنظيم القاعدة بهجمات جديدة في مناطق مختلفة من العالم ، هذا من ناحية
من ناحية أخرى يرى بعض الخبراء أن حجم البترول الخام الموجود بباطن الأرض قد يكفي لمدة تتراوح بين أربعين وخمسين سنه على أقصى تقدير ، إلا أن علماء الجيولوجيا والبترول أكدوا على أن حجم إنتاج البترول بالعالم سوف يصل إلى أقصى حد له خلال مدة لن تزيد عن العشر سنوات القادمة ليبدأ بعدها في الانهيار السريع الأمر الذي يصاحبه ارتفاع جنوني في أسعار الخام ذاته إذاً مستقبل العمران البشري والمدينة الحديثة يلفه الظلام والخطر قادم لا محالة .
وتشير الدلائل إلى أن الدول غير الأعضاء بمنظمة " أوبك" قد اقتربت من الحد الأقصى لإنتاج البترول والخام مما يهدد المخزون الإستراتيجي للبترول تهديدا مروعا سينجم عنه حتما زلزلة الحالة السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط بأسرها .
كل هذه العوامل ومع تفاقم الأوضاع وزيادة حدة التوتر بالعالم أدت إلى شعور عارم بالقلق من احتمالات سيصاحبها حتما صراعات تذيق البشرية أهوال الحروب من جديد من زاوية أخرى سوف يؤدي الارتفاع الجنوني المرتقب في أسعار البترول إلى عدم فكاك الدول النامية من أسر الديون وسقوط دول العالم الثالث برمتها في غياهب الفقر لعقود قادمة والأكثر إحباطا أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها الدول الغربية الأخرى سوف تضطر إلى استخدام مصادر أخرى للطاقة مثل الفحم والقطران والمازوت الأمر الذي يهدد العالم بكوارث بيئية لن يحمد عقباها أدناها ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة لزيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وأقصاها انتشار الأمراض المستعصية التي تنجم عن تلوث البيئة .
إشكالية الأمن القومي
لا يوجد أدنى شك في أن الضربة الموجعة في الحادي عشر من سبتمبر 2001 م قد حققت أهدافها المرجوة في تشويه الرموز الاقتصادية والتقليل من شأن القوة العسكرية فضلا عن زعزعة الأمن القومي الداخلي للولايات المتحدة الأمريكية فالكابوس الحقيقي الذي يقلق قادة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي يكمن في الخطر المتمثل في احتمالات قيام تنظيم القاعدة أو غيرها من المنظمات بتوجيه فوهة المدفع نحو صميم الكيان الاقتصادي بهدف ألحاق اكبر الخسائر الاقتصادية وشل مسيرة التقدم بتلك المجتمعات العمرانية .
لقد باتت المنشآت الاقتصادية الموجودة بأمريكا ومعظم الدول الأوربية من أهم الأهداف الحيوية التي تسعى المنظمات للهجوم عليها لدرجة أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن مخاوفهم من احتمال قيام تلك المنظمات بضرب محطات توليد الطاقة وأنابيب نقل البترول بالإضافة إلا تدمير البنية التحتية لأجهزة الاتصالات .
ففي عام 1997 أصدرت لجنة حماية البنية التحتية الحساسة في إدارة الرئيس السابق كلنتون وثيقة رسمية تحذر فيها كافة الجهات المعنية بتوخي الحذر خشية قيام تلك المنظمات المعادية للولايات المتحدة الأمريكية بهجوم شامل على الأنظمة الإكترونية لشبكات الحاسب الآلي بالمحطات المركزية لتوزيع الطاقة الكهربائية في مختلف أرجاء الولايات المتحدة وعلى نفس المنوال حذر ريتشارد كلاك رئيس جمهورية مكافحة الإرهاب الإلكتروني في إدارة بوش من أن الحرب الجديدة والتي أطلق عليها اصطلاح " واقعة بيرل هاربر الإلكترونية " الجديدة سيكون لها تداعيات خطيرة ومؤثرة على الاقتصاد القومي الأمريكي وفي سياق هذه الظروف الداعية للقلق والترقب لا ينبغي تجاهل حقيقة أن المسؤولين الأمريكيين يدركون تماما حجم الخطورة المحتملة المحيطة بهم لكن دون أن يدركوا على وجه التحديد سبل حماية أجهزة التحكم المركزية ضد أية هجمات محتملة .
ولهذه الأسباب جميعها أوضح كرستوفر فلافين رئيس معهد ورلد ووتش في واشنطن ـ أن المستقبل الحقيقي للطاقة يكمن في إيجاد مصدر للطاقة متجدد ولا مركزي ورغم اعتراف الجميع بأن الوقود الحفري سوف يظل واحدا من أهم مصادر الطاقة ، وأن البنية التحتية الخاصة بعمليات نقل والوقود وتوزيعه ستظل بنفس قدرها من الأهمية فإن خبراء الطاقة يصرون على رؤية المستقبل من منظور مصدر طاقة متجدد في هذا الجانب يقول فلافين أن سوق النفط يتزايد بمعدل 1.5 في المائة سنويا على أقل تقدير في حين يتزايد حجم أسواق الأنواع الأخرى من الطاقة بمعدل الضعف كل ثلاث سنوات .
الوقود الأبدي
في نفس الوقت الذي تنحسر معه شمس الوقود الحفري ويقل استخدام البترول كوقود أساسي يشهد العالم ولادة مصدر آخر من مصادر الطاقة سيكون له القدرة على إعادة صياغة شكل الحضارة الإنسانية على وجه الأرض إنها حضارة الهيدروجين هذا العنصر الكيميائي الذي يمثل أحد المكونات الأساسية للمادة أجل سيكون الهيدروجين بحق الوقود الأبدي الذي لا ينفذ مع مر الزمن كما أنة العنصر الوحيد الذي لا ينتج عند احتراقه أي انبعاثات ضاره للبيئة بل إن الانبعاثات الصادرة عنه هي كل ما نسعى إلية مثل الكهرباء أو الحرارة أو الماء النقي إننا على أعتاب انقلاب اقتصادي وسياسي جديد قوامة الهيدروجين انقلاب سيحدث تغيرا جذريا في طبيعة الأسواق المالية والظروف السياسية والاجتماعية تماما مثلما فعل الفحم والبخار عند بداية عصر الصناعة.
في كتابة الذي ظهر مؤخرا بعنوان " طاقة الغد : الهيدروجين وخلايا الوقود .. من أجل كوكب نظيف خال من التلوث " يقول الكاتب " بيتر هوفمان " : " بواسطة الهيدروجين ، نستطيع تشغيل الطائرات والسيارات والقطارات والسفن والمصانع وتدفئة المنازل والمكاتب والمستشفيات والمدارس وغيرها ويستطيع الهيدروجين في حالته الغازية نقل الطاقة ـ كالكهرباء ـ لمسافات بعيدة وعبر أنابيب النقل وبكفاءة عالية وبأقل تكلفة ممكنة وباستطاعة الهيدروجين اعتمادا على تقنية وقود الطاقة أو الآلات الأخرى المولدة للطاقة أن يوفر لجمهور المستهلكين الكهرباء والماء النقي الصالح للشرب والهيدروجين بوصفة عنصرا كيميائيا له استخدامات وتطبيقات متنوعة خلاف الطاقة الكهربائية "
عمليا يتوفر عنصر الهيدروجين في أي مكان بالأرض ويدخل ضمن مكونات معظم المواد مثل الماء والوقود الحفري وجميع الكائنات الحية ولكن الخاصة المدهشة التي يتميز بها الهيدروجين هو استحالة توفره في الطبية بصوره منفردة بل بجيب استخراجه من مواد أخرى مثل الماء والمكونات الهيدروكربونية أو الكربون المهدرج ولك أن تتخيل أن ما يقرب من نصف الهيدروجين المنتج بالعالم يتم استخراجه عن طريق إجراء تفاعلات كيميائية بين الغاز الطبيعي وبخار الماء وتعريضه لعوامل أخرى محفزة حيث يتم في النهاية فصل ذرات الهيدروجين عن ثاني أكسيد الكربون الذي يلعب دورا أساسيا في ارتفاع درجة حرارة الأرض أو ما يسمى بظاهرة الاحتباس الحراري.
ومن الممكن أيضا الحصول علية من خلال طريقتين رئيسيتين تعتمد الطريقة الأولى على تحويل الفحم الحجري إلى الحالة الغازية وفي حين تقوم الثانية باستخراج الهيدروجين من البنزين أو الميثانول لكن لهاتين الطريقتين عيوب كثيرة أهمها التكلفة الباهظة وزيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون .
وللتغلب على مشكلة الانبعاثات الصادرة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون الضار للبيئة ابتكر العلماء تقنية جديدة مازالت قيد الدراسة والبحث تسمى تقنية " عزل الكربون " بعد استخراج الهيدروجين .
وعلى الرغم من أن عملية استخراج الهيدروجين من الغاز الطبيعي تعد أرخص تلك الطرق على الإطلاق فإنه من المتوقع أن تبلغ ذروة الإنتاج بهده التقنية مع حلول عام 2030 م وهذا أمر في حد ذاته ينذر بكارثة اقتصادية أخرى تتمثل في استنفاد مخزون الغاز الطبيعي .
ومع كل ، من الممكن عمليا وعلميا إنتاج الهيدروجين بدون استخدام الوقود الحجري في أي مرحلة من مراحل الإنتاج وأصبح بالإمكان الآن استغلال عنصر الهيدروجين لإنتاج جهد كهربائي عند تعريضه لطاقة مشعة مثل الضوء أو الحرارة المستنبطة من باطن الأرض ثم تستخدم الكهرباء المتولدة لتحليل الماء وفصل الهيدروجين عن الأكسجين وبذلك يتم حفظ الهيدروجين تمهيدا لاستخدامه مرة أخرى في خلايا الوقود لتوليد الكهرباء.
ودائما ما يبادر كثيرون بالتساؤل : ما الداعي إلى توليد الكهرباء مرتين مرة لإنتاج الهيدروجين ومرة أخرى لإنتاج الكهرباء والحرارة داخل خلية الوقود ؟ السبب في ذلك هو عدم إمكانية تخزين الكهرباء إلا في بطاريات وهي وسيلة تخزين تسبب متاعب في نقلها فضلا عن بطء عمليات الشحن لتلك البطاريات في حين أن الهيدروجين يمكن تخزينه بأقل تكلفة تذكر .