منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
مرحبا بك عزيزي الزائر يشرفنا أن تقوم بالدخول إذا كنت من الأعضاء أو التسجيل إذا كنت زائرا ويمكنك إنشاء حسابك ببساطة ويمكنك التفعيل عن طريق البريد أو الانتظار قليلا حتى تقوم الإدارة بالتفعيل
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008)

Automatic control , PLC , Electronics , HMI , Machine technology development , Arabic & Islamic topics , Management studies and more
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 يا أيها الذين آمنوا

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالثلاثاء 7 أكتوبر 2008 - 10:59

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فهذا بحث أدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إليه وسوف يدور هذا البحث عن النداء الإلهي للمؤمنين " يا أيها الذين آمنوا " في آيات القرءان الكريم والذي يشمل أوامر الله للمؤمنين والمنهيات عنها وسوف نعرض الآيات بترتيب المصحف وأقوال المفسرين فيها وإن كان هناك أي خواطر حولها فسوف نوردها دون تأويل أو تعطيل

يا أيها الذين آمنوا Line0210
يا أيها الذين آمنوا Line0211

وتفسير ابن كثير للآيات

نهى اللّه تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص - عليهم لعائن اللّه - فإذا أرادوا أن يقولوا: اسمع لنا، يقولوا راعنا ويورُّون بالرعونة، كما قال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا . ليا بألسنتهم وطعنا في الدين} وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلَّموا إنما يقولون السام عليكم والسام هو الموت، ولهذا أمرنا أن نرد عليهم بـ وعليكم ، والغرض أن اللّه تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولاً وفعلاً، فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم} وقال صلى اللّه عليه وسلم : (من تشبه بقوم فهو منهم) ""أخرجه أحمد وأبو داود عن ابن عمر رضي اللّه عنهما"" ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار، في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها.

وروي أن رجلاً أتى عبد اللّه بن مسعود فقال: اعهد إليّ، فقال: إذا سمعت اللّه يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خيرٌ يأمر به، أو شر ينهى عنه، وقال الأعمش عن خيثمة ما تقرءون في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا} فإنه في التوراة: ""يا أيها المساكين"" قال ابن عباس: ""راعنا"" أي أرعنا سمعَك، وقال الضحاك: كانوا يقولون للنبي صلى اللّه عليه وسلم : أرعنا سمعك، قال عطاء: كانت لغة تقولها الأنصار فنهى اللّه عنها، وقال أبو صخر: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أدبر ناداه مَن كانت له حاجة من المؤمنين فيقول: أرعنا سمعك، فأعظم اللّه رسوله صلى اللّه عليه وسلم أن يقال ذلك له. وقال السُّدي: كان رجل من اليهود من بني قينقاع يدعى ""رفاعة بن زيد"" يأتي النبي صلى اللّه عليه وسلم فإذا لقيه فكلَّمه قال: أرعني سمعك، واسمع غير مسمع، وكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء كانت تُفَخّم بهذا، فكان ناس منهم يقولون: اسمع غير مسمع، فنهوا أن يقولوا راعنا، قال ابن جرير: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن اللّه نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم راعنا، لأنها كلمة كرهها اللّه تعالى أن يقولوها لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم وقوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} يبيّن بذلك تعالى شدة عداوة الكافرين من أهل الكتاب والمشركين، الذين حذَّر اللّه تعالى من مشابهتهم للمؤمنين ليقطع المودَّة بينهم وبينهم، ونبَّه تعالى على ما أنعم به على المؤمنين، من الشرع التام الكامل، الذي شرعه لنبيهم محمد صلى اللّه عليه وسلم حيث يقول تعالى: {والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.

تفسير القرطبي

يقول : فيه خمس مسائل:

الأولى: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا} ذكر شيئا آخر من جهالات اليهود والمقصود نهي المسلمين عن مثل ذلك. وحقيقة {راعنا} في اللغة أرعنا ولنرعك، لأن المفاعلة من اثنين، فتكون من رعاك الله، أي احفظنا ولنحفظك، وارقبنا ولنرقبك. ويجوز أن يكون من أرعنا سمعك، أي فرغ سمعك لكلامنا. وفي المخاطبة بهذا جفاء، فأمر المؤمنين أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أرقها. قال ابن عباس : كان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم : راعنا. على جهة الطلب والرغبة - من المراعاة - أي التفت إلينا، وكان هذا بلسان اليهود سبا، أي اسمع لا سمعت، فاغتنموها وقالوا : كنا نسبه سرا فالآن نسبه جهرا، فكانوا يخاطبون بها النبي صلى الله عليه وسلم ويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ وكان يعرف لغتهم، فقال لليهود : عليكم لعنة الله! لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه، فقالوا : أولستم تقولونها؟ فنزلت الآية، ونهوا عنها لئلا تقتدي بها اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد فيه.

الثانية: في هذه الآية دليلان : [أحدهما] على تجنب الألفاظ المحتملة التي فيها التعريض للتنقيص والغض، ويخرج من هذا فهم القذف بالتعريض، وذلك يوجب الحد عندنا خلافا لأبي حنيفة والشافعي وأصحابهما حين قالوا : التعريض محتمل للقذف وغيره، والحد مما يسقط بالشبهة. وسيأتي في النور بيان هذا، إن شاء الله تعالى.
الدليل الثاني: التمسك بسد الذرائع وحمايتها وهو مذهب مالك وأصحابه وأحمد بن حنبل في رواية عنه، وقد دل على هذا الأصل الكتاب والسنة. والذريعة عبارة عن أمر غير ممنوع لنفسه يخاف من ارتكابه الوقوع في ممنوع. أما الكتاب فهذه الآية، ووجه التمسك بها أن اليهود كانوا يقولون ذلك وهي سب بلغتهم، فلما علم الله ذلك منهم منع من إطلاق ذلك اللفظ، لأنه ذريعة للسب، وقوله تعالى {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} [الأنعام:108] فمنع من سب آلهتهم مخافة مقابلتهم بمثل ذلك، وقوله تعالى {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} [الأعراف : 163] الآية، فحرم عليهم تبارك وتعالى الصيد في يوم السبت، فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت شرعا، أي ظاهرة، فسدوا عليها يوم السبت وأخذوها يوم الأحد، وكان السد ذريعة للاصطياد، فمسخهم الله قردة وخنازير، وذكر الله لنا ذلك معنى التحذير عن ذلك، وقوله تعالى لآدم وحواء {ولا تقربا هذه الشجرة} [البقرة:35] وقد تقدم.

وأما السنة فأحاديث كثيرة ثابتة صحيحة، منها حديث عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهن ذكرتا كنيسة رأياها بالحبشة فيها تصاوير [فذكرتا ذلك] لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله). أخرجه البخاري ومسلم.

قال علماؤنا : ففعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله عز وجل عند قبورهم، فمضت لهم بذلك أزمان، ثم أنهم خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم، ووسوس لهم الشيطان أن آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك، وشدد النكير والوعيد على من فعل ذلك، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال : (اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد) وقال : (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد).

وروى مسلم عن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (الحلال بيّن والحرام بين وبينهما أمور متشابهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه) الحديث، فمنع من الإقدام على الشبهات مخافة الوقوع في المحرمات، وذلك سدا للذريعة. وقال صلى الله عليه وسلم : (لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس). وقال صلى الله عليه وسلم : (إن من الكبائر شتم الرجل والديه) قالوا : يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال : (نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه). فجعل التعرض لسب الآباء كسب الآباء.

وقال صلى الله عليه وسلم : (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه منكم حتى ترجعوا إلى دينكم). وقال أبو عبيد الهروي : العينة هو أن يبيع الرجل من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به. قال : فإن اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ثم باعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراه إلى أجل مسمى ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن فهذه أيضا عينة، وهي أهون من الأولى، وهو جائز عند بعضهم. وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العينة، وذلك لأن العين هو المال الحاضر والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضر يصل إليه من فوره. و روى ابن وهب عن مالك أن أم ولد لزيد بن الأرقم ذكرت لعائشة رضي الله عنها أنها باعت من زيد عبدا بثمانمائة إلى العطاء ثم ابتاعته منه بستمائة نقدا، فقالت عائشة : بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت! أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب. ومثل هذا لا يقال بالرأي، لأن إبطال الأعمال لا يتوصل إلى معرفتها إلا بالوحي، فثبت أنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دعوا الربا والريبة. ونهى ابن عباس رضي الله عنهما عن دراهم بدراهم بينهما حريزة.

قلت : فهذه هي الأدلة التي لنا على سد الذرائع، وعليه بنى المالكية كتاب الآجال وغيره من المسائل في البيوع وغيرها. وليس عند الشافعية كتاب الآجال. لأن ذلك عندهم عقود مختلفة مستقلة، قالوا : وأصل الأشياء على الظواهر لا على الظنون. والمالكية جعلوا السلعة محللة ليتوصل بها إلى دراهم بأكثر منها، وهذا هو الربا بعينه، فاعلمه.
الثالثة: قوله تعالى: {لا تقولوا راعنا} نهي يقتضي التحريم، على ما تقدم. وقرأ الحسن {راعنا} منونة. وقال : أي هجرا من القول، وهو مصدر ونصبه بالقول، أي لا تقولوا رعونة. وقرأ زر بن حبيش والأعمش {راعونا}، يقال لما نتأ من الجبل : رعن، والجبل أرعن. وجيش أرعن أي متفرق. وكذا رجل أرعن، أي متفرق الحجج وليس عقله مجتمعا، عن النحاس. وقال ابن فارس : رعن الرجل يرعن رعنا فهو أرعن، أي أهوج. والمرأة رعناء. وسميت البصرة رعناء لأنها تشبه برعن الجبل، قال ابن دريد ذلك، وأنشد للفرزدق :
لولا ابن عتبة عمرو والرجاء له ** ما كانت البصرة الرعناء لي وطنا

الرابعة: قوله تعالى{وقولوا انظرنا} أمروا أن يخاطبوه صلى الله عليه وسلم بالإجلال، والمعنى : أقبل علينا وانظر إلينا، فحذف حرف التعدية، كما قال :

ظاهرات الجمال والحسن ينظر **** ن كما ينظر الأراك الظباء

أي إلى الأراك. وقال مجاهد : المعنى فهمنا وبين لنا. وقيل : المعنى انتظرنا وتأن بنا، قال :

فإنكما إن تنظراني ساعة *** من الدهر ينفعني لدى أم جندب

والظاهر استدعاء نظر العين المقترن بتدبر الحال، وهذا هو معنى راعنا، فبدلت اللفظة للمؤمنين وزال تعلق اليهود. وقرأ الأعمش وغيره {انظرنا} بقطع الألف وكسر الظاء، بمعنى أخرنا وأمهلنا حتى نفهم عنك ونتلقى منك، قال الشاعر :
أبا هند فلا تعجل علينا ** وانظرنا نخبرك اليقينا

الخامسة: قوله تعالى{واسمعوا وللكافرين عذاب أليم} لما نهى وأمر جل وعز، حض على السمع الذي في ضمنه الطاعة واعلم أن لمن خالف أمره فكفر عذابا أليما.




عدل سابقا من قبل PLCMan في السبت 28 نوفمبر 2009 - 14:55 عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالسبت 18 أكتوبر 2008 - 17:32


الآية 153 من سورة البقرة :

يا أيها الذين آمنوا 2_15310

تفسير ابن كثير


لما فرغ تعالى من بيان الأمر بالشكر شرع في بيان الصبر والإرشاد والاستعانة بالصبر والصلاة فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها أو في نقمة فيصبر عليها كما جاء في الحديث " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له : إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له" وبين تعالى أن أجود ما يستعان به على تحمل المصائب الصبر والصلاة كما تقدم في قوله " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر صلى والصبر صبران فصبر على ترك المحارم والمآثم وصبر على فعل الطاعات والقربات والثاني أكثر ثوابا لأنه المقصود وأما الصبر الثالث وهو الصبر على المصائب والنوائب فذاك أيضا واجب كالاستغفار من المعايب كما قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الصبر في بابين الصبر لله بما أحب وإن ثقل على الأنفس والأبدان والصبر لله عما كره وإن نازعت إليه الأهواء فمن كان هكذا فهو من الصابرين الذين يسلم عليهم إن شاء الله : وقال علي بن الحسين زين العابدين إذا جمع الله الأولين والآخرين ينادي مناد أين الصابرون ليدخلوا الجنة قبل الحساب ؟ قال فيقوم عنق من الناس فيتلقاهم الملائكة فيقولون إلى أين يا بني آدم ؟ فيقولون إلى الجنة فيقولون وقبل الحساب ؟ قالوا نعم قالوا ومن أنتم ؟ قالوا نحن الصابرون قالوا وما كان صبركم ؟ قالوا صبرنا على طاعة الله وصبرنا عن معصية الله حتى توفانا الله قالوا أنتم كما قلتم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين " قلت " ويشهد لهذا قوله تعالى" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " وقال سعيد بن جبير الصبر اعتراف العبد لله بما أصاب منه واحتسابه عند الله رجاء ثوابه وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر .


تفسير الطبري


القول في تأويل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة } وهذه الآية حض من الله تعالى ذكره على طاعته واحتمال مكروهها على الأبدان والأموال , فقال : يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة على القيام بطاعتي وأداء فرائضي في ناسخ أحكامي والانصراف عما أنسخه منها إلى الذي أحدثه لكم من فرائضي وأنقلكم إليه من أحكامي , والتسليم لأمري فيما آمركم به في حين إلزامكم حكمه , والتحول عنه بعد تحويلي إياكم عنه , وإن لحقكم في ذلك مكروه من مقالة أعدائكم من الكفار بقذفهم لكم الباطل , أو مشقة على أبدانكم في قيامكم به أو نقص في أموالكم وعلى جهاد أعدائكم وحربهم في سبيلي , بالصبر منكم في على مكروه ذلك ومشقته عليكم , واحتمال عنائه وثقله , ثم بالفزع منكم فيما ينوبكم من مفظعات الأمور إلى الصلاة لي , فإنكم بالصبر على المكاره تدركون مرضاتي , وبالصلاة لي تستنجحون طلباتكم قبلي وتدركون حاجاتكم عندي , فإني مع الصابرين على القيام بأداء فرائضي وترك معاصي , أنصرهم وأرعاهم وأكلؤهم حتى يظفروا بما طلبوا وأملوا قبلي ; وقد بينت معنى الصبر والصلاة فيما مضى قبل فكرهنا إعادته . كما : 1920 - حدثني المثنى , قال : ثنا آدم , قال : ثنا أبو جعفر , عن الربيع , عن أبي العالية في قوله : { واستعينوا بالصبر والصلاة } يقول : استعينوا بالصبر والصلاة على مرضاة الله , واعلموا أنهما من طاعة الله . 1921 - حدثنا عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة } اعلموا أنهما عون على طاعة الله .


وأما قوله : { إن الله مع الصابرين } فإن تأويله : فإن الله ناصره وظهيره وراض بفعله , كقول القائل : افعل يا فلان كذا وأنا معك , يعني إني ناصرك على فعلك ذلك ومعينك عليه .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالخميس 30 أكتوبر 2008 - 6:29


الآية 172 سورة البقرة

يا أيها الذين آمنوا 110

تفسير الطبري

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تعبدون


القول في تأويل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون } يعني تعالى ذكره بقوله : { يا أيها الذين آمنوا } يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله , وأقروا لله بالعبودية , وأذعنوا له بالطاعة . كما : 2041 - حدثني المثنى , قال : ثنا إسحاق , قال : ثنا أبو زهير عن جويبر , عن الضحاك في قوله : { يا أيها الذين آمنوا } يقول : صدقوا . { كلوا من طيبات ما رزقناكم } يعني : اطعموا من حلال الرزق الذي أحللناه لكم , فطاب لكم بتحليلي إياه لكم مما كنتم تحرمون أنتم ولم أكن حرمته عليكم من المطاعم والمشارب . { واشكروا لله } يقول : وأثنوا على الله بما هو أهله منكم على النعم التي رزقك وطيبها لكم , { إن كنتم إياه تعبدون } يقول : إن كنتم منقادين لأمره سامعين مطيعين , فكلوا مما أباح لكم أكله وحلله وطيبه لكم , ودعوا في تحريمه خطوات الشيطان . وقد ذكرنا بعض ما كانوا في جاهليتهم يحرمونه من المطاعم , وهو الذي ندبهم إلى أكله ونهاهم عن اعتقاد تحريمه , إذ كان تحريمهم إياه في الجاهلية طاعة منهم للشيطان واتباعا لأهل الكفر منهم بالله من الآباء والأسلاف . ثم بين لهم تعالى ذكره ما حرم عليهم , وفصله لهم مفسرا .

تفسير القرطبي

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تعبدون


هذا تأكيد للأمر الأول , وخص المؤمنين هنا بالذكر تفضيلا . والمراد بالأكل الانتفاع من جميع الوجوه . وقيل : هو الأكل المعتاد . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم " [ المؤمنون : 51 ] وقال : " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) .



تفسير ابن كثير


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تعبدون


يقول تعالى آمرا عباده المؤمنين بالأكل من طيبات ما رزقهم تعالى وأن يشكروه تعالى على ذلك إن كانوا عبيده والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة كما أن الأكل من الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا أبو النضر حدثنا الفضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم " وقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟ " ورواه مسلم في صحيحه والترمذي من حديث فضيل بن مرزوق .


تفسير الجلالين

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تعبدون


"يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات" حلالات "ما رزقناكم واشكروا لله" على ما أحل لكم "إن كنتم إياه تعبدون"

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان


عدل سابقا من قبل PLCMan في السبت 28 نوفمبر 2009 - 15:04 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالجمعة 28 نوفمبر 2008 - 9:44



الآية 178 سورة البقرة

يا أيها الذين آمنوا 111

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أليم

يقول تعالى كتب عليكم العدل في القصاص أيها المؤمنون حركم بحركم وعبدكم بعبدكم وأنثاكم بأنثاكم ولا تتجاوزوا وتعتدوا كما اعتدى من قبلكم وغيروا حكم الله فيهم وسبب ذلك قريظة والنضير كانت بنو النضير قد غزت قريظة في الجاهلية وقهروهم فكان إذا قتل النضري القرظي لا يقتل به بل يفادى بمائة وسق من التمر وإذا قتل القرظي النضري قتل وإن فادوه فدوه بمائتي وسق من التمر ضعف دية القرظي فأمر الله بالعدل في القصاص ولا يتبع سبيل المفسدين المحرفين المخالفين لأحكام الله فيهم كفرا وبغيا فقال تعالى " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " وذكر في سبب نزولها ما رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني عبد الله بن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قول الله " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى " يعني إذا كان عمدا الحر بالحر وذلك أن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل فكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال فحلفوا أن لا يرضوا حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم والمرأة منا الرجل منهم فنزل فيهم " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " منها منسوخة نسختها النفس بالنفس : وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " والأنثى بالأنثى " وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة فأنزل الله" النفس بالنفس والعين بالعين " فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وفيما دون النفس وجعل العبيد مستوين فيما بينهم من العمد في النفس وفيما دون النفس رجالهم ونساؤهم وكذلك روي عن أبي مالك أنها منسوخة بقوله النفس بالنفس " مسألة " ذهب أبو حنيفة إلى أن الحر يقتل بالعبد لعموم آية المائدة وإليه ذهب الثوري وابن أبي ليلى وداود وهو مروي عن علي وابن مسعود وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وقتادة والحكم قال البخاري وعلي بن المديني وإبراهيم النخعي والثوري في رواية عنه ويقتل السيد بعبده لعموم حديث الحسن عن سمرة " من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه ومن خصاه خصيناه " وخالفهم الجمهور فقالوا لا يقتل الحر بالعبد لأن العبد سلعة لو قتل خطأ لم يجب فيه دية وإنما تجب فيه قيمته ولأنه لا يقاد بطرفه ففي النفس بطريق الأولى وذهب الجمهور إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر لما ثبت في البخاري عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يقتل مسلم بكافر " ولا يصح حديث ولا تأويل يخالف هذا وأما أبو حنيفة فذهب إلى أنه يقتل به لعموم آية المائدة . " مسألة " قال الحسن وعطاء لا يقتل الرجل بالمرأة لهذه الآية وخالفهم الجمهور لآية المائدة ولقوله عليه السلام " المسلمون تتكافأ دماؤهم " وقال الليث إذا قتل الرجل امرأته لا يقتل بها خاصة. " مسألة " ومذهب الأئمة الأربعة والجمهور أن الجماعة يقتلون بالواحد : قال عمر في غلام قتله سبعة فقتلهم وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم ولا يعرف له في زمانه مخالف من الصحابة وذلك كالإجماع وحكي عن الإمام أحمد رواية أن الجماعة لا يقتلون بالواحد ولا يقتل بالنفس إلا نفس واحدة وحكاه ابن المنذر عن معاذ وابن الزبير وعبد الملك بن مروان والزهري وابن سيرين وحبيب بن أبي ثابت ثم قال ابن المنذر وهذا أصح ولا حجة لمن أباح قتل الجماعة وقد ثبت عن ابن الزبير ما ذكرناه وإذا اختلف الصحابة فسبيله النظر وقوله " فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان " قال مجاهد عن ابن عباس " فمن عفي له من أخيه شيء" فالعفو أن يقبل الدية في العمد وكذا روي عن أبي العالية وأبي الشعثاء ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والحسن وقتادة ومقاتل بن حيان وقال الضحاك عن ابن عباس " فمن عفي له من أخيه شيء " يعني فمن ترك له من أخيه شيء يعني أخذ الدية بعد استحقاق الدم وذلك العفو " فاتباع بالمعروف" يقول فعلى الطالب اتباع بالمعروف إذا قبل الدية" وأداء إليه بإحسان " يعني من القاتل من غير ضرر ولا معك يعني المدافعة وروى الحاكم من حديث سفيان عن عمرو عن مجاهد عن ابن عباس ويؤدي المطلوب بإحسان وكذا قال : سعيد بن جبير وأبو الشعثاء جابر بن زيد والحسن وقتادة وعطاء الخراساني والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان . " مسألة " قال مالك رحمه الله في رواية ابن القاسم عنه وهو المشهور وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد في أحد قوليه ليس لولي الدم أن يعفو على الدية إلا برضا القاتل وقال : الباقون له أن يعفو عليها وإن لم يرض . " مسألة " وذهب طائفة من السلف إلى أنه ليس للنساء عفو منهم الحسن وقتادة والزهري وابن شبرمة والليث والأوزاعي وخالفهم الباقون وقوله " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة" يقول تعالى إنما شرع لكم أخذ الدية في العمد تخفيفا من الله عليكم ورحمة بكم مما كان محتوما على الأمم قبلكم من القتل أو العفو كما قال : سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار أخبرني مجاهد عن ابن عباس قال : كتب على بني إسرائيل القصاص في القتلى ولم يكن فيهم العفو فقال الله لهذه الأمة " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء " فالعفو أن يقبل الدية في العمد ذلك تخفيف مما كتب على بني إسرائيل من كان قبلكم " فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان " وقد رواه غير واحد عن عمرو وأخرجه ابن حبان في صحيحه عن عمرو بن دينار ورواه جماعة عن مجاهد عن ابن عباس بنحوه : وقال قتادة " ذلك تخفيف من ربكم " رحم الله هذه الأمة وأطعمهم الدية ولم تحل لأحد قبلهم فكان أهل التوراة إنما هو القصاص وعفو ليس بينهم أرش وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به وجعل لهذه الأمة القصاص والعفو والأرش وهكذا روي عن سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس نحو هذا وقوله" فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم " يقول تعالى فمن قتل بعد أخذ الدية أو قبولها فله عذاب من الله أليم موجع شديد وهكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن وقتادة والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان أنه هو الذي يقتل بعد أخذ الدية كما قال محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء عن أبي شريح الخزاعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث إما أن يقتص وإما أن يعفو وإما أن يأخذ الدية فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه ومن اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالدا فيها " رواه أحمد وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا أعافي رجلا قتل بعد أخذ الدية " يعني لا أقبل منه الدية بل أقتله .

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: تابع آية القصاص   يا أيها الذين آمنوا Emptyالجمعة 28 نوفمبر 2008 - 9:59

تفسير الطبري

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى


القول في تأويل قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } يعني تعالى ذكره بقوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى } فرض عليكم . فإن قال قائل : أفرض على ولي القتيل القصاص من قاتل وليه ؟ قيل : لا ; ولكنه مباح له ذلك , والعفو , وأخذ الدية . فإن قال قائل : وكيف قال : { كتب عليكم القصاص } ؟ قيل : إن معنى ذلك على خلاف ما ذهبت إليه , وإنما معناه : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى , الحر بالحر والعبد بالعبد , والأنثى بالأنثى . أي أن الحر إذا قتل الحر , فدم القاتل كفء لدم القتيل , والقصاص منه دون غيره من الناس , فلا تجاوزوا بالقتل إلى غيره ممن لم يقتل فإنه حرام عليكم أن تقتلوا بقتيلكم غير قاتله . والفرض الذي فرض الله علينا في القصاص هو ما وصفت من ترك المجاوزة بالقصاص قتل القاتل بقتيله إلى غيره لا أنه وجب علينا القصاص فرضا وجوب فرض الصلاة والصيام حتى لا يكون لنا تركه , ولو كان ذلك فرضا لا يجوز لنا تركه لم يكن لقوله : { فمن عفي له من أخيه شيء } معنى مفهوم , لأنه لا عفو بعد القصاص فيقال : فمن عفي له من أخيه شيء . وقد قيل : إن معنى القصاص في هذه الآية مقاصة ديات بعض القتلى بديات بعض ; وذلك أن الآية عندهم نزلت في حزبين تحاربوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل بعضهم بعضا , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم , بأن تسقط ديات نساء أحد الحزبين بديات نساء الآخرين , وديات رجالهم بديات رجالهم , وديات عبيدهم بديات عبيدهم قصاصا فذلك عندهم معنى القصاص في هذه الآية . فإن قال قائل : فإنه تعالى ذكره قال : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } فما لنا أن نقتص للحر إلا من الحر , ولا للأنثى إلا من الأنثى ؟ قيل : بل لنا أن نقتص للحر من العبد وللأنثى من الذكر , بقول الله تعالى ذكره : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } 17 33 وبالنقل المستفيض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المسلمون تتكافأ دماؤهم " . فإن قال : فإذ كان ذلك , فما وجه تأويل هذه الآية ؟ قيل : اختلف أهل التأويل في ذلك , فقال بعضهم : نزلت هذه الآية في قوم كانوا إذا قتل الرجل منهم عبد قوم آخرين لم يرضوا من قتيلهم بدم قاتله من أجل أنه عبد حتى يقتلوا به سيده , وإذا قتلت المرأة من غيرهم رجلا لم يرضوا من دم صاحبهم بالمرأة القاتلة , حتى يقتلوا رجلا من رهط المرأة وعشيرتها , فأنزل الله هذه الآية , فأعلمهم أن الذي فرض لهم من القصاص أن يقتلوا بالرجل الرجل القاتل دون غيره , وبالأنثى الأنثى القاتلة دون غيرها من الرجال , وبالعبد العبد القاتل دون غيره من الأحرار , فنهاهم أن يتعدوا القاتل إلى غيره في القصاص . ذكر من قال ذلك :

2108 - حدثني محمد بن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , وحدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قالا : ثنا حماد , عن داود بن أبي هند , عن الشعبي في قوله : { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } قال : نزلت قي قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا قتال عمية , فقالوا : نقتل بعبدنا فلان ابن فلان , وبفلانة فلان ابن فلان فأنزل الله : { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى }

2109 - حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان , فكان الحي إذا كان فيهم عدة ومنعة , فقتل عبد قوم آخرين عبدا لهم , قالوا : لا نقتل به إلا حرا ; تعززا لفضلهم على غيرهم في أنفسهم , وإذا قتلت لهم امرأة قتلتها امرأة قوم آخرين , قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا . فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد والأنثى بالأنثى , فنهاهم عن البغي . ثم أنزل الله تعالى ذكره في سورة المائدة بعد ذلك فقال : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص } 5 45 * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى } قال : لم يكن لمن قبلنا دية إنما هو القتل أو العفو إلى أهله , فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم , فكانوا إذا قتل من الحي الكثير عبد , قالوا : لا نقتل به إلا حرا , وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا , فأنزل الله : { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } .

2110 - حدثني محمد بن عبد الأعلى , قال : ثنا المعتمر , قال : سمعت داود , عن عامر في هذه الآية : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } قال : إنما ذلك في قتال عمية إذا أصيب من هؤلاء عبد ومن هؤلاء عبد تكافآ , وفي المرأتين كذلك , وفي الحرين كذلك هذا معناه إن شاء الله .

2111 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , قال : دخل في قول الله تعالى ذكره : { الحر بالحر } الرجل بالمرأة , والمرأة بالرجل . وقال عطاء : ليس بينهما فضل .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في فريقين كان بينهم قتال على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل من كلا الفريقين جماعة من الرجال والنساء , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم بأن يجعل ديات النساء من كل واحد من الفريقين قصاصا بديات النساء من الفريق الآخر , وديات الرجال بالرجال , وديات العبيد بالعبيد ; فذلك معنى قوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى } . ذكر من قال ذلك :

2112 - حدثنا موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي قوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } قال : اقتتل أهل ملتين من العرب أحدهما مسلم والآخر معاهد في بعض ما يكون بين العرب من الأمر , فأصلح بينهم النبي صلى الله عليه وسلم , وقد كانوا قتلوا الأحرار والعبيد والنساء على أن يؤدي الحر دية الحر , والعبد دية العبد , والأنثى دية الأنثى , فقاصهم بعضهم من بعض .

2113 - حدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك عن سفيان , عن السدي عن أبي مالك قال : كان بين حيين من الأنصار قتال , كان لأحدهما على الآخر الطول , فكأنهم طلبوا الفضل , فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم , فنزلت هذه الآية : { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحر بالحر والعبد بالعبد , والأنثى بالأنثى .

2114 - حدثنا المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر , قال : أخبرنا ابن المبارك , عن شعبة , عن أبي بشر , قال : سمعت الشعبي يقول في هذه الآية : { كتب عليكم القصاص في القتلى } قال : نزلت في قتال عمية - قال شعبة : كأنه في صلح - قال : اصطلحوا على هذا . * - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , عن أبي بشر , قال : سمعت الشعبي يقول في هذه الآية : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } قال : نزلت في قتال عمية , قال : كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

وقال آخرون : بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره بمقاصة دية الحر ودية العبد ودية الذكر ودية الأنثى في قتل العمد إن اقتص للقتيل من القاتل , والتراجع بالفضل والزيادة بين ديتي القتيل والمقتص منه . ذكر من قال ذلك :

2115 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } قال : حدثنا عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول : أيما حر قتل عبدا فهو قود به , فإن شاء موالي العبد أن يقتلوا الحر قتلوه , وقاصوهم بثمن العبد من دية الحر , وأدوا إلى أولياء الحر بقية ديته . وإن عبد قتل حرا فهو به قود , فإن شاء أولياء الحر قتلوا العبد , وقاصوهم بثمن العبد وأخذوا بقية دية الحر , وإن شاءوا أخذوا الدية كلها واستحيوا العبد . وأي حر قتل امرأة فهو بها قود , فإن شاء أولياء المرأة قتلوه وأدوا نصف الدية إلى أولياء الحر . وإن امرأة قتلت حرا فهي به قود , فإن شاء أولياء الحر قتلوها وأخذوا نصف الدية , وإن شاءوا أخذوا الدية كلها واستحيوها وإن شاءوا عفوا .

2116 - حدثنا محمد بن بشار , قال : ثنا هشام بن عبد الملك , قال : ثنا حماد بن سلمة , عن قتادة , عن الحسن أن عليا قال في رجل قتل امرأته , قال : إن شاءوا قتلوه وغرموا نصف الدية .

2117 - حدثنا محمد بن بشار قال : ثنا يحيى , عن سعيد , عن عوف , عن الحسن قالا : لا يقتل الرجل بالمرأة حتى يعطوا نصف الدية .

2118 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا جرير , عن مغيرة , عن سماك , عن الشعبي , قال في رجل قتل امرأته عمدا , فأتوا به عليا , فقال : إن شئتم فاقتلوه , وردوا فضل دية الرجل على دية المرأة .

وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في حال ما نزلت والقوم لا يقتلون الرجل بالمرأة , ولكنهم كانوا يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة حتى سوى الله بين حكم جميعهم بقوله : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } 5 45 فجعل جميعهم قود بعضهم ببعض . ذكر من قال ذلك :

2119 - حدثنا المثنى قال : ثنا أبو صالح , قال : ثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس قوله : { والأنثى بالأنثى } وذلك أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة , ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة , فأنزل الله تعالى : { النفس بالنفس } فجعل الأحرار في القصاص , سواء فيما بينهم في العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس , وجعل العبيد مستوين فيما بينهم في العمد في النفس وما دون النفس , رجالهم ونساؤهم . فإذ كان مختلفا الاختلاف الذي وصفت فيما نزلت فيه هذه الآية , فالواجب علينا استعمالها فيما دلت عليه من الحكم بالخبر القاطع العذر . وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنقل العام أن نفس الرجل الحر قود قصاصا بنفس المرأة الحرة , فإذ كان ذلك كذلك , وكانت الأمة مختلفة في التراجع بفضل ما بين دية الرجل والمرأة على ما قد بينا من قول علي وغيره وكان واضحا فساد قول من قال بالقصاص في ذلك والتراجع بفضل ما بين الديتين بإجماع جميع أهل الإسلام على أن حراما على الرجل أن يتلف من جسده عضوا بعوض يأخذه على إتلافه فدع جميعه , وعلى أن حراما على غيره إتلاف شيء منه مثل الذي حرم من ذلك بعوض يعطيه عليه , فالواجب أن تكون نفس الرجل الحر بنفس المرأة الحرة قودا . وإذا كان ذلك كذلك كان بينا بذلك أنه لم يرد بقوله تعالى ذكره : { الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى } أن لا يقاد العبد بالحر , وأن لا تقتل الأنثى بالذكر , ولا الذكر بالأنثى . وإذا كان ذلك كذلك كان بينا أن الآية معني بها أحد المعنيين الآخرين : إما قولنا من أن لا يتعدى بالقصاص إلى غير القاتل والجاني , فيؤخذ بالأنثى الذكر , وبالعبد الحر . وإما القول الآخر وهو أن تكون الآية نزلت في قوم بأعيانهم خاصة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ديات قتلاهم قصاصا بعضها من بعض , كما قاله السدي ومن ذكرنا قوله وقد أجمع الجميع لا خلاف بينهم على أن المقاصة في الحقوق غير واجبة , وأجمعوا على أن الله لم يقض في ذلك قضاء ثم نسخه وإذا كان كذلك , وكان قوله تعالى ذكره : { كتب عليكم القصاص } ينبئ عن أنه فرض كان معلوما أن القول خلاف ما قاله قائل هذه المقالة , لأن ما كان فرضا على أهل الحقوق أن يفعلوه فلا خيار لهم فيه , والجميع مجمعون على أن لأهل الحقوق الخيار في مقاصتهم حقوقهم بعضها من بعض , فإذا تبين فساد هذا الوجه الذي ذكرنا , فالصحيح من القول في ذلك هو ما قلنا . فإن قال قائل - إذ ذكرت أن معنى قوله : { كتب عليكم القصاص } بمعنى : فرض عليكم القصاص - : لا يعرف لقول القائل " كتب " معنى إلا معنى خط ذلك فرسم خطا وكتابا , فما برهانك على أن معنى قوله " كتب " فرض ؟ قيل : إن ذلك في كلام العرب موجود , وفي أشعارهم مستفيض , ومنه قول الشاعر : كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول وقول نابغة بني جعدة : يا بنت عمي كتاب الله أخرجني عنكم فهل أمنعن الله ما فعلا وذلك أكثر في أشعارهم وكلامهم من أن يحصى . غير أن ذلك وإن كان بمعنى فرض , فإنه عندي مأخوذ من الكتاب الذي هو رسم وخط , وذلك أن الله تعالى ذكره قد كتب جميع ما فرض على عباده وما هم عاملوه في اللوح المحفوظ , فقال تعالى ذكره في القرآن : { بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } 85 21 : 22 وقال : { إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون } 56 77 : 78 فقد تبين بذلك أن كل ما فرضه علينا ففي اللوح المحفوظ مكتوب فمعنى قول إذ كان ذلك كذلك : { كتب عليكم القصاص } كتب عليكم في اللوح المحفوظ القصاص في القتلى فرضا أن لا تقتلوا بالمقتول غير قاتله . وأما القصاص فإنه من قول القائل : قاصصت فلانا حقي قبله من حقه قبلي , قصاصا ومقاصة فقتل القاتل بالذي قتله قصاص , لأنه مفعول به مثل الذي فعل بمن قتله , وإن كان أحد الفعلين عدوانا والآخر حقا فهما وإن اختلفا من هذا الوجه , فهما متفقان في أن كل واحد قد فعل بصاحبه مثل الذي فعل صاحبه به , وجعل فعل ولي القتيل الأول إذا قتل قاتل وليه قصاصا , إذ كان بسبب قتله استحق قتل من قتله , فكأن وليه المقتول هو الذي ولي قتل قاتله فاقتص منه . وأما القتلى فإنها جمع قتيل , كما الصرعى جمع صريع , والجرحى جمع جريح . وإنما يجمع الفعيل على الفعلى , إذا كان صفة للموصوف به بمعنى الزمانة والضرر الذي لا يقدر معه صاحبه على البراح من موضعه ومصرعه , نحو القتلى في معاركهم , والصرعى في مواضعهم , والجرحى وما أشبه ذلك فتأويل الكلام إذن : فرض عليكم أيها المؤمنون القصاص في القتلى أن يقتص الحر بالحر والعبد بالعبد , والأنثى بالأنثى . ثم ترك ذكر أن يقتص اكتفاء بدلالة قوله : { كتب عليكم القصاص } عليه .

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان


عدل سابقا من قبل PLCMan في الجمعة 28 نوفمبر 2008 - 10:07 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: تابع آية القصاص   يا أيها الذين آمنوا Emptyالجمعة 28 نوفمبر 2008 - 10:02

فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ

القول في تأويل قوله تعالى : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم : تأويله : فمن ترك له من القتل ظلما من الواجب كان لأخيه عليه من القصاص , وهو الشيء الذي قال الله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع } من العافي للقاتل بالواجب له قبله من الدية وأداء من المعفو عنه ذلك إليه بإحسان . ذكر من قال ذلك :

2120 - حدثنا أبو كريب وأحمد بن حماد الدولابي , قال : ثنا سفيان بن عيينة , عن عمرو , عن مجاهد , عن ابن عباس : { فمن عفي له من أخيه شيء } فالعفو أن يقبل الدية في العمد , واتباع بالمعروف أن يطلب هذا بمعروف ويؤدي هذا بإحسان . * - حدثني المثنى , قال : ثنا حجاج بن المنهال قال : ثنا حماد بن سلمة , قال : ثنا عمرو بن دينار , عن جابر بن زيد , عن ابن عباس أنه قال في قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } فقال : هو العمد يرضى أهله بالدية { واتباع بالمعروف } أمر به الطالب { وأداء إليه بإحسان } من المطلوب . * - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن سفيان , قال : ثنا أبي , وحدثني المثنى , قال : ثنا سويد بن نصر قالا جميعا : أخبرنا ابن المبارك , عن محمد بن مسلم , عن عمرو بن دينار , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : الذي يقبل الدية ذلك منه عفو , واتباع بالمعروف , ويؤدي إليه الذي عفي له من أخيه بإحسان . * - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } وهي الدية أن يحسن الطالب الطلب { وأداء إليه بإحسان } وهو أن يحسن المطلوب الأداء .

2121 - حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } والعفو الذي يعفو عن الدم , ويأخذ الدية . * - حدثنا سفيان , قال : ثنا أبي , عن سفيان , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { فمن عفي له من أخيه شيء } قال : الدية .

2122 - حدثنا ابن وكيع , قال : ثنا أبي , عن يزيد , عن إبراهيم , عن الحسن : { وأداء إليه بإحسان } قال : على هذا الطالب أن يطلب بالمعروف , وعلى هذا المطلوب أن يؤدي بإحسان . * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف } والعفو : الذي يعفو عن الدم , ويأخذ الدية .

2123 - حدثني محمد بن المثنى , قال : ثنا أبو الوليد , قال : ثنا حماد , عن داود بن أبي هند , عن الشعبي في قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } قال : هو العمد يرضى أهله بالدية . * - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج , قال : ثنا حماد , عن داود , عن الشعبي , مثله .

2124 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } يقول : قتل عمدا فعفي عنه , وقبلت منه الدية , يقول : { فاتباع بالمعروف } فأمر المتبع أن يتبع بالمعروف , وأمر المؤدي أن يؤدي بإحسان والعمد قود إليه قصاص , لا عقل فيه إلا أن يرضوا بالدية , فإن رضوا بالدية فمائة خلفة , فإن قالوا : لا نرضى إلا بكذا وكذا ; فذاك لهم .

2125 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } قال : يتبع به الطالب بالمعروف , ويؤدي المطلوب بإحسان .

2126 - حدثت عن عمار , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع في قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } يقول : فمن قتل عمدا فعفي عنه وأخذت منه الدية , يقول : { فاتباع بالمعروف } : أمر صاحب الدية التي يأخذها أن يتبع بالمعروف , وأمر المؤدي أن يؤدي بإحسان .

2127 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : قلت لعطاء قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } قال : ذلك إذا أخذ الدية فهو عفو .

2128 - حدثنا الحسن , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : أخبرني القاسم بن أبي بزة , عن مجاهد قال : إذا قبل الدية فقد عفا عن القصاص , فذلك قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } . قال ابن جريج : وأخبرني الأعرج عن مجاهد مثل ذلك , وزاد فيه : فإذا قبل الدية فإن عليه أن يتبع بالمعروف , وعلى الذي عفي عنه أن يؤدي بإحسان . * - حدثنا المثنى قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ; قال : ثنا أبو عقيل ; قال : قال الحسن : أخذ الدية عفو حسن .

2129 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد : { وأداء إليه بإحسان } قال : أنت أيها المعفو عنه . * - حدثني محمد بن سعد , قال : حدثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } وهو الدية أن يحسن الطالب , وأداء إليه بإحسان : هو أن يحسن المطلوب الأداء .

وقال آخرون معنى قوله : { فمن عفي } فمن فضل له فضل وبقيت له بقية . وقالوا : معنى قوله : { من أخيه شيء } من دية أخيه شيء , أو من أرش جراحته فاتباع منه القاتل أو الجارح الذي بقي ذلك قبله بمعروف وأداء من القاتل أو الجارح إليه ما بقي قبله له من ذلك بإحسان . وهذا قول من زعم أن الآية نزلت , أعني قوله : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى } في الذين تحاربوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلح بينهم فيقاص ديات بعضهم من بعض ويرد بعضهم على بعض بفضل إن بقي لهم قبل الآخرين . وأحسب أن قائلي هذا القول وجهوا تأويل العفو في هذا الموضع إلى الكثرة من قول الله تعالى ذكره : { حتى عفوا } 7 95 فكان معنى الكلام عندهم : فمن كثر له قبل أخيه القاتل . ذكر من قال ذلك :

2130 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو بن حماد , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { فمن عفي له من أخيه شيء } يقول : بقي له من دية أخيه شيء أو من أرش جراحته , فليتبع بمعروف وليؤد الآخر إليه بإحسان . والواجب على تأويل القول الذي روينا عن علي والحسن - في قوله : { كتب عليكم القصاص } أنه بمعنى مقاصة دية النفس الذكر من دية النفس الأنثى , والعبد من الحر , والتراجع بفضل ما بين ديتي أنفسهما - أن يكون معنى قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء } فمن عفي له من الواجب لأخيه عليه من قصاص دية أحدهما بدية نفس الآخر إلى الرضى بدية نفس المقتول , فاتباع من الولي بالمعروف , وأداء من القاتل إليه ذلك بإحسان . وأولى الأقوال عندي بالصواب في قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء } فمن صفح له من الواجب كان لأخيه عليه من القود عن شيء من الواجب على دية يأخذها منه , فاتباع بالمعروف من العافي عن الدم الراضي بالدية من دم وليه , وأداء إليه من القاتل ذلك بإحسان ; لما قد بينا من العلل فيما مضى قبل من أن معنى قول الله تعالى ذكره : { كتب عليكم القصاص } إنما هو القصاص من النفوس القاتلة أو الجارحة والشاجة عمدا , كذلك العفو أيضا عن ذلك . وأما معنى قوله : { فاتباع بالمعروف } فإنه يعني : فاتباع على ما أوجبه الله له من الحق قبل قاتل وليه من غير أن يزداد عليه ما ليس له عليه في أسنان الفرائض أو غير ذلك , أو يكلفه ما لم يوجبه الله له عليه . كما :

2131 - حدثني بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قال : بلغنا عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من زاد أو ازداد بعيرا " يعني في إبل الديات وفرائضها " فمن أمر الجاهلية " . وأما إحسان الآخر في الأداء , فهو أداء ما لزمه بقتله لولي القتيل على ما ألزمه الله وأوجبه عليه من غير أن يبخسه حقا له قبله بسبب ذلك , أو يحوجه إلى اقتضاء ومطالبة . فإن قال لنا قائل : وكيف قيل : { فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } ولم يقل : فاتباعا بالمعروف وأداء إليه بإحسان كما قال : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب } 47 4 ؟ قيل : لو كان التنزيل جاء بالنصب , وكان : فاتباعا بالمعروف وأداء إليه بإحسان , كان جائزا في العربية صحيحا على وجه الأمر , كما يقال : ضربا ضربا , وإذا لقيت فلانا فتبجيلا وتعظيما غير أنه جاء رفعا وهو أفصح في كلام العرب من نصبه , وكذلك ذلك في كل ما كان نظيرا له مما يكون فرضا عاما فيمن قد فعل وفيمن لم يفعل إذا فعل , لا ندبا وحثا . ورفعه على معنى : فمن عفي له من أخيه شيء فالأمر فيه اتباع بالمعروف , وأداء إليه بإحسان , أو : فالقضاء والحكم فيه اتباع بالمعروف . وقد قال بعض أهل العربية : رفع ذلك على معنى : فمن عفي له من أخيه شيء فعليه اتباع بالمعروف . وهذا مذهبي , والأول الذي قلناه هو وجه الكلام , وكذلك كل ما كان من نظائر ذلك في القرآن فإن رفعه على الوجه الذي قلناه , وذلك مثل قوله : { ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم } 5 95 وقوله : { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } 2 229 وأما قوله : { فضرب الرقاب } فإن الصواب فيه النصب , وهو وجه الكلام لأنه على وجه الحث من الله تعالى ذكره عباده على القتل عند لقاء العدو كما يقال : إذا لقيتم العدو فتكبيرا وتهليلا , على وجه الحض على التكبير لا على وجه الإيجاب والإلزام .


ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَة

القول في تأويل قوله تعالى : { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } يعني تعالى ذكره بقوله ذلك : هذا الذي حكمت به وسننته لكم من إباحتي لكم أيتها الأمة العفو عن القصاص من قاتل قتيلكم على دية تأخذونها فتملكونها ملككم سائر أموالكم التي كنت منعتها من قبلكم من الأمم السالفة , { تخفيف من ربكم } يقول : تخفيف مني لكم مما كنت ثقلته على غيركم بتحريم ذلك عليهم ورحمة مني لكم . كما :

2132 - حدثنا أبو كريب وأحمد بن حماد الدولابي قالا : ثنا سفيان , عن عمرو بن دينار , عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية , فقال الله في هذه الآية : { كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر } إلى قوله : { فمن عفي له من أخيه شيء } فالعفو أن يقبل الدية في العمد , { ذلك تخفيف من ربكم } يقول : خفف عنكم ما كان على من كان قبلكم أن يطلب هذا بمعروف ويؤدي هذا بإحسان .

2133 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق , قال : ثنا أبي , قال : ثنا عبد الله بن المبارك , عن محمد بن مسلم , عن عمرو بن دينار عن مجاهد , عن ابن عباس , قال : كان من قبلكم يقتلون القاتل بالقتيل لا تقبل منهم الدية , فأنزل الله : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر } إلى آخر الآية ; { ذلك تخفيف من ربكم } يقول : خفف عنكم وكان على من قبلكم أن الدية لم تكن تقبل , فالذي يقبل الدية ذلك منه عفو .

2134 - حدثني المثنى , قال : ثنا الحجاج بن المنهال , قال : ثنا حماد بن سلمة , قال : أخبرنا عمرو بن دينار , عن جابر بن زيد , عن ابن عباس : { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } مما كان على بني إسرائيل , يعني من تحريم الدية عليهم .

2135 - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد , عن ابن عباس قال : كان على بني إسرائيل قصاص في القتل ليس بينهم دية في نفس ولا جرح , وذلك قول الله : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين } الآية كلها . وخفف الله عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم , فقبل منهم الدية في النفس وفي الجراحة , وذلك قوله تعالى : { ذلك تخفيف من ربكم } 2 178 بينكم .

2136 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة قوله : { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } وإنما هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة أطعمهم الدية , وأحلها لهم , ولم تحل لأحد قبلهم . فكان أهل التوراة إنما هو القصاص أو العفو , وليس بينهما أرش . وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به , فجعل الله لهذه الأمة القود والعفو والدية إن شاءوا أحلها لهم , ولم تكن لأمة قبلهم .

2137 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع بمثله سواء , غير أنه قال : ليس بينهما شيء .

2138 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى } قال : لم يكن لمن قبلنا دية , إنما هو القتل أو العفو إلى أهله , فنزلت هذه الآية في قوم كانوا أكثر من غيرهم .

2139 - حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , عن ابن جريج , قال : وأخبرني عمرو بن دينار , عن ابن عباس , قال : إن بني إسرائيل كان كتب عليهم القصاص , وخفف عن هذه الأمة . وتلا عمرو بن دينار : { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } وأما على قول من قال : القصاص في هذه الآية معناه : قصاص الديات بعضها من بعض على ما قاله السدي فإنه ينبغي أن يكون تأويله : هذا الذي فعلت بكم أيها المؤمنون من قصاص ديات قتلى بعضكم بديات بعض وترك إيجاب القود على الباقين منكم بقتيله الذي قتله وأخذه بديته , تخفيف مني عنكم ثقل ما كان عليكم من حكمي عليكم بالقود أو الدية ورحمة مني لكم .
[/center]

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: تابع آية القصاص   يا أيها الذين آمنوا Emptyالجمعة 28 نوفمبر 2008 - 10:24

فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ

القول في تأويل قوله تعالى : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } يعني تعالى ذكره بقوله : { فمن اعتدى بعد ذلك } فمن تجاوز ما جعله الله له بعد أخذه الدية اعتداء وظلما إلى ما لم يجعل له من قتل قاتل وليه وسفك دمه , فله بفعله ذلك وتعديه إلى ما قد حرمته عليه عذاب أليم . وقد بينت معنى الاعتداء فيما مضى بما أغنى عن إعادته . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

2140 - حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : { فمن اعتدى بعد ذلك } فقتل , { فله عذاب أليم } * - حدثني المثنى , قال : ثنا أبو حذيفة , قال : ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد : فمن اعتدى بعد أخذ الدية فله عذاب أليم .

2141 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا يزيد بن زريع , عن سعيد , عن قتادة قوله : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } يقول : فمن اعتدى بعد أخذه الدية فقتل , فله عذاب أليم . قال : وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا أعافي رجلا قتل بعد أخذه الدية " * - حدثنا الحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة في قوله : { فمن اعتدى بعد ذلك } قال : هو القتل بعد أخذ الدية , يقول : من قتل بعد أن يأخذ الدية فعليه القتل لا تقبل منه الدية .

2142 - حدثت عن عمار بن الحسن , قال : ثنا ابن أبي جعفر , عن أبيه , عن الربيع قوله : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } يقول : فمن اعتدى بعد أخذه الدية فله عذاب أليم .

2143 - حدثنا سفيان بن وكيع , قال : حدثني أبي , عن يزيد بن إبراهيم , عن الحسن , قال : كان الرجل إذا قتل قتيلا في الجاهلية فر إلى قومه , فيجيء قومه فيصالحون عنه بالدية . قال : فيخرج الفار وقد أمن على نفسه . قال : فيقتل ثم يرمى إليه بالدية , فذلك الاعتداء . * - حدثني المثنى , قال : ثنا مسلم بن إبراهيم , قال : ثنا أبو عقيل قال : سمعت الحسن في هذه الآية : { فمن عفي له من دم أخيه شيء } قال : القاتل إذا طلب فلم يقدر عليه , وأخذ من أوليائه الدية , ثم أمن فأخذ فقتل , قال الحسن : ما أكل عدوان .

2144 - حدثني المثنى , قال : ثنا مسلم , قال : ثنا القاسم , قال : ثنا هارون بن سليمان , قال : قلت لعكرمة : من قتل بعد أخذه الدية ؟ قال : إذا يقتل , أما سمعت الله يقول : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم }

2145 - حدثني موسى بن هارون , قال : ثنا عمرو , قال : ثنا أسباط , عن السدي : { فمن اعتدى بعد ذلك } بعد ما يأخذ الدية فيقتل , { فله عذاب أليم }

2146 - حدثني محمد بن سعد , قال : ثني أبي , قال : حدثني عمي , قال : حدثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس : { فمن اعتدى بعد ذلك } يقول : فمن اعتدى بعد أخذه الدية { فله عذاب أليم }

2147 - حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد في قوله : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } قال : أخذ العقل ثم قتل بعد أخذ العقل قاتل قتيله فله عذاب أليم .

واختلفوا في معنى العذاب الأليم الذي جعله الله لمن اعتدى بعد أخذه الدية من قاتل وليه , فقال بعضهم : ذلك العذاب هو القتل بمن قتله بعد أخذ الدية منه وعفوه عن القصاص منه بدم وليه . ذكر من قال ذلك :

2148 - حدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي , قال : ثنا هشيم , قال : أخبرنا جويبر , عن الضحاك في قوله : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } قال : يقتل , وهو العذاب الأليم , يقول : العذاب الموجع .

2149 - حدثني يعقوب , قال : حدثني هشيم , قال : ثنا أبو إسحاق عن سعيد بن جبير أنه قال ذلك .

2150 - حدثني المثنى , قال : ثنا مسلم بن إبراهيم قال : ثنا القاسم , قال : حدثنا هارون بن سليمان , عن عكرمة : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } قال : القتل .

وقال بعضهم : ذلك العذاب عقوبة يعاقبه بها السلطان على قدر ما يرى من عقوبته . ذكر من قال ذلك :

2151 - حدثني القاسم بن الحسن , قال : ثنا الحسين , قال : حدثني حجاج , قال : قال ابن جريج : أخبرني إسماعيل بن أمية عن الليث - غير أنه لم ينسبه , وقال : ثقة - : أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب بقسم أو غيره أن لا يعفى عن رجل عفا عن الدم وأخذ الدية ثم عدا فقتل . قال ابن جريج : وأخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز , قال : في كتاب لعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والاعتداء " الذي ذكر الله أن الرجل يأخذ العقل أو يقتص , أو يقضي السلطان فيما بين الجراح , ثم يعتدي بعضهم من بعد أن يستوعب حقه , فمن فعل ذلك فقد اعتدى , والحكم فيه إلى السلطان بالذي يرى فيه من العقوبة . قال : ولو عفا عنه لم يكن لأحد من طلبة الحق أن يعفو , لأن هذا من الأمر الذي أنزل الله فيه قوله : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } 4 59

2152 - حدثنا بشر بن معاذ , قال : ثنا عبد الواحد بن زياد , عن يونس , عن الحسن في رجل قتل فأخذت منه الدية , ثم إن وليه قتل به القاتل , قال الحسن : تؤخذ منه الدية التي أخذ ولا يقتل به . وأولى التأويلين بقوله : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } تأويل من قال : فمن اعتدى بعد أخذه الدية , فقتل قاتل وليه , فله عذاب أليم في عاجل الدنيا وهو القتل ; لأن الله تعالى جعل لكل ولي قتيل قتل ظلما سلطانا على قاتل وليه , فقال تعالى ذكره : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل } 17 33 فإذ كان ذلك كذلك , وكان الجميع من أهل العلم مجمعين على أن من قتل قاتل وليه بعد عفوه عنه وأخذه منه دية قتيله أنه بقتله إياه له ظالم في قتله كان بينا أن لا يولي من قتله ظلما كذلك السلطان عليه في القصاص والعفو وأخذ الدية أي ذلك شاء . وإذا كان ذلك كذلك كان معلوما أن ذلك عذابه , لأن من أقيم عليه حده في الدنيا كان ذلك عقوبته من ذنبه ولم يكن به متبعا في الآخرة , على ما قد ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما ما قاله ابن جريج من أن حكم من قتل قاتل وليه بعد عفوه عنه وأخذه دية وليه المقتول إلى الإمام دون أولياء المقتول , فقول خلاف لما دل عليه ظاهر كتاب الله وأجمع عليه علماء الأمة . وذلك أن الله جعل لولي كل مقتول ظلما السلطان دون غيره من غير أن يخص من ذلك قتيلا دون قتيل , فسواء كان ذلك قتيل ولي من قتله أو غيره . ومن خص من ذلك شيئا سئل البرهان عليه من أصل أو نظير وعكس عليه القول فيه , ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله . ثم في إجماع الحجة على خلافه ما قاله في ذلك مكتفى في الاستشهاد على فساده بغيره .


تفسير الجلالين

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أليم

"يا أيها الذين آمنوا كتب" فرض "عليكم القصاص" المماثلة "في القتلى" وصفا وفعلا "الحر" يقتل "بالحر" ولا يقتل بالعبد "والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى" وبينت السنة أن الذكر يقتل بها وأنه تعتبر المماثلة في الدين فلا يقتل مسلم ولو عبدا بكافر ولو حرا "فمن عفي له" من القاتلين "من" دم "أخيه" المقتول "شيء" بأن ترك القصاص منه وتنكير شيء يفيد سقوط القصاص بالعفو عن بعضه ومن بعض الورثة وفي ذكر أخيه تعطف داع إلى العفو وإيذان بأن القتل لا يقطع أخوة الإيمان ومن مبتدأ شرطية أو موصولة والخبر "فاتباع" أي فعل العافي اتباع للقاتل "بالمعروف" بأن يطالبه بالدية بلا عنف وترتيب الاتباع على العفو يفيد أن الواجب أحدهما وهو أحد قولي الشافعي والثاني الواجب القصاص والدية بدل عنه فلو عفا ولم يسمها فلا شيء ورجح "و" على القاتل "أداء" الدية "إليه" أي العافي وهو الوارث "بإحسان" بلا مطل ولا بخس "ذلك" الحكم المذكور من جواز القصاص والعفو عنه على الدية "تخفيف" تسهيل "من ربكم" عليكم "ورحمة" بكم حيث وسع في ذلك ولم يحتم واحدا منهما كما حتم على اليهود القصاص وعلى النصارى الدية "فمن اعتدى" ظلم القاتل بأن قتله "بعد ذلك" أي العفو "فله عذاب أليم" مؤلم في الآخرة بالنار أو في الدنيا بالقتل

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: تابع آية القصاص   يا أيها الذين آمنوا Emptyالجمعة 28 نوفمبر 2008 - 10:31

تفسير القرطبي

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى

روى البخاري والنسائي والدارقطني عن ابن عباس قال : " كان في بني إسرائيل القصاص ولم تكن فيهم الدية , فقال الله لهذه الأمة : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء " فالعفو أن يقبل الدية في العمد " فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان " يتبع بالمعروف ويؤدي بإحسان " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " مما كتب على من كان قبلكم " فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم " قتل بعد قبول الدية " . هذا لفظ البخاري : حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو قال سمعت مجاهدا قال سمعت ابن عباس يقول : وقال الشعبي في قوله تعالى : " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى " قال : أنزلت في قبيلتين من قبائل العرب اقتتلتا فقالوا , نقبل بعبدنا فلان بن فلان , وبأمتنا فلانة بنت فلان , ونحوه عن قتادة .

" كتب عليكم القصاص " " كتب " معناه فرض وأثبت , ومنه قول عمر بن أبي ربيعة : كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول وقد قيل : إن " كتب " هنا إخبار عما كتب في اللوح المحفوظ وسبق به القضاء , والقصاص مأخوذ من قص الأثر وهو اتباعه , ومنه القاص لأنه يتبع الآثار والأخبار . وقص الشعر اتباع أثره , فكأن القاتل سلك طريقا من القتل فقص أثره فيها ومشى على سبيله في ذلك , ومنه " فارتدا على آثارهما قصصا " [ الكهف : 64 ] , وقيل : القص القطع , يقال : قصصت ما بينهما , ومنه أخذ القصاص ; لأنه يجرحه مثل جرحه أو يقتله به , يقال : أقص الحاكم فلانا من فلان وأباءه به فأمثله فامتثل منه , أي اقتص منه .

صورة القصاص هو أن القاتل فرض عليه إذا أراد الولي القتل الاستسلام لأمر الله والانقياد لقصاصه المشروع , وأن الولي فرض عليه الوقوف عند قاتل وليه وترك التعدي على غيره , كما كانت العرب تتعدى فتقتل غير القاتل , وهو معنى قوله عليه السلام : ( إن من أعتى الناس على الله يوم القيامة ثلاثة رجل قتل غير قاتله ورجل قتل في الحرم ورجل أخذ بذحول الجاهلية ) . قال الشعبي وقتادة وغيرهما : إن أهل الجاهلية كان فيهم بغي وطاعة للشيطان , فكان الحي إذا كان فيه عز ومنعة فقتل لهم عبد , قتله عبد قوم آخرين قالوا : لا نقتل به إلا حرا , وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا , وإذا قتل لهم وضيع قالوا : لا نقتل به إلا شريفا , ويقولون : [ القتل أوقى للقتل ] بالواو والقاف , ويروى [ أبقى ] بالباء والقاف , ويروى [ أنفى ] بالنون والفاء , فنهاهم الله عن البغي فقال : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد " الآية , وقال " ولكم في القصاص حياة " [ البقرة : 179 ] , وبين الكلامين في الفصاحة والجزل بون عظيم .

لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولوا الأمر , فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك ; لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص , ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعا أن يجتمعوا على القصاص , فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود , وليس القصاص بلازم إنما اللازم ألا يتجاوز القصاص وغيره من الحدود إلى الاعتداء , فأما إذا وقع الرضا بدون القصاص من دية أو عفو فذلك مباح , على ما يأتي بيانه , فإن قيل : فإن قوله تعالى " كتب عليكم " معناه فرض وألزم , فكيف يكون القصاص غير واجب ؟ قيل له : معناه إذا أردتم , فأعلم أن القصاص هو الغاية عند التشاح , والقتلى جمع قتيل , لفظ مؤنث تأنيث الجماعة , وهو مما يدخل على الناس كرها , فلذلك جاء على هذا البناء كجرحى وزمنى وحمقى وصرعى وغرقى , وشبههن .


الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى

فيها عشرة مسائل

الأولى : اختلف في تأويلها , فقالت طائفة : جاءت الآية مبينة لحكم النوع إذا قتل نوعه , فبينت حكم الحر إذا قتل حرا , والعبد إذا قتل عبدا , والأنثى إذا قتلت أنثى , ولم تتعرض لأحد النوعين إذا قتل الآخر , فالآية محكمة وفيها إجمال يبينه قوله تعالى : " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس " [ المائدة : 45 ] , وبينه النبي صلى الله عليه وسلم بسنته لما قتل اليهودي بالمرأة , قاله مجاهد , وذكره أبو عبيد عن ابن عباس . وروي عن ابن عباس أيضا أنها منسوخة بآية " المائدة " وهو قول أهل العراق .

الثانية : قال الكوفيون والثوري : يقتل الحر بالعبد , والمسلم بالذمي , واحتجوا بقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى " فعم , وقوله : " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس " [ المائدة : 45 ] , قالوا : والذمي مع المسلم متساويان في الحرمة التي تكفي في القصاص وهي حرمة الدم الثابتة على التأبيد , فإن الذمي محقون الدم على التأبيد , والمسلم كذلك , وكلاهما قد صار من أهل دار الإسلام , والذي يحقق ذلك أن المسلم يقطع بسرقة مال الذمي , وهذا يدل على أن مال الذمي قد ساوى مال المسلم , فدل على مساواته لدمه إذ المال إنما يحرم بحرمة مالكه , واتفق أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى على أن الحر يقتل بالعبد كما يقتل العبد به , وهو قول داود , وروي ذلك عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما , وبه قال سعيد بن المسيب وقتادة وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة , والجمهور من العلماء لا يقتلون الحر بالعبد , للتنويع والتقسيم في الآية . وقال أبو ثور : لما اتفق جميعهم على أنه لا قصاص بين العبيد والأحرار فيما دون النفوس كانت النفوس أحرى بذلك , ومن فرق منهم بين ذلك فقد ناقض , وأيضا فالإجماع فيمن قتل عبدا خطأ أنه ليس عليه إلا القيمة , فكما لم يشبه الحر في الخطأ لم يشبهه في العمد , وأيضا فإن العبد سلعة من السلع يباع ويشترى , ويتصرف فيه الحر كيف شاء , فلا مساواة بينه وبين الحر ولا مقاومة .

قلت : هذا الإجماع صحيح , وأما قوله أولا : " ولما اتفق جميعهم - إلى قوله - فقد ناقض " فقد قال ابن أبي ليلى وداود بالقصاص بين الأحرار والعبيد في النفس وفي جميع الأعضاء , واستدل داود بقوله عليه السلام : ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ) فلم يفرق بين حر وعبد . وسيأتي بيانه في " النساء " إن شاء الله تعالى .

الثالثة : والجمهور أيضا على أنه لا يقتل مسلم بكافر ; لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقتل مسلم بكافر ) أخرجه البخاري عن علي بن أبي طالب , ولا يصح لهم ما رووه من حديث ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم خيبر مسلما بكافر ; لأنه منقطع , ومن حديث ابن البيلماني وهو ضعيف عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا . قال الدارقطني : " لم يسنده غير إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك الحديث , والصواب عن ربيعة عن ابن البيلماني مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم , وابن البيلماني ضعيف الحديث لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث , فكيف بما يرسله " .

قلت : فلا يصح في الباب إلا حديث البخاري , وهو يخصص عموم قوله تعالى : " كتب عليكم القصاص في القتلى " الآية , وعموم قوله : " النفس بالنفس " [ المائدة : 45 ] .

الرابعة : روي عن علي بن أبي طالب والحسن بن أبي الحسن البصري أن الآية نزلت مبينة حكم المذكورين , ليدل ذلك على الفرق بينهم وبين أن يقتل حر عبدا أو عبد حرا , أو ذكر أنثى أو أنثى ذكرا , وقالا : إذا قتل رجل امرأة فإن أراد أولياؤها قتلوا صاحبهم ووفوا أولياءه نصف الدية , وإن أرادوا استحيوه وأخذوا منه دية المرأة . وإذا قتلت امرأة رجلا فإن أراد أولياؤه قتلها قتلوها وأخذوا نصف الدية , وإلا أخذوا دية صاحبهم واستحيوها . روى هذا الشعبي عن علي , ولا يصح ; لأن الشعبي لم يلق عليا , وقد روى الحكم عن علي وعبد الله قالا : إذا قتل الرجل المرأة متعمدا فهو بها قود , وهذا يعارض رواية الشعبي عن علي , وأجمع العلماء على أن الأعور والأشل إذا قتل رجلا سالم الأعضاء أنه ليس لوليه أن يقتل الأعور , ويأخذ منه نصف الدية من أجل أنه قتل ذا عينين وهو أعور , وقتل ذا يدين وهو أشل , فهذا يدل على أن النفس مكافئة للنفس , ويكافئ الطفل فيها الكبير .

ويقال لقائل ذلك : إن كان الرجل لا تكافئه المرأة ولا تدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( المسلمون تتكافأ دماؤهم ) فلم قتلت الرجل بها وهي لا تكافئه ثم تأخذ نصف الدية , والعلماء قد أجمعوا أن الدية لا تجتمع مع القصاص , وأن الدية إذا قبلت حرم الدم وارتفع القصاص , فليس قولك هذا بأصل ولا قياس , قاله أبو عمر رضي الله عنه , وإذا قتل الحر العبد , فإن أراد سيد العبد قتل وأعطى دية الحر إلا قيمة العبد , وإن شاء استحيا وأخذ قيمة العبد , هذا مذكور عن علي والحسن , وقد أنكر ذلك عنهم أيضا .

الخامسة : وأجمع العلماء على قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل , والجمهور لا يرون الرجوع بشيء , وفرقة ترى الاتباع بفضل الديات . قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والثوري وأبو ثور : وكذلك القصاص بينهما فيما دون النفس , وقال حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة : لا قصاص بينهما فيما دون النفس وإنما هو في النفس بالنفس , وهما محجوجان بإلحاق ما دون النفس بالنفس على طريق الأحرى والأولى , على ما تقدم .

السادسة : قال ابن العربي : لقد بلغت الجهالة بأقوام إلى أن قالوا : يقتل الحر بعبد نفسه , ورووا في ذلك حديثا عن الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من قتل عبده قتلناه ) وهو حديث ضعيف , ودليلنا قوله تعالى : " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل " [ الإسراء : 33 ] والولي هاهنا السيد , فكيف يجعل له سلطان على نفسه " , وقد اتفق الجميع على أن السيد لو قتل عبده خطأ أنه لا تؤخذ منه قيمته لبيت المال , وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم ( ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به )

فإن قيل : فإذا قتل الرجل زوجته لم لم تقولوا : ينصب النكاح شبهة في درء القصاص عن الزوج , إذ النكاح ضرب من الرق , وقد قال ذلك الليث بن سعد . قلنا : النكاح ينعقد لها عليه , كما ينعقد له عليها , بدليل أنه لا يتزوج أختها ولا أربعا سواها , وتطالبه في حق الوطء بما يطالبها , ولكن له عليها فضل القوامة التي جعل الله له عليها بما أنفق من ماله , أي بما وجب عليه من صداق ونفقة , فلو أورث شبهة لأورثها في الجانبين .

قلت : هذا الحديث الذي ضعفه ابن العربي وهو صحيح , أخرجه النسائي وأبو داود , وتتميم متنه : ( ومن جدعه جدعناه ومن أخصاه أخصيناه ) , وقال البخاري عن علي بن المديني : سماع الحسن من سمرة صحيح , وأخذ بهذا الحديث . وقال البخاري : وأنا أذهب إليه , فلو لم يصح الحديث لما ذهب إليه هذان الإمامان , وحسبك بهما , ويقتل الحر بعبد نفسه . قال النخعي والثوري في أحد قوليه وقد قيل : إن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة , والله أعلم . واختلفوا في القصاص بين العبيد فيما دون النفس , هذا قول عمر بن عبد العزيز وسالم بن عبد الله والزهري وقران ومالك والشافعي وأبو ثور , وقال الشعبي والنخعي والثوري وأبو حنيفة : لا قصاص بينهم إلا في النفس . قال ابن المنذر : الأول أصح .

السابعة : روى الدارقطني وأبو عيسى الترمذي عن سراقة بن مالك قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيد الأب من ابنه , ولا يقيد الابن من أبيه . قال أبو عيسى : " هذا حديث لا نعرفه من حديث سراقة إلا من هذا الوجه , وليس إسناده بصحيح , رواه إسماعيل بن عياش عن المثنى بن الصباح , والمثنى يضعف في الحديث , وقد روى هذا الحديث أبو خالد الأحمر عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم , وقد روي هذا الحديث عن عمرو بن شعيب مرسلا , وهذا الحديث فيه اضطراب , والعمل على هذا عند أهل العلم أن الأب إذا قتل ابنه لا يقتل به , وإذا قذفه لا يحد " , وقال ابن المنذر : اختلف أهل العلم في الرجل يقتل ابنه عمدا , فقالت طائفة : لا قود عليه وعليه ديته , وهذا قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي , وروي ذلك عن عطاء ومجاهد , وقال مالك وابن نافع وابن عبد الحكم : يقتل به , وقال ابن المنذر : وبهذا نقول لظاهر الكتاب والسنة , فأما ظاهر الكتاب فقوله تعالى : " كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد " , والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمنون تتكافأ دماؤهم ) ولا نعلم خبرا ثابتا يجب به استثناء الأب من جملة الآية , وقد روينا فيه أخبارا غير ثابتة , وحكى إلكيا الطبري عن عثمان البتي أنه يقتل الوالد بولده , للعمومات في القصاص . وروي مثل ذلك عن مالك , ولعلهما لا يقبلان أخبار الآحاد في مقابلة عمومات القرآن .

قلت : لا خلاف في مذهب مالك أنه إذا قتل الرجل ابنه متعمدا مثل أن يضجعه ويذبحه أو يصبره مما لا عذر له فيه ولا شبهة في ادعاء الخطأ , أنه يقتل به قولا واحدا , فأما إن رماه بالسلاح أدبا أو حنقا فقتله , ففيه في المذهب قولان : يقتل به , ولا يقتل به وتغلظ الدية , وبه قال جماعة العلماء , ويقتل الأجنبي بمثل هذا . ابن العربي : " سمعت شيخنا فخر الإسلام الشاشي يقول في النظر : لا يقتل الأب بابنه ; لأن الأب كان سبب وجوده , فكيف يكون هو سبب عدمه ؟ وهذا يبطل بما إذا زنى بابنته فإنه يرجم , وكان سبب وجودها وتكون هي سبب عدمه , ثم أي فقه تحت هذا , ولم لا يكون سبب عدمه إذا عصى الله تعالى في ذلك . وقد أثروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يقاد الوالد بولده ) وهو حديث باطل , ومتعلقهم أن عمر رضي الله عنه قضى بالدية مغلظة في قاتل ابنه ولم ينكر أحد من الصحابة عليه , فأخذ سائر الفقهاء رضي الله عنهم المسألة مسجلة , وقالوا : لا يقتل الوالد بولده , وأخذها مالك محكمة مفصلة فقال : إنه لو حذفه بالسيف وهذه حالة محتملة لقصد القتل وعدمه , وشفقة الأبوة شبهة منتصبة شاهدة بعدم القصد إلى القتل تسقط القود , فإذا أضجعه كشف الغطاء عن قصده فالتحق بأصله " . قال ابن المنذر : وكان مالك والشافعي وأحمد وإسحاق يقولون : إذا قتل الابن الأب قتل به .

الثامنة : وقد استدل الإمام أحمد بن حنبل بهذه الآية على قوله : لا تقتل الجماعة بالواحد , قال : لأن الله سبحانه شرط المساواة ولا مساواة بين الجماعة والواحد , وقد قال تعالى : " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين " [ المائدة : 45 ] , والجواب أن المراد بالقصاص في الآية قتل من قتل كائنا من كان , ردا على العرب التي كانت تريد أن تقتل بمن قتل من لم يقتل , وتقتل في مقابلة الواحد مائة , افتخارا واستظهارا بالجاه والمقدرة , فأمر الله سبحانه بالعدل والمساواة , وذلك بأن يقتل من قتل , وقد قتل عمر رضي الله عنه سبعة برجل بصنعاء وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به جميعا , وقتل علي رضي الله عنه الحرورية بعبد الله بن خباب فإنه توقف عن قتالهم حتى يحدثوا , فلما ذبحوا عبد الله بن خباب كما تذبح الشاة , وأخبر علي بذلك قال : ( الله أكبر نادوهم أن أخرجوا إلينا قاتل عبد الله بن خباب , فقالوا : كلنا قتله , ثلاث مرات , فقال علي لأصحابه : دونكم القوم , فما لبث أن قتلهم علي وأصحابه ) خرج الحديثين الدارقطني في سننه , وفي الترمذي عن أبي سعيد وأبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار ) . وقال فيه : حديث غريب , وأيضا فلو علم الجماعة أنهم إذا قتلوا الواحد لم يقتلوا لتعاون الأعداء على قتل أعدائهم بالاشتراك في قتلهم وبلغوا الأمل من التشفي , ومراعاة هذه القاعدة أولى من مراعاة الألفاظ والله أعلم , وقال ابن المنذر : وقال الزهري وحبيب بن أبي ثابت وابن سيرين : لا يقتل اثنان بواحد . روينا ذلك عن معاذ بن جبل وابن الزبير وعبد الملك , قال ابن المنذر : وهذا أصح , ولا حجة مع من أباح قتل جماعة بواحد , وقد ثبت عن ابن الزبير ما ذكرناه .

التاسعة : روى الأئمة عن أبي شريح الكعبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقله فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين أن يأخذوا العقل أو يقتلوا ) , لفظ أبي داود . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح , وروي عن أبي شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قتل له قتيل فله أن يقتل أو يعفو أو يأخذ الدية ) , وذهب إلى هذا بعض أهل العلم , وهو قول أحمد وإسحاق .

العاشرة : اختلف أهل العلم في أخذ الدية من قاتل العمد , فقالت طائفة : ولي المقتول بالخيار إن شاء اقتص وإن شاء أخذ الدية وإن لم يرض القاتل . يروى هذا عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن , ورواه أشهب عن مالك , وبه قال الليث والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور , وحجتهم حديث أبي شريح وما كان في معناه , وهو نص في موضع الخلاف , وأيضا من طريق النظر فإنما لزمته الدية بغير رضاه ; لأن فرضا عليه إحياء نفسه , وقد قال الله تعالى : " ولا تقتلوا أنفسكم " [ النساء : 29 ] , وقوله : " فمن عفي له من أخيه شيء " أي ترك له دمه في أحد التأويلات , ورضي منه بالدية " فاتباع بالمعروف " أي فعلى صاحب الدم اتباع بالمعروف في المطالبة بالدية , وعلى القاتل أداء إليه بإحسان , أي من غير مماطلة وتأخير عن الوقت " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " أي أن من كان قبلنا لم يفرض الله عليهم غير النفس بالنفس , فتفضل الله على هذه الأمة بالدية إذا رضي بها ولي الدم , على ما يأتي بيانه , وقال آخرون : ليس لولي المقتول إلا القصاص , ولا يأخذ الدية إلا إذا رضي القاتل , رواه ابن القاسم عن مالك وهو المشهور عنه , وبه قال الثوري والكوفيون , واحتجوا بحديث أنس في قصة الربيع حين كسرت ثنية المرأة , رواه الأئمة قالوا : فلما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص وقال : ( القصاص كتاب الله , القصاص كتاب الله ) ولم يخير المجني عليه بين القصاص والدية ثبت بذلك أن الذي يجب بكتاب الله وسنة رسوله في العمد هو القصاص , والأول أصح , لحديث أبي شريح المذكور , وروى الربيع عن الشافعي قال : أخبرني أبو حنيفة بن سماك بن الفضل الشهابي قال : وحدثني ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح : ( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إن أحب أخذ العقل وإن أحب فله القود ) . فقال أبو حنيفة : فقلت لابن أبي ذئب : أتأخذ بهذا يا أبا الحارث فضرب صدري وصاح علي صياحا كثيرا ونال مني وقال : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول : تأخذ به نعم آخذ به , وذلك الفرض علي وعلى من سمعه , إن الله عز وجل ثناؤه اختار محمدا صلى الله عليه وسلم من الناس فهداهم به وعلى يديه , واختار لهم ما اختاره له وعلى لسانه , فعلى الخلق أن يتبعوه طائعين أو داخرين , لا مخرج لمسلم من ذلك , قال : وما سكت عني حتى تمنيت أن يسكت .

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: تابع آية القصاص   يا أيها الذين آمنوا Emptyالجمعة 28 نوفمبر 2008 - 10:35




فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ

اختلف العلماء في تأويل " من " و " عفي " على تأويلات خمس :

أحدها أن " من " يراد بها القاتل , و " عفي " تتضمن عافيا هو ولي الدم , والأخ هو المقتول , و " شيء " هو الدم الذي يعفى عنه ويرجع إلى أخذ الدية , هذا قول ابن عباس وقتادة ومجاهد وجماعة من العلماء , والعفو في هذا القول على بابه الذي هو الترك , والمعنى : أن القاتل إذا عفا عنه ولي المقتول عن دم مقتوله وأسقط القصاص فإنه يأخذ الدية ويتبع بالمعروف , ويؤدي إليه القاتل بإحسان .

الثاني : وهو قول مالك أن " من " يراد به الولي " وعفي " يسر , لا على بابها في العفو , والأخ يراد به القاتل , و " شيء " هو الدية , أي أن الولي إذا جنح إلى العفو عن القصاص على أخذ الدية فإن القاتل مخير بين أن يعطيها أو يسلم نفسه , فمرة تيسر ومرة لا تيسر , وغير مالك يقول : إذا رضي الأولياء بالدية فلا خيار للقاتل بل تلزمه , وقد روي عن مالك هذا القول , ورجحه كثير من أصحابه , وقال أبو حنيفة : إن معنى " عفي " بذل , والعفو في اللغة : البذل , ولهذا قال الله تعالى : " خذ العفو " [ الأعراف : 199 ] أي ما سهل , وقال أبو الأسود الدؤلي : خذي العفو مني تستديمي مودتي وقال صلى الله عليه وسلم : ( أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله ) يعني شهد الله على عباده , فكأنه قال : من بذل له شيء من الدية فليقبل وليتبع بالمعروف , وقال قوم : وليؤد إليه القاتل بإحسان , فندبه تعالى إلى أخذ المال إذا سهل ذلك من جهة القاتل , وأخبر أنه تخفيف منه ورحمة , كما قال ذلك عقب ذكر القصاص في سورة [ المائدة ] " فمن تصدق به فهو كفارة له " [ المائدة : 45 ] فندب إلى رحمة العفو والصدقة , وكذلك ندب فيما ذكر في هذه الآية إلى قبول الدية إذا بذلها الجاني بإعطاء الدية , ثم أمر الولي باتباع وأمر الجاني بالأداء بالإحسان , وقد قال قوم : إن هذه الألفاظ في المعينين الذين نزلت فيهم الآية كلها وتساقطوا الديات فيما بينهم مقاصة , ومعنى الآية : فمن فضل له من الطائفتين على الأخرى شيء من تلك الديات , ويكون " عفي " بمعنى فضل .

روى سفيان بن حسين بن شوعة عن الشعبي قال : كان بين حيين من العرب قتال , فقتل من هؤلاء وهؤلاء , وقال أحد الحيين : لا نرضى حتى يقتل بالمرأة الرجل وبالرجل المرأة , فارتفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال عليه السلام : ( القتل سواء ) فاصطلحوا على الديات , ففضل أحد الحيين على الآخر , فهو قوله : " كتب " إلى قوله : " فمن عفي له من أخيه شيء " يعني فمن فضل له على أخيه فضل فليؤده بالمعروف , فأخبر الشعبي عن السبب في نزول الآية , وذكر سفيان العفو هنا الفضل , وهو معنى يحتمله اللفظ .

وتأويل خامس : وهو قول علي رضي الله عنه والحسن في الفضل بين دية الرجل والمرأة والحر والعبد , أي من كان له ذلك الفضل فاتباع بالمعروف , و " عفي " في هذا الموضع أيضا بمعنى فضل .

هذه الآية حض من الله تعالى على حسن الاقتضاء من الطالب , وحسن القضاء من المؤدي , وهل ذلك على الوجوب أو الندب , فقراءة الرفع تدل على الوجوب ; لأن المعنى فعليه اتباع بالمعروف . قال النحاس : " فمن عفي له " شرط والجواب ; لأن المعنى فعليه اتباع بالمعروف . قال النحاس : " فمن عفي له " شرط والجواب " فاتباع " وهو رفع بالابتداء , والتقدير فعليه اتباع بالمعروف , ويجوز في غير القرآن " فاتباعا " و " أداء " بجعلهما مصدرين . قال ابن عطية : وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة " فاتباعا " بالنصب , والرفع سبيل للواجبات , كقوله تعالى : " فإمساك بمعروف " [ البقرة : 229 ] , وأما المندوب إليه فيأتي منصوبا , كقوله : " فضرب الرقاب " [ محمد : 4 ] .


ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ

لأن أهل التوراة كان لهم القتل ولم يكن لهم غير ذلك , وأهل الإنجيل كان لهم العفو ولم يكن لهم قود ولا دية , فجعل الله تعالى ذلك تخفيفا لهذه الأمة , فمن شاء قتل , ومن شاء أخذ الدية , ومن شاء عفا .

فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ

شرط وجوابه , أي قتل بعد أخذ الدية وسقوط [ الدم ] قاتل وليه . " فله عذاب أليم " قال الحسن : كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلا فر إلى قومه فيجيء قومه فيصالحون بالدية فيقول ولي المقتول : إني أقبل الدية , حتى يأمن القاتل ويخرج , فيقتله ثم يرمي إليهم بالدية .

واختلف العلماء فيمن قتل بعد أخذ الدية , فقال جماعة من العلماء منهم مالك والشافعي : هو كمن قتل ابتداء , إن شاء الولي قتله وإن شاء عفا عنه وعذابه في الآخرة . وقال قتادة وعكرمة والسدي وغيرهم : عذابه أن يقتل ألبتة , ولا يمكن الحاكم الولي من العفو , وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا أعفى من قتل بعد أخذ الدية ) . وقال الحسن : عذابه أن يرد الدية فقط ويبقى إثمه إلى عذاب الآخرة . وقال عمر بن عبد العزيز : أمره إلى الإمام يصنع فيه ما يرى , وفي سنن الدارقطني عن أبي شريح الخزاعي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من أصيب بدم أو خبل - والخبل عرج - فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتص أو يعفو أو يأخذ العقل فإن قبل شيئا من ذلك ثم عدا بعد ذلك فله النار خالدا فيها مخلدا ) .

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالثلاثاء 23 يونيو 2009 - 14:53


الآية 183 من سورة البقرة



يا أيها الذين آمنوا Line0311
يا أيها الذين آمنوا Line0310
يا أيها الذين آمنوا Line0312



تفسير ابن كثير


يخاطب تعالى المؤمنين من هذه الأُمة، آمراً إياهم بالصيام، وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع، بنية خالصة للّه عزّ وجلّ، لما فيه من زكاة النفوس وطهارتها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة، وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على من كان قبلهم، فلهم فيه أسوة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك كما قال تعالى: {فاستبقوا الخيرات}، ولهذا قال ههنا: {كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} لأن الصوم فيه تزكية للبدن، وتضييق لمسالك الشيطان، ولهذا ثبت في الصحيحين: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، ثم بيَّن مقدار الصوم وأنه ليس في كل يوم، لئلا يشق على النفوس، فتضعف عن حمله وأدائه، بل في أيام معدودات، وقد كان هذا في ابتداء الإسلام، يصومون من كل شهر ثلاثة أيام، ثم نسخ ذلك بصوم شهر رمضان كما سيأتي بيانه. وقد روي أن الصيام كان أولاً كما كان عليه الأمم قبلنا، من كل شهر ثلاثة أيام ولم يزل هذا مشروعاً من زمان نوح، إلى أن نسخ اللّه ذلك بصيام شهر رمضان، وقال الحسن البصري: لقد كتب الصيام على كل آُمّة قد خلت كما كتب علينا، شهراً كاملاً وأياماً معدودات عدداً معلوماً. وعن عبد اللّه بن عمر قال: قال رسول الّله صلى اللّه عليه وسلم : (صيام رمضان كتبه اللّه على الأمم قبلكم) "رواه ابن ابي حاتم عن عبد اللّه بن عمر مرفوعاً".
وقال عطاء عن ابن عباس: {كما كتب على الذين من قبلكم} يعني بذلك أهل الكتاب، ثم بيَّن حكم الصيام على ما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام فقال: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} أي المريض والمسافر لا يصومان في حال المرض والسفر، لما في ذلك من المشقة عليهما، بل يفطران ويقضيان بعدة ذلك من أيام أُخر، وأما الصحيح المقيم الذي يطيق الصيام، فقد كان مخيراً بين الصيام وبين الإطعام، إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً، فإن أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم فهو خير، وإن صام فهو أفضل من الإطعام، قاله ابن مسعود وابن عباس، ولهذا قال تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون}.
روي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وصام عاشوراء، ثم إن اللّه فرض عليه الصيام وأنزل اللّه تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} إلى قوله: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكيناً فأجزأ ذلك عنه، ثم إن اللّه عزّ وجلّ أنزل الآية الأُخرى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} إلى قوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} فأثبت اللّه صيامه على المقيم الصحيح، ورخَّص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام، وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا، ثم إن رجلاً من الأنصار يقال له صرمة كان يعمل صائما، حتى أمسى فجاء إلى أهل فصلَّى العِشاء ثم نام، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح، فأصبح صائما فرآه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد جهد جهداً شديداً، فقال: (مالي أراك قد جهدت جهداً شديداً؟) قال: يا رسول اللّه إني عملت أمس، فجئت حين جئت فألقيت نفسي فنمت، فأصبحت حين أصبحت صائماً،قال: وكان عمر قد أصاب من النساء بعد ما نام، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فذكر له ذلك فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - إلى قوله - ثم أتموا الصيام إلى الليل} "أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم"
وروي البخاري عن سلمة بن الأكوع أنه قال: لما نزلت {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من أراد أن يفطر يفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها، وروي عن ابن عمر قال: هي منسوخة، وقال السُّدي: لما نزلت هذه الآية: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً فكانوا كذلك حتى نسختها: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وقال ابن عباس: ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً "أخرجه البخاري عن عطاء عن ابن عباس" وعن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم ثم ضعف، فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا، وعن ابن أبي ليلى قال: دخلت على "عطاء" في رمضان وهو يأكل فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية فنسخت الأولى، إلا الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينا وأفطر "أخرجه ابن مردويه عن ابن أبي ليلى"
فحاصل الأمر أن النسخ ثابت في حق الصحيح المقيم، بإيجاب الصيام عليه بقوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وأما الشيخ الفاني الهرم الذي لا يستطيع الصيام، فله أن يفطر ولا قضاء عليه، لأنه ليس له حال يصير إليه يتمكن فيها من القضاء، ولكن هل يجب عليه إذا أفطر أن يطعم عن كل يوم مسكيناً إذا كان ذا جدة؟ فيه قولان، أحدهما: لا يجب عليه إطعام لأنه ضعيف عنه لسنه، فلم يجب عليه فدية كالصبي، لأن اللّه لا يكلف نفساً إلا وسعها وهو أحد قولي الشافعي. والثاني: وهو الصحيح وعليه أكثر العلماء أنه يجب عليه فدية عن كل يوم، وهو اختيار البخاري، فإنه قال: وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام، فقد أطعم أنَسٌ بعد ما كبر عاماً أو عامين، عن كل يوم مسكيناً خبزاً ولحماً وأفطر، ومما يلتحق بهذا المعنى الحامل و المرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما، ففيهما خلاف كثير بين العلماء فمنهم من قال: يفطران ويفديان ويقضيان، وقيل: يفديان فقط ولا قضاء، وقيل: يجب القضاء بلا فدية، وقيل: يفطران ولا فدية ولا قضاء.



تفسير الجلالين


{ يا أيها الذين أمنوا كُتب } فرض { عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } من الأمم { لعلكم تتقون } المعاصي فإنه يكسر الشهوة التي هي مبدؤها .

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالثلاثاء 23 يونيو 2009 - 14:57


تفسير القرطبي



فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} لما ذكر ما كتب على المكلفين من القصاص والوصية ذكر أيضا أنه كتب عليهم الصيام وألزمهم إياه وأوجبه عليهم، ولا خلاف فيه، قال صلى اللّه عليه وسلم : (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج) رواه ابن عمر. ومعناه في اللغة : الإمساك، وترك التنقل من حال إلى حال. ويقال للصمت صوم، لأنه إمساك عن الكلام، قال اللّه تعالى مخبرا عن مريم{إني نذرت للرحمن صوما} [مريم:26] أي سكوتا عن الكلام. والصوم : ركود الريح، وهو إمساكها عن الهبوب. وصامت الدابة على آريِّها : قامت وثبتت فلم تعتلف. وصام النهار : اعتدل. ومَصَامُ الشمس حيث تستوي في منتصف النهار، ومنه قول النابغة :
خيل صيام وخيل غير صائمة ** تحت العجاج وخيل تعلك اللجما
أي خيل ثابتة ممسكة عن الجري والحركة، كما قال :
كأن الثريا علقت في مصامها
أي هي ثابتة في مواضعها فلا تنتقل، وقوله :
والبكرات شرّهنّ الصائما
يعني التي لا تدور. وقال امرؤ القيس :
فدعها وسل الهم عنك بجسرة ** ذمول إذا صام النهار وهجرا
أي أبطأت الشمس عن الانتقال والسير فصارت بالإبطاء كالممسكة. وقال آخر :
حتى إذا صام النهار واعتدل ** وسال للشمس لعاب فنزل
وقال آخر :
نعاما بوجرة صفر الخدو ** د ما تطعم النوم إلا صياما
أي قائمة. والشعر في هذا المعنى كثير.
والصوم في الشرع : الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وتمامه وكماله باجتناب المحظورات وعدم الوقوع في المحرمات، لقوله عليه السلام : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)

الثانية: فضل الصوم عظيم، وثوابه جسيم، جاءت بذلك أخبار كثيرة صحاح وحسان ذكرها الأئمة في مسانيدهم، وسيأتي بعضها، ويكفيك الآن منها في فضل الصوم أن خصه اللّه بالإضافة إليه، كما ثبت في الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال مخبرا عن ربه : (يقول اللّه تبارك وتعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) الحديث. وإنما خص الصوم بأنه له وإن كانت العبادات كلها له لأمرين باين الصوم بهما سائر العبادات.
أحدهما : أن الصوم يمنع من ملاذ النفس وشهواتها ما لا يمنع منه سائر العبادات. الثاني : أن الصوم سر بين العبد وبين ربه لا يظهر إلا له، فلذلك صار مختصا به. وما سواه من العبادات ظاهر، ربما فعله تصنعا ورياء، فلهذا صار أخص بالصوم من غيره. وقيل غير هذا.

الثالثة: قوله تعالى{كما كتب} الكاف في موضع نصب على النعت، التقدير كتابا كما، أو صوما كما. أو على الحال من الصيام أي كتب عليكم الصيام مشبها كما كتب على الذين من قبلكم. وقال بعض النحاة : الكاف في موضع رفع نعتا للصيام، إذ ليس تعريفه بمحض، لمكان الإجمال الذي فيه بما فسرته الشريعة، فلذلك جاز نعته {بكما} إذ لا ينعت بها إلا النكرات، فهو بمنزلة كتب عليكم صيام، وقد ضعف هذا القول. و{ما} في موضع خفض، وصلتها{كتب على الذين من قبلكم}. والضمير في {كتب} يعود على {ما}. واختلف أهل التأويل في موضع التشبيه وهي :

الرابعة: قال الشعبي وقتادة وغيرهما : التشبيه يرجع إلى وقت الصوم وقدر الصوم، فإن اللّه تعالى كتب على قوم موسى وعيسى صوم رمضان فغيروا، وزاد أحبارهم عليهم عشرة أيام ثم مرض بعض أحبارهم فنذر إن شفاه اللّه أن يزيد في صومهم عشرة أيام ففعل، فصار صوم النصارى خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الربيع. واختار هذا القول النحاس وقال : وهو الأشبه بما في الآية. وفيه حديث يدل على صحته أسنده عن دغفل بن حنظلة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : (كان على النصارى صوم شهر فمرض رجل منهم فقالوا لئن شفاه اللّه لنزيدن عشرة ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فاه فقالوا لئن شفاه اللّه لنزيدن سبعة ثم كان ملك آخر فقالوا لنتمن هذه السبعة الأيام ونجعل صومنا في الربيع قال فصار خمسين). وقال مجاهد : كتب اللّه عز وجل صوم شهر رمضان على كل أمة. وقيل : أخذوا بالوثيقة فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، قرنا بعد قرن، حتى بلغ صومهم خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الفصل الشمسي. قال النقاش : وفي ذلك حديث عن دغفل بن حنظلة والحسن البصري والسدي.
قلت : ولهذا - واللّه أعلم - كره الآن صوم يوم الشك والستة من شوال بإثر يوم الفطر متصلا به. قال الشعبي : لو صمت السنة كلها لأفطرت يوم الشك، وذلك أن النصارى فرض عليهم صوم شهر رمضان كما فرض علينا، فحولوه إلى الفصل الشمسي، لأنه قد كان يوافق القيظ فعدوا ثلاثين يوما، ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالوثيقة لأنفسهم فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثم لم يزل الآخر يستن بسنة من كان قبله حتى صاروا إلى خمسين يوما فذلك قوله تعالى{كما كتب على الذين من قبلكم}. وقيل : التشبيه راجع إلى أصل وجوبه على من تقدم، لا في الوقت والكيفية. وقيل : التشبيه واقع على صفة الصوم الذي كان عليهم من منعهم من الأكل والشرب والنكاح، فإذا حان الإفطار فلا يفعل هذه الأشياء من نام. وكذلك كان في النصارى أولا وكان في أول الإسلام، ثم نسخه اللّه تعالى بقوله{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم}[البقرة:187] على ما يأتي بيانه، قاله السدي وأبو العالية والربيع. وقال معاذ بن جبل وعطاء : التشبيه واقع على الصوم لا على الصفة ولا على العدة وإن اختلف الصيامان بالزيادة والنقصان. المعنى {كتب عليكم الصيام} أي في أول الإسلام ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء، {كما كتب على الذين من قبلكم} وهم اليهود - في قول ابن عباس - ثلاثة أيام ويوم عاشوراء. ثم نسخ هذا في هذه الأمة بشهر رمضان. وقال معاذ بن جبل : نسخ ذلك {بأيام معدودات} ثم نسخت الأيام برمضان.

الخامسة: قوله تعالى {لعلكم تتقون} {لعل} ترج في حقهم، كما تقدم. و{تتقون} قيل : معناه هنا تضعفون، فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة، وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي وهذا وجه مجازي حسن. وقيل : لتتقوا المعاصي. وقيل : هو على العموم، لأن الصيام كما قال عليه السلام : (الصيام جنة ووجاء) وسبب تقوى، لأنه يميت الشهوات.
السادسة: قوله تعالى{أياما معدودات} {أياما} مفعول ثان {بكتب}، قاله الفراء. وقيل : نصب على الظرف {لكتب}، أي كتب عليكم الصيام في أيام. والأيام المعدودات : شهر رمضان، وهذا يدل على خلاف ما روي عن معاذ، واللّه أعلم.
قوله تعالى‏{‏فمن كان منكم مريضا‏{‏ للمريض حالتان‏:‏ إحداهما‏:‏ ألا يطيق الصوم بحال، فعليه الفطر واجبا‏.‏ الثانية‏:‏ أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فهذا يستحب له الفطر ولا يصوم إلا جاهل‏.‏ قال ابن سيرين‏:‏ متى حصل الإنسان في حال يستحق بها اسم المرض صح الفطر، قياسا على المسافر لعلة السفر، وإن لم تدع إلى الفطر ضرورة‏.‏ قال طريف بن تمام العطاردي‏:‏ دخلت على محمد بن سيرين في رمضان وهو يأكل، فلما فرع قال‏:‏ إنه وجعت أصبعي هذه‏.‏ وقال جمهور من العلماء‏:‏ إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده صح له الفطر‏.‏ قال ابن عطية‏:‏ وهذا مذهب حذاق أصحاب مالك وبه يناظرون‏.‏ وأما لفظ مالك فهو المرض الذي يشق على المرء ويبلغ به‏.‏ وقال ابن خويز منداد‏:‏ واختلفت الرواية عن مالك في المرض المبيح للفطر، فقال مرة‏:‏ هو خوف التلف من الصيام‏.‏ وقال مرة‏:‏ شدة المرض والزيادة فيه والمشقة الفادحة‏.‏ وهذا صحيح مذهبه وهو مقتضى الظاهر، لأنه لم يخص مرضا من مرض فهو مباح في كل مرض، إلا ما خصه الدليل من الصداع والحمى والمرضى اليسير الذي لا كلفة معه في الصيام‏.‏ وقال الحسن‏:‏ إذا لم يقدر من المرض على الصلاة قائما أفطر، وقاله النخعي‏.‏ وقالت فرقة‏:‏ لا يفطر بالمرض إلا من دعته ضرورة المرض نفسه إلى الفطر، ومتى احتمل الضرورة معه لم يفطر‏.‏ وهذا قول الشافعي رحمه اللّه تعالى‏.‏

قلت‏:‏ قول ابن سيربن أعدل شيء في هذا الباب إن شاء اللّه تعالى‏.‏ قال البخاري‏:‏ اعتللت بنيسابور علة خفيفة وذلك في شهر رمضان، فعادني إسحاق بن راهوية نفر من أصحابه فقال لي‏:‏ أفطرت يا أبا عبدالله‏؟‏ فقلت نعم‏.‏ فقال‏:‏ خشيت أن تضعف عن قبول الرخصة‏.‏ قلت‏:‏ حدثنا عبدان عن ابن المبارك عن ابن جريج قال قلت لعطاء‏:‏ من أي المرض أفطر‏؟‏ قال‏:‏ من أي مرض كان، كما قال اللّه تعالى‏{‏فمن كان منكم مريضا‏{‏ قال البخاري‏:‏ وهذا الحديث لم يكن عند إسحاق‏.‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ إذا خاف الرجل على نفسه وهو صائم إن لم يفطر أن تزداد عينه وجعا أو حماه شدة أفطر‏.‏

قوله تعالى‏{‏أو على سفر‏{‏ اختلف العلماء في السفر الذي يجوز فيه الفطر والقصر، بعد إجماعهم على سفر الطاعة كالحج والجهاد، ويتصل بهذين سفر صلة الرحم وطلب المعاش الضروري‏.‏ أما سفر التجارات والمباحات فمختلف فيه بالمنع والإجازة، والقول بالجواز أرجح‏.‏ وأما سفر العاصي فيختلف فيه بالجواز والمنع، والقول بالمنع أرجح، قاله ابن عطية‏.‏ ومسافة الفطر عند مالك حيث تقصر الصلاة واختلف العلماء في قدر ذلك، فقال مالك‏:‏ يوم وليلة، ثم رجع فقال‏:‏ ثمانية وأربعون ميلا قال ابن خويز منداد‏:‏ وهو ظاهر مذهبه، وقال مرة‏:‏ اثنان وأربعون ميلا وقال مرة ستة وثلاثون ميلا وقال مرة‏:‏ مسيرة يوم وليلة، وروى عنه يومان، وهو قول الشافعي‏.‏ وفصل مرة بين البر والبحر، فقال في البحر مسيرة يوم وليلة، وفي البر ثمانية وأربعون ميلا، وفي المذهب ثلاثون ميلا، وفي غير المذهب ثلاثة أميال‏.‏ وقال ابن عمرو وابن عباس والثوري‏:‏ الفطر في سفر ثلاثة أيام، حكاه ابن عطية‏.‏

قلت‏:‏ والذي في البخاري‏:‏ وكان ابن عمر وابن عباس يفطران ويقصران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا‏.‏

اتفق العلماء على أن المسافر في رمضان لا يجوز له أن يبيت الفطر، لأن المسافر لا يكون مسافرا بالنية بخلاف المقيم، وإنما يكون مسافرا بالعمل والنهوض، والمقيم لا يفتقر إلى عمل، لأنه إذا نوى الإقامة كان مقيما في الحين، لأن الإقامة لا تفتقر إلى عمل فافترقا‏.‏ ولا خلاف بينهم أيضا في الذي يؤمل السفر أنه لا يجوز له أن يفطر قبل أن يخرج، فإن أفطر فقال ابن حبيب‏:‏ إن كان قد تأهب لسفره وأخذ في أسباب الحركة فلا شيء عليه، وحكى ذلك عن أصبغ وابن الماجشون، فإن عاقه عن السفر عائق كان عليه الكفارة، وحسبه أن ينجو إن سافر‏.‏ وروى عيسى عن ابن القاسم أنه ليس عليه إلا قضاء يوم، لأنه متأول في فطره‏.‏ وقال أشهب‏:‏ ليس عليه شيء من الكفارة سافر أو لم يسافر‏.‏ وقال سحنون‏:‏ عليه الكفارة سافر أو لم يسافر، وهو بمنزلة المرأة تقول‏:‏ غدا تأتيني حيضتي، فتفطر لذلك، ثم رجع إلى قول عبدالملك وأصبغ وقال‏:‏ ليس مثل المرأة، لأن الرجل يحدث السفر إذا شاء، والمرأة لا تحدث الحيضة‏.‏

قلت‏:‏ قول ابن القاسم وأشهب في نفي الكفارة حسن، لأنه فعل ما يجوز له فعله، والذمة بريئة، فلا يثبت فيها شيء إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف، ثم إنه مقتضى قوله تعالى‏{‏أو على سفر‏{‏‏.‏ وقال أبو عمر‏:‏ هذا أصح أقاويلهم في هذه المسألة، لأنه غير منتهك لحرمة الصوم بقصد إلى ذلك وإنما هو متأول، ولو كان الأكل مع نية السفر يوجب عليه الكفارة لأنه كان قبل خروجه ما أسقطها عنه خروجه، فتأمل ذلك تجده كذلك، إن شاء اللّه تعالى‏.‏ وقد ‏"‏روى الدارقطني‏"‏ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل بمصر قال حدثنا ابن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر أخبرني زيد بن أسلم قال‏:‏ أخبرني محمد بن المنكدر عن محمد بن كعب أنه قال‏:‏ أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت دابته ولبس ثياب السفر وقد تقارب غروب الشمس، فدعا بطعام فأكل منه ثم ركب‏.‏ فقلت له‏:‏ سنة‏؟‏ قال نعم‏.‏ وروي عن أنس أيضا قال قال لي أبو موسى‏:‏ ألم أنبئنك إذا خرجت خرجت صائما، وإذا دخلت دخلت، صائما، فإذا خرجت فأخرج مفطرا، وإذا دخلت فادخل مفطرا‏.‏ وقال الحسن البصري‏:‏ يفطر إن شاء في بيته يوم يريد أن يخرج‏.‏ وقال أحمد‏:‏ يفطر إذا برز عن البيوت‏.‏ وقال إسحاق‏:‏ لا، بل حين يضع رجله في الرحل‏.‏ قال ابن المنذر‏:‏ قول أحمد صحيح، لأنهم يقولون لمن أصبح صحيحا ثم اعتل‏:‏ إنه يفطر بقية يومه، وكذلك إذا أصبح في الحضر ثم خرج إلى السفر فله كذلك أن يفطر‏.‏ وقالت طائفة‏:‏ لا يفطر يومه ذلك وإن نهض في سفره، كذلك قال الزهري ومكحول ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي‏.‏ واختلفوا إن فعل، فكلهم قال يقضي ولا يكفر‏.‏ قال مالك‏:‏ لأن السفر عذر طارئ، فكان كالمرض يطرأ عليه‏.‏ وروي عن بعض أصحاب مالك أنه يقضي ويكفر، وهو قول ابن كنانة والمخزومي، وحكاه الباجي عن الشافعي، واختاره ابن العربي وقال به، قال‏:‏ لأن السفر عذر طرأ بعد لزوم العبادة ويخالف المرض والحيض، لأن المرض يبيح له الفطر، والحيض يحرم عليها الصوم، والسفر لا يبيح له ذلك فوجبت عليه الكفارة لهتك حرمته‏.‏ قال أبو عمر‏:‏ وليس هذا بشيء، لأن اللّه سبحانه قد أباح له الفطر في الكتاب والسنة‏.‏ وأما قولهم لا يفطر فإنما ذلك استحباب لما عقده فإن أخذ برخصة اللّه كان عليه القضاء، وأما الكفارة فلا وجه لها، ومن أوجبها فقد أوجب ما لم يوجبه اللّه ولا رسوله صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ وقد روي عن ابن عمر في هذه المسألة‏:‏ ‏(‏يفطر إن شاء في يومه ذلك إذا خرج مسافرا‏)‏ وهو قول الشعبي وأحمد وإسحاق‏.‏

قلت‏:‏ وقد ترجم ‏"‏البخاري‏"‏ رحمه اللّه على هذه المسألة ‏ وساق الحديث عن ابن عباس قال‏:‏ ‏(‏خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس فأفطر حتى قدم مكة وذلك في رمضان‏.‏‏"‏ وأخرجه مسلم أيضا عن ابن عباس‏"‏ وقال فيه‏:‏ ثم دعا بإناء فيه شراب شربه نهارا ليراه الناس ثم أفطر حتى دخل مكة‏)‏‏.‏ وهذا نص في الباب فسقط ما خالفه، وباللّه التوفيق‏.‏ وفيه أيضا حجة على من يقول‏:‏ إن الصوم لا ينعقد في السفر‏.‏ روي عن عمر وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر‏.‏ قال ابن عمر‏:‏ ‏(‏من صام في السفر قضى في الحضر‏)‏ وعن عبدالرحمن بن عوف‏:‏ ‏(‏الصائم في السفر كالمفطر في الحضر‏)‏ وقال به قوم من أهل الظاهر، واحتجوا بقوله تعالى‏{‏فعدة من أيام أخر‏{‏ على ما يأتي بيانه، وبما روى كعب بن عاصم قال‏:‏ سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏ليس من البر الصيام في السفر‏)‏‏.‏ وفيه أيضا حجة على من يقول‏:‏ إن من بيت الصوم في السفر فله أن يفطر وإن لم يكن له عذر، وإليه ذهب مطرف، وهو أحد قولي الشافعي وعليه جماعة من أهل الحديث‏.‏ وكان مالك يوجب عليه القضاء والكفارة لأنه كان مخيرا في الصوم والفطر، فلما اختار الصوم وبيته لزمه ولم يكن له الفطر، فإن أفطر عامدا من غير عذر كان عليه القضاء والكفارة‏.‏ وقد روي عنه أنه لا كفارة عليه، وهو قول أكثر أصحابه إلا عبدالملك فإنه قال‏:‏ إن أفطر بجماع كفر، لأنه لا يقوى بذلك على سفره ولا عذر له، لأن المسافر إنما أبيح له الفطر ليقوى بذلك على سفره‏.‏ وقال سائر الفقهاء بالعراق والحجاز‏:‏ إنه لا كفارة عليه، منهم الثوري والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وسائر فقهاء الكوفة، قاله أبو عمر‏.‏

واختلف العلماء في الأفضل من الفطر أو الصوم في السفر، فقال مالك والشافعي في بعض ما روي عنهما‏:‏ الصوم أفضل لمن قوي عليه‏.‏ وجل مذهب مالك التخيير وكذلك مذهب الشافعي‏.‏ قال الشافعي ومن اتبعه‏:‏ هو مخير، ولم يفصل، وكذلك ابن علية، لحديث أنس قال‏:‏ ‏(‏سافرنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم‏)‏‏"‏ خرجه مالك والبخاري ومسلم‏"‏‏.‏ وروي عن عثمان بن أبي العاص الثقفي وأنس بن مالك صاحبي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنهما قالا‏:‏ ‏(‏الصوم في السفر أفضل لمن قدر عليه‏)‏ وهو قول أبي حنيفة وأصحابه‏.‏ وروي عن ابن عمر وابن عباس‏:‏ الرخصة أفضل، وقال به سعيد بن المسيب والشعبي وعمر بن عبدالعزيز ومجاهد وقتادة والأوزاعي وأحمد وإسحاق‏.‏ كل هؤلاء يقولون الفطر أفضل، لقول اللّه تعالى‏{‏يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر‏}‏البقرة‏:‏185‏]‏

قوله تعالى‏{‏فعدة من أيام أخر‏{‏ في الكلام حذف، أي من يكن منكم مريضا أو مسافرا فأفطر فليقض‏.‏ والجمهور من العلماء على أن أهل البلد إذا صاموا تسعة وعشرين يوما وفي البلد رجل مريض لم يصح فإنه يقضي تسعة وعشرين يوما‏.‏ وقال قوم منهم الحسن بن صالح بن حي‏:‏ إنه يقضي شهرا بشهر من غير مراعاة عدد الأيام‏.‏ قال الكيا الطبري‏:‏ وهذا بعيد، لقوله تعالى‏{‏فعدة من أيام أخر‏{‏ ولم يقل فشهر من أيام أخر‏.‏ وقوله‏{‏فعدة‏{‏ يقتضي استيفاء عدد ما أفطر فيه، ولا شك أنه لو أفطر بعض رمضان وجب قضاء ما أفطر بعده بعدده، كذلك يجب أن يكون حكم إفطاره جميعه في اعتبار عدده‏.‏

قوله تعالى‏{‏فعدة‏{‏ ارتفع ‏{‏عدة‏{‏ على خبر الابتداء، تقديره فالحكم أو فالواجب عدة، ويصح فعليه عدة‏.‏ وقال الكسائي‏:‏ ويجوز فعدة، أي فليصم عدة من أيام‏.‏ وقيل‏:‏ المعنى فعليه صيام عدة، فحذف المضاف وأقيمت العدة مقامة‏.‏ والعدة فعلة من العد، وهي بمعنى المعدود، كالطحن بمعنى المطحون، تقول‏:‏ أسمع جعجعة ولا أرى طحنا‏.‏ ومنه عدة المرأة‏.‏ ‏{‏من أيام أخر‏{‏ لم ينصرف ‏{‏أخر‏{‏ عند سيبوبه لأنها معدولة عن الألف واللام، لأن سبيل فعل من هذا الباب أن يأتي بالألف واللام، نحو الكبر والفضل‏.‏ وقال الكسائي‏:‏ هي معدولة عن آخر، كما تقول‏:‏ حمراء وحمر، فلذلك لم تنصرف‏.‏ وقيل‏:‏ منعت من الصرف لأنها على وزن جمع وهي صفة لأيام، ولم يجيء أخرى لئلا يشكل بأنها صفة للعدة‏.‏ وقيل‏:‏ إن ‏{‏أخر‏{‏ جمع أخرى كأنه أيام أخرى ثم كثرت فقيل‏:‏ أيام أخر‏.‏ وقيل‏:‏ إن نعت الأيام يكون مؤنثا فلذلك نعتت بأخر‏.‏


_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالثلاثاء 23 يونيو 2009 - 14:58


اختلف الناس في وجوب تتابعها على قولين ذكرهما الدار قطني في ‏{‏سننه‏{‏، فروي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ نزلت ‏{‏فعدة من أيام أخر متتابعات‏{‏ فسقطت ‏{‏متتابعات‏{‏ قال هذا إسناد صحيح‏.‏ وروي عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه‏)‏ في إسناده عبدالرحمن بن إبراهيم ضعيف الحديث‏.‏ وأسنده عن ابن عباس في قضاء رمضان ‏{‏صمه كيف شئت‏{‏‏.‏ وقال ابن عمر‏{‏صمه كما أفطرته‏{‏‏.‏ وأسند عن أبي عبيدة بن الجراح وابن عباس وأبي هريرة ومعاذ بن جبل وعمرو بن العاص‏.‏ وعن محمد بن المنكدر قال‏:‏ بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن تقطيع صيام رمضان فقال‏:‏ ‏(‏ذلك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاه فاللّه أحق أن يعفو ويغفر‏)‏‏.‏ إسناده حسن إلا أنه مرسل ولا يثبت متصلا‏.‏ وفي موطأ مالك عن نافع أن عبدالله بن عمر كان يقول‏:‏ يصوم رمضان متتابعا من أفطره متتابعا من مرض أو في سفر‏.‏ قال الباجي في المنتقى‏:‏ يحتمل أن يريد الإخبار عن الوجوب، ويحتمل أن يريد الإخبار عن الاستحباب، وعلى الاستحباب جمهور الفقهاء‏.‏ وإن فرقه أجزأه، وبذلك قال مالك والشافعي‏.‏ والدليل على صحة هذا قوله‏{‏فعدة من أيام أخر‏{‏ ولم يخص متفرقة من متتابعة، وإذا أتى بها متفرقة فقد صام عدة من أيام أخر، فوجب أن يجزيه‏{‏‏.‏ ابن العربي‏:‏ إنما وجب التتابع في الشهر لكونه معينا، وقد عدم التعيين في القضاء فجاز التفريق‏.‏ لما قال تعالى‏{‏فعدة من أيام أخر‏{‏ دل ذلك على وجوب القضاء من غير تعيين لزمان، لأن اللفظ مسترسل على الأزمان لا يختص ببعضها دون بعض‏.‏ وفي الصحيحين عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، الشغل من رسول اللّه، أو برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ في رواية‏:‏ وذلك لمكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ وهذا نص وزيادة بيان للآية‏.‏ وذلك يرد على داود قوله‏:‏ إنه يجب عليه قضاؤه ثاني شوال‏.‏ ومن لم يصمه ثم مات فهو آثم عنده، وبنى عليه أنه لو وجب عليه عتق رقبة فوجد رقبة تباع بثمن فليس له أن يتعداها ويشتري غيرها، لأن الفرض عليه أن يعتق أول رقبة يجدها فلا يجزيه غيرها‏.‏ ولو كانت عنده رقبة فلا يجوز له أن يشتري غيرها، ولو مات الذي عنده فلا يبطل العتق، كما يبطل فيمن نذر أن يعتق رقبة بعينها فماتت يبطل نذره، وذلك يفسد قوله‏.‏ وقال بعض الأصوليين‏:‏ إذا مات بعد مضي اليوم الثاني من شوال لا يعصي على شرط العزم‏.‏ والصحيح أنه غير آثم ولا مفرط، وهو قول الجمهور، غير أنه يستحب له تعجيل القضاء لئلا تدركه المنية فيبقى عليه الفرض‏.‏

من كان عليه قضاء أيام من رمضان فمضت عليه عدتها من الأيام بعد الفطر أمكنه فيها صيامه فأخر ذلك ثم جاءه مانع منعه من القضاء إلى رمضان آخر فلا إطعام عليه، لأنه ليس بمفرط حين فعل ما يجوز له من التأخير‏.‏ هذا قول البغداديين من المالكيين، ويرونه قول ابن القاسم في المدونة‏.‏

فإن أخر قضاءه عن شعبان الذي هو غاية الزمان الذي يقضى فيه رمضان فهل يلزمه لذلك كفارة أو لا، فقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق‏:‏ نعم‏.‏ وقال أبو حنيفة والحسن والنخعي وداود‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ وإلى هذا ذهب البخاري لقوله، ويذكر عن أبي هريرة مرسلا وابن عباس أنه يطعم، ولم يذكر اللّه الإطعام، إنما قال‏{‏فعدة من أيام أخر‏}‏‏.‏

قلت‏:‏ قد جاء عن أبي هريرة مسندا فيمن فرط في قضاء رمضان حتى أدركه رمضان آخر قال‏:‏ ‏(‏يصوم هذا مع الناس، ويصوم الذي فرط فيه ويطعم لكل يوم مسكينا‏)‏ خرجه الدارقطني وقال‏:‏ إسناد صحيح‏.‏ وروي عنه مرفوعا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم في رجل أفطر في شهر رمضان من مرض ثم صح ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر قال‏:‏ ‏(‏يصوم الذي أدركه ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم لكل يوم مسكينا‏)‏‏.‏ في إسناده ابن نافع وابن وجيه ضعيفان‏.‏


فإن تمادى به المرض فلم يصح حتى جاء رمضان آخر، ف‏"‏روى الدارقطني عن ابن عمر‏"‏‏(‏أنه يطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة، ثم ليس عليه قضاء‏)‏ وروي أيضا عن أبي هريرة أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا لم يصح بين الرمضانين صام عن هذا وأطعم عن الثاني ولا قضاء عليه، وإذا صح فلم يصم حتى إذا أدركه رمضان آخر صام عن هذا وأطعم عن الماضي، فإذا أفطر قضاه‏)‏ إسناد صحيح‏.‏ قال علماؤنا‏:‏ وأقوال الصحابة على خلاف القياس قد يحتج بها‏.‏ وروي عن ابن عباس أن رجلا جاء إليه فقال‏:‏ مرضت رمضانين‏؟‏ فقال له ابن عباس‏:‏ ‏(‏استمر بك مرضك، أو صححت بينهما‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ بل صححت، قال‏:‏ ‏(‏صم رمضانين وأطعم ستين مسكينا‏)‏ وهذا بدل من قوله‏:‏ إنه لو تمادى به مرضه لا قضاء عليه‏.‏ وهذا يشبه مذهبهم في الحامل والمرضع أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما، على ما يأتي‏.‏

واختلف من أوجب عليه الإطعام في قدر ما يجب أن يطعم، فكان أبو هريرة والقاسم بن محمد ومالك والشافعي يقولون‏:‏ يطعم عن كل يوم مدا‏.‏ وقال الثوري‏:‏ يطعم نصف صاع عن كل يوم‏.‏

واختلفوا فيمن أفطر أو جامع في قضاء رمضان ماذا يجب عليه، فقال مالك‏:‏ من أفطر يوما من قضاء رمضان ناسيا لم يكن عليه شيء غير قضائه، ويستحب له أن يتمادى فيه للاختلاف ثم يقضيه، ولو أفطره عامدا أثم ولم يكن عليه غير قضاء ذلك اليوم ولا يتمادى، لأنه لا معنى لكفه عما يكف الصائم ههنا إذ هو غير صائم عند جماعة العلماء لإفطاره عامدا‏.‏ وأما الكفارة فلا خلاف عند مالك وأصحابه أنها لا تجب في ذلك، وهو قول جمهور العلماء‏.‏ قال مالك‏:‏ ليس على من أفطر يوما من قضاء رمضان بإصابة أهله أو غير ذلك كفارة، وإنما عليه قضاء ذلك اليوم‏.‏ وقال قتادة‏:‏ على من جامع في قضاء رمضان القضاء والكفارة‏.‏ وروى ابن القاسم عن مالك أن من أفطر في قضاء رمضان فعليه يومان، وكان ابن القاسم يفتي به ثم رجع عنه ثم قال‏:‏ إن أفطر عمدا في قضاء القضاء كان عليه مكانه صيام يومين، كمن أفسد حجه بإصابة أهله، وحج قابلا فأفسد حجه أيضا بإصابة أهله كان عليه حجتان‏.‏ قال أبو عمر‏:‏ قد خالفه في الحج ابن وهب وعبدالملك، وليس يجب القياس على أصل مختلف فيه‏.‏ والصواب عندي - واللّه أعلم - أنه ليس عليه في الوجهين إلا قضاء يوم واحد، لأنه يوم واحد أفسده مرتين‏.‏

قلت‏:‏ وهو مقتضى قوله تعالى‏{‏فعدة من أيام أخر‏{‏ فمتى أتى بيوم تام بدلا عما أفطره في قضاء رمضان فقد أتى بالواجب عليه، ولا يجب عليه غير ذلك، واللّه أعلم‏.‏

والجمهور على أن من أفطر في رمضان لعلة فمات من علته تلك، أو سافر فمات في سفره ذلك أنه لا شيء عليه‏.‏ وقال طاوس وقتادة في المريض يموت قبل أن يصح‏:‏ يطعم عنه‏.‏

واختلفوا فيمن مات وعليه صوم من رمضان لم يقضه، فقال مالك والشافعي والثوري‏:‏ لا يصوم أحد عن أحد‏.‏ وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور والليث وأبو عبيد وأهل الظاهر‏:‏ يصام عنه، إلا أنهم خصصوه بالنذر، وروي مثله عن الشافعي‏.‏ وقال أحمد وإسحاق في قضاء رمضان‏:‏ يطعم عنه‏.‏ احتج من قال بالصوم بما رواه مسلم عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من مات وعليه صيام صام عنه وليه‏)‏‏.‏ إلا أن هذا عام في الصوم، يخصصه ما‏"‏ رواه مسلم أيضا عن ابن عباس‏"‏ قال‏:‏ جاءت امرأة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت‏:‏ يا رسول اللّه، إن أمي قد ماتت وعليها صوم نذر - وفي رواية صوم شهر - أفأصوم عنها‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها‏)‏ قالت‏:‏ نعم، قال‏:‏ ‏(‏فصومي عن أمك‏)‏‏.‏ احتج مالك ومن وافقه بقول سبحانه‏{‏ولا تزر وازرة وزر أخرى‏}‏الأنعام‏:‏ 164‏]‏ وقوله‏{‏وأن ليس للإنسان إلا ما سعى‏}‏النجم‏:‏ 39‏]‏ وقوله‏{‏ولا تكسب كل نفس إلا عليها‏}‏الأنعام‏:‏ 164‏]‏ وبما خرجه النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان يوم مدا من حنطة‏)‏

قلت‏:‏ وهذا الحديث عام، فيحتمل أن يكون المراد بقوله‏:‏ ‏(‏لا يصوم أحد عن أحد‏)‏ صوم رمضان‏.‏ فأما صوم النذر فيجوز، بدليل حديث ابن عباس وغيره، فقد جاء في صحيح مسلم أيضا من حديث بريدة نحو حديث ابن عباس، وفي بعض طرقه‏:‏ صوم شهرين أفأصوم عنها‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏صومي عنها‏)‏ قالت‏:‏ إنها لم تحج قط أفأحج عنها‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏حجي عنها‏)‏‏.‏ فقولها‏:‏ شهرين، يبعد أن يكون رمضان، واللّه أعلم‏.‏ وأقوى ما يحتج به لمالك أنه عمل أهل المدينة، ويعضده القياس الجليّ، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا تفعل عمن وجبت عليه كالصلاة‏.‏ ولا ينقض هذا بالحج لأن للمال فيه مدخلا‏.‏

استدل بهذه الآية من قال‏:‏ إن الصوم لا ينعقد في السفر وعليه القضاء أبدا، فإن اللّه تعالى يقول‏{‏فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر‏{‏ أي فعليه عدة، ولا حذف في الكلام ولا إضمار وبقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏ليس من البر الصيام في السفر‏)‏

قال‏:‏ ما لم يكن من البر فهو من الإثم، فيدل ذلك على أن صوم رمضان لا يجوز في السفر‏]‏‏.‏ والجمهور يقولون‏:‏ فيه محذوف فأفطر، كما تقدم‏.‏ وهو الصحيح، لحديث أنس قال‏:‏ ‏(‏سافرنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم‏)‏‏"‏ رواه مالك عن حميد الطويل عن أنس‏"‏‏.‏ ‏"‏وأخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري‏"‏ قال‏:‏ ‏(‏غزونا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم‏)‏‏.‏

قوله تعالى‏{‏وعلى الذين يطيقونه‏{‏ قرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء، وأصله يطوقونه نقلت الكسرة إلى الطاء وانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها‏.‏ وقرأ حميد على الأصل من غير اعتلال، والقياس الاعتلال‏.‏ ومشهور قراءة ابن عباس ‏{‏يطوقونه‏{‏ بفتح الطاء مخففة وتشديد الواو بمعنى يكلفونه‏.‏ وقدروى مجاهد ‏{‏يطيقونه‏{‏ بالياء بعد الطاء على لفظ ‏{‏يكيلونه‏{‏ وهي باطلة ومحال، لأن الفعل مأخوذ من الطوق، فالواو لازمة واجبة فيه ولا مدخل للياء في هذا المثال‏.‏ قال أبو بكر الأنباري‏:‏ وأنشدنا أحمد بن يحيى النحوي لأبي ذؤيب‏:‏

فقيل تحمل فوق طوقك إنها مطبعة من يأتها لا يضيرها

فأظهر الواو في الطوق، وصح بذلك أن واضع الياء مكانها يفارق الصواب‏.‏ و‏"‏روى ابن الأنباري عن ابن عباس ‏"‏**يطيقونه‏{‏ بفتح الياء وتشديد الطاء والياء مفتوحتين بمعنى يطيقونه، يقال‏:‏ طاق وأطاق وأطيق بمعنى‏.‏ وعن ابن عباس أيضا وعائشة وطاوس وعمرو بن دينار ‏{‏يطوقونه‏{‏ بفتح الياء وشد الطاء مفتوحة، وهي صواب في اللغة، لأن الأصل يتطوقونه فأسكنت التاء وأدغمت في الطاء فصارت طاء مشددة، وليست من القرآن، خلافا لمن أثبتها قرآنا، وإنما هي قراءة على التفسير‏.‏ وقرأ أهل المدينة والشام ‏{‏فدية طعام‏{‏ مضافا ‏{‏مساكين‏{‏ جمعا‏.‏ وقرأ ابن عباس ‏{‏طعام مسكين‏{‏ بالإفراد فيما ذكر البخاري وأبو داود والنسائي عن عطاء عنه‏.‏ وهي قراءة حسنة، لأنها بينت الحكم في اليوم، واختارها أبو عبيد، وهي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ فبينت أن لكل يوم إطعام واحد، فالواحد مترجم عن الجميع، وليس الجميع بمترجم عن واحد‏.‏ وجمع المساكين لا يدري كم منهم في اليوم إلا من غير الآية‏.‏ وتخرج قراءة الجمع في ‏{‏مساكين‏{‏ لما كان الذين يطيقونه جمع وكل واحد منهم يلزمه مسكين فجمع لفظه، كما قال تعالى‏{‏والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة‏}‏النور‏:‏ 4‏]‏ أي اجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة، فليست الثمانون متفرقة في جميعهم، بل لكل واحد ثمانون، قال معناه أبو عليّ‏.‏ واختار قراءة الجمع النحاس قال‏:‏ وما اختاره أبو عبيد مردود، لأن هذا إنما يعرف بالدلالة، فقد علم أن معنى ‏{‏وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين‏{‏ أن لكل يوم مسكينا، فاختيار هذه القراءة لترد جمعا على جمع‏.‏ قال النحاس‏:‏ واختار أبو عبيد أن يقرأ ‏{‏فدية طعام‏{‏ قال‏:‏ لأن الطعام هو الفدية، ولا يجوز أن يكون الطعام نعتا لأنه جوهر ولكنه يجوز على البدل، وأبين من أن يقرأ ‏{‏فدية طعام‏{‏ بالإضافة، لأن ‏{‏فدية‏{‏ مبهمة تقع للطعام وغيره، قصار مثل قولك‏:‏ هذا ثوب خز‏.‏

واختلف العلماء في المراد بالآية، فقيل‏:‏ هي منسوخة‏.‏ ‏"‏روى البخاري‏"‏وقال ابن نمير حدثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها ‏{‏وأن تصوموا خير لكم‏{‏‏.‏ وعلى هذا قراءة الجمهور ‏{‏يطيقونه‏{‏ أي يقدرون عليه، لأن فرض الصيام هكذا‏:‏ من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينا‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ نزلت هده الآية رخصة للشيوخ والعجزة خاصة إذا أفطروا وهم يطيقون الصوم، ثم نسخت بقوله ‏{‏فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏}‏البقرة‏:‏ 185‏]‏ فزالت الرخصة إلا لمن عجز منهم‏.‏ قال الفراء‏:‏ الضمير في ‏{‏يطيقونه‏{‏ يجوز أن يعود على الصيام، أي وعلى الذين يطيقون الصيام أن يطعموا إذا أفطروا، ثم نسخ بقوله‏{‏،وأن تصوموا‏{‏‏.‏ ويجوز أن يعود على الفداء، أي وعلى الذين يطيقون الفداء فدية‏.‏ وأما قراءة ‏{‏يطوقونه‏{‏ على معنى يكلفونه مع المشقة اللاحقة لهم، كالمريض والحامل فإنهما يقدران عليه لكن بمشقة تلحقهم في أنفسهم، فإن صاموا أجزأهم وإن افتدوا فلهم ذلك‏.‏ ففسر ابن عباس - إن كان الإسناد عنه صحيحا - ‏{‏يطيقونه‏{‏ بيطوقونه ويتكلفونه فأدخله بعض النقلة في القرآن‏.‏ ‏"‏روى أبو داود عن ابن عباس‏"‏‏{‏وعلى الذين يطيقونه‏{‏ قال‏:‏ أثبتت للحبلى والمرضع‏.‏ وروي عنه أيضا ‏{‏وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين‏{‏ قال‏:‏ كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا‏.‏ وخرج الدارقطني عنه أيضا قال‏:‏ رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه، هذا إسناد صحيح‏.‏ وروي عنه أيضا أنه قال‏{‏وعلى الذين يطيقونه فدية طعام‏{‏ ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعما مكان كل يوم مسكينا، وهذا صحيح‏.‏ وروي عنه أيضا أنه قال لأم ولد له حبلى أو مرضع‏:‏ أنت من الذين لا يطيقون الصيام، عليك الجزاء ولا عليك القضاء، وهذا إسناد صحيح‏.‏ وفي رواية‏:‏ كانت له أم ولد ترضع - من غير شك - فأجهدت فأمرها أن تفطر ولا تقضي، هذا صحيح‏.‏

قلت‏:‏ فقد ثبت بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس أن الآية ليست بمنسوخة وأنها محكمة في حق من ذكر‏.‏ والقول الأول صحيح أيضا، إلا أنه يحتمل أن يكون النسخ هناك بمعنى التخصيص، فكثيرا ما يطلق المتقدمون النسخ بمعناه، واللّه أعلم‏.‏ وقال الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والضحاك والنخعي والزهري وربيعة والأوزاعي وأصحاب الرأي‏:‏ الحامل والمرضع يفطران ولا إطعام عليهما، بمنزلة المريض يفطر ويقضي، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور‏.‏ وحكى ذلك أبو عبيد عن أبي ثور، واختاره ابن المنذر، وهو قول مالك في الحبلى إن أفطرت، فأما المرضع إن أفطرت فعليها القضاء والإطعام‏.‏ وقال الشافعي وأحمد‏:‏ يفطران ويطعمان ويقضيان، وأجمعوا على أن المشايخ والعجائز الذين لا يطيقون الصيام أو يطيقونه على مشقة شديدة أن يفطروا‏.‏ واختلفوا فيما عليهم، فقال ربيعة ومالك‏:‏ لا شيء عليهم، غير أن مالكا قال‏:‏ لو أطعموا عن كل يوم مسكينا كان أحب إليّ‏.‏ وقال أنس وابن عباس وقيس بن السائب وأبو هريرة‏:‏ عليهم الفدية‏.‏ وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق، اتباعا لقول الصحابة رضي اللّه عن جميعهم، وقوله تعالى‏{‏فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر‏{‏ ثم قال‏{‏وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين‏{‏ وهؤلاء ليسوا بمرضى ولا مسافرين، فوجبت عليهم الفدية‏.‏ والدليل لقول مالك‏:‏ أن هذا مفطر لعذر موجود فيه وهو الشيخوخة والكبر فلم يلزمه إطعام كالمسافر والمريض‏.‏ وروي هذا عن الثوري ومكحول، واختاره ابن المنذر‏.‏

واختلف من أوجب الفدية على من ذكر في مقدارها، فقال مالك‏:‏ مد بمد النبي صلى اللّه عليه وسلم عن كل يوم أفطره، وبه قال الشافعي‏.‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ كفارة كل يوم صاع تمر أو نصف صاع بر‏.‏ وروي عن ابن عباس نصف صاع من حنطة، ذكره الدارقطني‏.‏ وروي عن أبي هريرة قال‏:‏ من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم فعليه لكل يوم مد من قمح‏.‏ وروي عن أنس بن مالك أنه ضعف عن الصوم عاما فصنع جفنة من طعام ثم دعا بثلاثين مسكينا فأشبعهم‏.‏

قوله تعالى‏{‏فمن تطوع خيرا فهو خير له‏{‏ قال ابن شهاب‏:‏ من أراد الإطعام مع الصوم‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ من زاد في الإطعام على المد‏.‏ ابن عباس‏{‏فمن تطوع خيرا‏{‏ قال‏:‏ مسكينا آخر فهو خير له‏.‏ ذكره الدارقطني وقال‏:‏ إسناد صحيح ثابت‏.‏ و‏{‏خير‏{‏ الثاني صفة تفضيل، وكذلك الثالث و‏{‏خير‏{‏ الأول‏.‏ وقرأ عيسى بن عمرو ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي ‏{‏يطوع خيرا‏{‏ مشددا وجزم العين على معنى يتطوع‏.‏ الباقون ‏{‏تطوع‏{‏ بالتاء وتخفيف الطاء وفتح العين على الماضي‏.‏

قوله تعالى‏{‏وأن تصوموا خير لكم‏{‏ أي والصيام خير لكم‏.‏ وكذا قرأ أبيّ، أي من الإفطار مع الفدية وكان هذا قبل النسخ‏.‏ وقيل‏{‏وأن تصوموا‏}‏ في السفر والمرض غير الشاق واللّه أعلم‏.‏ وعلى الجملة فإنه يقتضي الحض على الصوم، أي فاعلموا ذلك وصوموا.

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 11:54


الآية 208 من سورة البقرة


يا أيها الذين آمنوا Line0410
يا أيها الذين آمنوا Line0411
يا أيها الذين آمنوا Line0412
يا أيها الذين آمنوا Line0413


تفسير ابن كثير



يأمر اللّه تعالى عباده المؤمنين به، المصدقين برسوله، أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك. قال العوفي عن ابن عباس: {ادخلو في السلم} يعني الإسلام، وقال الضحّاك وأبو العالية: يعني الطاعة، وقوله {كافة} قال ابن عباس وأبو العالية وعكرمة: جميعاً، وقال مجاهد: أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر.
ومن المفسرين من يجعل قوله تعالى {كافة} حالاً من الداخلين، أي ادخلوا الإسلام كلكم، والصحيح الأول وهو أنهم أمروا كلهم أن يعملوا بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام، وهي كثيرة جداً ما استطاعوا منها، كما قال عكرمة عن ابن عباس: {يا أيها الذين آمنوا ادخلو في السلم كافة} يعني مؤمنين أهل الكتاب، فإنهم كانوا مع الإيمان باللّه مستمسكين ببعض أمور التوراة والشرائع التي أُنزلت فيهم، فقال اللّه: {ادخلو في السلم كافة} يقول: ادخلوا في شرائع دين محمد صلى اللّه عليه وسلم ولا تدعوا منها شيئاً، وحسبكم الإيمان بالتوراة وما فيها.
وقوله تعالى: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} أي اعملوا بالطاعات، واجتنبوا ما يأمركم به الشيطان فـ {إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، و{إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}، ولهذا قال: {إنه لكم عدو مبين} وقوله: {فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات} أي عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحجج، فاعلموا أن الله {عزيز} أي في انتقامه لا يفوته هارب ولا يغلبه غالب، {حكيم} في أحكامه ونقضه وإبرامه، ولهذا قال أبو العالية وقتادة: عزيز في نقمته، حكيم في أمره. وقال محمد بن إسحاق: العزيز في نصره ممن كفر به إذا شاء، الحكيم في عذره وحجته إلى عباده.



تفسير القرطبي



لما بين الله سبحانه الناس إلى مؤمن وكافر ومنافق فقال : كونوا على ملة واحدة، واجتمعوا على الإسلام واثبتوا عليه. فالسلم هنا بمعنى الإسلام، قال مجاهد، ورواه أبو مالك عن ابن عباس. ومنه قول الشاعر الكندي :
دعوت عشيرتي للسلم لما ** رأيتهم تولوا مدبرينا
أي إلى الإسلام لما ارتدت كندة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مع الأشعث بن قيس الكندي، ولأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالدخول في المسالمة التي هي الصلح، وإنما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجنح للسلم إذا جنحوا له، وأما أن يبتدئ بها فلا، قاله الطبري. وقيل : أمر من آمن بأفواههم أن يدخلوا فيه بقلوبهم. وقال طاوس ومجاهد : ادخلوا في أمر الدين. سفيان الثوري : في أنواع البر كلها. وقرئ {السلم} بكسر السين.
قال الكسائي : السِّلم والسَّلم بمعنى واحد، وكذا هو عند أكثر البصريين، وهما جميعا يقعان للإسلام والمسالمة. وفرق أبو عمرو بن العلاء بينهما، فقرأ ههنا {ادخلوا في السلم} وقال هو الإسلام. وقرأ التي في الأنفال والتي في سورة محمد صلى الله عليه وسلم {السلم} بفتح السين، وقال : هي بالفتح المسالمة. وأنكر المبرد هذه التفرقة. وقال عاصم الجحدري : السلم الإسلام، والسلم الصلح، والسلم الاستسلام. وأنكر محمد بن يزيد هذه التفريقات وقال : اللغة لا تؤخذ هكذا، وإنما تؤخذ بالسماع لا بالقياس، ويحتاج من فرق إلى دليل. وقد حكى البصريون : بنو فلان سِلم وسَلْم وسَلَم، بمعنى واحد. قال الجوهري : والسلم الصلح، يفتح ويكسر، ويذكر ويؤنث، وأصله من الاستسلام والانقياد، ولذلك قيل للصلح : سلم. قال زهير :
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعا ** بمال ومعروف من الأمر نسلم
ورجح الطبري حمل اللفظة على معنى الإسلام بما تقدم. وقال حذيفة بن اليمان في هذه الآية : الإسلام ثمانية أسهم، الصلاة سهم، والزكاة سهم، والصوم سهم، والحج سهم، والعمرة سهم، والجهاد سهم، والأمر بالمعروف سهم، والنهي عن المنكر سهم، وقد خاب من لا سهم له في الإسلام. وقال ابن عباس : (نزلت الآية في أهل الكتاب، والمعنى: يا أيها الذين آمنوا بموسى وعيسى ادخلوا في الإسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم كافة). وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار). و(كافة) معناه جميعا، فهو نصب على الحال من السلم أو من ضمير المؤمنين، وهو مشتق من قولهم : كففت أي منعت، أي لا يمتنع منكم أحد من الدخول في الإسلام. والكف المنع، ومنه كفة القميص - بالضم - لأنها تمنع الثوب من الانتشار، ومنه كفة الميزان - بالكسر - التي تجمع الموزون وتمنعه أن ينتشر، ومنه كف الإنسان الذي يجمع منافعه ومضاره، وكل مستدير كفة، وكل مستطيل كفة. ورجل مكفوف البصر، أي منع عن النظر، فالجماعة تسمى كافة لامتناعهم عن التفرق. {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} (ولا تتبعوا) نهي. (خطوات الشيطان) مفعول، وقد تقدم. وقال مقاتل : استأذن عبد الله بن سلام وأصحابه بأن يقرؤوا التوراة في الصلاة، وأن يعملوا ببعض ما في التوراة، فنزلت. {ولا تتبعوا خطوات الشيطان} فإن اتباع السنة أولى بعدما بعث محمد صلى الله عليه وسلم من خطوات الشيطان. وقيل : لا تسلكوا الطريق الذي يدعوكم إليه الشيطان. {إنه لكم عدو مبين} ظاهر العداوة، وقد تقدم.



تفسير الجلالين


ونزل في عبد الله بن سلام وأصحابه لما عظموا السبت وكرهوا الإبل بعد الإسلام { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السَّلم } بفتح السين وكسرها الإسلام { كافة } حال من السلم أي في جميع شرائعه { ولا تتبعوا خطوات } طرق { الشيطان } أي تزيينه بالتفريق { إنه لكم عدو مبين } بيِّن العداوة .


_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 12:10


الآية 254 من سورة البقرة


يا أيها الذين آمنوا Line0610
يا أيها الذين آمنوا Line0611
يا أيها الذين آمنوا Line0612


تفسير ابن كثير



يأمر تعالى عباده بالإنفاق مما رزقهم في سبيله سبيل الخير، ليدخروا ثواب ذلك عند ربهم ومليكهم، وليبادروا إلى ذلك في هذه الحياة الدنيا {من قبل أن يأتي يوم} يعني يوم القيامة {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} أي لا يباع أحد من نفسه ولا يفادى بمال ولو بذله، ولو جاء بملء الأرض ذهباً، ولا تنفعه خلة أحد يعني صداقته بل ولا نسابته كما قال: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون} ولا شفاعة: أي ولا تنفعهم شفاعة الشافعين.
وقوله تعالى: {والكافرون هم الظالمون} مبتدأ محصور في خبره، أي ولا ظالم أظلم ممن وافى اللّه يومئذ كافراً. وقد روي عن عطاء بن دينار أنه قال: الحمد للّه الذي قال: {والكافرون هم الظالمون} ولم يقل {والظالمون هم الكافرون} .




تفسير القرطبي



قال الحسن: هي الزكاة المفروضة. وقال ابن جريج وسعيد بن جبير: هذه الآية تجمع الزكاة المفروضة والتطوع. قال ابن عطية: وهذا صحيح، ولكن ما تقدم من الآيات في ذكر القتال وأن الله يدفع بالمؤمنين في صدور الكافرين يترجح منه أن هذا الندب إنما هو في سبيل الله، ويقوى ذلك في آخر الآية قوله {والكافرون هم الظالمون} أي فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق الأموال.
قلت: وعلى هذا التأويل يكون إنفاق الأموال مرة واجبا ومرة ندبا بحسب تعين الجهاد وعدم تعينه. وأمر تعالى عباده بالإنفاق مما رزقهم الله وأنعم به عليهم وحذرهم من الإمساك إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك نفقة، كما قال {فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق} [المنافقين : 10]. والخلة : خالص المودة، مأخوذة من تخلل الأسرار بين الصديقين. والخِلالة والخَلالة والخُلالة : الصداقة والمودة، قال الشاعر :
وكيف تواصل من أصبحت ** خلالته كأبي مرحب
وأبو مرحب كنية الظل، ويقال : هو كنية عرقوب الذي قيل فيه : مواعيد عرقوب. والخلة بالضم أيضا : ما خلا من النبت، يقال : الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها. والخلة بالفتح : الحاجة والفقر. والخلة : ابن مخاض، عن الأصمعي. يقال : أتاهم بقرص كأنه فرسن خلة. والأنثى خلة أيضا. ويقال للميت : اللهم أصلح خلته، أي الثلمة التي ترك. والخلة : الخمرة الحامضة. والخلة (بالكسر) : واحدة خلل السيوف، وهي بطائن كانت تغشى بها أجفان السيوف منقوشة بالذهب وغيره، وهي أيضا سيور تلبس ظهر سِيَتي القوس. والخلة أيضا : ما يبقى بين الأسنان. وسيأتي في "النساء" اشتقاق الخليل ومعناه. فأخبر الله تعالى ألا خلة في الآخرة ولا شفاعة إلا بإذن الله. وحقيقتها رحمة منه تعالى شرف بها الذي أذن له في أن يشفع. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة} بالنصب من غير تنوين، وكذلك في سورة "إبراهيم" {لا بيع فيه ولا خلال} [إبراهيم : 31] وفي "الطور" {لا لغو فيها ولا تأثيم} [الطور : 23] وأنشد حسان بن ثابت :
ألا طعانَ ولا فرسانَ عاديةٌ ** إلا تجشُّؤكم عند التنانير
وألف الاستفهام غير مغيرة عمل "لا" كقولك : ألا رجل عندك، ويجوز ألا رجل ولا امرأة كما جاز في غير الاستفهام فاعلمه. وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين، كما قال الراعي :
وما صرمتك حتى قلت معلنة ** لا ناقة لي في هذا ولا جمل
ويروى "وما هجرتك" فالفتح على النفي العام المستغرق لجميع الوجوه من ذلك الصنف، كأنه جواب لمن قال : هل فيه من بيع ؟ فسأل سؤالا عاما فأجيب جوابا عاما بالنفي. و"لا" مع الاسم المنفى بمنزلة اسم واحد في موضع رفع بالابتداء، والخبر "فيه". وإن شئت جعلته صفة ليوم، ومن رفع جمله "لا" بمنزلة ليس. وجعل الجواب غير عام، وكأنه جواب من قال : هل فيه بيع ؟ بإسقاط من، فأتى الجواب غير مغير عن رفعه، والمرفوع مبتدأ أو اسم ليس و"فيه" الخبر. قال مكي : والاختيار الرفع؛ لأن أكثر القراء عليه، ويجوز في غير القرآن لا بيع فيه ولا خلة، وأنشد سيبويه لرجل من مذحج :
هذا لعمركم الصغار بعينه ** لا أم لي إن كان ذاك ولا أب
ويجوز أن تبني الأول وتنصب الثاني وتنونه فتقول : لا رجل فيه ولا امرأة، وأنشد سيبويه :
لا نسب اليوم ولا خلة ** اتسع الخرق على الراقع
ف "لا: زائدة في الموضعين، الأول عطف على الموضع والثاني على اللفظ ووجه خامس أن ترفع الأول وتبني الثاني كقولك : لا رجل فيها ولا امرأة، قال أمية :
فلا لغو ولا تأثيم فيها** وما فاهوا به أبدا مقيم
وهذه الخمسة الأوجه جائزة في قولك : لا حول ولا قوة إلا بالله، وقد تقدم هذا والحمد لله. {والكافرون} ابتداء. {هم} ابتداء ثان، {الظالمون} خبر الثاني، وإن شئت كانت {هم} زائدة للفصل و{الظالمون} خبر {الكافرون}. قال عطاء بن دينار : والحمد لله الذي قال{والكافرون هم الظالمون} ولم يقل والظالمون هم الكافرون.



تفسير الجلالين


{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم } زكاته { من قبل أن يأتي يوم لا بيْعٌ } فداء { فيه ولا خُلَّة } صداقة تنفع { ولا شَفَاعَةَ } بغير إذنه وهو يوم القيامة وفي قراءة برفع الثلاثة { والكافرون } بالله أو بما فرض عليهم { هم الظالمون } لوضعهم أمر الله في غير محله .


_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالإثنين 27 يوليو 2009 - 12:34


الآية 264 من سورة البقرة



يا أيها الذين آمنوا Line0613
يا أيها الذين آمنوا Line0614
يا أيها الذين آمنوا Line0615
يا أيها الذين آمنوا Line0616
يا أيها الذين آمنوا Line0617


تفسير ابن كثير



يمدح تبارك وتعالى الذين ينفقون في سبيله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات مَنَّا على من أعطوه فلا يمنُّون به على أحد، ولا يمنون به لا بقول ولا فعل.
وقوله تعالى: {ولا أذى} أي لا يفعلون مع من أحسنوا إليه مكروهاً يحبطون به ما سلف من الإحسان ثم وعدهم اللّه تعالى الجزاء الجزيل على ذلك، فقال: {لهم أجرهم عند ربهم} أي ثوابهم على اللّه لا على أحد سواه، {ولا خوف عليهم} أي فيما يستقبلونه من أهوال يوم القيامة، {ولا هم يحزنون} أي على ما خلفوه من الأولاد، ولا ما فاتهم من الحياة الدنيا وزهرتها، لا يأسفون عليها لأنهم قد صاروا إلى ما هو خير لهم من ذلك.
ثم قال تعالى: {قول معروف} أي من كلمة طيبة ودعاء لمسلم، {ومغفرة} أي عفو وغفر عن ظلم قولي أو فعلي، {خير من صدقة يتبعها أذى}، {واللّه غني} عن خلقه، {حليم} أي يحلم ويغفر ويصفح ويتجاوز عنهم، وقد وردت الأحاديث بالنهي عن المن في الصدقة، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم : (ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المنّان بما أعطى، والمسبل إزاره، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) وعن أبي الدرداء، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا مدمن خمر، ولا مكذب بقدر) ""رواه ابن مردويه وأخرجه أحمد وابن ماجة ""ولهذا قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}، فأخبر أن الصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى، فما يفي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى، ثم قال تعالى: {كالذي ينفق ماله رئاء الناس}، أي لا تبطلوا صدقاتكم بالمن الأذى، كما تبطل صدقة من راءى بها الناس، فأظهر لهم أنه يريد وجه اللّه وإنما قصده مدح الناس له، أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس، أو يقال إنه كريم، ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية، مع قطع نظره عن معاملة اللّه تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه، ولهذا قال: {ولا يؤمن باللّه واليوم الآخر}.
ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي بإنفاقه، فقال: {فمثل كمثل صفوان} وهو الصخر الأملس {عليه تراب فأصابه وابل} وهو المطر الشديد، {فتركه صلداً} أي فترك الوابلُ ذلك الصفوانَ صلداً: أي أملس يابساً، أي لا شيء عليه من ذلك التراب، بل قد ذهب كله، أي وكذلك أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند اللّه، وإن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس كالتراب ولهذا قال: {لا يقدرون على شيء مما كسبوا واللّه لا يهدي القوم الكافرين}.



تفسير القرطبي



فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى {بالمن والأذى} قد تقدم معناه. وعبر تعالى عن عدم القبول وحرمان الثواب بالإبطال، والمراد الصدقة التي يمن بها ويؤذي، لا غيرها. والعقيدة أن السيئات لا تبطل الحسنات ولا تحبطها، فالمن والأذى في صدقة لا يبطل صدقة غيرها.
قال جمهور العلماء في هذه الآية : إن الصدقة التي يعلم الله من صاحبها أنه يمن أو يؤذي بها فإنها لا تقبل. وقيل : بل قد جعل الله للملك عليها أمارة فهو لا يكتبها، وهذا حسن. والعرب تقول لما يمن به : يد سوداء. ولما يعطى عن غير مسألة : يد بيضاء. ولما يعطى عن مسألة : يد خضراء. وقال بعض البلغاء : من من بمعروفه سقط شكره، ومن أعجب بعمله حبط أجره. وقال بعض الشعراء :
وصاحب سلفت منه إليَّ يدٌ ** أبطا عليه مكافاتي فعاداني
لما تيقن أن الدهر حاربني ** أبدى الندامة فيما كان أولاني
وقال آخر :
أفسدت بالمن ما أسديت من حسن ** ليس الكريم إذا أسدى بمنان
وقال أبو بكر الوراق فأحسن :
أحسن من كل حسن ** في كل وقت وزمن
صنيعة مربوبة ** خالية من المنن
وسمع ابن سيرين رجلا يقول لرجل : فعلت إليك وفعلت! فقال له : اسكت فلا خير في المعروف، إذا أحصي. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إياكم والامتنان بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر - ثم تلا - {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}).
الثانية: قال علماؤنا رحمة الله عليهم : كره مالك لهذه الآية أن يعطي الرجل صدقته الواجبة أقاربه لئلا يعتاض منهم الحمد والثناء، ويظهر منته عليهم ويكافئوه عليها فلا تخلص لوجه الله تعالى. واستحب أن يعطيها الأجانب، واستحب أيضا أن يولى غيره تفريقها إذا لم يكن الإمام عدلا، لئلا تحبط بالمن والأذى والشكر والثناء والمكافأة بالخدمة من المعطى. وهذا بخلاف صدقة التطوع السر، لأن ثوابها إذا حبط سلم من الوعيد وصار في حكم من لم يفعل، والواجب إذا حبط ثوابه توجه الوعيد عليه لكونه في حكم من لم يفعل.
الثالثة: قوله تعالى {كالذي ينفق ماله رئاء الناس} الكاف في موضع نصب، أي إبطال {كالذي} فهي نعت للمصدر المحذوف. ويجوز أن تكون موضع الحال. مثل الله تعالى الذي يمن ويؤذي بصدقته بالذي ينفق ماله رئاء الناس لا لوجه الله تعالى، وبالكافر الذي ينفق ليقال جواد وليثنى عليه بأنواع الثناء. ثم مثل هذا المنفق أيضا بصفوان عليه تراب فيظنه الظان أرضا منبتة طيبة، فإذا أصابه وابل من المطر أذهب عنه التراب وبقي صلدا، فكذلك هذا المرائي. فالمن والأذى والرياء تكشف عن النية في الآخرة فتبطل الصدقة كما يكشف الوابل عن الصفوان، وهو الحجر الكبير الأملس. وقيل : المراد بالآية إبطال الفضل دون الثواب، فالقاصد بنفقته الرياء غير مثاب كالكافر، لأنه لم يقصد به وجه الله تعالى فيستحق الثواب. وخالف صاحب المن والأذى القاصد وجه الله المستحق ثوابه - وإن كرر عطاءه - وأبطل فضله. وقد قيل : إنما يبطل المن ثواب صدقته من وقت منه وإيذائه، وما قبل ذلك يكتب له ويضاعف، فإذا من وآذى انقطع التضعيف، لأن الصدقة تربى لصاحبها حتى تكون أعظم من الجبل، فإذا خرجت من يد صاحبها خالصة على الوجه المشروع ضوعفت، فإذا جاء المن بها والأذى وقف بههناك وانقطع زيادة التضعيف عنها، والقول الأول أظهر والله أعلم. والصفوان جمع واحده صفوانة، قاله الأخفش. قال : وقال بعضهم : صفوان واحد، مثل حجر. وقال الكسائي : صفوان واحد وجمعه صِفْوان وصُفِي وصِفِي، وأنكره المبرد وقال : إنما صفي جمع صفا كقفا وقفي، ومن هذا المعنى الصفواء والصفا، وقد تقدم. وقرأ سعيد بن المسيب والزهري "صفوان" بتحريك الفاء، وهي لغة. وحكى قطرب صفوان. قال النحاس : صَفْوان وصَفَوان يجوز أن يكون جمعا ويجوز أن يكون واحدا، إلا أن الأولى به أن يكون واحدا لقوله عز وجل {عليه تراب فأصابه وابل} وإن كان يجوز تذكير الجمع إلا أن الشيء لا يخرج عن بابه إلا بدليل قاطع، فأما ما حكاه الكسائي في الجمع فليس بصحيح على حقيقة النظر، ولكن صفوان جمع صفاً، وصفاً بمعنى صفوان، ونظيره ورل وورلان وأخ وإخوان وكرًّا وكروان، كما قال الشاعر :
لنا يوم وللكروان يوم ** تطير البائسات ولا نطير
والضعيف في العربية كِرْوان جمع كَرَوَان، وصُفِي وصِفِي جمع صفا مثل عصا. والوابل : المطر الشديد. وقد وبلت السماء تبل، والأرض موبولة. قال الأخفش : ومنه قوله تعالى {أخذناه أخذا وبيلا} [المزمل : 16] أي شديدا. وضرب وبيل، وعذاب وبيل أي شديد. والصلد : الأملس من الحجارة. قال الكسائي : صَلِد يَصْلَدُ صَلَدا بتحريك اللام فهو صلد بالإسكان، وهو كل ما لا ينبت شيئا، ومنه جبين أصلد، وأنشد الأصمعي لرؤبة :
براق أصلاد الجبين الأجله **
قال النقاش : الأصلد الأجرد بلغة هذيل. ومعنى {لا يقدرون} يعني المرائي والكافر والمان {على شيء} أي على الانتفاع بثواب شيء من إنفاقهم وهو كسبهم عند حاجتهم إليه، إذا كان لغير الله فعبر عن النفقة بالكسب، لأنهم قصدوا بها الكسب. وقيل : ضرب هذا مثلا للمرائي في إبطال ثوابه ولصاحب المن والأذى في إبطال فضله، ذكره الماوردي.



تفسير الجلالين



{ يأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم } أي أجورها { بالمن والأذى } إبطالا { كالذي } أي كإبطال نفقة الذي { ينفق ماله رئاء الناس } مرائيا لهم { ولا يؤمن بالله واليوم الآخر } هو المنافق { فمثله كمثل صفوان } حجر أملس { عليه تراب فأصابه وابل } مطر شديد { فتركه صلدا } صلبا أملس لا شيء عليه { لا يقدرون } استئناف لبيان مثل المنافق المنفق رئاء الناس وجمع الضمير باعتبار معنى الذي { على شيء مما كسبوا } عملوا أي لا يجدون له ثوابا في الآخرة كما لا يوجد على الصفوان شئ من التراب الذي كان عليه لإذهاب المطر له { والله لا يهدى القوم الكافرين } .

_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
PLCMan
Admin
PLCMan


عدد الرسائل : 12366
العمر : 55
العمل/الترفيه : Maintenance manager
تاريخ التسجيل : 02/03/2008

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالسبت 28 نوفمبر 2009 - 12:21



الآية 267 من سورة البقرة


يا أيها الذين آمنوا Line0610
يا أيها الذين آمنوا Line0611
يا أيها الذين آمنوا Line0612
يا أيها الذين آمنوا Line0613
يا أيها الذين آمنوا Line0614


تفسير ابن كثير


يأمر تعالى عباده المؤمنين بالإنفاق والمراد به الصدقة ههنا من طيبات ما رزقهم من الأموال التي اكتسبوها، يعني التجارة بتيسيره إياها لهم، وقال علي والسدي: {من طيبات ما كسبتم} يعني الذهب والفضة، ومن الثمار والزروع التي أنبتها لهم من الأرض، قال ابن عباس: أمرهم بالإنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه فإن اللّه طيب لا يقبل إلا طيباً، ولهذا قال: {ولا تيمموا الخبيث} أي تقصدوا الخبيث، {منه تنفقون ولستم بآخذيه}: أي لو أعطيتموه ما أخذتموه إلا أن تتغاضوا فيه، فاللّه أغنى منكم فلا تجعلوا للّه ما تكرهون، وقيل معناه: لا تعدلوا عن المال الحلال وتقصدوا إلى الحرام فتجعلوا نفقتكم منه. وعن عبد اللّه بن مسعود قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (إن اللّه قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم، وإن اللّه يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب، فمن أعطاه اللّه الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده لا يُسْلم عبد حتى يسلم قلبُه ولسانه، ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه - قالوا: وما بوائقه يا نبي اللّه؟ قال: غشه وظلمه - ولا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن اللّه لا يمحو السئ بالسيئ ولكن يمحو السئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث) ""رواه الإمام أحمد عن عبد اللّه بن مسعود مرفوعاً"" قال ابن كثير: والصحيح القول الأول.
قال ابن جرير رحمه اللّه: عن البراء بن عازب رضي اللّه عنه في قول اللّه: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} الآية، قال نزلت في الأنصار، كات الأنصار إذا كانت أيام جذاذ النخل أخرجت من حيطانها البسر فعلقوه على حبل بين الأسطوانتين في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيأكل فقراء المهاجرين منه، فيعمد الرجل منهم إلى الحشف فيدخله مع أقناء البسر يظن أن ذلك جائز، فانزل اللّه فيمن فعل ذلك: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} ""أخرجه ابن ماجة والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين"" وقال ابن ابي حاتم: عن البراء رضي الله عنه {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} قال: نزلت فينا؛ كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلته، فيأتي الرجل بالقنو فيعلقه في المسجد، وكان أهل الصفّة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع جاء فضربه بعصاه فسقط منه البسر والتمر، فيأكل وكان أناس ممن لا يرغبون في الخير يأتي بالقنو الحشف والشيص، فيأتي بالقنو قد انكسر فيعلقه فنزلت: {ولا تَيَمَّموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} قال: لو أن أحدكم أهدي له مثل ما أعطى ما أخذ إلا على إغماض وحياء، فكنا بعد ذلك يجيء الرجل منا بصالح ما عنده ""رواه ابن أبي حاتم والترمذي، وقال الترمذي: حسن غريب""
وعن عبد اللّه بن مغفل في هذه الآية {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} قال: كسب المسلم لا يكون خبيثاً، ولكن لا يصَّدق بالحشف والدرهم الزيف وما لا خير فيه""رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن مغفل""، وقال الإمام أحمد عن عائشة قالت: أتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بضب فلم يأكله ولم ينه عنه قلت: يا رسول اللّه نطعمه المساكين؟ قال: (لا تطعموهم مما لا تأكلون). وعن البراء {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: لو كان لرجل على رجل فأعطاه ذلك لم يأخذه إلا أن يرى أنه قد نقصه من حقه؟ ""رواه ابن جرير عن البراء بن عازب""، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول: لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم، وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفَسه؟.
وقوله تعالى: {واعلموا أن اللّه غني حميد} أي وإن أمركم بالصدقات وبالطيب منها فهو غني عنها، وما ذاك إلا أن يساوي الغني الفقير، كقوله: {لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} وهو غني عن جميع خلقه، وجميع خلقه فقراء إليه. وهو واسع الفضل لا ينفد ما لديه، فمن تصدق بصدقة من كسب طيب فليعلم أن اللّه غني واسع العطاء كريم؛ جواد، وسيجزيه بها ويضاعفها له أضعافاً كثيرة، من يقرض غير عديم ولا ظلوم، وهو الحميد: أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره، لا إله إلا هو ولا رب سواه.
وقوله تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء واللّه يعدكم مغفرة منه وفضلاً واللّه واسع عليم}، قال ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن مسعود قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (إن للشيطان لمة بابن آدم وللمَلك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من اللّه فليحمد اللّه، ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان) ثم قرأ: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء واللّه يعدكم مغفرة منه وفضلاً} ""رواه ابن أابي حاتم والترمذي والنسائي وابن حبان""الآية. ومعنى قوله تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر} أي يخوفكم الفقر لتمسكوا ما بأيديكم فلا تنفقوه في مرضاة اللّه، {ويأمركم بالفحشاء}: أي مع نهيه إياكم عن الإنفاق خشية الإملاق، يأمركم بالمعاصي والمآثم والمحارم ومخالفة الخلّاق، قال تعالى: {والّه يعدكم مغفرة منه} أي في مقابلة ما أمركم الشيطان بالفحشاء، {وفضلاً} أي في مقابلة ما خوفكم الشيطان من الفقر {واللّه واسع عليم}.
وقوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}، قال ابن عباس: يعني المعرفة بالقرآن ناسخة ومنسوخة ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخرة وحلاله وحرامه وأمثاله. وقال مجاهد: {الحكمة} ليست بالنبوة ولكنه العلم والفقه والقرآن، وقال أبو العالية: الحكمة خشية اللّه، فإن خشية اللّه رأس كل حكمة، وقد روى ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعاً: (رأس الحكمة مخافة اللّه)، وقال أبو مالك: الحكمة السنّة. وقال زيد بن أسلم: الحكمة العقل. قال مالك: وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هو الفقه في دين اللّه، وأمر يدخله في القلوب من رحمته وفضله، ومما يبيّن ذلك أنك تجد الرجل عاقلاً في أمر الدنيا إذا نظر فيها، وتجد آخر ضعيفاً في أمر دنياه عالماً بأمر دينه بصيراً به، يؤتيه اللّه إياه ويحرمه هذا، فالحكمة: الفقه في دين اللّه. وقال السُّدي: الحكمة النبوة. والصحيح أن الحكمة لا تختص بالنبوة بل هي أعم منها وأعلاها النبوة، والرسالة أخص، ولكن لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع، كما جاء في بعض الأحاديث: (من حفظ القرآن فقد أدرجت النبوة بين كتفيه غير أنه لا يوحى إليه) ""رواه وكيع بن الجراح في تفسيره عن عبد اللّه بن عمر ""وقال صلى اللّه عليه وسلم : (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه اللّه مالاً فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه اللّه الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) ""رواه البخاري ومسلم والنسائي""
وقوله تعالى: {وما يذكر إلا أولو الألباب} أي وما ينتفع بالموعظة والتذكار إلا من له لب وعقل، يعي به الخطاب ومعنى الكلام.




تفسير القرطبي


فيه إحدى عشرة مسألة:

الأولى: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا} هذا خطاب لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. واختلف العلماء في المعنى المراد بالإنفاق هنا، فقال علي بن أبي
طالب وعبيدة السلماني وابن سيرين : هي الزكاة المفروضة، نهى الناس عن إنفاق الرديء فيها بدل الجيد. قال ابن عطية : والظاهر من قول البراء بن عازب والحسن وقتادة أن الآية في التطوع، ندبوا إلى ألا يتطوعوا إلا بمختار جيد. والآية تعم الوجهين، لكن صاحب الزكاة تعلق بأنها مأمور بها والأمر على الوجوب، وبأنه نهى عن الرديء وذلك مخصوص بالفرض، وأما التطوع فكما للمرء أن يتطوع بالقليل فكذلك له أن يتطوع بنازل في القدر، ودرهم خير من تمرة. تمسك أصحاب الندب بأن لفظة افْعَلْ صالح للندب صلاحيته للفرض، والرديء منهي عنه في النقل كما هو منهي عنه في الفرض، والله أحق من اختير له. وروى البراء أن رجلا علق قِنْوَ حَشَف، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (بئسما علق) فنزلت الآية، خرجه الترمذي وسيأتي بكماله. والأمر على هذا القول على الندب، ندبوا إلى ألا يتطوعوا إلا بجيد مختار. وجمهور المتأولين قالوا : معنى {من طيبات} من جيد ومختار {ما كسبتم}. وقال ابن زيد : من حلال {ما كسبتم}.
الثانية: الكسب يكون بتعب بدن وهي الإجارة وسيأتي حكمها، أو مقاولة في تجارة وهو البيع وسيأتي بيانه. والميراث داخل في هذا، لأن غير الوارث قد كسبه. قال سهل بن عبد الله : وسئل ابن المبارك عن الرجل يريد أن يكتسب وينوي باكتسابه أن يصل به الرحم وأن يجاهد ويعمل الخيرات ويدخل في آفات الكسب لهذا الشأن. قال : إن كان معه قوام من العيش بمقدار ما يكف نفسه عن الناس فترك هذا أفضل، لأنه إذا طلب حلالا وأنفق في حلال سئل عنه وعن وكسبه وعن إنفاقه، وترك ذلك زهد فإن الزهد في ترك الحلال.
الثالثة: قال ابن خويز منداد : ولهذه الآية جاز للوالد أن يأكل من كسب ولده، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أولادكم من طيب أكسابكم فكلوا من أموال أولادكم هنيئا).
الرابعة: قوله تعالى {ومما أخرجنا لكم من الأرض} يعني النبات والمعادن والركاز، وهذه أبواب ثلاثة تضمنتها هذه الآية. أما النبات فروى الدارقطني عن عائشة رضي الله عنها قالت : جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس فيما دون خمسة أوسق زكاة). والوَسْق ستون صاعا، فذلك ثلاثمائة صاع من الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وليس فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاة. وقد احتج قوم لأبي حنيفة بقول الله تعالى{ومما أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة : 267] وإن ذلك عموم في قليل ما تخرجه الأرض وكثيره وفي سائر الأصناف، ورأوا ظاهر الأمر الوجوب. وسيأتي بيان هذا في "الأنعام" مستوفى. وأما المعدن فروى الأئمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (العجماء جرحها جُبَار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس). قال علماؤنا : لما قال صلى الله عليه وسلم : (وفي الركاز الخمس) دل على أن الحكم في المعادن غير الحكم في الركاز، لأنه صلى الله عليه وسلم قد فصل بين المعادن والركاز بالواو الفاصلة، ولو كان الحكم فيهما سواء لقال والمعدن جبار وفيه الخمس، فلما قال (وفي الركاز الخمس) علم أن حكم الركاز غير حكم المعدن فيما يؤخذ منه، والله أعلم.
والركاز أصله في اللغة ما ارتكز بالأرض من الذهب والفضة والجواهر، وهو عند سائر الفقهاء كذلك، لأنهم يقولون في الندرة التي توجد في المعدن مرتكزة بالأرض لا تنال بعمل ولا بسعي ولا نصب، فيها الخمس، لأنها ركاز. وقد روى عن مالك أن الندرة في المعدن حكمها حكم ما يتكلف فيه العمل مما يستخرج من المعدن في الركاز، والأول تحصيل مذهبه وعليه فتوى جمهور الفقهاء. وروى عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الركاز قال : (الذهب الذي خلق الله في الأرض يوم خلق السماوات والأرض). عبد الله بن سعيد هذا متروك الحديث، ذكر ذلك ابن أبي حاتم. وقد روى من طريق أخرى عن أبي هريرة ولا يصح، ذكره الدارقطني. ودفن الجاهلية لأموالهم عند جماعة العلماء ركاز أيضا لا يختلفون فيه إذا كان دفنه قبل الإسلام من الأموال العادية، وأما ما كان من ضرب الإسلام فحكمه عندهم حكم اللقطة.
الخامسة: واختلفوا في حكم الركاز إذا وجد، فقال مالك : ما وجد من دفن الجاهلية في أرض العرب أو في فيافي الأرض التي ملكها المسلمون بغير حرب فهو لواجده وفيه الخمس، وأما ما كان في أرض الإسلام فهو كاللقطة. قال : وما وجد من ذلك في أرض العنوة فهو للجماعة الذين افتتحوها دون واجده، وما وجد من ذلك في أرض الصلح فإنه لأهل تلك البلاد دون الناس، ولا شيء للواجد فيه إلا أن يكون من أهل الدار فهو له دونهم. وقيل : بل هو لجملة أهل الصلح. قال إسماعيل : وإنما حكم للركاز بحكم الغنيمة لأنه مال كافر وجده مسلم فأنزل منزلة من قاتله وأخذ ماله، فكان له أربعة أخماسه. وقال ابن القاسم : كان مالك يقول في العروض والجواهر والحديد والرصاص ونحوه يوجد ركازا : إن فيه الخمس ثم رجع فقال : لا أرى فيه شيئا، ثم آخر ما فارقناه أن قال : فيه الخمس. وهو الصحيح لعموم الحديث وعليه جمهور الفقهاء. وقال أبو حنيفة ومحمد في الركاز يوجد في الدار : إنه لصاحب الدار دون الواجد وفيه الخمس. وخالفه أبو يوسف فقال : إنه للواجد دون صاحب الدار، وهو قول الثوري : وان وجد في الفلاة فهو للواجد في قولهم جميعا وفيه الخمس. ولا فرق عندهم بين أرض الصلح وأرض العنوة، وسواء عندهم أرض العرب وغيرها، وجائز عندهم لواجده أن يحتبس الخمس لنفسه إذا كان محتاجا وله أن يعطيه للمساكين. ومن أهل المدينة وأصحاب مالك من لا يفرق بين شيء من ذلك وقالوا : سواء وجد الركاز في أرض العنوة أو في أرض الصلح أو أرض العرب أو أرض الحرب إذا لم يكن ملكا لأحد ولم يدعه أحد فهو لواجده وفيه الخمس على عموم ظاهر الحديث، وهو قول الليث وعبد الله بن نافع والشافعي وأكثر أهل العلم.
السادسة: وأما ما يوجد من المعادن ويخرج منها فاختلف فيه، فقال مالك وأصحابه : لا شيء فيما يخرج من المعادن من ذهب أو فضة حتى يكون عشرين مثقالا ذهبا أو خمس أواق فضة، فإذا بلغتا هذا المقدار وجبت فيهما الزكاة، وما زاد فبحساب ذلك ما دام في المعدن نيل، فإن انقطع ثم جاء بعد ذلك نيل آخر فإنه تبتدأ فيه الزكاة مكانه. والركاز عندهم بمنزلة الزرع تؤخذ منه الزكاة في حينه ولا ينتظر به حولا. قال سحنون في رجل له معادن : إنه لا يضم ما في واحد منها إلى غيرها ولا يزكى إلا عن مائتي درهم أو عشرين دينارا في كل واحد. وقال محمد بن مسلمة : يضم بعضها إلى بعض ويزكى الجميع كالزرع. وقال أبو حنيفة وأصحابه : المعدن كالركاز، فما وجد في المعدن من ذهب أو فضة بعد إخراج الخمس اعتبر كل واحد منهما، فمن حصل بيده ما تجب فيه الزكاة زكاه لتمام الحول إن أتى عليه حول وهو نصاب عنده، هذا إذا لم يكن عنده ذهب أو فضة وجبت فيه الزكاة. فإن كان عنده من ذلك ما تجب فيه الزكاة ضمه إلى ذلك وزكاه. وكذلك عندهم كل فائدة تضم في الحول إلى النصاب من جنسها وتزكى لحول الأصل، وهو قول الثوري. وذكر المزني عن الشافعي قال : وأما الذي أنا واقف فيه فما يخرج من المعادن. قال المزني : الأولى به على أصله أن يكون ما يخرج من المعدن فائدة يزكى بحوله بعد إخراجه. وقال الليث بن سعد : ما يخرج من المعادن من الذهب والفضة فهو بمنزلة الفائدة يستأنف به حولا، وهو قول الشافعي فيما حصله المزني من مذهبه، وقال به داود وأصحابه إذا حال عليها الحول عند مالك صحيح الملك لقوله صلى الله عليه وسلم : (من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول) أخرجه الترمذي والدارقطني. واحتجوا أيضا بما رواه عبد الرحمن بن أنعم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى قوما من المؤلفة قلوبهم ذهيبة في تربتها، بعثها علي رضي الله عنه من اليمن. قال الشافعي : والمؤلفة قلوبهم حقهم في الزكاة، فتبين بذلك أن المعادن سنتها سنة الزكاة. وحجة مالك حديث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة. وهذا حديث منقطع الإسناد لا يحتج بمثله أهل الحديث، ولكنه عمل يعمل به عندهم في المدينة. ورواه الدراوردي عن ربيعة عن الحارث بن بلال المزني عن أبيه. ذكره البزار، ورواه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية جلسيها وغوريها. وحيث يصلح للزرع من قدس ولم يعطه حق مسلم، ذكره البزار أيضا، وكثير مجمع على ضعفه. هذا حكم ما أخرجته الأرض، وسيأتي في سورة "النحل" حكم ما أخرجه البحر إذ هو قسيم الأرض. ويأتي في "الأنبياء" معنى قوله عليه السلام : (العجماء جرحها جبار) كل في موضعه إن شاء الله تعالى.
السابعة: قوله تعالى {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} تيمموا معناه تقصدوا، وستأتي الشواهد من أشعار العرب في أن التيمم القصد في "النساء" إن شاء الله تعالى. ودلت الآية على أن المكاسب فيها طيب وخبيث. وروى النسائي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف في الآية التي قال الله تعالى فيها {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} قال : هو الجعرور ولون حبيق، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذا في الصدقة. وروى الدارقطني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة فجاء رجل من هذا السُّحَّل بكبائس قال سفيان : يعني الشيص - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من جاء بهذا) ؟ وكان لا يجيء أحد بشيء إلا نسب إلى الذي جاء به. فنزلت {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون}. قال : ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة - قال الزهري : لونين من تمر المدينة - وأخرجه الترمذي من حديث البراء وصححه، وسيأتي. وحكى الطبري والنحاس أن في قراءة عبد الله {ولا تأمموا} وهما لغتان. وقرأ مسلم بن جندب "ولا تيمموا" بضم التاء وكسر الميم. وقرأ ابن كثير "تيمموا" بتشديد التاء. وفي اللفظة لغات، منها "أممت الشيء" مخففة الميم الأولى و"أممته" بشدها، و"يممته وتيممته". وحكى أبو عمرو أن ابن مسعود قرأ "ولا تؤمموا" بهمزة بعد التاء المضمومة.
الثامنة: قوله تعالى {منه تنفقون} قال الجرجاني في كتاب "نظم القرآن" : قال فريق من الناس : إن الكلام تم في قوله تعالى {الخبيث} ثم ابتدأ خبرا آخر في وصف الخبيث فقال{منه تنفقون} وأنتم لا تأخذونه إلا إذا أغمضتم أي تساهلتم، كأن هذا المعنى عتاب للناس وتقريع. والضمير في {منه} عائد على الخبيث وهو الدون والرديء. قال الجرجاني : وقال فريق آخر : الكلام متصل إلى قوله {منه}، فالضمير في {منه} عائد على {ما كسبتم} ويجيء {تنفقون} كأنه في موضع نصب على الحال، وهو كقولك : أنا أخرج أجاهد في سبيل الله.
العاشرة: قوله تعالى {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} أي لستم بآخذيه في ديونكم وحقوقكم من الناس إلا أن تتساهلوا في ذلك وتتركوا من حقوقكم، وتكرهونه ولا ترضونه. أي فلا تفعلوا مع الله ما لا ترضونه لأنفسكم، قال معناه البراء بن عازب وابن عباس والضحاك. وقال الحسن : معنى الآية : ولستم بآخذيه ولو وجدتموه في السوق يباع إلا أن يهضم لكم من ثمنه. وروي نحوه عن علي رضي الله عنه. قال ابن عطية : وهذان القولان يشبهان كون الآية في الزكاة الواجبة. قال ابن العربي : لو كانت في الفرض لما قال {ولستم بآخذيه} لأن الرديء والمعيب لا يجوز أخذه في الفرض بحال، لا مع تقدير الإغماض ولا مع عدمه، وإنما يؤخذ مع عدم إغماض في النفل. وقال البراء بن عازب أيضا معناه {ولستم بآخذيه} لو أهدى لكم {إلا أن تغمضوا فيه} أي تستحي من المهدي فتقبل منه ما لا حاجة لك به ولا قدر له في نفسه. قال ابن عطية : وهذا يشبه كون الآية في التطوع. وقال ابن زيد : ولستم بآخذي الحرام إلا أن تغمضوا في مكروهه.
العاشرة: قوله تعالى {إلا أن تغمضوا فيه} كذا قراءة الجمهور، من أغمض الرجل في أمر كذا إذا تساهل فيه ورضي ببعض حقه وتجاوز، ومن ذلك قول الطرماح :
لم يفتنا بالوتر قوم وللذ ** ل أناس يرضون بالإغماض
وقد يحتمل أن يكون منتزعا إما من تغميض العين، لأن الذي يريد الصبر على مكروه يغمض عينيه - قال :
إلى كم وكم أشياء منك تريبني ** أغمض عنها لست عنها بذي عمى
وهذا كالإغضاء عند المكروه. وقد ذكر النقاش هذا المعنى في هذه الآية - وأشار إليه مكي - وإما من قول العرب : أغمض الرجل إذا أتى غامضا من الأمر، كما تقول : أعمن أي أتى عمان، وأعرق أي أتى العراق، وأنجد وأغور أي أتى نجدا والغور الذي هو تهامة، أي فهو يطلب التأويل على أخذه. وقرأ الزهري بفتح التاء وكسر الميم مخففا، وعنه أيضا. "تغمضوا" بضم التاء وفتح الغين وكسر الميم وشدها. فالأولى على معنى تهضموا سومها من البائع منكم فيحطكم. والثانية، وهى قراءة قتادة فيما ذكر النحاس، أي تأخذوا بنقصان. وقال أبو عمرو الداني : معنى قراءتي الزهري حتى تأخذوا بنقصان. وحكى مكي عن الحسن "إلا أن تغمضوا" مشددة الميم مفتوحة. وقرأ قتادة أيضا "تغمضوا" بضم التاء وسكون الغين وفتح الميم مخففا. قال أبو عمرو الداني : معناه إلا أن يغمض لكم، وحكاه النحاس عن قتادة نفسه. وقال ابن جني : معناها توجدوا قد غمضتم في الأمر بتأولكم أو بتساهلكم وجريتم على غير السابق إلى النفوس. وهذا كما تقول : أحمدت الرجل وجدته محمودا، إلى غير ذلك من الأمثلة. قال ابن عطية : وقراءة الجمهور تخرج على التجاوز وعلى تغميض العين، لأن أغمض بمنزلة غمض. وعلى أنها بمعنى حتى تأتوا غامضا من التأويل والنظر في أخذ ذلك، إما لكونه حراما على قول ابن زيد، وإما لكونه مهدى أو مأخوذا في دين على قول غيره. وقال المهدوي : ومن قرأ "تغمضوا" فالمعنى تغمضون أعين بصائركم عن أخذه. قال الجوهري : وغمضت عن فلان إذا تساهلت عليه في بيع أو شراء وأغمضت، وقال تعالى{ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} [البقرة : 267]. يقال : أغمض لي فيما بعتني، كأنك تريد الزيادة منه لرداءته والحط من ثمنه. و{أن} في موضع نصب، والتقدير إلا بأن.
الحادية عشرة: قوله تعالى {واعلموا أن الله غني حميد} نبه سبحانه وتعالى على صفة الغني، أي لا حاجة به إلى صدقاتكم، فمن تقرب وطلب مثوبة فليفعل ذلك بما له قدر وبال، فإنما يقدم لنفسه. و{حميد} معناه محمود في كل حال. وقد أتينا على معاني هذين الاسمين في "الكتاب الأسنى" والحمد لله. قال الزجاج في قوله {واعلموا أن الله غني حميد}: أي لم يأمركم أن تصدقوا من عوز ولكنه بلا أخباركم فهو حميد على ذلك على جميع نعمه.




تفسير الجلالين



{ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا } أي زكوا { من طيبات } جياد { ما كسبتم } من المال { ومـ } ـن طيبات { ما أخرجنا لكم من الأرض } من الحبوب والثمار { ولا تيمموا } تقصدوا { الخبيث } الرديء { منه } أي من المذكور { تنفقونـ } ـه في الزكاة حال من ضمير تيمموا { ولستم بآخذيه } أي الخبيث لو أعطيتموه في حقوقكم { إلا أن تغمضوا فيه } بالتساهل وغض البصر فكيف تؤدون منه حق الله { واعلموا أن الله غني } عن نفقاتكم { حميد } محمود على كل حال .


_________________
يا أيها الذين آمنوا 61862110 يا أيها الذين آمنوا 32210 يا أيها الذين آمنوا No_us_10

أبـوروان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hassanheha.yoo7.com
عصام رابح
نقيب
نقيب
عصام رابح


عدد الرسائل : 175
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 06/01/2010

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالجمعة 24 ديسمبر 2010 - 22:21

أسأل المولى عز وجل ان يجعله فى ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hamadaaskar
مقدم
مقدم
hamadaaskar


عدد الرسائل : 436
العمر : 46
تاريخ التسجيل : 30/09/2010

يا أيها الذين آمنوا Empty
مُساهمةموضوع: رد: يا أيها الذين آمنوا   يا أيها الذين آمنوا Emptyالخميس 12 مايو 2011 - 21:46

جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يا أيها الذين آمنوا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لماذا نزلت آية " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا "
» يثبت الله الذين أمنوا
» السبعه الذين يظلهم الله في ظله..
» يا أيها الإنسان ما غركـ بربكـ الكريم
» علاج نفسي ... الذين يعانون من حالات شديدة من الاكتئاب والقلق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التحكم الآلي والإلكترونيات (تأسس سنة 2008) :: منتديات الإسلاميات :: منتدى التلاوة وعلوم القرءان-
انتقل الى: