منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من قصص التابعين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالإثنين 1 مارس 2010 - 11:33


قصة سعيد بن جبير

للطغاة منطقهم الشاذ.. ولكنهم في غيبة الوعي السليم يرتكبون من الآثام ما لايمكن تصوره بالفعل، غير أنهم يدركون الحقيقة بعد فوات الأوان. وحين لاينفع الندم، ولايبقي أمامه إلا أن يواجه العقاب، وأشد ألوان العقاب هو عقاب السماء
القصة التي نرويها هي قصة سعيد بن جبير، وهو من كبار التابعين..
فسعيد بن جبير صحب حبر الأمة عبد الله بن عباس، ودرس الفقه دراسة وافية مما أهله أن يجلس للفتوي بالكوفة.. حتي أن الذين درسوا سيرة حياته وفقهه يحدثوننا علي أنه كان بداية عصر مهدت الطريق للمذاهب الفقهية التي يعتمد بعضها علي الحديث، والبعض الآخر علي الرأي.
وسعيد قد بلغ من علمه وفتواه أن قال عنه حصيف: أعلم التابعين بالطلاق سعيد بن المسيب، وبالحج عطاء، وبالحلال والحرام طاووس، وبالتفسير مجاهد، وأجمعهم لذلك كله سعيد بن جبير فهو رجل شجاع العقل والقلب، اجتمع عليه الفقهاء علي أنه بجانب ورعه وتقواه لايخشي في الله لومة لائم.. وكان من الطبيعي وهويري الدماء تسفك وألاف الناس تعيش بين أسوار السجون والمعتقلات بلا جريرة علي يد الحجاج، الذي كان يعتبر نفسه الدرع الواقي للدولة الأموية، والخادم المطيع لخلفائها من بني مروان.
وكان من الطبيعي أن يثور عليه رجل مثل التابعي الجليل سعيد بن جبير، فهو يري مظالمه.. ويري فحشه. ويري أخذه الناس بالشبهات، وكانت فرصته أن ينضم إلي عبدالرحمن بن الأشعت الذي كان في مهمة لتأديب الخارجين علي الدولة، وعندما عقد هدفه مع الأعداء تقديرا منه للموقف الذي كان يراه، استهزأ به الحجاج وعزله من منصبه ورفض عبد الرحمن هذا العزل.. وتصدي للحجاج إلا أن الحجاج معززا بقوة الدولة استطاع أن يتغلب علي جيش عبد الرحمن بن الاشعت، بينما أخذ الحجاج في الانتقام فقتل العشرات، وحاكم العشرات.، من الذين قرر محاكمتهم سعيد بن جبير..
والغريب أن أحد الجنود حاول أن يقوم بتهريب سعيد بن جبير.. أو بمعني أدق أن يمهد له طريق الهرب، ولكن سعيد رفض ذلك، وقرر أن يواجه الطاغية، حتي لو كانت في مواجهته النهاية المحتومة.

***

ونأخذ مشهد المحاكمة من كتاب 'الدعاء' للدكتور محمد سيد طنطاوي.
فقد روي المؤرخون أن سعيد بن جبير كان ينهي الحجاج عن الظلم والبطش، كان ينصح الناس بمخالفته وبالوقوف في وجهه، وضاق الحجاج ذرعا بتصرفات سعيد _ رضي الله عنه _ فاستدعاه ودارت بينهما مناقشة طويلة تدل علي قوة إيمان سعيد، وصدق يقينه، وثبات جنانه وشجاعته في الحق.
قال الحجاج لسعيد: مااسمك؟
قال: سعيد بن جبير
الحجاج: أنت الشقي بن كسير؟
سعيد: أبي كان أعلم باسمي منك
الحجاج: شقيت وشقي أبوك
سعيد: الغيب يعلمه الله.
الحجاج: لأبدلنك بالدنيا نارا تلظي
سعيد: لوعلمت أنك كذلك لاتخذتك إلها.
الحجاج: مارأيك في علي بن أبي طالب أهو في الجنة أو في النار؟
سعيد: لو دخلتها وعلمت من فيها لعرفت أهلها ولكني مازلت في دار الفناء.
الحجاج: مارأيك في الخلفاء؟
سعيد: لست عليهم بوكيل
الحجاج: أيهما أحب إليك؟
سعيد: أرضاهم لخالقي
الحجاج: فأيهم أرضاهم لله؟
سعيد: علم ذلك عند من يعلم سرهم ونجواهم
الحجاج: لماذا لا تضحك كما نضحك؟
سعيد: وكيف يضحك مخلوق خلق من الطين، والطين تأكله النار
الحجاج: ولكنا نحن نضحك
سعيد: لأن القلوب لم تستو بعد
الحجاج: اختر لنفسك قتلة أقتلك بها؟
سعيد: أختر أنت ياحجاج.. فو الله لاتقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة.
الحجاج: أتحب أن أعفو عنك؟
سعيد: ان كان العفو فمن الله
الحجاج: لجنده: اذهبوا به فاقتلوه!
سعيد يضحك وهويتأهب للخروج مع جند الحجاج.
الحجاج: لماذا تضحك؟
سعيد: لأني عجبت من جرأتك علي الله ومن حلم الله عليك.
الحجاج: اقتلوه.. اقتلوه
سعيد: إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين.
الحجاج: وجهوا وجهه إلي غير القبلة
سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله.
الحجاج: كبوه علي وجهه
سعيد: 'منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخري'
الحجاج: اذبحوه!!
سعيد: أما أني أشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله.
ثم رفع رأسه إلي السماء وقال:
خذها مني ياعدو الله حتي نتلاقي يوم الحساب:
'اللهم اقصم أجله، ولا تسلطه علي أحد يقتله من بعدي'
وصعدت دعوة سعيد إلي السماء، فلقيت قبولا واستجابة من الله والواحد القهار.
فلقد أصيب الحجاج بعد قتله لسعيد بن جبير بمرض عضال أفقده عقله، وصار كالذي يتخبطه الشيطان من المس، وكان كلما أفاق من مرضه قال بذعر: مالي ولسعيد بن جبير
وبعد فترة قصيرة من قتل سعيد بن جبير مات الحجاج الثقفي شر موته، وتحققت دعوة سعيد فيه، فلم يسلطه الله علي أحد يقتله من بعده.
وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول:
'ثلاثة لاترد دعوتهم: الصائم حتي يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب:
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين رواه الترمذي

***

موقف رائع من سيد التابعين سعيد بن جبير، فالرجل قد مات شهيدا، ولم يهرب من الموت.. بل واجهه بشجاعة وشموخ، وكان يمكنه أن يفلت من هذا الموت المحقق، لو استمال الحجاج ببعض كلمات المدح، أو اعتذر بكلمات معسولة، أو حاول تبرير موقفه بأي تبرير يرضي غرور هذا المستبد الطاغي، وأنه يعلم تمام العلم أنه لوفعل ذلك لنجا من الموت، ولكنه لم يفعل.. وقد فعلها غيره وهو الفقية (عامر الشعبي) حيث اعتذر عن مواقفه منه بقوله للحجاج:
'أصلح الله الأمير، لقد حبطتنا فتنة، فما كنا فيها بأبرار أتقياء، ولافجار أقوياء، وقد كتبت إلي يزيد بن أبي مسلم أعلمه ندامتي علي مافرط مني، ومعرفتي بالحق الذي خرجت منه، وسألته أن يخبرك بذلك ويأخذ أمانا منك'!
وبهذه الكلمات نجا الرجل من الموت، ولكن سعيد رفض هذا الأسلوب، وآثر الشهادة، ولقي ربه وهوشامخ الرأس، مؤمنا بكل كلمة قالها ولم يتراجع عنها حتي في ظلال الموت.

***

صورة آسرة لشهيد عظيم.. قدم دمه في سبيل مبادئه.. فالمبدأ عنده فوق المصلحة.. والحجاج الذي قتل أكثر من مائة ألف إنسان كما يقول المؤرخون لحياته، لم يعبأ بموت أحد كما حدث له عندما قتل سعيدا.. حتي أنه كان يخيل إليه عندما يحاول النوم أن هاتفا يهتف في أذنه:
فيم قتلت سعيدا.. ياعدو الله!
فيقوم فزعا.. مؤرقا.. مهموما.. إلي أن مات..
وبقي اسم سعيد بن جبير مثلا أعلي لكل من يريد الحق.
ويبقي اسم الحجاج بن يوسف الثقفي رمزا للطغيان والجبروت.
والتاريخ يحتفي دائما بالتقاة الهداة، ويلعن الطغاة!


مراجع
الدعاء د. محمد سيد طنطاوي
علماء في وجه الطغيان د. محمد رجب البيومي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالإثنين 1 مارس 2010 - 11:41

علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب
كان علي بن الحسين إذا توضأ يصفر فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء? فيقول: تدرون بين يدي من أريد أن أقوم.
كان علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذه، ولا يخطر بيده، وكان إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة، فقيل له: مالك? فقال: ما تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي? وعن أبي نوح الأنصاري قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين، وهو ساجد، فجعلوا يقولون له: يابن رسول الله النار، يا ابن رسول الله النار. فما رفع رأسه حتى أطفئت. فقيل له: ما الذي ألهاك عنها? قال: ألهتني عنها النار الأخرى.
جاء رجل إلى علي بن الحسين رضي الله عنه فقال له: إن فلانا قد آذاك ووقع فيك. قال: فانطلق بنا إليه فانطلق معه وهو يرى أنه سينتصر لنفسه فلما أتاه قال: يا هذا إن كان ما قلت في حقا فغفر الله لي، وإن كان ما قلت في باطلا فغفر الله لك.
كان بين حسن بن حسن وبين علي بن الحسين بعض الأمر، فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو مع أصحابه في المسجد، فما ترك شيئا إلا قاله له. قال: وعلي ساكت فانصرف حسن فلما كان في الليل أتاه في منزله فقرع عليه بابه فخرج إليه فقال له علي: يا أخي إن كنت صادقا فيما قلت لي فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا فغفر الله لك، السلام عليكم. وولى. قال: فاتبعه حسن فالتزمه من خلفه وبكى حتى رثى له ثم قال: لا جرم لا عدت في أمر تكرهه. فقال علي: وأنت في حل مما قلت لي.
قال علي بن الحسين: فقد الأحبة غربة. وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع العيون علانيتي وتقبح سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي فإذا عدت فعد علي.
وكان يقول: إن قوما عبدوا الله عز وجل رهبة فتلك عبادة العبيد، وآخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار، وقوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار.
أن علي بن الحسين كان لا يحب أن يعنيه أحد على طهوره وكان يستقي الماء لطهوره ويخمره قبل أن ينام. فإذا قام من الليل بدأ بالسواك ثم يتوضأ ثم يأخذ في صلاته وكان يقضي ما فاته من صلاة النهار بالليل ثم يقول: يا بني ليس هذا عليكم بواجب ولكن أحب لمن عود نفسه منكم عادة من الخير أن يدوم عليها. وكان لا يدع صلاة الليل في الحضر والسفر. وكان يقول: عجبت للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة، وعجبت كل العجب لمن شك في الله وهو يرى خلقة، وعجبت كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى، وعجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء.
وكان إذا أتاه السائل رحب به وقال مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة، وكلمه رجل فافترى عليه فقال: إن كنا كما قلت فنستغفر الله، وإن لم نكن كما قلت فغفر الله لك. فقام إليه الرجل فقبل رأسه وقال: جعلت فداك، ليس كما قلت أنا فاغفر لي: قال: غفر الله لك. فقال الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالته.
وعن شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة.
وعن محمد بن إسحاق قال: كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم. فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل.
وكان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به، ويقول: إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل.
وعن عمرو بن ثابت قال: لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره، فقالوا: ما هذا? فقالوا: كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة.
وعن أهل المدينة: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين.
أراد علي بن الحسين الخروج في حج أو عمرة فاتخذت له سكينة بنت الحسين سفرة أنفقت عليها ألف درهم أو نحو ذلك، وأرسلت بها إليه فلما كان بظهر الحرة أمر بها فقسمت على المساكين.
قال أبو هريرة: قال رسول الله : من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار، حتى إنه يعتق باليد وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج .
فقال علي بن الحسين: أنت سمعت هذا من أبي هريرة? قال سعيد: نعم فقال لغلام له أفره غلمانه: ادع مطرفا. فلما قام بين يديه قال: اذهب فأنت حر لوجه الله عز وجل (أخرجاه في الصحيحين0)
وكان عبد الله بن جعفر قد أعطى علي بن الحسين بهذا الغلام الذي أعتقه ألف دينار.
عن علي بن الحسين أنه أتاه نفر من أهل العراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم. فلما فرغوا فقال ألا تخبروني: أنتم المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون(? قالوا: لا قال فأنتم الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ? قالوا. لا قال: أما أنتم فقد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين. ثم قال: أشهد أنكم لستم من الذين قال الله )عز وجل( والذين جاؤا من بعدهم يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا أخرجوا فعل الله بكم.
وقال نافع بن جبير لعلي بن الحسين: أنت سيد الناس وأفضلهم تذهب إلى هذا العبد فتجلس معه? يعني زيد بن أسلم. فقال: إنه ينبغي للعلم أن يتبع حيثما كان.
وحج هشام بن عبد الملك قبل أن يلي الخلافة فاجتهد أن يستلم الحجر فلم يمكنه. قال: وجاء علي بن الحسين فوقف له الناس وتنحوا حتى استلم. فقال الناس لهشام: من هذا? قال: لا أعرفه.
فقال الفرزدق: لكني أعرفه، هذا علي بن الحسين ..... ...
قال رجل لسعيد بن المسيب: ما رأيت أحدا أورع من فلان. قال: هل رأيت علي بن الحسين? قال: لا قال: ما رأيت أحدا أورع منه.
وقال الزهري: لم أر هاشميا أفضل من علي بن الحسين، وما رأيت أحدا كان أفقه منه.
وعن طاوس قال: رأيت علي بن الحسين ساجدا في الحجر فقلت: رجل صالح من أهل بيت طيب، لأسمعن ما يقول. فأصغيت إليه فسمعته يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك، فوالله ما دعوت الله بها في كرب إلا كشف الله عني.
كان علي بن الحسين خارجا من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت إليه العبيد والموالي فقال علي بن الحسين: مهلا عن الرجل. ثم أقبل على الرجل فقال: ما ستر عنك من أمرنا أكثر. ألك حاجة نعنيك عليها? فاستحيا الرجل. فألقى عليه خميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنك من أولاد الرسول.
كان عند على قوم فاستعجل خادما له بشواء كان له في التنور. فأقبل به الخادم مسرعا وسقط السفود من يده على بني لعلي أسفل الدرجة فأصاب رأسه فقتله فقال علي للغلام: أنت حر، لم تعمده وأخذ في جهاز ابنه.
دخل على بن الحسين علي محمد بن أسامة ابن زيد في مرضه فجعل محمد يبكي فقال علي: ما شأنك? قال: علي دين. قال: كم هو? قال خمسة عشر ألف دينار. قال: فهو علي.
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: أوصاني أبي قال: لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق. قال: قلت: جعلت فداءك يا ابت من هؤلاء الخمسة? قال: لا تصحبن فاسقا فإنه يبيعك بأكلة فما دونها. قال: قلت: يا أبة وما دونها? يطمع فيها ثم لا ينالها.
قال: قلت: يا أبة ومن الثاني? قال: قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه.
قال: قلت: يا أبة ومن الثالث? قال: لا تصحبن كذابا فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد.
قال: قلت: يا أبة ومن الرابع? قال: لا تصحبن أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك.
قال: قلت: يا أبة ومن الخامس? قال: لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواضع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالإثنين 1 مارس 2010 - 11:43

محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير بن محرز
وعن أبي معشر قال: دخل المنكدر على عائشة فقالت: لك ولد? قال: لا. فقالت: لو كان عندي عشرة آلاف درهم لوهبتها لك. قال: فما أمست إلا بعث إليها معاوية بمال فقالت ما أسرع ما ابتليت، وبعثت إلى المنكدر بعشرة آلاف فاشترى منها جارية فهي أم محمد وعمر وأبي بكر.
وعن الحارث بن الصواف قال: قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت.
وعن سفيان قال: كان محمد بن المنكدر ربما قام من الليل يصلي ويقول كم من عين الآن ساهرة في رزقي.
وكان له جار مبتلى فكان يرفع صوته من الليل يصيح وكان محمد يرفع صوته بالحمد. فقيل له في ذلك فقال: يرفع صوته بالبلاء وأرفع صوتي بالنعمة.
عن محمد بن المنكدر أنه بينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذا استبكى فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله فسألوه: ما الذي أبكاك? فاستعجم عليهم، فتمادى في البكاء فأرسلوا إلى أبي حازم واخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه فإذا هو يبكي فقال: يا أخي ما الذي أبكاك قد رعت أهلك? فقال له إني مرت بي آية من كتاب الله عز وجل. قال: ما هي? قال: قول الله عز وجل وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون سورة الزمر آية 47 قال: فبكى أبو حازم معه واشتد بكاؤهما. قال: فقال بعض أهله لأبي حازم جئنا بك لتفرج عنه فزدته. قال فأخبرهم ما الذي أبكاهما0
قال عمر بن محمد: كنت أمسك على أبي المصحف، قال: فمرت مولاة له فكلمها فضحك إليها. ثم أقبل يقول إنا لله إنا لله حتى ظننت أنه قد حدث شيء. فقلت: ما لك? فقال: أما كان لي في القرآن شغل حتى مرت هذه فكلمتها.
قال محمد بن المنكدر: إن الله تعالى يحفظ المؤمن في ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته وفي دويرات حوله، فما يزالون في حفظ وعافية ما كان بين أظهرهم.
بعث محمد بن المنكدر إلى صفوان بن سليم بأربعين دينارا ثم قال لبنيه: يا بني ما ظنكم برجل فرغ صفوان لعبادة ربه عز وجل.
قال محمد بن المنكدر: بات عمر، يعني أخاه، يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته.
عن محمد بن المنكدر انه كان يضع خده بالأرض ثم يقول لأمه: قومي ضعي قدمك على خدي.
وعن محمد بن سوقة قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول: نعم العون على تقوى الله عز وجل الغني.
قيل لمحمد بن المنكدر: أي العمل احب إليك? قال: إدخال السرور على المؤمن، قيل: فما بقي من لذتك? قال: الإفضال على الإخوان.
قال محمد بن المنكدر: الفقيه يدخل بين الله عز وجل وبين عباده، فلينظر كيف يدخل .....
عن عكرمة عن محمد بن المنكدر أنه جزع عند الموت فقيل له: لم تجزع? قال: أخشى آية من كتاب الله عز وجل، قال الله عز وجل: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون سورة الزمر آية 47 فإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب.
وعن ابن زيد قال: أتى صفوان بن سليم إلى محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شق عليك الموت? قال: فما زال يهون عليه الأمر وينجلي عن محمد حتى لكأن في وجهه المصابيح. ثم قال له محمد: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك. ثم قضى رحمه الل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالإثنين 1 مارس 2010 - 11:45

أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج
وعن سفيان قال: قيل لأبي حازم ما مالك? قال: ثقتي بالله عز وجل ويأسى مما في أيدي الناس.
قال أبو حازم: ما مضى من الدنيا فحلم وما بقي فأماني.
قال أبو حازم: لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله إلا احسن الله ما بينه وبين العباد، ولا يغور فيما بينه وبين الله عز وجل إلا اعور فيما بينه وبين العباد. ولمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها، انك إذا صانعت هذا الوجه مالت الوجوه كلها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنفتك الوجوه كلها.
قال أبو حازم: إذا رأيت الله عز وجل يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره.
قال أبو حازم: كل نعمة لا تقرب من الله عز وجل فهي بلية.
وعن سفيان قال: قال أبو حازم: ينبغي للمؤمن أن يكون أشد حفظا للسانه منه لموضع قدميه.
قال أبو حازم نعمة الله فيما زوي عني من الدنيا افضل من نعمته فيما أعطاني منها.
وقال أبو حازم: إن وقينا شر ما أعطينا لم نبال ما فاتنا.
قال أبو حازم: أن كان يغنيك من الدنيا ما يكفيك فأدنى عيش من الدنيا يكفيك، وان كان لا يغنيك، ما يكفيك فليس شيء يكفيك.
بعث سليمان بن عبد الملك إلى حازم فجاءه فقال: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت? قال: لأنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فانتم تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب قال: صدقت، فكيف القدوم على الله عز وجل? قال: إما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه. فبكى سليمان وقال: ليت شعري ما لنا عند الله يا أبا حازم: قال: اعرض نفسك على كتاب الله عز وجل فانك تعلم ما لك عند الله قال يا أبا حازم وإني أصيب ذلك? قال: عند قوله إن الأبرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم سورة الانفطار آية 14 فقال سليمان: فأين رحمة الله? قال قريب من المحسنين سورة الأعراف آية 56 قال: ما تقول فيما نحن فيه? قال. اعفني عن هذا قال سليمان: نصيحة تلقيها. قال أبو حازم: أن أناسا اخذوا هذا الأمر عنوة من غير مشاورة من المسلمين ولا اجتماع من رأيهم فسفكوا فيه الدماء على طلب الدنيا ثم ارتحلوا عنها فليت شعري ما قالوا وما قيل لهم? فقال بعض جلسائه: بئس ما قلت يا شيخ. قال أبو حازم: كذبت، أن الله تعالى اخذ على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه قال سليمان: أصحبنا يا حازم تصب منا ونصب منك قال: أعوذ بالله من ذلك. قال: ولم? قال أخاف أن اركن إليكم شيئا قليلا فيذيقني ضعف الحياة وضعف الممات.
قال: فاشر علي. قال: اتق الله أن يراك حيث نهاك وان يفقدك حيث أمرك. قال: يا أبا حازم ادع لنا بخير. قال: اللهم أن كان سليمان وليك فيسره للخير، وان كان عدوك فخذ إلى الخير بناصيته. فقال: يا غلام هات مائة دينار. ثم قال: خدها يا أبا حازم. فقال لا حاجة لي فيها إني أخاف أن يكون لما سمعت من كلامي.
فكأن سليمان أعجب بابي حازم. فقال الزهري: انه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته قط. قال أبو حازم: انك نسيت الله فنسيتني ولو أحببت الله لأحببتني. قال الزهري: أتشتمني? قال سليمان: بل أنت شتمت نفسك. أما علمت أن للجار على جاره حقا قال أبو حازم: أن بني إسرائيل لما كانوا على الصواب كانت الأمراء، تحتاج إلى العلماء وكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء فلما رأى ذلك قوم من أذلة الناس تعلموا ذلك العلم وأتوا به إلى الأمراء فاستغنت به عن العلماء واجتمع القوم على المعصية فسقطوا وانتكسوا و لو كان علماؤنا يصونون علمهم لم تزل الأمراء تهابهم. قال الزهري كأنك إياي تريد وبي تعرض قال: هو ما تسمع.
كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري: عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك: أصبحت شيخا كبيرا وقد أثقلتك نعم الله عليك فيما اصح من بدنك وأطال من عمرك وعملت حجج الله تعالى مما علمك من كتابه، وفقهك فيه من دينه، وفهمك من سنة نبيه فرمى بك في كل نعمة أنعمها عليك وكل حجة يحتج بها عليك الغرض الأقصى ابتلى في ذلك شكرك وأبدا فيه فضله عليك وقد قال عز وجل: لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد سورة إبراهيم آية7 فانظر أي رجل تكون إذا وقفت بين يدي الله عز وجل فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها فلا تحسبن الله عز وجل راضيا منك بالتعذير، ولا قابلا منك التقصير هيهات ليس ذاك اخذ على العلماء في كتابه إذ قال: لتبيننه للناس ولا تكتمونه سورة آل عمران آية 187 انك تقول انك جدل ماهر عالم قد جادلت الناس فجدلتهم وخاصمتهم فخصمتهم إدلالا منك بفهمك واقتدارا منك برأيك فأين تذهب عن قول الله عز وجل: ها انتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة سورة النساء آية 109 اعلم أن أدنى ما ارتكبت واعظم ما احتقبت أن آنست الظالم وسهلت له طريق الغي بدنوك حين أدنيت وإجابتك حين دعيت فما أخلقك أن ينوه غدا باسمك مع الجرمة، وان تسأل عما أردت بإغضائك عن ظلم الظلمة، انك أخذت ما ليس لمن أعطاك، جعلوك قطبا تدور عليه رحى باطلهم وجسرا يعبرون بك إلى بلائهم وسلما إلى ضلالتهم يدخلون بك الشك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم، فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم لهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم فما ايسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك، وما اقل ما أعطوك في قدر ما اخذوا منك، فانظر لنفسك فانه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حسابا رجل مسؤول وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا وانظر كيف إعظامك أمر من جعلك بدينه في الناس مبجلا، وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته مستترا، وكيف قربك وبعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا، ما لك لا تتنبه من نعستك. وتستقيل من عثرتك فتقول والله ما قمت لله عز وجل مقاما واحدا أحيي له فيه دينا ولا أميت له فيه باطلا? أين شكرك لمن استحملك كتابه واستودعك علمه? ما يؤمنك أن تكون من الذين قال الله عز وجل فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى الآية سورة الأعراف آية 169 انك لست في دار مقام قد أوذنت بالرحيل فما بقاء المرء بعد أقرانه? طوبى لمن كان في الدنيا على وجل ما يؤمن من أن يموت وتبقى ذنوبه من بعده انك لم تؤمر بالنظر لوارثك على نفسك، ليس أحد أهلا أن ترد له على ظهرك. ذهبت اللذة وبقيت التبعة، ما أشفى من سعد بكسبه غيره. احذر فقد أتيت وتخلص فقد وهلت. انك تعامل من لا يجهل والذي يحفظ عليك لا يغفل.
تجهز فقد دنا منك سفر بعيد وداو دينك فقد دخله سقم شديد، ولا تحسبن إني أردت توبيخك وتعييرك وتعنيفك، ولكني أردت أن تنعش ما فات من رأيك، وترد عليك ما عزب عنك من حلمك، وذكرت قوله تعالى: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين سورة الذاريات آية 55 أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن أعضب فانظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت به أو دخلوا في مثل ما دخلت فيه? وهل تراه دخر لك خيرا منعوه أو علمك شيئا جهلوه? فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا في كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك فمن يلوم الحدث قي سنه، الجاهل في علمه، المأفون في رأيه، المدخول في عقله? ونحمد الذي عافانا مما ابتلاك به. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال أبو حازم: أن بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثروا منها في أوان كسادها فانه لو جاء يوم نفاقها لم تصل منها إلى قليل ولا إلى كثير.
قال أبو حازم ويحك يا أعرج يدعى يوم القيامة بأهل خطيئة كذا وكذا فتقوم معهم، ثم يدعى بأهل خطيئة.
قال أبو حازم: عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أتته الفتوح.
وعن محمد بن مطرف قال: قال أبو حازم: ما في الدنيا شيء يسرك إلا وقد الزق به شيء يسوءك.
وعن أبي حازم قال أن العبد ليعمل الحسنة تسره حين يعملها وما خلق الله من سيئة هي عليه اضر منها، وان العبد ليعمل السيئة ثم تسوءه حين يعملها، وما خلق الله عز وجل من حسنة انفع له منه، وذلك أن العبد حين يعمل الحسنة يتجبر فيها ويرى أن له فضلا على غيره ولعل الله عز وجل يحبطها ويحبط معها عملا كثيرا، وان العبد ليعمل السيئة تسوءه ولعل الله عز وجل يحدث له فيها وجلا فيلقى الله وان خوفها لفي جوفه باق.
كان أبو حازم يمر على الفاكهة فيقول: موعدك الجنة.
مر أبو حازم بجزار فقال: يا أبا حازم خذ من هذا اللحم فانه سمين قال: ليس معي درهم. قال أنظرك. قال: أنا أنظر نفسي.
وعن الفضل قال قال حازم المديني: وجدت الدنيا شيئين: فشيء منها هو لي فلن أعجله قبل اجله ولو طلبته بقوة السموات والأرض، وشيء منها هو لغيري فلم أنله، فيما مضى، ولا أرجوه فيما بقي، يمنع الذي لي من غيري كما يمنع الذي لغيري مني، ففي أي هذين افني عمري? ووجدت ما أعطيت من الدنيا شيئين فشيء يأتي اجله قبل اجلي فاغلب عليه، وشيء يأتي اجلي قبل اجله فأموت واخلفه لمن بعدي، ففي أي هذين اعصي ربي عز وجل?.
قال أبو حازم: عجبا لقوم يعملون لدار يرحلون عنها كل يوم مرحلة، ويدعون أن يعلموا لدار يرحلون إليها كل يوم مرحلة????????????????.
قال أبو حازم: إني لأعظ وما أرى له موضعا وما أريد إلا نفسي، وقال: لو أن أحدكم قيل له ضع ثوبك على هذا الهوف حتى يرمى لقال: ما كنت لأخرق ثوبي، وهو يخرق دينه. وحلف أبو حازم لجلسائه: لوددت أن أحدكم يبقي على دينه كما يبقى على نعله..
قال أبو حازم أضمنوا لي اثنين أضمن لكم الجنة: عملا بما تكرهون إذا احبه الله تعالى، وترك ما تحبون إذا كرهه الله عز وجل.
قال أبو حازم يسير الدنيا يشغل عن كثير من الآخرة، وقال: ما أحببت أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم، وما أكرهت أن يكون معك في الآخرة فاتركه اليوم.
وقال: كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه ثم لا يضرك متى مت. وقال: انك لتجد الرجل يعمل بالمعاصي فإذا قيل له: أتحب أن تموت? قال: يقول: وكيف? وعندي ما عندي. فيقال له: أفلا تترك ما تعمل من المعاصي? فيقول: ما أريد تركه وما احب أن أموت حتى اتركه.
وقال: شيئان إذا عملت بهما أصبت بهما خير الدنيا والآخرة لا أطول عليك.
قيل: وما هما أنا أبا حازم? قال: تحمل ما تكره إذا احبه الله وتترك ما تحب إذا كرهه الله.
وعن محمد بن يحيى المازني قال: قال أبو حازم: رضي الناس من العمل بالعلم ومن الفعل بالقول.
وعن العمري قال: رأيت أبا جعفر القاري، يعني في المنام، على الكعبة فقلت له يا أبا جعفر قال: نعم اقريء إخواني مني السلام وخبرهم أن الله عز وجل جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين، واقريء أبا حازم السلام وقل له: يقول لك أبو جعفر: الكيس الكيس فان الله وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالثلاثاء 2 مارس 2010 - 21:25

سالم بن عبد الله


هو سالم بن عبد الله بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الإمام الزاهد، الحافظ، مفتي المدينة، أبو عمر، وأبو عبد الله، ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه. وأمه أم ولد.

وكان سعيد بن المسيب يقول: أشبه ولد عمر به عبد الله، وأشبه ولد عبد الله به سالم. وهو من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم.

وحدّث عن: أبيه، وعائشة، وأبي هريرة رضي الله عنه، وحدث عن غيرهم، وروى عنه: ابنه أبو بكر، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي، والزهري، وعبيد الله بن عمر.

من أهم ملامح شخصيته:
عفته وزهده وإيثاره الآخرة على الدنيا:

عُرِفَ في زمانه بزهده وورعه، وقال عنه الإمام مالك: لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه.

ولقد دخل هشام بن عبد الملك في حجه الكعبة؛ فإذا هو بسالم بن عبد الله فقال له: سالم سلني حاجة، فقال: إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج سالم خرج هشام في أثره؛ فقال له: الآن قد خرجت من بيت الله فسلني حاجة، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة، قال: من حوائج الدنيا فقال سالم: إني ما سألت الدنيا من يملكها؛ فكيف أسألها من لا يملكها، وكان سالم خشن العيش يلبس الصوف الخشن، وكان يعالج بيده أرضًا له وغيرها من الأعمال ولا يقبل من الخلفاء وكان متواضعا وكان شديد الأدمة وله من الزهد والروع شيء كثير.

وفي يوم عرفه نظر إليه هشام بن عبد الملك فرآه في ثوبين متجردًا فرأى كدنة حسنة فقال: يا أبا عمر، ما طعامك؟ قال: الخبز والزيت، فقال هشام: كيف تستطيع الخبز والزيت قال أخمره فإذا اشتهيته أكلته قال: فوعك سالم ذلك اليوم فلم يزل موعوكًا حتى قدم المدينة.

وبلغ من زهده أنه لم يكن ليجمع شيئًا إلا للدار الآخرة، وكان ما في بيته من أساس لا يساوي شيًا فقد آثر أن يُجهز داره في الآخرة، ودخل عليه ميمون بن مهران فقوم كل شيء في بيته فما وجده يساوي مائة درهم، ودخل عليه مرة أخرى فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان.
علمه:

أما عن علمه فكان يُعد من علماء أهل المدينة، لذا كان مرجع أهل المدينة في الفتوى، وقال علي بن الحسن العسقلاني عن عبد الله بن المبارك: كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت. قال: وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعًا فنظروا فيها؛ ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون. وكان مجلسه ومجلس القاسم بن محمد في مسجد رسول الله r واحدًا تجاه خوخة عمر بين القبر والمنبر.
خوفه من التعدي على حدود الله:

وكان وقَّافًا عن حدود الله ومن ذلك ما يرويه عطاء بن السائب: أن الحجاج دفع إلى سالم بن عبد الله سيفًا وأمره بقتل رجل فقال سالم للرجل: أمسلم أنت؟ قال: نعم امض لما أُمرت به، قال: فصليت اليوم صلاة الصبح؟ قال: نعم قال: فرجع إلى الحجاج فرمى إليه بالسيف، وقال: إنه ذكر أنه مسلم وأنه قد صلى صلاة الصبح اليوم، وإن رسول الله r قال: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله قال الحجاج: لسنا نقتله على صلاة الصبح، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان قال سالم: ها هنا من هو أولى بعثمان مني فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال: ما صنع سالم؟ قالوا صنع كذا وكذا فقال بن عمر: مكيس مكيس.
نصحه لله ولرسوله:

وكان سالم بن عبد الله ناصحًا له ولرسوله وللأئمة المسلمين، ولما آلت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز كتب إليه يقول: يا عمر، فإنه قد ولى الخلافة والملك قبلك أقوام فماتوا على ما قد رأيت، ولقوا الله فرادى بعد الجموع والحفدة والحشم، وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون، فانفقأت عينهم التي كانت لا تفتأ تنظر لذاتها، واندفنت رقابهم غير موسدين بعد لين الوسائد وتظاهر الفرش والمرافق والسرر والخدم، وانشقت بطونهم التي كانت لا تشبع من كل نوع ولوث من الأموال والأطعمة، وصاروا جيفا بعد طيب الروائح العطرة حتى لو كانوا إلى جانب مسكين ممن كانوا يحقرونه وهم أحياء لتأذي بهم ولنفر منهم بعد إنفاق الأموال على أغراضهم من الطيب والثياب الفاخرة اللينة، كانوا ينفقون الأموال إسرافًا في أغراضهم وأهوائهم ويقترون في حق الله وأمره فإن استطعت أن تلقاهم يوم القيامة وهم محبوسون مرتهنون بما عليهم وأنت غير محبوس ولا مرتهن بشيء فافعل واستعن بالله ولا قوة إلا بالله سبحانه...

وما ملك عما قليل بسالم * ولو كثرت أحراسة ومواكبه

ومن كان ذا باب شديد وحاجب * فعما قليل يهجر الباب حاجبه

وما كان غير الموت حتى تفرقت * إلى غيره أعوانه وحبائبه

فأصبح مسرورًا به كل حاسد * وأسلمه أصحابه وحبائبه

وطلب منه عمر بن عبد العزيز حينما تولى الخلافة سنة 99هـ أن يكتب له سيرة جده عمر بن الخطاب ليهتدي الناس بهداه، فكتب إليه سالم إن عمر كان في غير زمانك ومع غير رجالك، وإنك إن عملت في زمانك ورجالك بمثل ما عمل به عمر في زمانه ورجاله، كنت مثل عمر وأفضل.
وفاته:

لم يزل سالم بن عبد الله بن عمر ناصحًا لله ولرسوله، معلمًا لغيره ما تعلمه من علم، عاملاً بما يعلم؛ حتى وافته المنية سنة ست ومائة في آخر ذي الحجة وكان هشام بن عبد الملك يومئذ بالمدينة، وكان حج بالناس تلك السنة ثم قدم المدينة فوافق موت سالم بن عبد الله فصلى عليه، ورأى كثرة قال أخبرنا محمد بن عمر عن أفلح وخالد بن القاسم قالا صلى هشام بن عبد الملك على سالم بن عبد الله بالبقيع لكثرة الناس فلما رأى هشام كثرة الناس بالبقيع فقال لإبراهيم بن هشام المخزومي: اضرب على الناس بعث أربعة آلاف فسمي عام الأربعة آلاف قال فكان الناس إذا دخلوا الصائفة خرج أربعة آلاف من المدينة إلى السواحل فكانوا هناك إلى انصراف الناس وخروجهم من الصائفة. ويعلم من حياته أنه ولد ومات في المدينة المنورة
المصادر:

البداية والنهاية - الطبقات الكبرى - تهذيب الكمال..
<
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالثلاثاء 2 مارس 2010 - 21:29

علي بن عبد الله بن عباس

هو على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، كنيته أبو محمد، أمه زرعة بنت مشرح بن معدي كرب، ولد أبو محمد علي بن عبد الله سنة أربعين بعد قتل علي بن أبي طالب فسماه عبد الله بن العباس عليًا وكناه بأبي الحسن، قال له عبد الملك بن مروان لا أحتمل لك الاسم والكنية جميعاً فغيره بأبي محمد.
الصحابة الذين تعلم على أيديهم:

نهل من علم أبيه حبر الأمة، وحفظ عنه، وتعلم على يد أبي سعيد الخدري وأخذ عنه، ويقول وقد أرسله إليه أبوه هو وعكرمة مولاه ليتعلما منه ويأخذا عنه: انطلقا إلى أبي سعيد الخدري فاسمعا من حديثه، فأتيناه وهو في حائط له فلما رآنا قام إلينا فقال مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أنشأ يحدثنا فلما رآنا نكتب قال لا تكتبوا واحفظوه كما كنا نحفظ ولا تتخذوه قرآنًا، وحدث أبي هريرة وعبد الله بن عمر وغيرهم وهو قليل الحديث.
مَن تعلموا منه:

حدث عنه بنوه عيسى وداود وسليمان وعبد الصمد، وحدث عنه وابن شهاب وسعد بن إبراهيم قاضي المدينة، ومنصور بن المعتمر وجملة وآخرون.
بلد المعيشة والرحلات:

عاش في المدينة، وسافر إلى البصرة والشام وقد أقطعه الأمويون قرية بصقع الشام طريق المدينة تعرف (بالحميمية)فأقام بها.
من أهم ملامح شخصيته: الفراسة وبعد النظر:

رؤى على بن عبد الله بن عباس مضروبًا وهو على جمل مقلوبًا ينادى عليه: هذا علي الكذاب لأنهم بلغهم (يعنى بني أمية وكان هذا في عصر الوليد ) عنه أنه كان يقول: أن هذا الأمر "يعني الخلافة" يصير في ولدى وحلف ليكونن فيهم وقد كان، وكان علي بن عبد الله هو جد الخلفاء.
علمه وعبادته:

كان رحمه الله عالماً عاملاً، وقال ابن سعد: ثقة إلا أنه كان قليل الحديث، وقال عنه الإمام ابن كثير: وكان علي هذا في غاية العبادة والزهادة والعلم والعمل وحسن الشكل والعدالة والثقة
من كلماته:

ذُكِرَ عند على بن عبد الله بن عباس بلاغة رجل فقال إني لأكره أن يكون مقدار لسانه فاضلا على مقدار علمه كما أكره أن يكون مقدار علمه فاضلا على مقدار عقله.

وقال: إن اصطناع المعروف قربة إلى الله وحظ في قلوب العباد وشكر باقي.

وأنشد قائلاً:

وزهدني في كل خير صنعته * إلى الناس ما جوزيت من قلة الشكر
وفاته:

اختلف في وفاته فقيل: مات بالشام سنة ثمان عشرة ومائة، وقيل سنة أربع عشرة ومائة، وقيل سنة سبع عشرة ومائة.
المصادر:

الثقات لابن حبان - تاريخ دمشق - مشاهير علماء الأمصار -ثمار القلوب - روضة العقلاء - تاريخ دمشق - سير أعلام النبلاء - البداية والنهاية ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالثلاثاء 2 مارس 2010 - 21:32

الحسن البصري

هو الحسن بن أبي الحسن يسار أبو سعيد مولى زيد بن ثابت الأنصاري ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي. وكان أبوه مولى جميل بن قطبة وهو من سبي ميسان، سكن المدينة وأُعتِق وتزوج بها في خلافة عمر فولد له بها الحسن رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر. وأمة خيرة مولاة لأم سلمة كانت تخدمها، وربما أرسلتها في الحاجة فتشتغل عن ولدها الحسن وهو رضيع فتشاغله أم سلمة بثدييها فيدران عليه فيرضع منهما، فكانوا يرون أن تلك الحكمة والعلوم التي أوتيها الحسن من بركة تلك الرضاعة من الثدي المنسوب إلى رسول الله، ثم كان وهو صغير تخرجه أمه إلى الصحابة فيدعون له وكان في جملة من يدعو له عمر بن الخطاب قال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس.

عدَّه ابن سعد في طبقاته من الطبقة الثانية وهم دون من قبلهم في السن.



بلد المعيشة والرحلات:

أصله من ميسان، ولد ونشأ بالمدينة بين الصحابة، وسافر إلى كابل، وكان كاتبًا للربيع بن زياد في خراسان في عهد سيدنا معاوية رضي الله عنهن وسكن بعد ذلك البصرة، وعرف بالحسن البصري.



الصحابة الذين تعلم على أيديهم:

ولد الحسن البصري في المدينة ونشأ بين الصحابة رضوان الله عليهم، مما دفعه إلى التعلم من الصحابة، والرواية عنهم، ورأى الحسن البصري عدد من الصحابة وعاش بين كبار كعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله، وروى عن عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وسمرة بن جندب وأبي بكرة الثقفي والنعمان بن بشير وجابر وجندب البجلي وابن عباس وعمرو بن تغلب ومعقل بن يسار والأسود ابن سريع وأنس بن مالك وروى عن عدد كبير من الصحابة.



أثر التابعين فيه:

كما كان للصحابة أثرًا في تربية الحسن بسبب نشأته بينهم، وتعلمه على أيديهم، كان لبعض التابعين أثرًا كبيرًا في نفسه: فلقد روي أنه كان يقص في الحج فمر به علي بن الحسين رضي الله عنهما فقال له: يا شيخ، أترضى نفسك للموت؟ قال: لا قال: فلله في أرضه معاد غير هذا البيت، قال: لا قال: فثم دار للعمل غير هذه الدار، قال: لا قال: فعملك للحساب، قال: لا قال: فلم تشغل الناس عن طواف البيت قال: فما قص الحسن بعدها.



أثره في الآخرين:



إن رجلاً تربى على يد الصحابة وأخذ عنهم وتعلم منهم تجد له آثارًا واضحة في الآخرين، فعن إياس بن أبي تميمة يقول: شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة والفرزدق إلى جنبه على بعير، فقال له الفرزدق: قد استشرفنا الناس يقولون: خير الناس، وشر الناس قال: يا أبا فراس، كم من أشعث أغبر ذي طمرين خير مني؟ وكم من شيخ مشرك أنت خير منه؟ ما أعددت للموت؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله قال: إن معها شروطًا فإياك وقذف المحصنة قال: هل من توبة؟ قال: نعم.

وخرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال: ما يجلسكم ها هنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء، أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، قد فرطحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله، والله لو زهدتم فيما عندهم لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيكم أبعد الله من أبعد.

موقفه مع ابن سيرين:

كان بين الحسن البصري وبين ابن سيرين هجرة، فكان إذا ذكر ابن سيرين عند الحسن يقول: دعونا من ذكر الحاكة، وكان بعض أهل ابن سيرين حائكًا، فرأى الحسن في منامه كأنه عريان، وهو قائم على مزبلة يضرب بالعود، فأصبح مهموما برؤياه، فقال لبعض أصحابه: امض إلى ابن سيرين، فقص عليه رؤياي على أنك أنت رأيتها، فدخل على ابن سيرين وذكر له الرؤيا فقال ابن سيرين: قل لمن رأى هذه الرؤيا، لا تسأل الحاكة عن مثل هذا. فأخبر الرجل الحسن بمقالته، فعظم لديه، وقال: قوموا بنا إليه، فلما رآه ابن سيرين، قام إليه وتصافحا وسلم كل واحد منهما على صاحبه، وجلسا يتعاتبان، فقال الحسن: دعنا من هذا، فقد شغلت الرؤيا قلبي. فقال ابن سيرين: لا تشغل قلبك، فإن العري عري من الدنيا، ليس عليك منها علقة وأما المزبلة فهي الدنيا، وقد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها كما هي في ذاتها، وأما ضربك بالعود، فإنه الحكمة التي تتكلم بها وينتفع بها الناس. فقال له الحسن: فمن أين لك أني أنا رأيت هذه الرؤيا? قال ابن سيرين: لما قصها علي فكرت، فلم أر أحدًا يصلح أن يكون رآها غيرك.



موقفه مع عمر بن عبد العزيز:

كتب الحسن بن أبي الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد يا أمير المؤمنين، اعلم أن الدنيا ليست بدار إقامة وإنما أهبط آدم إليها عقوبة؛ فبحسب من لا يدري ثواب الله أنه ثواب، وبحسب من لا يدري عقاب الله أنه عقاب، ليست صرعتها كالصرعة تهين من أكرمها، وتذل من أعزها، وتفقر من جمعها، ولها في كل حين قتيل، فالزاد منها تركها والغنى فيها فقرها، هي والله يا أمير المؤمنين كالسم يأكله من لا يعرفه ليشفيه وهو حتفه؛ فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يحتمي قليلاً مخافة ما يكره طويلاً، ويصبر على شدة الدواء مخافة البلاء، فأهل البصائر الفضائل فيها يا أمير المؤمنين مشيهم بالتواضع، وملبسهم بالاقتصاد، ومنطقهم بالصواب، ومطعمهم الطيب من الرزق، قد نفذت أبصارهم في الآجل كما نفذت أبصارهم في العاجل، فخوفهم في البر كخوفهم في البحر، ودعاؤهم في السراء كدعائهم في الضراء، ولولا الأجل الذي كتب عليهم لم تقر أرواحهم في أبدانهم إلا قليلاً خوفًا من العقاب وشوقًا إلى الثواب، عظم الخالق في أعينهم وصغر المخلوق عندهم فارض منها بالكفاف وليكفك ما بلغك المحل.



من ملامح شخصيته:



عبادته وعلمه:

كان الحسن البصري صوامًا قوامًا، فكان يصوم الأشهر الحرم والاثنين والخميس. ويقول ابن سعد عن علمه: كان الحسن جامعًا عالمًا عاليًا رفيعًا ثقة مأمونًا عابدًا ناسكًا كبير العلم فصيحًا جميلاً وسيمًا وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فحسن حجة، وقدم مكة فأجلسوه على سرير واجتمع الناس إليه فحدثهم، وكان فيمن أتاه مجاهد وعطاء وطاووس وعمرو بن شعيب فقالوا أو قال بعضهم: لم نر مثل هذا قط.

وكان أنس بن مالك يقول: سلوا الحسن فإنه حفظ ونسينا.

و قال أبو سعيد بن الأعرابي في طبقات النساك: كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ويسمعون كلامه ويذعنون له بالفقه في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسان غيرها تبرم به وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر، فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث والفقه وعلم القرآن واللغة وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، وكان منهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص كعمرو بن عبيد وأبي جهير وعبد الواحد بن زيد وصالح المري وشميط وأبي عبيدة الناجي وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال يعني في العبادة.

وعن بكر بن عبد الله المزني قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا فلينظر إلى الحسن. وقال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام.



خوفه وخشيته:

ومما يعرف عن الحسن البصري شدة خوفه وخشيته لله عز وجل، ومن ذلك ما رواه حميد الطويل قال: خطب رجل إلى الحسن فكنت أنا السفير بينهما قال: فكأن قد رضيه، فذهبت يوما أثني عليه بين يديه فقلت: يا أبا سعيد، وأزيدك أن له خمسين ألف درهم قال: له خمسون ألفًا ما اجتمعت من حلال، قلت: يا أبا سعيد إنه ما علمت لورع مسلم، قال: إن كان جمعها من حلال فقد ضن بها عن حق، لا والله لا يجري بيننا وبينه صهر أبدا.

وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين قال: وأما الحسن فما رأينا أحدًا أطول حزنًا منه، ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة. ويقول يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما. وعن حفص بن عمر قال: بكى الحسن فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف أن يطرحني غدًا في النار ولا يبالي.



قوله الحق:

لما ولي عمر بن هبيرة الفزاري العراق وأضيفت إليه خراسان وذلك في أيام يزيد بن عبد الملك؛ استدعى الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي وذلك في سنة ثلاث ومائة فقال لهم: إن يزيد خليفة الله استخلفه على عباده، وأخذ عليهم الميثاق بطاعته، وأخذ عهدنا بالسمع والطاعة، وقد ولاني ما ترون فيكتب إلي بالأمر من أمره فأقلده ما تقلده من ذلك الأمر فما ترون؟ فقال ابن سيرين والشعبي قولاً فيه تقية، فقال ابن هبيرة: ما تقول يا حسن؟ فقال: يا ابن هبيرة، خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، إن الله يمنعك من يزيد وإن يزيد لا يمنعك من الله، وأوشك أن يبعث إليك ملكًا فيزيلك عن سريرك ويخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا ينجيك إلا عملك، يا ابن هبيرة، إن تعص الله فإنما جعل الله هذا السلطان ناصرًا لدين الله وعباده؛ فلا تركبن دين الله وعباده بسلطان الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فأجازهم ابن هبيرة وأضعف جائزة الحسن فقال الشعبي لابن سيرين سفسفنا له فسفسف لنا.



بذله النصيحة:

وكان الحسن ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وكتب إليه عمر بن عبد العزيز: أنصحني فكتب إليه: إن الذي يصحبك لا ينصحك، والذي ينصحك لا يصحبك.

ولما كانت فتنة بن الأشعث إذ قاتل الحجاج بن يوسف انطلق عقبة بن عبد الغافر وأبو الجوزاء وعبد الله بن غالب في نفر من نظرائهم فدخلوا على الحسن فقالوا: يا أبا سعيد، ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة وفعل وفعل؟ فقال الحسن: أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين، قال: فخرجوا من عنده وهم يقول نطيع هذا العلج، فخرجوا مع بن الأشعث؛ فقتلوا جميعًا.

وعن حمزة الأعمى قال ذهبت بي أمي إلى الحسن فقالت يا أبا سعيد ابني هذا قد أحببت أن يلزمك فلعل الله أن ينفعه بك قال فكنت أختلف إليه فقال لي يوما يا بني أدم الحزن على خير الآخرة لعله أن يوصلك إليه وأبك في ساعات الخلوة لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين قال وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي وآتيه مع الناس وهو يبكي وربما جئت وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه قال فقلت له يوما يا أبا سعيد إنك لتكثر من البكاء قال فبكى ثم قال يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبك يا بني إن البكاء داع إلى الرحمة فإن استطعت أن لا تكون عمرك إلا باكيا فافعل لعله يراك على حالة فيرحمك بها فإذا أنت قد نجوت من النار.

روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون.



شجاعته:

كان الحسن البصري أشجع أهل زمانه كما يقول هشام بن حسان، وكان جعفر بن سليمان يقول: كان الحسن من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه.



زهده واستغناؤه عن الناس:

وكان الحسن البصري رضي الله عنه من الزاهدين حقاً فهو الذي زهد فيما عند الملوك فرغبوا فيه واستغنى عن الناس وما في أيديهم فأحبوه، فعن يونس بن عبيد قال: أخذ الحسن عطاءه فجعل يقسمه، فذكر أهله حاجة فقال لهم: دونكم بقية العطاء أما إنه لا خير فيه إلا أن يصنع به هذا.

وعن خالد بن صفوان قال: لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال: يا خالد أخبرني عن حسن أهل البصرة؟ قلت: أصلحك الله أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قلبي به أشبه الناس سريرة بعلانية وأشبهه قولاً بفعل، إن قعد على أمر قام به وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له، رأيته مستغنيًا عن الناس ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك كيف يضل قوم هذا فيهم؟! وعن مطر قال: دخلنا على الحسن نعوده فما كان في البيت شيء لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه.



معرفته لحقوق إخوانه:

لقد كان الحسن البصري ممن يعرف للإخوة حقوقها، فعن معمر عن قتادة قال: دخلنا على الحسن وهو نائم وعند رأسه سلة فجذبناها فإذا خبز وفاكهه وجعلنا نأكل فانتبه فرآنا فسره فتبسم وهو يقرأ "أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ". وعن جرير بن حازم قال: كنا عند الحسن وقد انتصف النهار وزاد فقال ابنه: خفوا عن الشيخ، فإنكم قد شققتم عليه فإنه لم يطعم طعامًا ولا شرابًا، قال: مه وانتهره، دعهم فوالله ما شيء أقر لعيني من رؤيتهم أو منهم، إن كان الرجل من المسلمين ليزور أخاه فيتحدثان ويذكران ويحمدان ربهما حتى يمنعه قائلته. ولقي الحسن بن أبي الحسن البصري بعض إخوانه فلما أراد أن يفارقه خلع عمامته فألبسه إياه وقال: إذا أتيت أهلك فبعها واستنفق ثمنها.



من كلماته:

يقول الحسن: بئس الرفيقان الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك.

وقال الحسن: أهينوا الدنيا فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها.

وكان يقول: اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم فإنهم سيصحبونك بمثله.

ومن أقواله: فضح الموت الدنيا فلم يترك فيها لذي لب فرحا وروى ثابت عنه قال ضحك المؤمن غفلة من قلبه

وسأله رجل فقال له: يا أبا سعيد، ما الإيمان؟ قال: الصبر والسماحة فقال: يا أبا سعيد ما الصبر والسماحة؟ قال: الصبر عن معصية الله، والسماحة بأداء فرائض الله.



موقف الوفاة:

يقول أبو طارق السعدي: شهدت الحسن عند موته يوصي فقال لكاتب: اكتب هذا ما يشهد به الحسن بن أبي الحسن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله من شهد بها صادقًا عند موته دخل الجنة، ولما حضرته الوفاة جعل يسترجع فقام إليه ابنه فقال: يا أبت قد غممتنا، فهل رأيت شيئًا؟ قال: هي نفسي لم أصب بمثلها.



وفاته:

قال رجل لابن سيرين: رأيت كأن طائرًا آخذًا الحسن حصاه في المسجد فقال ابن سيرين: إن صدقت رؤياك مات الحسن قال: فلم يلبث إلا قليلا حتى مات.

ومات الحسن ليلة الجمعة، وغسله أيوب وحميد، وأخرج حين انصرف الناس وازدحموا عليه، حتى فاتت الناس صلاة العصر، لم تصل في جامع البصرة. وكان مماته سنة عشر ومائة، وعمره تسع وثمانون سنة، وقيل ست وتسعون سنة. وقال هشام بن حسان: كنا عند محمد بن سيرين عشية يوم الخميس فدخل عليه رجل بعد العصر فقال: مات الحسن فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام فما تكلم حتى غربت الشمس، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه، وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مئة يوم. قال ابن علية: مات الحسن في رجب سنة عشر ومائة. وقال عبد الله بن الحسن إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة. وقد مات في أول رجب، وكانت جنازته مشهودة صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة فشيعه الخلق وازدحموا عليه حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم.

فضله ومناقبه:

يقول علي بن زيد: أدركت عروة بن الزبير ويحيى بن جعدة والقاسم فلم أر فيهم مثل الحسن ولو أن الحسن أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل لاحتاجوا إلى رأيه..

وقال الأعمش: ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها، وكان إذا ذكر عند أبي جعفر يعني الباقر قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء..

المصادر:

سير أعلام النبلاء - البداية والنهاية - الطبقات الكبرى - تهذيب الكمال - تهذيب التهذيب - وفيات الأعيان - عجائب الآثار - إحياء علوم الدين - ذم الدنيا - صفة الصفوة - مكارم الأخلاق - الوافي بالوف
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالثلاثاء 2 مارس 2010 - 21:36

عطاء بن أبي رباح

هو عطاء بن أبى رباح مولى آل أبى خيثم الفهري القرشي واسم أبى رباح أسلم، ولد بالجَندَ (بلدة باليمن) وكان مولده سنة سبع وعشرين أثناء خلافة عثمان، ولما سُئِل عن موعد مولده قال: لعامين خَلَوا من خلافة عثمان، وكان عطاء أسود أعور أشل أعرج، ثم عمي في آخر عمره، وكان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلاً لم يكن له فراش إلا المسجد الحرام إلى أن مات.

الصحابة الذين تعلم على يديهم:



تلقى عطاء بن أبي رباح العلم على يد ثُلة من الصحابة منهم عبد الله بن عباس حبر الأمة، وتعلم على يد عبد الله بن عمر، وسمع من أبي هريرة، ونهل من علم السيدة عائشة رضي الله عنها.

أهم ملامح شخصيته:



حرصه على مصالح الناس وجرأته في طلب الحق:



دخل عطاء بن أبى رباح على هشام، فرحب به وقال: ما حاجتك يا أبا محمد؟ وكان عنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا، فذكره عطاء بأرزاق أهل الحرمين وأُعطياتهم..

فقال: نعم؛ يا غلام اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاء أرزاقهم، ثم قال: يا أبا محمد هل من حاجة غيرها؟

فقال: نعم، فذكره بأهل الحجاز وأهل نجد وأهل الثغور، ففعل مثل ذلك، حتى ذكره بأهل الذمة أن لا يكلفوا ما لا يطيقون، فأجابه إلى ذلك، ثم قال له في آخر ذلك: هل من حاجة غيرها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، اتق الله في نفسك، فإنك خلقت وحدك، وتموت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، لا والله ما معك ممن ترى أحد..

قال: فأكب هشام يبكى، وقام عطاء. فلما كان عند الباب إذا رجل قد تبعه بكيس ما ندرى ما فيه، أدراهم أم دنانير؟ وقال: إن أمير المؤمنين قد أمر لك بهذا، فقال عطاء: {ما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين} ثم خرج ولا والله ما شرب عندهم حسوة ماء فما فوقها.

علمه:



بلغ عطاء بن أبي رباح درجة عالية من العلم، فكان يجلس للفتيا في مكة بعد وفاة حبر الأمة عبد الله بن عباس، ولما قدم ابن عمر مكة فسألوه فقال: أتجمعون لي يا أهل مكة المسائل وفيكم ابن أبي رباح؟. وكان يعرف عنه أنه لا يريد بعلمه جاهًا أو سلطانًًا، ولم يكن طالبًا بعلمه يومًا مالاً أو شيئًا من متاع الدنيا، بل كان يريد وجه الله عز وجل، يقول سلمة بن كهيل: ما رأيت أحدًا يريد بهذا العلم وجه الله عز وجل غير هؤلاء الثلاثة عطاء وطاووس ومجاهد.



يقول أسلم المنقري: جاء أعرابي فسأل فأشاروا إلى سعيد بن جبير فجعل الأعرابي يقول: أين أبو محمد؟ فقال سعيد بن جبير: ما لنا ها هنا مع عطاء شيء.

التواضع:





قال ابن أبي ليلى: دخلت على عطاء فجعل يسألني، فكأن أصحابه أنكروا ذلك، وقالوا: تسأله؟ قال: ما تنكرون؟ هو أعلم مني. قلت: هذا هو التواضع ومعرفة الفضل لأهله.

خوفه وخشيته:



قال عبد العزيز بن رفيع: سُئل عطاء عن شيء، فقال: لا أدري، قيل: ألا تقول برأيك، قال: إني أستحيي من الله أن يدان في الأرض برأيي.

عن الأوزاعي قال ما رأيت أحدا أخشع لله من عطاء ولا أطول حزنًا من يحيى ابن أبي كثير.

الزهد:





قال عمر بن ذر: ما رأيت مثل عطاء بن أبي رباح، ما رأيت عليه قميصًا قط ولا رأيت عليه ثوبًا يساوي خمسة دراهم.

عبادته:



عن ابن جريج قال: كان عطاء بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتي آية من البقرة وهو قائم ما يزول منه شيء ولا يتحرك وعن ابن عيينة قال قلت لابن جريج ما رأيت مصليًا مثلك قال لو رأيت عطاء.

من كلماته:

قال عطاء بن أبي رباح: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام وكانوا يعدون فضوله ما عدا كتاب الله عز وجل أن تقرأه، وتأمر بمعروف أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتك في معيشك التي لا بدلك منهان أتنكرون أن عليكم حافظين كرامًا كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد؟ أما يستحيى أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أمل صدر نهاره فإن أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه.

الوفاة:



لم يكن له فراش إلا المسجد الحرام إلى أن مات سنة أربع عشرة ومائة وقد قيل إنه مات سنة خمس عشرة ومائة. المصادر:



مشاهير علماء الأمصار - الجوهر النقي - الأدب المفرد - شرح معاني الآثار - صفة الصفوة - الثقات لابن حبان - الجرح والتعديل..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالجمعة 5 مارس 2010 - 12:48

عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز ابن شابه أباه في زهده وعفته وورعه، وكان خير ناصح لوالده في كثير من المواقف،

وكما كان عبد الملك قدوة لأبناء جيله من الشباب فهو أيضا قدوة لكل شاب يريد أن ينشأ في عبادة ربه ليكون من

السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.




قال عنه الحافظ أبو نعيم في الحلية: "كان للحق نافذا وللباطل واقذا"

وقال ميمون بن مهران: ما رأيت ثلاثة في بيت أخير من عمر بن عبد العزيز وابنه عبد الملك ومولاه مزاحم.


لم تذكر لنا كتب التاريخ والتراجم مولده ونشأته بقدر ما ذكرت مواقف من حياته في الزهد والعفة والنصيحة فإلى

بعضها من خلال هذه السطور.

--------------------------------------------------------------------------------

نصيحته لعمر


لم يستغل عبد الملك منصب أبيه ومكانة أسرته؛ ليعيش حياة كلها ترف وتنعم دون إحساس بأية مسئولية تجاه ما يحدث

حوله من أحداث، بل على العكس من ذلك عرف عبد الملك زهدا أكثر من زهد أبيه، وكان نعم الناصح لأبيه، خوفا عليه من

عظم المسئولية الملقاة على عاتقه.


روي عن عبد الله بن يونس الثقفي عن سيار أبي الحكم قال: قال ابن لعمر بن عبد العزيز يقال له عبد الملك ـ وكان

يفضل على عمر ـ يا أبت أقم الحق ولو ساعة من نهار.


وعن يحيى بن يعلى المحاربي عن بعض مشيخة أهل الشام قال كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنما أدخله في العبادة

ما رأى من ابنه عبد الملك.


وروي عن ميمون بن مهران أن عبد الملك بن عمر قال له يا أبت ما منعك أن تمضي لما تريد من العدل والله ما كنت أبالي

لو غلت بي وبك القدور في ذلك قال يا بني إنما أنا أروض الناس رياضة الصعب إني لأريد أن أحيي الأمر من العدل

فأؤخر ذلك حتى أخرج معه طمعا من طمع الدنيا فينفروا من هذه ويسكنوا لهذه .


وعن خالد ابن يزيد عن جعونة قال: دخل عبد الملك على أبيه عمر فقال يا أمير المؤمنين ماذا تقول لربك إذا أتيته وقد

تركت حقا لم تحيه وباطلا لم تمته قال اقعد يا بني ان آباءك وأجدادك خدعوا الناس عن الحق فانتهت الأمور إلي وقد

أقبل شرها وأدبر خيرها ولكن أليس حسبي جميلا أن لا تطلع الشمس علي في يوم إلا أحييت فيه حقا وأمت فيه باطلا

حتى يأتيني الموت وأنا على ذلك.


وعن إسماعيل بن أبي حكيم وكان كاتب عمر بن عبد العزيز قال دخل عبد الملك على أبيه عمر فقال أين وقع لك رأيك

فيما ذكر لك مزاحم من رد المظالم. قال: على إنفاذه فرفع عمر يديه ثم قال الحمد لله الذي جعل لي من ذريتي من

يعينني على أمر ديني.

--------------------------------------------------------------------------------

مواقف من حياته


عن هشام بن حسان قال: قال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم كم ترانا أصبنا من أموال المؤمنين قال قلت يا أمير

المؤمنين أتدري ما عيالك قال نعم الله لهم فخرجت من عنده فلقيت ابنه عبد الملك فقلت له هل تدري ما قال أمير

المؤمنين قال وما قال قلت قال هل تدري ما أصبنا من أموال المؤمنين قال فما قلت له قال قلت له هل تدري ما عيالك

قال نعم الله لهم قال عبد الملك بئس الوزير أنت يا مزاحم ثم جاء يستأذن على أبيه فقال للآذن استأذن لي عليه فقال له

الآذن إنما لأبيك من الليل والنهار هذه الساعة قال لا بد من لقائه فسمع عمر مقالتهما قال من هذا قال الآذن عبد الملك

قال ائذن له قال فدخل فقال ما جاء بك هذه الساعة قال شيء ذكره لي مزاحم قال نعم فما رأيك قال رأيي أن تمضيه

قال فإني أروح إلى الصلاة فأصعد المنبر فأرده على روؤس الناس قال ومن لك أن تعيش إلى الصلاة قال فمه قال

الساعة قال فخرج فنودي في الناس الصلاة جامعة فصعد المنبر فرده على رؤس الناس.


وعن إسماعيل بن أبي حكيم قال كنا عند عمر بن عبد العزيز فلما تفرقنا نادى مناديه الصلاة جامعة قال فجئت المسجد

فإذا عمر على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن هؤلاء أعطونا عطايا ما كان ينبغي لنا أن نأخذها وما

كان ينبغي لهم أن يعطونها وإني قد رأيت ذلك ليس على فيه دون الله محاسب وإني قد بدأت بنفسي وأهل بيتي أقرأ

يا مزاحم فجعل مزاحم يقرأ كتابا كتابا ثم يأخذه عمر فيقطعه حتى نودي بالظهر.

***

و عن ميمون ابن مهران قال بعث إلي عمر بن عبد العزيز وإلي مكحول والى أبي قلابة فقال ما ترون في هذه الأموال

التي أخذت من الناس ظلما فقال مكحول يومئذ قولا ضعيفا كرهه فقال أرى أن تستأنف فنظر إلي عمر كالمستغيث بي

قلت يا أمير المؤمنين ابعث إلى عبد الملك فأحضره فإنه ليس بدون من رأيت قال يا حارث ادع لي عبد الملك فلما دخل

عليه عبد الملك قال يا عبد الملك ما ترى في هذه الأموال التي قد أخذت من الناس ظلما قد حضروا يطلبونها وقد عرفنا

مواضعها قال أرى أن تردها فإن لم تفعل كنت شريكا لمن أخذها.

***

وقال إسماعيل بن أبي حكيم قال غضب عمر بن عبد العزيز يوما فاشتد غضبه و كان فيه حدة وعبد الملك بن عمر بن

عبد العزيز حاضر فلما سكن غضبه قال يا أمير المؤمنين أنت في قدر نعمة الله عليك وموضعك الذي وضعك الله به وما

ولاك من أمر عباده يبلغ بك الغضب ما أرى قال كيف قلت قال فأعاد عليه كلامه فقال أما تغضب يا عبد الملك فقال ما

تغني سعة جوفي إن لم أردد فيها الغضب حتى لا يظهر منه شيء أكرهه قال وكان له بطين.

***

عن ابن أبي عبلة قال جلس عمر يوما للناس فلما انتصف النهار ضجر وكل ومل فقال للناس مكانكم حتى أنصرف

إليكم فدخل ليستريح ساعة فجاء ابنه عبد الملك فسأل عنه فقالوا دخل فاستأذن عليه فأذن له فلما دخل قال يا أمير

المؤمنين ما أدخلك قال أردت أن أستريح ساعة قال أو أمنت الموت أن يأتيك ورعيتك على بابك ينتظرونك وأنت

محتجب عنهم فقام عمر من ساعته وخرج إلى الناس .

--------------------------------------------------------------------------------

وفاته


توفي عبد الملك وهو في ريعان الشباب وحزن عليه عمر حزنا شديدا، وروي أبو نعيم أن عبد الملك بن عمر بن عبد

العزيز أصابه الطاعون في خلافة أبيه فمات قال والله ما من أحد أعز علي من عمر ولأن أكون سمعت بموته أحب إلي

من أن أكون كما رأيته.


وقد رزقه الله بصيرة نافذة حتى أنه شعر بدنو أجله، فلما جاءت امرأته إليه وقد ترجلت ولبست إزارا ورداءا ونعلين

فلما رآها قال اعتدى اعتدى.


وروي عن زياد بن أبي حسان أنه شهد عمر بن عبد العزيز حيث دفن ابنه عبد الملك قال لما دفنه وسوى عليه قبره

بالأرض وضعوا عنده خشبيتين من زيتون إحداهما عند رأسه والأخرى عند رجليه ثم جعل قبره بينه وبين القبلة واستوى

قائما وأحاط به الناس فقال رحمك الله يا بني لقد كنت بارا بأبيك والله ما زلت منذ وهبك الله لي مسرورا بك ولا والله ما

كنت قط أشد بك مسرورا ولا أرجي بحظي من الله فيك منذ وضعتك في هذا المنزل الذي صيرك الله إليه فرحمك الله

وغفر لك ذنبك وجزاك بأحسن عملك ورحم الله كل شافع يشفع لك بخير من شاهد أو غائب رضينا بقضاء الله وسلمنا

لأمر الله والحمد لله رب العالمين ثم انصرف.


وقال علي ابن حصين: شهدت عمر تتابعت عليه مصائب مات أخ له ثم مات مزاحم ثم مات عبد الملك فلما مات عبد الملك

تكلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لقد دفعته إلى النساء في الخرق فما زلت أرى فيه السرور وقرة العين إلى يومي

هذا فما رأيته في أمر قط أقر لعيني من أمر رأيته فيه اليوم.


وروي أن عمر كتب في رثاء عبد الملك إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن في شأن ابنه عبد الملك حين توفي أما بعد فإن

الله تبارك اسمه وتعالى ذكره كتب على خلقه حين خلقهم الموت وجعل مصيرهم إليه فقال فيما أنزل من كتابه الصادق

الذي حفظه بعلمه وأشهد ملائكته على حقه أنه يرث الأرض ومن عليها وإليه يرجعون ثم قال لنبيه عليه السلام {وما جعلنا

لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون} ثم قال منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى فالموت

سبيل الناس في الدنيا لم يكتب الله لمحسن ولا لمسيء فيها خلدا ولم يرض ما أعجب أهلها ثوابا لأهل طاعته ولم يرض

ببلائها نقمة لأهل معصيته فكل شيء منها أعجب أهلها أو كرهوا منه شيئا متروك. لذلك خلقت حين خلقت وسكنت منذ

سكنت ليبلو الله فيها عباده أيهم أحسن عملا، فمن قدم عند خروجه من الدنيا إلى أهل طاعته ورضوانه من أنبيائه

وأئمة الهدى الذين أمر الله نبيه أن يقتدي بهداهم خالد في دار المقامة من فضله لا يمسه فيها نصب ولا يمسه فيها

لغوب، ومن كانت مفارقته الدنيا إلى غيرهم وغير منازلهم فقد قابل الشر الطويل وأقام على مالا قبل له به، أسأل الله

برحمته أن يبقينا ما أبقانا في الدنيا مطيعين لأمره متبعين لكتابه، وجعلنا إذا خرجنا من الدنيا إلى نبينا ومن أمرنا أن

نقتدي بهداه من المصطفين الأخيار وأسأله برحمته أن يقينا أعمال السوء في الدنيا والسيئات يوم القيامة ثم إن عبد

الملك ابن أمير المؤمنين كان عبدا من عباد الله أحسن الله إليه في نفسه وأحسن إلى أبيه فيه أعاشه الله ما أحب أن

يعيشه ثم قبضه اليه حين أحب أن يقبضه وهو فيما علمت بالموت مغتبط يرجو فيه من الله رجاء حسنا فأعوذ بالله أن

تكون لي محبة في شيء من الأمور تخالف محبة الله فإن خلاف ذلك لا يصلح في بلائه عندي وإحسانه إلى ونعمته علي

وقد قلت فيما كان من سبيله والحمد لله ما رجوت به ثواب الله وموعده الصادق من المغفرة إنا لله و إنا اليه راجعون ثم لم

أجد والحمد لله بعده في نفسي إلا خيرا من رضى بقضاء الله واحتساب لما كان من المصيبة فحمدا لله على ما مضى

وعلى ما بقي وعلى كل حال من أمر الدنيا والآخرة أحببت أن أكتب إليك بذلك وأعلمك من قضاء الله فلا أعلم ما نيح

عليه في شيء من قبلك ولا اجتمع على ذلك أحد من الناس ولا رخصت فيه لقريب من الناس ولا لبعيد واكفني ذلك بكفاية

الله ولا ألومك فيه إن شاء الله والسلام عليك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالجمعة 5 مارس 2010 - 12:53

محمد بن سيرين

نسبه

محمد بن سيرين يكنى أبا بكر، وقال ابن عائشة كان سيرين والده من أهل جرجرايا وكان يعمل قدور النحاس فجاء إلى عين التمر يعمل بها فسباه خالد بن الوليد. وكان مولى أنس بن مالك كاتبه أنس، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك قال هذه مكاتبة سيرين عندنا هذا ما كاتب عليه أنس بن مالك فتاه شيرون على كذا وكذا ألفا وعلى غلامين يعملان عليه.


وعن بكار بن محمد قال حدثني أبي أن أم محمد بن سيرين صفية مولاة أبي بكر بن أبي قحافة طيبها ثلاث من أزواج رسول الله ودعوته لها وحضر إملاكها ثمانية عشر بدريا منهم أبي ابن كعب يدعو وهم يؤمنون.


إذا رأوه ذكروا الله


اشتهر بتفسير الأحلام وكان في تأويله للرؤى يأمر بتقوى الله ويبشر الناس أن من رأي ربه في المنام دخل الجنة، إنه التابعي الجليل محمد بن سيرين الذي كان مثالا يحتذي في الورع والزهد والعبادة، مما جعل الناس في زمانه إذا رأوه كبروا، ويقول أحد معاصريه كان محمد بن سيرين قد أعطى هديا وسمتا وخشوعا فكان الناس إذا رأوه ذكروا الله.


فضله ومناقبه


كان بن سيرين من أعلام التابعين، وإماما من أئمة الزهد والورع، قال ابن عون كان محمد بن سيرين إذا حدث كأنه يتقى شيئا أو يحذر شيئا.


وقال جرير بن حازم سمعت محمد بن سيرين يحدث رجلا فقال ما رأيت الرجل الأسود ثم قال أستغفر الله ما أراني إلا قد اغتبت الرجل.


قال مورق العجلى: ما رأيت رجلا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين. وقال أبو قلابة اصرفوه حيث شئتم فلتجدنه أشدكم ورعا وأملككم لنفسه، وأينا يطيق ما يطيق محمد بن سيرين يركب مثل حد السنان.


قال أبو عوانة رأيت محمد بن سيرين يمر في السوق فيكبر الناس.


قال ابن سيرين إذا أراد الله عز وجل بعبده خيرا جعل له واعظا من قلبه يأمره وينهاه.


وعن الأشعث قال كان محمد بن سيرين إذا سئل عن شيء من الفقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان.


وأوصى أنس بن مالك أن يغسله محمد بن سيرين فقيل له في ذلك وكان محبوسا فقال أنا محبوس قالوا قد استأذن الأمير فأذن لك في ذلك قال فإن الأمير لم يحبسني إنما حبسني الذي له الحق فأذن له صاحب الحق فخرج فغسله.


عن رجاء بن أبي سلمة قال سمعت يونس بن عبيد يقول أما ابن سيرين فإنه لم يعرض له أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما.


قالت حفصة بنت سيرين كان محمد إذا دخل على أمه لم يكلمها بلسانه كله تخشعا لها.


وعن ابن عون قال دخل رجل على محمد وهو عند أمه فقال ما شأن محمد يشتكى شيئا فقالوا لا ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.


قال ابن سيرين ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم وتكتم خيره.


وعن ابن عون قال أرسل ابن هبيرة إلى ابن سيرين فأتاه فقال له كيف تركت أهل مصرك قال تركتهم والظلم فيهم فاش.


قال ابن عون كان محمد يرى أنها شهادة يسأل عنها فكره أن يكتمها.


تفسيره للرؤى


عرف بن سيرين بتفسير الرؤى والأحلام وله كتاب مشهور في ذلك و كان الرجل إذا سأل ابن سيرين عن الرؤيا قال اتق الله عز وجل في اليقظة ولا يضرك ما رأيت في المنام.


ومن عجائب تفسيره للأحلام:


عن يوسف الصباغ عن ابن سيرين قال من رأى ربه تعالى في المنام دخل الجنة.


عن خالد بن دينار قال كنت عند ابن سيرين فأتاه رجل فقال يا أبا بكر رأيت في المنام كأني أشرب من بلبلة لها مثقبان فوجدت أحدهما عذبا والآخر ملحا قال ابن سيرين اتق الله لك امرأة وأنت تخالف إلى أختها.


عن أبي قلابة أن رجلا قال لابن سيرين رأيت كأني أبول دما قال تأتي امرأتك وهي حائض قال نعم قال اتق الله ولا تعد.


عن أبي جعفر عن ابن سيرين أن رجلا رأى في المنام كأن في حجره صبيا يصيح فقص رؤياه على ابن سيرين فقال اتق الله ولا تضرب العود.


عن حبيب أن امرأة رأت في المنام أنها تحلب حية فقصت على ابن سيرين فقال ابن سيرين اللبن فطرة والحية عدو وليست من الفطرة في شيء هذه امرأة يدخل عليها أهل الأهواء.
رأى الحجاج بن يوسف في منامه رؤيا كأن حوراوين أتتاه فأخذ إحداهما وفاتته الأخرى فكتب بذلك إلى عبد الملك فكتب إليه عبد الملك هنيئا يا أبا محمد فبلغ ذلك ابن سيرين فقال أخطأت هذه فتنتان يدرك إحداهما وتفوته الأخرى قال فأدرك الجماجم وفاتته الأخرى.


رأى ابن سيرين كأن الجوزاء تقدمت الثريا فأخذ في وصيته قال يموت الحسن البصري وأموت بعده هو أشرف مني.


قال رجل لابن سيرين إني رأيت كأني ألعق عسلا من جام من جوهر فقال اتق الله وعاود القرآن فإنك رجل قرأت القرآن ثم نسيته.


وقال رجل لابن سيرين رأيت كأني أحرث أرضا لا تنبت قال أنت رجل تعزل عن امرأتك.


قال رجل لابن سيرين رأيت في المنام كأني أغسل ثوبي وهو لا ينقى قال أنت رجل مصارم لأخيك.
-وقال رجل لابن سيرين رأيت كأني أطير بين السماء والأرض قال أنت رجل تكثر المنى.

جاء رجل إلى ابن سيرين فقال إني رأيت كأني على رأسي تاجا من ذهب فقال له ابن سيرين اتق الله فإن أباك في أرض غربة وقد ذهب بصره وهو يريد أن تأتيه قال فما راده الرجل الكلام حتى أدخل يده في حجزته فأخرج كتابا من أبيه يذكر فيه ذهاب بصره وأنه في أرض غربة ويأمر بالإتيان إليه.


مواقف من حياته


عن ابن عون قال كانوا إذا ذكروا عند محمد رجلا بسيئة ذكره محمد بأحسن ما يعلم وقال طوق بن وهب دخلت على محمد بن سيرين وقد اشتكيت فقال كأني أراك شاكيا قلت أجل قال اذهب إلى فلان الطبيب فاستوصفه ثم قال اذهب إلى فلان فإنه أطب منه ثم قال أستغفر الله أراني قد اغتبته.


و كان محمد بن سيرين إذا مشى معه رجل قام وقال ألك حاجة فإن كان له حاجة قضاها فإن عاد يمشى معه قام فقال له ألك حاجة.


عن هشام عن ابن سيرين أنه اشترى بيعا فأشرف فيه على ثمانين ألفا فعرض في قلبه منه شيء فتركه قال هشام والله ما هو بربا، وعن السرى بن يحيى قال لقد ترك ابن سيرين ربح أربعين ألفا في شيء دخله، قال سرى فسمعت سليمان التيمي يقول لقد تركه في شيء ما يختلف فيه أحد من العلماء.


وكان ابن سيرين إذا دعي إلى وليمة أو إلى عرس يدخل منزله فيقول اسقوني شربة سويق فيقال له يا أبا بكر أنت تذهب إلى الوليمة أو العرس تشرب سويقا فيقول إني أكره أن أحمل حد جوعي على طعام الناس.


عن ابن شوذب قال كان ابن سيرين يصوم يوما ويفطر يوما وكان اليوم الذي يفطر فيه يتغذى ولا يتعشى ثم يتسحر ويصبح صائما.


وروي عن موسى بن المغيرة قال رأيت محمد بن سيرين يدخل السوق نصف النهار يكبر ويسبح ويذكر الله عز وجل فقال له رجل يا أبا بكر في هذه الساعة قال إنها ساعة غفلة.


وعن جعفر بن مرزوق قال بعث ابن هبيرة إلى ابن سيرين والحسن والشعبي قال فدخلوا عليه فقال لابن سيرين يا أبا بكر ماذا رأيت منذ قربت من بابنا قال رأيت ظلما فاشيا قال فغمزه ابن أخيه بمنكبه فالتفت إليه ابن سيرين فقال ابن سيرين إنك لست تُسأل إنما أُسأل أنا فأرسل إلى الحسن بأربعة آلاف وإلى ابن سيرين بثلاثة آلاف وإلى الشعبي بألفين فأما ابن سيرين فلم يأخذها


وعن جعفر بن أبي الصلت قال قلت لمحمد بن سيرين ما منعك أن تقبل من ابن هبيرة قال فقال لي يا أبا عبدالله أو يا هذا إنما أعطاني على خير كان يظنه بي ولئن كنت كما ظن بي فما ينبغي لي أن أقبل وإن لم أكن كما ظن فبالحري أن لا يجوز لي أن أقبل.


عبادته


عن عبيد الله بن السري قال: قال ابن سيرين إني لأعرف الذنب الذي حمل به على الدين ما هو قلت لرجل منذ أربعين سنة يا مفلس فحدثت به أبا سليمان الداراني فقال قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون وكثرت ذنوبي وذنوبك فليس ندرى من أين نؤتى.


عن عاصم الأحول قال كان عامة كلام ابن سيرين سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم عن هشام بن حسان قال ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في جوف الليل وهو يصلى.


عن أنس بن سيرين قال كان لمحمد بن سيرين سبعة أوراد يقرؤها بالليل فإذا فاته منها شيء قرأه من النهار.


وعن هشام قال كان ابن سيرين يحيى الليل في رمضان.


عن دهير قال كان ابن سيرين إذا ذكر الموت مات كل عضو منه على حدته.


قال مهدى كنا نجلس إلى محمد فيحدثنا ونحدثه ويكثر إلينا ونكثر إليه فإذا ذكر الموت تغير لونه واصفر وأنكرناه وكأنه ليس بالذي كان.


وفاته


وتوفى في سنة عشر ومائة بعد الحسن بمائة يوم وهو ابن نيف وثمانين سنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: قتادة بن دعامة السدوسي   من قصص التابعين Emptyالجمعة 5 مارس 2010 - 12:56

هو قتادة بن دعامة السدوسي
يكنى أبا الخطاب بصري تابعي ثقة، ولد سنة ستين من الهجرة، وكان ضرير البصر، وكان يتهم بقدر وكان لا يدعو إليه ولا يتكلم فيه.
عده ألأصحاب الطبقات من الطبقة : الرابعة: طبقة والتي تلي الوسطى من التابعين، وروى له: البخاري - مسلم- أبو داود-الترمذي-النسائي-ابن ماجه

من روى عنهم وتعلم على أيديهم:
تعلم قتادة عن بعض الصحابة كأنس بن مالك وعبد الله بن سرجس، وحنظلة الكاتب، وأبى الطفيل في آخرين. وكان يرسل الحديث عن الشعبي ومجاهد وسعيد بن جبير والنخعي وأبى قلابة ولم يسمع منهم


وقال ابن كثير في البداية والنهاية: روى عن أنس بن مالك وجماعة من التابعين، منهم سعيد بن المسيب والبصري وأبو العالية وزرارة بن أوفى وعطاء ومجاهد ومحمد بن سيرين ومسروق وأبو مجلز وغيرهم.


من ملامح شخصيته:


كثرة قراءته للقرآن:


كان له مع القرآن حال فيروى أنه كان يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة.


حفظه للحديث:


وإن كان قتادة ضريرًا إلا أنه كان قوي الذاكرة جيد الحفظ فعن مطر قال: كان قتادة إذا سمع الحديث يختطفه اختطافًا، قال: وكان إذا سمع الحديث يأخذه العويل والزويل حتى يحفظه. وكان غالب القطان يقول: من سره أن ينظر إلى أحفظ من أدركنا فلينظر إلى قتادة.


ولما قدم قتادة على سعيد بن المسيب فجعل يسأله أيامًا وأكثر فقال له سعيد: كل ما سألتني عنه تحفظه قال: نعم، سألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وسألتك عن كذا فقلت فيه كذا، وقال فيه الحسن كذا، حتى رد عليه أحاديث كثيرة، فقال سعيد: ما كنت أظن أن الله خلق مثلك.


وعن معمر قال رأيت قتادة قال لسعيد بن أبي عروبة أمسك على المصحف فقرأ البقرة فلم يخط حرفا فقال يا أبا النضر لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة(10)


علمه بأنساب العرب:


كان قَتادة بن دعامة السَّدوسي عالماً بالعرب وبأنسابها وأيامها ولم يأتنا عن أحد من علم العرب أصح من شيء أتانا عن قتادة، وكان الرجلان من بني مرْوان يختلفان في الشعر فيرسلان راكباً فيُنيخ ببابه فيسأله عنه ثم يشخص. وكان أبو بكر الهذلي يَروي هذا العلم عن قَتادة.
وعن سعيد بن عبيد عن أبي عوانة قال: شهدت عامرَ بن عبد الملك يسأل قَتادة عن أيام العرب وأنسابها وأحاديثها فاستحسنته، فعدت إليه فجعلت أسأله عن ذلك فقال: مالك ولهذا دَعْ هذا العلم لعامر وعُدْ إلى شأنك.


من كلماته:


كان قتادة يقوا: من يتق الله يكن الله معه، ومن يكن الله عز وجل معه، فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام والهادي الذي لا يضل.


وقال: باب من العلم يحفظه الرجل يطلب به صلاح نفسه وصلاح الناس أفضل من عبادة حول كامل.


وقال قتادة: لو كان يكتفي من العلم بشيء، لاكتفى موسى عليه السلام بما عنده ولكنه طلب الزيادة.


وفاته:


مات بواسط سنة سبع عشرة ومائة وهو بن ست وخمسين سنة.


المصادر:


1-الثقات للعجلي - تاريخ خليفة بن خياط - رواة التهذيبيين - البداية والنهاية - صفة الصفوة - مسند ابن الجعد - الجرح والتعديل - تهذيب التهذيب - التاريخ الكبير - المزهر في علوم اللغة - الطبقات الكبرى - مشاهير علماء الأمصار - المحدث الفاصل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من قصص التابعين Empty
مُساهمةموضوع: رد: من قصص التابعين   من قصص التابعين Emptyالجمعة 5 مارس 2010 - 13:02

عكرمة مولى ابن عباس

هو عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما، مكي تابعي ثقة بريء مما يرميه الناس به من الحرورية، أحد التابعين والمفسرين المكثرين والعلماء الربانيين والرحالين الجوالين، صنفه ابن سعد في الطبقه الثانية من التابعين. ومات ابن عباس وهو عبد فاشتراه خالد بن يزيد ابن معاوية من علي بن عبد الله بن عباس بأربعة آلاف دينار فبلغ ذلك عكرمة فأتى عليا فقال بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار فراح علي إلى خالد فاستقاله فأقاله فأعتقه.

عاش عكرمة بين مكة والمدينة ولم يثبت أنه تركهما إلا إلى خرسان، وقال ابن كثير: طاف عكرمة البلاد ودخل إفريقية واليمن والشام والعراق وخراسان وبث علمه هنالك.

الصحابة الذين تعلم على أيديهم:


هو عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما، مكي تابعي ثقة بريء مما يرميه الناس به من الحرورية، أحد التابعين والمفسرين المكثرين والعلماء الربانيين والرحالين الجوالين، صنفه ابن سعد في الطبقه الثانية من التابعين. ومات ابن عباس وهو عبد فاشتراه خالد بن يزيد ابن معاوية من علي بن عبد الله بن عباس بأربعة آلاف دينار فبلغ ذلك عكرمة فأتى عليا فقال بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار فراح علي إلى خالد فاستقاله فأقاله فأعتقه.

عاش عكرمة بين مكة والمدينة ولم يثبت أنه تركهما إلا إلى خرسان، وقال ابن كثير: طاف عكرمة البلاد ودخل إفريقية واليمن والشام والعراق وخراسان وبث علمه هنالك.

الصحابة الذين تعلم على أيديهم:


كانت فرصة عكرمة كبيرة في العلم، فكان مولى عبد الله بن عباس حبر الأمة وهذه الفرصة أتاحت له التعلم حتى صار من علماء التابعين، وكان عكرمة يقول: كان ابن عباس يجعل في رجلي الكبل ويعلمني القرآن والسنن، ورغم أنه كان مولى ابن عباس إلا أنه لم يكتف بالتعلم على يديه؛ بل تعلم على يد كثير من الصحابة ونهل من علمهم فقد روى عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة ونهل من علم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

وكان سفيان الثوري يقول: خذوا المناسك عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة، وقال أيضًا: خذوا التفسير عن أربعة سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك.

أهم ملامح شخصيته:

العلم:

بلغ عكرمة مولى ابن عباس في العلم درجة كبيرة، وعده قتادة من أعلم التابعين فعنه قال: أعلم التابعين أربعة:كان عطاء أعلمهم بالمناسك وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير وكان عكرمة أعلمهم بسيرة النبي وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام".

ومما يدل على غزارة علمه ما رواه معمر عن أيوب قال: كنت أريد أن أرحل إلى عكرمة إلى أفق من الآفاق. فإني لفي سوق البصرة إذا رجل على حمار.. فقيل لي: عكرمة!! فاجتمع الناس إليه، فقمت إليه فما قدرت على شيء أسأله، ذهبت مني المسائل فقمت إلى جنب حماره فجعل الناس يسألونه وأنا أحفظ. وقال ابن كثير: وكان أحد أوعية العلم وقد أفتى في حياة مولاه ابن عباس.

سرعة البديهة:


عن أيوب سمعت رجلا قال لعكرمة فلان قذفني في النوم قال: اضِرب ظله ثمانين.

تفنيد شبه:


1ـ رميه بالكذب.

2ـ الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج.

3ـ القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء.

احتج به البخاري وأصحاب السنن، وتركه مسلم فلم يخرج له سوى حديث واحد في الحج مقرونا بسعيد بن جبير؛ وإنما تركه مسلم لكلام مالك فيه، وقد تعقب جماعة من الأئمة ذلك وصنفوا في الذب عن عكرمة: منهم أبو جعفر بن جرير الطبري، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو عبد الله بن منده، وأبو حاتم بن حبان، وأبو عمر بن عبد البر، وغيرهم. فأما أقوال من ضعفه فمدارها على ثلاثة أشياء: على رميه بالكذب، وعلى الطعن فيه بأنه كان يرى رأي الخوارج، وعلى القدح فيه بأنه كان يقبل جوائز الأمراء، فهذه الأوجه الثلاثة يدور عليها جميع ما طعن به فيه. فأما البدعة: فإن ثبتت عليه فلا تضر حديثه لأنه لم يكن داعية مع أنها لم تثبت عليه، وأما قبول الجوائز: فلا يقدح أيضا إلا عند أهل التشديد وجمهور أهل العلم على الجواز كما صنف في ذلك بن عبد البر، ولقد أثني عليه علماء عصره فقال محمد بن فضيل عن عثمان بن حكيم: كنت جالسًا مع أبي أمامة بن سهل بن حنيف إذ جاء عكرمة فقال: يا أبا أمامة أذكرك الله هل سمعت ابن عباس يقول ما حدثكم عني عكرمة فصدقوه فإنه لم يكذب علي؟ فقال أبو أمامة: نعم، وهذا إسناد صحيح. وقال يزيد النحوي عن عكرمة: قال لي ابن عباس انطلق فافت الناس. وحكى البخاري عن عمرو بن دينار قال: أعطاني جابر بن زيد صحيفة فيها مسائل عن عكرمة فجعلت كأني أتباطأ فانتزعها من يدي وقال: هذا عكرمة مولى ابن عباس هذا أعلم الناس. وقال الشعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة. وقال حبيب بن أبي ثابت: مر عكرمة بعطاء وسعيد بن جبير فحدثهم، فلما قام قلت لهما تنكران مما حدث شيئا قالا: لا. وقال أيوب: حدثني فلان قال: كنت جالسًا إلى عكرمة وسعيد بن جبير وطاووس وأظنه قال: وعطاء في نفر فكان عكرمة صاحب الحديث يومئذ وكأن على رؤوسهم الطير. فما خالفه أحد منهم إلا أن سعيدًا خالفه في مسألة واحدة، قال أيوب: أرى ابن عباس كان يقول القولين جميعًا. وقال حبيب أيضًا: اجتمع عندي خمسة طاووس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء فأقبل مجاهد وسعيد يلقيان على عكرمة المسائل فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما، فلما نفد ما عندهما جعل يقول: نزلت آية كذا في كذا ونزلت آية كذا في كذا. وقال ابن عيينة كان عكرمة إذا تكلم في المغازي فسمعه إنسان قال: كأنه مشرف عليهم يراهم.

وفاته:


مات عكرمة بالمدينة سنة خمس ومائة وهو ابن ثمانين سنة. وكان موته هو وكثير عزة - وهو من شعراء ذلك العصر- في يوم واحد فقال الناس: مات أفقه الناس وأشعر الناس.

المصادر:


فتح الباري - الثقات لابن حبان - صفة الصفوة - البداية والنهاية..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من قصص التابعين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات :: منتديات الإسلاميات :: منتدى شخصيات وأعلام إسلامية-
انتقل الى: