جلت الحملة الفرنسية عن مصر بعد بدايتها بثلاثة أعوام وشهرين وتنازع السلطة فى مصر آنذاك ثلاثة قوى مختلفة المصالح كانت قد اتحدت فيما قبل على محاربة الفرنسيين ثم بدأت كل قوة تعمل علي تحقيق اطماعها الخاصة فى وادى النيل .
القوة الاولى هى تركيا التى فتحت مصر بحد السيف قبل ثلاثة قرون فأرادت أن تبقى مصر كإحدى ولايات السلطنة العثمانية.
والقوة الثانية هى انجلترا التي كانت تطمع فى احتلال المواقع الهامة على شواطىء مصر فى البحرين المتوسط والأحمر لتضمن لنفسها السيادة فى البحار فى طريقها إلى الهند.
أما القوة الثالثة فكانت المماليك الذين سبق لهم حكم مصر قبل الفتح العثمانى ، كما كانت لهم قوة لا يستهان بها إبان الحكم العثمانى نفسه .
وكما يقول عبد الرحمن الرافعى فقد تجاهلت هذه القوى الثلاث فى تنازعها على السلطة العامل القومى ولم تحسب حسابه لكن رجلا واحدا أدرك مدى تأثيرا هذا العامل لمن يستعين به وهو محمد على قائد الكتيبة الألبانية فى الجيش التركى فى مصر فتقرب إلى القوة الوطنية الشعبية .
وفى يوليو 1805 وصل محمد علي بفضل إرادة القوى الشعبية إلى منصب الوالى ولم يجد الباب العالى أمامه إلا إصدار فرماناً بذلك.
وهكذا أسس محمد على حكمه - وأسرته من بعده - لمصر ، الذى استمر حوالى قرن ونصف من الزمان ، وتتابع على حكم مصر 11 من الحكام منهم الوالى أو الباشا ومنهم الخديوى ومنهم
السلطان ومنهم الملك وهم :
- محمد على باشا :
عين واليا على مصر 17 صفر 1220هـ / 17 مايو 1805م حتى 2 شوال 1264/أول سبتمبر 1848 .
وتوفى بالاسكندرية فى 13 رمضان 1265هـ/ 2أغسطس 1849م ودفن بمسجد القلعة .
ولد محمد على بمدينة قولة من موانى مقدونيا فى 1769 وفى سن الشباب انخرط فى سلك الجندية .
تزوج من مطلقة ذات ثروة واسعة وهى التى انجبت له إبراهيم وطوسون وإسماعيل ، وتفرغ لتجارة الدخان فربح منها .
عاد محمد على إلى الحياة العسكرية عندما أغار نابليون على مصر وشرع الباب العالى فى تعبئة جيوشه لمحاربة الفرنسيين
ووصل إلى مصر فى مارس 1801 كمعاون لرئيس كتيبة قولة وأظهر كفاءة فتدرج فى الترقية إلى أن خرج الفرنسيون فأصبح من الرجال المقربين للوالى الجديد خسرو باشا .
وفى مايو 1805 وصل إلى كرسى والى مصر بفضل القوى الشعبية المصرية وفى يوليو من نفس السنة وصل فرمان الباب العالى بتوليته مصر .
قضى على المماليك فى مذبحة القلعة الشهيرة 1811 .
أرسل جيشه إلى الحجاز فاستولى عليها ثم استولى على النوبة وعلى جزيرة كريت ثم على فلسطين والشام ..
وقد أدت هذه الانتصارات وهذا التفوق العسكرى إلى وقوف الدولة العثمانية وبعض الدول الأوروبية ذات المصالح ضده فاجتمعوا فى لندن فى يوليو 1840 ووقعوا المعاهدة التى منح بمقتضاها محمد على رتبة نائب الملك على مصر وأن تكون مصر بحدودها القديمة وراثية فى أسرة محمد على للأكبر سنا من الأولاد والأحفاد ، على أن تكون مصر جزءا من الدولة العثمانية وأن تدفع الجزية
سنويا للسلطان وألا يزيد جيشها عن ثمانية عشر ألفا وألا تبنى سفنا حربية .
مرض محمد على فى 1848 وصدر فرمان بتعيين إبراهيم باشا واليا على مصر وتوفى محمد على 1849 .