أتعجب كل العجب في الآونة الأخيرة مما يثار حول الفكر السياسي الإسلامي وكأن هذا النوع من الفكر تحديدا هو الوحيد الغير صالح للحياة وأنه الوحيد الذي لا يجب أن يتواجد على الساحة مهما كانت مبرراته ومهما كانت تنازلاته ومهما كانت وجهات نظره وحتى لو غير نفسه وقال إنني سوف أتبنى الفكر الليبرالي
وللأسف الشديد من يقومون بتخوين أصحاب الفكر السياسي الإسلامي هم دعاة الحرية ويريدون تقليم أظافر الإسلاميين وأظن أنهم لا يمانعون عودة جهاز أمن الدولة بشرط أن يمارس صلاحياته فقط على الإسلاميين ويمارسون مبدأ إرهاب الشعب من آثار الفكر السياسي الإسلامي بشكل رهيب
ولا مانع من استخدام كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة في ذلك مثل اتهام الشعب بالبساطة والسطحية والخضوع للتأثير باسم الدين وغيرها من الادعاءات التي تتهاوى أمام الاحتياج المادي للشعب وكيف رغم كل الإغراءات الدينية للناس في الشارع فإن عدد من يقبلون على المساجد مازال عددا محدودا فكيف تتخيلون أن الناس سيتم التأثير عليهم دينيا لاختيار القائد أو المجلس
للأسف الشديد إن اليسار المصري لم يستطع إقناع الناس بأفكاره وبرامجه ولو استطاع التواجد بين الناس وعرض برامج حقيقية للإصلاح فسوف يجد من الناس تجاوبا لكنه للأسف تعود فقط على النقد والتهكم على الحاكم والحكومة وبالتالي فليس له المقدرة على البناء إنما فقط لديه القدرة على انتقاد البناء وهذا هو بيت القصيد ولو تمكن من صياغة برامج جادة فسوف يلقى قبولا
أما لو استمر الحال على ما هو عليه فلن يتمكن اليسار المصري من التقدم خطوة واحدة وسوف يستمر كل حزب عبارة عن صحيفة تنتقد تصرفات الأغلبية فقط لتعبر عن ضعفها ولن يجد الشارع المصري غير ثلاث تيارات يختار بينها وهي الرأسمالية المصرية الممثلة في راس المال وأصحابه أصحاب النفوذ السابق وهم الأقوى والأقدر على خوض المعارك الانتخابية القادمة أو كما يسمونهم رموز الحزب الوطني وهؤلاء لا يفرق عندهم الانتماءات الحزبية فسوف يغيرون جلودهم طبقا للاحتياجات وقد تجدهم في أي تيار ظاهر على الساحة
أما التيار الثاني فهو الليبرالي العلماني لو شكل تآلفات قوية مع بعضه ليكون تكتل يمثل ثقل في البرلمان والشارع المصري أما التيار الثالث فهو التيار الإسلامي الممثل في الإخوان والسلفيين
ولا أتخيل أن يتجاوز أي منهم 30% من مقاعد البرلمان مهما بلغت قوته وهذا بناء على نظرة شخصية ربما تكون خاطئة أو تكون صحيحة
وأعود إلى مبدأ الحديث عن اضطهاد الفكر السياسي الإسلامي تحديدا ودون مناقشة ودون معرفة برامج الإسلاميين المستقبلية فإن كان في كلامهم شيئا مقبولا قبلناهم كما قبلنا غيرهم وإن كان في كلامهم وبرامجهم ما يشق الصف المصري ويضر بمصالح الوطن تركناهم واخترنا غيرهم
وأظن أن الوقت قد حان لتتغير الموازين كل دورة برلمانية ورئاسية بناء على الأداء وليس الانتماءات فقط
فليس بالضرورة أن أرفض الحل الليبرالي لمجرد أنني إسلامي أو أرفض الفكر الإسلامي لمجرد أنني قبطي أو أرفض الفكر اليساري لمجرد أنني إسلامي
بل علينا أن ننظر إلى الأمور دائما بعين المصلحة العليا للوطن وما يحقق مصلحة الوطن بالأرقام والإحصائيات الصادقة وليست الوهمية ولتكن مهمة من مهام الجهاز المركزي للمحاسبات سنويا إعلان ميزانية الدولة وما تحقق فيها من تقدم وليستمر مجلس الشعب في مناقش تقرير الحكومة السنوي عن الإنجازات حتى يعلم الشعب ما قدمته الحكومات وما قدمه المسئولون بالنظر إلى البرامج والوعود التي قدموها قبل الاختيار ليكون الاختيار التالي مبني على وقائع وليس انتماءات أو توهمات
اللهم أصلح حالنا جميعا وأصلح بلادنا
_________________
أبـوروان