الشيخ الناغى جندي
عدد الرسائل : 4 العمر : 64 تاريخ التسجيل : 26/09/2009
| موضوع: أما تريد أن تجدد البيعة ؟ للشيخ الناغى بن عبد الحميد العريان السبت 26 سبتمبر 2009 - 15:36 | |
| [color:eed8=red ]أما تريد أن تجدد البيعة [color:eed8=blue]المقدمة الحمد لله الذى خلق السموات والأرض ، وجعل الظلمات والنور ، خلق الإنسان من طين ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، شرف آدم أبا البشر بخلقه بيديه ونفخ فيه من روحه ، وكرّم ذريته ، فصورهم فى الأرحام فى أجمل صورة وخلقهم فى أحسن تقويم ، ورزقهم من الطيبات ، وفضلهم على كثير من المخلوقات ، وزوّدهم بالعقل ليعرفوه وأمدهم بالنعم ليذكروه ، ويشكروه . أنزل الكتب ، واصطفى من الملائكة رسلا ، ومن الناس ، لإبلاغ عباده شرائعة من الدين ،ليعبدوه ويوحدوه ، فتكمل بذلك آدميتهم ، وتشرف به إنسانيتهم ويتأهلوا لكرامة الدار الآخرة ، والسعادة الدائمة فيها حيث كتب لهم ذلك وقدره تقديرا ، فسبحانه من رب رحيم وإله عظيم ، لا إله غيره ولا رب سواه . والصلاة والسلام التَّامان ، الأكملان ، الدائمان ، والمتلازمان على محمد حبيب الله ، وخاتم رسله وأنبيائه ، صفوة الخلق وخيرتهم ، وإمام الأنبياء وسيدهم صاحب لواء الحمد ، والمقام المحمود ، والحوض المورود ، وسيد كل مولود ، وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين ، وآل بيته الطيبين الطاهرين ، وصحابته البررة الراشدين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : فلقد آثرت أن أبعث بهذه الرسالة إلى الأمة الإسلامية قاطبة ، وإنى لأرجو من الله تعالى أن تصل إلى كل مسلم فى مشارق الأرض ، ومغاربها ، وأن ينفع بها كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، وأستن بهديه ، وهدى الخلفاء الراشدين المهدين من بعده ، وصار على دربهم ، ودرب صحابته الكرام وسلفنا الصالح إلى يوم الدين ، وهى رسالة تتعلق بالمراجعة ، والتوبة ، والعودة إلى المنهج القويم ، وتجديد البيعة مع الله تبارك وتعالى ، بعدما خرجت الأمة جميعها من هذا الشهر العظيم المبارك ، وهو شهر رمضان المبارك لهذا العام ، وإنى لأدعو الله تعالى أن يغفر فيه ما تقدم من ذنوب ومعاصى أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الشيخ / الناغى بن عبد الحميد العريان جمهورية مصر العربيه غرة شوال 1430 هـ 21 سبتمبر 2009 م
قال تعالى : أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ( سورة الحديد 16 )
مما لا شك فيه أن المسلم الموحد يؤمن إيماناً جازماً بوجود خالقه ، وعلمه به ، وقدرته عليه ، ولقائه به ، بعد موته ونهاية حياته ، ومجازاته إياه على كسبه الإختيارى . وكاعتقاده بوجوب طاعته فيما بلغه من أوامره ونواهيه من طريق كتبه ورسله ، طاعة تزكو بها نفسه ، وتتهذب بها مشاعره ، وتكمل بها أخلاقه ، وتنظم بها علاقته بين الخلق والحياة . وكاعتقاده بغنى ربه تعالى ، وافتقاره هو إليه ، وفى كل شأنه حتى فى أنفاسه التى يرددها ، فبالله تعالى حياته ، وعليه وحده توكله واعتماده ، إذ هو مَحط ُّ رجائه إذا طمع ، ومأمنُ خوفه إذا خاف ، بحبه يُحب وببغضه يُبغض . هو مولاه الذى لا مولى له غيره ، ومعبوده الذى لا معبود له سواه ، لا يرى ربوبية غيره ، ولا يعتقد ألوهية سواه . ومن أجل هذا الإعتقاد لدى كل مسلم موحد قام بما افترضه الله عليه من صلاة وزكاة ، وصوم ، وحج ، وسائر الأعمال التى تقربه إلى ربه تعالى فكان مما مر على الأمة الإسلامية منذ يوم واحد مضى إحدى هذه الطاعات ألا وهى صيام شهر رمضان تقرباً إلى الله تبارك وتعالى وطمعاً فى غفرانه . فلقد روى عن أبى هريرة رضى الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " ( متفق عليه ) . وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :« مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ». ( رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ ) فالذين صاموه بحقه وقاموا فيه لله رب العالمين سجداً وقياماً وتلاوةً لقرآنه الذى أنزله على نبيه فليبشروا بما وعدهم به المولى سبحانه وتعالى ألا وهو غفران ومحو ما تقدم لهم من ذنوب ، وأما من فرطوا فيه وألهتهم الحياة الدنيا بما فيها من غواية ونسوا ما افترضه الله عليهم فبئس ما صنعوا . فإلى الصنف الأول أقول : هنيئاً لكم بما قدمتم من طاعات فى هذا الشهر العظيم ، وإنى لأدعو الله تبارك وتعالى أن يتقبل منى ومنكم صالح الأعمال ، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم . فقد خَرجتَ منه كيوم ولدتك أمك وهذا رجائنا فى الله تعالى ، مغفوراً لك فأحرص على أن تظل صحيفتك بيضاء نقية من أن تدنس بمعصية ، أو ذنب ، أو كبيرة فتُذهب ما قدمت من عمل ولا تكن كمن قال فيهم المولى سبحانه وتعالى : ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ (الفرقان 23) وذلك بتفريطك فى جنب الله وبطاعتك لشياطين الإنس والجن ، فهل هناك عاقل يعانى كل هذه المعاناه طوال شهراً كاملاً من صيام وقيام وتلاوة لكتاب الله ودعاء وتضرع وتذلل ثم يفرط فيها فيُؤتى بها يوم القيامة فيجعلها الله هباءً منثوراً ؟ كلا وأنا معك أقول نعم كلا وألف كلا . إذاً فبما نوصى أنفسنا ؟
تعمدت أن أجمع فى الوصية لأننى بحاجة مثلكم لهذه الوصايا فأوصى بقول الله تبارك وتعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ ( البقرة 153) وهذه الوصية فيها والله خير الدنيا والآخرة إذ أن بالصبر والصلاة ينال العبد رضى الرب سبحانه وتعالى . يقول ابن القيم رحمه الله : أن الصبر خير لأهله مؤكداً باليمين ، فقال تعالى : ﴿ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ (النحل 126) . وأن مع الصبر والتقوى لا يضر كيد العدو ولو كان ذات تسليط ؛ فقال تعالى : ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ ( آل عمران 120) . وعن محبته لأهله ، وفى ذلك أعظم ترغيب للراغبين ، فقال تعالى : ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ ( آل عمران 146 ) . ولقد بشر الصابرين بثلاثة كل منها خير مما عليه أهل الدنيا يتحاسدون ، فقال تعالى : ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ (البقرة 157) . ( كتاب عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين لابن القيم صـ 19 ) وأما الصلاة فقد وقت الله لنا أوقاتها فقال تعالى : ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ ( النساء 103) فمن قام عليها فى وقتها كما أمره الله ورسوله كانت له معيناً على النجاة من النار ومن غضب الجبارعز وجل . ولتحذر من أن تفرط فى القيام إليها كما أمرك الله ورسوله أو أن تتكاسل عنها فتدخل فى ذمرة المنافقين والعياذ بالله رب العالمين كما وصفهم عز وجل فى قوله : ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ﴾ (النساء 143) . فإن تمسكت بهذه الوصية أذهب الله عنك السيئات كما قال تعالى : ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ ( هود114) . هذا بجانب أعمال البر والخير التى أمرنا الله عز وجل بها وعلمنا إياها النبى صلى الله عليه وسلم والتى لا يتسع المقام لذكرها فى هذه الرسالة المختصرة والتى أردت من ورائها أن أذكر المسلمين الذين قاموا فى هذا الشهر المبارك بطاعتهم لله رب العالمين ، فأحذر من التهاون أو التباطئ أو التراخى أو العودة لما كان بعضنا عليه من ارتكاب للمعاصى ، واقتراف للذنوب أعاذنى الله وإياكم منها . فأنت أيها المسلم لا تدرى هل سيأتى عليك رمضان آخر حتى تجد فيه وتجتهد فى الطاعة لرب العالمين حتى يغفر لك ما تقدم من ذنبك أم لا . وأما الصنف الثانى فأقول : إياك ثم إياك أن يتغلب عليك الشيطان فهو يحاورك على شتى المحاورفلن يأل جهداً ولن يجد طريقاً أو سبيلاً ليوقع بك إلى الهلكة إلا سلكه فإن وجد منك تراخى غلبك على ذلك . فكان لك قريناً والله تعالى يحذرك بقوله : ﴿ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ﴾ ( النساء 38) خصوصاً وأنت مهيأ له فقد فرطت وتهاونت وسلكت مسلك الغاوين فألتهك الدنيا بزينتها وسيطرت على جوارجك النفس الخبيثة فأبعدتك عن القرب من الله والأنس به فأنت فى حاجة إلى أمرين هامين : الأول : معرفة من بيده النفع والضر ومن بيده الأخذ والعفو ومن بيده الخير كله فأنت الأن تقول نعم أعرفه . إنه الله ، وأنا أقول معك نعم . ولكن كيف عرفت هذه الصفات ؟ هل أديت حقها ؟ وهل عملت من أجل أن تنالها ؟ والجواب عندك أنت ، وما أردت إلا أن أدلك على طريق الخلاص فما زالت أمامك فرصة سانحة . الثانى : محاسبة النفس والعودة والإنابة لله رب العالمين والتوبة النصوح فالمحاسبة تتطلب منك عرض حالك على نفسك المطمئنة فأنت فقير إلى جلب ما ينفعك ، ودفع ما يضرك ولن يكون ذلك إلا بقربك من الله . فعليك أن تعلم بأنه سبحانه وتعالى أرحم بك منك وأرحم من الأم بولدها فلا يغرنك الشيطان وتذكر قول ربك : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ ( الزمر 53) . فولله كفاك بهذه الآية دليلاً وكفاك بها خلاصاً مما أنت فيه ، وكفاك بها حجة عليك ، فإن كنت ممن أسرفوا على أنفسهم فى المعاصى والذنوب وترك ما أمرك الله به أو التقصير فيما نهاك عنه أو الإعراض عن منهج نبيه فأمامك المخرج وقد أطال الله فى عمرك حتى أعدت النظر فى توبتك مرة أخرى . فعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله تعالى يغفر لعبده أو يقبل توبة عبده ما لم يغرغر " رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين . وهذا الحديث قد حسم به النبى صلى الله عليه وسلم المسألة حتى لا تيأس من رحمة الله تبارك وتعالى . ولكن عليك أن تحذر فلا تضيع الوقت ولا تسوّف فأنت لا تدرى أى الساعة ساعتك ولا تدرى بأى أرض تموت ، فربما قُبضت فجأة وعلى حين غرة ، وحينها لن ينفعك تسويفك ، وتضيعك للوقت كمن يموت بسكتة قلبية أو بحادث سيارة مفاجئ أو مما شابه ، أعاذنى الله وإياكم من ذلك فلا تستطيع حينئذ أن تتفوه بكلمة بل ربما لم تلهم النطق حتى بكلمة التوحيد . فسارع بالقرب من ربك والأنس به وطاعته والندم على ما فاتك وابكى على خطيئتك وتب توبةً نصوحا وشروطها كما عرفها سلفنا الصالح . هى الإقلاع عن الذنب أو المعصية وثانيها : الندم على فعلها ، وثالثها : العزم على ألا تعود إليها ، ورابعها : رد الحقوق إلى أصحابها فى الدنيا إن كان لإحد عنك شيئاً منها . وصدق محمد بن كعب القرظى حينما قال : بأن التوبة النصوح هى : الإقلاع بالأبدان ، والإستغفار باللسان ، وإضمار عدم العود للجنان ، ومفارقة سئ الخلان . نعم والله " فالمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " كما أخبرنا المعصوم صلى الله عليه وسلم ( رواه أحمد جـ 14 / 142 عن أبى هريرة رضى الله عنه . ونختتم هذه الرسالة بقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " التوبة النصوح تكفر كل سيئة وهو في القرآن ثم قرأ " ﴿ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ﴾ الآية هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه الحاكم في مستدركه ج2/ص538 ح3831
فهلا جددنا البيعة مع الله عز وجل ؟
أسأل الله العظيم أن يهدينا ويهدى بنا وأن يجعلنا سبباً لمن اهتدى ، ولا تنسونا من صالح دعائكم . أخوكم فى الله الشيخ / الناغى بن عبد الحميد العريان | |
|