منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
احمـــــــــد بشـــير
فريق أول
فريق أول
احمـــــــــد بشـــير


عدد الرسائل : 4007
العمر : 73
العمل/الترفيه : مدير جودة
تاريخ التسجيل : 04/03/2008

من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار Empty
مُساهمةموضوع: من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار   من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار Emptyالجمعة 25 ديسمبر 2009 - 22:47



‏326‏ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين‏*‏ ‏[‏الأنفال‏:30]‏
هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في أواخر النصف الأول من سورة الأنفال‏,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ وآياتها خمس وسبعون‏(75)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم‏(‏ الأنفال‏)‏ أي المغانم جمع‏(‏ نفل‏)‏ بالفتح وهو الزيادة أو الأمر الثانوي‏,‏ إشارة إلي الغنائم التي غنمها المسلمون أثناء معركة بدر الكبري‏,‏ وقد سميت الغنائم بالأنفال احتقارا لشأنها أمام رد الظالم الصائل‏,‏ الجائر‏,‏ وأمام واجب حمأية الدين‏,‏ والعرض‏,‏ والنفس‏,‏ والمال‏,‏ وهي من ضرورات الحياة‏,‏ ومن الأهداف الرئيسية للجهاد الإسلامي‏,‏ أما الغنائم المتحققة من الجهاد في سبيل الله فهي زيادة علي ذلك‏,‏ ونافلة منه‏.‏

هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض سورة الأنفال وما جاء فيها من التشريعات الإسلامية وركائز العقيدة‏,‏ ونركز هنا علي ومضة الإعجاز الإنبائي في الآية الثلاثين من هذه السورة المباركة‏,‏ وهي الآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال‏.‏

من الإعجاز الإنبائي في الآية الكريمة
في التعليق علي هذه الآية الكريمة أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قوله‏:‏ تشاورت قريش ليلة بمكة‏.‏ فقال بعضهم‏:‏ إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق ـ يريدون النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وقال بعضهم‏:‏ بل اقتلوه‏.‏ وقل بعضهم‏:‏ بل اخرجوه‏.‏ فأطلع الله نبيه ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي ذلك‏,‏ فبات علي ـ رضي الله عنه ـ علي فراش رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وخرج النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ حتي لحق بالغار‏.‏ وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ فلما أصبحوا ثاروا إليه‏;‏ فلما رأوه عليا رد الله ـ تعالي ـ عليهم مكرهم‏,‏ فقالوا‏:‏ أين صاحبك هذا؟ قال‏:‏ لا أدري‏!‏ فاقتصوا أثره‏;‏ فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم‏,‏ حتي صعدوا الجبل‏,‏ فمروا بالغار‏,‏ ورأوا علي بابه نسج العنكبوت‏,‏ فقالوا‏:‏ لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت علي بابه‏..‏ فمكث فيه ثلاث ليال‏.‏

ويذكر الإمام البخاري أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يعلم أن قومه سوف يخرجونه من مكة حين لقي ورقة بن نوفل في صبيحة تلقيه الوحي لأول مرة فقال له ورقة فيما قال‏:‏

ياليتني فيها جذعا‏,‏ ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ‏:‏ أو مخرجي هم؟‏!‏ قال ورقة‏:‏ نعم‏;‏ لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا أوذي‏,‏ وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا‏.‏

ولذلك فإن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بعد أن خذله أهل الطائف وبالغ كفار ومشركو مكة في اضطهاده واضطهاد اصحابه‏,‏ عاد إلي مكة في أمان أحد المشركين وبدأ يعرض نفسه علي القبائل في مواسم التجارة والحج يشرح لهم دين الله‏(‏ الإسلام‏)‏ ويدعوهم إلي التوحيد الخالص لله‏,‏ وإلي الالتزام بمكارم الأخلاق‏,‏ ويطلب إليهم الإيواء والنصرة حتي يبلغ الناس بهداية رب العالمين لهم قائلا‏:‏ من رجل يحملني إلي قومه فيمنعني‏,‏ حتي أبلغ رسالة ربي فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي‏.‏

