الاستعداد لرمضان [1]

اٍن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا . انه من يهده الله فلا مضل له . ومن يضلل فلا هادى له .واشهد أن لا اله الا الله وحده لاشريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .أما بعد فاٍن اصدق الحديث كتاب الله تعالى . وخير الهدى هدى محمدٍٍ صلى الله عليه وسلم .وشر الأمور محداثاتها وكا محدثة بدعة ٍٍ وكل بدعةٍٍ ضلاله وكل ضلالةٍٍ فى النار أيها المسلمون الكرام يطرق بابكم الان ضيف كريم . يحمل لكم معه كثيرا من الخيرات والبركات.ويأخذ بايديكم الى فسيح الجنات .ويرشدكم الى مايقربكم الى رب الأرض والسماوات .اٍنه شهر رمضان .شهر المغفرة والرضوان .شهر الجود والاحسان .شهر ’تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران .شهر تصفد فيه الشياطين . شهر تمتلىء’ فيه المساجد’ بالمصلين .ويكثر’المقبلونَ على ربٍ العالمين .فأستقبلوا هذا الضيفَ خير اٍستقبال . وأكرموه أيما اكرام .فالصيام سبيل المتقين وطريق الصالحين .وروضة المحبين لرب العالمين .وأعلموا ايها الأحباب الكرام أن الصيام له اجرٌ خاص عند الله رب العالمين . فقد روى البخارى ومسلم ٌ ان النبى صلى الله عليه وسلم قال .كل عمل بن أدم له الا الصوم هذا فى الحديث القدسى الشريف قال الله تعالى كل عمل بن ادم له الا الصوم فانه لى وانا اجزى به . ثم قال . الصوم جٌنه .فاٍذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب .فان سابه احدٌ او قاتله فليقل انى صائم’’ انى صائم .والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم .أطيب عند الله من ريح المسك .للصائم فرحتان يفرحهما .اذا افطر فرح بفطره واذا لقى ربه فرح بصومه . فى هذا الحديث الشريف يبين لنا النبى صلى الله عليه وسلم أن الصيام مدرسة الاخلاص .فيقول قال الله عز وجل كل عمل بن ادم له الا الصوم فانه لى .وهذا يدل دلالة واضحة على ان الصوم أعظم من أجر غيرة من الطاعات . الا الصوم فانه لى وانا اجزى به .يعنى حسابه على الله وأجره على الله وجزاءه على الله عز وجل .وهذا يدل على سعة أجره وعظيم ثوابهومما يؤيد ذلك رواية مسلم لهذا الحديث .فقد روى الامام مسلم هذا الحديث برواية اخرى توضح هذا المعنى توضيحا جليا .يقول النبى صلى الله عليه وسلم .كل عمل بن أدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف .قال الله عز وجل الا الصوم فانه لى وأنا أجزى به .يدع طعامه وشهوته من اجلى ؟.فهذا الحديث أو هذه الرواية توضح لنا أن الصوم أعظم من سبعمائة ضعف .لماذا ؟ لماذا كان الصوم بهذه المثابه ؟ قال العلماء لأن الصوم عبادة لاتتم الا بالاخلاص . لايستطيع احد أن يرائى فى الصيام .ولما يرائى ؟يرائى الناس أنه صائم .يروح ياكل فى البيت ولايراه أحد! فبما أنه يمتنع عن الطعام والشراب وهو فى بيته وهو فى مطبخه وهو وحده وهو امام الناس فمن امتنع عن الطعام والشراب صائما .فهو مخلص ولابد.ولذلك كان اجر الصيام على الله عز وجل وكان مضاعفا وكان هذا الحديث المتقدم سالفا .ثم يعطينا النبى صلى الله عليه وسلم آدابا عظيمة ينبغى أن يتأدب بها الصائم فى صيامه .فقال عليه الصلاة والسلام .فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولايصخب .والرفث هو الكلام الفاحش البذىء .وقال بعض العلماء الرفث هو ذكر الجماع ونحوه . فلا يرفث ولايصخب لايرفع صوته لأنه يتحلى بالسكينه والوقار لأنه صائم .فلا يفعل شيئاً يخل بمرؤته ولايصخب والصخب . رفع الأصوات بطريقة منكرة .فان سابه احد او قاتله فليقل انى صائم انى صائم .اذا جهل عليه رجل فسابه فلا يرد عليه .لماذا ؟ لأنك الأن متلبس بعبادة عظيمة جليله . أنت متشبه بالملائكه . فلتقل انى صائم قال بعض العلماء يقولها جهرا . ام يقولها سرا ؟قال بعض العلماء . يقولها جهرا ردعا للذى يسبه . انى صائم أى ان الذى يدافع عنى هو الله سبحانه وتعالى . ان الله يدافع عن الذين آمنو . وقال بعض العلماء يقولها سرا خشية الرياء فيقول فى نفسه مذكرا لها انى صائم . لايليق بى أن ارد عليه كما يقول .وقال شيخ الاسلام رحمة الله [بن تيميه ] ان كان صيام فرض والناس كلها صيام فليقولها جهرا . انى صائم لانه فى هذه الحالة لارياء فيه وان كان صيام تطوع .فليقولها فى سره انى صائم انى صائم .ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم . أطيب عند الله من ريح المسك .. الخلوف هو الرائحة المتغيرة المنتنة التى تخرج من فم الصائم فى آخر النهار من خلو المعدة من الطعام .هذه الرائحة التى يتافف منها الناس هى أطيب عند الله من ريح المسك .قال بعض العلماء أى فى الدنيا وقال آخرون بل فى الاخرة . اى ان هذه الرائحة تاتى يوم القيامة كأنها ريح المسك كما فى الحديث الاخر الثابت فى الصحيحين أيضا أن المجاهد يحشر يوم القيامة وجرحه ينزف دما . اللون لون الدم والريح ريح المسك .وهذا يدل على طيب هذه العبادة .ثم يقول النبى صلى الله عليه وسلم .للصائم فرحتان يفرحهما اذا افطر فرح بفطره أى أنه فرح بصومه .اذا افطر . قال العلماء أى افطر فى اخر النهار .فرح بفطره اى انه اكمل يوما كاملا لله عز وجل ففرح لانه وصل الى نهاية النهار فافطر .وقال بعض العلماء اذا افطر اى يوم العيد بعد أن يقضى رمضان كله فرح بفطره اى فرح أن وفقه الله عز وجل لصيام رمضان كله .فرح بفطره. واذا لقى ربه فرح بصومه . اى فرح بجزاء صومه يوم القيامة . ويؤيد ذلك رواية النسائى وهى رواية صحيحة . واذا لقى ربه فجٌزاه او فَجَزَاَه فرح بصومه اى فرح بهذا الجزاء الذى اخذه من الله عز وجل .ومن هنا ينبغى للمسلم أن يفرح عند دخول رمضان لاسيما أنه اذا صام رمضان صوما حقيقيا .فان الصيام سبب من أسباب دخول الجنة .فقد ثبت فى الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدى رضى الله عنه .أن النبى صلى الله عليه وسلم قال .ان فى الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون فاذا دخلوا أغلق ذلك الباب فلا يدخل منه احد غيرهم . اللهم ارزقنا الدخول من هذا الباب .بل ان الصيام يشفع لك يوم القيامه . يعنى يجادل ربك عنك . فقد روى الامام أحمد وحسنه المنذرى والالبانى . ان النبى صلى الله عليه وسلم قال . الصيام والقرآن .يشفعان للعبد يوم القيامة . يقول الصيام ياربٍ . منعته الطعام والشراب والشهوة فشفعنى فيه . ويقول القرآن اى رب ٍ منعته النوم بالليل فشفعنى فيه . قال النبى صلى الله عليه وسلم فيشفعان . اى يقبل الله عز وجل شفاعتهما .اذا كان هذا هو شأن رمضان فهل يجوز لك إن تدخل على هذا الشهر دخولا عادياً ام ينبغى أن تستعد لرمضان ؟ ومن هنا يأتينا هذا السؤال كيف نستعد لرمضان ..؟ هذا الاستعداد ان شاء الله تعالى سنتكلم عنه فيما يتبع هذا الموضوع لاحقا بامره تعالى وتوفيق منه واشكركم جميعا .....