الكبس عند العرب
عرف العرب أربعة أشهر حرم هي: ذو القعدة و ذو الحجة و محرم و رجب و لم يكن يحل لهم في هذه الأشهر قتال ، و كان لهم نَسَأَةٌ من بني كنانة ، جمع ناسيء ، يؤخرون الشهور فيحلون الحرام و يحرمون الحل. فكانوا يحتالون على الشهر الحرام إذا أرادوا قتالاً فيه أو إغارة. و ربما استخدموا الكبس لسبب آخر إذ من المعلوم أن السنة القمرية لا تتفق مع فصول السنة الشمسية ولذا فإن مواسم العرب كالأسواق والحج تأتي أحياناً في أوقات غير سياحية فيكون الارتحال مضنياً لهم بسبب الحر القائظ والبرد القارس.
ولقد اختلف المؤرخون في الطريقة التي يتبعها العرب في كبس شهورهم ليكفلوا التوافق بين الشهور والفصول ولتكون مواسمهم في الفصول المناسبة لإقامتها ومن الممكن
انهم اتبعوا أحد الطرق التالية:
1-إضافة 9 شهور لكل 24 سنة.
2-إضافة شهر واحد لكل 3 سنوات.
3-إضافة 7 شهور لكل 19 سنة
تحريم النسيء
وفي السنة العاشرة من الهجرة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حج الوداع وفي مساء يوم التاسع من ذي الحجة خطب خطبته الجامعة وجاء فيها :
" أيها الناس إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ ألا وأن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض و ان عدة الشهور اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مفرد الذي بين جمادى وشعبان".
و بذلك جاء الإسلام فأقر حرمة الشهور الأربعة و نسخ ما النسيء.
التقويم الهجري القمري
ظلت قريش تؤرخ بعام الفيل وكان المسلمون يؤرخون به معهم قبل الهجرة فلما هاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة، ترك المسلمون التاريخ بعام الفيل وسموا كل سنة مما بين الهجرة والوفاة باسم مخصوص مما اتفق في تلك السنة:
1. السنة الأولى الأذان
2. السنة الثانية الأمر
3. السنة الثالثة التمحيص
4. السنة الرابعة الترفئة
5. السنة الخامسة الزلزال
6. السنة السادسة الاستئناس
7. النسة السابعة الاستغلاب
8. السنة الثامنة الاستواء
9. السنة التاسعة البراءة
10.السنة العاشرة الوداع
ثم بعد ذلك سار التاريخ أحياناً بنفس الأسلوب حتى السنة السابعة عشرة للهجرة وهي السنة التي أسس فيها التقويم الهجري الذي نؤرخ به اليوم
تأسيس التقويم الهجري
يروى في كتب السير و التاريخ أنه في السنة السابعة عشرة للهجرة كتب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري عامله على البصرة وذكر في كتابه شهر شعبان فرد أبو موسى الأشعري أنه يأتينا من أمير المؤمنين كتب ليس فيها تاريخ وقد قرأنا كتاباً محله شعبان فما ندري أهو شعبان الذي نحن فيه أم الماضي. فجمع الخليفة عمر الصحابة وأخبرهم بالأمر وأوضح لهم لزوم وضع تاريخ يؤرخ به المسلمون فأخذوا في البحث عن واقعة تكون مبدأ للتاريخ المقترح فذكروا ولادته صلى الله عليه وآله وسلم ومبعثه و وفاته ، لكن الإمام علي بن أبي طالب (ع) أشار بجعله يوم هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة ، فراقت الفكرة للخليفة عمر و سائر الصحابة فأرخوا بها ، ثم بحثوا موضوع الشهر الذي تبدأ به السنة واتخذوا شهر محرم بداية للسنة الهجرية مع أن الهجرة النبوية الشريفة وقعت في شهر ربيع الأول
وذلك لسببين هما :
1-شهر محرم هو الشهر الذي استهل بعد بيعة العقبة بين وفد من أهل يثرب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أثناء الحج في شهر ذي الحجة فكأن الهجرة بدأت في ذلك الوقت فقد أذن بها صلى الله عليه وآله وسلم وكان أول هلال يهل بعد الأذن هو شهر محرم.
2-لأن شهر محرم كان بدء السنة عند العرب قبل الإسلام ولأنه أول شهر يأتي بعد منصرف الناس من حجهم الذي هو ختام مواسم أسواقهم
التقويم الميلادي
التقويم الجولياني
بعد أن إستولى القيصر جوليوس على مصر عام 48 قبل الميلاد إستدعى أحد فلكي الإسكندرية و يدعى سوسيجينس (Sosigenes) و طلب إليه أن يضع نظاما ثابتا للتقويم فألغى النظام المتبع في التقويم الروماني باستخدام السنة القمرية وجعل طول السنة كما في التقويم المصري القديم 365 يوما إلا انه أضاف ربع يوم في كل سنة ليتوافق مع السنة الشمسية ، و لا يعرف كيف توصل سوسيجينس إلى هذا التقويم لكنه من المحتمل أن يكون قد أخذه من علماء بابل. وقد جعل مبدأ هذا التاريخ أول يناير سنة 709 من تأسيس مدينة روما ( سنة 45 قبل الميلاد) ، و سمي التقويم بالتقويم الجولياني نسبة إلى القيصر جوليس. و مر التقويم الجولياني بعدة مراحل حتى استقرت أسماء الشهور وعدد أيامها على النحو التالي: يناير (31) يوما – فبراير (28) يوما – في البسيطة و (29) في الكبيسة – مارس (31) – أغسطس (31) – سبتمبر (30) – أكتوبر (31) – نوفمبر (30) – ديسمبر (31).
استمر العمل بالتقويم الجولياني على أساس أن السنة التي تقبل القسمة على (4) تكون كبيسة ويكون شهر فبراير فيها 29 يوما وعدد أيام السنة 366 والسنة التي لا تقبل القسمة على (4) تعتبر بسيطة وشهر فبراير فيها 28 يوما وعدد أيام السنة 365 يوما.
التقويم الجريجوري
ينسب هذا التقويم إلى البابا جريجر الثالث عشر (Pope Gregory XIII) الذي قام بإجراء تعديلات على التقويم الجولياني حيث لاحظ في سنة 1582 أن الاعتدال الربيعي وقع في يوم 11 مارس أي أن هناك خطأ قدره (10) أيام وقع ما بين سنتين 325 إلى 1582 وهذا الفرق ناتج في أن السنة الشمسية ليست 365 يوما وربع (6 ساعات) بل أنها 365 يوما و (5) ساعات و 48 دقيقة و 46 ثانية فالخطأ يبلغ يوما واحدا في كل 128 سنة.
و لتصحيح هذا الفرق فقد اعتبر يوم الجمعة (5) أكتوبر سنة 1582 ميلادية اليوم الخامس عشر منه ولئلا يتكرر الخطأ وبقاعدة ابسط فقد جعل التصحيح 3 أيام في كل 4 قرون.
وعلى هذا فالسنون الكبيسة هي التي تقبل القسمة على 4 ما عدا السنين القرنية فلا تكون كبيسة ألا إذا انقسمت على 400 فالسنون 1980، 1984، 1988 تعتبر كبيسة في التقويم الجولياني والجريجوري أما السنون 1500، 1700، 1900 فأنها تعتبر كبيسة في التقويم الجولياني لكنها بسيطة في التقويم الجريجوري.
والسنون 1600، 2000، 2400 تعتبر كبيسة في التقويمين الجولياني و الجريجوري – فالتقويم الجريجوري استعمل أولا في روما ثم في فرنسا وأسبانيا والبرتغال أما إنجلترا فاتبعتة سنة 1752 واليابان سنة 1872 ومثر سنة 1875 والصين سنة 1912 وروسيا سنة 1917 واليونان و رومانيا سنة 1923 ولا تزال بعض الأمم لم تستعمله حتى الآن.
أمثلة تطبيقية للتوفيق بين التقاويم
قام واضعو التقاويم التوفيقية التي تعتمد في آن واحد على السنة الشمسية و الشهور القمرية بابتكار طرق حسابية لكبس السنين ، و من أشهر تلك الطرق دورة ميتن (Meton) الفلكي الإغريقي التي وضعها سنة 432 قبل الميلاد و التي ما زالت تستخدم في التقويم العبري و تحديد عيد الفصح لدى المسيحيين. و مع تقدم علم الفلك تطورت طرق التحويل بين الأشهر القمرية و السنين الشمسية إلا أن نتائجها تحتمل الخطأ بفارق يوم واحد و ذلك لأنها مبنية على طريقة اصطلح عليها العلماء بأن جعلوا في كل 30 سنة قمرية 19 سنة بسيطة من 354 يوماً و 11 سنة مركبة من 355 يوماً وهي: 2 ، 5 ، 7 ، 10 ، 13 ، 15 ، 18 ، 21 ، 24 ، 26 ، 29.
و عليه فالطريقة الصحيحة و الدقيقة لتحويل التاريخ من و إلى التقويم الهجري هي الطريقة التي تعتمد على تحديد اقتران الهلال بالإضافة إلى إمكانية الرؤية في المكان المعين. و هناك برامج تعمل بالحاسب الآلي متوفر بالأسواق و بعضها على شبكة الإنترنت يمكن الاستعانة بها لتحديد اقتران الهلال للأشهر القمرية ، لكن تحديد إمكانية رؤية الهلال غير متوفرة إلا في عدد محدود منها. و من تلك البرامج التي توفر بيانات حول إمكانية الرؤية (MoonCalc 6.0 Dr. Monzur Ahmed)، و برنامج التقويم الفلكي الإسلامي الصادر من مؤسسة اللواء للدراسات و هذا البرنامج سهل الإستخدام و أكثر مرونة في التنقل بين التقاويم الهجرية و الميلادية و الإيراني.