وحينما سئل ـ صلي الله عليه وسلم ـ‏:‏ إلام تدعونا؟ قال‏:‏ أدعوكم إلي شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏,‏ وأني عبدالله ورسوله‏,‏ وإلي أن تئووني وتنصروني‏,‏ فإن قريشا قد تظاهرت علي الله‏,‏ وكذبت رسوله‏,‏ واستغنت بالباطل عن الحق‏,‏ والله هو الغني الحميد‏,‏ ثم تلا علي السائل قول الحق ـ تبارك وتعالي ـ‏Sad‏ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون‏*)(‏ الأنعام‏:151).‏

ويقول جابر بن عبدالله الأنصاري عن ذلك ما نصه‏:‏ مكث رسول الله ـصلي الله عليه وسلم ـ بمكة عشر سنين‏,‏ يتبع الناس في منازلهم‏,‏ بعكاظ ومجنة‏,‏ وفي المواسم بمني‏,‏ يقول‏:‏ من يئويني؟ من ينصرني‏,‏ حتي أبلغ رسالة ربي‏,‏ وله الجنة؟ والمقاومة ضده شديدة‏,‏ حتي إن الرجل ليخرج من اليمن أو مصر‏,‏ ـ كذا قال ـ فيأتيه قومه فيقولون‏:‏ احذر غلام قريش لا يفتنك‏,‏ وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ يمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع‏,‏ حتي بعثنا الله إليه من يثرب‏,‏ فاويناه وصدقناه‏,‏ فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن‏,‏ فينقلب إلي أهله فيسلمون بإسلامه‏,‏ حتي لم يبق دار من الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام‏(‏ مسند الإمام أحمد‏)‏

وقد أثمرت الاتصالات الأولي بأهل يثرب بإسلام رجلين في أول الأمر‏,‏ وتلا ذلك اسلام ستة من الرجال من الخزرج‏,‏ ثم كانت بيعة العقبة الأولي مع اثني عشر رجلا‏(‏ عشرة من الخزرج‏,‏ واثنان من الأوس‏)‏ وبعث رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ مع المبايعين سفيره إلي أهل يثرب مصعب بن عمير ـ رضي الله عنه ـ الذي دعا أهل هذه المدينة إلي الإسلام‏,‏ وكان يعلمهم الدين‏,‏ ويقرئهم ما حفظ من كتاب الله‏,‏ وكان يؤم مسلميهم في الصلاة‏.‏ وكان من نبل خلقه وحسن إسلامه أن تمكن من نشر الإسلام بين أهل يثرب خاصة بين زعماء قبائلها وكبار شخصياتها الذين أسلم بإسلامهم كثير من أهل هذه المدينة‏.‏

ثم كانت بيعة العقبة الثانية التي أسلم فيها ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من أهل يثرب‏,‏ ويصف جابر بن عبدالله الأنصاري تلك البيعة بكلام طويل نختار منه قوله‏Sad...‏ فقلنا‏:‏ حتي متي نترك رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يطرد في جبال مكة ويخاف‏,‏ فرحل إليه منا سبعون رجلا‏,‏ حتي قدموا عليه في الموسم‏,‏ فواعدناه شعب العقبة‏,‏ فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين‏,‏ حتي توافينا فقلنا‏:‏ يارسول الله علام نبايعك؟ قال‏:‏ تبايعون علي السمع والطاعة في النشاط والكسل‏,‏ والنفقة في العسر واليسر‏,‏ وعلي الأمر بالمعروف‏,‏ والنهي عن المنكر‏,‏ وأن تقولوا في الله‏,‏ لا تخافون في الله لومة لائم‏,‏ وعلي أن تنصروني فتمنعوني‏,‏ إذا قدمت عليكم‏,‏ مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم‏,‏ ولكم الجنة‏.‏ قال جابر‏:‏ فقمنا إليه فبايعناه‏...).‏

وفي رواية لكعب بن مالك الانصاري ان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ليكونوا علي قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا‏Sad‏ تسعة من الخزرج‏,‏ وثلاثة من الأوس‏).‏

