جميلة أسطورة الجزائر
(الجزائر تايمز)
December 16, 2009 07:55 PM
مرة أخرى تتعرى الجزائر أمام العالم، في صورة من أبشع الصور وأحطها لؤما على مرأى الدنيا، مرة أخرى تكشف عن سوءتها جهارا دون حياء، ولم تبق ورق التوت ولا حتى ورقة الجزر (هي الأصغر) عسى أن تواري بها؛ هنا لن أخاطب السفهاء ممن يتبوأون مراكز متقدمة في النظام، ولا أولئك الذين يسوقون أنفسهم للناس عبر وسائل الإعلام بأنهم حماة عروبة الجزائر، وحجارة كريمة ترصع تاج الثورة والجهاد على الشعب أن يعتز بهم ويفخر، وهم اللعنة ذاتها التي سلطها الغباء السياسي عليه، ترجمتها أقلامهم في الأيام الأخيرة بمقالات تحت عنوان الانتصار لكرامة الجزائر من العبث الإعلامي المصري، والحال والواقع خلاف ذلك تماما، لن أوجه إليهم الخطاب جميعا لسبب بسيط وهو أنهم أعجز من فهم ومعرفة متى ينزل كريم كما نزلت الأسطورة 'جميلة بوحيرد' إلى مقام الشكوى من وضعها المادي،لان مستواهم الفكري والأخلاقي في آن، أدنى بكثير من معرفة هذا المقام، فهذا الأخير لا يعرفه إلا الرجال الرجال.
كما لن أذهب إلى قراءة رسالة اللبؤة جميلة، التي نشرتها في جريدة وطنية يوم 13/12، موجهة إلى فخامة الرئيس، وما فيها من ضرب موجع فوق الحزام وتحته، وتعرية فاضحة مدوية لما آلت إليه كرامة الجزائر، فهي أشد وهجا من الشمس في رابعة النهار، ومن البلاغة ما يجعل كل تعقيب عليها مجرد إطناب، إن لم يعد ركوبا حقيرا لاستعراض مقيت لمعاني الوطنية الزائفة، والتعاطف الاصطناعي المشين لاستجداء الشهرة؛ ثم هي موجهة للرئيس، إن أردت عتابه فما تركت المجاهدة موقعا لعبارة، وأما الدفاع عنه فبحمد الله لم يترك زئير هذه اللبؤة الجريحة في عرينها من سبيل إلى ذلك لخدام السلطان، ناهيك عمن يترفعون من أمثالي على هذا الدور التافه والمذل.
إذن، أنا معني بالرسالة التي وجهتها للشعب والعبد لله واحد من أفراده، التي دعتنا فيها لمد يد العون لها، لأقول لها: لبيك وسعديك، أموالنا أرواحنا أولادنا ملك يديك، ولكن عليك أن تستجيبي لنا.
1- أن تقومي بإعلان رقم حسابك الشخصي، وليس الذي تفتحه لك بهذا النداء أي مؤسسة تابعة لهذه السلطة.
2- أن ترفضي علنا أي مساعدة من السلطة، وثقي أننا سنجمع لك أضعاف ما تحتاجين إليه، ولن تسمحي بأن تخلط أموال عرق جباهنا الطاهرة، بمال لم تعرق حتى جباههم في نهبه.
3- ارفعي زئيرك في وجه رفاقك من الرعيل الأول ،الذين دعوتهم شخصيا من على هذا المنبر مرارا لإنقاذ الجزائر، وذهبت صيحاتي في واد، ويعلم الله أني ما فعلت ذلك إلا خشية أمر كهذه القنبلة التي فجرتيها في وجه الجميع، لم ينته دوركم يا سيدتي الفاضلة ولا جهادكم المقدس، فمازالت الجزائر على حالها لم تتغير إلا الأسماء، طبقتان واحدة فوق القانون تتنعم بخيرات الشعب وأمواله كما أشرت، والسواد الأعظم تحت وطأة قوانين جائرة ظالمة وفقر مدقع.
أفهم جيدا معاناتك لسبب بسيط جدا، لأنني عشت ذاتها مع الوالد رحمه الله، وهو لا يقل قامة عنك إطلاقا، محكوم عليه بالإعدام كذلك عام 1957، الرجل الثاني بعد الشهيدين مصطفى بن بولعيد والعقيد الحواس( القادة الأوائل لثورة التحرير)، وهو ممن أشرت إليهم في رسالتك للرئيس، لم يطلبوا من هذا النظام جزاء على ما قدموا، ولم يستجد الاعتراف له بجهاده من أحد، ومع ذلك نهبت أمواله وصودرت عقاراته على محدوديتها، وبلغ مع أسرته ما أنت عليه اليوم دون مبالغة، وقبل عامين من وفاته، تكرمت السلطة بالاعتراف له بحقه وخصصت له 70 دولارا شهريا، وجهها لباب الصدقات، وإلى اليوم تعيش زوجه على 70 دولارا شهريا، وأما أبناؤه فلا حق لهم، ومنهم اليوم من يعيش على 3 دولارات يوميا ومن عرق جبينه، ولازالت أملاكهم وأموالهم مصادرة إلى هذه الساعة، لهذا أفهم جيدا المرارة التي تتجرعين، والألم الذي تعانين.
و لكني اؤكد لك هنا، أن الجزائر كيانا وشعبا في حاجة كذلك ماسة مثلك لعمليات تنقذ مستقبله، وأعتقد جازما أن المسؤول الأول عن هذه العمليات هم أنت وأمثالك من الرعيل الأول لثورة التحرير، ومن خلال شخصك الكريم أكرر لهم ندائي، أمثال فخامة الرئيس الشاذلي بن جديد، السيد عبد الحميد مهري، لخضر الإبراهيمي، حسين آيت أحمد، الحسين ساسي، محمد بن عاشور، محمد الطاهر آل خليفة، الطاهر لعاجل، ولا يتسع المقام لذكر البقية مع تقديري لهم، أدعوهم جميعا لأن يتقوا الله في الجزائر، ولم يبق من أعمارهم أكثر مما مضى، وليتداركوا ما يمكن تداركه، فالسقف يوشك أن يقع على الجميع، ويذهب جهادهم وثورتهم هباء، ويسجل تغاضيهم اليوم وصمتهم لعنة عليهم ما بقيت الحياة.
الجزائر تايمز / اسماعيل القاسمي الحسني القدس العربي
كلمة حرة
_________________