دخلت علي أخي الصغير وهو يرسم أزهار وورود وأبتسامة إنتعاش وهو منسجم في رسمه الطفولي .. وصدمته بسؤال مفاجيء .. لماذا ترسم الأزهار ؟ لماذا لاترسم بندقية ؟ ونحن أمة مكبلة بالقيود ونرزح تحت ظلم الأستعمار ، فكيف نقاوم الأعداء ونحن نرسم الأزهار والورود .. توقف عن هذه الترهات .. وأرسم بندقية .. سلاح المقاومة .. وعنوان الجهاد ..
كلمات قوية .. صدمته وجعلت أخي الصغير .. ينظر إلي وهو فاغر فمه .. غير مستوعب ما كنت أخطب فيه بتلك الكلمات الرنانة .. ولم يسعفني الصبر .. بحكمته .. وأنا أري ردة الفعل من أخي علي كلماتي النارية .. فلم أتمالك نفسي بأن صفعته بكل قوة علي خده .. وأنا أصرخ فيه .. أرسم بندقية .. هيا بسرعة .
ولم يجد أخي من رد .. سوي أنه أمسك القلم والورقة .. ودموعه تبلل وجهه الطفولي .. وأخد يخط خطوط مبهمة .. تنم عن جهل ما يريد أن يرسمه .. وقال لي بعفوية الطفولة ممزوجة ببكاء مكتوم .. أنه لا يعرف شكل البندقية .
عندها تحركت بكل هنجعية .. وبحركات المدرس المحنك .. أمسكت القلم وأخدت أرسم له البندقية بشكل تفصيلي .. ودقيق .. عندها أقترب منى أخي .. وهو معجب بشكلها .. وسألني بعفوية : جميلة البندقية .. أصنع لي مثلها .. لأحارب بها الأعداء .. عندها أحسست بسؤاله كأنه صفعة قاسية .. لغروري .. وتصريحاتي الملتهبة .. فنحن أمة لم تصنع البندقية .. بل تستوردها من أعدائنا .. فكيف أستطيع أن أفهم أخي هذه المعادلة المقلوبة .. عندها أرجعت لأخي القلم ومزقت لوحة البندقية التي رسمتها .. وقلت له بكل هدوء .. أرسم الأزهار والورود .. فهي علي الأقل نعرف كيف نغرسها .