وعندما علم كفار ومشركو قريش بأخبار تلك البيعة ثارت ثائرتهم علي المسلمين في مكة‏,‏ وازداد إيذاء المشركين لهم‏,‏ فأذن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ للمسلمين بالهجرة إلي يثرب‏,‏ فأخذوا في ذلك حتي لم يبق في المدينة إلا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وأبوبكر وعلي ـ رضي الله عنهما ـ أو قليل من المرضي والضعفاء أو الذين فتنتهم قريش بالاختطاف‏,‏ أو بالسجن‏,‏ أو بالتفريق بين المرء وزوجة وولده‏,‏ أو نهب الأموال والثروات‏.‏

وتروي لنا أم المؤمنين السيدة عائشة ـ رضي الله عنها وأرضاها ـ عن هجرة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قائلة‏Sad‏ كان لايخطيء رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار‏,‏ إما بكرة‏,‏ وإما عشية‏,‏ حتي إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في الهجرة‏,‏ والخروج من مكة بين ظهري قومه‏,‏ أتانا رسول الله بالهاجرة‏(‏ أي عند الزوال‏)‏ في ساعة كان لايأتي فيها‏.‏ قالت‏:‏ فلما رآه أبو بكر قال‏:‏ ما جاء رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ هذه الساعة إلا لأمر حدث‏,‏ قالت‏:‏ فلما دخل تأخر له أبوبكر عن سريره‏,‏ فجلس رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وليس عند أبي بكر إلا أنا‏,‏ وأختي أسماء بنت أبي بكر‏,‏ فقال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ‏:‏ أخرج عني من عندك‏,‏ فقال‏:‏ يارسول الله‏,‏ إنما هما ابنتاي‏,‏ وماذاك؟ فداك أبي وأمي‏!‏ فقال‏:‏ إنه قد أذن لي في الخروج والهجرة‏.‏ قالت فقال أبوبكر‏:‏ الصحبة يارسول الله؟ قال‏:‏ الصحبة‏,‏ قالت‏:‏ فوالله ماشعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح‏,‏ حتي رأيت أبابكر يبكي يومئذ‏,‏ ثم قال‏:‏ يانبي الله‏!‏ إن هاتين راحلتان‏,‏ قد كنت أعددتهما لهذ
ا‏,‏ فاستأجرا عبدالله بن أريقط رجلا من بني الديل بن بكر‏,‏ وكانت أمة امرأة من بني سهم بن عمرو‏,‏ وكان مشركا ـ استأجراه كي يدلهما علي الطريق ـ فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما‏.‏

وأضافت أم المؤمنين قائلة‏Sad‏ فجهزناهما أحسن الجهاز‏,‏ وصنعنا لهما سفرة في جراب‏,‏ فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها‏,‏ فربطت به علي فم الجراب‏,‏ فبذلك سميت ذات النطاقين‏,‏ ثم لحق رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وأبوبكر‏,‏ بغار في جبل ثور فمكثا فيه ثلاث ليال‏,‏ يبيت عندهما عبدالله بن أبي بكر‏,‏ وهو غلام‏,‏ شاب‏,‏ ثقف‏,‏ لقن‏,‏ فيدلج من عندهما بسحر‏,‏ فيصبح مع قريش بمكة كبائت‏,‏ فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتي يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام‏,‏ ويرعي عليهما عامر بن فهيرة مولي أبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء‏,‏ فيبيتان في رسل ـ وهو لبن منحتهما ورضيفهما ـ حتي ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس‏(‏ أي في ظلمة آخر الليل‏).‏ فعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث‏,‏ واستأجر رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وأبوبكر رجلا من بني الديل‏..‏ هاديا وخريتا‏(‏ ماهرا بالهداية في الطرق‏)...‏ فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما‏,‏ وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث‏,‏ وانطلق معهما عامر بن فهيرة‏,‏ والدليل فأخذ بهم طريق السواحل‏)(‏ البخاري‏).‏

وكان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قد أمر عليا بن أبي طالب أن يخلفه في فراشه تمويها للذين كانوا يحاصرون داره من مشركي قريش‏;‏ حتي يخرج سالما من بينهم وحتي يؤدي علي ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ الودائع التي كانت عنده للناس‏.‏

وعند خروجه من مكة وقف رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالحزورة في سوق مكة وقال‏:‏ والله إنك لخير أرض الله‏,‏ وأحب أرض الله إلي الله‏,‏ ولولا أني أخرجت منك ماخرجت‏(‏ الترمذي‏).‏

وعلي الرغم من أن سورة الأنفال مدنية‏,‏ والآية التي اتخذناها عنوانا لهذا المقال نزلت بالمدينة المنورة بعد الهجرة النبوية الشريفة بعامين‏,‏ فإنها تذكر بما كان في مكة من ظلم لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ولصحابته الكرام من قبل كفار ومشركي قريش‏,‏ كما تذكر بفضل الله ـ تعالي ـ الذي نصر المسلمين نصرا مؤزرا في معركة بدر الكبري علي هؤلاء الكفار والمشركين‏.‏

والآية توحي بوجه من أوجه الإعجاز الإنبائي حين أخبر الوحي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بخطة زعماء الكفر من قريش ليوثقوا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ويحبسوه حتي يموت‏,‏ أو ليقتلوه ويتخلصوا منه ومن دعوته‏,‏ أو ليخرجوه من مكة منفيا مطرودا‏,‏ ثم استقر رأيهم بعد مداولات طويلة في دار الندوة أن يقتلوا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ علي أن يتولي إثم ذلك فتية أشداء يمثلون أغلب بطون مكة حتي يتفرق دمه في القبائل‏,‏ وذلك مما يعجز بني هاشم عن قتالهم جميعا‏,‏ فيرضوا بالدية‏,‏ وينتهي الصراع بين دعوة الحق التي يحملها رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ودعاوي الباطل العديدة التي يتحمس لها الكفار ومشركو قريش عن جهل فاضح‏.‏

هذا ماتمنته قريش‏,‏ ولكن الله ـ تعالي ـ كان لهم بالمرصاد فأخبر رسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بمخططهم الشيطاني‏,‏ وبموعد تنفيذه‏,‏ فرتب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أمر هجرته الشريفة مع أبي بكر‏,‏ وكتب الله ـ تعالي ـ لهما النجاة من مخطط الكفار والمشركين‏.‏

وتبقي هذه الآية الكريمة شاهدة علي هذه المعجزة الإنبائية من الله ـ تعالي ـ إلي خاتم أنبيائه ورسله ـ صلي الله عليه وسلم ـ والتي أكدتها روايات الثقاة من أهل بيت النبوة‏,‏ وممن عايش هذه المعجزة من الصحابة الكرام‏,‏ وحتي من بعض زعماء الكفر الذين اعترفوا بمخططهم الشيطاني بعد نجاة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصحبه الكريم تماما كما بينته هذه الآية القرآنية المجيدة‏.‏

وهذا الإنباء مما يشهد للقرآن الكريم بأنه لايمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏)‏ علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا‏,‏ وتعهد ـ سبحانه وتعالي ـ بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم حجة الله البالغة علي خلقه أجمعين إلي أن يشاء الله رب العالمين‏.‏

فالحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي بعثة خير الأنام ـ صلي الله وسلم‏,‏ وبارك عليه وعلي آله وصحبه‏,‏ ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين‏,‏ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار Empty
مُساهمةموضوع: رد: من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار   من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار Emptyالجمعة 1 يناير 2010 - 22:14



من أسرار القرآن

بقلم : زعلول النجار


‏[‏327] إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار‏...‏ ‏[‏التوبة‏:40]‏


هذا النص القرآني الكريم جاء في خواتيم الثلث الأول من سورة التوبة‏,‏ وهي سورة مدنية‏,‏ ومن طوال سور القرآن الكريم‏,‏ إذ يبلغ عدد آياتها مائة وتسعا وعشرين‏(129).

‏ وهذا مما يجعلها سادس أطول سور هذا الكتاب المجيد‏;‏ وهي من أواخر ما أنزل علي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إذ أنزلت في السنة التاسعة من الهجرة‏.‏ وقد سميت السورة باسم التوبة لورود هذه الكلمة ومشتقاتها في اثنتي عشرة آية من آياتها‏;‏ كما سميت باسم براءة‏,‏ وهي الكلمة التي استهلت بها‏,‏ وعرفت هذه السورة باسم الفاضحة‏,‏ والمخزية‏,‏ والمثبرة‏(‏ أي المهلكة‏),‏ والمنكلة‏,‏ وسورة العذاب‏,‏ وذلك لفضحها المنافقين‏,‏ الذين أنذرت بهلاكهم والنكال بهم‏,‏ ووصفت عذابهم في الدينا والآخرة‏,‏ كما سميت باسم المحفزة أو الحافزة لتحفيزها المؤمنين علي الجهاد في سبيل الله من أجل إعلاء دينه‏.‏
هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض سورة التوبة‏,‏ وما جاء فيها من التشريعات الإسلامية‏,‏ وركائز العقيدة‏,‏ والإشارات الكونية‏,‏ والدلالات التاريخية والإنبائية‏,‏ ونركز هنا علي التوثيق التاريخي لهجرة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وبصحبته سيدنا أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ كما يسجله النص القرآني من هذه السورة المباركة الذي اخترناه عنوانا لهذا المقال‏.‏

التوثيق التاريخي في النص الكريم

يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ في محكم كتابه‏:‏ إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلي وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم‏(‏ التوبة‏:40).‏
وهذه الآية الكريمة توثق توثيقا تاريخيا دقيقا لمرحلة من مراحل هجرة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ومعه صاحبه أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وهما مختبئان في غار ثور‏,‏ وكفار ومشركو قريش يطاردونهم في كل بقعة من أرض مكة بعد أن كانوا قد تأمروا عليه وانتمروا به‏,‏ وقرروا التخلص منه إما بالسجن حتي الموت‏,‏ أو بالقتل بأيدي ممثلين لجميع بطون قريش حتي يتفرق دمه بين القبائل‏,‏ أو بالنفي الكامل من أرضه‏,‏ فأطلعه الله ـ سبحانه وتعالي ـ علي ما ائتمروا به‏,‏ وأوحي إليه بالخروج‏,‏ فخرج هو وصاحبه الصديق الذي حمل معه كل ما بقي عنده من مال‏,‏ حتي لجآ إلي غار ثور إلي حين هدوء حملة قريش المذعورة في تقفي أثرهما ومحاولة اللحاق بهما‏.‏

وتسجل كل من كتب السيرة وكتب التاريخ أنه في فجر يوم الجمعة الموافق‏27‏ من شهر صفر سنة‏14‏ من البعثة النبوية الشريفة‏(‏ الموافق‏622/9/13‏ م‏)‏ هاجر رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ من مكة المكرمة في طريقهما إلي المدينة المنورة انصياعا لأمر الله ـ تعالي ـ بعد ثلاث وخمسين سنة قضاها رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في مكة‏,‏ ولم تكن هجرته فرارا من الاضطهاد‏,‏ ولا بحثا عن الأمن‏,‏ ولكن استعدادا للجهاد في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمته في الأرض‏,‏ وإقامة دولة الإسلام في يثرب‏.‏

وكان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ قد أعد ناقتين للخروج‏,‏ ودليلا للطريق‏,‏ وأمر ابنه عبدالله أن يتسمع لهما ما يقول القرشيون فيهما طيلة النهار‏,‏ ثم يأتيهما إذا أمسي الليل بما يكون من أمر المشركين‏,‏ وما يدبرون من كيد لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه‏.‏ كذلك درب ابنته أسماء ـ رضي الله عنها ـ علي حمل الزاد من الطعام والشراب إليهما في الغار‏,‏ ثم تعود مع أخيها إلي مكة قبل طلوع الفجر‏.‏ وأمر الصديق ـ رضي الله عنه ـ خادمه ومولاه عامر بن فهيرة أن يرعي الغنم في اليرق بين مكة وجبل ثور‏,‏ ليعفو علي آثارهما وعلي آثار المترددين عليهما في الغار‏.‏

وليلة الهجرة النبوية الشريفة‏,‏ قام أحد عشر شابا من كفار ومشركي قريش بتطويق بيت رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في محاولة لرصد حركته حتي نام‏,‏ وعند منتصف الليل قام ليأمر عليا بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بالنوم في فراشه وكلفه برد أمانات الناس المودعة عنده‏,‏ وخرج ـ صلي الله عليه وسلم ـ من داره بعد منتصف الليل‏,‏ وشباب قريش محيطون بالدار وهم متوشحون سيوفهم ينتظرون تنفس الصبح ليضربوا عنق رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ عند خروجه عليهم ضربة رجل واحد‏,‏ كي يعرف الجميع أن كل قبائل مكة قد اشتركت في إراقة دم رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ‏,‏ ولكنه خرج مخترقا صفوفهم دون أن يشعروا به‏,‏ فقد أغشي الله أبصارهم فلم يدركوه‏,‏ وأخذ ـ صلي الله عليه وسلم ـ ينثر التراب علي رؤوسهم وهو يتلو قول الحق ـ تبارك وتعالي ـ وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون‏(‏ يس‏:9).‏

وبعد مغادرته داره تحرك رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إلي دار أبي بكر ثم انطلقا في رحلة الهجرة المباركة إلي غار ثور‏,‏ وشباب كفار ومشركي قريش مرابطون حول داره ـ صلي الله عليه وسلم ـ حتي يئسوا من خروجه عليهم‏,‏ فبدأوا ينظرون من ثقب الباب فيروا شخصا ينام في فراش رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ومتسجيا ببرده الحضرمي الأخضر‏,‏ فظنوا أن رسول الله لا يزال نائما‏,‏ فاطمأنوا حتي طلع الصبح‏,‏ وخرج عليهم علي ـ كرم الله وجهه ـ فتبين لهم أنهم قد باءوا بالفشل والخسران والندم‏.‏

تحرك الرسول وصاحبه في اتجاه الجنوب من مكة المكرمة تمويها علي مشركي قريش الذين يعرفون أنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ خرج يقصد المدينة إلي الشمال من مكة‏,‏ وسارا لمسافة عشرة كيلو مترات علي أقدامهما حتي وصلا إلي جبل ثور وأبو بكر مشفق علي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ خائف عليه من أن تلمحه عين راصد‏,‏ فتارة يمشي أمامه‏,‏ وتارة يأتي خلفه‏,‏ وثالثة يمشي علي يمينه‏,‏ ورابعة علي يساره‏,‏ فسأله رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ عن سبب ذلك‏,‏ فقال أبو بكر‏:‏ يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك‏,‏ وأذكر الطلب فأكون خلفك‏,‏ ومرة عن يمينك‏,‏ ومرة عن يسارك‏,‏ لا آمن عليك‏.‏

وكان جبل ثور صعب المرتقي‏,‏ كثير الأحجار‏,‏ شامخ الارتفاع‏,‏ فصعداه بصعوبة شديدة حتي وصلا إلي فم الغار‏,‏ وهم النبي بالدخول إلي الغار فسبقه أبو بكر قائلا‏:‏ لا تدخل يا رسول الله حتي أدخله قبلك‏,‏ فإن كان فيه شيء أصابني دونك‏.‏

ودخل أبو بكر الغار أولا‏,‏ ودار علي جوانبه يتفحصها‏,‏ فوجد فيها عددا من الفتحات فشق ثوبه إلي قطع صغيرة‏,‏ وبدأ في سد تلك الفتحات بها‏,‏ وبقيت فتحتان متجاورتان لم يبق من قطع ثوبه شيء ليسدهما به‏,‏ فوضع قدميه عليهما خشية أن يكون بهما من الهوام ما قد يؤذي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ثم نادي عليه فدخل وهيأ أبو بكر حجره ليضع رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ رأسه عليه‏,‏ فجاء ووضع رأسه في حجر أبي بكر ونام من شدة الإجهاد والتعب‏.‏
ثم فوجئ أبو بكر بحية في أحد الجحرين اللذين سدهما بقدميه تلدغه في إحدي قدميه‏,‏ فتحامل علي نفسه‏,‏ ولم يحرك قدمه حتي لا تخرج الحية فتؤذي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ولكن زاد عليه الألم فبدأ يبكي بكاء مكتوما كي لا يوقظ الرسول من نومه‏,‏ ولكن سقطت بعض دموعه رغما عنه علي وجه رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فتنبه واستيقظ قائلا‏:‏ مالك يا أبا بكر؟ فقال‏:‏ لدغت فداك أبي وأمي‏,‏ فقام رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بمعالجة مكان اللدغة فشفيت‏,‏ وذهب الألم الذي كان يجده أبو بكر‏.‏

وعندما طلع الفجر ووصل نور الصباح إلي داخل الغار لاحظ رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن أبا بكر لا يلبس ثوبه الذي خرج به من داره‏,‏ فسأله النبي عنه فأخبره بأنه قد مزقه ليسد به جحور الغار خوفا عليه من الهوام‏,‏ فرفع النبي يديه إلي السماء وقال‏:‏ اللهم اجعل أبا بكر في درجتي يوم القيامة‏.‏
شمر كفار ومشركو قريش عن سواعدهم في طلب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه‏,‏ وجندوا كل إمكاناتهم في سبيل تحقيق ذلك‏,‏ وأعلنوا عن مكافأة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلي قريش حيين أو ميتين كائنا ما كان‏.‏ وطمعا في المكافأة جد كل من الفرسان وقصاصي الأثر في طلب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه‏,‏ وانتشروا في الجبال والوديان من حول مكة حتي وصل المقتفون للأثر إلي باب غار ثور‏,‏ وقال أحدهم‏:‏ والله ما جاز مطلوبكم هذا المكان‏,‏ وسمعه أبو بكر فبكي بكاء مكتوما‏,‏ وهمس لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قائلا‏:‏ لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا‏;‏ لو هلك أبو بكر لهلك فرد واحد‏,‏ أما أنت يا رسول الله لو هلكت لذهب الدين وهلكت الأمة‏,‏ والله ما علي نفسي أبكي‏,‏ ولكن مخافة أن أري فيك ما أكره فطمأنه رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قائلا‏:‏ يا أبا بكر‏!‏ ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ لا تحزن إن الله معنا‏.‏

وتسجل الآية الكريمة التي اخترناها عنوانا لهذا المقال حوار أبي بكر مع رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في الغار تسجيلا توثيقيا دقيقا لواقعة حدثت من قبل‏1431‏ سنة مما يعتبر وجها من أوجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في كتاب الله يشهد له بالربانية‏,‏ كما يشهد للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة‏.‏
ومكث رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه في الغاز ثلاث ليال‏,‏ حتي يئس المطاردون من كفار ومشركي قريش من الوصول إليهما‏,‏ فأمنا الطريق بعد ذلك إلي يثرب‏.‏

ولما هدأ الطلب في المغارات المحيطة بمكة‏,‏ جاء عبدالله بن أبي بكر بالراحلتين اللتين كان أبوه قد أعدهما لتلك الرحلة المباركة‏,‏ وبالدليل عبدالله بن أريقط‏,‏ وبالراعي عامر بن فهيرة‏,‏ كما جاءت أسماء بنت أبي بكر بزاد رحلتهما‏.‏ وخرج رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه من الغار في ليلة الإثنين غرة ربيع الأول في السنة الأولي للهجرة‏(‏ الموافق‏622/9/16‏ م‏),‏ فقدم أبو بكر إلي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أفضل الراحلتين حتي ركبها وركب هو الأخري‏,‏ وانطلقا سالكين طريق الساحل وهو أطول من الطريق الجبلي‏,‏ وذلك إمعانا في التعمية علي المطاردين‏.‏

وفي الطريق لحق بالمهاجرين أحد فرسان قريش واسمه سراقة بن مالك‏,‏ فلما قرب منهما غاصت أقدام فرسه في الرمال فاستجار برسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فأجاره‏,‏ ثم دفعه الطمع إلي تناسي ما وقع له‏,‏ فاندفع محاولا اللحاق بركب المهاجرين ويحدث له أشد مما وقع له‏,‏ وتكرر ذلك مرارا حتي آمن بأنه لا سبيل له إلي ركب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فعاد أدراجه صادا للطالبين ورادا للمتعقبين ركب الرسول وصاحبه‏,‏ والرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ يقول‏:‏ اللهم اصحبني في سفري‏,‏ واخلفني في أهلي‏.‏

وفي الطريق إلي المدينة نزل رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه ومن معهما لشيء من الراحة والتزود بزاد السفر‏,‏ فمروا في منطقة قديد علي خيام لأم معبد الخزاعية‏,‏ فسألوها أن تبيعهم شيئا من اللحم أو اللبن أو التمر‏,‏ فشكت أن المنطقة تمر في شدة من الجدب والعوز قائلة‏:‏ والله لو كان عندنا ما أعوزناكم القري‏.‏ ثم أبصر رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ شاة في جانب الخيمة‏,‏ فقال‏:‏ ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت‏:‏ خلفها الجهد عن الغنم‏,‏ قال‏:‏ أفهل بها من لبن؟ قالت‏:‏ هي أجهد من ذلك‏.‏ قال‏:‏ أتأذنين أن أحلبها؟ قالت‏:‏ بأبي أنت وأمي‏,‏ نعم إن رأيت بها حلبا فاحلبها‏..‏ فدعي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالشاة فمسح بيده الشريفة ضرعها‏,‏ وسمي الله ـ سبحانه وتعالي ـ ودعا لها فدرت اللبن واجترت‏,‏ وعلي الفور دعا ـ صلي الله عليه وسلم ـ بإناء كبير فحلب فيه واللبن ينزل غزيرا حتي امتلأ الإناء‏,‏ فقدمه إلي أم معبد فشربت حتي رويت‏,‏ وسقي أصحابه حتي رووا‏,‏ وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ آخر من شرب‏,‏ ثم حلب ـ صلي الله عليه وسلم ـ في الإناء ثانية حتي امتلأ‏,‏ وتركه لأم معبد وأهل بيتها‏.‏ فلما عاد أبو معبد يسوق غنماته العجاف ورأي إناء اللبن عجب لذلك‏,‏ وسأل زوجته‏:‏ من أين لك هذا اللبن؟ قالت‏:‏ مر بنا رجل مبارك‏,‏ قال صفيه لي‏,‏ فوصفته‏,‏ قال أبو معبد‏:‏ هو والله صاحب قريش‏.‏

وصل خبر خروج رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ من مكة قاصدا يثرب إلي مسلمي هذه المدينة فكانوا يمشون كل غداة إلي الحرة‏,‏ ينتظرون وصوله حتي يردهم حر الظهيرة‏,‏ فعادوا يوما بعد أن أطالوا انتظارهم ليسمعوا بوصول رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وصاحبه إلي قباء في صباح الإثنين الثامن من ربيع الأول في السنة الأولي للهجرة‏(‏ الموافق‏622/9/23‏ م‏)‏ فاستقبلوهما بالترحاب والبهجة والفرح‏,‏ وقضي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ في قباء بضع عشرة ليلة‏,‏ وأسس فيها مسجد قباء وهو أول مسجد أسس علي التقوي‏.‏ ثم تحول رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ إلي المدينة حيث تزاحم أهلها علي زمام ناقته كل يريد أن يظفر بنزول رسول الله وصحبه عنده فيقول الرسول‏:‏ دعوها فإنها مأمورة حتي بركت في مكان فسيح مخصص لتجفيف التمر يملكه غلامان يتيمان في المدينة‏,‏ فقام الأنصار بشراء الأرض التي بني عليها المسجد النبوي الشريف‏,‏ وقام رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بالصلح بين قبيلتي الأوس والخزرج‏,‏ وبالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار‏,‏ وبعقد المعاهدات مع اليهود الذين كانوا يعيشون في المدينة‏,‏ وقام بوضع دستور المدينة‏,‏ أول دستور عادل تعرفه البشرية‏,‏ الذي علي أساسه قامت دولة الإسلام‏.‏

من هنا يتضح وجه الإعجاز الإنبائي والتاريخي في النص القرآني الذي اخترناه عنوانا لهذا المقال‏,‏ الذي يشهد لكتاب الله بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية‏,‏ ويشهد للنبي الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة‏,‏ فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏


_________________
من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار 61862110 من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار 32210 من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
 
من أسرار القرآن بقلم‏:‏ د‏.‏ زغـلول النجـار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات :: المنتديات العلمية العامة :: منتدى الإعجاز العلمي في القرءان الكريم-
انتقل الى: