منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شهادة طبيب عائد من غزة 2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
tahsseenz
مساعد
مساعد
tahsseenz


عدد الرسائل : 48
العمر : 40
تاريخ التسجيل : 02/05/2008

شهادة طبيب عائد من غزة 2 Empty
مُساهمةموضوع: شهادة طبيب عائد من غزة 2   شهادة طبيب عائد من غزة 2 Emptyالخميس 12 فبراير 2009 - 14:06

[u]إلى أصحاب النظرات المادية[/u]

وماذا عن المرابطين المجاهدين، ما حالهم، وكيف انتصروا، ما المواقف التي مرت بهم. تهفو النفس لسماع مواقف التأييد والنصر من الله وكأننا ننتظر المؤكدات حتى نستشعر المعاني التي وردت في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم من نصرة ومعية الله للمؤمنين.

وهكذا حال أصحاب النظرات المادية الملموسة لكي يزدادوا اقتناعًا، ولو كان الإيمان صادقًا راسخًا في القلوب لما تلمسنا أو تحدثنا عن هذه المواقف. وأحسب أن الكثير من الحكايات سيحجم أصحابها عن روايتها ويحتفظون لأنفسهم بتفاصيلها. إننا ننتظر من الله أن يرينا آية والآيات بين أيدينا لا تبصرها أعيننا لغشاوة المعصية ولقسوة القلب. أجل إن تثبيت الله وعد للمؤمنين المجاهدين وليس للمتخاذلين النائمين، نقف وندعو أن ينتصر لنا الله ونحن متفرجون، ولكن سنة الله أنه عندما يبذل المجاهدون يتنزل النصر وتتنزل النصرة وتتنزل الملائكة، يسخر الله كل خلقه للمجاهدين طوعًا لهم وسترًا عنهم وبذلا ًمعهم.

وهذه بعض الحكايات التي سمعناها وهي قليل من الواقع إذ إن طبيعة عملنا لم تسمح لنا بمقابلة المرابطين ولكننا كنا نتلمس الثبات من بعض المصابين، كانوا يتحدثون على مضض حتى لا يحبطوا أعمالهم ولكننا كنا نشق عليهم حتى يرووا لنا ما عايشوه.
يروي أحدهم أنه قبل أن تنطلق أو تصل إلينا صواريخ اليهود نسمع أصواتًا أو حركة طيور وكأنها تحذير من قدوم الخطر فنأخذ حذرنا وهذا كان يقلل عنا المخاطر. يروي آخر رأينا فوجًا من الدبابات والعربات وبدأنا نخطط للتسلل إليه وزرع المتفجرات، وإذا بغشاوة تنزل إلى الأرض تحجب الرؤية وتسترنا ولا ترتفع حتى نعود. تطير الزنانة فوقنا (طائرة التجسس) فلا ترانا ولا ترى مواقع إطلاق الصواريخ.

يروي أحد الأفراد العاديين الذين اقتحم اليهود بيوتهم الواقعة في المناطق الزراعية على أطراف المدن كيف كان يعذبهم اليهود ليدلوهم على مواقع إطلاق الصواريخ، وينقل الراوي بتعجب ننظر فنري المواقع ولا يراها اليهود وعند إذ استشعرت قول الله ﴿وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9)﴾ (يس) فازددت ثقة بأن الله مع المقاومين ولم أتحدث بشيء. المرابط يجلس في خندقه فيسمع تسبيح الشجر من حوله فيزداد ثقةً وثباتًا. مما سمعناه أن اليهود كانوا يصطحبون كلابًا شرسةً مدربةً، وأن أحد المرابطين وجد كلبًا يتقدم تجاهه فتحدث إليه قائلاً نحن مقاومون في سبيل الله ومأمورون أن نجلس في هذا المكان، وكأن الكلاب تعي فجلس الكلب يمد رجليه في سكون فيرمي له المرابط تمرات كانت معه يتقوت عليها فيأكلها الكلب ويرحل. ومما حكاه جنود اليهود أن جنودًا يلبسون زيًّا أبيض يقاتلونهم. إلى غير ذلك من الحكايات والروايات التي لا يجب أن نقف عندها كثيرًا فبين أيدينا كتاب ربنا وحديث نبينا يوضح بما لا يدع مجالاً للشك معية الله للمرابطين ونصرة الله لمؤمنين.

﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)﴾ (لأنفال).

﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)﴾ (الأنفال).

﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ (الأنفال: من الآية 17).

﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51)﴾ (غافر).

﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنْ اللَّهِ فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ (2)﴾ (الحشر).

إن أهل فلسطين ازدادوا يقينًا مع يقينهم وإيمانًا مع إيمانهم وثباتًا مع ثباتهم إذ عاشوا هذه المواقف بعد أن قدموا كل ما يملكون لنصرة دينهم امتثالاً لأمر ربهم فاستحقوا أن تتنزل عليهم النصرة من ربهم.

نسمات الحرية وطعم الإيمان


في ظل هذه الأحداث وتلك المواقف، في ظل الدمار والهول، في ظل الأشلاء والقتل وجد الإنسان لنفسه لحظات يخلو فيها مع نفسه يحس فيها طعم الإيمان ويتنسم نسمات الحرية.

كنا نعمل حتى إذا هدأت الأحداث يتلمس كل منا لحظات راحة وما أن يحاول المرء أن يريح جسده حتى تنطلق الأفكار ويقارن بين هذه الحياة والحياة التي كان يعيشها فبالرغم من الفارق الكبير: الفارق بين التعب والراحة، الهول والأمن، الجوع والشبع، المهلكات والملذات، إلا أن هناك مشاعر أخرى، مشاعر لم يعشها الإنسان من قبل كانت تطغى على النفس والفكر والعقل، مشاعر حقيقية ليست كالمشاعر المزيفة التي كان يعيشها أو التي كان يزعم أمام الناس أنه كان يعيشها. بدأت هذه المشاعر تظهر تدريجيًّا وتزداد مع الوقت يعيد الإنسان معها بناء نفسه، يعيد ترتيب أولوياته، يعيد تحديد أسس الاختيار في حياته. لقد نفض الإنسان عن نفسه غبار الذل، الذل للنفس، الذل للشهوات، الذل للمادة، الذل لأي شيء، وبدأ يتنسم نسمات الحرية الحقيقية، إنها نسمات لهواء لم يستنشقه من قبل، هواء الحرية، ولا أستطيع أن أصف كيف كان أثر دخول هذا الهواء إلى الصدر وكم كان يحمل من أدران النفس عند خروجه، لقد بدأت تتولد معانٍ جديدة، حتى عندما كنا نصلي أو نقرا القرآن أو ندعو هناك معانٍ جديدة لا أحسب أننا كنا سنعيشها إلا في هذه البقعة المباركة أو في رحاب تلك الأحداث الفارقة.

لقد تنسمنا بحق نسمات الحرية، لقد ذقنا بحق حلاوة الإيمان، لقد استشعرنا بحق لذة العبودية، لقد أحسسنا أننا في رحاب الصحابة الكرام أو بين أنفاس التابعين، لقد استشعرنا أننا في رحاب ومعية رب العالمين.

فراق أليم وميلاد جديد

مرت الأيام سريعة ووضعت الحرب أوزارها وانتفض الجميع فرحًا لقد انتصرنا، أجل انتصرت قوة الإرادة والصمود (ولهذا حديث آخر)، تزايد وفود الأطباء من كل أنحاء العالم، فكان أن طلب اتحاد الأطباء منا أن نعود ونخفف الحمل عن المستشفيات، ومنذ أن سمعنا هذا الطلب بدأ الذهول يدخل إلى النفس، هل سنعود مرة أخرى ونترك تلك البقعة الطيبة وهذه المشاعر الفياضة والمعاني الإيمانية العظيمة، نحاول أن نؤخر موعد العودة، قد تنقلب الأوضاع مرة أخرى، نتلمس أي عذر للبقاء ولكن بعد يومين من وقف إطلاق النار وجدنا أنفسنا أمام حقيقة لا بد منها أننا سنعود.

ولكن هل سنعود كما أتينا، وهنا بدأت المشاعر والمقارنات بين أول لحظة تحركنا فيها منذ بداية الرحلة ونحن في طريقنا إلى فلسطين وبين لحظات الوداع والفراق لهذه الأرض الطيبة ولهذه النفوس الزكية ولهذه النسمات النقية والمشاعر الإيمانية. شتان بين الحالتين حال القدوم وحال العودة. نفكر في الدنيا والأهل والأبناء والأموال عند بداية رحلة القدوم، ونفكر في الآخرة وحقيقة الحياة والأجر والثواب عند الله مع بداية رحلة العودة. لحظات الانتقال والانتظار في رحلة القدوم بما تحمله من تعب وتضحيات وندم على الذنوب والمعاصي، وما يقابلها من لحظات تفكر فيما سنقدمه أو نفعله بعد أن نعود. لحظات فراق الأهل ومشاعر الخوف والقلق مع بداية رحلة القدوم، وما يقابلها من مشاعر العزة والنصر والسعادة.

لقد كانت رحلة العودة بحق ميلاد جديد لشخصيات ونفوس جديدة، عزم جديدة على التغلب على كل شهوات وملذات النفس والدنيا. أضحى كل شيء في هذه الحياة الدنيا هينًا يسيرًا مقابل ما عايشناه أو شاهدناه، مقابل تلك النماذج الفريدة التي قابلناها. لقد تعلمنا معنى العزة والكرامة، تعلمنا معنى الإباء والصمود، تعلمنا معنى حب الوطن والتضحية في سبيله، تعلمنا معنى العطاء دون انتظار المقابل، تعلمنا معنى الحرية والإيمان الحقيقي، تعلمنا معنى أن نكون عبيدًا لله بحق فنفوز بمعية الله.
ولا يفوتني أن أنقل بعض المشاعر الحقيقية التي رأيناها، مشاعر انطلقت عفويًّا من أصحابها دونما تكلف، أحد الأطباء المرفهين الذين يعيشون حياة الترف والنعيم وبعد أن طال الانتظار والجلوس على الأرصفة في معبر رفح بالجانب المصري وفي انتظار الإذن بالدخول، يتحدث بعض المنظمين أنه من يريد أن يرجع فليرجع، فإذا به يثور لقد جئنا لهدف محدد ولن أعود إلا بعد أن أتمه لن أعود حتى أعين إخواننا المصابين، آخر يبكي ويقول هل يردني الله ولا يقبلني سأصبر حتى أدخل، وغير ذلك من النماذج التي تغلبت على ظروفها ومرضها وتحملت حتى استطاعت الدخول، تنظر إلى هذه النماذج وهي عائدة، نفوس أخرى معنويات عالية، أجل إن الإيمان لن يأتي إلا بالعطاء والتضحية والبذل وعند ذلك ستتفجر المعاني ويظهر الأثر على النفوس.

ما إن وطأت أقدامي أرض مصر الحبيبة وما أن وصلت إلى بيتي ونظرت إلى أهلي وحملت طفلتي الصغيرة بين يدي، بدأت أنظر إليهم جميعًا فينفذ البصر من أعينهم لأرى أعين الأمهات والأطفال في فلسطين، أرى الرجال والشباب هناك، أراهم ينظرون إلى ماذا أنت فاعل بعدما رأيت وعايشت، أنظر فلا يفارقني وداع إخواننا الفلسطينيين ووصيتهم لنا (لقد عايشتم قضيتنا ولمستم أحوالنا فاحملوا ذلك إلى وطنكم ولا تنسونا بعد ذلك) وصية تعيش حية في النفس أسمع صداها يتردد في الأذن مهما طال الوقت أو بعدت المسافات.

أجلس أتفكر في إجابة لما سأقوم به بعد عودتي، لا أجد إجابة واضحة ولكني أدرك تمامًا أنه ستكون هناك بداية جديدة، نظرة جديدة لكل شيء: الأهل الأبناء العمل العلاقات التبعات، نظرة جديدة للدنيا وللحاضر والمستقبل، نظرة جديدة لدوري تجاه المجتمع من حولي وتجاه أمتي، نظرة جديدة تجاه علاقتي بربي. أشياء كثيرة تحتاج إلى وقفات وتعديلات وإعادة تقييم ولكن ليس بمقاييس أهل الدنيا بل بمقاييس الآخرة.

إرادة الانتصار وانتصار الإرادة

منذ أن بدأت الخليقة وظهر الظلم أو الجور في الأرض يعيش العالم معادلة المقاومة بين المظلوم والظالم، بين المعتدي عليه والمعتدي، بين المغتصب حقه والمغتصب، ودائمًا ما يتدرج الظالم مع المظلوم في خطوات عدة:-

* يبدأ معه بالإغراء، إغراء المال أو المنصب، الإغراء بالحياة الرغيدة وإلى ما غير ذلك. كما عرض كفار قريش على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الأموال والمنصب والنسب، وكما يعرض اليهود على المقاومين وحماس التخلي عن قضيتهم مقابل مكاسب دنيوية.

ولكن يأتي سلوك أصحاب الدعوات ويأتي سلوك المقاومين في مقابل الإغراءات بالتحدي كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم "والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه" وكما قالت حماس والمقاومة لن نقبل بالدنيا ولن نعترف بإسرائيل ولن نفرط في حقوق شعبنا وأمتنا.

* فإذا نجح أصحاب الدعوات والمقاومين أمام اختبار الإغراءات جاءت التهديدات، التهديدات بالاعتقال أو النفي أو القتل أو مصادرة الأموال أو التعذيب، يقيس الظالم ردة فعل المظلوم فإن استسلم فقد حقق مراده دونما جهد أو تعب ولكن أصحاب الدعوات والمقاومين يتسلحون بالصبر في مقابل تلك التهديدات ويلتزمون طريق الحق مهما طال.

* وهنا يتخطى الظالم التهديدات ويبدأ في إلحاق الأذى بضحيته أملاً منه أن يخضعها، يكبلها بشتى أنواع الأذى: حصار، تجويع، تعذيب، اعتقال، مصادرة أموال، إلى ما غير ذلك، وهنا يقف أصحاب الدعوات الصادقون والمقاوم الحق موقف الثبات مظهرًا حقيقة إيمانه متمثلاً قول الله تعالي ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)﴾ (العنكبوت).

* وهنا تثور ثورة الظالم ويدرك نفاد حيله وكيده فيبدأ بالبطش والتنكيل، يتصرف بهمجية ووحشية، يدمر البيوت يقتل النساء والأطفال والشيوخ، يلجأ إلى كل قوته لعله يخضع من يظلمه، ولكن يقف المظلوم أمامه متسلحًا بالإيمان موصولاً بربه مستجلبًا منه النصر، وهنا تنقلب الموازين وينهزم الظالم مهما كانت قوته أو عدته ويقذف الله الرعب في قلبه فينقلب مدحورًا مخذولاً.

أجل إنها قيم المقاومة التي يعيشها أصحاب الدعوات الصادقون التحدي في مقابل الإغراءات، والصبر في مقابل التهديدات، والثبات في مقابل الإيذاء، والإيمان في مقابل البطش، ويغلف كل هذا الأمل والثقة بنصر الله، وهل بعد نصر الله يبقي ما ينتظره الإنسان حتى يعود له حقه.

إن الظالم ينتظر بكل هذه المراحل أن يتسلل الاستسلام إلى نفس المظلوم، ولو حدث لبدأ مسلسل الانهيار والسقوط، ولعلا الظالم وانتفش وزاد طغيانًا وتكبر ولكن إذا رأى صمودًا وثباتًا وثقةً فإنه ينهزم ويعود أدراجه يلملم خيبته وهزيمته.

يعجب الناظر ما سر صمود المقاومة وثباتها، ما سر صمود الشعب ودعمه للمقاومة بالرغم من التضحيات الكثيرة التي يقدمها، ما سر النفسية العالية التي رأيناها. إن الإجابة تتجلي من قول الأمهات والرجال والشيوخ: لقد عشنا وعرفنا ما فعله عدونا منذ احتل أرضنا وطرد وشرد أجدادنا لن نخدع مرة أخرى، لقد عشنا وهم السلام المزعوم وعودة الحقوق، لن نترك ديارنا ولن نستسلم، لن ندخر جهدًا في سبيل عودة حقنا. إنه نتاج تاريخ طويل ثبت هذا الخيار في نفوس الشعب أجمع وجعل المقاومة حتمية لازمة لن يحيدوا عنها. ومع هذا الخيار نرى الترابط الاجتماعي بين شرائح المجتمع الذي حرصت حماس على غرسه بين النفوس فتحقق التناغم الداخلي الذي احتوى كل شيء من معاني المقاومة ونبذ كل شيء من معاني الاستسلام وألقي بنظرة الخزي والعار على العملاء والمتآمرين والمستسلمين. وقبل هذا كله كان إحياء لمعاني العقيدة في النفوس فالمقاومة الإسلامية قامت على أساس الصلة بالله تستمد منه القوة وتستجلب منه العون.

انقطعت الأسباب المادية بالمقاومة، خذلها العالم أجمع، تآمر العرب عليها، تحالف المنافقون مع الأعداء، وهنا لم يجدوا ملجأ إلا الله فتوجهوا إليه بصدق بعد أن أعدوا ما استطاعوا وبذلوا ما يقدرون عليه، فصدقهم الله وخيب مراد المنافقين ورد المتآمرين خائبين مدحورين.

إنها ملحمة من التناغم العقدي الاجتماعي والتماسك النفسي أدت إلى ظهور هذه الإرادة القوية التي انتصرت على نفسها وعلى كل الظروف من حولها فحق لها أن تنتصر على عدوها، فكانت إرادة الانتصار وكان انتصار الإرادة.

هذه بعض من المشاعر والأحاسيس التي جالت بخاطرنا في هذه التجربة، مشاعر ما كانت لتظهر لولا معايشة الأحداث وأحاسيس ما كانت لتتوارد لولا ملامسة الواقع، ومما لا شك فيه أن هناك العديد من المواقف والمشاعر الأخرى التي لم تنقل إما لعدم القدرة عن التعبير عنها أو لعدم إفصاح أصحابها عن تفاصيلها وستبقي دومًا التجربة العملية هي المحك الحقيقي وتبقى الخواطر والكتابات وسيلة لنقل الواقع، يحتاج من يقرأها إلى جهد كبير حتى يحصل الدروس والعبر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شهادة طبيب عائد من غزة 2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008) :: المنتديات الأدبية :: قصـص من الحياة الواقعية-
انتقل الى: