مذكرات صدام تكشف مفاجآت مثيرة
غلاف الكتاب
ما أن أعلن عن نشر الجزء الأول من مذكرات صدام والتي خرجت للنور في كتاب بعنوان "صدام حسين من الزنزانة الأمريكية..هذا ماحدث" ، إلا وتسابقت وسائل الإعلام في نشر مقتطفات من هذا الكتاب الذي يكشف كثيرا من التفاصيل حول القصة الحقيقية لأسره وأدق أسرار فترة اعتقاله وطريقة معاملته لأبنائه وخاصة ابنه عدي .
والبداية مع قصة عدي ، حيث شدد صدام في مذكراته على صرامته أثناء حكمه حتى مع أقرب المقربين منه وخاصة ابنه عدي ، قائلا :" عندما قام عدي بقتل أحد المرافقين له وهو المرحوم كامل حنا أمرت بسجنه وطلبت من القضاء أن يقول قراره العادل لكنني وجدت أن وزير العدل وأن القضاء العراقي كان محرجا أمامي ، فقررت إعدامه".
وأضاف "لكن أم عدي أرسلت مبعوثا من دون علمي إلى العاهل الأردني الملك الحسين بن طلال رحمه الله الذي على الفور حط بطائرته في العراق وفوجئت به يطلب مني العفو عن عدي وأقسم الملك حسين ألا يزور العراق إن لم أستجب لطلبه ، فاضطررت وفقا للتقاليد العربية العفو عن عدي شرط أن يعفو عنه أهل الضحية".
وروى أيضا كيف أقال أخوه غير الشقيق وطبان إبراهيم الحسن عندما كان وزيرا للداخلية بعدما سمع بأنه أطلق النار على إشارة مرورية حمراء في أحد شوارع بغداد لأن سائقه توقف احتراما لها ، قائلا :" قلت لأخي وطبان : أنا آسف لا مكان للمجانين والمتهورين في قيادتنا".
وكشف أيضا عن رفضه عروضا للخروج من العراق قبل الحرب ، وقال : " كنت أقول: كيف لنا أن نخرج ونترك الشعب العراقي يواجه مصيره المحتوم؟".
وبالنسبة لموقفه بعد صدور حكم الإعدام ضده ، أكد صدام أنه لم يكن خائفا عندما صدر حكم الإعدام عليه وأنه رفض تناول الحبوب المهدئة التي عرضها عليه طبيب ، قائلا له :" الجبل لايحتاج إلى مهدئات" ، وفي آخر لقاء جمعه مع محاميه قبل يومين من إعدامه ، أكد صدام أنه يأمل بألا ينساه الشعب العراقي.
وفي هذا الصدد فجر مفاجأة جاء فيها أنه أعد خطة سرية للهروب من المعتقل الأمريكي قبل إعدامه حيث كان يحلم بالعودة مجددا إلى السلطة .
وأضاف صدام في المذكرات التي نقلها عنه محاميه خليل الدليمي أنه أعد خطة كاملة للهروب من السجن بمساعدة فصائل من المقاومة العراقية وقوة خاصة أسست قبل اعتقاله من أفراد حمايته وحدد لها واجبا وهو اقتحام سجنه إذا ما وقع في الأسر.
وأوضح أن الخطة التي كان من المفترض تنفيذها صيف 2006 كانت تنص على أن تقوم قوة بإغراق المنطقة الخضراء بوابل من القصف لإشغال العدو ثم تقوم قوة أخرى بقصف مقر قوات المارينز في المطار للمشاغلة ، بينما تقوم قوة بغلق مخارج الطرق ومداخلها التي سيسلكها صدام بعد تحريره.
وطلب صدام بأن تقوم قوة باقتحام المقر بعد خرق سياج الموقع وتنقض على الهدف بقاذفات مع تغطية نارية بأسلحة من الأجنحة وبحزمة نارية كثيفة وإدخال جرافة لسحب الأبواب لأن اقفالها غير قابلة للكسر أو التفجير.
وتحدث صدام في الخطة عن القوة الأمريكية التي تتولى حراسته وقال إن سلاحها خفيف ومتوسط وإن القوة جبانة وأفرادها أطفال ويمكن لأي شخص أن يأخذ سلاحهم بالراشديات أي لطمات على الوجه باللهجة العراقية.
وبحسب المذكرات ، فإن الخطة تم تأجيلها بسبب حادث إطلاق نار تعرض له السياج الداخلي للسجن الذي كان يوجد في أحد قصور صدام ببغداد ، مما استدعى تشديد إجراءات الأمن فيه .
حلم العودة للسلطة
آخر ظهور لصدام قبل سقوط بغداد
وبجانب خطة الهروب من السجن ، تطرق صدام في مذكراته لحلمه بالعودة إلى السلطة ، وأشار إلى أنه تحدث مع رفاقه المعتقلين في مبنى المحكمة في 28 سبتمبر / أيلول 2006 قائلا :" إذا ما قدر لي أن أعود ، فإنني أستطيع أن أجعل العراق يزدهر من دون معاونة أحد وخلال سبع سنوات فقط وأجعله يعمل أفضل من الساعة السويسرية".
وعن أيامه داخل السجن ، أكد صدام في مذكراته أن حراسه الأمريكيين كانوا يطلبون توقيعه كالمعجبين ، وأضاف "قلت لهم عندما يتحرر العراق وتعودون إلى بلدكم أمريكا وتعود الحياة إلى العراق سأدعوكم لزيارتنا وقد فرحوا بذلك ووعدوا بتلبية الدعوة".
وتابع أن حراسه كانوا يقيسون حرارته مرتين يوميا إلا أنه رفض طلبهم بإجراء فحوص سرطان البروستاتا مؤكدا أنه بصحه جيدة وقال لهم ممازحا : " إذا أراد شعبي أن أتزوج من جديد فسأفعلها".
وأشار إلى أنه كان يأكل من وجبات جيش الاحتلال الأمريكي إلا أنه كان يرفض أكل الطعام الذي يرمى إليه من تحت الباب ، حيث أضرب عن الطعام من الثامن حتى العشرين من تموز/يوليو 2006 ، احتجاجا على هذا السلوك .
خيانة النامق
وعن تفاصيل اعتقاله ، قال صدام في مذكراته :" كنت أتردد على دار أحد الأصدقاء في قضاء الدور في محافظة صلاح الدين وقد اخترت هذا المكان لأنه المكان ذاته الذي لجأت إليه في العام 1959 وعبرت نهر دجلة عندما شاركت في الهجوم على موكب الزعيم عبد الكريم قاسم وهو يقع على نهر دجلة وبالقرب منه أحد القصور الرئاسية في الضفة الثانية.
وتابع "كان صاحب الدار صديقا أثق به ثقة كبيرة وهو قيس النامق وكنت آنذاك اكتفي باصطحاب اثنين من أفراد حمايتي من المقربين لي كيلا أثقل على صاحب الدار ولكي لا تكون الدار هدفا مرصودا للقوات الأمريكية ودرءا لأي طارئ قمنا بوضع دراجة نارية وحصان وزورق جاهز في النهر أمام الدار لكي نستخدمها جميعا عند الحاجة ، إذا ما جاء الأمريكان من جهة الصحراء نقوم باستخدام الزورق وإذا ما جاءوا من جهة النهر أو الشارع نستخدم الحصان ونسلك الأراضي الزراعية".
وأضاف صدام "لقد أعددنا العدة لكل حالة ثم زيادة في الحذر قمنا بإنشاء ملجأ تحت الأرض كي نلجأ إليه في الحالات الطارئة ويشبه الملاجئ التي كنا نساعد العراقيين في إنشائها في زمن الحرب العراقية الإيرانية ".
واستطرد الرئيس العراقي الراحل قائلا : "كنت أمضي وقتا في هذا البيت أكثر من أي وقت آخر، ففي أحد الأيام، كنت في أماكن بعيدة ولعدة أيام أتفقد بعض فصائل المقاومة وبعض دور العراقيين ، عدت لهذه الدار وأنا منهمك من التعب، كان الوقت عصرا، فأخذت المصحف الشريف وقرأت بعض الآيات القرآنية وبقيت حتى الغروب، كانت زوجة هذا الصديق تعد لنا الطعام، وعندما حان وقت الصلاة ، أطبقت المصحف واتجهت إلى مكان الصلاة، فإذا بصاحبي يأتي راكضا من خارج الدار صائحا: لقد جاءوا، مكررا هذه العبارة عدة مرات، فتساءلت عمن يكونون، فأجاب: الأمريكان ".
وأضاف " على الفور نزلت إلى الملجأ، وبعد دقائق اكتشف الأمريكان مكاني فقبضوا علي من دون أية مقاومة ، بل لم أضع في حسابي مقاومتهم لأن السبب هو أنني قائد ومن جاءوا كانوا جنودا وليس من المعقول أن أشتبك معهم، وأقتل واحدا منهم أو أكثر وبعدها يقومون بقتلي، فهذا تخل عن القيادة والشعب ، لكن لو كان بوش معهم لقاتلته حتى انتصر عليه أو أموت ".
وفي تأكيد على تعرضه للخيانة ، قال صدام :" قبل القبض علي تكونت لدي بعض الملاحظات على صديقي صاحب الدار، فقبل أسبوع من الاعتقال، بدا لي شارد الذهن ، وقد بدأ وجهه يتغير وتصرفه غير طبيعي ومن شدة ثقتي به لم يساورني أدنى شك في احتمال أن يغدر بي ، بدا لي في بعض اللحظات أنه خائف ومرتبك ومع الأسف فإنه ركب الهوى وتبع الشيطان وربما هي الغنيمة التي وعده بها الأمريكان ، أما أنا فلم أكن أملك مبلغا كبيرا من المال لأتحسب للخيانة مكانا ، كان كل ما معي هو مليون ومائتان وثمانون ألف دينار أدير بها بعض عمليات المقاومة ، لذا عليكم أن تخبروا العراقيين أن قيس النامق وإخوانه هم الذين وشوا بي".
إعدام وتشفي