تحول الإعلام في الفترة الأخيرة إلى سلاح رهيب يتم استخدامة في حالات السلم والحرب وفي الأزمات وغيرها بشكل مؤثر جدا ولكي يكون الإعلام مؤثر لابد أن تتحقق له بعض الصفات الضرورية منها المصداقية ومنها الجذب باستعمال وسائل مثيرة ومنها التركيز والترديد لنفس الخبر بشكل متكرر ومنها التضخيم وغير ذلك من الوسائل
ومع هذا الانتشار الكبير للتليفزيون والدش والإنترنت والصحف الخاصة وعدم الاعتماد الحصري كما كان من قبل على الصحف الثلاث والقناتين الأولى والثانية والإذاعات الموجهة بالراديو أصبح التحكم فيما يصل إلى المواطن العادي شئ صعب جدا إن لم يكن مستحيلا وأصبح المواطن هو الذي يحدد ما يقرأ وما يرى وما يسمع
وطبقا لما يرى من دلائل صدق الخبر ووسائل الجذب والإثارة فيه وغيرها فهو يتجاوب مع الخبر
وللأسف الشديد فمازالت معظم وسائل الإعلام الرسمية تتعامل بنفس منطق الستينات والسعينات والثمانينات من القرن الماضي وتظن أن ما تمليه على شعوبها في وسائلها الموجهة هو ما يتحكم في عقولهم وهذا للأسف أدى إلى وجود فجوة كبيرة بين المواطن ووسائل الإعلام الرسمية في جميع بلادنا حتى صرنا نتسول الأخبار من لسان عدونا
فهناك من يبحثون عن إذاعات وتليفزيونات الغرب مثل لندن وبي بي سي و سي إن إن وغيرها وهناك من يذهب إلى مواقع النت العالمية وهي مثل سابقتها ولم يعد هناك إلا منابر قليلة جدا من الإعلام المحلي التي يذهب لها المواطن إما للترفيه أو لسماع انتقادات في حكومات محلية هو غير راض عن سلوكها
حتى الصحف الداخلية وأكبر الصحف توزيعا أكاد أجزم أنه أهرام الجمعة ولكن أتدري لماذا ؟ .. إنه بسبب الإعلانات ومؤسسة الأهرام تدرك ذلك جيدا سواء إعلانات الوظائف أو العقارات أو الوفيات !!!
أما المقالات التي كانت تحرك ثورات فلم يعد لها وجود .. واسأل أصحاب الأعمدة الثابتة عن ذلك
وأما المقالات الخاصة برؤساء التحرير أو رؤساء مجالس إدارة الصحف والتي تحولت إلى مجرد مدح وتبرير لقرارات وسياسات السيد الرئيس فلم يعد أحد يقرؤها لتكرار ما فيها ومعرفة ما بداخلها مسبقا
وأما الصحف المعارضة فإنها وللأسف تهتم بالإثارة أكثر من اهتمامها بالمصداقية وينصب كل دورها على التجريح في الحكومة ( المجروحة أصلا ) والتي يعلم المواطن العادي بما يواجهه يوميا حجم الثقوب التي بثوبها
لهذا فيهرب للأسف المواطن العادي من كل هذا ويستسلم للإعلام الغربي بكل ما فيه
سواء بأفلام رامبو وكوماندوز وفان دام والتي تزرع فيه اليأس من مواجهة هؤلاء الأبطال في أي معركة
أو بعلماء آلة الزمن وحرب النجوم والسفر بين الكواكب لتصيبه بالإحباط العلمي واليأس من مجرد محاولة اللحاق بهؤلاء فهم يسيرون بسرعة الضوء وينظرون إلينا من أعلى وعلى بعد آلاف السنوات الضوئية ونحن مازلنا نتنازع ونختلف حول أصول ديننا الثابتة ولا نتحرك للأمام كما يصور إعلامنا نحن
وكذلك بأفلام الرعب ودراكولا وسيد الخواتم وغيرها فيصير هذا عندهم إبداعا يجنون من ورائه الملايين أما نحن فيحيي فينا ذكرى العفاريت والأعمال والشعوذة فنعود ثانية للوراء
كل هذا دون أن ينطق أحد بكلمة أنه يريد بنا سوء فما يقدمونه يشاهدونه هم قبلنا ونشاهده معهم بعد ذلك
أما نحن فحينما يهرب المواطن من إعلامه الموجه فلن يجد غير برامج الحوارات التي في الغالب يكون بها طرفان ينشغلان بالصراع أكثر من الانشغال بتقدييم الحلول فتحث الإثارة ويخرج في النهاية المشاهد مشتتا لا يعرف أي الطرفين كان محقا ولكنه في النهاية قد استمتع بالصراع وشفى غله في فلان بأن شتمه فلان أو جرحه فلان
فإلأى أين يسير بنا الإعلام وإلى أين يسير بنا ناقلوا الأخبار وإلى أين يسير بنا محللوا الأخبار
اتقوا الله فينا أيها اللإعلاميون وارحمونا من البحث خلف الخبر ودعونا فقط نفكر في الخبر
احترمونا لنحترمكم وقدروا عقولنا لنقدر دوركم