التاريخ الكامل للقدس حتى عام 2000

بسم الله الرحمن الرحيم


موضوع أعجبني جداً وأتمنى أن تستفيدوا منه كما استفدت منه


من مبدأ ( خذوا ماآتيناكم بقوة واذكروا مافيه ) ..
لن ننسى أبداً أن القرآن والسنة النبوية المطهرة
هما المرجع الأهم والصواب الكامل في التاريخ وكل العلوم الأخرى
وهما خارطة الطريق لحل مشاكل العالم كلها
ومن يتبع القرآن والسنة النبوية الكريمة هم أحق الناس بالأرض المقدسة
في أي مكان في العالم كانت


ولا تحتاج المسألة إلى ذكاء ..
فالذي يؤمن بأن الرب سبحانه وتعالى هو الخالق المدبر وله الأسماء الحسنى
سيعلم أن الله لايرضى ولا يقبل إلا أن يطبق حكمه في البلاد والعباد


ومن سيفعل ذلك من خلق الله ؟؟
هل هم اليهود الذين يطفح تاريخهم بالعصيان أم النصارى الذين ضيعوا دينهم ؟؟
أم هم المسلمون الصادقون الذين لم تنطفئ شمعتهم مهما ضعف نورها وقل ؟؟


سنكتب تاريخ فلسطين ونقرأه لكي نعرف على الأقل .. لماذا يقاوم الفلسطينيون حتى الآن !!
يخسرون أموالهم وأولادهم ونساءهم وآباءهم وأصدقاءهم وأنفسهم .. ولايتركون فلسطين


البلاد العربية وسيعة وأرض الله واسعة ..
وليس فيها مذلة كالتي يواجهها الشعب الفلسطيني في فلسطين
ولكنه مازال متمسكاً بفلسطين .. لماذا ؟؟


نحن الآن لا نعرف الكثير عن تاريخ فلسطين ..
لا نعرف سوى أنها آرض تلتقي جنوبا بخليج العقبة رأساً برأس
ويحدها شرقا الأردن والبحر الميت قسمة بينها وبين الأردن
وتحدها سورية شمال الشرق
وشمالاً تلتقي بجنوب لبنان الأبيّ
وغرباً البحر الأبيض المتوسط وصحراء سيناء التابعة لمصر


ونعرف أيضاً أنه يسكنها اليوم شعبين ..
شعب مقهور لا يرضى بالتوقف عن إطلاق صواريخ بدائية
لا تحدث سوى حفراً صغيرة لايتجاوز قطرها أمتار تعدها أصابع اليد الواحدة ..
باتجاه شعب له آلة إدارية وعسكرية ضخمة اسمه شعب اسرائيل


ويومياً تحصل المناوشات بين الطرفين منذ أكثر من 60 سنة


الشعب المقهور ليس لديه سوى تلك الصواريخ البدائية التي يقاوم بها القهر ..


في المقابل نجدالاسرائيليون يمارسون القهر بشتى أنواعه .. ضد الشعب المقهور
حصار ، قطع امدادات الطاقة والكهرباء إلا لساعات معدودة في اليوم ،
قطع امدادات الماء ،


كل هذا غير أنهم يجربون آلتهم العسكرية بين فترة وأخرى على الشعب الأعزل المقهور
فيضربون البيوت والتجمعات السكنية بالطائرات
ولا يستطيعون تحقيق أي مكاسب على الأرض لأنهم لايجرؤن على مواجة المقاومة وجها لوجه ( براً )


وقد أثبتت الأيام أن لهذه الصواريخ أثراً كبيراً
فبسبب بدائيتها لا تستطيع أجهزة الرادار كشفها
وهذا الأمر الرباني جعل الآلة العسكرية الإسرائيلية
لا تستطيع التنبؤ متى وأين ستسقط هذه الصواريخ التي حصدت بعض الأرواح الإسرائيلية


وبعد القليل جداً الذي نعرفه عن فلسطين ..
نستعجب أشد العجب من الدول العظمى في العالم كيف لاتنصف هذا الشعب المقهور ؟؟
أو على الأقل تستمع له ولمطالبه ومن ثم تنصفه إن كان له حق .


لماذا تدعم أمريكا اسرائيل هذا الدعم الأعمى الذي لايعطي اعباراً حقيقياً للفلسطينيين الصامدين
إلى درجة أنها مستعدة لتخسر صداقة أي دولة في العالم
ولا تخسر صداقتها لإسرائيل ..


ففي عالم مثل هذا يلح في خاطري هذا السؤال
لماذا مازال الفلسطينيون يقاومون حتى الآن ؟؟ لماذا كل هذا ..



ـــــــــــــــ


يقول الدكتور طارق الذي أعتمد على بحثه عن
تاريخ القدس وفلسطين اعتماد قوي ومباشر وشبه كلي


تعجبت لجهلنا بأخبار فلسطين !!
وتعجبت للقصور الواضح في معرفة الناس بتاريخ فلسطين ..


ويقول أنه وجد مراجعاً كثيرة جداً جداً جداً
بل أن المراجع على مستوى العالم عن فلسطين أكثر بكثير من المراجع التي
وجدها لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم


مشكلة هذه المراجع - الكلام للدكتور - أنها تتكلم عن قضية معينة أو فترة منفصلة عن باقي الفترات
فتاريخ فلسطين موجود في الكتب ولكن بدون ترتيب واضح للأحداث
فكانت هذه المشاركة مني ليعرف الناس ترتيب الأحداث
وليعرف المسلمون حقهم التاريخي بأرض فلسطين


انتهى كلام الدكتور طارق ..


وأنا بدوري سأقوم بترتيب هذه الأحداث كتابة
لنعلم جميعاً جواب سؤال واحد :


لماذا يقاوم الفلسطينيون حتى الآن ؟؟
ومن أين يستمدون قوة صمودهم التي ليس لها مثيل في تاريخ البشرية ؟؟
ـــــــــــــــ


قبل أن نبدأ بسرد القصص التاريخية دعونا نلقي نظرة سريعة
على الأحاديث والآيات والتاريخ القديم أيضاً
لنعرف مكانة الأراضي الفلسطينية عند الله
وعند رسوله وعند المسلمين أجمعين


من القرآن :


عن الإسراء ..
(( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ))


فالمسجد الأقصى مبارك وماحوله مبارك أيضاً


وعن هجرة ابراهيم عليه السلام من العراق :
(( ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ))


وفي قصة سليمان :
(( ولسليمان الريح عاصفة .. تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها ،
وكنا بكل شيء عالمين ))


ومن الأحاديث :


( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ياطوبى للشام ..
قيل : وبم ذاك ؟؟
قال النبي : تلك الملائكة باسطة أجنحتها على الشام )


و( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا )
قال علماء .. إنه قدم الشام على اليمن لفضل الشام وسمو قيمتها


وقد صلى عليه الصلاة والسلام في مكة و 16 أو 17 شهرا في المدينة إلى بيت المقدس
وذلك قبل أن يغير الله القبلة ليجعلها إلى الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة



إذن جاءت الأيات والأحاديث الكثيرة رغم الاختلافات الصغيرة هنا وهناك
لتثبت بالاجماع على أنها أرض مباركة ،


يجب تقديسها ففيها المسجد الذي تشد إليه الرحال ضمن مسجدين فقط في كل الأرض ..
ولها مكانة خاصة في القرآن والأحاديث وعند المسلمين أجمعين بالذات الأجيال الأولى منهم ..


فلسطين كانت موطن الأنبياء ومبعثهم حين أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم إليها
عاش فيها ومات سيدنا ابراهيم وقبره في الخليل معروف إلى اليوم
ولد فيها اسماعيل واسحاق ويعقوب ويوسف وداوود
وسليمان وزكريا ويحيي وهاجر إليها لوط وموسى وهارون
وبعث فيها وعاش ومات كثير من الأنبياء الذين لم يقصصهم علينا القرآن
وهي مهبط الملائكة ومبعث الأنبياء وهي أرض المحشر
وفيها الصخرة المعلقة التي يقول بعض العلماء أن منها يصعد الملائكة إلى السماء
وأهم مافيها أنها الأرض التي اختارها الله لتكون مكاناً للمسجد الأقصى المبارك


فسبحان الله .. كيف نسى المسلمون هذه القدسية
وكيف فرطوا فيها وكيف تضيع فلسطين وكيف تنتهك
ولا يتحرك الناس لاستئصال هذا الجرثوم اليهودي من قلب الأمة

البداية

حين خلق الله الأرض وضع البيت الحرام ببكة وهو أول بيت وضع للناس
وبعده بأربعين سنة وضع المسجد الأقصى ..


وكما اندثر الذي ببكة وجدد بناءه ابراهيم عليه السلام
اندثر الأقصى فيما بعد وجدد بناءه الأنبياء


من الصعوبة قراءة التاريخ قبل أن يعرف الإنسان الكتابة ..
ولكن الآثار هي التي تحدثنا عما تخفيه تلك السنوات من تاريخ
ولا يوجد شيء يدل بالضبط متى سكن الإنسان فلسطين أول مرة ..
ولكن أقدم مايذكر في كتب التاريخ والآثار ..


أن تلك الأرض سكنتها قبائل بدوية لم تبن فيها مدن منظمة
ولكن توجد لهم بعض الآثار البسيطة عبارة عن أدوات كالتي
كان يستخدمها الانسان القديم في حياته ..


سميت هذه القبائل بـ (( النطوفيون )) وهم أقدم من وجدت لهم آثار في ذلك الجزء من العالم


وكان ذلك عام 14000 قبل الميلاد - ميلاد عيسى عليه السلام -


وإلى عام 8000 قبل الميلاد


وفي الفترة من 8000 قبل الميلاد
إلى 4500 قبل الميلاد


وجدت آثار تشير إلى بداية وجود مدينة .. في أريحا
لذلك يعتبر بعض علماء التاريخ .. أن أريحا هي أقدم مدينة في العالم
أيضا لايعرف من هم أصحاب أريحا


أما أول آثار ثابتة ومعروفة في تلك الأرض لأناس استقروا وبنوا هناك
كانت لأناس يقال لهم (( الكنعانيين )) و (( اليبوسيون ))


وقد دخلوا تلك الأراضي مهاجرين من شمال جزيرة العرب
وهذا ثابت في علم التاريخ عالمياً .. في كتبهم هم وكتبنا نحن أيضاً


إذن كانت بداية الاستقرار للكنعانيين الذين سكنوا السهول القريبة من البحر
واليبوسيون وهم فرع من الكنعانيين .. استقروا في منطقة القدس
ولم تكن القدس موجودة في ذلك الزمان ويقال أن اليبوسيون هم من بنوها وسموها ( أورشليم )


أما الفينيقيون والعموريون فسكنوا الجبال


واليبوسيون والفينيقيون والعموريون جميعهم قبائل ذات أصول عربية وتعتبر فروعاً من كنعان


إذن بداية الاستقرار لم يكن لليهود !!


فإذا أردنا أن نحسبها بالأسبقية ..
فالكنعانيون العرب هم أول من استقر في تلك الأراضي من الشام
ولذلك تسمى فلسطين في كتب التاريخ الشرقي والغربي بل
وحتى الكتب المقدسة لدى اليهود والنصارى .. أرض كنعان



وفي الفترة من 4500 قبل الميلاد
إلى 1300


سنوات بدأ فيها السكان يبنون المدن الصغيرة البدائية
وفي هذه الفترة حصلت هجرة سيدنا ابراهيم عليه السلام ( أبو الأنبياء )
من العراق إلى فلسطين .. وولد له فيها اسماعيل واسحاق ..


سيدنا اسماعيل عاش في مكة بأمر من الله
ولم يكن من ذريته نبي سوى محمد صلى الله عليه وسلم ..


أما في أرض كنعان فبقي اسحاق ابن ابراهيم ثم يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم
الذي يسمى ( اسرائيل ) ومن ذريته جاء أنبياء كثر
منهم من ذكرت قصصهم في القرآن ومنهم من لم تذكر لنا عنهم قصص


وحصل بين أبناء يعقوب ( اسرائيل ) ماحصل في قصة يوسف المشهورة مع شقيقه وإخوته العشرة
فحين مكن الله لسيدنا يوسف في مصر ..
قال لإخوته إئتوني بأهلكم أجمعين ..
فغادر ( اسرائيل ) الذي هو يعقوب عليه السلام من أرض كنعان إلى مصر ..


إذن من هجرة سيدنا ابراهيم إلى خروج يعقوب منها إلى مصر .. جيل واحد فقط
في حياة سيدنا ابراهيم المهاجر من العراق .. ولد اسحاق في أرض كنعان ثم ولد لاسحاق يعقوب
ويعقوب الذي هو اسرائيل كما أسلفنا .. غادر بأبنائه أرض كنعان طوعاً
ولم يكن اسرائيل ( يعقوب عليه السلام ) حاكماً لا في أرض كنعان ولا في مصر ( أرض الكنانة )


إذن كان بنو اسرائيل دائماً مهاجرين سواء في أرض كنعان أو في مصر


خلال هذه الفترة من التاريخ (4500 - 1300 قبل الميلاد )
اشتد توسع بعض القبائل ذات الاصول العربية حتى ضموا إليهم شمال مصر
المطل على البحر الأبيض المتوسط وسمي هؤلاء التوسعيون ( الهكسوس )
ويقال أن فلسطين وشمال مصر ثم كامل مصر بعد ذلك
كان تحت سيطرة الهكسوس والهكسوس هم من الكنعانيون العماليق ..
تلك القبائل ذات الأصول العربية


ثم استعاد المصريون أرضهم وأدخلوا أرض الشام في حكمهم ..
فأصبحت أرض كنعان مرتبطة إدارياً بمصر
لذلك نلاحظ على مدى التاريخ أنه حين تصيب فلسطين مجاعة
فإنهم يلجأون لمصر ولا يلجأون للعراق مثلاً
رغم أنه بينهم وبين مصر صحراء مثل سيناء ..
وليس ذلك إلا لارتباطهم التاريخي بمصر والمصريين .


في الفترة من عام 1300 قبل ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام


هاجرت بعض شعوب البحر الأبيض المتوسط خاصة جزيرة كريت وهي جزيرة جنوب اليونان
يبدو أنه أصابتهم مجاعة أو ماشابه ..


جزيرة كريت آقام المسلمون فيها فيما بعد مملكة استمرت أكثر من 100 عام ..
وهي الآن من الجزر اليونانية .. ليس هذا موضوعنا .. إنما موضوعنا فلسطين ..


رمسيس الثالث بدأ يصد شعوب البحار الذين حاولوا نزول مصر
ودخل معهم في معركة قوية ومشهورة في التاريخ ولها آثار معروفة إلى اليوم ..
وتحت المفاوضات اتفقت شعوب البحر مع رمسيس الثالث أن يسكنوا في مناطق (( بـــَــلـَـــســت )) جنوب أرض كنعان ..
وعاش شعوب البحار هناك وكانوا بدواً تنقلوا وذابوا بالكنعانيين واليبوسيون
الذين ذكرنا أنهم جاؤا من شمال جزيرة العرب ..
وهم حكام فلسطين وأصحاب البناء والاستقرار ..


واشتهر سكان ( بــلــســت ) فسموا ( بــلــســتــيــنــيــون ) ومن هنا جاء اسم فلسطين وفلسطينيون
ومن هنا لن نسميها أرض كنعان بعد الآن بل هي فلسطين وسكانها الفلسطينيون
الذين أنشؤا في تلك الفترة قبل الميلاد مدن مهمة مثل غزة وعسقلان واللد
وغيرها من المدن الباقية إلى اليوم والتكيبة السكانية للفلسطينيين في ذلك الزمان
خليط من كنعانيين ويبوسيون وشعوب هاجرت من جزر المتوسط


فأين الحق اليهودي في فلسطين ؟؟ والتركيبة السكانية خالية منهم منذ بدء الخليقة وحتى عام 1250 قبل الميلاد


الفترة من 1250 ألى 1200 قبل الميلاد يرجح أنها الفترة التي ظهر فيها موسى عليه السلام في مصر
موسى نبي المعجزات .. 9 معجزات في مصر ..
والعاشرة كانت حين خرج سيدنا موسى ببني اسرائيل من مصر من ظلم فرعون ..
ووصلوا إلى اللسان الأيسر المحاذي لمصر من لساني البحر الأحمر اللسان الذي عليه تقع قناة السويس في طرفه الأعلى ..
فشاهدوا كيف ضرب موسى بعصاه البحر فانشق واصبح يابساً ممهداً
مشي فيه بنو اسرائيل عن بكرة أبيهم ثم اطبق على فرعون ومن معه فغرقوا ..


بعد المعجزة العاشرة وانتهاء فرعون اصبح بنو اسرائيل الآن في سيناء
وحين شاهدوا بدواً هناك يعبدون اصناماً قالوا لموسى عليه السلام .. اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة !!!!!


سبحان الله بعد المعجزات العشر التي رأوها بأعينهم يطلبون من نبيهم مثل هذا الطلب ..


فأي خلل في الإيمان وأي سوء في التركيب هذا الذي كان عليه بنو اسرائيل ..
وتكرر هذا الأمر مرات ومرات ومرات وأكثر في تاريخ بني اسرائيل ..


فمثلاً موسى سبقهم إلى الطور وأثناء غيابه 40 يوماً عبد بعضهم العجل والنبي هارون بينهم لا يسمعون له رأياً


قال لهم نبيهم اسمعوا وأطيعوا .. قالوا سمعنا وعصينا
فارتفع الجبل فوقهم كأنه غمامة .. حينها فقط وتحت التهديد قالوا سمعنا وأطعنا


اختار منهم موسى عليه السلام سبعين هم أفضلهم
وذهب بهم إلى ربه يعتذر عن عبادة بني اسرائيل للعجل


فحين سمعوا الاصوات التي تكون عند تلقي موسى كلام ربه لم يصبروا وقالوا لموسى عليه السلام
أرنا الله جهرة .. فأماتهم الله كلهم بسبب طلبهم ..
هؤلاء هم أفضل سبعين شخصاً من بني اسرائيل ماتوا
بسبب طلبهم الوقح برؤية الله جهرة وهم لايعلمون ..


ثم دعا موسى ربه ليحييهم فهؤلاء هم أفضل بني اسرائيل فإذا ماتوا فمن سيبقى ؟؟
فاستجاب الرب الأعلى لموسى عليه السلام الذي كان وجيهاً عند ربه كليماً له فأحياهم بعد إذ أماتهم


وتحرك موسى عليه السلام ببني اسرائيل نحو فلسطين وقال لهم في الطريق :
أن الله كتب لكم الأرض المقدسة
فادخلوا الباب على أهلها .. فقط ادخلوا الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ..


فقال بنو اسرائيل : اذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون
وكل هذا خوف وهلع من الكنعانيين الذين يسموا في ذلك الزمان العماليق
وقالوا إن فيها قوماً جبارين .. !!! !!!


سبحان الله ما مر على الأنبياء شعب بخسة هؤلاء اليهود
يرى المعجزات تلو المعجزات ولم يطع ولم يستسلم لله ثقة في الله وفي نصر الله
بل دائماً جبان متردد دنيوي بحت لا يريد إلا الدنيا


فجاء العقاب من الله أن يتيهوا في الأرض 40 سنة


40 سنة وهم تائهون في صحراء سيناء على صغرها
ولكن حين يريد الله أن يجعلك تائهاً سوف تتوه ولو في بيتك


كل هذا يحدث وفلسطين تحت حكم الكنعانيين وهم سادتها وفيهم فروعهم من يبوسيون وشعوب مهاجرة من البحر


وفي سنوات التيه في سيناء أيضاً استمرت المعجزات .. ولم يتعاملوا معها كما ينبغي
ومنها معجزة البقرة التي أمرهم الله يذبحوها ويضربوا المقتول ببعضها
فتعود إليه الحياة ليشير إلى قاتله أمام أعين الناس في بني اسرائيل


وبعد ذكر قصة البقرة في القرآن .. يصف الله قلوب بني اسرائيل بأنها كالحجارة أو أشد قسوة
لأن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لمايهبط من خشية الله أما قلوبهم فهي قاسية أكثر من الحجارة


فهذا وصفهم في القرآن حتى لاينخدع بهم بعض دعاة السلام ويعتقد أنه ستأخذهم في الناس رأفة أو رحمة


الذين رأوا المعجزات هذا وصفهم في القرآن .. فما بالك بالذين لم يروا المعجزات


ونحن إخوتي حين نطيل الحديث عن بني اسرائيل فليس ذلك خروجاً عن تاريخ فلسطين
ولكن نذكر كل هذه التفاصيل عن بني اسرائيل ليس لأنهم عدونا البشري الأول
ولكن لأنهم الشعب الذي يدعي أن فلسطين من حقه
فنذكرهم حتى نعرف التركيبة اليهودية التي تريد انشاء دولة في فلسطين كيف كانت .. في الأصل كيف كانت


وظل بنو اسرائيل تائهين إلى أن حانت وفاة سيدنا موسى عليه السلام
الذي مات في سنوات التيه .. وحين حضره الموت دعا ربه أن يدنيه من الأرض المقدسة


يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :


(( لو كنت هناك لأريتكم قبره ، على قارعة الطريق عند الكثيب الأحمر ، على رمية حجر من بيت المقدس ))


بعد وفاة سيدنا موسى وسيدنا هارون قام في بني اسرائيل نبي جديد هو ( يوشع بن نون )
وهو فتى موسى في القصة المشهورة التي ورد ذكرها في سورة الكهف .. وقاد يوشع بني اسرائيل ليطهرهم ويخرجهم من التيه


ودخل في معركة عظيمة مع العماليق
وفعلاً انتصر يوشع بن نون عليه السلام .. على العماليق .. بعد معجزة توقف الشمس
ودخل بجيل جديد من بني اسرائيل الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم


وكان شرط الدخول بعد الانتصار أن يدخلوا الباب سجداً ويقول ( حــِـــطــّــة ) ليغفر الله لهم خطاياهم
بل وعدهم أنه سيزيد المحسنين .. فهل فعل بنوا اسرائيل ما أمرهم رب الأرباب جل وعلا ؟؟
تابعوا في الصفحة التاليةالفترة من 1200 قبل الميلاد ومابعدها وحكم داوود وسليمان
والفرس وماهي علاقتهم بفلسطين

يكون تقادم السنوات قبل الميلاد بالعكس

مثلاً 1200 تكون بعد 1201 وليس قبلها
و1199 تكون بعد 1200 وليس قبلها

مثلاً عام 2000 قبل الميلاد يعتبر أحدث من عام 2009 قبل الميلاد

الميلاد هو ميلاد عيسى عليه السلام وسنة قبله أحدث من سنتين قبله
وسنة بعده أقدم من سنتين بعده وهكذا

ذكرنا في الصفحتين السابقتين أن النبي يوشع بن نون قاد معركة بني اسرائيل ضد الكنعانيين
وكان يوم المعركة الحاسم هو يوم جمعة
والسبت الذي يبدأ عند اليهود منذ غروب شمس الجمعة على وشك الدخول ..

ويحرم على اليهود في شرعهم كما نعلم العمل وحتى القتال يوم السبت
فدعا يوشع ربه .. وخاطب الشمس بعبارات محفوظة في الكتب إلى اليوم آمراً لها بالتوقف
إلى أن ينهي ومن معه من الرجال الصادقين المعركة لصالحهم .. فتوقفت
ومسألة توقف الشمس مسألة ثابتة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه

وفعلاً انتصر يوشع بن نون عليه السلام .. على العماليق .. بعد معجزة توقف الشمس
ودخل بجيل جديد من بني اسرائيل الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم

دخل اليهود بعد انتصارهم على العماليق إلى ( القرية ) هكذا سماها القرآن الكريم
ويعتقد على الأرجح أنها ( أريحا ) .. وقال بعضهم أنها أورشليم ..
ولكن أغلب المراجع على أنها ( أريحا )

كان شرط الدخول .. أن يدخلوا بابها سجداً ويقولوا ( حــِــطــّـــة )
يغفر لكم الرب خطاياكم التي فعلتموها مع موسى ومع هارون وفي سنوات التيه
بل بشرهم الله أنه سيزيد المحسنين منهم ..
فالذي يقول ماأمره الله ويحسن مايقوله ومايفعله من سجود وخضوع .. سيعطيه الرب تعالى زيادة

فدخل بنو اسرائيل الباب .. ويصف الله تعالى في القرآن مافعل بنو اسرائيل في هذه القصة :
(( فبدل الذين ظلموا قولاً غير اللذي قيل لهم .. فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون ))

بل قيل أن بعضهم ركع واستدار ودخل الباب بمؤخرته
وقالوا ( حــنــطــة ) بدلاً من ( حــِــطة ) التي جعلها الله تحط من خطاياهم

أفكر كثيراً كيف يفعلون هذا ؟؟ وحين اتذكر كيف يطغى بعض البشر في أوقات الفرح لا استغرب ..
فحين يفرح الناس في زماننا هذا لأي سبب عام ويخرجون إلى الشوارع
تجد فجأة إن البعض يوقف السيارات ويفتح الأبواب على العوائل أو يؤذون بعضهم بأقوال وأفعال ظالمة أ
و يتجمهرون بشكل مؤذي حول بنت أخذها الحماس هي الأخرى فطغت وتراقصت أمام أعينهم ..
ومع نشوة الفرح يعتقدون أنها تراقصت لأعينهم وأيديهم في نفس الوقت فتتطاول الأيدي وتنمنع البنت
التي لم تقصد الأيدي وتحصل المشاكل ولايرضى الرب ولايصبح هناك أي مانع من نزول الرجز على الظالمين إلا بأمر الله



هكذا انشئت أول دويلة لبني اسرائيل في فلسطين .. وكانت هي أريحا ..
واستقرت الأمور للنبي الكريم يوشع بن نون في أريحا وعاش بنو اسرائيل أياما هادئة إلى أن مات يوشع

بعد يوشع وفي الفترة من عام 1100 قبل الميلاد تقريباً إلى عام 1010

تفرق بنو اسرائيل وقامت الحروب بينهم فتمزقوا
وظلت الحروب بينهم .. وبعث الله لهم الأنبياء ..
يقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : (( كلما مات نبي ، قام نبي ))
ماخلت فيهم الأنبياء .. ومع ذلك ظلوا يعصون الأنبياء .. بل تجرأوا وقتلوا الأنبياء ..
بل كان الله تعالى يرسل لهم في الوقت الواحد 3 أنبياء .. فكذبوهم

يقول الله في وصفهم : (( فأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ))

يقول الدكتور طارق :
في القرآن هذا الوصف .. وصفهم الله تعالى هذا الوصف في القرآن حتى لايشك أحد
يقول نحن نتطاول عليهم .. لا .. هذا التاريخ .. وهذا وصفهم في القرآن
(( واشربوا في قلوبهم العجل )) تأصل الكفر في نفوسهم .. فلا يستجيبون

وظلت أحوالهم ممزقة .. يحاول الأنبياء جمعهم فلا يطيعون وظلوا يعاندون
إلى أن جاء العماليق مرة أخرى وسيطروا على تلك المناطق .. وتحكم ببني اسرائيل اعدائهم
وتجبروا عليهم .. وصار جالوت حاكماً لبيت المقدس .. يحكم من بيت المقدس تلك المناطق من فلسطين

واشتد الأذى على بني اسرائيل ..
وأخذ العماليق منهم مقدساتهم ومنها أقدس ماعندهم وهو ( التابوت )

هذا التابوت اتخذه موسى عليه السلام مثل صندوق له ..
ووضع فيه الألواح العشرة التي أعطاه الله أياها وفيها الحكمة وتفصيل كل شيء
وقيل أنه في ذلك الزمن لم يبق فيها سوى لوحين
وفي التابوت أيضاً عصا موسى عليه السلام ..
وقيل أنه لما مات موسى وهارون في سنوات التيه وضعت ملابسهم أيضا في التابوت

القصد أن بني اسرائيل لم يصبروا على ذلك ..
فقام عقلاؤهم إلى نبي لهم .. وطالبوه بأن يختار لهم ملك يجتمعون حوله
وينصروه فتتوحد كلمتهم وينتصرون على عدوهم ويستعيدون أمجادهم
فقال لهم نبيهم .. أنتم تاريخكم أسود ..
وأخشى ألا تطيعوني .. فأقسموا ، كيف ؟؟ وقد أخرجنا من ديارنا وأموالنا وأوذي أبناؤنا !!

فقال لهم نبيهم .. إن الله اختار لكم ( طالوت ) ملكاً

فورا عاندوا .. أنى يكون له الملك علينا ؟؟ ونحن أحق بالملك منه !!

هم الذين طلبوا أن يختار الله لهم ملك .. وفور إعلان اسم من اختاره الله ..
عاندوا !! لأن طالوت من فخذ لم يكن فيه الملوك

قال نبيهم : هذا ملك بعثه الله لكم لتنتصروا ..

قالوا أبداً لن نطيع إلا فرع ( يهوذا ) هم فيهم الملوك .. أما هذا فلا ندري ماهو ولن نطيعه .

قال أنا نبيكم أخبركم .. قالوا أنت كاذب ..
فقال إن جئتكم بآية ؟؟ .. قالوا إن جئتنا بآية واضحة وصريحة أن هذا ملك أطعناه

فقال لهم نبيهم << آيتكم أن يأتيكم التابوت >> ..
قالوا : التابوووت الذي فيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون ؟؟ كيف ؟؟ ..
قال : << تحمله الملائكة >>
قالوا : نصدق إذا أتيتنا بالتابوت .

وفعلاً .. أمام أعينهم يرون التابوت ينزل من السماء بين أيديهم وهم ينظرون

فتحوه .. وإذا هو فعلاً تابوتهم .. لذلك ترى في آثارهم قبل الإسلام وحديثاً صور
يرسمون فيها الملائكة حاشاهم لهم أجنحة ويحملون التابوت وينزلونه
إذن هذه القصة موجودة في تاريخهم ..
وقد ذكرها القرآن بالتفصيل في سورة البقرة في قصة طالوت وجالوت

ومع كل هذا .. لم يخرج مع طالوت كل بني اسرائيل ..
بل يعتقد أن القليل منهم خرج مع طالوت لاستعادة مجدهم

في الطريق قابلهم نهر ..
فقال لهم ملكهم طالوت الذي بعثه الله لهم : إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني
يعني أي أحد يشرب لا أريده يقاتل معي في الجيش .. فقط يريد الذين يصبرون

قال الله تعالى في القرآن : (( فشربوا منه ))

شربوا منه لا قليلاً منهم !! سبحان الله أي معاصي وأي عناد للأنبياء هذا ؟؟

يتساءل الدكتور طارق بكل استغراب .. هل رأيتم مثل هذا التاريخ الأسود ؟؟


تواجه الجيشان .. جيش طالوت وجيش جالوت
فقال بنو اسرائيل .. أنى لنا اليوم بطالوت وجنوده ؟؟

يقول بعض علماء التاريخ أن بعضهم رفض الاشتراك في القتال
ولم يثبت مع طالوت سوى العشرات ويقدرون بـ سبعين رجلاً

خرج جالوت قائد العماليق يطلب الحرب .. فقال طالوت من يخرج له ؟؟

فلم يخرج له أحد .. إلا شاب عمره ف ذلك الوقت 16 عاماً
فرده طالوت لصغر سنه وأعاد السؤال .. ولا أحد إلا الشاب

ويرده طالوت ويعيد السؤال .. من يخرج له وأزوجه ابنتي ويكون خليفتي
ومع كل هذا الإغراء لا يخرج ليواجه الطاغية جالوت سوى ذلك الشاب

فوافق طالوت أن يخرج الشاب وعهد له بأن يزوجه ابنته وأن يجعله بعد موته خليفته
أمام الجيش كان هذا العهد

وواجه ذلك الشاب جالوت .. وضربه بمقلاع في مقتل فوقع صريعاً ميتاً من ضربة واحدة
فمن هول المفاجأة تحلحل الجيش وقويت عزيمة بني اسرائيل ..
وانتصروا بفضل تلك الضربة التي تسببت في تفكك جيوش العماليق من ذلك الشاب
الذي كان هو (( داوود )) عليه السلام النبي الملك فيما بعد

يقول الدكتور طارق .. سبحان الله .. شباب الانتفاضة اليوم يذكرونا بالأمجاد الماضية

وذلك اشارة إلى استخدام سيدنا داوود للمقلاع في مواجهة جالوت المتجبر
واستخدام شباب وأطفال اليوم للمقلاع في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية المتجبرة

انتصار طالوت .. وحد بني اسرائيل .. بعد سنين التمزق ..
واستقر له الحكم في فلسطين بعض أن هزم جالوت وضم إليه بيت المقدس وحكمه بالإضافة إلى أريحا وبعض القرى
ومازال للعماليق مناطقهم التي يحكمونها في فلسطين ..
واستمر الحال على هذا إلى أن مات طالوت .. والآن يفترض أن يكون الحكم لمن ؟؟

لداوود طبعاً .. بعهد الملك طالوت ..
ومع هذا بايع بعض بنو اسرائيل ابن طالوت ملكاً ؟؟ !!

طالوت بنفسه عهد بالملك بعده لداوود عليه السلام في معركتهم أمام جالوت !! وكل الجيش شهد على ذلك والآن لايبايعونه ؟؟
ويبايعون غيره بدلا منه .. هناك فئة من بني اسرائيل حفظت عهد طالوت .. وبايعت داوود ملكاً .. فانقسم بنو اسرائيل مرة أخرى
قسم مع داوود وعاصمتهم الخليل .. وقسم مع ابن طالوت وعاصمتهم ( أورشليم ) وهي القدس فيما بعد

وكان ذلك في الفترة من عام 1004 قبل الميلاد إلى 1000

استقر الحكم لسيدنا داوود على بعض المناطق
والآن بقي الصراع الرئيسي بينه وبين ابن طالوت
وفي عام 995 قبل الميلاد .. حصلت المعركة بينهم وانتصر داوود عليه السلام
ودخل أورشليم وبنى فيها معبداً وجعلها عاصمة ووحد بني اسرائيل وأقام لهم أول مملكة في فلسطين

أول مملكة لبني اسرائيل في عام 995 قبل الميلاد .. ومملكة الكنعانيين كانت قائمة منذ 2600 قبل الميلاد

يقول الدكتور طارق ..
نتحدث هنا عن أكثر من 1600 سنة
سبقت فيها مملكة الكنعانيين المملكة التي بناها داوود عليه السلام لبني اسرائيل

وبدأ داوود عليه السلام يحكم بين الناس بشرع الله .. وسبح الطير والجبال أوبت مع داوود عليه السلام
ورأوا الناس المعجزات في عهده .. وتوسع عليه السلام ووسع دولته شمالاً حتى ضم دمشق رلى مملكته

ثم في عام 963 قبل الميلاد توفي سيدنا داوود .. وحكم بعده .. الرسول ابن الرسول .. سيدنا سليمان
وبني سيدنا سليمان بيت المقدس .. وبنى في بيت المقدس

يقول صلى الله عليه ،سلم :

(( لما بنى سليمان بيت المقدس سأل الله خلالاً ثلاثة .. فأعطاه الله اثنتين .. وأرجو أن يكون قد أعطاه الثالثة

سأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده .. فأعطاه إياه
وسأله حكماً يواطئ حكمه .. فأعطاه إياه
وسأله من أتى هذا البيت لم يرد إلا الصلاة فيه .. أن يخرج من الذنوب كيوم ولته أمه ))

استجاب الله لسيدنا سليمان وأعطاه الأولى والثانية ورسول الله محمد يرجو عليه السلام أن يكون الله قد أعطاه الثالثة

أعطاه ملكاً لا ينبغي لأحد من العالمين .. غيره .. لا قبله ولا بعده
فأصبح ملكاً يأمر البشر و الجن ويأمر الريح ويكلم الطير وفتح له خزائن الأرض بلا حساب

وهذا مذكور في القران .. فقد فتح الله لسيدنا سليمان خزائن الأرض يأخذ ماشاء منها بغير حساب

وفي الكتب يذكر أن سليمان بني المعبد المسمى الهيكل ولكن لايوجد دليل واضح في الكتب أو على الأقل وصف محدد لمكان هذا الهيكل
فقيل في بيت المقدس وقيل غير ذلك .. ولكن لايستطيع أحد في الدنيا اليوم أن يثبت مكان الهيكل إثباتاً علمياً ..

لذا أقول أن الهيكل المزعوم في كتب اليهود قد يكون هو ماأشار إليه النبي الكريم في الحديث حين قال
(( حين بنى سليمان بيت المقدس .... إلى آخر الحديث ))

ولم أجرؤ على فرض هذا الإحتمال إلا حين أرى أن ماذكر في الكتب اليهودية عن بناء الهيكل ودعاء سليمان بالغفران
لمن صلى في الهيكل لايناقض بل يشابه ماذكره النبي الأمي من دعاء سليمان بعد انتهاءه من بناء بيت المقدس

القصد أن سليمان بنى معبداً ضخماً .. ودعا لمن صلى فيه بالمغفرة

جيش سيدنا سليمان البنائين في مثل الجيوش العسكرية تنظيماً وتقسيماً وسمي العامل من هؤلاء .. ( ماسون )
ومن هنا جاءت تسمية ( الماسونية ) أي بناؤوا الهيكل .. أو حراس الهيكل ..

وفرق بين ماسون في زمن سليمان هو جندي لنبي الله
وبين ماسوني في زماننا هذا بأساس منحرف .. وهو جندي من جنود الشيطان

لا يوجد وصف مفصل للهيكل إلا في الكتب اليهودية المقدسة

فمما ورد في الاصحاح الثامن .. وصف لافتتاح الهيكل .. هو أقرب إلى الخيال وأقرب إلى الذكريات
كما يقول الدكتور طارق
وكما سيتبين لنا مما سنقرأ ..

حين أراد سليمان افتتاح الهيكل .. جمع عظماء الآباء .. والعلماء والشيوخ والرؤساء
للاحتفال بنقل تابوت عهد الرب .. ليكون في الهيكل ..
لأن الهيكل هو المكان الرئيسي للعبادة .. ففي التابوت لوح الحجر اللذان وضعهما فيه موسى
ونقل كل الأشياء المقدسة التي كانت ..
وسار الجميع في موكب عظيم .. حتى أدخل التابوت إلى مكانه تحت أجنحة أحد التماثيل

والتماثيل جائزة في شرع الله في ذلك الحين .. وجاء في القرآن أن الجن كانوا يبنون التماثيل لسليمان ..

فلما خرجوا من قدس الأقداس ، ملأ الغمام بيت الرب >>> قدس الأقداس بالنسبة للمعبد اليهودي .. مثل المحراب بالنسبة للمسجد
ملأ الغمام بيت الرب .. ولم يستطع الكهنة أن يقفوا للخدمة ..
لأنهم بسبب الغمام ، لايرون شيئاً .. لأن مجد الرب قد ملأ البيت ..
ولأن سليمان حينئذ أقبل بوجهه وبارك كل جماعة اسرائيل الذين كانوا وقوفاً ..

وألقى خطاباً طويلاً .. قدس فيه الرب ومجده وأثنى عليه وشكره على نعمه عليه وعلى أبيه وعلى بنيه ..
وبين المطلوب من بني اسرائيل .. وطلب من الله أن يستجيب لبني اسرائيل حينما يعونه في هذا البيت
في ضائقة أو قحط أو غزوة عدو .. وأن يغفر لهم ذنوبهم إذا استغفروه فيه ..
ووصى بني اسرائيل بالإخلاص للرب وحفظ وصاياه ..

وذبح في ذلك اليوم .. 22،000 رأس من البقر و 120،000 رأس من الغنم

وأقام عيدا استمر 14 يوماً ..


وفي الإصحاح الثامن عندهم .. أن الرب استجاب لسليمان وقال له :

إني قد سمعتك .. وسمعت صلاتك .. وتضرعك ..
وإني قدست هذا البيت .. لأجعل اسمي فيه إلى الأبد .. وستكون عيناي وقلبي هنا كل الأيام

تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .. ولكننا نذكر هذا لنعرف ..
إلى أي مدى هذا الهيكل مقدس عندهم .. ولماذا ..

وأقول أن الله تعالى قدس تلك الأرض وباركها منذ بدء الخليقة وإلى الأبد ..
من قبل سليمان عليه السلام .. ولا بد أن سليمان عليه السلام يعرف ذلك ويعلم
أن الأرض لم تقدس لأن بني اسرائيل بنوا معبدهم فيها أو أن سليمان دعا ليقدس الله البيت بل هي مقدسة منذ أن كانت الأرض وإلى النهاية
فيجوز أن الله استجاب لسليمان دعاءه مع العلم أن سليمان لم يدع الله أن يقدس المكان
فقط دعا بالمغفرة في يوم افتتاح المعبد الذي يسمونه الهيكل ..
ونحن نصدق هذا لأن نبينا محمد ذكر هذا وننزه الله تعالى عن الوصف
فالله سبحانه أعلى وأجل من أن يقال عنه من الأوصاف مثل مايقال
في كتب اليهود والنصارى من وصف عين أو قلب أو يد أو غير ذلك فتعالى الله رب العالمين

دعونا نقرأ قليلاً في وصف الهيكل .. وليس لنا إلا مصدر وحيد هو كتب اليهود المقدسة

جاء في الاصحاح السادس والسابع وصف للهيكل .. لايحدد مكانا واضحاً للهيكل ..
ولكن فقط يصفونه وصفاً خيالياً خرافياً يشبه مانقرأه في ألف ليلة وليلة

يقولون .. أن قدس الأقداس وهو محراب الهيكل كان من الذهب ..
وطوله 20 ذراع = 10 امتار وعرضه 20 ذراع وسمكه 20 ذراع ..
والمذبح الذي تذبح فيه القرابين .. مغشى بالذهب ..
والسلاسل الممتدة أمام المحراب من الذهب ..
وجميع البيت بتمامه مغطى بالذهب وتماثيل الملائكة المجنحة من الذهب ..
وكل جناح من أجنحتها 5 أذرع مغطاة بالذهب ..
وأرض البيت داخل المعبد وخارجه مغشاة بالذهب ..
وجميع الأدوات من مائدة قدس ومنابر وسروج وأسوار وأعمدة وأزهار
وقدور وصحون كلها من ذهب .. فكأن الهيكل قطعة من ذهب

يقول الدكتور طارق .. طبعاً هذا الوصف خيالي .. وسترون الدليل من كتبهم أيضاً فيما سيأتي في القصة لاحقاً

بعد هذا البناء العظيم والملك الكريم الذي كان على رأسه نبي الله سليمان عليه السلام .. عاش بنو اسرائيل سنوات طائعين لله ثم لنبيهم الملك

كانت فترة سيدنا داوود الذي أسس أول مملكة لبني اسرائيل وفترة ابنه سيدنا سليمان 90 سنة من عمر التاريخ .. فقط

بدأت عام 995 وانتهت عام 905 قبل الميلاد

وبعد سليمان .. تمزقت الدولة بين أبناء سليمان .. تمزقت بالكامل وضاع من أيديهم ملك سليمان وصار في يد اعدائهم
ثم جاء الفراعنة .. وسيطروا على فلسطين .. وفرضوا الجزية على أهلها بمن فيهم بنو اسرائيل وجعلوها تابعة لهم ..

وظل الأمر هكذا إلى عام 740 قبل الميلاد ..

عندما جاء الأشوريون من العراق وعاصمتهم نينوى .. واحتلوا فلسطين .. وأخذوا الجزية التي كانت تدفع للفراعنة
وثمان سنوات فقط سيطر فيها الأشوريون .. قام عليهم بعدها البابليون العراقيون أيضاً .. وانتصروا عليهم وتملكوا ممتلكاتهم ومنها فلسطين
وفيها بنوا اسرائيل الذين كان لهم شبه حكم ذاتي في بعض مناطق فلسطين التي تجمعوا فيها ..

ومرت السنوات منذ عام 732 إلى 597 قبل الميلاد

وحينها قرر البابليون ترتيب الأوضاع في فلسطين الداخلة في حكمهم قبل 130 سنة تقريباً
ويبدو أنهم قرروا ذلك بسبب وضع بني اسرائيل هناك .. القصد ..

هجم البابليون على فلسطين وأخذوا اليهود سبايا إلى بابل التي هاجر منها ابراهيم عليه السلام في زمان مضى
والباقون في فلسطين .. عينوا عليهم حاكماً منهم اسمه ( زدكيا ) أو ( صدقيا ) كما في الكتب العربية
وأخذ البابليون من زدكيا العهود المواثيق بالولاء للبابليين ..

ولم يكن زدكيا من الفرع الذي يحكم عادة في اليهود فغضب عليه اليهود
من جهة وغضبوا من جهة أخرى على ولاءه للبابليين


وظل زدكيا يحكمهم إلى أن حاول عام 586 قبل الميلاد أن يعمل انقلاباً ضد البابليين لصالح بني اسرائيل

وهنا تدخل حاكم اسمه في الكتب العربية ( نبوخذ نصر )
واسمه في كتب التاريخ العالمي ( بخت النصر أو بختنصر )

فبخت النصر هذا .. حاصر القدس سنة ونصف .. و
بني اسرائيل يقاومون هذا الحصار إلى أن كسر مقاومتهم ودخل القدس ودمرها تدميراً كاملاً

ومن بين مادمر .. دمر الهيكل الذي بناه قبل 300 سنة سليمان عليه السلام
دمره بعد أن تعبد فيه بنو اسرائيل 300 سنة ..

دمره تدميراً كاملاً ولم يبق فيه حجراً على حجر .. كما جاء في رواياتهم هم

يقولون في كتبهم المقدسة أن بختنصر أخذ 40،000 أسير وفر الباقون إلى مصر
ولم يبق في فلسطين إلا القليل .. ولم يحدث هذا التدمير كما في كتابهم المقدس ( التلمود ) إلا
بعد أن بلغت ذنوب بني اسرائيل مبلغها وفاقت حدود ماييقه الإله الأعظم

تعالى الله عن وصفهم .. فالله أكبر وأجل مما يصفون ..
نعم قد يكون التدمير الذي حصل لهم .. بسبب ذنوبهم
ولكن ليس لطاقات الله حدود حتى يقال أن ذنوب بني اسرائيل بلغت حداً لايطيقه الإله الأعظم
ومثل هذا الأوصاف هي من قلة التأدب مع الرب العظيم

القصد أن الله سلط هذا الرجل البابلي .. فدمرهم تدميراً ..
ودمر هيكلهم .. وسباهم وشردهم وأخذ أموالهم ..
وفي جاء في روايات الكتب المقدسة اليهودية لما حصل في ذلك الهجوم البابلي ..

دمر بختنصر اورشليم وأسوارها وهيكلها وأحرقها جميعاً وأخذ كل خزائنها وأجلى سكانها إلى بابل ..
وهرب كل رجال الحرب من الباب الذي بين السورين ..
وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وحمل معه إلى بابل ..
أعمدة النحاس وأحواض النحاس وقواعد النحاس وقدور النحاس وكل التماثيل التي كانت في بيت الرب

هذا معقول .. أنها كانت من النحاس معقول .. انظر التناقض الواضح ..
كيف يكون في رواية ذهباً وكيف يكون نحاساً في رواية أخرى !!



توفي بختنصر عام 562 قبل الميلاد أي بعد 23 سنة من تدميره لأبنية بني اسرائيل وأسره لهم وتشريدهم من فلسطين
وحين تشرد بنو اسرائيل وفي تلك الفترة كتبوا التوراة .. تخيلوا بعد 700 سنة من وفاة سيدنا موسى كتبوا التوراة ..
وكتبوها على أجزاء وليس مرة واحدة .. على مدى 400 سنة
فأضافوا إليها تفسيراتهم وآرائهم وخيالاتهم وانحرافاتهم ..

إذن التوراة ليست كالقرآن الذي كتب بكامله في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ..
وجمع في كتاب واحد في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه
وكل عهد أبو بكر لم يتعدى سنتين بعد النبي محمة صلى الله عليه وسلم

اليهود يعظمون التوراة .. وهي كتابهم المقدس .. ولهم طريقة معينة في كتابتها وقراءتها ..
فهم يكتبونها على ورقة واحدة طويلة ويلفونها لف ويضعونها في تابوت صغير خاص بها ..
وبعضهم مازال إلى اليوم يتعامل معها بنفس الطريقة
وكتبت في كتب اليوم ولكنهم يقلبون صفحاتها بحديدة أو ماشابه .. تقديساً وتعظيماً لهذه الكتب المحرفة

صحيح أنها في هذه الكتب مما أوحي إلى موسى .. وليس كلها
فقد أضافوا كتباً من تأليف البشر .. مثل التلمود وجعلوها مقدسة .. وهكذا لعبوا في دينهم

وفي دين اليهود حتى لو اقتنعت انت به وتريد أن تنجو بنفسك من النار .. لاتستطيع

لأن اليهودي يجب أن تكون أمه يهودية ..
أما بقية الناس فهم أميون تجوز خيانتهم وتجوز سرقتهم ولايدخلون الجنة
فلا يحتاجون لنشر دينهم لأن الجنة فقط لهم فهم شعب الله المختار

ظل اليهود مشردين بين بابل ومصر وقليل منهم في فلسطين ..
منذ تدمير نبوخذ نصر إلى عام 539 قبل الميلاد عندما غزا ( قورش الثاني ) كسرى فارس مملكة بابل ..
وانتصر عليهم وسيطر على كل أراضيهم
وبذلك دخلت فلسطين في حكم الفرس ومن هنا جاءت دولة فارس العظمى
التي كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ..

يقول الدكتور طارق : إذا استعرضنا التاريخ تبدأ الصورة تتضح عندنا ..
الآن لدينا أجزاء متناثرة من الصورة ..
وباستعراضنا للتاريخ نحن نحاول تجميعها لنعرف ماذا حدث وتكتمل الصورة

كان البابليون بعد محاولة انقلاب زدكيا يمنعون بني اسرائيل من الذهاب إلى القدس ..
وحين سيطر الفرس تسامحوا مع بني اسرائيل ..
سمحوا لهم بالعودة إلى فلسطين من بابل فعاد منهم 42،000 إلى بيت المقدس
وفورا عملوا على مسألة مهمة بالنسبة لهم وهي إعادة بناء الهيكل مرة أخرى ..
وبنوا معبداً سموه المعبد الثاني .. وهذا البناء مشهور في كتبهم باسم المعبد الثاني ..
سمح لهم الفرس ببناءه .. فالفرس لم يكن لهم قضية صراع مع اليهود
واستعاد بنو اسرائيل مقدساتهم وجمعوها في المعبد الثاني .. وعظموا معبدهم ..
وسمح لهم الفرس بحكم ذاتي على 30 ألف كيلومتر مربع في حما بيت المقدس ..
يعبدون فيها ويتقاضون .. ويمارسون طقوسهم فيها ويديرها واحد منهم

وظل هذا الأمر منذ 515 إلى 335 قبل الميلاد

هدوء وحماية وتسامح من الفرس .. واليهود لهم حكمهم الذاتي ..
وأعدادهم تتزايد .. وحكام فلسطين الحققيون هم الفرس ..

إلى أن جاء عام 332 قبل الميلاد عندما جاء رجل من أعظم رجال التاريخ هو الاسكندر المقدوني ..
رجل معروف على مستوى العالم وفتوحاته مشهورة
وله ثلاث حملات .. في أحدها والتي افتتح فيها أراضي إيران الحالية والعراق و الهند ومصر افتتح الشام وفيها فلسطين ..
وانحسر حكم الفرس عن تلك المناطق زماناً
وأصبح الحكم فيها للاسكندر المقدوني الذي كان من ( الاغريق )
واستمر حكمه موحداً إلى أن مات على أغلب مناطق العالم

وبعد أن مات في عام 323 قبل الميلاد انقسمت دولته إلى أقسام
وظلت فلسطين تابعة لأحد الأقسام الإغريقية ..

وتحت هذا التمزق
استولى الأنباط العرب وعاصمتهم البتراء ..
على جزء كبير من جنوب فلسطين ..
وبقيت بقية المناطق إغريقية
واستمر هذا الحال مئة سنة إلى عام 200 قبل الميلاد

فماذا حدث بعد ذلك ؟؟
سنتحدث لاحقاً عن فترة ميلاد المسيح عيسى عليه السلام ومابعدها

اتفقنا في البداية أننا لانستطيع الحصول على التاريخ قبل أن يتعلم الانسان الكتابة
لانستطيع الحصول عليه إلا من الآثار

وبعد تعلم الانسان الكتابة
لابد من الاطلاع على الكتب التي تتحدث عن التاريخ
لنعرف ماذا حصل ؟؟

والإسرائيليات فيها أخبار تفصيلية وكثيرة عن تلك الفترة من التاريخ ..
لذا سنأخذ منها مالا يعارض التاريخ ..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : لاتصدقوهم ولا تكذبوهم .

ذكرنا أن الانباط وعاصمتهم البتراء استغلوا
الانقسامات في الدولة الاغريقية بعد وفاة الاسكندر في عام 323 قبل الميلاد
فاستولوا على جنوب فلسطين واستمروا حكاماً لها مايقارب المائة عام إلى عام 200 قبل الميلاد

وفي عام 167 قبل الميلاد ..
أحد أقسام الدولة الإغريقية وسمي حكامها بالسلوقيين
استطاعوا السيطرة على أجزاء كبيرة من فلسطين ..
وذلك في سبيل توسيع رقعة نفوذهم ..
وسيطروا بالذت على المدن المهمة في الوسط .. والتي يكثر فيها اليهود

فبدأ الحكام السلوقيين يضطهدون اليهود ..
إلى درجة أنهم بدأوا يجبروهم على عبادة (( زيوس )) وهو أحد الآلهة الأولمبية
وترك عبادة ( يهوه ) في اللغة العبرانية وهو بالنسبة لهم ( الله ) سبحانه وتعالى

فانقسم اليهود تحت هذا الإكراه والضغط إلى قسمين ..
قسم منهم عبدوا زيوس وخلطوا عبادته باليهودية
وقسم منهم بل هم تقريباً عائلة واحدة فقط اسمها
في كتب التاريخ ( العائلة المكابية ) رفضت عبادة زيوس

طبعاً اليهود الذين رفضوا عبادة زيوس تخفوا .. وأخفوا دينهم ..
وبعضهم غادر فلسطين إلى الدول المجاورة

أما الذين أشركوا زيوس ..
فأدخلوا الكثير من الطقوس الإغريقية إلى الدين اليهودي ..
وأصبحوا فرقة أو تيار يسمى في الكتب ( أنصار التأغرق ) أو المتأغرقين

المكابيين الذين رفضوا عبادة زيوس تجمعوا في نفس العام ..
وبدأوا يثورون على على السلوقيين الإغريقيين
وانتصروا عدة مرات واستمر الصراع
بين المكابيين الثوريين والسلوقيين المسيطرين الفعليين على المنطقة

إلى أن جاء عام 165 قبل الميلاد
حيث قام الامبراطور السلوقي الإغريقي بإيقاف اضطهاد اليهود
وسمح لليهود .. كل اليهود بممارسة عباداتهم في المدينة المقدسة بالنسبة لهم ..

وفي يوم 25\1\164 قبل الميلاد بالتحديد
كان قرار السماح لليهود المكابيين الذين رفضوا عبادة زيوس للمدينة المقدسة
واتخذ اليهود هذا اليوم عيداً يحتفلون به إلى اليوم وأسموه عيد الأنوار (( الهانوكا ))
وشعاره الشمعدان متعدد الشموع .. وهو من شعارات اليهود الرئيسية ..

فإذا رأيتم الشمعدان يمجد من قبل الناس
فاعلموا أن هذا أصله عيد عودة اليهود المحافظين إلى المدينة المقدسة
بعد الاضطهاد الذي ذاقوه من بعض الحكام السلوقيين ..

تسامح السلوقيين نوعاً ما مع اليهود بعد ذلك وسمحوا لهم
أن يتجمعوا تحت حكم ذاتي داخل فلسطين بقيادة يهوذا المكابي
الذي كان قائد اليهود الذين حافظوا على دينهم
وكان كبار الكهنة هم من يديرون شؤون هذا الحكم الذاتي ..

كان هذا الحكم الذاتي يضيق ويتسع حسب السياسات السلوقية .. إلى عام 143
عين الامبراطور السلوقي الاغريقي ديمتروس الثاني حاكم يهودي على كل أورشليم ..
وجعله يدفع الضرائب .. وبعد فترة ألغى عنه الضرائب ..
وسمح له بسك عملة يهودية داخل أورشليم
ولكنهم ظلوا تابعين للمملكة الكبرى للسلوقيين ..
التي سمحت بأمر امبراطورها لـليهودي ( سيمون ) أن يحكم أورشليم

واستقر الحكم لسيمون .. وبدأ حكمه يتوسع في تلك المناطق .. واستمر هذا الحال

يحكم القدس حاكم يهودي يعينه السلوقيون الإغريقيون ..
وحكم اليهود يتوسع ويصل إلى البحر في عام 76 قبل الميلاد

وفي عام 63 قبل الميلاد ..
هنا بدأ الرومان يتوسعون ويأخذون ممالك الإغريق ..
ووصل الروم لأول مرة إلى الشرق الأوسط
حين استولوا على الشام التابعة للسلوقيين الإغريقيين ..
ووصلوا إلى القدس فاحتلوها ..
وألغو ذلك الحكم الذاتي الذي أعطاه السلوقيون لسيمون فيما سبق
وعينوا كاهنا هم اختاروه ..
وصار هذا الكاهن هو ممثل اليهود وكبيرهم أمام الرومان ..
وظلوا على هذا الحال 23 سنة

الرومان يختارون كاهناً يمثل اليهود أمامهم ويكون كبيراً لهم ..
إلى أن عينوا كبيراً لليهود اسمه ( هيرودس ) وفي الكتب العربية ( هيرود )
وكان طاغية ، شديداً على اليهود .. وموالٍ للرومان ..
ولكي يحاول كسب الأتباع من اليهود فيما بعد..
أعاد تجديد الهيكل وضاعف مساحته

في تلك السنوات التي كان هيرودس كبيراً لليهود فيها ..
كان الفرس يتوسعون أيضاً وبدأوا يدخلون في صراع مع الرومان على الأراضي الشامية
وخاصة الأردن وفلسطين ..

لم يكن الصراع بين الفرس والروم في تلك الفترة صراعاً دينياً ..
إنما هو صراع على الأرض والنفوذ

وتقريباً في عام 39 قبل الميلاد
(( انظروا الآن اقتربنا جداً من ولادة سيدنا عيسى عليه السلام ))
استطاع هيرودس تجميع قوة هزم بها قوة من الفرس قرب فلسطين
ففرض سيطرته على تلك المناطق واعتبره الرومان حاكماً هناك واعطوه الثقة ..
وبدأت تلك المناطق تزدهر في عهد هيرودس

عام 34 قبل الميلاد .. زارت القدس ..
الملكة المصرية ( كليو بترا ) ..
في طريق عودتها من العراق

وبالنسبة لهم في ذلك الوقت ..
كان ذلك حادثاً مهماً ..
فليس قليلاً أن تزور تلك المناطق .. حاكمة مصر

وظلت الأمور مستقرة في عهد هيرودس
وفي عهده في عام 15 قبل الميلاد .. ولدت ( مــريم ) عليها السلام
وتربت في كنف زكريا عليه السلام ..
الذي كان نبي اليهود في ذلك الزمان ..

إذن كان الأنبياء فيهم !!

توفي هيرود في عام 4 قبل الميلاد ..
فتزعزع الحكم وتقسم بين أبنائه الثلاثة ..
وبعد ذلك بأربع سنوات ..
ولد سيدنا المسيح ( عيسى بن مريم ) عليه السلام ..
وقبله بثلاثة أشهر .. ولد ( يحيى بن زكريا ) عليه السلام


اشتهر بينهم يحيى عليه السلام أكثر من المسيح عيسى عليه السلام ..
لأنه كان ابن نبيهم زكريا هذا غير أن اليهود كانوا
ينظرون لعيسى عليه السلام نظرة شك ..
ويتهمون أمه حاشاها ويقولون فيها بهتاناً وافتراءاً ..
وذكر ذلك في القرآن ..

في عام 6 بعد الميلاد ..
قام الرومان بإلغاء حكم إبناء هيرودس وحكموا فلسطين حكماً مباشراً
وإن كان القضاء والدين في يد اليهود ..
والحاكم الروماني الذي يحكم هو تابع قانونياً وإدارياً لمملكة روما العظيمة
وقضائياً كان يلتزم بالقانون اليهودي المحلي

يحيى عليه السلام تبنوه اليهود ..
وكان يسمى بينهم ( يوحنا المعمدان ) من التعميد
وهو مثل التطهير وتغسيل الذنوب
حيث كان يأخذهم ويغسلهم في النهر ..

يحيى عليه السلام اسمه في الإنجليزية ( جون ذا بابتزم )

وعيسى عليه السلام كان اليهود يعتبرون المعجزات التي جاءت على يديه سحراً

بالإضافة إلى زكريا الذي كان أكبر أنبيائهم .. وكانوا يسمونه وابنه ( كبار الكهنة )

ثلاث رسل من أعظم الرسل
يرسلون لبني اسرائيل في نفس الوقت
لكي يعيدوهم إلى الدين الصحيح
ومع ذلك بقوا منحرفين ..

مرت السنوات والحال كما هو عليه ..
الحكم والسلطة على الطريقة الرومانية
والقضاء حسب الشرائع اليهودية في أورشليم وماحولها

وفي عام 26 بعد ميلاد عيسى عليه السلام ..
عينت الامبراطورية الرومانية حاكماً روماني إسمه ( بطليموس ) وفي الكتب العربية ( بطلاس )
ويبدو أن ( بطلاس ) أخذ سماعياً من اختصار اسم بطليموس ..
كما تعلمون الأوربيون ينادون بعضهم بمختصر الإسم وليس بالاسم كاملاً


بطليموس الروماني حدثت في عهده أحداث رهيبة جداً ..

حاكم روماني يحكم بالقضاء اليهودي كما جاء فيما سبق


من هذه الأحداث أن لبطليموس إبنة من أخيه فائقة الجمال ..
فأراد أن يتزوجها .. وهذا محرم في القضاء اليهودي
فأراد أن يحصل على استثناء من كبار الكهنة .. فعرض الأمر على زكريا ويحيى عليهما السلام

فقال له يحيى عليه السلام : إذن نعلن في الناس

فجمع بطليموس الناس في المعبد في يوم متفق عليه ..

فما الذي حدث يوم اجتمع الناس في المعبد وبطليموس شخصياً
وكل الكهنة وكبار الشخصيات موجودون هناك ؟؟

في ذلك التجمع خطب يحيى عليه السلام خطبة طويلة ..
أعلن فيها اعلاناً واضحاً تحريم زواج العم من ابنة أخيه تحريماً مطلقاً ..

وأن من يفعله آثم .. وتجب معاقبته

فوجئ بطليموس بهذا الإعلان ..
خاصة أنه كان يتظاهر باتباع شرائع القضاء اليهودي

أما ابنة أخيه الجميلة شكلاً والسوداء الدميمة مضموناً
التي سماها النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. بغي
فإنها أقامت ليلة حمراء لعمها
وقامت بإغواء عمها وأسكرته وتراقصت له ..
وأغرته بقتل يحيى

وتحت هذه النشوة ..
أمر بطليموس بقتل يحيى عليه السلام

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم .. قتل يحي لبغي
هكذا سماها النبي محمد ..

وفي رواية مشهورة أن زكريا عليه السلام أيضاً قتل بعد ابنه

اليهود لم يحركوا ساكناً ..
وظل فيهم النبي عيسى عليه السلام يمارس الدعوة
وكان يسيح في الأرض ولم يكن له بيت ..
ولذا سمي المسيح من سياحته في الأرض

وظل يمارس دعوته عليه السلام التي كانت موجهة لبني اسرائيل
وينهاهم عن المنكرات ويخطب في الهيكل
وكان من أشهر الخطباء الذين يخطبون هناك
وبدأ بوحي من الله يغير في دين بني اسرائيل ..
ويخفف عنهم بوحيٍ من الله الأغلال التي كانت عليهم
حيث شدد الله عليهم بسبب ظلمهم

وفي رواية مشهورة أنه عليه السلام دخل المعبد فوجدهم يلعبون فيه القمار
فقلب عليهم الطاولات وجلدهم وعنفهم على انتهاكهم لحرمة المعبد

تضايق اليهود من عيسى عليه السلام ..
لأنه بدأ يبرز فيهم .. ويكثر أنصاره
هذا غير أنه كان يغير من دين اليهود ..
وهذا مايرفضه اليهود لعدم إيمانهم بنبوة عيسى عليه السلام
وهنا بدأوا يتآمرون على قتله ..

وفي عام 33 بعد ميلاد عيسى عليه السلام
أصدر قرار بجلب عيسى للمحاكمة .. لاصدار حكم بالإعدام عليه

وافقهم بطليموس على ذلك .. وبالسلطة التي في يده وجنود الرومان الذين يأتمرون بأمره
أرسل بطليموس جنوداً يبحثون عن عيسى عليه السلام ليقبضون عليه ..

يقول الدكتور طارق .. لذلك نجد في الصور التي يرسمونها عن تلك الفترة
جنود رومان ويهود .. يطاردون عيسى عليه السلام

هنا أحد حواريي عيسى عليه السلام قدم نفسه فداءاً لنبي الله
فجعله الله شبيهاً بعيسى عليه السلام ..
وهذا الحواري الشاب هو من قبض عليه القضاء اليهودي

وبدأوا محاكمته ولم يستطيعوا أن يقيموا عليه الحجة ..
لأنه كان عالماً حوارياً للنبي الكريم عيسى ومع هذا حكموا بصلبه
وبعضهم يقولون هذا ليس عيسى ..
ولكن المحكمة تؤكد أنه عيسى عليه السلام يروه رأي العين

وساروا به في مسيرة حافلة يسميها النصارى اليوم ( طريق الآلام )
ويسترجعونها فيما يسمى عندهم بعيد الفصح ..
وتجدهم يمثلون المشهد حيث يلبس بعضهم لبس الرومان وبعضهم لبس اليهود يطاردون عيسى

وماقتلوه وماصلبوه ولكن شبه لهم كما جاء في القرآن ..

بعد أن رفع الله تعالى عيسى إليه .. وصلب شبيهه في فلسطين
اضطهد اليهود أنصار عيسى عليه السلام اضطهاداً شديداً وضيقوا عليهم تضييقاً
تخفوا انصار عيسى وهرب بعضهم إلى الدول المجاورة ..
بل وصل بعضهم إلى أوروبا وتحديداً إلى روما

وبدأت الدعوة المسيحية هكذا .. دعوة سرية ..
واليهود إذا وجدوا أي مسيحي يقتلوه

لم يكن الإنجيل قد كتب في حينها .. يقول الدكتور طارق
في ظروف مثل هذه .. يختلط التفسير بالنص ..
ويسهل اختلاط الانحرافات في الدعوة
ولم تكن المسيحية حينها كياناً مستقلاً ..
والمسيحيون ليسوا تجمعاً في مكان واضح في الأرض
بل هي تيار ديني نشأ في فلسطين بوحي من الله لعيسى عليه السلام ..
وحمله أنصار عيسى عليه السلام في صدورهم إلى العالم

وفي عام 36 بعد ميلاد عيسى عليه السلام ..
وثلاث سنوات بعد رفعه إلى السماء ..
توفي بطليموس

وسمح الامبراطور الروماني لذرية هيرود القائد اليهودي
الموالي للرومان التي زارت كليو بترا القدس في عهده
وأجبروا اليهود على دفع الضرائب للامبراطورية الرومانية .. وأن يدينو بالولاء لروما

في تلك الفترة كان الحواريون ينشرون دينهم ويبشرون به في البلدان
ويظهر بعضهم في الهيكل ويخطب ثم يهرب ..
وهكذا صراع بين اليهود وحواريي عيسى عليه السلام

من المسيحيين الذين هربوا ووصلوا إلى روما اشتهر اثنان
( بطرس ) و ( بولس )

بطرس ركز في دعوته على اليهود ..
وبولس ركز على الوثنين الذين يعبدون الآلهة
بولس هذا أدخل الكثير من الفلسفة إلى الدين النصراني
لذا نجد أن بعض المصطلحات المسيحية هي مصطلحات فلسفية
وليست الفلسفة شراً على الإطلاق ..

مرت السنوات ..
ولم يكتب الإنجيل إلا بعد 200 سنة من زمن عيسى عليه السلام
لذلك نجد في الانجيل .. رواية صلب المسيح ..
وروايات حصلت بعده بزمن

فكيف يكون الإنجيل أنزل على عيسى وفيه رواية الصلب ؟؟
رواية وليس تنبؤاً .. هناك فرق

إذن التحريف واضح والإضافات واضحة ..

نيرون الحاكم الروماني .. وصلته أخبار بطرس وبولس
فأمر بالقبض عليهما فقتلا ..

أتباعهم استمروا بدعوتهم ..
وصنعوا تماثيل للمسيح ولمريم عليها السلام
وبدأت عبادة الأوثان تدخل في الدين المسيحي

وفي تلك الفترة ومابعدها ظهرت مقولة أن عيسى هو ابن الله
وماقالها عيسى أبداً حتى في كتبهم إلى اليوم ليس في كلام عيسى عليه السلام ( أنا ابن الله )
مصداقاً لقول الله تعالى في كتابه ..
راجع القرآن لتعرف ماذا ورد فيه عن عيسى عليه السلام

في فلسطين ظل اليهود هم المسؤولون عن الحكم الذاتي لبني اسرائيل
أما المسيحيون فليس لهم أثر واضح .. وليس لهم كيان .. هم فقط دعوة سرية
ليس لها قائد .. وليس لهم تجمع في أي مكان في الأرض ..
سيأتي أثرهم فيما بعد

عام 66 بعد ميلاد عيسى عليه السلام
ثار اليهود على الرومان في القدس ..
فأمر الامبراطور الروماني بحصار القدس
واستمر الحصار أربع سنوات متتالية ..
ما استطاع الرومان فتحها

وفي عام 70 ميلادية ..
دخل الرومان القدس بعد الحصار الذي هز سمعة روما
فدمر القدس تدميراً .. وعين حامية رومانية على القدس ..
وأخذ اليهود جماعات جماعات إلى روما
وبيعوا عبيداً هناك .. ومن هنا جاء الوجود اليهودي في أوروبا أيام هتلر مثلاً ..
ومن أوروبا إلى أمريكا فيما بعد ..

وفي عام 123 بعد الميلاد ..
تجمع اليهود بقيادة ( باركوخبا ) وهو اسم مشهور عندهم كما يقول الدكتور طارق

وسيطروا على أحد القلاع وتحصنوا فيها ..

فجاء قائد روماني اسمه ( آدريان ) وقمع الثورة ..
ودمر القدس وقلاعها وبنى مكانها مدينة جديدة اسمها ( إيلياء )

قيل أن إيلياء كان الاسم الأول لآدريان ..
وقيل أنه كان اسم العائلة

وبنى قلعة كبيرة يسميها العرب ( خـِـرْبـَـتْ يهود )
ويقصدون أنه هناك خـُـرّبتْ يهود

ومكان معابد اليهود بنى معابد رومانية ..
وبنى معبداً كبيراً لإله يسمى ( جوبيتور ) ولا إله إلا الله بكل تأكيد

واشتهرت القدس الآن بإسم جديد
فبعد أن كانت أورشليم .. ثم الأرض المقدسة .. أصبح اسمها ( إيلياء )

وظل هذا اسمها إلى زمن النبي والصحابة الكرام

أصدر آدريان صاحب إيلياء قراراً بمنع اليهود من دخول إيلياء أبداً
وظل المنع اليهودي 200 سنة

تقريباً من عام 135 إلى 324 للميلاد
ولعدم وجود اليهود في فلسطين صارت فلسطين هادئة كما يصف الدكتور طارق

لم يحدث في تلك الفترة سوى ماحدث من غزو الملكة زنوبيا ملكة ( تدمر ) لتلك المناطق
وكانت ملكة عظيمة .. ولكن لم يستمر حكمها هناك سوى 3 سنوات ..

في عام 324 ميلادية .. حدث حادث مهم
وهو أن ( قسطنطين ) امبراطور روما

درس المسيحية واقتنع بها واعتنقها

الآن امبراطور روما يعتنق المسيحية
ولكنه أدخل فيها ديانته السابقة .. وأدخل فيها الفلسفات
فيقال أن معظم التحريف الذي حصل للمسيحية .. حصل في زمن قسطنطين

وبدأ قسطنطين بالتوسع .. وسيطر على بيزنطة
وسمى العاصمة باسمه فأصبحت القسطنطينية


والدة قسطنطين .. أيضاً اعتنقت المسيحية
وبدأت تسأل عن المسيح .. وزارت فلسطين وسألت عن آثاره
وفي المكان الذي قيل لها أن المسيح صلب فيه ..
أمرت ببناء كنيسة القيامة

وجدد قسطنطين القرار بمنع اليهود من دخول القدس
فقد جاء الوقت الآن ليرد النصارى جزءاً
مما قام به اليهود ضدهم من اضطهاد وظلم

وظل الأمر على نفس السياسة والدين النصراني
هو الدين الرسمي للامبراطورية الرومانية

إلى أن جاء جوليان الذي ارتد عن النصرانية واعتنق اليهودية وأراد بناء الهيكل
ولكنه لكثرة النزاعات انشغل عن ذلك وانتهى عهده دون أن يحقق لليهود أي مكاسب

وعاد من بعده للنصرانية ..

واستمرت الأمور في فلسطين صراع بين الرومانية المسيحية المسيطرة
واليهود الثوار المشردين .. الذين يحاولون كسر قرار منع دخولهم ( إيلياء )

وفي عام 395 ميلادية .. حدث حادث عظيم
إذ انقسمت الامبراطورية الرومانية إلى قسمين
رومانية شرقية على بعض مايسمى الآن اوروبا الشرقية ..
وعلى مايسمى الآن تركيا وعلى بلاد الشام وفيها فلسطين
واسمها في كتب التاريخ وفي الخرائط القديمة ( بيزنطة ) وحاكمها يسمى ( هرقل )

ورومانية غربية على بقية أوروبا .. واسمها في كتب التاريخ الامبراطورية الرومانية
إذن انفصل غرب أوروبا الآن عن فلسطين .. وحكمها الرومان الشرقيون ( البيزنطيون )

وظلت الأمور على هذا الحال إلى عام 571 بعد ميلاد عيسى عليه السلام
حيث حدث انقلاب في التاريخ البشري كما يسميه الدكتور طارق
ففي ذلك العام ولد المصطفى طه ( محمد ) عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم


فلسطين في ذلك العام تحكمها الامبراطورية الرومانية الشرقية ( بيزنطة )
وظلت فلسطين في حكم الروم البيزنطيين ..
إلى أن بعث النبي محمد في مكة المكرمة عام 611 للميلاد

في عام 614 بعد الميلاد ..
أي بعد حوالي الثلاث سنوات من بعثة النبي الكريم

غزى الفرس فلسطين .. بقيادة ( خسرو الثاني ) كسرى فارس
وسيطروا على فلسطين ونهبوا كنوزها ..
وشارك اليهود إلى جانب الفرس وقدر قتلى النصارى بحوالي 60،000 قتيل

شارك اليهود في هذه المذبحة التي حصلت للنصارى ..
أملاً في الحصول على مكاسب سياسية لهم في الأرض المقدسة
فلم يصلوا إلى ماأرادوا .. بل أجبرهم الفرس على دفع الضرائب الثقيلة ..
وبالتأكيد .. كسر قرار المنع واستطاعوا دخول إيلياء من جديد

حوالي عام 617 ميلادية .. نزلت سورة الورم العظيمة تذكر هذا الحادث
وفي نبوءة اختص بها القرآن الكريم ذكرت الآيات ماسيحدث بعدها
(( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون .. في بضع سنين ))

هذه الآيات نزلت والروم منهزمين ..
ودولة الفرس دولة عظيمة ..
بل هي بهزيمتها للروم تعتبر أقوى دولة في العالم

فاستهزأ كفار قريش وقالوا : كيف ؟؟
يـُـهزم الفرس أمام الروم المنهزمين منذ ثلاث سنوات فقط ؟؟
وفي أقل من 9 سنوات ؟؟

استهزأ كفار قريش بالقرآن الكريم وقالوا : لا يمكن ..
فراهنهم أبا بكر الصديق رضي الله عنه
على 100 بعير قبل أن يحرم الرهان
على أن الروم سينتصرون في أقل من 9 سنين ..
فراهنوه .. وبدأوا ينتظرون .. فماذا حدث بعد ذلك

ونكمل هذه الحلقة مع رهان أبي بكر رضي الله عنه مع كفار قريش في عام617 بعد الميلاد .


في عام 620 ميلادية
مازالت فارس هي المسيطرة على الأمور في فلسطين سياسياً
وسكانها هم خليط من السكان الأصليين
( كنعانيين + يبوسيين + شعوب البحر المتوسط )
بالإضافة إلى النصارى الرومان
بالإضافة إلى أقلية يهودية زاد عددها
بعد مشاركتهم للفرس في حربهم ضد الروم

في ذلك العام .. حدثت حادثة الاسراء والمعراج ..
حيث أسري بالنبي محمد من المسجد الحرام بمكة
إلى المسجد الأقصى في فلسطين
ليريه الرب من آياته
ويخفف من آلامه
في ذلك العام الذي سمي بعام الحزن
حيث فقد فيه النبي زوجته أول الداعمين له
وعمه أبو طالب الذي كان يحميه

فاجتمع في المسجد الأقصى
كل الأنبياء والمرسلين الذين ظهروا على مر التاريخ
وصلوا صلاة المسلمين خلف إمامهم
محمد عليه الصلاة وأزكى التسليم ..

فكانت أعظم صلاة بأعظم إمام وأعظم مأمومين ..
كل الصحابة على فضلهم هم أقل منزلة من الأنبياء والمرسلين
سإل الصحابة رسول الله .. كم كان عدد الرسل ..
فقال النبي 300 رسول .. وسئل عن عدد الأنبياء فقال 124،000
فقال أبو ذر : جم غفير .. فقال النبي : جم غفير

جمع الرب تعالى كل الأنبياء في ذلك المكان
ليعرف الناس قدسية هذا المكان وأهميته
أراد أن يثـَـبـِّــت الرب مكانة القدس عند المسلمين بهذا الحادث ..
وستجد أن المسلمين عظموها لأنها مسرى نبيهم

ومن يستصعب تصديق حادثة الإسراء ..
فعليه ألا يصدق أن البحر انشق لموسى عليه السلام في زمن مضى


في عام 622 بعد الميلاد
كانت هجرة النبي المصطفى ..
وبدأت دولة المسلمين الأولى في المدينة

وفي عام 625 قام هرقل عظيم الروم
بالهجوم على القدس في الشام ..

وهزم الفرس بعد 7 سنوات فقط من انتصار الفرس على الروم

وكسب آبو بكر الرهان ..

وهذه المرة لأن الفرس لم يعطوا لليهود ماتمنوا
شاركوا مع الروم ضد الفرس ..

وقد وعدهم هرقل بالعفو إذا شاركوا معه ضد الفرس

ولكن بعد أن انتصر الروم النصارى ..
رفض رجال الدين الفلسطينيين النصارى مسامحة اليهود
لأنهم رأوا كيف شارك اليهود في المجزرة التي
حصلت قبل سبع سنوات فقط ..
ورأوا كيف شاركوا في هدم الكنائس وقتل الناس
60،000 كانوا قتلى النصارى

فتخلى هرقل تحت ضغط رجال الدين عن وعده لليهود ..
فحصلت مجزرة عظيمة لليهود ..
لم تبق أحداً منهم في فلسطين إلا من تخفى وأخفى دينه

يقول الدكتور طارق ..
إن مثل هذه المجازر لاتحصل إلا لشعب
هم في الأساس تاريخهم أسود ..
فالناس لا تسكت لهم لذلك .

فنجد أن المجازر تكررت في تاريخ اليهود ..
من مجزرة نبوخذ نصر إلى مجزرة الفرس
مروراً بمجزرة الروم
وفي التاريخ الحديث اضطهدوا
في ألمانيا وروسيا بل في أوروبا كلها ..

في عام 628 للميلاد
هرقل بنفسه يدخل إيلياء ( القدس ) احتفالاً بالانتصار العظيم
وهناك وهو في إيلياء ..
جاءه خطاب النبي صلى الله عليه وسلم .. يدعوه للإسلام

"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسول إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام،
أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليتَ
فإن عليك إثم الأريسيين و (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم
أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً
ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، فإن تولوا
فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).

انظروا كيف تتضح لنا الصورة حين نستطلع التاريخ ..
فمن منا كان يعرف ماهي الحالة التي وصل فيها كتاب النبي لعظيم الروم

فاهتز هرقل .. الذي كان من القسسة ويعرف النبوءات ..
التي تؤكد ظهور نبي في تلك الفترة وفي تلك الأماكن ( الشرق الأوسط )
ولكن لم يكن متوقعاً أن يكون من العرب .. فكاد أن يسلم !!

وبدأ يدعو القساوسة للإسلام ..
ولكنهم رفضوا تغيير دينهم .. وأصروا على قتال النبي

هنا بدأ هرقل يحتار ..
هل يؤمن بالنبي الذي اقتنع أنه نبي ..
أو يساير قساوسته النصارى ويتمسك بالملك

فاتخذ هرقل قراره وأرسل للنبي كتابا أقر فيه بنبوته

فرغم أنه اقر في الخطاب أنه مؤمن بالنبي
وأنه رسول الله إلا أن النبي
قال : كذب عدو الله وإنما غره الملك

من أراد تفاصيل القصة فعليه بهذا الرابط المثير
http://www.fustat.com/I_hist/honorius.shtml

تخيلوا إلى أي درجة
كان سيحقق الإسلام مكاسب إذا أسلم هرقل ..
ولكنه لم يسلم .. وخسر كل شيء

إذن لم يسلم هرقل ..
وبدأ الصراع ينشأ بين المسلمين والروم

المسلمون يريدون نشر كلمة الرب .. وإعلاء راية الدين ..
وتطبيق حكم الله في البلاد والعباد

والنصارى الروم ..
يتمسكون بالأراضي ويرفضون دعوى المسلمين
ولا يريدون أن يحكموا بما أنزل الرب
على النبي العربي محمد عليه السلام

في عام 629 للميلاد
حدثت غزوة خيبر وانتصر المسلمون
فطلب اليهود منهم البقاء أجراء يعملون في مزارعهم ويعطون الغلات للمسلمين
فوافق النبي .. ثم خان اليهود بقتلهم أحد المسلمين
فطردهم عمر إلى تيماء ثم من تيماء ..
طردهم خارج الجزيرة العربية ولم يسكنوها إلى اليوم

فتجمعوا مرة أخرى في فلسطين وماحولها ..
ولم يدخل إيلياء منهم إلا أقليات وأفراد لاتأثير لهم

بدأ النبي عليه السلام بعد أن استقر له الأمر في الجزيرة ..
يرسل الجيوش لإدخال الشام في الحكم الذي أنزله الله
ولإخراج أهلها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ..
فكانت معركة مؤتة

التي واجه المسلمون فيها جيشاً رومانياًِ بيزنطياً عظيماً ..
وبعد معركة استمرت ثلاثة أيام
استشهد فيها ثلاثة من قادة المسلمين الكبار ..
وفي اليوم الرابع تسلم القيادة خالد بن الوليد وبدأ بتطبيق خطة انسحاب
جرى على أساسها أعظم انسحاب عسكري في التاريخ ..
لم يفقد فيه الجيش أي عضو من أعضاءه

عام 633 بعد ميلاد عيسى عليه السلام ..
و600 سنة بعد رفعه للسماء ..
توفي النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
وخلفه أبو بكر رضي الله عنه ..
وبعد أن انتهى من حروب الردة ..
وجه أربعة جيوش للشام ..
ليحكم بما أنزل الله فيها

فحققت هذه الجيوش مكاسب بسيطة
إلى أن تجمعت أمامهم قوة في أجنادين جنوب القدس

في عام 634 انتصر المسلمون في أجنادين
بعد أن خطب فيهم معاذ بن جبل خطبة ألهبت حماس المجاهدين
وأكد لهم أن الله سيفتح لهم بانتصارهم هذه البلاد
لتبقى دار إسلام إلى الأبد .. وقد صدق

استمر توسع المسلمين وانتصاراتهم
وتوالت انكسارات الروم وانسحابهم
وفي نفس العام توفي أبو بكر الصديق
الذي لم يحكم سوى سنتين فقط
وأصبح عمر أميراً للمؤمنين ..

عام 635 للميلاد فتحت دمشق بعد حصار دام 4 شهور
ثم بعلبك في لبنان ثم حمص وبدأت الفتوحات تتوالى

عام 636 الموافق 5 رجب 15 هجرية
كانت معركة اليرموك
200 ألف جندي روماني بيزنطي
يجتمعون لانهاء التوسع الإسلامي
وإجلاء العرب من الشام

فأمر القائد الأعلى لجيوش الشام ( أبو عبيدة عامر بن الجراح )
جميع الجيوش بالتجمع وأرسل يطلب مدد من المدينة
فأمر عمر أحد جيوش العراق باللحاق بجيوش الشام
وكان بقيادة خالد بن الوليد الذي
قطع الصحراء بين العراق والشام في 5 أيام في اعجاز عسكري عجيب
خاصة أن تلك الصحراء لايوجد فيها موارد مائية أبداً ..

حين اضطر أبو عبيدة لتجميع الجيوش
لم يستطع توفير حامية لمدينة ( حمص ) التي فتحها المسلمون
فسحب القوة التي كانت فيها وأعاد الجزية لأهل حمص .. فتعجبوا !!

فاتح منتصر يعيد إليهم أموالهم ؟؟
أين حصل هذا في التاريخ

ولكنه أمين هذه الأمة .. ابن الجراح
الذي حين فرض الجزية كانت مقابل الحماية
فحين لم يستطع توفير قوة تحمي حمص لاحتياجه لكل قواته
أعاد الجزية لأهل حمص ..

يقول الدكتور طارق .. بهذه الأخلاق انتصر المسلمون
وفتحت لهم البلاد أبوابها وحين تركنا هذه الأخلاق
واعتمدنا على غير المسلمين أذلنا الله ..

جاء خالد بن الوليد وانضم لجيوش الشام الأربعة ..
فأصبحت قوات المسلمين 36،000 مجاهد ..
مقابل 200،000 مقاتل روماني بيزنطي
خطب خالد ابن الوليد في الجيوش
وقال إن هذا اليوم هو يوم من أيام الله
لاينبغي فيه الفخر ولا البغي ..
أخلصوا جهادكم لله وأريدوا الله بعملكم .
واقترح خالد بن الوليد أن يقود المعركة واحد من القادة الأربعة
ثم يقود في اليوم التالي قائد آخر
فوافق القائد الأعلى وتوحدت جميع الجيوش

وبدأت معركة اليرموك العظيمة ..
وكانت من عجائب المعركة أن الروم كانوا يربطون كل عشرة بسلسلة
ليس كل الجيش وإنما فقط الذين يخشى أن يهربوا

أما الفرسان فكانوا يتحركون بحرية ..
استغل المسلمون ذلك وكانت منطقة اليرموك على هاوية ..
فضغط المسلمون عليهم باتجاه الهاوية واشتد القتال

فبدأت الصفوف الخلفية للجنود الرومان تسقط في الهاوية ..
وكانوا إذا سقط منهم واحد يجر معه 9 آخرين فيسقط العشرة في الهاوية ..
فسقط منهم في الهاوية 80 ألف .. و50 ألف قتلوا قتلاً
وبقي 70 ألف بعضهم أسره المسلمون وبعضهم هرب من ساحة القتال ..

أما جيش المسلمين فاستشهد منهم 3000 مجاهد ..
حين وصلت أخبار اليرموك إلى هرقل خاف على مملكته الكبيرة ( بيزنطة )
فانسحب من الشام .. مودعاً لها ..
بعد ما رآه في اليرموك اقتنع أن عودته مستحيلة
ولكن بقيت جيوش بيزنطة تقاوم في الشام ..

عمرو بن العاص تحرك في فلسطين فسيطر على مدنها
غزة ونابلس واللد ويافا و رفح وغيرها ..
ووصل إلى القدس .. فتحصن النصارى فيها

في تلك الفترة جمع أبو عبيدة رضي الله عنه كبار قادة الجيش
واستشارهم بعد فراغهم من فتح دمشق ومعركة اليرموك
فأشاروا عليه باستشارة أمير المؤمنين ..
فأرسلوا لعمر فأشار عليهم عمر بالقدس .. ففرح المسلمون

كانوا ينتظرون الصلاة في المسجد الأقصى ..
خاصة وأن الآيات نزلت عليهم قبل هذا الحادث
يعرفون الآيات ويعرفون فضل المسجد الأقصى والأرض المباركة

فتحركت سبعة جيوش تسبق جيش القائد أبو عبيدة عامر بن الجراح
وشاركت جيش عمرو بن العاص في حصار القدس
وتضم الجيوش خالد بن الوليد .. ويزيد بن أبي سفيان ..
وشرحبيل بن حسنة .. وجمع من كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين

وبدأ الحصار يشتد على النصارى .. وبدأ القتال
واستمرت المعركة 10 أيام ..

والروم على صبرهم وقتالهم .. يقاومون

كل المؤرخين يذكرون عن الروم رغم المفاسد والإنحرافات التي عندهم
إلا أنهم حين تأتي قضية الشجاعة فهم شجعان
ليسوا مثل اليهود .. الذين لايقاتلون إلا من وراء الحصون

الروم فيهم شجاعة عجيبة فالمسلمون لم يكونوا يقاتلوا أناس جبناء
إنما يقاتلون أناس شجعان مستعدون للتضحية

كل المؤرخين يجمعون على أن الشجاعة من إخلاقهم

استمر الحصار .. والنصارى يقاومون
إلى أن وصل جيش القائد فكبر المسلمون تكبيراً عظيماً
فنظر النصارى من فوق الأسوار .. يستطلعون الخبر
والمسلمون يكبرون ويستقبلون قائد الجيوش
فظن النصارى أنه أمير المؤمنين فقال أحدهم
والله إن كان أميرهم جاء فقد دنا هلاككم
فإني أرى في النبوءات التي عندنا
أن الذي يفتحها هو القائد الطويل الأسمر المسمى بعمر
ولا بد لي أن أشرف بنفسي

وطلب ذلك البطريرك مقابلة قائد المسلمين
وحين رآه عرف أنه ليس عمر .. فأشار على قومه بالقتال

فاستمر القتال .. وبدأ البطريرك يسأل عن أمير المؤمنين عمر
فوصفوه له فعرف أنه هو المكتوب في النبوءات عندهم

وحين لم يستطيعوا المقاومة أرسلوا لقائد المسلمين يستفسر منه ويسأله :

ماذا تريدون منا في هذه البلدة المقدسة من قصدها يوشك الله أن يهلكه ؟؟

فأجابه قائد المسلمين : إننا نعلم أنها شريفة ..
فهي أرض الأنبياء وإليها أسري بنبينا ونحن أحق منكم بها

فأجابه البطريرك : وماذا تريدون منا الآن ؟؟

فأجابه آبو عبيدة : إما الإسلام وإما الصلح والجزية وإما القتال

فالبطريرك فكر .. إلى متى المقاومة
وسيأتي أميرهم أخيراً ليفتحها كما هو في النبوءات
فقرر الصلح .. ولكنهم اشترطوا ألا يدخلها أحد من المسلمين قبل عمر

فأرسل أبو عبيدة إلى عمر ..
بالشرط الذي اشترطه النصارى
فأجاب عمر : آتي ..

وسار في رحلة من أعجب الرحلات
من المدينة المنورة إلى المدينة المقدسة
مع غلامه فقط على دابة واحدة ..
يركبها تارة ثم ينزل ويركب الغلام تارة أخرى

إلى أن وصلوا إلى أحد الجبال القريبة .. من إيلياء ( القدس )
فصعده عمر وكبر ..

هنا سمعه المسلمون فعرفوا صوته فكبروا
فارتجت الأجواء بتكبيرهم

وأكمل عمر المسيرة
فكان في الطريق مخاضة .. مثل أرض طينية موحلة
وكانت الفترة التي يركب فيها الغلام
فنزل وقال : يا أمير المؤمنين اركب ..
ليس من المعقول أن تدخل عليهم وثيابك ملطخة بالطين
فقال له عمر : اركب . فركب الغلام
وحمل عمر نعليه في يد ..
ولجام الدابة في اليد الأخرى ..
وخاض المخاضة برجليه رضي الله عنه يجتازها

والناس متعجبين من هذا المنظر ..
النصارى يتسائلون : هذا أميرهم ؟؟
أين المواكب ؟؟ وأين الحرس ؟؟

حتى المسلمون متعجبون ..
لدرجة أن قائد الجيوش أبو عبيدة استعجل واقترب من عمر وقال له :
يا أمير المؤمنين والله لقد فعلت اليوم فعلاً عظيماً عند أهل الأرض ..
ليس من المعقول أن تفتح بلد وأنت بهذا المنظر ؟؟

فماذا أجابه عمر ؟؟ وكيف ؟؟

في هذا الرابط من منتدى قصة الإسلام
تجد خريطة متحركة تبين تحركات جيوش المسلمين
حيث يظهر بوضوح تحرك لواء عمرو بن العاص بعد انتهاءه من السيطرة على رفح كما جاء في القصة
وتحرك لواء خالد بن الوليد من الجولان ولواء شرحبيل بن حسنة من الكرك
ثم لحاق القائد الأعلى أبو عبيدة من قرب منطقة اليرموك*بهم حول القدس حيث حاصروها
http://www.islamstory.com/flash.php?id=5852

لا تفوت الرابط .. فهو أجمل مما قد تتوقع

قبل أن ندخل في المرحلة التي دخل فيها المسلمون أبواب القدس
نريد أن نلخص في سطور .. مامضى من تاريخ فلسطين

فقد رأينا كيف أنه في عام 14،000 قبل الميلاد وجدت أقدم آثار لإنسان عاش في فلسطين
سموهم ( النطوفيين ) ولايعلم أحد كيف وصلوا إلي فلسطين ..

وأنه في الفترة بين عامي 8000 قبل الميلاد و4500 قبل الميلاد
وجدت آثار لمدينة بدائية قديمة قامت في إريحا .. ولا يعرف أيضاً من هم أصحابها

وفي الفترة مابين 4500 إلى 1300 قبل الميلاد
أكدت الآثار على أن أناساً عرباً نزحوا من شمال مايسمى في الخرائط ( جزيرة العرب )
وهي في الحقيقة شبه جزيرة .. يتصل شمالها براً بجنوب العراق والشام ..
هؤلاء العرب هم أهل كنعان واشتهر اسم فلسطين وماحولها في العالم تلك الأيام باسم ( أرض كنعان )
وهذا هو اسمها في كل كتب التاريخ القديمة .. حتى في الكتب التي يقدسها اليهود

وفي تلك الفترة سنوات بنيت فيها المدن واستقرت الأمور في فترات منها
وفي تلك الفترة نجى الله نبيه إبراهيم عليه السلام من نظام الحكم ومن مجتمع في بابل إلى الأرض المباركة
ونبيه لوط عليه السلام أيضاً وعاش ابراهيم فترة من حياته ومات في فلسطين
و ولد له اسماعيل هناك ثم ذهب به بأمر من الله ليعيش اسماعيل ويموت في مكة
وعاش اسحاق ومات في فلسطين و ولد لإسحاق يعقوب
وعاش يعقوب في حياته في فلسطين
ثم انتقل بكل أهله إلى مصر حيث مكن الله لإبنه يوسف فيها
هذا ماجاء من خبر الأنبياء .. أما صراع الحكم والملك على المنطقة
فكان بين الهكسوس المتفرعين من أهل كنعان ( العماليق ) والمصريين الفراعنة تارة سيطر هؤلاء وتارة سيطر هؤلاء
ويقال أن زمان سيدنا يوسف كان في حكم الهكسوس لأن كبير مصر اسمه في القرآن ( ملك )
قبل أن يستعيد الفراعنة ملكهم .. فنجد في زمان موسى أن كبير مصر اسمه في القرآن ( فرعون )

وفي 1300 اختلطت بعض شعوب البحر الأبيض المتوسط القادمين بالكنعانيين وذابوا فيهم

وفي 1250 - 1200 قبل الميلاد
كانت فترة سيدنا موسى التي كتب فيها الله تعالى الأرض المقدسة في فلسطين
لسيدنا موسى ومن معه من بني اسرائيل
بعد أن نجاهم الله من القوم الظالمين و من فرعون ذلك الزمان الذي استعبد رجالهم وقتل اطفالهم واستحيا نساءهم
ويقال أن بني اسرائيل دخلوا القدس ويقال دخلوا أريحا
مع خليفة موسى النبي الكريم يوشع بن نون .. وأقاموا فيها حكماً ذاتياً تحت قيادته

وبعد يوشع وفي الفترة مابين 1100 و1010 قبل الميلاد تمزق بنوا اسرائيل >> 90 سنة

ثم من عام 1010 - 905 قبل الميلاد كان طالوت وفترة سيدنا النبي داوود وابنه النبي سليمان
التي تعتبر أول ملك مستقل ومثبت وله سيادة وفتوحات
ولم يكن على كل الأراضي الفلسطينية وإن كان وصل إلى دمشق شمالاً >> 90 سنة

من عام 905 - 740 قبل الميلاد تمزقت مملكة بني اسرائيل وحكمهم الفراعنة واخذوا منهم الضرائب >> 165 سنة

ثم ثمان سنوات حكمها الأشوريون العراقيون .. من 740 إلى 732 قبل الميلاد >> 8 سنوات

ومن عام 732 - 539 قبل الميلاد حكمها البابليون >> 193 سنة
وسمح البابليون لبني إسرائيل فترة ثم منعوهم ودمروهم بقيادة بختنصر ونهبوا كنوزهم واستعبدوهم
وأخذوا منهم 40،000 إلى بابل واستعملوهم هناك

ثم من عام 539 - 335 قبل الميلاد حكمها الفرس وسمحوا لليهود بالعودة وبحكم ذاتي على جزء من فلسطين >> 204 سنوات

ثم من عام 332 - 323 قبل الميلاد حكمها الاسكندر المقدوني >> 9 سنوات

ومن عام 323 - 167 قبل الميلاد تمزقت الدولة بين الإغريقيين بعد وفاة الاسكندر >> 156 سنة
واقتسم الانباط العرب وعاصمتهم البتراء الجزء الجنوبي من فلسطين مايقارب المائة عام

من عام 167 - 76 قبل الميلاد حكم السلوقيين الإغريقيين تلك المناطق وقهروا اليهود واضطهدوهم
ثم أوقفوا اضطهادهم وسمحوا لهم بحكم ذاتي >> 91 سنة

ومن عام 76 قبل الميلاد - 395 بعد الميلاد حكم الرومان تلك المناطق والصراع كان مع الفرس
وكان لليهود عقوداً سمح لهم الرومان فيها بحكم ذاتي
ظلموا فيه وقتلوا الأنبياء زكريا ويحي وغيرهم من الأنبياء الذين هم أشرف الخلق أجمعين
وصلبوا شبيه عيسى وهم يعتقدون أنه عيسى النبي ..
ثم أن الرومان انقلبوا على بني اسرائيل ومنعوهم ودمروهم وطردوهم من فلسطين
وفي هذه الفترة تنصر قسطنطين وجدد قرارات منع اليهود من دخول فلسطين
وأصبحت النصرانية ديناً تدين به كبزى الدول في العالم القديم >> 471 سنة

ومن 395 - 614 بعد الميلاد حكمت ( بيزنطة الرومانية النصرانية ) >> 219 سنة
التي انقسمت عن الامبراطورية الرورمانية الكبرى وكان الصراع في هذه الفترة بين الفرس المجوس والروم النصرانيين
وفي هذه الفترة ولد أبو القاسم محمد بن عبدالله الهاشمي من ذرية اسماعيل عليه السلام في مكة
وفي هذه الفترة بعث نبياً في مكة وبدأ الدين الجديد بوحي من الله عليه
بعد أن عاش 40 سنة من عمره لايعلم أنه نبي
ولا يعلم عن خبر فلسطين شيئاً أكثر مما يعلمه الناس
ولا يعلم عن خبر الأنبياء شيئاً ..
ولم يزر الشام إلا مرة واحدة في رحلة تجارية ناجحة

ثم من 614 - 625 بعد الميلاد حكمت فارس تلك المناطق .. >> 9 سنوات
وفي تلك الفترة حصلت حادثة الإسراء والمعراج
وفي تلك الفترة هاجر النبي محمد عليه السلام إلى المدينة المنورة وبدأت دولة الإسلام الأولى في المدينة

ثم من 625 - 636 بعد الميلاد حكمت ( بيزنطة الرومانية ) تلك المناطق من جديد>> 11 سنة
وفي تلك الفترة توسعت دولة الإسلام فعمت الدعوة جزيرة العرب بكاملها وأسلمت كل القبائل العربية في فترة لا تتجاوز 23 سنة
وفي المدينة مات رسول الله وهو سيد الأولين والآخرين ودنيوياً مات وقد دانت له كل الجزيرة في زمانه
ثم ارتدت كلها إلا قبائل مكة والمدينة والطائف ثم أسلمت بعد أن تخلص خليفة رسول الله أبو بكر من رؤوس الفتنة
وبدأ بإرسال الجيوش في الأرض عبر المنفذ البري الوحيد .. باتجاه العراق والشام لأنه من المفترض
أن يشمل الحكم الذي جاء به محمد من عند الله كل اليابسة والبحار .. وكل حاكم يجب أن يتبع الهدي الذي جاء به
لأنه هو هدي الله وهو الصراط المستقيم الذي يوصل إلى النجاة من كل شر سياسياً كان أو إجتماعياً أوفنياً أوعلميا
كل ماتتخيله ومالا تتخيله وهذه هي الحقيقة التي يؤمن بها كل المسلمين

ووصلنا الآن إلى ذلك العام ( 636 بعد الميلاد ) ..
الذي وقف فيه أمير المؤمنين حاكم جزيرة العرب وبعض مناطق الشام والعراق على جبل
كبر فيه وكبر المسلمون بعده وسمي بعده جبل المكبر
على مشارف القدس .. والناس ينظرون إلى ذلك الأمير الذي فتح جيشه البلدان قادماً
ليس معه سوى غلامه ودابته ونعليه في يده يمشي على الأرض وغلامه يركب
حتى ظن من لا يعرفه أنه الغلام والغلام أمير المؤمنين
وأقدامه ملطخة بالطين وثيابه مشقوقة الجنب

هذا وهو ابن الخطاب الذي كان من أشهر شباب مكة وأهمهم قبل إسلامه
وهو مساعد مخلص ومقرب لرسول الله محمد ثم لخليفته أبو بكر ( عبد الله بن قحافة )
وهو مؤسس حقيقي بعد رسول الله لدولة الإسلام الأولى التي تجاوزت حدود الجزيرة
وهو واضع التاريخ الهجري وهو أول من نظم حكم العرب تنظيماً دنيوياً
يتماشى مع ما جاء من عند الله كما يحب الله ورسوله
وهو أول من ولى الولاة المسلمين على الشام ومصر والعراق

وسنرى في الحلقات القادمة كم كان وكيف كانت نتائج حكم المسلمين لتلك المناطق من العالم
بعد أن رأينا في مامضى كيف كان حكم اليهود فيها وكم كان وماهي نتائج تصرفاتهم
وقد انتهت سيادتهم في فلسطين بعد أن دمر آدريان كل قوتهم ودمر كل مبانيهم
تقريباً منذ عام 123 للميلاد ..

وسأترك لكم تاريخ عودة كيان يهودي إلى فلسطين مفاجأة .. تشبه الطعنة

عند وصول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لإيليا(فلسطين) واليوم نستكمل معكم التاريخ الكامل للقدس إلى قبل بداية الحروب الصليبية .

وصل عمر والناس تنظر وحتى المسلمين متعجبين مما يحدث أمامهم
استعجل أبو عبيدة إلى عمر وقال ماقاله ..
فضربه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صدره، وقال :

لو غيرك قالها يا أبا عبيدة !!
إنكم كنتم أذل الناس، وأحقرالناس، وأقل الناس ..
فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تبتغون العزة في غيره، أذلكم الله!!.

إذ لا يؤمن عمر بهذه المظاهر ..
والوجاهة الفارغة التي يهتم بها الروم .. والملوك في الأرض
وإنما العزة لله و للمسلمين ..

يقول الدكتور طارق ..
اليوم الذين يفاوضون على القدس يفاوضون بالبدلات وفي الفنادق
ويستحي الواحد منهم أن يصلي أمام اليهود ..
اليهود يرفضون المفاوضات يوم السبت ..
وجماعتنا وقت صلاة الجمعة .. تستمر المفاوضات

ويتساءل .. عرفتم لم أذلنا الله ؟؟
ويجيب .. لأننا طلبنا العزة بغير الله .

حين رأى النصارى أمير المؤمنين على حالته تلك
قال البطريرك هذا الذي في الوصف عندنا في الكتب
هذا لايريد دنيا ولا طاقة لنا به ولو كان من أهل الدنيا لقاتلناه ..

فقبلوا بالصلح وكتبوا المواثيق بذلك ..
واشتهر ميثاق صلح القدس بإسم (( العهدة العمرية ))
وهي محفوظة إلى اليوم وموجودة
تلك التي كتبها الصحابة بأيديهم رضوان الله عليهم وشهدوا عليها

ونصها بين يديكم وأظنه كاملاً ولكن لم أجد صورة حقيقية لها

"بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أعطى عبد الله .. عمر .. أمير المؤمنين .. أهل إيلياء من الأمان ..

أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم
ولكنائسهم وصلبانهم ..
سقيمها وبريئها وسائر ملتها ..

أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم .. ولا ينقص منها ولا من حيِّزها
ولا من صلبهم ولا من شيء من أموالهم .. ولا يُكرهون على دينهم ..
ولا يضارّ أحد منهم .. ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود .

وعلى أهل إيلياء أن يُعطوا الجزية كما يُعطي أهل المدائن ..
وعليهم أن يُخرِجوا منها الروم واللصوص ..

فمن خرج منهم ( أي من الروم واللصوص ) فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم ..
ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ..

ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بِيَعهم وصلبهم،
فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم ..

ومن كان فيها من أهل الأرض ..
فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ..
ومن شاء سار مع الروم .. ومن شاء رجع إلى أهله ..
فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم.

وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله
وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين، إذا أعطوا ( أي أهل إيلياء ) الذي عليهم من الجزية.

كتب وحضر سنة خمس عشرة هجرية.

شهد على ذلك:

خالد بن الوليد
وعبد الرحمن بن عوف
وعمرو بن العاص
ومعاوية بن أبي سفيان."

إذن معاهدة عمر كانت أماناً كاملاً

ونتعجب حين نعلم أن شرط عدم دخول اليهود .. كان بطلب من النصارى
يقول الدكتور طارق : من شدة مارأوا من اليهود .

فعلاً الروم استمروا قروناً على نهج طرد اليهود من القدس فهي بالنسبة لهم قناعة شعبية
لذلك الشرط الذي وضع بخصوص اليهود كان بطلب الشعب أهل ايلياء وعلماؤهم فوافقهم عليه المسلمون

ويدخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إيلياء
بعد أن كتبت المعاهدة وبدأ العمل بها وفتحت له أبواب القدس

وبدأ يتجول فيها .. ووصل إلى كنيسة القيامة ودخل ينظر فيها .. فأذن المؤذن وعمر في كنيسة القيامة
فقال له البطريرك صلي .. قال لا .. لا أصلي .. لو صليت هنا لقال المسلمون صلى عمر هنا .. فيأخذوها منكم

ويربط الدكتور طارق تصرف عمر رضي الله عنه بالسماحة
استناداً بما كان يردده الصحابة في ذلك الوقت أمام حكام العالم
فيقول :

انظروا السماحة .. لا إكراه في الدين

نحن جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد

ويعقب :

الحكم الظالم الذي يجبر الناس على الفساد وعلى عبادة غير الله نزيله ..
أما بعد ذلك فكل واحد يختار دينه

إذن رفض أن يصلي في كنيسة القيامة وصلى خارجها ..
واستمر بعد صلاته يتجول .. يبحث عن المسجد الأقصى هنا وهناك !!

وإذ لاشيء .. لا شيء يدل أبداً على مكان المسجد الأقصى .. فسأل البطريرك

فأجاب البطريرك : إيه ، الذي كان يعظمه اليهود ؟؟ فقال له نعم فدلهم ..
وإذ بالنصارى قد جعلوا منه مثل مرمى للنفايات إهانة لليهود

وإذ بعمر بدأ بنفسه يكنس مكان الأقصى فبدأ الصحابة يكنسون ..
أمير المؤمنين وكبار القادة العسكريين والأفراد كلهم يكنسون مكان المسجد الأقصى

ثم بعد أن انتهوا فرش عمر عباءته وصلى ..
فكان أول من صلى في المسجد الأقصى من المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. عمر

صلى ركعتين في الركعة الأولى سورة ( ص ) التي فيها ذكر داوود عليه السلام
وفي الثانية قرأ سورة ( الإسراء ) وفيها ذكر ذلك المكان الطاهر

وحضرت الصلاة فأذن بهم بلال مؤذن الرسول
ولم يكن أذن بعد وفاة رسول الله سوى حين اجتمعت جيوش اليرموك
وفي هذا الموقف في أول فرض يصلى في المسجد الأقصى

فتذكر الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أذن بلال فذكرهم
بالمدينة المنورة وصلاتهم خلف رسول الله فيها

وفوراً أمر ببناء المسجد الأقصى فبني ببناء من خشب يتسع لثلاثة آلاف مصلي
وأخذ المسلمون يتوافدون للصلاة في هذا المكان المبارك

ولم يرجع عمر رضي الله عنه إلى المدينة فوراً ..
بل بقي في القدس يثبت الأمر في الشام بإرسال الأوامر من مقر إقامته في القدس ومر عام

وفي عام 639 ميلادية انتشر طاعون عمواس ..
فقتل من الناس 18،000 منهم عدد كبير من المسلمين
من بين الذين ماتوا في طاعون عمواس قائد الجيوش الإسلامية في الشام
( أبو عبيدة ) عامر ابن الجراح

فعين عمر رضي الله عنه على كل بلاد الشام ..
شاباً صغيراً ولكنه داهية من دهاة العرب هو معاوية ابن أبي سفيان
وظل يحكمها 20 سنة إلى أن أصبح خليفة و20 سنة بعد خلافته

يقول الدكتور طارق .. من حنكة معاوية وحسن سياسته ..
لم تحدث في الأربعين فتنة واحدة .. في أراضي الشام

وقبل أن يغادر عمر القدس خطب في المسلمين :

يا أهل الإسلام إن الله تعالى .. قد صدقكم الوعد ..
ونصركم على الأعداء وأورثكم البلاد ومكن لكم في الأرض

فلا يكون جزاؤه منكم إلا الشكر

وإياكم والعمل بالمعاصي فإن العمل بالمعاصي كفر بالنعم
وقلما كفر أناس بما أنعم الله عليهم ثم لم يتوبوا ..
إلا سلبوا عزهم .. وسلط الله عليهم عدوهم

ويستفسر الدكتور طارق .. أعرفتم لم ضاعت بلاد المسلمين ؟؟ ..
ويجيب .. ضاعت لما انحرفنا عن منهج الإسلام .. ولما عصينا الله عز وجل

غادر عمر عائداً إلى المدينة .. وثبت المسلمون حكمهم في الشام
وبدأ الإسلام ينتشر حتى أسلمت شعوب الشام
ولم يبق منهم إلا أقليات بقوا على نصرانيتهم أو غيرها من الأديان ولا يشكلون نسبة كبيرة من الشعب

إذن أسلم سكان فلسطين فأين من يطالب بحق فيها ؟؟
أهل البلاد الأصليين كلهم إلا قليل أسلموا !!
فماذا بقي ليقتنع العالم أن هذه الأرض للمسلمين ؟؟

فإذا كانت البلاد لأهل البلاد الأصليين فهي للفلسطينيين الذين صاروا مسلمين

في عام 641 للميلاد ترك عمرو بن العاص فلسطين وانتقل إلى مصر ففتح مصر وهكذا بدأ الإسلام ينتشر

واستقرت الأمور في الشام و بلاد الشام في ازدهار وعلم وثقافة وبناء للحضارة ..

661 للميلاد كانت بداية الأمويين وحكم معاوية بلاد المسلمين .. واستمرت بلاد الشام في ازدهار
وبناء للمباني والفنون والأدب والعلم والترجمات شيء يصعب وصفه ..
وصارت الشام مركزاً من مراكز العلم في العالم

685 بدأ عبد الملك بن مروان بناء المسجد الأقصى وقبة الصخرة الباقية إلى اليوم
وخصص للبناء خراج مصر .. سبع سنوات .. كل مايأتي للشام من خراج مصر ..
يذهب لتكاليف بناء المسجد الأقصى وقبة الصخرة

وتوفي عبد الملك أثناء البناء .. وأكمل البناء ابنه الوليد ابن عبد الملك


وفي عام 716 للميلاد بنى سليمان بن عبد الملك مدينة الرملة
هاتو بناء واحد بناه اليهود طوال الفترة التي كانوا فيها هم أهل الدين والحكم في الأرض

وبعد سليمان بن عبدالملك تولى الخليفة الراشد الخامس كما يلقب في كتب التاريخ عمر بن عبد العزيز
وكانت فترة عظيمة في تاريخ المسلمين .. انتشر فيها العدل بين الناس .. وانتشر الخير

وقد أمر جميع الولاة أن يجتمعوا معه في المسجد الأقصى وصلوا هناك
وأقسموا جميعاً بالطاعة للخليفة هناك وأقسموا جميعاً بيمين العدل بين الناس
وبهذه الحادثة استشعر الناس مكانة الأقصى فكل الولاة اجتمعوا فيه وعظموه

(( طبعاً الحكم الإسلامي كان يشبه النظام الفيدرالي الحالي في أمريكا ..
أو بالأصح النظام الفيدرالي يشبهه .. كانت الأمصار الخاضعة لحكم الإسلام تسمى ولايات
وأميرها والي أو يسمى أمير أو ملك .. هذا الوالي يحكم المنطقة ويظل تابعاً وموالياً للخليفة ولنظام الحكم
ويبعث لبيت المسلمين في العاصمة انتاج تلك الولاية من أموال
ويأخذ الإعتمادات المطلوبة لوضع الخطط و إنجاز المشاريع من أمير المؤمنين الذي يحكم من مكانه في عاصمة الدولة
والخطبة في المساجد يوم الجمعة تكون بإسم الخليفة .. أي أن الخطيب يدعو للخليفة ويؤمن المصلون خلفه
وبعض الأئمة يزيد فيدعو لوالي المنطقة بالإضافة إلى الخليفة الذي يسمى " أمير المؤمنين " ))

في عام 747 حدث زلزال عظيم للقدس تأثر منه المسجد الأقصى .. وحاول المسلمون ترميم ذلك
ولكن ترميمهم بسيط ..

في عام 132 من الهجرة الموافق 750 للميلاد
انتهت حكومة الدولة الأموية وعاصمتهم دمشق وهي أعظم فترة مر بها الشام في تاريخه على مر العصور
صار فيها الشام قبلة العالم العلمية والتجارية ..

وبدأ الحكم العباسي وعاصمته بغداد ..
وقد ورث من الدولة الأموية كل ممتلكاتها ماعدا الأندلس

فترة الأمويين هي الفترة الذهبية التي يفتخر بها الشام إلى اليوم
والحضارة الإسلامية التي كانت في عهد الأمويين هي أقوى حضارات الشام وآثارهم موجودة فيه إلى اليوم
من زار دمشق اليوم لا بد وأنه قد عاين شيئاً من شوارع الأمويين أو أسواقهم أو مبانيهم


حكم الأمويين كان ( 119 سنة هجرية ) ( حوالي 90 سنة ميلادية )

بعد أربع سنوات من بداية الخلافة العباسية .. 754 للميلاد
رمم الخليفة العباسي المنصور المسجد الأقصى بالكامل بعد الزلزال الذي أصابه قبل سقوط الأمويين

786 للميلاد هارون الرشيد رحمه الله يصدر قراراً بالسماح لـشارلمان امبراطور بيزنطة الروماني بترميم كنائس فلسطين

يقول الدكتور طارق .. انظروا السماحة .. اليهود حين سيطروا هدموا الكنائس .. أما المسلمين
فتركوا الكنائس كما هي .. ثم لما استقرت لهم الأمور
سمحوا للامبراطور بأن يأتي بالأموال والبنائين لبناء كنائسهم كما يريدون .

وإذا نظرت إلى التاريخ تجد العجب .. لقد أصدر هارون الرشيد قراراً مفاده أنّ :

أي مسيحي يريد زيارة القدس .. جنود المسلمين يحمونه من ثغور المسلمين إلى أن يصل إلى الأماكن
التي يقدسها النصارى فيحج إليها ويعود .. انظروا الفرق في التعامل ..
بين مافعله اليهود بالنصارى .. وبين مافعلناه نحن لهم

ويتعجب الدكتور طارق .. كيف يثق النصارى باليهود بعد تاريخهم الأسود معهم
وإلى اليوم اليهود يقولون عن مريم عليها السلام قولاً وبهتاناً عظيماً .. إلى اليوم
ويسبون المسيح ويقولون دجال وكافر ومحتال وساحر

ويكمل الدكتور طارق متعجباً .. كيف يثقون بهم بعد كل هذا
بينما نحن الذين نعظم الإنجيل ونعظم المسيح عليه السلام .. ونحن الذين أعطيناهم الأمان
ونحن الذين سمحنا لهم ببناء كنائسهم وحميناها .. نحن
فنحن أقرب إليهم لو فكروا ..


ومرت السنوات في نهضة وخير ولم يكن يصيب الأقصى إلا ما أصابته به الطبيعة
فقد ضربه الزلزال مرة وأمر الخليفة المهدي العباسي بترميمه ترميماً كاملاً وزاد في بناءه ووسعه

ثم أصابه زلزال آخر .. ورممه المأمون .. في عام 216 هجرية

وظلت الأمور على هذا .. استقرار وخير ونهضة وحضارة ولا توجد فتن
إلى عام 861 للميلاد .. 111 سنة ميلادية بعد حكم العباسيين
حين بدت أول فتنة .. حين قتل الخليفة العباسي ( المتوكل ) على يد قادة الجيش

يقول الدكتور طارق ..
كان العباسيون كأسرة حاكمة قد جاؤوا بأعداد كبيرة من الأتراك يعتمدون عليهم ولا يثقون بالعرب ..
يخافون أن يثوروا عليهم .. سبعة وثلاثين خليفة عباسي ..
ثلاثة فقط .. أمهاتهم عرب .. وكل الباقين أمهاتهم أعجميات

فكان العباسيين أقرب إلى الأعاجم منهم إلى العرب

وكان قادة الجيش من الأتراك وهم تقريباً المتحكمين في وزارة الدفاع ..
فحين سيطروا وحصلت بينهم فتنة .. قتلوا الخليفة .. وسيطروا سيطرة فعلية على العاصمة وعلى الخلافة

وظل الخليفة العباسي موجود .. ولكنه صوري (( مثل وجود الملك البريطاني حالياً )) والمسيطر الفعلي الأتراك

في 868 للميلاد بعد سبع سنوات من قتل الخليفة على يد قادة الجيش " الأتراك " ..
حصل خلاف خطير بين والي مصر من قبل العباسيين واسمه ( أحمد بن طولون )
و أخو الخليفة العباسي واسمه ( أحمد الموفق طلحة ) .. وكان أخو الخليفة هذا له نفوذ قوي في الدولة العباسية

أحمد بن طولون هذا تركي أيضاً أصله من بخارى ..
والأتراك الذين نعرفهم اليوم في تركيا كلهم أصلهم من هناك من الشرق من تلك الجهات حول بخارى
وسيأتي في الأحداث كيف أن الأتراك سيطروا فيما بعد على آسيا الصغرى ( تركيا حالياً ) وانتشروا فيها

وكان ابن طولون من المجاهدين الأفذاذ .. الأبطال .. وكان له جهاد عظيم في ثغور الشام
ودرس اللغة العربية ودرس الدين .. وكان محب للفروسية حب شديد ..
فببروزه العسكري صار والياً بل من أعظم الولاة الذين حكموا مصر

بدأ الخلاف الذي بدأ بين الأحمدين في عام 868 للميلاد كما أسلفنا ..
وبعد سنوات من الصبر ومحاولة إنهاء الخلاف بالطرق السلمية من الجهتين لم يستطيعوا إنهاء الخلاف وظل الخلاف يشتعل

إلى عام 877 للميلاد .. استقل ابن طولون بمصر عن الخلافة
لم يعلن الخلافة لإسمه ولكنه استقل لا يسمع ولا ينفذ ولا يرسل الخطط ولا الأموال للعاصمة .. بل أكثر من هذا
حرك جيشه المصري نحو الشام لاحتلال الشام ..
الآن والي عندهم يحتل بلادهم

انظروا كيف وصلت الأمور .. وكيف بدأت الزعزعة
و كيف بدأ الجسد العباسي يأكل بعضه

وفعلاً ضم ابن طولون كل الشام تقريباً إلى حكمه
دمشق وحلب وحمص وحماة وانطاكية ( قرب تركيا ) بالإضافة إلى القدس

وظلت الحروب مشتعلة بين العباسيين والطولونيون كما يسمون في كتب التاريخ

لم يلغ ابن طولون الخلافة عن تلك الأراضي فقط استقل بحكمها واسمه أمير مصر والشام
وأمير المؤمنين مازال هو الخليفة العباسي ومازال يذكر اسمه في الدعاء في خطبة الجمعة
ولكن الأمور تعتبر متزعزعة بينهم .. ومازالوا مختلفين

ثم بعد وفاة أحمد بن طولون .. تولى الحكم ابنه خمارويه
ودخل مع العباسيين في معركة تسمى معركة الطواحين .. انتصر فيها خمارويه الطولوني
واستقر له الحكم في مصر والشام .. وظل الخلاف بينه وبين العباسيين يشتعل

إلى أن مات ( أحمد الموفق طلحة ) وبعده بفترة وجيزة مات أخوه الخليفة ( المعتمد )
وتولى الحكم العباسي ( المعتضد بالله ) وعندها فقط بدأت تتحسن العلاقات بين الطرفين

وهنا خمارويه حتى ينهي الخلاف وتستقر له الأمور .. أرسل بالأموال للعباسيين
والعباسيين بالمقابل أقروا بولايته على مصر والشام .. وهو في الحقيقة الحاكم هناك

ولمزيد من تحسين العلاقات أرسل المعتضد إلى خمارويه يخطب بنته قطر الندى
فوافق خمارويه وتزوج المعتضد من قطر الندى وتحسنت العلاقات ..

في الحقيقة مصر والشام ماعادت في يد العباسيين إلا صورياً ..
وإنما الحكم في يد الطولونيين ..

في تلك الفترة بدأت دعوات تنشق من الفرقة الشيعية .. بدأت فرق باطنية تظهر للسطح
ومن أخطر هذه الفرق .. فرقة اسمها في الكتب ( القرامطة )
وهي فرقة سياسية دينية شيعية أسسها رجل اسمه ( حمدان قرمط ) وهو اسماعيلي ..
ولا بد من أن نعرف مامعنى اسماعيلي لكي يكون الأمر واضحاً بالنسبة لنا ..
وهو ليس خروجاً عن موضوع فلسطين أبداً لأن لهؤلاء الإسماعيلين تأثير كبير على الأحداث في فلسطين فيما بعد

يقول الدكتور طارق عنهم : هم أسوأ من مر على الأمة .. ومن أشد من أضعف الأمة

وسيأتيكم في الأحداث ما فعلوه هؤلاء الإسماعيليين والفرق المنشقة عنهم في الأمة ..
فلماذا سمي هؤلاء بالإسماعيليين ؟؟ ومن هم ؟؟

عند الشيعة .. منذ مبايعة معاوية وبداية الدولة الأموية توجد قضية الإمامة
وأن الإمامة تتوالى في أبناء علي بن أبي طالب وأحفاده رضوان الله عليهم
فكان الإمام الأول علي ثم الحسن ثم الحسين
ثم علي زين العابدين بن الحسين ثم محمد الباقر بن علي زين العابدين ..
ثم جعفر الصادق بن محمد الباقر ثم بعد جعفر الصادق .. أعلنت الخلافة لإسماعيل بن جعفر الصادق
ثم حدث شيء لم يمر عليهم ولم يتوقعوه وهو أن اسماعيل مات قبل جعفر الصادق !!
فوقعوا في ورطة .. ماذا يفعلون ؟؟ .. فانشق الشيعة ..

اعلنت الخلافة لموسى الكاظم بن جعفر الصادق .. فجماعة من الشيعة رفضوا
وقالوا الإمامة لا تكون إلا في الإبن الأكبر أو في الذي يعينه الخليفة
والإبن الأكبر هو اسماعيل والإمام جعفر أيضاً عين اسماعيل
فأصروا أن الإمامة في اسماعيل .. وأعلنوا أن اسماعيل مامات ..
بل رفعه الله إليه كما رفع عيسى بن مريم .. فسموا الإسماعيليين

يكرر الدكتور طارق .. هؤلاء الإسماعيلية هم أكثر من دمر الأمة ..
من بين هؤلاء الإسماعيلين نشأت فرقة القرامطة التي أفسدت فساداً كثيراً
ومن بينهم أيضاً نشأ الحمدانيون والعبيديون الذين لهم اسم آخر مشهور فهم ( الفاطميون ) ..
إذن هذه الفرق ليست من الشيعة الجعفرية الإثنا عشرية .. إنما من الشعية الإسماعيلية

حمدان قرمط الإسماعيلي الذي تأسست على يديه الفرقة القرمطية ..
أفسد فساداً شديداً بدأ بدعوة عقائدية .. ونشر أقوالاً فاسدة في الدين
وأباح الجمع بين الأختين .. وأباح عدة أشياء أخرى

فبدأ الناس يتبعونه خاصة في بلاد فارس وبعض قرى العراق وشرق جزيرة العرب
وبدأ ينتشر ويهدد الدولة العباسية
وبدأ يدخل في صراع معهم إلى أن اصبح القرامطة أعداء ألداء للعباسيين
وبدأوا يهاجمونهم فسيطروا على بعض بلاد فارس وشرق ووسط الجزيرة العربية
ومن شرق الجزيرة بدأوا يهاجمون العراق ويهاجمون الشام ويهاجمون مصر ..
فزعزعوا الأوضاع زعزعة شديدة في تلك المناطق

الآن الطولونيون انشقوا بجزء من الأمة وأن كانوا الأئمة مازالوا يخطبون في المساجد باسم الخليفة العباسي
والقرامطة انشقوا بجزء آخر من الأمة .. وظل الأمر هكذا إلى عام 905 ميلادية ..
حينما رجعت مصر إلى حكم العباسيين بسبب زعزعة الأوضاع بين الطولونيين
في تلك الأثناء توفي المعتضد .. فساءت الأحوال بعده سوءاً شديداً ..
بعد المعتضد 6 خلفاء عباسيين يتوالون في الخلافة في فترة قصيرة .. لا يوجد أي استقرار في الخلافة العباسية
وانتقل الحكم الفعلي إلى الوزراء ثم إلى قادة الجيش إلى أن وصلت الخلافة العباسية إلى خليفة اسمه ( المستكفي )

في زمن المستكفي هذا .. يوجد وزير اسمه ( أبو الفرج السامرائي )
ويوجد قائد جيش يعتبر هو المتحكم الفعلي في الخلافة اسمه ( فكتين ) وهو من الأتراك ..

إذن كانت الأوضاع العباسية متزعزعة من داخلها .. والقرامطة منشقين بجزء منها

هنا القرامطة بدأوا يرسلون الدعاة إلى الشام ..
وأسس له مركزاً للدعوة القرمطية في مدينة الرملة
تلك المدينة التي بناها في زمان مضى سليمان بن عبداللك الخليفة الأموي

ومن الرملة بدأ الدعاة القرمطيون ينتشرون في الشام .. وبدأوا يزعزعون الأوضاع هناك في فلسطين

وزاد الطين بلة كما يصف الدكتور طارق .. في عام 909 للميلاد
حيث انشق المغرب العربي وسيطر عليه ( عبيد الله المهدي )
وأسس الدولة التي سماها الدولة الفاطمية ..
نسبة إلى فاطمة الزهراء بنت محمد عليها رضوان الله وعلى سيدنا محمد آزكى الصلاة والتسليم
ويسميها العلماء وكثير من المسلمين الدولة العبيدية لأنهم يرفضون نسبتها إلى فاطمة الزهراء
ولكننا سنستعمل اسم ( الفاطميين ) لأن هذا اسمها في كل الخرائط تقريباً وهو اسمها في كتب المؤرخين
مع عدم رضانا عن نسبتها إلى فاطمة رضي الله عنها

وبدأت هذه الدولة تقوى وتتوسع إلى عام 933 للميلاد الفاطميون بدأوا يتوجهون إلى مصر
وبدأت حملات مستمرة على مصر ..

في أحد الحملات أرسل الفاطميون قواتهم إلى مصر بقيادة ( جوهر الصقلي )
فأرسل العباسيون قواتهم بقيادة ( محمد بن طغج بن إخشيد ) فاستطاع أن يصدهم في معارك عظيمة
فلما وجد العباسيون أن هذا القائد ابن اخشيد قد وقف وقفة قوية أمام الخطر الفاطمي عينوه حاكماً على مصر

فالفاطميون حين وصلتهم الأخبار .. بأن قائد عسكري صغير أصبح فجأة حاكماً على كل مصر بدأوا يغرونه بالدنيا
يعرضون عليه : كن معنا ونحن نجعلك قائداً على مصر ونثبت حكمك .. فبدأ يسوف ولم يعطهم رفضاً أو قبولاً

بعد سنتين وفي عام 935 من الميلاد .. محمد بن طغج الإخشيدي ..
يعلن الاستقلال عن الدولة العباسية .. ويرفض عرض الفاطميين .. فصارت الدولة الإخشيدية
وظلت الخطبة مازالت بإسم الخليفة .. ولكن الحكم الفعلي هو لمحمد بن طغج الإخشيدي

ثم زاد الأمر .. وبدأ الإخشيدي يهاجم الشام ..
وتصدى له والي الشام العباسي واسمه ( ابن رائق ) .. وانتصر الإخشيدي

لكنه كان ذكي جداً فتفاوض مع ابن رائق المهزوم ..
وعرض عليه أن يأخذ جنوب الشام ويترك له شمال الشام فوافق ابن رائق ..
على الأقل يبقى له شيء من الحكم .. والإخشيدي ما أحب أن يتوسع في الشام لأنه يواجه خطرين
العباسيين من الشرق و الفاطميين من الغرب ( شمال أفريقيا ) ..

الآن القدس ضمن حكم الإخشيديين مع جنوب الشام ..
وحين مات ابن رائق هجم ابن طغج على باقي الشام واستولى عليها ..
انظروا إلى أي مدى تزعزعت الأوضاع في بلاد المسلمين

هؤلاء الإخشيديون عظموا القدس تعظيماً ..
وما كان يموت فيهم حاكم .. إلا ويحمل ليدفن في القدس

زادت مشاكل المسلمين بتحرك سيف الدولة الحمداني الشيعي في شمال الشام
فينشئ الدولة الحمدانية .. ويستقل عن العباسيين والإخشيديين وسيطر على حلب وجعلها عاصمة له

ثم زادت أيضاً حين سيطر ( البويهيون ) على فارس وهم أيضاً من الشيعة
ثم بدأوا يتوسعون غرباً واستطاعوا أن يسيطروا على العراق إلى أن وصلوا إلى بغداد عاصمة الخلافة

البويهيون أبقوا على الخليفة العباسي .. ولكن ظلوا هم المتحكمين والمسيطرين على الممالك الإسلامية شرق العراق
بالإضافة إلى أن لهم نفوذ قوي بل سيطرة في أرض الخلافة في بغداد عاصمة العباسيين

الآن القرامطة يسيطرون على شرق ووسط الجزيرة .. والبويهيون يسيطرون على بلاد فارس ولهم نفوذ قوي في العراق
والحمدانيون يسيطرون على شمال الشام والإخشيديون يسيطرون على جنوب الشام بما فيها القدس ويسيطرون على مصر
والفاطميون يسيطرون على المغرب العربي .. والأندلس في يد الأمويين .. والعباسيون مجرد خلافة صورية ومقرها بغداد

الذي حدث بعد ذلك أن الإخشيدي حاكم مصر وجنوب الشام .. مات
فانقسم بعده الإخشيديون ..

اوتوجور بن الإخشيدي عمره 14 سنة .. فلا يستطيع أن يحكم
وكان الوصي عليه والذي يربيه ويدير شؤونه عبد من عبيد الإخشيدي اسمه ( كافور )
وكافور هذا هو عبد حبشي .. حين مات الإخشيدي أعلن نفسه وصياً على الحاكم ( اوتوجور بن الحاكم الإخشيدي )

بعض الإخشيديين رفضوا .. كيف عبد حبشي يتولى الأمور .. فثاروا
فقامت معارك بين الكافوريين والإخشيديين .. واستطاع كافور أن ينتصر

انظروا كيف تدهورت الوحدة الإسلامية في البلاد الإسلامية في ذلك الوقت

كافور هذا بعد أن انتصر .. أبقى على اوتوجور حاكماً صورياً .. وكان يعطيه الأموال
يعطيه 400،000 دينار ذهب سنوياً فقط ليسكت ..

في عهد كافور حدثت أحداث رهيبة
حاول الفاطميون الهجوم على مصر فصدهم كافور
وحدثت زلازل في مصر .. وحصل حريق كبير في مدينة الفسطاط التي أسسها عمرو بن العاص رضي الله عنه
وحدث هجوم من السودان على مصر .. كل هذا في زمن كافور

وأخيراً وبعد كل هذه الزعزعات ..
وفي عام 969 من الميلاد استطاع القائد الفاطمي ( جوهر الصقلي )
أن يأتي من المغرب ويحتل مصر .. وتصبح مصر الآن تحت الحكم الفاطمي

وكل هذه الأحداث والإنقسامات مهدت لقدوم .. الحروب الصليبية
هذه هي الأجواء التي سبقت مجيء النصارى ..

وفي الحلقة القادمة سنرى كيف استطاع النصارى احتلال القدس من جديد
بعد المعاهدة العمرية وسنرى العجب العجاب في تاريخ الدول الإسلامية في ذلك الزمان
وسنرى العجب العجاب في سيرة بعض الحكام المسلمين
سنرى منهم المخلص ومنهم الخائن وسنطلع على تلك المرحلة من التاريخ بكل تعقيداتها وتفسيراتها
وسنرى كيف دفعت الشعوب ثمناً لتصرفات حكامها بعد قرون من التسامح

كل هذا في قصة القدس وفلسطين فكونوا (( مــــــعـــــــهــــــا ))

سيأتي ذكر وسط آسيا كثيراًٍ في هذه الحلقة ..
ولو أردنا أن نعرف أين وسط آسيا في خريطة اليوم ؟؟
فسنلقى أنها البلاد الواقعة شمال الشام ..
تركيا وجزء من إيران وماجاورها كازاخستان ,
أوزبكستان , أفغانسان تركمانستان , وطاجيكستان , الشيشان وغيرها
http://ar.wikipedia.org/wiki/آسيا_الوسطى


توقفنا في الحلقة الماضية عند عام 969 للميلاد الموافق 359 هجرية
حينما استطاع القائد الفاطمي المشهور ( جوهر الصقلي ) هزيمة الإخشيديين
واحتلال مصر بعد وفاة كافور بفترة قصيرة

الآن توسع حكم الفاطميين شرقاً ليشمل المغرب العربي معقل دولتهم الشابة ومصر أرض الخير
فرفض شعب مصر الذي يعتقد بعقيد أهل السنة والجماعة هذا الحكم المنحرف وهذه العقيدة الفاسدة
ولكن ( المعز لدين الله الفاطمي ) أعطى الأمان للشعب المصري وأعطى العهود بعدم المساس بالعقيدة والمذهب السني
وعدم المساس بالقضاء والشعائر والمساجد ودور العلم .. وأنها ستبقى كما هي

عندها هدأ الشعب المصري ..
وظل جوهر الصقلي يحكم مصر بالنيابة عن المعز حاكم الفاطميين 4 سنوت
بنى فيها مدينة سماها القاهرة وقسمها وخططها لتكون عاصمة جديدة للفاطميين وأسس جامع الأزهر
فانظروا الجامع الذي أسس أصلاً لينشر العقيدة الإسماعيلية المنحرفة
تحول فيما بعد وإلى اليوم إلى جامعة تمثل عقيدة أهل السنة والجماعة
وهذا من خير مصر .. ولله الفضل أولاً

ثم بعد أن استقر الحكم للفاطميين في مصر
بدأوا يفكرون في فرض سيطرتهم على الشام
وكان الإخشيديون قد هزموا في مصر من الفاطميين فعلاً
ولكن بقي لهم حكم وقوة في الشام
ولأنهم حتى وإن كانوا قوة فإنها قوة مهزومة
فمن المتوقع أن يطمع بها من حولها مثل البويهيين المسيطرين على العراق
بالإضافة إلى الفاطميين وغيرهم

هنا جوهر الصقلي القائد الفاطمي أرسل قائداً اسمه جعفر بن فلاح
فاستطاع أن يضم الشام
بعد معارك مع الإخشيديين هناك ..

في تلك الفترة ..
نشأت علاقات قوية بين القرامطة والفاطميين

القرامطة إنحرافهم أكثر من الفاطميين
وكلا الفريقين من الإسماعيلين
الذين جاء شرح أصل نشأتهم في الحلقة السابقة
فمن الوارد وجود علاقات قوية بينهم .. فهم نفس المذهب ونفس الفكر

وبدأ الضغط من الإثنين على الشام لتثبيت الحكم هناك
حتى استطاع جوهر الصقلي احتلال دمشق

الآن لو نظرنا للخريطة من الشرق للغرب نجد

دولة البويهيين تسيطر على فارس وجزء من وسط آسيا
ولها نفوذ قوي في العراق ولها ممالك في غرب الشام

العباسيين وخلافة صورية على العراق والحجاز .. وماحولها

القرامطة في شرق ووسط الجزيرة ولهم مطامع وهجمات
ينفذونها على الشام والعراق وغرب الجزيرة

الفاطميين جاؤوا من المغرب العربي ويسيطرون على مصر ومناطق كبيرة من الشام فلسطين والقدس
ولديهم قوة ومطامع في دولة العباسيين

الإخشيديون الأتراك انتهوا على يد الفاطميين
والحمدانيون العرب انتهى حكمهم أيضاً واقتسم البويهيون والفاطميون مملكتهم
فأخذ البويهيون الموصل وأخذ الفاطميون العاصمة .. حلب

إذن الأمة التي كانت دولة واحدة تمزقت دولاً .. ولكنها
مازالت تحت حكم المسلمين نعم هم مسلمين ولكنهم منحرفين .. عقيدتهم منحرفة ..
زودوا في الأذان وفي التشهد وأباحوا مالم يحل الله وحرموا ما أحله
وسترون أمثله موثقة في التاريخ ولكننا للأسف لانعلم عنها .. لأنها في الكتب

نعود للشام التي سيطر عليها الفاطميون الآن
وأخذوها من الإخشيديين ومن العباسيين أيضاً
وبدأت الخطبة في تلك البلاد باسم المعز لدين الله الفاطمي .. واستقر له الحكم

ومن هناك حرك دعاته نحو الحجاز
واستطاعوا أن يسيطروا على مكة والمدينة .. شرفهما الله تعالى
وصارت الخطبة في مكة والمدينة للمعز لدين الله الفاطمي

هكذا وصل الإنحراف .. كما يصف الدكتور

وفي تلك الفترة ..
كان الصليحيون يسيطرون على اليمن فأعلنوا الولاء للفاطميين
وصارت الخطبة في اليمن أيضاً للفاطميين ..

الآن الدولة الفاطمية الشيعية الإسماعيلية توسعت ..
وأصبحت هي المسيطرة
على المغرب العربي ومصر والحجاز والشام واليمن ..
أكثر من نصف بلاد المسلمين

ومازال البويهيون الشيعة يسيطرون على الأجزاء الشرقية من الأمة
وعلى معقل الخلافة العباسية في العراق
والقرامطة في شرق ووسط الجزيرة

في تلك الفترة كانت العلاقات بين الفاطميين والقرامطة تسوء .. لأسباب كثيرة
وبدأت تنشأ بينهم الحروب ..
وبدأ القرامطة يشنون الحملات على
المناطق التي يسيطر عليها الفاطميون
الشام ومصر بالإضافة إلى شنهم الحملات على العباسيين في العراق
وبالإضافة إلى شنهم الحملات أيضاً على بلاد الحجاز

وفي إحدى حملاتهم المشهورة (( المشؤومة )) ..
استطاعوا أن يدخلوا مكة .. بالقوة
ووصلوا إلى الكعبة .. وانتهكوا الحرمات
وأخذوا الحجر الأسود .. ونقلوه إلى كعبة مزعومة عندهم
ليجعلوا الناس يحجون إليها ..


يتعجب الدكتور طارق ويعلق ..
انظروا إلى أي مدى وصل الإنحراف العقائدي
وإلى أي مدى وصل التمزق في الأمة ..

وظل الحجر الأسود عندهم في أرجح الروايات 22 سنة
وماأعادوه إلا عندما توسط الحاكم الفاطمي ( العزيز بالله )
وساطة شديدة ليعيدوا الحجر خاصة وأنهم فشلوا في جعل الناس يذهبون إلى الأحساء

فأعادوه بعد أن كسروه

فالذي يقبل الحجر الأسود اليوم يرى فيه بقع .. فهذا من آثارهم ..
المسلمون فيما بعد أخذوا الحجر الأسود وجمعوه بالعقيق ..
جمعوا مابقي منه بعجينة العقيق .. وترون اليوم هذه الآثار .. آثار القرامطة

وظل القرامطة في توسع وظل خطرهم شديد على الأمة ..

حتى ابن كثير حين كان يتكلم عن معارك القرامطة مع الفاطميين .. يفرح بانتصار الفاطميين
وهم على مذهب منحرف .. لأن القرامطة أشد انحرافاً ..


على كل حال ظل هذا أمر القرامطة وظلت الأوضاع على ماهي عليه
إلى أن مات يوسف ابن الحسن الجنابي .. الحاكم القرمطي

فلما مات انتقل حكم القرامطة إلى مجلس من مشائخ خمسة ..
يسمونه مجلس الشيوخ الخمسة .. وفي هذه الفترة ضعف القرامطة
وانحسر وجودهم وظلوا فقط في الأحساء وأوال وهي مايعرف الآن بالبحرين

وبالنسبة للفاطميين .. استقر لهم الحكم بشكل عام في مصر ولكنه ظل مزعزعاً في بلاد الشام
ولم يستطيعوا السيطرة الكاملة على الشام فترات طويلة وأخيراً تمزقت الشام من الناحية الفعلية ..
إذن الشام من الناحية الفعلية ممزق .. ولكن من الناحية الرسمية للفاطميين

تمزقت الشام من الناحية الفعلية وصارت تقريباً كل مدينة دولة
حمص دولة وحلب دولة ودمشق دولة .. وهكذا

هنا يقارن الدكتور طارق فيقول .. نحن اليوم نتحدث عن تمزق المسلمين في هذا الزمان
تمزقنا الذي وصلنا إليه .. لايقارن .. بالتمزق الذي كان قبل الحروب الصليبية

أولاً حكومات منحرفة انحراف عقائدي سيطرت على الأمة
وثانياً استقلت كل مدينة وصارت المدينة الواحدة دولة داخل دولة
انطاكية دولة والرهى دولة والموصل دولة !!

وكان هذا الحال إلى عام 996 للميلاد ..
حيث سيطر على دولة الفاطميين المنحرفة
حاكم أشد انحرافاً .. هو ( الحاكم بأمر الله الفاطمي ) ..
والمؤرخون يسمونه المجنون

حكم في الأراضي الفاطمية حكم جنوني عجيب كما يصف الدكتور ..
وليس الوقت لتفصيل حكمه ولكن من باب المعرفة بالشيء ..
ولمعرفة كيف وصل الحال بالأمة ولنتخيل كيف يستسلمون لمثل هؤلاء الحكام

أعلن الحاكم الفاطمي الحاكم بأمر الله
إلغاء العمل بالنهار وجعل العمل بالليل ..
وأمر الناس ينامون بالنهار ويعملون بالليل فأطاعوه !! ..
وصار العمل بالليل ؟؟ يقولها الدكتور طارق وهو يضحك ويقول هكذا وصل بهم الجنون ..
بالإضافة إلى عجائب في زمن الحاكم بأمر الله لولا الوقت لذكرنا لكم أكثر

في زمن الحاكم بأمر الله هذا .. حصل زلزال للأقصى .. وسقطت أجزاء من قبة الصخرة
فرممها ولده الظاهر بعد الزلزال بست سنوات وزينها تزيين عظيم ..
لذلك كثير من الزينة التي في الأقصى هي من آثار الفاطميين

ومما فعله الحاكم بأمر الله وابنه الظاهر أنهم هدموا كنيسة القيامة ..
بعد أكثر من 370 سنة ميلادية من التسامح الإسلامي معها

سنين طويلة من التسامح الإسلامي .. يأتي بعدها هذا الحاكم المجنون
فلا يقدر لا مسلمين ولا مسيحيين ولا يقدر أحد .. ويهدم كنيسة القيامة !!

طبعاً هذا الحدث هـــــز النصارى في الغرب ..
فبالنسبة لهم .. بدأت مقدساتهم تنتهك ..

وكل هذه مقدمات للحروب الصليبية ..


في عام 411 هجرية توفي الحاكم بأمر الله .. وتدهور حكم الفاطميين
والإقتصاد المصري اهتز اهتزاز شديد .. وانتقل الحكم الفعلي بعد الحاكم بأمر الله إلى الوزراء

وصار الوزراء هم الذين يحكمون والحكم بيدهم بكل تفاصيله والخليفة ليس له إلا الإسم ..

خاصة أيام حكم المستنصر بالله ..

هذا المستنصر الفاطمي .. أحد خلفاء الحاكم بأمر الله الفاطمي
حكم ستين سنة هجرية .. ستين سنة وهو يحكم ولم يكن له دور حقيقي في الحكم ..
إنما الحكم بيد الوزراء

الفاطميون الإسماعيليون يعتبرون الحاكم الفاطمي مقدس
والخلافة عندهم مثل الإمامة بالنسبة للشيعة الإثنى عشرية ..

فتنتقل من الأب إلى الإبن الأكبر وهكذا مثل الإمامة عند الإثنى عشرية
ولكن تظل هناك تحزبات واختلافات في مثل هذه الأمور

الحاكم الفاطمي المستنصر عنده ولدين .. نزار والمستعلي ..
ركزوا في الإسمين لأنه سترتبط بالاسم الأول منهما أحداث قادمة

نزار كان هو الإبن الأكبر .. ولكن أبوه المستنصر ،
أراد أن تكون الخلافة في ابنه الآخر واسمه المستعلي

فلما مات المستنصر انقسمت الدولة بين المستعليين المؤيدين لخلافة المستعلي
والنزاريين الذين يرون أن قضية الخلافة مقدسة
وأنها يجب أن تكون في الإبن الأكبر وهو نزار فكيف تعطى للمستعلي ؟؟
وفي النهاية شبت الحروب بين الطرفين

فانظروا الآن كيف أن الفرق بدأت تنشأ .. وانقسمت الدولة الفاطمية من داخلها
وهي الدولة التي تحكم فعلياً مصر وشكلياً الشام وقذ ضعفت سلطتها في الحجاز واليمن
وفقدت الكثير من أراضي المغرب العربي وسيطر عليها من عرفوا باسم ( المرابطين ) ..
وكل هذه مقدمات للحروب الصليبية

البعض قد يظن أن هناك خروج عن الموضوع .. لا ..
كل هذه الأحداث لها ارتباط شديد بما سيحصل لفلسطين والقدس

نرى الآن الأمة تتمزق ومما زاد الأمر شدة ..
أنه في أقصى المغرب العربي
في الخلافة الإسلامية في الأندلس ..
تحدث أيضاً أحداث خطيرة

ففي عام 1031 للميلاد سقطت الدولة الأموية في الاندلس ..
وتمزقت الأندلس إلى 22 دويلة
فليس التمزق فقط في الشرق .. وإنما أيضاً في الغرب ..

ويعلق الدكتور .. يعني الآن الدول العربية كم ؟؟
في الأندلس وحدها 22 دويلة فما بالك بدويلات الشرق

أضف إلى كل هذا أن السلاجقة الأتراك تحركوا
والسلاجقة هم عشيرة من قبائل الأتراك
دخلت في الإسلام أثناء عهد زعيمها سلجوق سنة 960 للميلاد
وقام أحفاده بتقسيمها إلى قسمين ..
فسمي قسم منهم السلاجقة الأتراك وقسم آخر اسمه السلاجقة الروم
وهم جميعهم أتراك

السلاجقة الأتراك ضموا فارس سنة 1042 للميلاد
وسيطروا على بعض أجزاء من آسيا الوسطى واستولوا على مناطق البويهيين هناك وواصلوا التوسع
ثم أخيراً قضوا على البويهيين في العراق ودخلوا بغداد في 1055 للميلاد .. ولكنهم أيضاً لم يلغوا الخلافة

بل ظلت الخلافة العباسية صورية .. والسلاجقة الأتراك هم المتحكمون في البلاد

أما السلاجقة الروم .. فكانوا في نفس هذه الفترة ..
يتوسعون في الشمال فضموا تحت سلطانهم أكثر من نصف مايسمى اليوم بتركيا ..
فمن هنا كان دخول الأتراك إلى تلك المناطق أما من قبل فكانوا في تلك الجهات حول بخارى قبل أن يتوسعوا

إذن السلاجقة الآن قوة لا يستهان بها .. فقد سيطروا على الجانب الشرقي من الأمة
واحترموا الخلافة العباسية ولم يلغوها بل اعتبروها رمزاً لأهل السنة .. وعاصمتهم في شرق آسيا الوسطى

والفاطميين يسيطرون على الجانب الغربي من الأمة ..
وعاصمتهم في مصر في وسط العالم الإسلامي

والأدارسة والمرابطون وغيرهم يسيطرون هناك في أقصى المغرب العربي والأندلس

الدولة الفاطمية دولة ممزقة من داخلها ..
والسلاجقة قوة جديدة تسيطر على الخلافة
ولها ممالك في الجانب الشرقي من الأمة ..

إجمالاً الأمة ليست في أحسن حال



في أوروبا أيضاً ليس الحال حسناً .. ففي عام 1054 للميلاد
حصل انشقاق ديني وانشقاق سياسي ..

فانقسم الروم إلى شرقيين بيزنطيين ( أورثوذوكس ) و غربيين رومان ( كاثوليك )

وفي عام 1057 قام فرناندو حاكم ولايتي قشتاة وليون شمال الأندلس
باستغلال الزعزعة بعد سقوط الأمويين وسيطر على شمال الأندلس ..
وأعلن في أوروبا حرب مقدسة لاسترداد الأندلس

يقول الدكتور طارق .. من هنا بدأت الحروب الصليبية ..
في الأندلس بدأت قبل أن تبدأ في المشرق على أراضي الشام


تطورت الأمور في عام 1067 للميلاد
فقام بدر الجمالي وزير الخليفة الفاطمي
وهو الحاكم الفعلي في الحقيقة
بإرسال حامية من الأتراك من مصر إلى فلسطين
للسيطرة على بعض الاضطرابات التي حصلت بسبب البدو
فسيطرت هذه الحامية على فلسطين .. ولكن بدلاً من أن تعلن أن هذه الأراضي يسيطر عليها الفاطميون
أعلنوا الولاء للسلاجقة ..

يقول الدكتور طارق .. لأنهم أتراك مثلهم

وأقول هذا وارد ومتوقع ..

ووارد أيضاً أنهم فضلوا إعلان الولاء للسلاجقة ووجدوا التأييد القوي
بسبب انحرافات الفاطميين عن المنهج الصحيح ..

الآن حكم السلاجقة الأتراك بدأ يزداد .. وفي عام 1071 سيطر السلاجقة على فلسطين
وانتقلت القدس الآن إلى حكم الأتراك .. بإسم العباسيين صورياً .. وأصبحوا قوة رئيسية في الأمة ..

وظل السلاجقة قوة رئيسية في الأمة وفيهم دين وفيهم حماس وفيهم فتوة فبدأوا ينتشرون ويتقوون

في عام 1071 للميلاد ألب أرسلان أحد قادة السلاجقة في حدودها الشمالية الغربية
يدخل في مواجهة مباشرة مع امبراطورية الروم الشرقية ( بيزنطة الأرثوذوكسية )
واستطاع أن ينتصر على الامبراطور الروماني البيزنطي الحاكم في ذلك الوقت

استطاع السلاجقة بقيادة إلب أرسلان ووزارة نظام الملك أن ينتصروا
في معركة عظيمة من أعظم المعارك الإسلامية في تركيا واسمها ( ملاذ كرد )
أقصى شمال مايسمى حالياً بآذربيجان .. وعندها انطلق الأتراك ..

يكتسحون آسيا الوسطى وبلاد الأرمن
إلى شواطئ البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط وصارت تركيا وهي لم تكن كذلك
وبدخولهم تحولت هذه المناطق إلى مناطق تركية ..

وفقط للمعلومية ( الأرمن ) هم شعوب ( هند-أوروبيين ) ينتمون إلى مايسمى بـ ( العرق الآري )
وأصلهم من أرمينيا الواقعة في شرق أوروبا ،
أرمينيا التي كانت عظمى في زمان مضى وانتشر اهلها في البلاد
وهي الآن مجرد دولة صغيرة من دول شرق أوروبا استقلت بعد سقوط الأتحاد السوفييتي

ألب أرسلان هذا كان عنده وزير يسمى نظام الملك كما ورد .. يصفه الدكتور بقوله

كان وزيراً في منتهى العظمة في التاريخ الإسلامي للأسف المسلمون لايعرفون تاريخه .

كان نظام الملك وزيراً مؤمناً .. حافظاً للقرآن ..
وكان راعياً للعلم والأدب .. يحفل مجلسه بالعلماء والفقهاء والأدباء .

وكان السلطان السلجوقي ابن ألب إرسلان الذي حكم بعد أبيه يصغره بأكثر من ثلاثين سنة
وكان يحترمه ويناديه بالعم وكان يلقي إليه بمقاليد الأمور إذا استعصى عليه شيء وكان يثق فيه ثقة كبيرة

ساعد نظام الملك السلاجقة على أن يثبتوا حكمهم ويتوسعوا حتى سيطروا على الشام
فقد كان نافذ الكلمة في كل الأمور .. يسيطر على الجيش والولاة

بلغت الوزارة أعلى درجاتها في الفترة التي تولاها نظام الملك
، وكان عالمًا له كتاب عظيم في سياسة الملك
اسمه: "سياست نامه" أي كتاب السياسة
ضمنه أفضل النظم لحكم الولايات التي تتكون منها الدولة وتصريف الأمور
وسجل فيه أصول الحكم التي تؤدي إلى استقرار البلاد ..
وقد تُرجم هذا الكتاب إلى العربية.

وأسدى الوزير للحضارة الإسلامية ما جعل ذكراه خالدة
بإنشائه عددًا من المدارس في أنحاء الدولة نسبت إليه
فسميت بـ"المدارس النظامية"

وهي تعد نوعية جديدة من المؤسسات العلمية والمدارس التعليمية النظامية ظهر في تاريخ الإسلام .. وقد هيأ لطلابها أسباب العيش والتعليم .
وقد خصصت المدارس النظامية لتعليم الفقه والحديث، وكان الطلاب يتناولون فيها الطعام، وتجري على كثير منهم رواتب شهرية.

وشجع نظام الملك الشعر والأدباء بالإضافة إلى تشجيعه للعلماء على النهضة ونشر العلم .. فانتشرت حركة إسلامية في بلاد المسلمين
ومن أبرز العلماء الذين قادوا هذه الحركة الإسلامية الإصلاحية التجديدية .. الإمام المجدد حجة الإسلام .. الغزالي

والغزالي أيضاً تاريخه طويل .. انتقل من علم الكلام إلى الفلسفة إلى المنطقية إلى الصوفيه وعنده تجارب كثيرة .. وتبقى له تأثرات بكل هذه المجالات ..

ولكن إذا نظرنا له على وجه العموم .. فالغزالي له دور هائل وعظيم جداً في إحياء الأمة .. ويعتبره كثير من المؤرخين مجدد الأمة في تلك الفترة

وتحرك في هذه الحركة العلمية الإسلامية الكثير من العلماء المسلمين بتشجيع من نظام الملك .. وبدأوا يتحركون فيما يسمى بـ ( السياسة الشرعية ) وكيف يجب أن يكون الحاكم المسلم وكيف تكون سياسة الدنيا والدين .. وبدأ الغزالي رحمة الله عليه يهاجم العلماء المتقاعسين .. وبدأ ينشر الفكر ليس فقط في دور العلم وأنما بين الناس وفي المحافل وفي التجمعات ..

يقول الدكتور طارق .. كان العلماء شغلهم فقط مع تلاميذهم وربعهم وبين العلماء أنفسهم والأمة ضائعة .. فبدأ الغزالي يعمل حركة إحياء للدين بين الناس ..

ومن القضايا التي هاجم فيها الغزالي العلماء .. أن العلماء ابتعدوا عن قضايا الأمة وعن قضايا السياسة .. فانحرفت الأمة والعلماء يتفرجون .. وانشغلوا بقضايا هامشية .. في فروع الدين بينما أصول الدين وأركان الدين بدأت تهتز .. وبدأ المنحرفون يسيطرون على الأمة

أيضاً بدأ يهاجم بشدة التعصب المذهبي ..
التعصب المذهبي في تلك الفترة وصل إلى درجة افتقر فيها إلى أدب الخلاف واحترام الاراء المختلفة .. فنادى لسان حال الغزالي يكفي ماوصلنا إليه من تمزق في الأمة .. وهاجم هذا التعصب وهذا الخلاف بين أبناء الأمة .. وبدأ يهاجم تفتت الأمة وحمل العلماء مسؤولية ذلك

إذ في منهج الغزالي أن الحكام إذا تمزقوا يبقى العلماء هم أصحاب الواجب لقيادة الأمة نحو الوحدة .. وهاجم العلماء الذين يروجون لما سماه بالدين السطحي والمقصود بهم العلماء التي صارت قضاياهم فقط قضايا الطهارة وماشابهها وهي مهمة ولكن توجد قضايا أخرى أيضاً مهمة لايجوز تركها !!

وهاجم العلماء الذين صاروا أتباعاً للسلاطين
العلماء الذين يعطون السلاطين الفتاوى .. بالمقاس .. كما يقولون ..

وكان هجوم الغزالي شديد .. ومعه بالتأكيد مجموعة كبيرة من العلماء
فبدأت حركة إحياء في الأمة .. هذه الحركة أثرت وتغلغلت فبدأ ينشأ جيل جديد من العلماء ..

الجيل القديم ظل على أفكاره القديمة .. ولم يتأثر بحركة الإحياء هذه
ماصحى .. كما يعبر الدكتور طارق

لكن الجيل الجديد من العلماء وطلبة العلم بدأوا ينظروا .. فيجدوا كلام الغزالي حق

فأصبحوا يأخذوا العلم من العلماء الأقدمين ولكن يأخذون الفكر وطريقة التحرك من الإمام الغزالي رحمة الله عليه ..

وصار المنهج عند الغزالي في العالم الصحيح ..
هو العالم الذي عنده علم وعقيدته سليمة وعنده إخلاص وعنده عمل بين العامة .. ولايتبع السلاطين .. هذا هو العالم الذي يجب أن تتبعه الأمة

وطرح منهج جديد في التربية والتعليم .. أولاً العقيدة السليمة
ثانياً تكامل العلم .. لا يمكن في نظر الغزالي أن يكون العالم فقط في جزء من العلم .. بل يجب أن يكون لديه شمولية وعنده وعي بالواقع ..

وطرح منهج للحاكم المسلم .. كيف يحكم بالإسلام

أيضاً أحيا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
لايمكن أن يستمر الفساد والإنحراف الأخلاقي والعلماء يتفرجون
فبدأ العلماء الآن يدخلون بقوة نحو دفع عملية الإصلاح الإجتماعي

ثم بدأ يهجم بشدة على الظلم .. وانتقاد شديد على الحكام الظلمة

وبدأ يحارب بشدة الإنغماس في المادية الجارفة التي عمت السلاطين وعمت الأمة وعمت العلماء أيضاً .. فهاجم خاصة العلماء
كيف تكون عالماً ؟؟ وتغرك الدنيا وتنشغل بها وهمك ماتأكل وماتلبس وماتسكن ؟؟ ..

ثم أخذ يدعو للعدالة الإجتماعية .. لايجوز أن تكون هناك طبقات مسحوقة في الأمة .. وطبقات تعيش في منتهى الترف .. كيف ؟؟ أين التكافل الإسلامي ؟؟

وكان أكثر ماهاجمه الغزالي وبذل فيه مجهوداً عظيماً
محاربة الإنحراف العقائدي .. والتيارات المنحرفة والفرق الضالة

طبعاً كانت كلها أطروحات نظرية .. ولكنها ككل حركة إصلاحية تبدأ بطرح فكر .. ومع الأيام يبدأ الفكر يتغلغل وينتشر حتى يتبناه الشعب ويتبناه الحكام .. فهكذا كان عمل الإمام الغزالي رحمة الله عليه

الحركة الإصلاحية هذه ظلت تعمل حوالي 100 سنة إلى أن آتت ثمارها على أرض الواقع ..

يقول الدكتور طارق .. تغيير الفكر وتغيير المجتمعات .. ليس مثل تغيير الحكام .. فجأة ينقلب هذا على هذا وتتغير الأمور .. لا .. تغيير الفكر أمر يأخذ وقتاً طويلاً .. وآثاره عظيمة . راسخة

من آثار هذه الحركة الإصلاحية ..
نشأ جيل جديد من العلماء ونشأ جيل جديد من الحكام ..
ومن نتائج هذه الحركة بعد 100 سنة أن ظهر لنا حكام من أمثال :

عماد الدين زنكي .. نور الدين زنكي .. و صلاح الدين الأيوبي

احفظوا هذه الأسماء التي كانت نتاج الحركات الإصلاحية التي انتشرت في بلاد المسلمين .. بتشجيع من نظام الملك الوزير صاحب النفوذ العالي عند السلاجقة

والذي يقرأ في تاريخ هؤلاء الحكام .. يرى تأثر واضح بمنهجية الإصلاح

فما جاء عماد الدين ولا نور الدين ولا صلاح الدين من فراغ
ماكانوا هكذا مجرد أشخاص سيطروا على الحكم وأصلحوا الأمة وأعادوا المقدسات .. لا .. بل جاؤا نتاج جهود عظيمة لحركات إصلاحية إسلامية تجديدة تغلغلت في الأمة حوالي 100 عام

هذه كانت أحوال بلاد الشام والعراق .. العالم الإسلامي ممزق وفيه حركات إصلاحية تحاول نشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة والبعد عن الإنحراف العقائدي

في نفس الوقت كانت هناك حركات تجديدية مسيحية .. تجري في إوروبا
وعلى عكس العالم الإسلامي .. كانت المشاعر في أوروبا منتعشة خاصة بعد ماحدث من سقوط الدولة الأموية في الأندلس وتمزق الأندلس وسيطرة فرناندو حاكم مملكتي قشتالة وليون الصغيرتين الواقعتين في شمال الدولة الأموية السابقة على شمال الأندلس ..

هنا ظهر أحد أخطر من غيروا في التاريخ الأوروبي ..
هو أحد الباباوات .. بابا كاثوليكي (( أي من الجزء الغربي من الرومان ))
اسمه (( غريغوري السابع )) وهو أصلاً من ألمانيا .. ويعتبر البابا رقم 154 في تاريخ البابوات المسيحيين

كان غريغوري هذا صاحب حماس ديني شديد وكان صحب فكر ونظر ورؤية بعيدة ..

فبدأ يحرك الرهبان الكاثوليك للعمل .. بالذات في فرنسا
وفرنسا لمن لايعرف فرنسا .. من أشد الدول حماساً للدين
وحث غريغوري الرهبان للعمل بالذات بين القبائل ( النورماندية ) وهي قبائل همجية اجتاحت أوروبا واكتسحتها في أزمنة ماضية اجتياحاً همجياً بربرياً .. مثل اجتياح المغول للشرق ..

ففعلاً نجح غريغوري نجاحاً كبيراً في ما أراد فبدأ نفوذه يتسع
حتى صار الحكام يخافونه ..

عانده أحد الحكام .. ما أطاعه ولم يلتزم بأمره .. فأصدر صك
بحرمان هذا الحاكم حرمان إلهي من الجنة .. وأعلن كفره

في ذلك الزمان قضية الدين في إوروبا قضية كبيرة جداً عند الشعب
فبدأ الشعب يرفض طاعة ذلك الحاكم .. انظروا التأثير
حتى اضطر ذلك الحاكم أن يمشي حافياً من بلده إلى روما
ويقبل يد البابا حتى يعفو عنه ..

يقول الدكتور طارق ضاحكاً .. بكلمة واحدة .. بصك حرمان من الجنة .. الجنة بيده !! .. بقرار واحد من البابا بالحرمان من الجنة .. يخسف أي حاكم من الحكام .. فبدأ حكام أوروبا يتوددون إلى البابا ويخضعون له خوفاً من قضية الحرمان الإلهي ..

حين اكتسح السلاجقة آسيا الوسطى الحاكم البيزنطي ( الأورثوذوكسي )
خاف على حكومته .. وخاف على ملكه .. فلما رأى نفوذ البابا غريغوري بدأ يشتعل ويتسع ويشتد .. استعان به .. رغم أن حاكم بيزنطة أورثوذوكسي ورغم أن البابا غريغوري السابع كاثوليكي .. وعلى مابينهم من العداء والإختلاف .. إلا أنهم أخيراً نصارى .. تعاضدوا أمام الأتراك السلاجقة المسلمين

وفعلاً فكر البابا .. فهذه فرصته أولاً لإيقاف السلاجقة المسلمين
ثم لفرض سيطرته على بيزنطة وتوحيد أوروبا في دولة مسيحية واحدة تحت سلطة البابا .. فاستجاب البابا وبدأ يعمل

بدأ غريغوري يدعو حكام أوروبا لمساندة بيزنطة رغم العداء الشديد الذي بينهم
بالإضافة إلى الدعوة إلى مساندة لفرناندو شمال الأندلس .. وظلت الدعوة المسيحية تعمل لتحفيز الناس على دعم توسع فرناندو ودعم دفاع بيزنطة ضد السلاجقة .. إلى أن مات غريغوري قبل بداية أي حملة .. فخلفه اسم من أخطر الأسماء في التاريخ الصليبي .. ( أوربان الثاني ) وهو مشهور في تاريخهم ومعروف وصوره إلى اليوم مرسومة عندهم ويجلونه ويقدسونه ويعتبرونه من أعظم البابوات الذين مروا عليهم .. أوربان هذا هو تلميذ غريغوري

تربى على أفكاره وتبنى كل مبادئه ..
فبدأ يدعو لإستمرار الحروب
وجعلها حروباً مقدسة صليبية ..

في نفس العام الذي تولى فيه أوربان سلطة البابا .. كان الفونسو السادس في عام 1085 للميلاد قد استطاع السيطرة على طليطلة

سقوط طليطلة في وسط الأندلس .. هز العالم الإسلامي .. ولكن ما أحد تحرك

سقوط طليطلة .. هز أوروبا أيضاً .. فاشتعل الحماس في أوروبا
بأول انتصار رئيسي للمسيحيين على المسلمين .. أول انتصار بارز لمدينة مهمة من مدن المسلمين .. وهي مدينة تقع في منتصف البلاد بالضبط

فرح المسيحيون وقام البابا أوربان الثاني وأعلن الحركة الصليبية نحو استرداد الأراضي المقدسة .. من بيت المقدس .. وكثف دعم بيزنطة أمام التوسع السلجوقي .. وبدأ ينشر إشاعات أن المسلمين صاروا يعتدون على الحجاج النصارى الذين كانوا ومازالوا يحجون إلى الأماكن المقدسة لهم في بيت المقدس منذ مئات السنين .. ويعتدون على المقدسات المسيحية ويدنسون قبر المسيح

فأشعل الحماس في أوروبا وكانت استجابة غير متوقعة
خاصة في فرنسا وإيطاليا
أكثر بلدتين تحمست للدعوة الصليبية ..

هذا ماكان يحصل في أوروبا .. أما في بلاد المسلمين فالوضع كان يزداد انقساماً ..

ففي عام 1090 من الميلاد .. خرج رجل اسمه الحسن بن الصباح

الحسن هذا .. هو مؤسس الفرقة الإسماعيلية النزارية التي اشتهرت في كتب التاريخ بإسم ( الحشاشين ) ..

الحسن بن الصباح هذا قصته طويلة .. بإختصار .. هو إسماعيلي
لما صار الصراع بين أبناء المستنصر النزار والمستعلي .. هو أيد النزار

وأعلن الولاء للنزار .. وأعلن تأسيس الدعوة النزارية .. وأعلن الثورة على الدولة الفاطمية التي سيطر عليها المستعلي .. ومن عقائد هذا الرجل .. جواز استخدام الحشيش .. فكان يسيطر على كثير من الناس بالحشيش .. ولذلك كانوا يسمون ( الحشاشين ) .. أيضاً استباح دماء كل المسلمين الآخرين .. وبدأ بأسلوب لم يكن مشهوراً في الأمة .. ماكان يواجه كجيوش أي أحد يعارضه أو أحد يجد منه خطراً عليه .. يرسل له فرقة من فدائية من الحشاشين يغتالونه ، فسيطر على مايقارب 100 قلعة حوالي قلعة ( آلموت ) وآلموت هي قلعة حصينة في أعالي جبال جنوب بحر قزوين ( راجع الخريطة )


ولمعرفة المزيد عن الحسن بن الصباح تفضلوا هذه الزهرة من بستان تركي الحمد الكاتب المشهور والمعاصر ..

http://www.aawsat.com/leader.asp?sec...4&issueno=8706

ولمعرفة المزيد عن قلعة آلموت اقرأوا عنها في هذا الرابط

http://ar.wikipedia.org/wiki/قلعة_ألموت

بعد خمس سنوات من قيام الدعوة النزارية .. قتل النزار بن المستنصر وسيطر المستعلي سيطرة كاملة على الدولة الفاطمية

هنا أعلن الحسن بن الصباح الخلافة للحسن بن نزار ..
وأسس الدولة النزارية في مناطقه .. وهذا اسمها عنده
أما اسمها المشهور في التاريخ .. فـ ( دولة الحشاشين )

وبدأت المعارك الآن .. من جهة بين الحشاشين والفاطميين
وبين الحشاشين والسلاجقة المسيطرين على العراق من جهة أخرى

تذكروا أن اسلوب الحشاشين كان ( الإغتيال )
فمن أبرز عمليات الإغتيال التي نفذها الحشاشون .. عملية اغتيال الوزير العظيم ( نظام الملك ) !!!!!!

وبدأت سلسلة اغتيالات استمرت مئة سنة .. على يد الحشاشين

الان نتوقف مع الدكتور طارق لنأخذ صورة عن العالم الإسلامي قبل الحملة الصليبية الأولى ..

الإسماعيليون الفاطميون يسيطرون على مصر
+ صورة من الحكم على الشام ..
والشام يحكمها فعلياً حكام المدن ( الولاة )
+ صورة من الحكم على غرب الجزيرة

الإسماعيليون القرامطة يسيطرون على شرق ووسط الجزيرة

السلاجقة الأتراك مسيطرين على العراق بإسم العباسيين
السلاجقة الروم ( هكذا يسمونهم ) يسيطرون على تركيا
وإن كان حكمهم في عام 1092 وهو في عز توسعه قد بدأ ينقسم
والقسمين أقوياء ..

بنو هلال وبنو حماد وبعض القبائل مسيطرة على جزء من المغرب العربي
المرابطون مسيطرون على باقي المغرب العربي وجزء من الأندلس

النورمان القبائل الهمجية التي اكتسحت أوروبا على غرار ماحدث من المغول في المشرق
في عام 1091 للميلاد أثناء كل هذه الأحداث .. استطاعوا أن يحتلوا جزيرة ( صقلية ) التي كانت تحت حكم الإسلام ..

يؤكد الدكتور طارق .. صقلية المعروفة اليوم .. كانت دولة إسلامية .

فسيطر عليها النورمان واشتعل الحماس في أوروبا
( طليطلة ) من جهة الغرب .. و ( صقلية ) في الشرق تسقطان ؟؟
إذن المسلمون لا يستطيعون فعل شيء ..

فبدأوا دعوة للتحرك وتجييش الجيوش .. ثم الهجوم

الفاطميون .. حين سمعوا بهذه التحركات من قبل النصارى
وحين يشاهدون السلاجقة في عز توسعهم حتى أنهم وصلوا إلى الشام وجنوب شرق الجزيرة .. أرسلوا للصليبيين يدعونهم لأخذ الشام .. حتى يكونوا بينهم وبين السلاجقة ..

ماكانوا خائفين من النصارى .. كانوا يخافون من السلاجقة المسلمين

فانظروا الخيانة العظيمة التي بدأها الفاطميون كما يقول الدكتور :
وستتكرر خياناتهم كما سترون .. يكرر الدكتور طارق .. من أسوأ الدول التي مرت على الأمة .. الدولة الفاطمية هذه

1095 للميلاد في اجتماع مسيحي كبير في كليرمونت في فرنسا
بقيادة البابا أوربان الثاني .. أعلن فيه الدعوة لتشكيل جيش مسيحي
يتحرك نحو البلاد المقدسة .. فبدأ الناس يأتونه من كل مكان
من المجر ( هنقاريا ) إلى انجلترا .. من كل أوروبا بدأ التطوع للحملات الصليبية .. ومن أهم أسباب تحرك الناس بالإضافة إلى الحماس الديني المشتعل والدعوة التي دعاها البابا لتحرير المقدسات المسيحية في القدس .. أنه يوجد في أوروبا طبقة فقيرة معدمة .. ماتجد ماتأكل .. فوجدوها فرصة ولسان حالهم يقول : من ناحية يطعموني في الجيش .. ومنها إذا فتحت لنا البلاد نصبح أغنياء

البابا أوربان صور لهم العالم الإسلامي على أنه عالم ممزق وأنه عالم غني جداً وجاهز لمن يأخذه ..

قارنوا هذا بما يحصل اليوم .. نفس الدعوات - كما يقولها الدكتور طارق

ففعلاً بدأ الطمع في ثروات المشرق ينتشر بين الناس ..
وكان التوجيه الفكري والقيادة من قبل البابا وفعلاً تحمس الرهبان لحرب مقدسة وتحركوا .. وبدأوا يكونون جيوشاً شعبية كان أولهم راهب يسمى ( بطرس الناسك ) .. بالإضافة إلى مجموعة من الرهبان .. بيتر المفلس .. وفلان الحافي .. وهكذا مجموعة من الزهاد .. بدأوا يدعون لتشكيل جيش شعبي .. وقرروا عدم انتظار الحكام .. قالوا حكام أوروبا هؤلاء بطيئين والمقدسات لا تنتظر ..

فبدأ يتجمع إليه الناس بحماسه وخطبه العجيبة ..
وبدأ يشكل منهم الجيوش .. وصور لهم أن البلاد الإسلامية ليس فيها من يقف أمامكم .. وأنها بلاد مفتوحة وجاهزة .. فتحركت الحملة المسيحية النصرانية الأولى بقيادة بطرس الناسك .. لاحظوا لم تتشكل بواسطة حاكم حكام النصارى بل تشكلت على يد عالم من علمائهم .. ناسك من عبادهم

تحركت هذه الحملة النصرانية .. الشعبية التي تتشكل من عامة الناس ونساء وأطفال .. ليسوا جنوداً ولا عساكر ولم يدربوا على القتال .. تحرك منهم 80،000 بقيادة بطرس الناسك في عام 489 هجرية 1095 ميلادية فكان هذا التاريخ هو تاريخ أول تحرك للحملات الصليبية نحو المشرق

أي بعد 459 سنة ميلادية وحوالي 475 سنة هجرية من الفتح العـُــمري لإيلياء ( بيت المقدس ) ..

وصل التحرك الشعبي المنطلق بقيادة بطرس من غرب أوروبا
إلى بيزنطة ليعبرها إلى المشرق ..

فلم يفتح لهم الامبراطور البيزنطي الطريق
لأنه أرثوذوكسي وهؤلاء كاثوليك ..
فنزلوا هناك حول أراضي بيزنطة وعاثوا في الأرض فساداً هناك خاصة قرب القسطنطينية .. هنا تحت هذه القلقلة .. جهز لهم الامبراطور البيزنطي السفن ليعبروا إلى تركيا فيضرب عصفورين هو يريد أن يتخلص منهم ودخولهم في معركة مع السلاجقة الذين يهددونه .. يستنزف قوة السلاجقة ..

فلما سمع السلاجقة عام 1096 بهذه التحركات جاؤا بجيوش منظمة مدربة تدريب عالي .. أمام حملة شعبية قوامها 80،000 كلهم من عامة الناس فسحقوهم سحقاً .. وانتهت الحملة الصليبية الأولى بهذه الطريقة ..

صورة تعبيرية للحملة الصليبية الأولى ( الشعبية ) .. حملة الفقراء

حملة غير منظمة على الإطلاق كما يصفها الدكتور طارق
http://ar.wikipedia.org/wiki/حملة_فقراء_صليبية

في نفس العام 1096 للميلاد ..
كانت هناك حملة ينظمها الأمراء تجهز في نفس الوقت الذي كانت تتحرك فيه الحركة الشعبية ..
هذه الحملة التي كان قد دعا حكام أوروبا إليها البابا الراحل غريغوري وأكمل مشوار دعوته إليها البابا أوربان الثاني .. وقد نجحا في ذلك .. وفعلاً

تشكلت الحملة وسميت حملة الأمراء .. وتحركت الجيوش المدربة من فرنسا ومن إيطاليا ومن النورمانديين .. تعداد هذه الجيوش المقاتلة 150،000 مقاتل
ووصلوا إلى بيزنطة وأيضاً ساعدهم امبراطور بيزنطة على العبور إلى تركيا .. في قصة طويلة يعنينا منها مايخص الشام وفلسطين ..

وواجهوا السلاجقة .. السلاجقة لم يستطيعوا الصمود أمام هذه الجيوش الجرارة المنظمة والمدربة تدريب عالي جداً .. ومدعومين من بيزنطة القريبة جداً منهم .. ومن خلفها كل أوروبا ..

بعد أن كسر الجيش الصليبي جيش السلاجقة في تركيا واحتل عاصمتهم ( نيقية ) وهي في زماننا اليوم مدينة تركية .. انطلق هذا الجيش المنظم مباشرة إلى الجنوب باتجاه انطاكية في شمال الشام .. جنوب تركيا ..

فحاصروا انطاكية .. وهم في طريقهم إلى بيت المقدس
أثناء محاولة السلاجقة حماية هذه الأماكن .. والمعارك بينهم الصليبين مازالت قائمة .. تحرك الفاطميون نحو فلسطين فاحتلوا القدس .. وأخذوها من السلاجقة ..

يعلق الدكتور طارق بلهجته المحبوبة : الناس وين ! أمام الحملات الصليبية
وهؤلاء أين يفكرون !!

فصارت القدس أثناء الحملات الصليبية في يد من ؟؟
لم تكن بيد أهل السنة والجماعة ..
لم تكن بيد السلاجقة ولم تكن بيد الدولة العباسية

بل كانت في حكم الفاطميين الإسماعيليين

حاكم انطاكية المحاصر بدأ يحصنها .. والفاطميون يرسلون التهنئة للنصارى باحتلالهم ( نيقية ) عاصمة السلاجقة ..

هكذا وضع الفاطميين ..

وصلت الأخبار للعالم الإسلامي كيف سقطت عاصمة السلاجقة ..
وكيف أن انطاكية الآن محاصرة ..

فبدأت الحركة الإسلامية التي تكلمنا عنها بدأت تنشط ..
لتحريك الناس وتحريك الحكام بالدفاع عن بلاد الإسلام ..
وبدأ إعداد الجيوش في حلب .. وفي بغداد

وأول جيش تحرك هو جيش حلب .. انتظر الجيوش تأتي إليه فتأخرت وما استطاع الصبر أكثر .. ففي ظل اشتداد الحصار على انطاكية .. هجم بجيشه الصغير على الجيش النصراني بكامله .. فما استطاعوا أن يفكوا الحصار وانهزموا

في بداية العام التالي 1098 وصلت من أوروبا المزيد من القوات النصرانية .. وفي هذه الفترة أثناء حصار أنطاكية .. تحرك ( قوديفري ديليون أو ديبيون ) وهو اسم خطير في التاريخ الصليبي ..

أخذ معه من انطاكية جزء من الحملة ..
وتحرك شرقاً نحو ( الرُها أو الرَهى ) على حدود الشام مع العراق ..

والسر في هذا التحرك .. أن جماعة من الأرمن النصارى .. سكان الرها
بدأوا يراسلون قيادة الحملة الصليبية .. لسان حالهم يقول : تعالوا ونحن نساعدكم .. خلصونا من الحكم الإسلامي ..

وفعلاً استجاب قوديفري وتحرك نحو الرها .. وثار النصارى في المدينة وفتحتوا أبواب المدينة لغوديفري والقوة التي كانت معه .. وهكذا احتل النصارى الرُها فأسست أول مملكة صليبية للنصارى في بلاد المسلمين .. ( مملكة الرُهــــا ) قبل انطاكية التي لم يستطيعوا دخولها حتى الآن ..

من مملكة الرُها تحرك غوديفري فسيطر على حمص وحماة ووصل إلى بعلبك .. وبدأت مملكته النصرانية تتوسع ..

الفاطميون .. ماحركوا ساكناً ..

مع كل هذه الإحتلالات .. لم يساعدوا المسلمين بشيء
بل أرسلوا وفداً بالهدايا إلى النصارى .. للتهنئة بانتصاراتهم

وعرضوا عليهم عروضاً واتفاقيات .. ملخصها :

أن يأخذ النصارى شمال الشام ومافوقها لهم ..
وللفاطميين جنوب الشام وماتحتها ..

فوافق النصارى ! بشرط

أن تكون القدس لهم ..


يقول الدكتور طارق :

تذكروا ماذا يحدث هذه الأيام
كل القضية قضية القدس .. هي ( القــــدس ) في النهاية

فرفض الفاطميون .. لأن القدس ستكون في داخل ديارهم
ثم أنها دولة نصرانية وتأخذ القدس من المسلمين !!

أولاً وأخيراً القدس هي مدينة داخل ديارهم وهذا الخطر الأكبر بالنسبة لهم

فرفضوا .. قالوا .. لا .. إلا القدس

فالنصارى قالوا .. لا إتفاقيات إلا بالقدس

انظروا أثر القدس وعظمة القدس .. منذ ذلك الوقت
قضية القدس أساس في كل المفاوضات ..
وتنهار كافة المفاوضات على قضية القدس ..
لأنها مقدسة بالنسبة للجميع ..

الحاصل أنه بعد شهور من حصار انطاكية
أحد الأرمن من أهل انطاكية وكان يعمل من ضمن حراس أسوار أنطاكية وهو نصراني .. اتفق مع الجيش المحاصر وقام بخيانة أهل انطاكية وفتح لهم الحصن فاستطاع أن يدخل النصارى ويسيطرون على انطاكية في نفس العام 1098 ميلادية ..

بعد ثلاثة أيام فقط من دخول الصليبيين إلى انطاكية ..
وصل الجيش العباسي !!

تأخر الجيش العباسي لم يصل انطاكية قبل سقوطها أمام الحصار الصليبي .. ولكنه حين جاء حاصر انطاكية وفيها الصليبيين ..

واشتد الحصار على النصارى ..
لم يسمح الجيش العباسي لأحد أن يدخل ولا يخرج

حتى أكل النصارى داخل انطاكية الكلاب .. أعزكم الله

في تلك الأثناء أحد النصارى قام وأعلن أن المسيح جاءه في المنام ودله على حربته المسيح وأنها مدفونة في أحد كنائس انطاكية

فانتظر الخبر بين الناس وتحرك الناس نحو الكنيسة ..
فحفروا في المكان الذي قال عنه الرجل ففعلاً وجدوا حربة

يقولون أن القيادة الصليبية هي التي اخترعت ورتبت كل هذه التمثيلية
فالتهب الحماس النصراني .. وأن حربة المسيح .. لايهزم حاملها

فاشتد حماسهم للقتال ..وهنا طلبوا من ( كربوغا ) قائد الحملة العباسية وهو من الأتراك .. أن يسمح لهم بالإصطفاف لقتاله .. لايريدون القتال من وراء الحصون .. وإنما يريدون المواجهة المباشرة

كربوغا والمؤرخون يعتبرونه ذلك من أخطائه الرئيسية وافق لهم
لم يستمر بالحصار سمح لهم بترتيب الجيش استعداداً للمواجهة

في أثناء ترتيب النصارى لجيوشهم نشأ خلاف في داخل الجيش العباسي بين المسلمين .. هل قرار كربوغا صح أم خطأ .. ونشأ خلاف بين الأتراك والعرب .. وانشق الجيش انشقاقاً عنصرياً .. فهجم النصارى وكسروا الجيش العباسي .. واستمر التقدم نحو القدس

الآن لاتوجد مقاومة حقيقية من انطاكية إلى القدس .. طريق مفتوحة
انطاكية هي الحامية الرئيسية .. وقد سقطت

تحرك القائد النصراني يقود الحملة .. حافياً ماشياً على قدميه نحو القدس ( يقلد عمر )

حاكم طرابلس البلد المسلم العظيم بدأ يستنجد بالمسلمين وبدأ يقاوم ويقف في طريق المسيحيين .. وطرابلس مدينة غنية بثرواتها .. هنا المسيحيون انزعجوا وطمعوا فوجهوا قواتهم نحو طرابلس .. فحاصروها

بدأ حاكم طرابلس يستنجد بالمسلمين ..
فاستنجدوا بالعباسيين واستنجدوا بالدويلات التي في الشام واستنجدوا بالفاطميين .. وفي يوم من الأيام .. لاح لهم رسول يأتي من مصر بحراً إلى أن وصل إلى طرابلس .. فالناس ينتظرون لعل معه الأخبار التي تقوي من صمودهم أمام حصار الصليبيين .. والمرسول الفاطمي كما هو ثابت في التاريخ .. يطلب من حاكم طرابلس جارية جميلة سمع بها الحاكم الفاطمي ويريد أن يشتريها .. وطلب شراء بعض الخشب المشمش .. حتى يصنع منه آلات الطرب

أمام هذا الطلب الفاطمي .. انهارت معنويات المسلمين في طرابلس .. فاستسلموا .. وصارت طرابلس ثالث مملكة نصرانية في بلاد الشام بعد الرُها وانطاكية

ثم توسعت مملكة طرابلس .. وسيطرت على مايسمى اليومم لبنان .. بيروت وصيدا وضواحيها .. كلها دخلت تحت الحكم النصراني

الآن كل الجيوش النصرانية بدأت تجهز نفسها للتحرك نحو القدس
فتحركوا من الرُها ومن انطاكية ومن طرابلس .. الكل يتحرك نحو القدس ويتركون حامية في مناطقهم .. فكان أول من وصل هو غوديفري ديبيون .. وصل من الرُها وحاصر القدس ..

والقدس تستنجد بالمسلمين .. ويشتد الحصار عليها من غوديفري ..
في هذه الفترة والمسلمين لا يتحرك منهم أحد لإنقاذ القدس .. كانت أوروبا ترسل المزيد من الإمدادات والأسلحة .. عبر البحر وترسل أجهزة مثل الأبراج تستخدم في تسلق أسوار القلاع .. ونقلت هذه الآليات إلى القوات التي تحاصر القدس

هذه الأبراج الخشبية التي جاءت من أوروبا .. كانوا يحركوها نحو أسوار القلعة .. والمسلمون يقذفونه بالأحجار والقذائف المشتعلة فاستطاعوا أن يحرقوه

ثم حصل هجوم آخر على أسوار القدس ببرج آخر .. استطاع الصليبين حمايته حماية مكثفة بالمنجنيق والسهام ولم يستطع الحراس المسلمون أن يضربوا هذا البرج أو يحرقوه إلى أن التصق بأسوار القدس ..

وهنا بدأ القتال على أسوار القدس ..

وبعد 42 يوماً من الصمود .. استطاع النصارى أن يعبروا الأسوار
في 11 رمضان عام 490 للهجرة .. 15 يوليو 1099 ميلادية
سقطت الحامية الفاطمية في القدس .. واستسلمت للنصارى

فالذين سلموا القدس للنصارى .. هم الفاطميون

حتى الدولة الفاطمية في مصر ماأرسلت جيشاً لمساعدة المسلمين ..
حاميتهم في القدس .. ماساعدتها .. ولم ترسل لها أي امدادات

فهذه هي الخيانة العظمى التي قام بها الفاطميون

ودخل النصارى القدس .. وبدأ الذبح في الناس

في الشوارع .. أي انسان يجدونه يقتل

كبير صغير وجل امرأة مقاتل أو غير مقاتل .. يقتل

حاكم القدس الفاطمي .. ( افتخار الدين ) .. أو افتقار الدين كما يسمى
أخذ جنوده والتجأ نحو قلعة وتحصن فيها .. وترك الناس يذبحون

بدأ الذبح في الناس .. ومن استطاع من الناس أن يفر إلى خارج القدس فر .. والباقون فروا نحو المسجد الأقصى .. فملؤا الساحات .. واكتظ بهم المسجد الأقصى .. واكتظت الساحات .. بالأطفال والنساء والرجال والشيبان والمقاتلين وغير المقاتلين .. الجميع في المسجد الأقصى .. فحاصرهم النصارى في المسجد الأقصى


تجمع في المسجد الأقصى وساحاته 100،000 فلسطيني مسلم .. مئة ألف فلسطيني تجمعوا لحماية المسجد الأقصى ولجوءاً إليه وإلى ساحاته .. والجيش الصليبي يحاصرهم

وحينها اتخذ الحاكم النصراني قرار الذبح في المحاصرين من أهل القدس .. وبدأ الذبح

بدأ الهجوم بالذبح على الرجال والأطفال والنساء والشيوخ لا يفرقون بين أحد ..

هذا في التاريخ الأوروبي موثق ومسجل ..

يقول المؤرخ الغربي ( غوستاف لوبون ) ..
وهو أحد أعظم المؤرخين .. ويروي هذه القصة عن كاهن اسمه ( ريموند ناجيل ) كان حاضراً لتلك المذبحة .. يقول هذا الكاهن :
أفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان .. حتى صارت الجثث تعوم على الدماء .. وحتى صارت الأرجل والأيادي تسبح

وماعاد الجنود يطيقون رائحة البخار التي تخرج من الجثث .

ويذكر المؤرخ ( ريموند دوغلاس ) عن شاهد عيان .. يقول هذا الشاهد :

ما استطعت أن أشق طريقي بين الجثث .. إلا بشق النفس

ووصل الدم إلى الركب ..

يقول الدكتور طارق نحن ننقل هذا من كتب النصارى ودع عنك ما جاء في كتب المسلمين .. فتخيلوا المشهد .. تخيلوا المذبحة التي فعلها النصارى في القدس ..

ويروي أيضاً ( غوستاف لوبون ) أن الذين لم يقتلوا في مذبحة الأقصى
جمعوا كأسرى في أحد أبراج القدس ..
أدخل جميع الأسرى ذلك اليوم إلى ذلك البرج ..
وأكثرهم من الأطفال والنساء والعجائز والشيوخ ..

فأمر الحاكم النصراني بذبح الأطفال والنساء والشيوخ .. وأبقى الشباب على قيد الحياة .. لم يأمر بذبحهم .. وجمعهم وأخذوا ليباعوا عبيداً في انطاكية

ثم لما سيطر النصارى على القدس السيطرة الكاملة .. وفعلوا هذه المذبحة في المسلمين ..

جعلوا غوديفري ديليون حاكماً على مملكة بيت المقدس النصرانية ..

وقسموا المسجد الأقصى إلى أجزاء

فالجزء الأساسي منه حولوه إلى كنيسة .. وجزء آخر حولوه إلى مساكن للفرسان .. وجزء آخر حولوه إلى مستودع للذخائر .. وأسفل وأروقة الأقصى حولوها إلى اسطبل لخيولهم .. اشتهر عندهم برسم ( اسطبل سليمان )

قارنوا هذا إخواني وأخواتي بالفتح العـُــمري للقدس
وقارنوا هذا بالتسامح الإسلامي في التعامل مع الكنائس النصرانية في القدس .. وقارنوا هذا بالسماحة الإسلامية لهارون الرشيد مع بنائي الكنائس والحجاج المسيحيين

حتى تعرفوا تاريخنا وتعرفوا تاريخهم

تاريخ أسود .. من فعل هذا في التاريخ ؟؟ مجزرة شاملة لمدينة انكشف أهلها بعد انكسار حاميتها ؟؟
مجزرة كاملة بالنساء والأطفال والشيوخ ؟؟

الحاصل أنه عم الرعب الناس
عم الرعب في الأمة .. ففوراً

بدأت المدن الصغيرة القريبة .. بدأت تعلن استسلامها
هي لا تريد أن تحدث لها مجزرة كالتي حدثت في القدس ..

ومن أبرز المدن التي استسلمت بلا قتال .. ( نابلس )
استسلمت خوفاً ورعباً .. فتحت أبوابها للنصارى ..
ولسان حالهم يقول : تعالوا ادخلوا .. المهم ألا تذبحونا

يقول الشاعر :

أحل الكفر بالإسلام ضيماً .. يطول عليه للدين النحيبُ
أحق ضائع ؟؟ وحمىً مباحٌ ؟؟ .. وسيف قاطع ؟؟ ودم صبيبُ ؟؟
فكم من مسلم أمسى سليباً .. ومسلمة لها حرم سليبُ
وكم من مسجد جعلوه ديراً .. على محرابه نصب الصليبُ

دم الخنزير فيه ، لهم خلوق .. وتحريق المصاحف فيه ، طيبُ
أمور لو تأملهن طفل .. لطفل في عوارضه المشيبُ

أتسبى المسلمات بكل ثغرٍ .. وعيش المسلمين إذن يطيبُ !!

أما لله والإسلام حق .. يدافع عنه شبان وشيبُ ؟؟

فقل لذوي البصائر حيث كانوا .. أجيبوا الله ويحكمُ أجيبوا